إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

الجوهر والسفينة ثيسيوس

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,754
الإقامة
مصر
الجوهر والسفينة ثيسيوس
الجوهر وهو أصل الشىء وهو كيانه الذى يحيى ويموت مثل معضلة للفلاسفة سماها البعض :
معضلة سفينة ثيسيوس
ويقولون :
أن المعضلة لم تحل حتى اليوم والسبب هو :
انهم اعتبروا جسم الشىء هو جوهره
قال أحدهم في مقاله وهو سامى :
" ثيسيوس كان ملكًا إغريقيًا أخذ سفينته وذهب لمحاربة أعدائه وانتصر عليهم عندما عاد، احتفل الناس به وقرروا تخليد سفينته الأسطورية
مع مرور الوقت، كانت ألواح السفينة تتآكل، فكان الناس يستبدلون الألواح التالفة بأخرى جديدة كل عام وهكذا، سنة بعد سنة، حتى لم يبق في النهاية أي خشب أصلي في السفينة
وهنا تظهر المعضلة:
هل السفينة لا تزال هي نفس سفينة ثيسيوس التي انتصر بها؟
هل ما زالت تحتفظ بنفس أسطورتها الأصلية؟
إذا كانت الإجابة نعم، فكيف يكون ذلك والخشب الأصلي لم يعد موجودًا؟
وإذا كانت الإجابة لا، ففي أي مرحلة فقدت السفينة هويتها؟ هل كان ذلك بعد تغيير اللوح الأول؟ أم الثاني؟ أم الألف؟ أم الأخير؟"
قطعا ما فهمه الفلاسفة أو غيرهم من هذا المثال للتالى :
اعتبار أن الجماد اسمه ثيسيوس وفى الحقيقة اسمه :
سفينة واستبدال أعضاء جسمها لا يغير من كونها سفينة
وأى جماد كالآلات من طول استخدامه يتم اصلاحه باستبدال أجزاء منه حتى أنه في كثير من الأحيان كما في المثال لا يتبقى شىء من أصله ومع هذا لا يتغير اسم الآلة
قطعا نحن كبشر ومثلنا غيرنا من الأشياء الحية نتغير بحيث أن أصلنا وهو ما يسمى الحيوان المنوى والبويضة لا يعود له وجود عند مماتنا فكل خلايا الجسم تتغير فهذه الأشياء التى لا ترى إلا عبر المجاهر تصير هذه الكائنات الكبيرة الجسم
وهذا الكلام عن الجسد وهو جزء من جوهر الإنسان أو الشىء ويطرح صاحب المنشور على وجه الكتاب المزيد من الأسئلة فيقول :
"من هنا، نصطدم بسؤال: هل للأشياء جوهر تتعرف به حتى لو تغيرت من الخارج؟ أم أنه لا يوجد شيء يُدعى الجوهر، وأن الأشياء ليست إلا مجموع عناصرها وخصائصها الخارجية؟
تم ربط هذه المعضلة بسؤال الهوية الإنسانية ليس فقط التغيرات البيولوجية التي تحدث لنا مع مرور الوقت من موت وتجديد الخلايا وما إلى ذلك، ولكن على مستوى الذات والشخصية"
ويتحدث صاحب المنشور عن تغيرنا وغيرنا في سنوات حياتنا فيقول :
"وهذا يطرح سؤالاً: من نحن حقًا؟ أي نسخة منا هي حقيقتنا؟
بمثال بسيط، يمكنك التفكير في فريق كرة القدم الذي تحبه تخيل لو أن كل يوم يتم بيع لاعب من الفريق ويحل محله لاعب جديد وهكذا حتى تجد نفسك تشاهد مباراة وترى فريقًا جديدًا تمامًا لا تعرف أسماء لاعبيه هل ستظل تشعر بأنه نفس الفريق الذي كنت مرتبطًا به وبلاعبيه وتقول الفريق بمن حضر، أم ستشعر بشيء غريب؟
وطن أو مدينة تحبها وترتبط بكل مكان وشارع فيها مع مرور الوقت، تُزال معالمها، الأشجار التي تحبها تُقطع، البحر يُحاط بقضبان، والأماكن التي ترتبط بها تتحول إلى خرسانة هل ستشعر بنفس شعور الارتباط والانتماء؟
عمومًا، العديد من النظريات حاولت الإجابة على معضلة السفينة، وأنا لست مهتمًا بعرضها هنا بقدر ما أهتم بطرح الأسئلة والتفكير فيها"
قطعا المثال المقدم عن فريق كرة القدم ليس مثالا صحيحا فتلك الأندية هى مجرد أسماء لأماكن قد تتغير بمرور الزمن والإنسان هو من يطلقها وهى ليس لها جوهر حقيقى وإنما جوهر اصطنعه الإنسان
ويحدثنا صاحب المقال عن تغيراتنا في مراحل حياتنا النفسية فيقول :
