في ضوء بحث المجتمع الدولي لنتائج تنفيذ الاقتراح الذي قدمته فرنسا في نهاية نوفمبر حول فرض حظر على شراء النفط الإيراني أدلى عدد من الباحثين الأميركيين بآرائهم في الفكرة التي تحفظت عليها دول أوروبية وقابلتها واشنطن بفتور واضح. وأدى الاقتراح إلى انقسام بين خبراء النفط في الولايات المتحدة حيث عارضته أغلبية كبيرة من أولئك الخبراء بيد أن أقلية منهم دعمته باعتباره حلا عمليا قابل للتطبيق.
ومن بين الأقلية المؤيدة للحظر يظهر البروفيسور تشارلز موريس أستاذ الاقتصاد في جامعة ولاية نيويورك. وقال موريس في سياق تفسيره لموقفه أن الصدمة التي يمكن أن تحدث في حالة فرض حظر على شراء النفط الإيراني بواسطة الدول الأوروبية ستكون صدمة نفسية فقط وأن أثرها سيتراجع بعد أيام قليلة لتعود الأسعار إلى ما هي عليه وذلك بافتراض قيام الدول الصناعية بدراسة خطوتها مسبقا وإعداد بدائل كافية لتعويض النفط الإيراني في الأسواق.
وقال موريس في مداخلة قدمها في واشنطن مؤخرا "لدى العالم بدائل جاهزة للنفط الإيراني ولو قررت المملكة العربية السعودية أن تضخ النصف مليون برميل التي تشتريها دول الاتحاد الأوروبي من إيران يوميا لفعلت ذلك بقرار لن يستغرق تنفيذه أكثر من أيام. إن المملكة تنتج الآن ما يتراوح بين 8 و9 ملايين برميل يوميا ولديها طاقة فعلية لإنتاج 12.5 مليون برميل يوميا إذا قررت ذلك. وقد كانت تعوض النفط الليبي بسهولة. وفي حالة نهوض الإنتاج الليبي إلى مستوياته السابقة قبل الأحداث الأخيرة في ليبيا فسيكون من السهل توجيه الطاقة التي كانت تعوض الإنتاج الليبي من أجل تعويض الإنتاج الإيراني في حالة مقاطعة دول الاتحاد الأوروبي للنفط الإيراني".
وردا على سؤال حول احتمال رفض المملكة لأي قرار من هذا النوع بالنظر إلى أنه يمكن أن يؤدي إلى أزمة في العلاقات بين البلدين وهي علاقات متوترة من الأصل قال موريس " هناك سيناريوهات متعددة بديلة لقيام السعودية بتعويض النفط الإيراني. من تلك السيناريوهات مثلا الاعتماد على المخزونات النفطية لدى منظمة الطاقة العالمية إذ إن هناك لدى المنظمة نحو 1.5 مليار برميل. أي أن بوسع الدول الأعضاء في المنظمة ضخ ما يعادل ما تستورده دول الاتحاد الأوروبي من إيران لمدة تزيد على 8 أعوام متصلة".
وتابع "ليس هناك توقعات بحدوث أي قفزات تذكر في الطلب بسبب أوضاع الأزمة التي تخيم على الاقتصادات العالمية في الوقت الحالي. وفي حالة قرر السعوديون زيادة الإنتاج فإن المشكلة الوحيدة ستكون في تأخر وصوله إلى الأسواق الأوروبية إذ يستغرق الأمر في المتوسط نحو 11 يوما لتصل أي ناقلة محملة بشحنات النفط السعودي إلى الأسواق الأوروبية".
وأشار الباحث الأميركي إلى أن الولايات المتحدة لا تستورد نفطا من إيران وتابع "إلا أن لدينا نحن أيضاً نحو 750 مليون برميل كاحتياطي استراتيجي. وبوسع الولايات المتحدة أن تنسق موقفا مشتركا مع الأوروبيين. بالإمكان مثلا وضع خطة تقضي بإخراج 200 ألف برميل يوميا من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي وهو أمر لن يضع على عاتق احتياطينا الاستراتيجي أكثر من %10 من حجمه الإجمالي بعد مرور عام كامل. وإذا ما أبقت المملكة إنتاجها الراهن على ما هو عليه الآن أي 9 ملايين برميل يوميا فإن وصول النفط الليبي إلى مستوى 250 ألف برميل يوميا وهو رقم في متناول اليد بالنظر إلى الحركة الدائرة لشركة ايني لإعادة تأهيل الآبار الليبية المنتجة سيغلق الهوة دون أن يمس أحد احتياطيات الوكالة الدولية للطاقة وهي احتياطيات تخص الدول الأوروبية في المقام الأول".
وأضاف "ما أريد أن أقوله إن بإمكان أي خطة مدروسة جيدا أن تطبق حظرا على مشتريات النفط الأوروبية من إيران دون متاعب تذكر. إن بالعالم الكثير من النفط الذي يمكن استخراجه عبر الطاقة الإنتاجية غير المستخدمة وعبر المخزونات الإستراتيجية. من هنا فليس من المفهوم لدي كيف يقول الإيرانيون أن أسعار النفط ستقفز إلى 250 دولارا للبرميل إذا ما فرض عليهم حظر نفطي أوروبي. إنهم كالعادة يخطئون في الحسابات".