- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
أوشك العد التنازلي لعام 2015 على الانتهاء، وأسعار النفط الخام مستمرة في الهبوط بشكل حاد بعد أن شهدت أسوأ انخفاض سنوي منذ ثماني سنوات خلال عام 2014 لتكون النتيجة فقدان النفط الخام أكثر من نصف قيمته، ولكن ماذا عن مستقبل الخام عام 2015؟
أسعار النفط الخام خسرت بنسبة 51% من أعلى مستوى تم تسجيله هذا العام في شهر يونيو/حزيران عند 107.56 دولار للبرميل وحتى أدنى مستوى سجل في منتصف تعاملات 30 ديسمبر/كانون الأول عند 52.70 دولار للبرميل.
يتداول النفط الخام في آخر أيام 2014 عند أدنى مستوى منذ شهر مايو/أيار 2009، ليسجل شهر ديسمبر/كانون الأول الانخفاض الشهري السادس على التوالي.
ولكن قبل أن يخطو عام 2014 خطوته الأخيرة سنلقي نظرة سريعة على أهم العوامل التي ساهمت في انخفاض أسعار النفط الخام على هذا النحو، ومحاولة استنتاج أي من هذه العوامل في طريقها إلى الاستمرار خلال عام 2015...
تراجع الطلب العالمي
أولى العوامل التي أثرت على أسعار النفط الخام ودفعتها إلى الانهيار هو تراجع الطلب العالمي بشكل عام على النفط الخام بسبب التباطؤ في معدلات النمو، وهو أثر سلباً على القطاعات الصناعية في اقتصاديات العالم المختلفة وبالتالي تراجع الطلب على الطاقة المتمثلة في النفط الخام.
الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد عالمي وثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم يشهد أسوأ معدلات للنمو منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، فقد سجل نمو بنسبة 7.3% خلال الربع الثالث بأقل من التوقعات ليزيد من الضغط السلبي على معدلات النمو خلال عام 2014 والتي من المتوقع أن تتراجع إلى 7%.
القطاع الصناعي في الصين شهد هو الآخر تباطؤ متزامن مع ضعف النمو، وذلك في ظل ضعف الطلب على الصادرات الصينية إلى جانب توقف الشركات الصينية عن محاولات التوسع الرأسمالي مما أضر بأداء القطاع الصناعي في الصين.
أيضاً اقتصاد منطقة اليورو يشهد تباطؤ كبير في ظل معاناة الاقتصاديات الصغرى داخله من تداعيات الأزمة العالمية، الأمر الذي دفع البنك المركزي الأوروبي إلى الاستمرار في عمليات التحفيز وخفض معدلات الفائدة في محاولة لدعم الاقتصاد الأوروبي.
أما عن الاقتصاد الياباني ثالث اقتصاد عالمي فقد سقط في ركود رسمي بعد أن سجل انكماش في معدلات النمو خلال الربعين الثاني والثالث من جراء رفع الحكومة اليابانية لضريبة المبيعات في ابريل/نيسان الماضي الأمر الذي تسبب في تراجع الطلب المحلي بشكل كبير.
في ظل هذه التطورات السلبية على المستوى العالمي قام صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعات النمو للاقتصاد العالمي، وتوقع بمزيد من الضعف في أداء الاقتصاديات العالمية لتكون هذه نقطة تحول كبيرة في أسواق النفط الخام، بعد أن تأكد المشاركين في الأسواق أن ميزان العرض والطلب قد اختل نتيجة ضعف في الطلب العالمي على النفط الخام.
النفط الصخري وتزايد المعروض من النفط الخام
الكفة الأخرى من ميزان العرض والطلب شهدت اختلال أيضاً خلال عام 2014، فقد تزايد المعروض من النفط الخام بشكل الأمر الذي ساهم في تراجع الأسعار في ظل تراجع الطلب العالمي في الأساس.
أحد أهم الأسباب وراء تزايد المعروض هو توسع إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية في انتاج النفط الصخري، الأمر الذي دفع بمعدلات إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة عقود.
والنفط الصخري هو أحد أنواع النفط الخفيف يتم الحصول عليه من صخور تحتوي ترسبات مادة الكيروجين والتي يتم الحصول منها على سائل هيدروكربوني عن طريق الحرارة ليعد بهذا بديل للنفط الخام إلا أن تكلفة استخراجه مرتفعة مقارنة مع النفط الأحفوري.