"نفترض أنه في مرحلة ما من حياتك تمكنت من تكوين هوية تُقدم بها نفسك للناس لقد حددت عقيدتك ومبادئك وطباعك وما تحبه وتكرهه ولنفترض أن شخصًا يدعى a كان معك طوال تلك الفترة ومع مرور الوقت، كل ذلك تغير، مبادئك إذا كانت في اليمين أصبحت في اليسار، ما كنت تؤمن به أصبحت تسخر منه، طباعك اختلفت، والأشياء التي تحبها وتكرهها تغيرت بالكامل ولنفترض أنك خلال كل ذلك كنت بعيدًا عن الشخص a، وتعرفت على شخص آخر يدعى b السؤال هنا: من يعرف حقيقتك أكثر؟ واحد منهما؟ كلاهما؟ أو لا أحد؟ أم الشخص الذي سيشهد على نسختك الأخيرة في نهاية الرحلة؟
وإذا بعد هذا التغيير التقيت بصديقك القديم a، فكيف سيكون شعوركما وكيف ستتعاملان مع بعضكما؟"
قطعا الجوهر وهو الوعاء الذى يحتوى النفس والجسم معا يتغير ولكن يبقى هذا الوعاء عند الله واحد رغم تغيراته وهو الذى يحاسب عنده كما قال تعالى :
" كل نفس بما كسبت رهينة "
ولذا عندما يتم حساب الإنسان في الآخرة يسلم كتاب حياته من أوله حتى آخره كما قال تعالى :
" اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"
فالوعاء ثابت بمعنى كونه حى مع أنه يتغير في جزئيه النفس وهى الأساس والتابع وهو الجسم
وعاد صاحب المنشور إلى طرح التساؤلات عن السفينة وعن النادى فقال :
"نعود إلى السفينة، حيث قرر فيلسوف بدلًا من حلها أن يضيف سؤالًا آخر للمعضلة قال: تخيل أن هناك شخصًا ما يجمع كل الخشب الأصلي المتآكل، وصنع به سفينة جديدة هل يمكننا القول حينها إنها سفينة ثيسيوس؟ أم أن السفينة التي رممناها هي سفينته؟
يمكن تقريب هذا بالقياس لفريق كرة القدم تخيل أن اللاعبين الذين تم بيعهم ذهبوا جميعًا إلى فريق جديد والفريق الجديد يلعب ضد فريقك الأصلي، الذي لا تعرف الآن أسماء لاعبيه، لكنه يلعب ضد الفريق الذي يضم اللاعبين الذين ترتبط بهم وبذكريات بطولاتهم وتشيرتاتهم التي تحمل أسمائهم فلمن سيكون ولائك وتشجيعك في هذه الحالة؟
عندما نقول: "أنا أعرف فلان"، أو "فلان يعرفني"، ماذا نعني بذلك؟
هل يمكن حقًا أن يعرف إنسان إنسانًا آخر تمام المعرفة؟
هل للأشياء جوهر أصلي خاص بها مهما حدث، أم أن الأشياء هي مجرد انعكاس لتصورات الراصدين لها؟
هل نحن سلسلة من النسخ غير المرتبطة بالضرورة، أم أن هناك شيئًا ما فينا يجعلنا إذا رأيناه ووجدناه يمكننا التعرف على الناس (أو على الأقل من نحبهم) والشعور بالألفة معهم مهما غيرتنا الحياة من الخارج؟"
كما سبق القول ما يصنعه الإنسان من آلات أو مؤسسات غير ما خلقه الله تعالى لأن تلك الآلات والمؤسسات لها طبيعة أو بتعبير القرآن سيرة مختلفة عند حديثه عن تغير عصا موسى(ص) إلى طبيعة أخرى وهى الثعبان أو الحية ولذا قال تعالى له عند فزعه من تحولها وهو تغيرها :
" لا تخف سنعيدها سيرتها ألأولى "
وأنهى صاحب المنشور منشوره بالقول أن المعضلة لم تحل لأننا لا نقدر على الإجابة فقال :
"معضلة سفينة ثيسيوس تُعتبر واحدة من أكثر المعضلات الفلسفية إثارة للاهتمام لأنها تتناول أسئلة جوهرية حول الهوية والتغيير تطرح هذه المعضلة تساؤلات عميقة حول ما يجعل شيئًا ما هو ذاته، وكيف يمكن أن يتغير بشكل تدريجي دون أن يفقد هويته الأساسية
المعضلة تفتح الباب لمناقشات حول الهوية الشخصية وكيفية تغيرها عبر الزمن من نحن حقًا؟ هل نحن مجرد مجموعة من الذكريات والتجارب، أم هناك جوهر ثابت داخلنا؟"
وقد سبق لى تناول هذا الموضوع في مقال في كتاب بين الفتى والمعلم وأنقل الكلام من هناك بعد استبدال الحوار إلى كلام مدمج من كلام المعلم والفتى:
المراد بالجوهر هو الجسم عند معظم الفلاسفة والمتكلمين والأعراض هى حالات يمر بها الجسم ،فالجسم لابد له من أعراض فلا يمكن أن يوجد جسم دون أعراض وإن كانت الجواهر تختلف فى عدد الأعراض الموجودة فيها وهذا فى دنيانا ولابد من أن نقول أن الجسم قد يكون متحرك وساكن فى نفس الوقت فمثلا جسم النائم يكون ساكن من الخارج ومتحرك من الداخل حيث يعمل القلب والشرايين وبعض الأعضاء الأخرى والجسم قد يكون ليس به برودة ولا حرارة وإنما به اعتدال فى الدرجة والجسم قد يكون غير ملون كالهواء والله قادر على أن يخلق جوهرا ليس فيه أعراض

