الحجاز فى الإسلام

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,805
الإقامة
مصر
الحجاز فى الإسلام
أول ما نسمع أو نقرأ كلمة الحجاز فأول ما يخطر فى بالنا هو أرض الحج فلم يكن الناس يعرفون اسم السعودية ولا غيرها كبنى رشيد إلا من حوالى تسعين عاما وإنما هى بلاد الحجاز والتى هى فى أذهاننا مرتبطة بما يسمى الساحل الشرقى للبحر الأحمر وإن كان الأمر فى القرآن غير هذا
الحجاز معناها هو الفاصل بين أشياء قد تكون أرض أو تكون ماء أو غيرها وقد عرفت الموسوعة الفقهية الكويتية الكلمة فقالت :
"التّعْريفُ:
1 - الْحجازُ لُغةً من الْحجْز، وهُو الْفصْل بيْن الشّيْئيْن. قال الأْزْهريُّ:
الْحجْزُ أنْ يحْجز بيْن مُتقاتليْن، والْحجازُ الاسْمُ وكذا الْحاجزُ، قال اللّهُ تعالى:
{وجعل بيْن الْبحْريْن حاجزًا}
أيْ حجازًا بيْن ماءٍ ملْحٍ وماءٍ عذْبٍ لا يخْتلطان، وذلك الْحجازُ قُدْرةُ اللّه .
ويُقال للْجبال أيْضًا حجازٌ، أيْ لأنّها تحْجزُ بيْن أرْضٍ وأرْضٍ."
وقد بينت الموسوعة أنه لا يوجد اتفاق بين القوم فى تعريف المنطقة فقد ذكرت أقوال متعددة فى التعريف وهى :
"والْحجازُ الْبلدُ الْمعْرُوفُ، سُمّي بذلك من الْحجْز الّذي هُو الْفصْل بيْن الشّيْئيْن، قيل: لأنّهُ فصل بيْن الْغوْر (أيْ تهامة) والشّام والْبادية.
وقيل: لأنّهُ فصل بيْن تهامة ونجْدٍ. وقال الأْزْهريُّ: سُمّي حجازًا لأنّ الْحرار حجزتْ بيْنهُ وبيْن عالية نجْدٍ .
وقد اخْتلفتْ عباراتُ اللُّغويّين في بيان ما يدْخُل تحْت اسْم الْحجاز وبيان حُدُوده، فقال ياقُوتٌ الْحمويُّ:
الْحجازُ الْجبل الْمُمْتدُّ الّذي حال بيْن الْغوْر، غوْر تهامة، ونجْدٍ
ثُمّ نقل عنْ الأْصْمعيّ الْحجازُ منْ تُخُوم صنْعاء منْ الْعبْلاء وتبالة إلى تُخُوم الشّام.
وقريبٌ منْهُ قوْل هشامٍ الْكلْبيّ إنّ جبل السّراة منْ قُعْرة الْيمن إلى أطْراف بوادي الشّام سمّتْهُ الْعربُ حجازًا، فصار ما خلْفهُ إلى سيْف الْبحْر غوْر تهامة، وما دُونهُ في شرْقيّه إلى أطْراف الْعراق والسّماوة نجْدًا. والْجبل نفْسُهُ وهُو سراتُهُ وما احْتُجز به في شرْقيّه من الْجبال وانْحاز إلى ناحيةٍ فيه هُو الْحجازُ ."
وهذا الاختلاف والتناقض فيما بين اللغويين وأما الفقهاء فلم يكن أمرهم أفضل فقد اختلفوا أيضا
وأمّا في اصْطلاح الْفُقهاء وخاصّةً عنْد الشّافعيّة والْحنابلة الّذين قصرُوا حُكْم جزيرة الْعرب الْوارد في الْحديث، فبيانُ مُرادهمْ بالْحجاز كما يلي:
قال الشّافعيُّ: والْحجازُ مكّةُ والْمدينةُ والْيمامةُ ومخاليفُها كُلُّها. ثُمّ قال: " ولا يتبيّنُ أنْ يُمْنعُوا رُكُوب بحْر الْحجاز، ويُمْنعُون من الْمُقام في سواحله، وكذلك إنْ كانتْ في بحْر الْحجاز جزائرُ وجبالٌ تُسْكنُ مُنعُوا منْ سُكْناها لأنّها منْ أرْض الْحجاز ".
وذُكر في الْمنْهاج وشرْحه منْ مُدن الْحجاز وقُراهُ: مكّة والْمدينة والْيمامة وقُراها كالطّائف ووجٍّ وجدّة والْينْبُع وخيْبر، (وأضاف عميرةُ الْبُرُلُّسيُّ فدكًا)
وقال الشّافعيّةُ: إنّ الْكافر يُمْنعُ منْ الإْقامة بجزائر بحْر الْحجاز ولوْ كانتْ خرابًا، ومن الإْقامة في بحْرٍ في الْحجاز ولوْ في سفينةٍ.
وفسّر الْقلْيُوبيُّ الْيمامة بأنّها الْبلدُ الّتي كان فيها مُسيْلمةُ، والّتي سُمّيتْ باسْمها زرْقاءُ الْيمامة. وهذا يقْتضي أنّ الْحجاز عنْد الشّافعيّة - وعنْد الْحنابلة كما يأْتي - يشْمل ما هُو شرْقيُّ جبال الْحجاز حتّى الْيمامة وقُراها وهي منْطقةُ الرّياض الآْن ، أوْ ما كان يُسمّى قديمًا الْعرْضُ أو الْعارضُ وهي بعْضُ الْعُرُوض، جاء في مُعْجم الْبُلْدان: الْعُرُوضُ الْيمامةُ والْبحْريْنُ وما والاهُما .
وليْستْ الْبحْريْنُ وقاعدتُها هجرُ من الْحجاز
