- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
عجيب وضع هذا الدولار. فمؤشرات الاقتصاد الأمريكي ضعيفة من جميع النواحي. فالناتج المحلي الإجمالي يراوح مكانة ومعدلات نموه بالكاد يلاحظها أحد. وسياسة التيسير الكمي تؤدي إلى طباعة مئات مليارات من الأوراق الخضراء حافية عارية. أما منظومة العجوزات في هذا البلد العملاق فحدث ولا حرج ابتداء من الميزانية الاتحادية، الحساب الجاري، الميزان التجاري وانتهاء بالدين القومي الذي وصل إلى أرقام فلكية. ورغم ذلك فإن حبيب الملايين صامد. بل أنه متميز على ما سواه في أسواق العملات من حيث الطلب عليه. فما هو السبب يا ترى؟
أعتقد أن أهم أسباب تميز الدولار يكمن في أن الاقتصاد الأمريكي، على سوئه، هو حتى الآن أفضل من بقية الاقتصاديات المنافسة له. وهذا أمر يعكس خطورة الوضع الاقتصادي العالمي الذي يتوقع له الاقتصادي الأمريكي المشهور نورإليا روبين نهاية غير حميدة في الفترة القادمة. فالعملات الورقية هنا ليس لها ذنب. لأن العملة.. أي عملة في الدنيا ما هي إلا مرآة تعكس وضع الاقتصاد الذي تمثله.
ان العالم يعيش على أعتاب مرحلة انتقالية تشبه تلك التي سبقت الحرب العالمية الثانية. فالصراع بين المراكز الاقتصادية العالمية على أوجه. وعلى ما يبدو لي فإن الولايات المتحدة ستخرج من هذا الصراع منتصرة كما خرجت منه عام 1945. فاليورو الذي كان يبدو في فترة من الفترات عملة المستقبل هو الآن في وضع كارثي. بل أن بعض المحللين يتوقعون له مصير الروبل السوفيتي الذي اختفى من أسواق الفضاء السوفيتي، ما عدا روسيا، بعد سنة أو أقل من سقوط الاتحاد السوفيتي. فالأضواء الآن مسلطة على ألمانيا. لأن اليورو هو مشروع سياسي وليس اقتصاديا- هدفه احتواء ألمانيا التي استشعرت القوة بعد انضمام ألمانيا الشرقية إليها. فالعملة الأوروبية بعثت إلى الوجود حتى يتم دمج ألمانيا في الاقتصاد الأوروبي ويمنع سطوة الألمان على القارة العجوز. ولكن السحر انقلب على الساحر كما يبدو. فألمانيا التي خرجت من الأزمة الاقتصادية العالمية بأقل الأضرار هي وحدها الآن من يقرر مصير القارة الأوروبية. وهذا يعني أن فرنسا، التي كانت تطمح أن تسيطر على أوروبا بالشراكة مع ألمانيا، قد خرجت خالية الوفاض. فبرلين هي الآن من يقرر مصير اليونان، أسبانيا، البرتغال، ايطاليا وقريباً فرنسا نفسها التي أصبح اقتصادها مهدداً.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل تتمكن ألمانيا من إنقاذ اقتصاد كل هذه البلدان الأوروبية، وهي اقتصادات ضخمة بكل معنى الكلمة، دون أن يصيب اقتصادها الوهن؟ فإذا كان الجواب بنعم فإن ألمانيا سوف تكون الزعيمة القادمة ليس لأوروبا وحدها- وهذا ما يخافه الجميع. أما إذا كان الجواب بلا فإن هناك احتمالين كلاهما مر لألمانيا: فإما أن تتوقف ألمانيا عن تمويل الانهيار المالي الموجه من بعيد إلى منطقة اليورو وبالتالي تنهار العملة الأوروبية كمشروع وتعود ألمانيا إلى المارك من جديد. أما إذا استمرت ألمانيا في الدعم المالي للدول التي على وشك الإفلاس ، حتى وأن كان ذلك ضمن شروطها، فإنها تكون قد وقعت في الفخ وورطت نفسها في المستنقع الأوروبي حتى لا تقوم لها بعد ذلك قائمة. فمراكز القوى في العالم تخشى أن يتم ظهور "الرايخ الرابع".
أما الصين، النمر الاقتصادي الصاعد، فإنها تمشي على ما يبدو في نفس السكة التي سارت عليها اليابان بداية التسعينيات. فهي من أجل الحيلولة دون تأثر نموذج اقتصادها القائم على التصدير، جراء انخفاض الطلب العالمي، عملت على خلق عرض محلي ليس كله مجديا اقتصاديا. فالعديد من المشاريع التي تم بناؤها منذ عام 2008 بدعم حكومي ليس هناك طلب كبير عليها الآن- مع أنها ساهمت في النمو الذي حققه ناتجها المحلي الإجمالي. وهذه من العلل المزمنة لكافة الاقتصاديات المركزية. ففي الاتحاد السوفيتي كانت منتجات العديد من المصانع تحفظ في المخازن نتيجة عدم الطلب عليها. ولهذا فإن الصين ، والحالة تلك، تضطر إلى تمويل العديد من مشاريعها عبر الاستدانة كما تفعل الحكومة الأمريكية. فحسب التقديرات الرسمية فإن الدين الحكومي الصيني عام 1010 قد وصل إلى 17% من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن بعض المصادر غير الرسمية تقدره ب 89%- أي قريب من مستواه في الولايات المتحدة. بيد أن هناك من يرفعه إلى 160% وهذا أسوأ مما هو في اليونان.