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ثورة ضخمة في انتاج النفط الصخري خاصة في ولاية تكساس الغنية بهذا النوع من الصخور النفطية وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولايات المتحدة ستتخطى المملكة العربية السعودية في كونها أكبر منتج لنفط في العالم في 2017 بفضل النفط الصخري.
طفرة إنتاج النفط الصخري تسبب في خروج الولايات المتحدة الأمريكية من خانة المستورد الأكبر للنفط الخام في العالم، وذلك ظهر من خلال ارتفاع مخزونات النفط الخام الأمريكية وتراجع الواردات النفطية بشكل كبير خلال عام 2014 نتيجة سياسة الاكتفاء الذاتي التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تطبيقها حالياً خلال هذه المرحلة، قبل أن تنتقل إلى مرحلة تصدير النفط بعد تعديل التشريعات المناسبة للموافقة على تصدير النفط.
فقد خفضت الولايات المتحدة الأمريكية معدلات استيرادها من النفط الخام من دول الخليج العربي إلى ما دون 2.5 مليون برميل، حيث خفضت من النفط السعودي إلى 900 ألف برميل بعد أن كان عند 1.9 مليون برميل يومياً
أيضاً روسيا اكتشفت حقل آخر كبير للنفط في بحر الشمال المتجمد ليزيد من الموارد النفطية لروسيا التي تعد المنتج الأول للغاز الطبيعي في العالم، الأمر الذي يزيد من المعروض النفطي العالمي ليزيد من الضغوط السلبية على أسعار النفط الخام.
منظمة الأوبك وحرب الأسعار
في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتخذت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" قرار خلال اجتماعها الذي عقد في فينا بالحفاظ على سقف الإنتاج الحالي للمنظمة عند 30 مليون برميل.
هذا القرار جاء بعد توترات عديدة في أسواق النفط العالمية ليؤجج ما يسمى بحرب أسعار النفط الخام، هذا المصطلح الذي ظهر على الساعة بعد هبوط أسعار النفط الخام بشكل كبير ورفض كل المنتجين للخام من تخفيض الإنتاج لرفع الأسعار الأمر الذي بدت أشبه بحرب باردة تدور حول انخفاض أسعار النفط الخام.
منظمة الأوبك اتخذت قرارها بتثبيت سقف الإنتاج بالرغم من اعتراضات عدد من أعضاء المنظمة وعلى رأسهم فنزويلا التي تضررت بشكل كبير من تراجع أسعار النفط الخام، ولكن الدول الكبرى في المنظمة وعلى رأسهم السعودية والكويت قرروا ترك مستويات الأسعار تتحدد طبقاً لقوى السوق.
وفي أكثر من مناسبة خرج من البلدين تصريحات تفيد بقدرتهم على مواجهة الانخفاض الحالي في أسعار النفط الخام في ظل قوة الاحتياطيات لديهم.
الهدف الرئيسي وراء تحركات السعودية والكويت هو الحفاظ على حصتهم في السوق في ظل محاولات الولايات المتحدة في سحب البساط النفطي من تحت أقدام دول الأوبك، فالمنظمة تراهن على عدم قدرة احتمال الشركات المنتجة للنفط الصخري في الولايات المتحدة على احتمال انخفاض الأسعار نظراً لارتفاع تكلفة إنتاج النفط الصخري.
ومن جهة أخرى رفضت الدول الغير أعضاء في منظمة الأوبك وعلى رأسهم روسيا تخفيض مستويات إنتاجها، لتحقيق نقس الغرض وهو الحفاظ على ثبات حصتهم في أسواق النفط العالمية.
ارتفاع الدولار
أحد الأسباب الهامة أيضاً وراء الانخفاض الكبير في أسعار النفط الخام هو ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي، فالنفط هو سلعة تسعر بالدولار الأمر الذي يدفعه للتحرك بشكل عكسي مع مستويات الدولار في الأسواق.
ارتفاع الدولار الأمريكي جاء نتيجة الفارق الكبير في السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفدرالي والبنوك المركزية الأخرى حول العالم، فقد أنهى البنك الفدرالي برنامجه التحفيزي وبدأت التوقعات تتزايد برفع أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من عام 2015.
من جهة أخرى شهد قطاع العمالة في الولايات المتحدة الأمريكية تحسن كبير فقد تراجعت معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها في ستة سنوات عند 5.8%، إلى جانب خلق وظائف فوق المستوى 200 ألف لعشرة أشهر على التوالي.
وقد اعتبر البنك الفدرالي تحسن قطاع العمالة دليل على قوة التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمر الذي يؤهلهم إلى العودة إلى رفع أسعار الفائدة التي وصلت إلى المستويات الصفرية منذ الأزمة العالمية 2008.
