رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
"ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة يونس"لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة"وقوله بسورة آل عمران "أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب"وقوله بسورة الشورى "من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه "فالحسنة الأخروية هى الأجر هى حرث الآخرة هى البشرى فى الدنيا والآخرة والمعنى ومنهم من يدعو :إلهنا أعطنا فى الأولى نصرا وفى القيامة جنة وامنع عنا عقاب جهنم أولئك لهم النصر بما عملوا والله عظيم الجزاء ،يبين الله للمؤمنين أن من الناس وهم الخلق فرقة تقول أى تدعو الله:ربنا أتنا فى الدنيا حسنة والمراد إلهنا أعطنا فى الأولى نصرا أى حكمنا بدينك فى الخلق فهم يطلبون من الله أن يحكمهم فى الدنيا عن طريق تنفيذ حكم الله ويدعون :وفى الآخرة حسنة والمراد وأدخلنا فى القيامة الجنة فهم يطلبون من الله إدخالهم الجنة يوم القيامة ويدعون وقنا عذاب النار أى وامنع عنا ألم النار فهم يطلبون إبعادهم عن دخول جهنم فى القيامة ،ويبين لنا أن هؤلاء لهم نصيب مما كسبوا أى لهم النصر فى الأولى والنصر وهو الرحمة فى الآخرة والسبب الذى عملوا فى الدنيا من الصالحات،ويبين الله لنا أنه سريع الحساب أى عظيم الجزاء والمراد أنه بعد موت كل فريق يدخل الأوائل النار ويدخل الأواخر الجنة ،والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج "ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات "وقوله بسورة البقرة "فلا جناح عليه"وقوله بسورة التغابن "وأطيعوا الله "وقوله بسورة القصص"وإليه ترجعون" فالأيام المعدودات هى المعلومات كما بسورة الحج والإثم هو الجناح كما بسورة البقرة واتقوا هى أطيعوا كما بسورة التغابن وتحشرون هى ترجعون كما بسورة القصص والمعنى ورددوا اسم الله فى أيام معلومات فمن أسرع فى يومين فلا عقاب عليه ومن أجل فلا عقاب عليه وأطيعوا الله واعرفوا أنكم إليه ترجعون ، يطلب الله من الحجاج أن يذكروا الله فى أيام معدودات والمراد أن يرددوا القرآن وتفسيره الإلهى أى أن يقرئوا القرآن وتفسيره الإلهى فى أيام معلومات أقلها يومين لمن تعجل أى أسرع فى العودة لبلده وأكثر من يومين لمن تأخر أى أجل عودته لبلده أكثر من يومين ويبين الله لنا أن المتعجل والمتأخر ليس عليهما إثم أى جناح أى عقاب ممثل فى الكفارة من صيام أو نفقة أو نسك ،ويطلب الله منا فيقول اتقوا الله أى أطيعوا حكم الله ويطلب منا أن نعلم أننا إليه نحشر والمراد أن نعرف أننا إلى جزائه نعود يوم القيامة.
"ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام "يفسر الآية قوله بسورة البقرة "ومن الناس من يقول أمنا بالله واليوم الأخر وما هم بمؤمنين "وقوله بسورة المنافقون"والله يشهد أن المنافقين لكاذبون "فالقول المعجب به من النبى (ص)هو :أمنا بالله واليوم الأخر وألد الخصام هو كذب المنافقين والمعنى ومن الخلق من يرضيك كلامه يا محمد فى المعيشة السابقة ويحكم الرب على الذى فى نفسه وهو أعظم الكفر ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس فريق يعجبه قوله فى الحياة الدنيا والمراد يرضيه حديثهم عن أنهم مؤمنون بحكم الله والقيامة فى الحياة الأولى ومع هذا فالله يشهد على أن ما فى قلوبهم هو ألد الخصام والمراد أن الله يعلم أن الذى فى نفوس المنافقين هو أكبر العداء للإسلام والغرض من القول هو إخبارنا ألا نصدق كل ما يقال لنا دون براهين تثبته ،والخطاب وما بعده للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد"يفسر الآية قوله بسورة محمد"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم "وقوله بسورة الزمر"ولا يرضى لعباده الكفر"فإفساد الأرض هو إهلاك الحرث والنسل هو تقطيع الأرحام بسورة محمد وعدم حب الله للفساد هو عدم رضاه بالكفر بسورة الزمر والمعنى وإذا انصرف سار فى البلاد ليظلم فيها أى يضر الخلق والبشر والرب لا يبيح الظلم ،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا الفريق المنافق إذا تولى أى تحرك من عند النبى (ص)سعى فى الأرض والمراد انتقل فى البلاد والسبب ليفسد فيها أى ليظلم خلق الله فيها وفسر الله هذا بأنه يهلك الحرث والنسل والمراد يؤذى خلق الله من نبات وحيوان وبشر بحكمه بغير حكم الله ويبين الله له أنه لا يحب الفساد أى لا يرضى الكفر والمراد لا يبيح الظلم بكل أنواعه .
"وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد" يفسر الآية قوله بسورة البقرة "وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"وقوله بسورة الرعد"فمأواهم جهنم"وقوله بسورة إبراهيم"وبئس القرار"فقول اتق الله يعنى لا تفسدوا فى الأرض كما بسورة البقرة وأخذ العزة للمنافق بالإثم هى قولهم أنهم مصلحون رغم أنهم مفسدون كما بسورة البقرة والحسب هو المأوى كما بسورة الرعد والمهاد هو القرار كما بسورة إبراهيم والمعنى وإذا قيل له أطع حكم الرب أضلته القوة بعمل الذنب فمقامه النار وساء المقام ،يبين الله لنبيه(ص)أن رد فعل المنافق على النصيحة هو أن تأخذه العزة بالإثم والمراد أن تأمره شهوة القوة بعمل الذنب فيعمله ولذا عقابه هو النار .
"ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد"يفسر الآية قوله بسورة التوبة "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة"وقوله بسورة البقرة "إن الله بالناس لرءوف رحيم "فمرضات الله هى الجنة كما بسورة التوبة ورءوف تعنى رحيم كما بسورة البقرة والمعنى ومن الخلق من يبيع حياته طلب جنة الرب والرب رحيم بالخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق فريق يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله والمراد فريق يعطى حياته فى سبيل الله طلبا لرحمة وهى جنة الله والله رءوف بهم أى والمراد والرب رحيم بهم أى معطى الجنة لهم .
"يا أيها الذين أمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "يفسر الآية قوله بسورة الحج"فله أسلموا" وقوله بسورة النساء"فلا تتبعوا الهوى"وقوله بسورة الأنعام "ولا تتبعوا السبل"فالدخول فى السلم وهو الإسلام كما بسورة الحج وخطوات الشيطان هى الهوى بسورة النساء هى السبل بسورة الأنعام والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله اتبعوا الإسلام كلكم أى لا تطيعوا وساوس الهوى إنه لكم كاره كبير ،يطلب الله من المؤمنين أن يدخلوا فى السلم كافة والمراد أن يطيعوا حكم الله كلهم وفسر هذا بأن لا يتبعوا خطوات الشيطان والمراد ألا يطيعوا أحكام الهوى وهو وساوس النفس والسبب أن هوى النفس وهو القرين أى الشهوات كاره عظيم أى مؤذى كبير لصاحبه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم "يفسره قوله بسورة البقرة "وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات "فالزلل هو الاختلاف والمعنى فإن عصيتم من بعد الذى أتاكم من الأحكام الإلهية فاعرفوا أن الله قوى قاضى ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن زلوا أى عصوا حكم الله من بعد ما جاءتهم البينات وهى أحكام الوحى فعليهم أن يعلموا أن الله عزيز حكيم والمراد أن يعرفوا أن الرب منتصر معاقب لهم قاضى بالعدل فيهم ، هناك جزء حذف من الآية وهو جزاء من زل وهو فاعلموا أن لكم عذاب النار .
"هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر وإلى الله ترجع الأمور " المعنى هل يترقبون إلا أن يجيئهم أمر الله فى برق من السحاب والملائكة؟ ووقع العذاب وإلى الرب تصير المخلوقات ،يسأل الله :هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة والمراد هل يتوقعون إلا أن يجيئهم عقاب الرب فى برق من السحاب والملائكة ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن الكفار يتوقعون مجىء عذاب الله فى برق من السحاب ومعه الملائكة وهو إذا جاء قضى الأمر أى وقع العذاب عليهم فيوم رؤيتهم الملائكة هو يوم العذاب مصداق لقوله بسورة الفرقان"يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا" وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير المخلوقات مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور" ،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"سل بنى إسرائيل كم أتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الإسراء"ولقد أتينا موسى تسع آيات بينات فسئل بنى إسرائيل"وقوله بسورة البقرة "ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل"وقوله بسورة آل عمران "ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب "وقوله بسورة البقرة "وإن الله شديد العذاب"فالآية البينة هى الآيات التى أعطيت لموسى(ص)كما بسورة الإسراء ونعمة الله هى الإيمان كما بسورة آل عمران هى آيات الله كما بسورة البقرة وتبدل النعمة كما بسورة البقرة هو الكفر بآيات الله كما بسورة آل عمران وشديد العقاب هو سريع الحساب كما بسورة البقرة هو شديد العذاب كما بسورة آل عمران والمعنى استخبر أولاد يعقوب كم أعطيناهم من علامة ظاهرة؟ ومن يغير حكم الله من بعد الذى أتاه فإن الله عظيم العقاب ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل بنى إسرائيل كم أتاهم من أية بينة أى كم أعطاهم من علامة واضحة حتى يؤمنوا؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص) كفر معظم اليهود بكل الآيات رغم كثرتها وليس الغرض العلم بعدد الآيات ،ويبين له أن من يبدل نعمة الله والمراد من يترك حكم الله إلى الكفر بعد الذى جاءه أى أتاه من الوحى فإن الله يعاقبه أشد العقاب لأنه شديد العقاب أى عظيم العذاب،ونلاحظ أن القول هو جزئين من آيتين وصلتا دون رابط فأول القول حتى بينة يتكلم عن سؤال بنى إسرائيل وأخر القول يتحدث عن طائفة أسلمت ثم كفرت وهو المحذوف لأنه يتكلم عن جزاء من يفعل الكفر بعد الإسلام.
"زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين أمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب"قوله "زين للذين كفروا الحياة الدنيا"يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا" فالحياة الدنيا المزينة هى شهوات النساء والبنين والمال والقوة والطعام والشراب والذين كفروا هم الناس والمعنى حسن للذين كذبوا حكم الله متاع الحياة الأولى ،يبين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قد زينوا أى حببوا لأنفسهم متاع الحياة الأولى ،وقوله" ويسخرون من الذين أمنوا"يفسره قوله تعالى بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فالسخرية هى الضحك على المؤمنين والمعنى ويضحكون على الذين صدقوا بوحى الله "يبين الله لنا أن الكفار يسخرون أى يستهزئون أى يضحكون على المسلمين بكل الطرق ،وقوله "والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب"يفسره قوله تعالى بسورة الزمر"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"فرزق من يشاء هو أجر الصابرين والمعنى والذين أطاعوا حكم الله أفضل من الكفار يوم البعث والله يعطى من يريد بغير عقاب،يبين الله لنا أن الذين اتقوا أى اتبعوا حكم الله فوق الكفار أى أحسن من الكفار مقاما فى يوم القيامة وهو يوم البعث كما قال تعالى بسورة مريم "أى الفريقين خير مقاما" والله يرزق من يشاء بغير حساب والمراد والله يدخل الجنة من يريد بدون عقاب وهذا يعنى أن المسلمين لا يدخلون النار أبدا فى يوم القيامة ومعنى الآية حبب للذين كذبوا حكم الله متاع الحياة الأولى ويستهزئون بالذين صدقوا والذين صدقوا بحكم الله أحسن منهم يوم البعث والله يعطى من يريد بغير عذاب،والخطاب للنبى(ص) وما بعده
