دعاوى للطعن بدستورية آليتين لحل أزمة الديون
إنقاذ اليورو يتوقف على القضاء الألماني
تبدأ المحكمة الدستورية العليا، أعلى هيئة قانونية في ألمانيا، الثلاثاء المقبل جلساتها للفصل في دستورية اتفاقية الانضباط المالي وتأسيس صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي الدائم، اللذين وافقت عليهما قمة الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي كأهم آليتين لمواجهة تداعيات أزمتي الديون السيادية واليورو.
وصدّق البرلمان الألماني (البوندستاغ) الجمعة الماضي بأغلبية ثلثي نوابه على اتفاقية الانضباط وتأسيس صندوق الإنقاذ المالي الدائم، وأعلن الرئيس الألماني تأجيل توقيعه على الآليتين الجديدتين لإنقاذ منطقة اليورو إلى حين صدور حكم المحكمة الدستورية بشأنهما، وتفصل الأخيرة بقرارها المنتظر في أربعة دعاوى رفعت أمامها وتطعن في دستورية اتفاقية الانضباط وصندوق الإنقاذ الدائم.
ورفعت هذه الدعاوى القانونية أمام المحكمة الدستورية من لدن نواب حزب اليسار المعارض وبيتر غوفيللر عضو البرلمان عن الحزب المسيحي البافاري، الذي يعد ثالث شريك في حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، ومجموعة من كبار أساتذة الجامعات الألمانية.
ووقع 12 ألف مواطن ألماني على الدعوة الرابعة التي رفعتها مبادرة "أوروبا بحاجة لمزيد من الديمقراطية" برئاسة وزيرة العدل الألمانية السابقة هيرتا دوبيلر جيميلين، وحظيت الدعاوى القانونية الأربعة بدعم اتحاد دافعي الضرائب الألمان.
مبررات الطعن
وتوقع مراقبون اقتصاديون وقانونيون حاجة المحكمة الدستورية لما بين عشرين يوما وستة أشهر لإصدار حكم قاطع في الدعاوى المرفوعة أمامها، ويعني هذا تأجيل العمل بصندوق الإنقاذ المالي الدائم، والذي تساهم فيه ألمانيا بضمانات مالية بقيمة 190 مليار يورو (235 مليار دولار)، وكان مقررا انطلاق العمل بالصندوق أوائل الشهر الجاري.
وبرر المتقاضون أمام المحكمة الدستورية دعاواهم القضائية بأن اتفاقية الانضباط المالي وتأسيس صندوق الإنقاذ الدائم سيقودان لإقامة دولة أوروبية موحدة تذوب فيها ألمانيا، ورأوا أن الآليتين الجديدتين تتعارضان مع الدستور الألماني، وستؤديان في النهاية لتعدي المؤسسات الأوروبية بشكل مباشر على حق برلمان البلاد في وضع وتوجيه الموازنة العامة.
وأوضح ديتر مورزا فيغ ممثل أحد رافعي الدعاوى أن المتقاضين لا يرون سببا يحول دون تأجيل الحكومة الألمانية عمل صندوق الإنقاذ الدائم في ظل وجود صندوق الإنقاذ الأوروبي المؤقت، والذي يحتوي على أموال لم تستخدم بعد.
ووجد رافعو الدعاوى أمام المحكمة الدستورية تأييدا لمنطقهم من أبرز علماء الاقتصاد الألمان، ويتعلق الأمر بهانز فيرنر زن الذي اعتبر اتفاقية الانضباط المالي وصندوق الإنقاذ الدائم خطرا يهدد الاستقرار الاقتصادي لألمانيا، أكبر اقتصادات أوروبا.
ديون البنوك
وقال هانز فيرنر زن، وهو مدير معهد أيفو الذي يعد من أهم مراكز الدراسات الاقتصادية بألمانيا وأوروبا، إن القمة الأوروبية الأخيرة لم تنجز أي إنقاذ لليورو، وكل ما حاولته هو السعي لوضع اليد على أكبر قدر من الأموال الألمانية.
وانتقد العالم الاقتصادي المعروف في مقابلة صحافية تمكين البنوك المتعثرة من الحصول على مساعدات صندوق الإنقاذ الدائم، وأوضح أن ديون البنوك في الدول الأوروبية الخمسة المتعثرة (اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وإيرلندا) تبلغ 9.2 تريليونات يورو (11.4 تريليون دولار)، وتزيد بذلك ثلاثة أضعاف على ديون الدول الخمس البالغة 3.3 تريليونات يورو (4 تريليونات دولار)، وحذر زن من تسبب فشل آليات الإنقاذ في خسارة ألمانيا تريليوني يورو (2.4 تريليون دولار).