في المقابل نجد البنك المركزي الياباني قد زاد من برنامجه التحفيزي ليصل إلى 80 تريليون ين مع توقعات بتفعيل الحكومة اليابانية لحزمة تحفيزية أخرى خلال الربع الأول من 2015.
هذا بالإضافة إلى خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي وزيادة برنامجه التحفيزي، إلى جانب خفض أسعار الفائدة في الصين واتخاذ المزيد من التدابير لتحفيز القطاع المالي من قبل البنك المركزي الصيني.
في ظل هذا التباين الكبير بين أداء البنك الفدرالي والبنوك المركزية الأخرى استطاع الدولار أن ينتعش بشكل كبير أمام العملات الأخرى، حيث ارتفع مؤشر الدولار (الذي يقيس أداء الدولار أمام سلة من ستة عملات) إلى أعلى مستوياته منذ شهر ابريل/نيسان 2006 عند 90.32.
توقعات أداء النفط الخام عام 2015
مما سبق نستطيع القول إن كل العوامل قد تضافرت أمام النفط الخام لتدفعه إلى الانخفاض خلال عام 2014، ولكن العوامل السابق ذكرها من القوة بحيث أنها ستسمر خلال عام 2015 أيضاً.
أكثر التوقعات تفاؤلا تشير إلى أن أسعار النفط الخام قد تتعافى مع نهاية عام 2015، وذلك نتيجة حفاظ الدول المنتجة للنفط سواء داخل الأوبك أو خارجها على حصتها الحالية، الأمر الذي يزيد من المعروض العالمي من الخام.
في نفس الوقت صندوق النقد الدولي توقع أن عام 2015 سيشهد استمرار في تباطؤ الاقتصاديات العالمية بالرغم من محاولات البنوك المركزية لدعم اقتصاداتها من خلال البرامج التحفيزية المتنوعة.
أيضاً من المتوقع أن يستمر الدولار في الانتعاش أو على أقل تقدير سيحافظ على مستوياته الحالية، خاصة أن البنك الفدرالي في طريقه إلى رفع أسعار الفائدة وهو الأمر الكفيل بمنح الدولار المزيد من الدعم.
مستويات الـ 50 دولار للبرميل أصبحت قاب قوسين أو أدنى ومن بعدها سينفتح الطريق إلى المزيد من الهبوط حتى مستوياته 45 دولا للبرميل.
أسعار النفط الخام خسرت بنسبة 51% من أعلى مستوى تم تسجيله هذا العام في شهر يونيو/حزيران عند 107.56 دولار للبرميل وحتى أدنى مستوى سجل في منتصف تعاملات 30 ديسمبر/كانون الأول عند 52.70 دولار للبرميل.
يتداول النفط الخام في آخر أيام 2014 عند أدنى مستوى منذ شهر مايو/أيار 2009، ليسجل شهر ديسمبر/كانون الأول الانخفاض الشهري السادس على التوالي.
ولكن قبل أن يخطو عام 2014 خطوته الأخيرة سنلقي نظرة سريعة على أهم العوامل التي ساهمت في انخفاض أسعار النفط الخام على هذا النحو، ومحاولة استنتاج أي من هذه العوامل في طريقها إلى الاستمرار خلال عام 2015...
تراجع الطلب العالمي
أولى العوامل التي أثرت على أسعار النفط الخام ودفعتها إلى الانهيار هو تراجع الطلب العالمي بشكل عام على النفط الخام بسبب التباطؤ في معدلات النمو، وهو أثر سلباً على القطاعات الصناعية في اقتصاديات العالم المختلفة وبالتالي تراجع الطلب على الطاقة المتمثلة في النفط الخام.
الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد عالمي وثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم يشهد أسوأ معدلات للنمو منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، فقد سجل نمو بنسبة 7.3% خلال الربع الثالث بأقل من التوقعات ليزيد من الضغط السلبي على معدلات النمو خلال عام 2014 والتي من المتوقع أن تتراجع إلى 7%.
القطاع الصناعي في الصين شهد هو الآخر تباطؤ متزامن مع ضعف النمو، وذلك في ظل ضعف الطلب على الصادرات الصينية إلى جانب توقف الشركات الصينية عن محاولات التوسع الرأسمالي مما أضر بأداء القطاع الصناعي في الصين.