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "قوله "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه "يفسره قوله تعالى بسورة الحديد"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب ليقوم الناس بالقسط" وقوله بسورة الشورى "الله الذى أنزل الكتاب بالحق والميزان" فبعث تعنى أرسلنا والنبيين هم الرسل(ص) والكتاب يحكم بين الناس أى يقوم الناس بالقسط والحق هو الميزان والمعنى كان الخلق جماعة متحدة فأرسل الله الرسل(ص) مفرحين للمطيعين لله ومخوفين للعاصين وأوحى لهم الحكم بالعدل ليفصل بين الخلق فيما تنازعوا فيه،يبين الله لنا أن الناس كانوا أمة واحدة أى جماعة متحدة فى الدين الكافر فبعث النبيين أى فأرسل لهم الرسل(ص)مبشرين أى مفرحين للمطيعين للوحى ومنذرين أى مخوفين للعاصين للوحى وفسر هذا بأنه أنزل معهم الكتاب بالحق والمراد أوحى لهم الوحى فيه العدل وهو حكمه والسبب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه والمراد ليفصل بين الخلق فى الذى تنازعوا فيه من القضايا،وقوله "وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم" يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران"وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم "فالبينات هى العلم والمعنى وما تفرق فيه إلا الذين علموه من بعد ما أتاهم العلم حسدا منهم ،يبين الله لنا أن الاختلاف وهو التفرق والمراد تكذيب وحى الله حدث من الذين أوتوا الكتاب من بعد ما جاءتهم البينات والمراد من بعد ما أبلغوا الوحى وهو العلم والسبب فى كفرهم البغى بينهم أى الحسد منهم والمراد أن كل منهم يريد التميز على الأخرين دون حق ، وقوله "فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه " يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "ويهديهم إلى صراط مستقيم"فالحق هو الصراط المستقيم والمعنى فأرشد الله الذين صدقوا لما تنازعوا فيه من العدل بأمره ،يبين الله لنا أنه قد هدى أى عرف الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله الحق والمراد القول الفصل فى الذى اختلفوا فيه وهى القضايا التى تنازعوا فيها وكان التعريف بإذنه أى بأمره وهو وحيه ،وقوله"والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "يفسره قوله تعالى بسورة الحج"وإن الله يهدى من يريد "وقوله بسورة الأحزاب"وهو يهدى السبيل"فمن يشاء هم من يريد والصراط هو السبيل والمعنى والله يرشد من يريد إلى الدين الحق الموصل للنعيم المستمر،يبين الله لنا أنه يهدى من يشاء والمراد يعرف من يريد الصراط المستقيم وهو الدين العادل الموصل للنعيم المستمر،ومعنى الآية كان الخلق جماعة واحدة فأرسل الله الرسل مفرحين ومخوفين أى أوحى لهم الوحى بالعدل ليفصل بين الخلق فيما تنازعوا فيه وما كذب به إلا الذين أعطوه من بعد ما أتاهم العلم ظلما منهم فأرشد الله الذين صدقوا للذى تنازعوا فيه من العدل بوحيه والله يرشد من يريد إلى دين عادل .
"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب"يفسر الآية قوله بسورة الأعراف "إن رحمة الله قريب من المحسنين" فنصر الله هو رحمته بسورة الأعراف والمعنى هل ظننتم أن تنالوا الجنة ولما يصبكم شبه الذين مضوا من قبلكم أصابهم الضرر أى الأذى وهزوا حتى يقول النبى والذين ناصروه متى رحمة الله إلا إن رحمة الله حادثة،يسأل الله المسلمين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة والمراد هل ظننتم أن تقيموا بالحديقة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم أى ولم يصبكم شبه الذين ماتوا من قبلكم مستهم البأساء أى الضراء أى أصابهم الأذى حتى يقول الرسول والذين معه :متى نصر أى متى تأتى رحمة الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار المسلمين أنهم لن يدخلوا الجنة حتى يصبروا على الضرر والأذى الذى يصيبهم فى سبيل الله مثلما صبر المسلمون قبلهم وإخبارهم أن تزلزل الإيمان من النبى (ص)والمسلمين شىء عادى يحدث ولكنه لا يجب أن يستمر ،ويبين لنا أن نصر الله وهو رحمته للمسلمين قريبة منهم أى واقعة لهم بشرط صبرهم أى طاعتهم لحكم الله والخطاب للمؤمنين.
"يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم"يفسر الآية قوله تعالى بنفس السورة " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو "وقوله "وما تنفقوا من خير "وقوله"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله "وقوله بسورة الإسراء"وآت ذى القربى حقه والمسكين وابن السبيل" فما ينفقون من خير هو العفو هو التقديم للنفس هو إيتاء الحق وكون الله عليم هو وجود الخير عند الله مكتوبا فى أم الكتاب والمعنى يستفهمون منك ماذا يعملون قل ما عملتم من صالح فللأبوين والأقارب وفاقدى الأباء وهم أطفال والمحتاجين وابن الطريق وما تعملوا من صالح فإن الله به خبير،يبين الله لرسوله(ص) أن المسلمين يسألونه ماذا ينفقون أى ماذا يعملون فى حياتهم؟ويطلب منه أن يجيبهم قائلا:ما أنفقتم من خير أى ما عملتم من عمل صالح فيجب أن يكون لكل من الوالدين وهم الأبوين والأقربين وهم جميع الأقارب مثل الأولاد والزوجة والإخوة واليتامى وهم من مات آبائهم وهم أطفال والمساكين وهم الذين يعملون ولا يكفيهم عائد العمل وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس معه مال يوصله لبلده ،ويبين الله للمسلمين أن ما يفعلوه من خير والمراد ما يصنعوه من الصالحات فالله به عليم أى خبير يثيب عليه والخطاب للنبى(ص) .