ويضع الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية العليا عملية إنقاذ اليورو ومواجهة تداعيات أزمة الديون على المحك بسبب وضع ألمانيا كقاطرة اقتصادية لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة والاتحاد الأوروبي عموما، حيث تعد برلين الممول الرئيس لكل آليات الإنقاذ الأوروبية.
وإذا أيدت المحكمة الدستورية آليتي الإنقاذ الجديدتين فإن الطريق سيكون معبدا لتوقيع الرئيس الألماني عليهما، وإذا قضت بتعارض الاتفاقية والصندوق مع المبادئ الدستورية فمن شأن هذا أن يعرض -برأي خبراء اقتصاديين- إجراءات مواجهة الأزمة الأوروبية لمخاطر كبيرة.
توقعات متفائلة
وأظهر حزبا ائتلاف حكومة المستشارة الألمانية المشكلة من حزبها المسيحي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر تفاؤلا بعدم معارضة المحكمة الدستورية لآليتي الإنقاذ اللتين أقرهما البرلمان ومجلس الولايات (بوندسرات).
وتوقع رئيس لجنة الداخلية بالبوندستاغ والقيادي البارز بالحزب المسيحي الحاكم، فولفغانغ بوسباخ، أن تمرر المحكمة الدستورية الاتفاقية والصندوق، مع انتقادات للحكومة ولفت نظرها إلى أن هاتين الآليتين هما أقصى ما يمكنها عمله في مواجهة الأزمة الأوروبية.
ومن جانب آخر اتفق الخبير الاقتصادي الدولي بارق شبر مع ما ذهب إليه بوسباخ، وتوقع أن تقر المحكمة الاتفاقية والصندوق مع مطالبتها بتعديلات ستجد لها الحكومة مخرجا.
ولم يقلل شبر -في تصريح للجزيرة نت- من قوة المعارضة الألمانية لسياسة ميركل بمواجهة أزمة اليورو، وأوضح أن دافعي الضرائب الألمان يبدون استياءً متزايدا من تحمل بلادهم 310 مليارات يورو (384 مليار دولار) حتى الآن في تمويل سياسات الإنقاذ الأوروبية
إنقاذ اليورو يتوقف على القضاء الألماني
تبدأ المحكمة الدستورية العليا، أعلى هيئة قانونية في ألمانيا، الثلاثاء المقبل جلساتها للفصل في دستورية اتفاقية الانضباط المالي وتأسيس صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي الدائم، اللذين وافقت عليهما قمة الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي كأهم آليتين لمواجهة تداعيات أزمتي الديون السيادية واليورو.
وصدّق البرلمان الألماني (البوندستاغ) الجمعة الماضي بأغلبية ثلثي نوابه على اتفاقية الانضباط وتأسيس صندوق الإنقاذ المالي الدائم، وأعلن الرئيس الألماني تأجيل توقيعه على الآليتين الجديدتين لإنقاذ منطقة اليورو إلى حين صدور حكم المحكمة الدستورية بشأنهما، وتفصل الأخيرة بقرارها المنتظر في أربعة دعاوى رفعت أمامها وتطعن في دستورية اتفاقية الانضباط وصندوق الإنقاذ الدائم.
ورفعت هذه الدعاوى القانونية أمام المحكمة الدستورية من لدن نواب حزب اليسار المعارض وبيتر غوفيللر عضو البرلمان عن الحزب المسيحي البافاري، الذي يعد ثالث شريك في حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، ومجموعة من كبار أساتذة الجامعات الألمانية.
ووقع 12 ألف مواطن ألماني على الدعوة الرابعة التي رفعتها مبادرة "أوروبا بحاجة لمزيد من الديمقراطية" برئاسة وزيرة العدل الألمانية السابقة هيرتا دوبيلر جيميلين، وحظيت الدعاوى القانونية الأربعة بدعم اتحاد دافعي الضرائب الألمان.
مبررات الطعن
وتوقع مراقبون اقتصاديون وقانونيون حاجة المحكمة الدستورية لما بين عشرين يوما وستة أشهر لإصدار حكم قاطع في الدعاوى المرفوعة أمامها، ويعني هذا تأجيل العمل بصندوق الإنقاذ المالي الدائم، والذي تساهم فيه ألمانيا بضمانات مالية بقيمة 190 مليار يورو (235 مليار دولار)، وكان مقررا انطلاق العمل بالصندوق أوائل الشهر الجاري.