أيضاً اقتصاد منطقة اليورو يشهد تباطؤ كبير في ظل معاناة الاقتصاديات الصغرى داخله من تداعيات الأزمة العالمية، الأمر الذي دفع البنك المركزي الأوروبي إلى الاستمرار في عمليات التحفيز وخفض معدلات الفائدة في محاولة لدعم الاقتصاد الأوروبي.
أما عن الاقتصاد الياباني ثالث اقتصاد عالمي فقد سقط في ركود رسمي بعد أن سجل انكماش في معدلات النمو خلال الربعين الثاني والثالث من جراء رفع الحكومة اليابانية لضريبة المبيعات في ابريل/نيسان الماضي الأمر الذي تسبب في تراجع الطلب المحلي بشكل كبير.
في ظل هذه التطورات السلبية على المستوى العالمي قام صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعات النمو للاقتصاد العالمي، وتوقع بمزيد من الضعف في أداء الاقتصاديات العالمية لتكون هذه نقطة تحول كبيرة في أسواق النفط الخام، بعد أن تأكد المشاركين في الأسواق أن ميزان العرض والطلب قد اختل نتيجة ضعف في الطلب العالمي على النفط الخام.
النفط الصخري وتزايد المعروض من النفط الخام
الكفة الأخرى من ميزان العرض والطلب شهدت اختلال أيضاً خلال عام 2014، فقد تزايد المعروض من النفط الخام بشكل الأمر الذي ساهم في تراجع الأسعار في ظل تراجع الطلب العالمي في الأساس.
أحد أهم الأسباب وراء تزايد المعروض هو توسع إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية في انتاج النفط الصخري، الأمر الذي دفع بمعدلات إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة عقود.
والنفط الصخري هو أحد أنواع النفط الخفيف يتم الحصول عليه من صخور تحتوي ترسبات مادة الكيروجين والتي يتم الحصول منها على سائل هيدروكربوني عن طريق الحرارة ليعد بهذا بديل للنفط الخام إلا أن تكلفة استخراجه مرتفعة مقارنة مع النفط الأحفوري.
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ثورة ضخمة في انتاج النفط الصخري خاصة في ولاية تكساس الغنية بهذا النوع من الصخور النفطية وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولايات المتحدة ستتخطى المملكة العربية السعودية في كونها أكبر منتج لنفط في العالم في 2017 بفضل النفط الصخري.
طفرة إنتاج النفط الصخري تسبب في خروج الولايات المتحدة الأمريكية من خانة المستورد الأكبر للنفط الخام في العالم، وذلك ظهر من خلال ارتفاع مخزونات النفط الخام الأمريكية وتراجع الواردات النفطية بشكل كبير خلال عام 2014 نتيجة سياسة الاكتفاء الذاتي التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تطبيقها حالياً خلال هذه المرحلة، قبل أن تنتقل إلى مرحلة تصدير النفط بعد تعديل التشريعات المناسبة للموافقة على تصدير النفط.
فقد خفضت الولايات المتحدة الأمريكية معدلات استيرادها من النفط الخام من دول الخليج العربي إلى ما دون 2.5 مليون برميل، حيث خفضت من النفط السعودي إلى 900 ألف برميل بعد أن كان عند 1.9 مليون برميل يومياً
أيضاً روسيا اكتشفت حقل آخر كبير للنفط في بحر الشمال المتجمد ليزيد من الموارد النفطية لروسيا التي تعد المنتج الأول للغاز الطبيعي في العالم، الأمر الذي يزيد من المعروض النفطي العالمي ليزيد من الضغوط السلبية على أسعار النفط الخام.
منظمة الأوبك وحرب الأسعار
في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتخذت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" قرار خلال اجتماعها الذي عقد في فينا بالحفاظ على سقف الإنتاج الحالي للمنظمة عند 30 مليون برميل.
هذا القرار جاء بعد توترات عديدة في أسواق النفط العالمية ليؤجج ما يسمى بحرب أسعار النفط الخام، هذا المصطلح الذي ظهر على الساعة بعد هبوط أسعار النفط الخام بشكل كبير ورفض كل المنتجين للخام من تخفيض الإنتاج لرفع الأسعار الأمر الذي بدت أشبه بحرب باردة تدور حول انخفاض أسعار النفط الخام.
منظمة الأوبك اتخذت قرارها بتثبيت سقف الإنتاج بالرغم من اعتراضات عدد من أعضاء المنظمة وعلى رأسهم فنزويلا التي تضررت بشكل كبير من تراجع أسعار النفط الخام، ولكن الدول الكبرى في المنظمة وعلى رأسهم السعودية والكويت قرروا ترك مستويات الأسعار تتحدد طبقاً لقوى السوق.
