رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
"وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون "المعنى وهكذا نبين الأحكام وليقولوا علمت ولنعرفه لناس يؤمنون ،يبين الله لنبيه (ص)أن كذلك أى بإنزال الوحى يصرف الله الآيات والمراد يبين الله الأحكام للناس مصداق لقوله بسورة "وكذلك يبين الله لكم الآيات"والكفار يقولون للنبى (ص)درست أى تعلمت من بشر أخر كما قالوا بسورة النحل"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر"ويبين له أنه يبين الوحى لقوم يعلمون والمراد أنه يفصل أى يوضح حدود الله لناس يؤمنون به مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون "وقوله بسورة البقرة"وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين "المعنى أطع الذى ألقى لك من خالقك لا رب إلا هو وخالف الكفار ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتبع ما يوحى إليه من ربه والمراد أن يطيع الذى يلقى له من خالقه وهو ملة إبراهيم(ص)مصداق لقوله بسورة النحل"أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا "لا إله إلا هو والمراد لا رب إلا هو ،ويطلب منه أن يعرض عن المشركين والمراد أن يذر الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا مصداق لقوله بسورة الأنعام"وذر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا"والمراد وخالف دين الكافرين .
"ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل "المعنى ولو أراد الرب ما كفروا وما عيناك لهم وكيلا أى ما أنت لهم بحامى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو شاء ما أشركوا والمراد لو أراد ما كفر الناس بحكمه أى لو أراد لآمن الكفار مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا "ويبين له أنه ما جعله عليهم حفيظا والمراد ما عينه لهم وكيلا وفسر هذا بأنه ليس عليهم بوكيل أى حامى لهم من عذاب الله بسبب كفرهم والخطاب للنبى(ص).
"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون "المعنى ولا تشتموا الذين يعبدون من سوى الرب فيشتموا الرب ظلما بغير وحى هكذا حسنا لكل جماعة فعلهم ثم إلى خالقهم فيخبرهم بالذى كانوا يفعلون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يسبوا الذين يدعون من دون الله والمراد ألا يذموا الذين يعبدون من سوى الرب وهذا يعنى ألا يشتموا آلهة الكفار المزعومة والسبب حتى لا يسبوا الله عدوا بغير علم والمراد حتى لا يذموا الرب ظلما دون معرفة وهذا يعنى حتى لا يرد الكفار بشتم الله جورا دون معرفة بوحى الله الذى يحرم هذا ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى عصيان العلم زين الله لكل أمة عملهم والمراد حسن الرب لكل جماعة سوء فعلهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ثم إلى ربهم مرجعهم والمراد ثم إلى جزاء خالقهم عودتهم فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيخبرهم بالذى كانوا يصنعون مصداق لقوله بسورة المائدة"وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون "والخطاب للمؤمنين.
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون "المعنى وحلفوا بالله قدر طاقتهم لئن أتاهم معجزة ليصدقن بها قل إنما المعجزات لدى الرب والذى يعرفكم إنها إذا أتت لا يصدقون ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار أقسموا جهد أيمانهم والمراد حلفوا قدر طاقتهم فقالوا والله لئن جاءتنا آية لنؤمن بها والمراد والله لئن أتتنا معجزة لنصدقن بها ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند الله والمراد من لدى الرب وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون والمراد والذى يخبركم أنها إذا أتت وهى لن تأتى لا يصدقون بها مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "وهذا يعنى أنهم يفعلون كالكفار السابقين فى عدم إيمانهم بالمعجزات .
"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون "المعنى ونختم على أنفسهم أى قلوبهم كما لم يصدقوا به أسبق مرة أى نتركهم فى كفرهم يسيرون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه يقلب أفئدة الكفار وهى أبصارهم والمراد أنه يطبع الكفر على قلوب وهى نفوس الكفار مصداق لقوله بسورة النحل"أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم "كما لم يؤمنوا به أول مرة والمراد كما لم يصدقوا بالقرآن أسبق مرة دعوا فيها للإيمان به وفسر هذا بأنه يذرهم فى طغيانهم يعمهون والمراد ويترك الكفار فى كفرهم يستمرون والخطاب وماقبله للنبى(ص)
"ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون"المعنى ولو أننا أحضرنا لهم الملائكة وحدثهم الهلكى وأرسلنا لهم كل معجزة أمامهم ما كانوا ليصدقوا إلا أن يريد الله ولكن معظمهم يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو فعل التالى للكفار:
نزل لهم الملائكة أى أرسل لهم الملائكة فى الأرض،وكلمهم الموتى أى حدثهم الهلكى الذين تركوا الدنيا بعد إحياءهم،وحشر لهم كل شىء قبلا والمراد وجمع لهم كل معجزة عيانا فإن رد فعلهم هو أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون بكل المعجزات مصداق لقوله بسورة البقرة"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك" إلا فى حالة واحدة هى أن يشاء أى يريد الله إيمانهم ولكن أكثرهم يجهلون والمراد ولكن معظم الناس يكفرون أى لا يعلمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولكن أكثرهم لا يعلمون"أى لا يتبعون الوحى .