والدليل قوله تعالى :
"إن الله على كل شىء قدير "
فهنا الله قادر على كل أمر مهما كان

والمخلوق يكون مجتمع ومتفرق مثل شعاع الضوء يكون فى حالة مجتمع فإذا قابل شىء كالزجاج تفرق لأجزاء ومثلا السحاب يتكون من ذرات متفرقة ثم تجتمع ثم تتفرق وهكذا حياة السحاب:
وهناك مخلوق ليس رطبا ولا يابسا وهو عظام الإنسان الحى ليست رطبة ولا يابسة ففيها من الحالتين حيث توجد فيها صلابة اليابس وليونة الرطب

والحرارة والبرودة مسميات غير محددة لأن الحرارة درجات كثيرة والبرودة درجات وما هو حار لنا قد لا يكون كذلك لمخلوق أخر فمثلا حرارة الصحراء مرتفعة لنا بينما للصبار شىء معتدل وما هو بارد لنا قد لا يكون كذلك لمخلوق أخر فمثلا برودة القارة الجنوبية قارصة عندنا بينما عند طائر البطريق شىء معتدل وجميل
والرطوبة واليبوسة هناك مخلوق يتصف فيها بالأمرين فى نفس الوقت وهو الثلج ففى الوقت الذى يتصف بالصلابة وهى صفة اليبوسة يتصف بالرطوبة حيث أنه مكون من أساسها وهو الماء
والمخلوق الذى ليس له لون ولا طعم من امثلته الهواء ليس له لون نراه وليس له طعم نتذوقه وهو يتشكل بحسب ما يحركه كالغبار والرمال والروائح الزكية أو النتنة
ومن ثم كل حالتين من الأحوال التالية :
السكون والحركة والرطوبة واليبوسة والحرارة والبرودة بينهما حالة ثالثة والواقع يخبرنا بذلك فبين كل حالين متضادين حال وسط
والجوهر يعرفونه بأنه الشىء الذى يستحيل إزالته لأن بزواله يزول الكائن وهذا يعنى أن الكائن مهما تغير ففيه شىء ذو دوام هو الذى يعطى له هويته

وجوهر المخلوق هو صورته والدليل قوله تعالى :
"فى أى صورة ما شاء ركبك "
وقوله :
"هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء "
وصورة الإنسان لا تعنى شكله الخارجى وإنما تشمله كله بمعنى أن الصورة تشمل النفس والجسم

ومن ثم جوهر الشىء هو الوعاء وهو تركيب نفسه وجسمه معا وهذا الجوهر ثابت بمعنى كونه حى وإن كان كل منهما متغير دائما فى حال حياته
ووسيلة معرفة صورة الإنسان هى التعامل المستمر معها فمثلا أنا أعرف أنك جوهر فلان لأنى تعاملت معك منذ كنت صغيرا حتى أصبحت شابا والتعامل المتباعد لا يجعلك تعرف أن هذا جوهر فلان
والدليل اخوة يوسف (ص)لما دخلوا عليه عرفهم وجهلوه والسبب هو أنه ظل يتعامل معهم فى خياله بسبب ما فعلوه فيه وأما هم فلم يعرفوه لأن تعاملهم معه انتهى منذ اللحظة التى رموه فيها فى الجب
أضف لهذا أن أجسامهم كانت ثابتة الشكل نسبيا بينما هو تغير فى الجسم كثيرا لأنه كان طفلا فأصبح شابا كبيرا وفى هذا قال تعالى :

"وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون"
 
عودة
أعلى