وكذلك فسّرهُ الْحنابلةُ: فإنّهُمْ عنْدما تعرّضُوا لما يُمْنعُ الْكُفّارُ منْ سُكْناهُ بيّنُوا أنّ الْمُراد بجزيرة الْعرب في الْحديث (الْحجازُ) .
جاء في الْمُغْني: قال أحْمدُ في حديث أخْرجُوا الْمُشْركين منْ جزيرة الْعرب : جزيرةُ الْعرب الْمدينةُ وما والاها، قال ابْنُ قُدامة: يعْني أنّ الْممْنُوع منْ سُكْنى الْكُفّار الْمدينةُ وما والاها وهُو مكّةُ والْيمامةُ وخيْبرُ والْينْبُعُ وفدكُ ومخاليفُها وما والاها. وجاء في كلامه ما يدُل على أنّ تيْماء وفيْدًا ونحْوهُما لا يُمْنعُ أهْل الذّمّة منْ سُكْناها وكذلك الْيمنُ ونجْرانُ وتيْماءُ وفيْدٌ منْ بلاد طيّئٍ .
وجاء في مطالب أُولي النُّهى: يُمْنعُ أهْل الذّمّة منْ الإْقامة بالْحجاز، وهُو ما حجز بيْن تهامة ونجْدٍ والْحجاز كالْمدينة والْيمامة وخيْبر والْينْبُع وفدك وقُراها، وفدكُ قرْيةٌ بيْنها وبيْن الْمدينة يوْمان. وقال ابْنُ تيْميّة: ومنْ الْحجاز تبُوكُ ونحْوُها، وما دُون الْمُنْحنى وهُو عقبةُ الصّوّان يُعْتبرُ منْ الشّام كمعانٍ "
وهذه الاختلافات ليست ضيقة وإنما واسعة ولم يرد اللفظ ولا التسمية فى القرآن وقد رتب الفقهاء على الروايات أحكاما لم ينزل الله بها من وحى أى سلطان من عنده وهو ما ذكرته الموسوعة فى الفقرة التالية من مادة حجاز :
"الأْحْكامُ الشّرْعيّةُ الْمُتعلّقةُ بالْحجاز:
2 - الأْحْكامُ الشّرْعيّةُ الْمُتعلّقةُ بجزيرة الْعرب ومنْها الْحجازُ ترْجعُ أساسًا إلى أرْبعة أحْكامٍ:
الأْوّل: أنّها لا يسْكُنُها غيْرُ الْمُسْلمين.
والثّاني: أنّها لا يُدْفنُ بها أحدٌ منْ غيْر الْمُسْلمين.
والثّالثُ: أنّها لا يبْقى بها دارُ عبادةٍ لغيْر الْمُسْلمين.
والرّابعُ: أنّها زكويّةٌ كُلُّها لا يُؤْخذُ منْ أرْضها خراجٌ."
وأما الحكم الأول وهو أن أرض الحجاز لا يسكنها سوى المسلمين فهو يناقض أن الله لم يمنع وجود الكفار فى أرض المسلمين إلا فى مكان واحد وهو المسجد الحرام كما قال تعالى :
" "يا أيها الذين أمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد بعد عامهم هذا"
والروايات متناقضة فهم يقولون أن عمر بن الخطاب أخرج كل الكفار من جزيرة العرب وقاعدتها الحجاز كما يثال ومع هذا فى روايات قتل عمر كان فى أرض المدينة وهى وسط الحجاز كعب الأحبار اليهودى وجفينة النصرانى وأبو لؤلؤة المجوسى الذى قتل عمر فى تلك الروايات
فكيف أخرجهم وهم من كانوا معه داخل المدينة واتفقوا على قتله كما تقول تلك الروايات ؟
وأما الحكم الثانى وهو دفن المسلمين فقط فى تلك الأرض فيتناقض مع روايات قتل عمر حيث دفن القتلة فى تلك الأرض بعد قتلهم ولو كان ألأمر محرم فكيف تم دفن الكفار من قريش ومن اليهود وغيرهم فى تلك الأرض فى تلك الحروب بيمن المسلمين وغيرهم كما تقول الروايات ؟
وهناك رواية عن قتلى بدر أنه(ص) رماهم فى طوى خبيث فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن أبي طلحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث" فلو كان دفنهم فى أرض الحجاز محرما لطلب من المسملين نقلهم خارج الحجاز وهو الذى لم يحدث
قطعا دفن الميت فى أى مكان واجل بغض النظر عن يانته كما فى قصة أبن آدم القاتل والقتيل
والسؤال كيف رضى النبى(ص) بدفن رأس المنافقين عبد الله بن أبى بن سلول فى أرض المدينة هو وغيره من المنافقين مع كفرهم ونفاقهم إذا الحكم عدم جواز دفنهم فى الحجاز ومنه المدينة وألأعجب أن يعطى حسب الروايات قميصه لابنه لكى يكفنه فيه
والحكم الثالث إزالة دور عبادة الكفار المعاهدين من الحجاز وهو الذى لم يحدث لأن الله حرم هدمها فقال :
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"

وأما الحكم الرابع وهو كونها أرض زكوية وليست أرض خراج فهذا ما لا دليل عليه لأن الزكاة والجزية مرتبطان بوجود الكفار المعاهدين والمسلمين أو مرتبطان بالمعاهدات فيما بينهم
 
عودة
أعلى