وبرر المتقاضون أمام المحكمة الدستورية دعاواهم القضائية بأن اتفاقية الانضباط المالي وتأسيس صندوق الإنقاذ الدائم سيقودان لإقامة دولة أوروبية موحدة تذوب فيها ألمانيا، ورأوا أن الآليتين الجديدتين تتعارضان مع الدستور الألماني، وستؤديان في النهاية لتعدي المؤسسات الأوروبية بشكل مباشر على حق برلمان البلاد في وضع وتوجيه الموازنة العامة.
وأوضح ديتر مورزا فيغ ممثل أحد رافعي الدعاوى أن المتقاضين لا يرون سببا يحول دون تأجيل الحكومة الألمانية عمل صندوق الإنقاذ الدائم في ظل وجود صندوق الإنقاذ الأوروبي المؤقت، والذي يحتوي على أموال لم تستخدم بعد.
ووجد رافعو الدعاوى أمام المحكمة الدستورية تأييدا لمنطقهم من أبرز علماء الاقتصاد الألمان، ويتعلق الأمر بهانز فيرنر زن الذي اعتبر اتفاقية الانضباط المالي وصندوق الإنقاذ الدائم خطرا يهدد الاستقرار الاقتصادي لألمانيا، أكبر اقتصادات أوروبا.
ديون البنوك
وقال هانز فيرنر زن، وهو مدير معهد أيفو الذي يعد من أهم مراكز الدراسات الاقتصادية بألمانيا وأوروبا، إن القمة الأوروبية الأخيرة لم تنجز أي إنقاذ لليورو، وكل ما حاولته هو السعي لوضع اليد على أكبر قدر من الأموال الألمانية.
وانتقد العالم الاقتصادي المعروف في مقابلة صحافية تمكين البنوك المتعثرة من الحصول على مساعدات صندوق الإنقاذ الدائم، وأوضح أن ديون البنوك في الدول الأوروبية الخمسة المتعثرة (اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وإيرلندا) تبلغ 9.2 تريليونات يورو (11.4 تريليون دولار)، وتزيد بذلك ثلاثة أضعاف على ديون الدول الخمس البالغة 3.3 تريليونات يورو (4 تريليونات دولار)، وحذر زن من تسبب فشل آليات الإنقاذ في خسارة ألمانيا تريليوني يورو (2.4 تريليون دولار).
ويضع الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية العليا عملية إنقاذ اليورو ومواجهة تداعيات أزمة الديون على المحك بسبب وضع ألمانيا كقاطرة اقتصادية لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة والاتحاد الأوروبي عموما، حيث تعد برلين الممول الرئيس لكل آليات الإنقاذ الأوروبية.
وإذا أيدت المحكمة الدستورية آليتي الإنقاذ الجديدتين فإن الطريق سيكون معبدا لتوقيع الرئيس الألماني عليهما، وإذا قضت بتعارض الاتفاقية والصندوق مع المبادئ الدستورية فمن شأن هذا أن يعرض -برأي خبراء اقتصاديين- إجراءات مواجهة الأزمة الأوروبية لمخاطر كبيرة.
توقعات متفائلة
وأظهر حزبا ائتلاف حكومة المستشارة الألمانية المشكلة من حزبها المسيحي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر تفاؤلا بعدم معارضة المحكمة الدستورية لآليتي الإنقاذ اللتين أقرهما البرلمان ومجلس الولايات (بوندسرات).
وتوقع رئيس لجنة الداخلية بالبوندستاغ والقيادي البارز بالحزب المسيحي الحاكم، فولفغانغ بوسباخ، أن تمرر المحكمة الدستورية الاتفاقية والصندوق، مع انتقادات للحكومة ولفت نظرها إلى أن هاتين الآليتين هما أقصى ما يمكنها عمله في مواجهة الأزمة الأوروبية.
ومن جانب آخر اتفق الخبير الاقتصادي الدولي بارق شبر مع ما ذهب إليه بوسباخ، وتوقع أن تقر المحكمة الاتفاقية والصندوق مع مطالبتها بتعديلات ستجد لها الحكومة مخرجا.
ولم يقلل شبر -في تصريح للجزيرة نت- من قوة المعارضة الألمانية لسياسة ميركل بمواجهة أزمة اليورو، وأوضح أن دافعي الضرائب الألمان يبدون استياءً متزايدا من تحمل بلادهم 310 مليارات يورو (384 مليار دولار) حتى الآن في تمويل سياسات الإنقاذ الأوروبية