"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" قوله "كتب عليكم القتال وهو كره لكم "يعنى فرض عليكم الجهاد وهو بغيض لكم ،يبين الله للمسلمين أنه كتب عليهم القتال والمراد فرض عليهم الحرب وهى كره لهم أى بغيضة لهم لوجود الأذى فيها ،وقوله"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " يعنى وعسى أن تبغضوا أمرا وهو نفع لكم وعسى أن تريدوا أمرا وهو أذى لكم ،يبين الله للمؤمنين أنهم قد يكرهوا شيئا وهو خير لهم والمراد أنهم قد يبغضوا أمر وهو نافع لهم وأنهم قد يحبوا شىء وهو شر لهم والمراد قد يريدوا فعل أمر وهو مؤذى لهم فى الدنيا والأخرة ومن هنا فليس مقياس الحكم فى الإسلام ما يحبه الإنسان من نفع فى الدنيا،وقوله "والله يعلم وأنتم لا تعلمون "يعنى والله يعرف وأنتم لا تعرفون ،يبين الله للمؤمنين أنه يعلم أى يعرف ما هو الخير لهم وأما هم فلا يعلمون أى لا يعرفون الخير لهم فى الأمر أم الشر ولهذا عليهم أن ينفذوا ما يقول لهم فهو لا يريد بهم إلا الخير والخطاب للمؤمنين ومعنى الآية فرض عليكم الجهاد وهو ممقوت منكم وعسى أن تمقتوا أمرا وهو نفع لكم وعسى أن تريدوا أمرا وهو أذى لكم والله يعرف وأنتم لا تعرفون .
"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " قوله "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه"يعنى يا محمد يستفهمون منك عن الشهر الأمن هل يباح الجهاد فيه؟يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يسألونه عن القتال فى الشهر الحرام والمراد يستفهمون منه عن جواز الحرب فى الشهر الأمن ومن ثم يطلب منه أن يقول لهم "قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به"يعنى قل لهم الحرب فى الشهر الحرام جريمة أى رد عن دين الله أى عصيان له ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يجيب المسلمين :إن القتال وهو الحرب فى الشهر الحرام أى الأمن كبيرة أى جريمة وفسر هذا بأنه صد عن سبيل الله أى ارتداد عن دين الله وفسره بأنه كفر بالله أى تكذيب بدين الله ،وقوله"والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله "يعنى والبيت الآمن وطرد أصحابه منه أعظم جرما لدى الله،يبين الله لرسوله(ص) أن المسجد الحرام وهو البيت الآمن فى مكة إخراج أهله منه والمراد طرد قاصدى بيت الله منه أكبر عند الله أى أعظم ذنبا من القتال فيه عند أى فى كتاب الله ،وقوله "والفتنة أكبر من القتل"يفسره قوله بنفس السورة "والفتنة أشد من القتل"فأكبر تعنى أشد والمعنى والطرد أعظم ذنبا من الحرب فى مكة،يبين الله لرسوله(ص)أن الفتنة وهى طرد السكان من البيوت أكبر من القتل أى أعظم جرما فى كتاب الله من الحرب بمكة ،وقوله "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "يعنى ولا يفتأون يحاربونكم حتى يبعدوكم عن إسلامكم إن قدروا،يبين الله للمسلمين أن الكفار لا يزالون يقاتلونهم والمراد يستمرون فى حربهم حتى يردوكم عن دينكم والمراد حتى يبعدوكم عن إسلامكم ومن هنا نعرف أن هدف حرب الكفار للمسلمين هو أن يجعلوا المسلمين يكفرون بالإسلام لإطفاء نور الإسلام مصداق لقوله تعالى بسورة الصف"يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم"،وقوله"ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"يفسر القول قوله تعالى بسورة محمد"الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم" فحبوط الأعمال يعنى إضلالها أى خسرانها ويفسره قوله تعالى بسورة المائدة "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم"فالنار هى الجحيم ويفسره قوله تعالى بسورة الكهف"ماكثون فيها أبدا" فخالدون تعنى ماكثون فى النار والمعنى ومن يرجع منكم عن إسلامه فيهلك وهو مكذب بدين الله فأولئك خسرت أفعالهم فى الأولى والقيامة وأولئك أهل الجحيم هم فيه باقون،يبين الله لنا أن من يرتد منا عن دينه والمراد من يترك منا إسلامه فيمت وهو كافر أى ويهلك وهو مكذب بالإسلام إما بقتله عقابا على ردته أو يموت موتا عاديا فإن أعماله تحبط أى أفعاله تخسر ثوابها فى الدنيا وهى الأولى وفى الآخرة وهى القيامة ومن ثم فمصيره هو النار أى الجحيم ويكون خالدا فيها أى باقى فيها دون موت ومعنى الآية يستفهمون منك عن الشهر الآمن حرب فيه قل حرب فيه جريمة أى ردة عن دين الله أى تكذيب لدين الله وطرد قاصدى مكة من كعبتهم أعظم جرما فى كتاب الله والطرد أعظم جرما من الحرب فى مكة ولا يفتأون يحاربونكم حتى يبعدوكم عن إسلامكم إن قدروا ومن يترك إسلامه فيهلك وهو مكذب بدين الله فأولئك خسرت أفعالهم فى الأولى والقيامة وأولئك أهل الجحيم هم فيه باقون دون موت،والخطاب للنبى(ص)وما بعده.