إذا ففي ظل هذا الوضع المتردي للاقتصاد في مراكز القوى العالمية الكبرى تبدو الولايات المتحدة في حال أحسن. وهذا بدون شك يدعم الدولار- ليس لأنه قوي وإنما لأن بدائله أسوأ منه.
أعتقد أن أهم أسباب تميز الدولار يكمن في أن الاقتصاد الأمريكي، على سوئه، هو حتى الآن أفضل من بقية الاقتصاديات المنافسة له. وهذا أمر يعكس خطورة الوضع الاقتصادي العالمي الذي يتوقع له الاقتصادي الأمريكي المشهور نورإليا روبين نهاية غير حميدة في الفترة القادمة. فالعملات الورقية هنا ليس لها ذنب. لأن العملة.. أي عملة في الدنيا ما هي إلا مرآة تعكس وضع الاقتصاد الذي تمثله.
ان العالم يعيش على أعتاب مرحلة انتقالية تشبه تلك التي سبقت الحرب العالمية الثانية. فالصراع بين المراكز الاقتصادية العالمية على أوجه. وعلى ما يبدو لي فإن الولايات المتحدة ستخرج من هذا الصراع منتصرة كما خرجت منه عام 1945. فاليورو الذي كان يبدو في فترة من الفترات عملة المستقبل هو الآن في وضع كارثي. بل أن بعض المحللين يتوقعون له مصير الروبل السوفيتي الذي اختفى من أسواق الفضاء السوفيتي، ما عدا روسيا، بعد سنة أو أقل من سقوط الاتحاد السوفيتي. فالأضواء الآن مسلطة على ألمانيا. لأن اليورو هو مشروع سياسي وليس اقتصاديا- هدفه احتواء ألمانيا التي استشعرت القوة بعد انضمام ألمانيا الشرقية إليها. فالعملة الأوروبية بعثت إلى الوجود حتى يتم دمج ألمانيا في الاقتصاد الأوروبي ويمنع سطوة الألمان على القارة العجوز. ولكن السحر انقلب على الساحر كما يبدو. فألمانيا التي خرجت من الأزمة الاقتصادية العالمية بأقل الأضرار هي وحدها الآن من يقرر مصير القارة الأوروبية. وهذا يعني أن فرنسا، التي كانت تطمح أن تسيطر على أوروبا بالشراكة مع ألمانيا، قد خرجت خالية الوفاض. فبرلين هي الآن من يقرر مصير اليونان، أسبانيا، البرتغال، ايطاليا وقريباً فرنسا نفسها التي أصبح اقتصادها مهدداً.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل تتمكن ألمانيا من إنقاذ اقتصاد كل هذه البلدان الأوروبية، وهي اقتصادات ضخمة بكل معنى الكلمة، دون أن يصيب اقتصادها الوهن؟ فإذا كان الجواب بنعم فإن ألمانيا سوف تكون الزعيمة القادمة ليس لأوروبا وحدها- وهذا ما يخافه الجميع. أما إذا كان الجواب بلا فإن هناك احتمالين كلاهما مر لألمانيا: فإما أن تتوقف ألمانيا عن تمويل الانهيار المالي الموجه من بعيد إلى منطقة اليورو وبالتالي تنهار العملة الأوروبية كمشروع وتعود ألمانيا إلى المارك من جديد. أما إذا استمرت ألمانيا في الدعم المالي للدول التي على وشك الإفلاس ، حتى وأن كان ذلك ضمن شروطها، فإنها تكون قد وقعت في الفخ وورطت نفسها في المستنقع الأوروبي حتى لا تقوم لها بعد ذلك قائمة. فمراكز القوى في العالم تخشى أن يتم ظهور "الرايخ الرابع".
أما الصين، النمر الاقتصادي الصاعد، فإنها تمشي على ما يبدو في نفس السكة التي سارت عليها اليابان بداية التسعينيات. فهي من أجل الحيلولة دون تأثر نموذج اقتصادها القائم على التصدير، جراء انخفاض الطلب العالمي، عملت على خلق عرض محلي ليس كله مجديا اقتصاديا. فالعديد من المشاريع التي تم بناؤها منذ عام 2008 بدعم حكومي ليس هناك طلب كبير عليها الآن- مع أنها ساهمت في النمو الذي حققه ناتجها المحلي الإجمالي. وهذه من العلل المزمنة لكافة الاقتصاديات المركزية. ففي الاتحاد السوفيتي كانت منتجات العديد من المصانع تحفظ في المخازن نتيجة عدم الطلب عليها. ولهذا فإن الصين ، والحالة تلك، تضطر إلى تمويل العديد من مشاريعها عبر الاستدانة كما تفعل الحكومة الأمريكية. فحسب التقديرات الرسمية فإن الدين الحكومي الصيني عام 1010 قد وصل إلى 17% من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن بعض المصادر غير الرسمية تقدره ب 89%- أي قريب من مستواه في الولايات المتحدة. بيد أن هناك من يرفعه إلى 160% وهذا أسوأ مما هو في اليونان.
إذا ففي ظل هذا الوضع المتردي للاقتصاد في مراكز القوى العالمية الكبرى تبدو الولايات المتحدة في حال أحسن. وهذا بدون شك يدعم الدولار- ليس لأنه قوي وإنما لأن بدائله أسوأ منه.