وفي أكثر من مناسبة خرج من البلدين تصريحات تفيد بقدرتهم على مواجهة الانخفاض الحالي في أسعار النفط الخام في ظل قوة الاحتياطيات لديهم.
الهدف الرئيسي وراء تحركات السعودية والكويت هو الحفاظ على حصتهم في السوق في ظل محاولات الولايات المتحدة في سحب البساط النفطي من تحت أقدام دول الأوبك، فالمنظمة تراهن على عدم قدرة احتمال الشركات المنتجة للنفط الصخري في الولايات المتحدة على احتمال انخفاض الأسعار نظراً لارتفاع تكلفة إنتاج النفط الصخري.
ومن جهة أخرى رفضت الدول الغير أعضاء في منظمة الأوبك وعلى رأسهم روسيا تخفيض مستويات إنتاجها، لتحقيق نقس الغرض وهو الحفاظ على ثبات حصتهم في أسواق النفط العالمية.
ارتفاع الدولار
أحد الأسباب الهامة أيضاً وراء الانخفاض الكبير في أسعار النفط الخام هو ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي، فالنفط هو سلعة تسعر بالدولار الأمر الذي يدفعه للتحرك بشكل عكسي مع مستويات الدولار في الأسواق.
ارتفاع الدولار الأمريكي جاء نتيجة الفارق الكبير في السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفدرالي والبنوك المركزية الأخرى حول العالم، فقد أنهى البنك الفدرالي برنامجه التحفيزي وبدأت التوقعات تتزايد برفع أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من عام 2015.
من جهة أخرى شهد قطاع العمالة في الولايات المتحدة الأمريكية تحسن كبير فقد تراجعت معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها في ستة سنوات عند 5.8%، إلى جانب خلق وظائف فوق المستوى 200 ألف لعشرة أشهر على التوالي.
وقد اعتبر البنك الفدرالي تحسن قطاع العمالة دليل على قوة التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمر الذي يؤهلهم إلى العودة إلى رفع أسعار الفائدة التي وصلت إلى المستويات الصفرية منذ الأزمة العالمية 2008.
في المقابل نجد البنك المركزي الياباني قد زاد من برنامجه التحفيزي ليصل إلى 80 تريليون ين مع توقعات بتفعيل الحكومة اليابانية لحزمة تحفيزية أخرى خلال الربع الأول من 2015.
هذا بالإضافة إلى خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي وزيادة برنامجه التحفيزي، إلى جانب خفض أسعار الفائدة في الصين واتخاذ المزيد من التدابير لتحفيز القطاع المالي من قبل البنك المركزي الصيني.
في ظل هذا التباين الكبير بين أداء البنك الفدرالي والبنوك المركزية الأخرى استطاع الدولار أن ينتعش بشكل كبير أمام العملات الأخرى، حيث ارتفع مؤشر الدولار (الذي يقيس أداء الدولار أمام سلة من ستة عملات) إلى أعلى مستوياته منذ شهر ابريل/نيسان 2006 عند 90.32.
توقعات أداء النفط الخام عام 2015
مما سبق نستطيع القول إن كل العوامل قد تضافرت أمام النفط الخام لتدفعه إلى الانخفاض خلال عام 2014، ولكن العوامل السابق ذكرها من القوة بحيث أنها ستسمر خلال عام 2015 أيضاً.
أكثر التوقعات تفاؤلا تشير إلى أن أسعار النفط الخام قد تتعافى مع نهاية عام 2015، وذلك نتيجة حفاظ الدول المنتجة للنفط سواء داخل الأوبك أو خارجها على حصتها الحالية، الأمر الذي يزيد من المعروض العالمي من الخام.
في نفس الوقت صندوق النقد الدولي توقع أن عام 2015 سيشهد استمرار في تباطؤ الاقتصاديات العالمية بالرغم من محاولات البنوك المركزية لدعم اقتصاداتها من خلال البرامج التحفيزية المتنوعة.
أيضاً من المتوقع أن يستمر الدولار في الانتعاش أو على أقل تقدير سيحافظ على مستوياته الحالية، خاصة أن البنك الفدرالي في طريقه إلى رفع أسعار الفائدة وهو الأمر الكفيل بمنح الدولار المزيد من الدعم.
مستويات الـ 50 دولار للبرميل أصبحت قاب قوسين أو أدنى ومن بعدها سينفتح الطريق إلى المزيد من الهبوط حتى مستوياته 45 دولا للبرميل.