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا عينا لكل رسول كارها كفار البشر والجن يلقى بعضهم إلى بعض باطل الحديث خداعا ولو أراد إلهك ما صنعوه فاتركهم أى ما يزعمون،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل لكل نبى عدوا والمراد حدد لكل رسول(ص)من رسله كارها هو شياطين الإنس والجن والمراد مجرمى البشر والجن وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الفرقان"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين"وهم يقومون بالتالى يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول والمراد يلقى بعضهم إلى بعض باطل الكلام خداعا لبعضهم وهذا يعنى أن كفار الإنس يغوون بعضهم وكفار الجن يضلون بعضهم عن طريق الكلام الباطل الماكر ،ويبين لهم أن الله لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما أشركوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء الله ما أشركوا"ويطلب الله منه أن يذرهم أى يترك طاعة دينهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد أن يدع طاعة ما يزعمون من الأحكام والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى (ص) .
"ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون"المعنى ولتستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة أى ليقبلوه أى ليعملوا الذى هم عاملون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الزخرف تصغى له أفئدة الذين لا يؤمنون بالأخرة والمراد أن الباطل تستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة وفسر هذا بأنهم يرضوه أى يقبلوه دينا يتبعونه وفسر هذا بأنه يقترفوا ما هم مقترفون والمراد يرتكبوا من الذنوب الذى هم مرتكبون له .
"أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين"المعنى هل سوى الله أريد قاضيا وهو الذى أوحى لكم الحكم مبينا والذين أوحينا لهم الوحى سابقا يعرفون أنه موحى من إلهك بالعدل فلا تصبحن من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس:أفغير الله أبتغى حكما أى هل سوى الله أريد قاضيا ؟أى هل سوى الله أتخذ وليا ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"قل أغير الله اتخذ وليا"والغرض من السؤال هو إخبارهم أن النبى(ص)لا يقبل إله أى حاكم له سوى الله لأنه أنزل لهم الكتاب مفصلا والمراد لأنه أوحى لهم الحكم السليم مفهوما لهم ،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب والمراد أن الذين أعطاهم الوحى السابق يعلمون أنه منزل من الله بالحق والمراد يعرفون أنه موحى من عند الله بالعدل وهو حكمه وفى هذا قال بسورة الأنعام "والذين أتيناهم الكتاب يعرفونه"وينهاه الله أن يكون من الممترين أى الجاهلين أى المشركين وهم العصاة لحكمه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين"و"ولا تكونن من المشركين".
"وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم"المعنى وكملت حكمة إلهك حقا أى قسطا لا مغير لأحكامه وهو الخبير العارف،يبين الله لنبيه(ص)أن كلمة ربه وهى حكمة إلهه أى دين ربه قد كمل مصداق لقوله بسورة المائدة"اليوم أكملت لكم دينكم "وهو دين صدق أى عدل أى قسط لا ظلم فيه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته والمراد لا مغير لأحكام الله أى لا مهلك للوحى لأنه محفوظ فى الكعبة للعودة له عند الخلاف مصداق لقوله بسورة الحجر"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء.
"وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"المعنى وإن تتبع معظم من فى البلاد يبعدوك عن دين الله إن يطيعون سوى الهوى أى إن هم إلا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يطع أكثر من فى الأرض والمراد إن يطيع معظم من فى البلاد والمراد الذين كفروا يضلوه عن سبيل الله والمراد يبعدوه عن طاعة دين الله أى يردوهم على أعقابهم وهى أديانهم الضالة مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم"ويبين له أنهم يتبعون الظن أى يطيعون الهوى مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم إنما يتبعون أهواءهم"وهى شهواتهم مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"وهى أحكام الكفر وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"وإن هم إلا يظنون"والمراد إن هم إلا يكفرون بدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين"المعنى إن إلهك هو أعرف من يكفر بدينه وهو أعرف بالمصدقين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه أعلم بمن يضل عن سبيله والمراد أعرف بمن يبعد عن طاعة الإسلام وهم المفسدين مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"وهو أعلم بالمهتدين والمراد وهو أعرف بالشاكرين أى المطيعين لدين الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"أليس الله بأعلم بالشاكرين".
"فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم مؤمنين"المعنى فاطعموا من الذى ردد حكم الله فيه إن كنتم بأحكامه مصدقين،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد أن يطعموا من الأنعام أو الصيد الذى ردد حكم الله عليه وهو الذى قصد به طاعة الله وحده من خلال أكله هذا إن كانوا مؤمنين أى صادقين فى قوله أنهم مصدقون بالوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن كنتم صادقين"والخطاب للمؤمنين.
"وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين "المعنى وما السبب ألا تطعموا من الذى ردد حكم الله عليه وقد بين لكم الذى منعكم منه إلا ما أكرهتم عليه وإن عديدا ليتبعون شهواتهم دون وحى إن إلهك هو أعرف بالمفسدين،يسأل الله المؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد وما يمنعكم أن تطعموا من الذى أطيع حكم الله فيه ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الذبائح التى ردد حكم الله عليها وهى التى قصد من ذبحها طاعة الله بأكلها لعمل الأعمال الحسنة يعنى أنه حلال أكلها،ويبين لهم أنه فصل أى بين لهم ما حرم عليهم والمراد عرفهم ما منعهم من أكله من أصناف الحيوان فى الوحى السابق نزوله إلا ما اضطررتم إليه وهو ما أجبرتم أنفسكم على أكله خوفا من الموت جوعا وهى المخمصة مصداق لقوله بسورة المائدة "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم إن الله غفور رحيم " فالله يغفر هذا الذنب ويبين الله لنبيه (ص)أنه أعلم بالمعتدين أى أعرف بالمفسدين وهم المتبعين للأهواء مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"والقول الخطاب فى أوله للمؤمنين حتى إن كثيرا فهو للنبى(ص).
"وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون"المعنى واتركوا إعلان الكفر وإخفائه إن الذين يعملون الكفر سيعاقبون بما كانوا يذنبون،يطلب الله من المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه والمراد يتركوا إعلان عمل الفاحشة وهى الكفر وعملها فى الكتمان ويبين لهم أن الذين يكسبون الإثم أى يعملون السيئات مصداق لقوله بسورة يونس"والذين كسبوا السيئات"سيجزون بما كانوا يقترفون والمراد سيعاقبون بدخول جهنم بالذى كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة"ومأواهم جهنم بما كانوا يكسبون" والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين "المعنى أطع الذى ألقى لك من خالقك لا رب إلا هو وخالف الكفار ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتبع ما يوحى إليه من ربه والمراد أن يطيع الذى يلقى له من خالقه وهو ملة إبراهيم(ص)مصداق لقوله بسورة النحل"أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا "لا إله إلا هو والمراد لا رب إلا هو ،ويطلب منه أن يعرض عن المشركين والمراد أن يذر الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا مصداق لقوله بسورة الأنعام"وذر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا"والمراد وخالف دين الكافرين .
"ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل "المعنى ولو أراد الرب ما كفروا وما عيناك لهم وكيلا أى ما أنت لهم بحامى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو شاء ما أشركوا والمراد لو أراد ما كفر الناس بحكمه أى لو أراد لآمن الكفار مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا "ويبين له أنه ما جعله عليهم حفيظا والمراد ما عينه لهم وكيلا وفسر هذا بأنه ليس عليهم بوكيل أى حامى لهم من عذاب الله بسبب كفرهم والخطاب للنبى(ص).
"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون "المعنى ولا تشتموا الذين يعبدون من سوى الرب فيشتموا الرب ظلما بغير وحى هكذا حسنا لكل جماعة فعلهم ثم إلى خالقهم فيخبرهم بالذى كانوا يفعلون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يسبوا الذين يدعون من دون الله والمراد ألا يذموا الذين يعبدون من سوى الرب وهذا يعنى ألا يشتموا آلهة الكفار المزعومة والسبب حتى لا يسبوا الله عدوا بغير علم والمراد حتى لا يذموا الرب ظلما دون معرفة وهذا يعنى حتى لا يرد الكفار بشتم الله جورا دون معرفة بوحى الله الذى يحرم هذا ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى عصيان العلم زين الله لكل أمة عملهم والمراد حسن الرب لكل جماعة سوء فعلهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ثم إلى ربهم مرجعهم والمراد ثم إلى جزاء خالقهم عودتهم فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيخبرهم بالذى كانوا يصنعون مصداق لقوله بسورة المائدة"وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون "والخطاب للمؤمنين.
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون "المعنى وحلفوا بالله قدر طاقتهم لئن أتاهم معجزة ليصدقن بها قل إنما المعجزات لدى الرب والذى يعرفكم إنها إذا أتت لا يصدقون ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار أقسموا جهد أيمانهم والمراد حلفوا قدر طاقتهم فقالوا والله لئن جاءتنا آية لنؤمن بها والمراد والله لئن أتتنا معجزة لنصدقن بها ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند الله والمراد من لدى الرب وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون والمراد والذى يخبركم أنها إذا أتت وهى لن تأتى لا يصدقون بها مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "وهذا يعنى أنهم يفعلون كالكفار السابقين فى عدم إيمانهم بالمعجزات .
"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون "المعنى ونختم على أنفسهم أى قلوبهم كما لم يصدقوا به أسبق مرة أى نتركهم فى كفرهم يسيرون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه يقلب أفئدة الكفار وهى أبصارهم والمراد أنه يطبع الكفر على قلوب وهى نفوس الكفار مصداق لقوله بسورة النحل"أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم "كما لم يؤمنوا به أول مرة والمراد كما لم يصدقوا بالقرآن أسبق مرة دعوا فيها للإيمان به وفسر هذا بأنه يذرهم فى طغيانهم يعمهون والمراد ويترك الكفار فى كفرهم يستمرون والخطاب وماقبله للنبى(ص)
"ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون"المعنى ولو أننا أحضرنا لهم الملائكة وحدثهم الهلكى وأرسلنا لهم كل معجزة أمامهم ما كانوا ليصدقوا إلا أن يريد الله ولكن معظمهم يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو فعل التالى للكفار:
نزل لهم الملائكة أى أرسل لهم الملائكة فى الأرض،وكلمهم الموتى أى حدثهم الهلكى الذين تركوا الدنيا بعد إحياءهم،وحشر لهم كل شىء قبلا والمراد وجمع لهم كل معجزة عيانا فإن رد فعلهم هو أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون بكل المعجزات مصداق لقوله بسورة البقرة"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك" إلا فى حالة واحدة هى أن يشاء أى يريد الله إيمانهم ولكن أكثرهم يجهلون والمراد ولكن معظم الناس يكفرون أى لا يعلمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولكن أكثرهم لا يعلمون"أى لا يتبعون الوحى .
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا عينا لكل رسول كارها كفار البشر والجن يلقى بعضهم إلى بعض باطل الحديث خداعا ولو أراد إلهك ما صنعوه فاتركهم أى ما يزعمون،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل لكل نبى عدوا والمراد حدد لكل رسول(ص)من رسله كارها هو شياطين الإنس والجن والمراد مجرمى البشر والجن وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الفرقان"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين"وهم يقومون بالتالى يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول والمراد يلقى بعضهم إلى بعض باطل الكلام خداعا لبعضهم وهذا يعنى أن كفار الإنس يغوون بعضهم وكفار الجن يضلون بعضهم عن طريق الكلام الباطل الماكر ،ويبين لهم أن الله لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما أشركوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء الله ما أشركوا"ويطلب الله منه أن يذرهم أى يترك طاعة دينهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد أن يدع طاعة ما يزعمون من الأحكام والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى (ص) .
"ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون"المعنى ولتستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة أى ليقبلوه أى ليعملوا الذى هم عاملون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الزخرف تصغى له أفئدة الذين لا يؤمنون بالأخرة والمراد أن الباطل تستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة وفسر هذا بأنهم يرضوه أى يقبلوه دينا يتبعونه وفسر هذا بأنه يقترفوا ما هم مقترفون والمراد يرتكبوا من الذنوب الذى هم مرتكبون له .
"أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين"المعنى هل سوى الله أريد قاضيا وهو الذى أوحى لكم الحكم مبينا والذين أوحينا لهم الوحى سابقا يعرفون أنه موحى من إلهك بالعدل فلا تصبحن من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس:أفغير الله أبتغى حكما أى هل سوى الله أريد قاضيا ؟أى هل سوى الله أتخذ وليا ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"قل أغير الله اتخذ وليا"والغرض من السؤال هو إخبارهم أن النبى(ص)لا يقبل إله أى حاكم له سوى الله لأنه أنزل لهم الكتاب مفصلا والمراد لأنه أوحى لهم الحكم السليم مفهوما لهم ،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب والمراد أن الذين أعطاهم الوحى السابق يعلمون أنه منزل من الله بالحق والمراد يعرفون أنه موحى من عند الله بالعدل وهو حكمه وفى هذا قال بسورة الأنعام "والذين أتيناهم الكتاب يعرفونه"وينهاه الله أن يكون من الممترين أى الجاهلين أى المشركين وهم العصاة لحكمه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين"و"ولا تكونن من المشركين".
"وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم"المعنى وكملت حكمة إلهك حقا أى قسطا لا مغير لأحكامه وهو الخبير العارف،يبين الله لنبيه(ص)أن كلمة ربه وهى حكمة إلهه أى دين ربه قد كمل مصداق لقوله بسورة المائدة"اليوم أكملت لكم دينكم "وهو دين صدق أى عدل أى قسط لا ظلم فيه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته والمراد لا مغير لأحكام الله أى لا مهلك للوحى لأنه محفوظ فى الكعبة للعودة له عند الخلاف مصداق لقوله بسورة الحجر"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء.
"وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"المعنى وإن تتبع معظم من فى البلاد يبعدوك عن دين الله إن يطيعون سوى الهوى أى إن هم إلا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يطع أكثر من فى الأرض والمراد إن يطيع معظم من فى البلاد والمراد الذين كفروا يضلوه عن سبيل الله والمراد يبعدوه عن طاعة دين الله أى يردوهم على أعقابهم وهى أديانهم الضالة مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم"ويبين له أنهم يتبعون الظن أى يطيعون الهوى مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم إنما يتبعون أهواءهم"وهى شهواتهم مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"وهى أحكام الكفر وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"وإن هم إلا يظنون"والمراد إن هم إلا يكفرون بدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين"المعنى إن إلهك هو أعرف من يكفر بدينه وهو أعرف بالمصدقين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه أعلم بمن يضل عن سبيله والمراد أعرف بمن يبعد عن طاعة الإسلام وهم المفسدين مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"وهو أعلم بالمهتدين والمراد وهو أعرف بالشاكرين أى المطيعين لدين الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"أليس الله بأعلم بالشاكرين".
"فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم مؤمنين"المعنى فاطعموا من الذى ردد حكم الله فيه إن كنتم بأحكامه مصدقين،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد أن يطعموا من الأنعام أو الصيد الذى ردد حكم الله عليه وهو الذى قصد به طاعة الله وحده من خلال أكله هذا إن كانوا مؤمنين أى صادقين فى قوله أنهم مصدقون بالوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن كنتم صادقين"والخطاب للمؤمنين.
"وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين "المعنى وما السبب ألا تطعموا من الذى ردد حكم الله عليه وقد بين لكم الذى منعكم منه إلا ما أكرهتم عليه وإن عديدا ليتبعون شهواتهم دون وحى إن إلهك هو أعرف بالمفسدين،يسأل الله المؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد وما يمنعكم أن تطعموا من الذى أطيع حكم الله فيه ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الذبائح التى ردد حكم الله عليها وهى التى قصد من ذبحها طاعة الله بأكلها لعمل الأعمال الحسنة يعنى أنه حلال أكلها،ويبين لهم أنه فصل أى بين لهم ما حرم عليهم والمراد عرفهم ما منعهم من أكله من أصناف الحيوان فى الوحى السابق نزوله إلا ما اضطررتم إليه وهو ما أجبرتم أنفسكم على أكله خوفا من الموت جوعا وهى المخمصة مصداق لقوله بسورة المائدة "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم إن الله غفور رحيم " فالله يغفر هذا الذنب ويبين الله لنبيه (ص)أنه أعلم بالمعتدين أى أعرف بالمفسدين وهم المتبعين للأهواء مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"والقول الخطاب فى أوله للمؤمنين حتى إن كثيرا فهو للنبى(ص).
"وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون"المعنى واتركوا إعلان الكفر وإخفائه إن الذين يعملون الكفر سيعاقبون بما كانوا يذنبون،يطلب الله من المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه والمراد يتركوا إعلان عمل الفاحشة وهى الكفر وعملها فى الكتمان ويبين لهم أن الذين يكسبون الإثم أى يعملون السيئات مصداق لقوله بسورة يونس"والذين كسبوا السيئات"سيجزون بما كانوا يقترفون والمراد سيعاقبون بدخول جهنم بالذى كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة"ومأواهم جهنم بما كانوا يكسبون" والخطاب للمؤمنين وما بعده.