"إن الذين أمنوا والذين هاجروا وجاهدوا فى سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم " يفسر الآية قوله تعالى بسورة الكهف "يريدون وجهه"فيرجون هى يريدون ورحمة الله هى وجهه أى ثوابه ومعنى الآية إن الذين صدقوا حكم الله أى الذين انتقلوا لدين الله أى عملوا على نصر دين الله أولئك يريدون ثواب الله والله عفو نافع ،يبين الله لنا أن الذين أمنوا وهم صدقوا بوحى الله وهم الذين هاجروا أى انتقلوا من دين الكفر لدين الإسلام وهم الذين جاهدوا فى سبيل الله أى الذين عملوا على طاعة دين الله يرجون رحمة الله والمراد يريدون ثواب الله فى الدنيا والآخرة بعملهم الصالح،ويبين الله لنا أنه غفور رحيم أى عفو عن الذنوب نافع للمستغفر لذنبه .
"واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج "ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات "وقوله بسورة البقرة "فلا جناح عليه"وقوله بسورة التغابن "وأطيعوا الله "وقوله بسورة القصص"وإليه ترجعون" فالأيام المعدودات هى المعلومات كما بسورة الحج والإثم هو الجناح كما بسورة البقرة واتقوا هى أطيعوا كما بسورة التغابن وتحشرون هى ترجعون كما بسورة القصص والمعنى ورددوا اسم الله فى أيام معلومات فمن أسرع فى يومين فلا عقاب عليه ومن أجل فلا عقاب عليه وأطيعوا الله واعرفوا أنكم إليه ترجعون ، يطلب الله من الحجاج أن يذكروا الله فى أيام معدودات والمراد أن يرددوا القرآن وتفسيره الإلهى أى أن يقرئوا القرآن وتفسيره الإلهى فى أيام معلومات أقلها يومين لمن تعجل أى أسرع فى العودة لبلده وأكثر من يومين لمن تأخر أى أجل عودته لبلده أكثر من يومين ويبين الله لنا أن المتعجل والمتأخر ليس عليهما إثم أى جناح أى عقاب ممثل فى الكفارة من صيام أو نفقة أو نسك ،ويطلب الله منا فيقول اتقوا الله أى أطيعوا حكم الله ويطلب منا أن نعلم أننا إليه نحشر والمراد أن نعرف أننا إلى جزائه نعود يوم القيامة.
"ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام "يفسر الآية قوله بسورة البقرة "ومن الناس من يقول أمنا بالله واليوم الأخر وما هم بمؤمنين "وقوله بسورة المنافقون"والله يشهد أن المنافقين لكاذبون "فالقول المعجب به من النبى (ص)هو :أمنا بالله واليوم الأخر وألد الخصام هو كذب المنافقين والمعنى ومن الخلق من يرضيك كلامه يا محمد فى المعيشة السابقة ويحكم الرب على الذى فى نفسه وهو أعظم الكفر ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس فريق يعجبه قوله فى الحياة الدنيا والمراد يرضيه حديثهم عن أنهم مؤمنون بحكم الله والقيامة فى الحياة الأولى ومع هذا فالله يشهد على أن ما فى قلوبهم هو ألد الخصام والمراد أن الله يعلم أن الذى فى نفوس المنافقين هو أكبر العداء للإسلام والغرض من القول هو إخبارنا ألا نصدق كل ما يقال لنا دون براهين تثبته ،والخطاب وما بعده للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد"يفسر الآية قوله بسورة محمد"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم "وقوله بسورة الزمر"ولا يرضى لعباده الكفر"فإفساد الأرض هو إهلاك الحرث والنسل هو تقطيع الأرحام بسورة محمد وعدم حب الله للفساد هو عدم رضاه بالكفر بسورة الزمر والمعنى وإذا انصرف سار فى البلاد ليظلم فيها أى يضر الخلق والبشر والرب لا يبيح الظلم ،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا الفريق المنافق إذا تولى أى تحرك من عند النبى (ص)سعى فى الأرض والمراد انتقل فى البلاد والسبب ليفسد فيها أى ليظلم خلق الله فيها وفسر الله هذا بأنه يهلك الحرث والنسل والمراد يؤذى خلق الله من نبات وحيوان وبشر بحكمه بغير حكم الله ويبين الله له أنه لا يحب الفساد أى لا يرضى الكفر والمراد لا يبيح الظلم بكل أنواعه .
"وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد" يفسر الآية قوله بسورة البقرة "وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"وقوله بسورة الرعد"فمأواهم جهنم"وقوله بسورة إبراهيم"وبئس القرار"فقول اتق الله يعنى لا تفسدوا فى الأرض كما بسورة البقرة وأخذ العزة للمنافق بالإثم هى قولهم أنهم مصلحون رغم أنهم مفسدون كما بسورة البقرة والحسب هو المأوى كما بسورة الرعد والمهاد هو القرار كما بسورة إبراهيم والمعنى وإذا قيل له أطع حكم الرب أضلته القوة بعمل الذنب فمقامه النار وساء المقام ،يبين الله لنبيه(ص)أن رد فعل المنافق على النصيحة هو أن تأخذه العزة بالإثم والمراد أن تأمره شهوة القوة بعمل الذنب فيعمله ولذا عقابه هو النار .
"ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد"يفسر الآية قوله بسورة التوبة "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة"وقوله بسورة البقرة "إن الله بالناس لرءوف رحيم "فمرضات الله هى الجنة كما بسورة التوبة ورءوف تعنى رحيم كما بسورة البقرة والمعنى ومن الخلق من يبيع حياته طلب جنة الرب والرب رحيم بالخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق فريق يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله والمراد فريق يعطى حياته فى سبيل الله طلبا لرحمة وهى جنة الله والله رءوف بهم أى والمراد والرب رحيم بهم أى معطى الجنة لهم .
"يا أيها الذين أمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "يفسر الآية قوله بسورة الحج"فله أسلموا" وقوله بسورة النساء"فلا تتبعوا الهوى"وقوله بسورة الأنعام "ولا تتبعوا السبل"فالدخول فى السلم وهو الإسلام كما بسورة الحج وخطوات الشيطان هى الهوى بسورة النساء هى السبل بسورة الأنعام والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله اتبعوا الإسلام كلكم أى لا تطيعوا وساوس الهوى إنه لكم كاره كبير ،يطلب الله من المؤمنين أن يدخلوا فى السلم كافة والمراد أن يطيعوا حكم الله كلهم وفسر هذا بأن لا يتبعوا خطوات الشيطان والمراد ألا يطيعوا أحكام الهوى وهو وساوس النفس والسبب أن هوى النفس وهو القرين أى الشهوات كاره عظيم أى مؤذى كبير لصاحبه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم "يفسره قوله بسورة البقرة "وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات "فالزلل هو الاختلاف والمعنى فإن عصيتم من بعد الذى أتاكم من الأحكام الإلهية فاعرفوا أن الله قوى قاضى ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن زلوا أى عصوا حكم الله من بعد ما جاءتهم البينات وهى أحكام الوحى فعليهم أن يعلموا أن الله عزيز حكيم والمراد أن يعرفوا أن الرب منتصر معاقب لهم قاضى بالعدل فيهم ، هناك جزء حذف من الآية وهو جزاء من زل وهو فاعلموا أن لكم عذاب النار .
"هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر وإلى الله ترجع الأمور " المعنى هل يترقبون إلا أن يجيئهم أمر الله فى برق من السحاب والملائكة؟ ووقع العذاب وإلى الرب تصير المخلوقات ،يسأل الله :هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة والمراد هل يتوقعون إلا أن يجيئهم عقاب الرب فى برق من السحاب والملائكة ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن الكفار يتوقعون مجىء عذاب الله فى برق من السحاب ومعه الملائكة وهو إذا جاء قضى الأمر أى وقع العذاب عليهم فيوم رؤيتهم الملائكة هو يوم العذاب مصداق لقوله بسورة الفرقان"يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا" وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير المخلوقات مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور" ،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"سل بنى إسرائيل كم أتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الإسراء"ولقد أتينا موسى تسع آيات بينات فسئل بنى إسرائيل"وقوله بسورة البقرة "ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل"وقوله بسورة آل عمران "ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب "وقوله بسورة البقرة "وإن الله شديد العذاب"فالآية البينة هى الآيات التى أعطيت لموسى(ص)كما بسورة الإسراء ونعمة الله هى الإيمان كما بسورة آل عمران هى آيات الله كما بسورة البقرة وتبدل النعمة كما بسورة البقرة هو الكفر بآيات الله كما بسورة آل عمران وشديد العقاب هو سريع الحساب كما بسورة البقرة هو شديد العذاب كما بسورة آل عمران والمعنى استخبر أولاد يعقوب كم أعطيناهم من علامة ظاهرة؟ ومن يغير حكم الله من بعد الذى أتاه فإن الله عظيم العقاب ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل بنى إسرائيل كم أتاهم من أية بينة أى كم أعطاهم من علامة واضحة حتى يؤمنوا؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص) كفر معظم اليهود بكل الآيات رغم كثرتها وليس الغرض العلم بعدد الآيات ،ويبين له أن من يبدل نعمة الله والمراد من يترك حكم الله إلى الكفر بعد الذى جاءه أى أتاه من الوحى فإن الله يعاقبه أشد العقاب لأنه شديد العقاب أى عظيم العذاب،ونلاحظ أن القول هو جزئين من آيتين وصلتا دون رابط فأول القول حتى بينة يتكلم عن سؤال بنى إسرائيل وأخر القول يتحدث عن طائفة أسلمت ثم كفرت وهو المحذوف لأنه يتكلم عن جزاء من يفعل الكفر بعد الإسلام.
"زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين أمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب"قوله "زين للذين كفروا الحياة الدنيا"يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا" فالحياة الدنيا المزينة هى شهوات النساء والبنين والمال والقوة والطعام والشراب والذين كفروا هم الناس والمعنى حسن للذين كذبوا حكم الله متاع الحياة الأولى ،يبين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قد زينوا أى حببوا لأنفسهم متاع الحياة الأولى ،وقوله" ويسخرون من الذين أمنوا"يفسره قوله تعالى بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فالسخرية هى الضحك على المؤمنين والمعنى ويضحكون على الذين صدقوا بوحى الله "يبين الله لنا أن الكفار يسخرون أى يستهزئون أى يضحكون على المسلمين بكل الطرق ،وقوله "والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب"يفسره قوله تعالى بسورة الزمر"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"فرزق من يشاء هو أجر الصابرين والمعنى والذين أطاعوا حكم الله أفضل من الكفار يوم البعث والله يعطى من يريد بغير عقاب،يبين الله لنا أن الذين اتقوا أى اتبعوا حكم الله فوق الكفار أى أحسن من الكفار مقاما فى يوم القيامة وهو يوم البعث كما قال تعالى بسورة مريم "أى الفريقين خير مقاما" والله يرزق من يشاء بغير حساب والمراد والله يدخل الجنة من يريد بدون عقاب وهذا يعنى أن المسلمين لا يدخلون النار أبدا فى يوم القيامة ومعنى الآية حبب للذين كذبوا حكم الله متاع الحياة الأولى ويستهزئون بالذين صدقوا والذين صدقوا بحكم الله أحسن منهم يوم البعث والله يعطى من يريد بغير عذاب،والخطاب للنبى(ص) وما بعده
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "قوله "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه "يفسره قوله تعالى بسورة الحديد"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب ليقوم الناس بالقسط" وقوله بسورة الشورى "الله الذى أنزل الكتاب بالحق والميزان" فبعث تعنى أرسلنا والنبيين هم الرسل(ص) والكتاب يحكم بين الناس أى يقوم الناس بالقسط والحق هو الميزان والمعنى كان الخلق جماعة متحدة فأرسل الله الرسل(ص) مفرحين للمطيعين لله ومخوفين للعاصين وأوحى لهم الحكم بالعدل ليفصل بين الخلق فيما تنازعوا فيه،يبين الله لنا أن الناس كانوا أمة واحدة أى جماعة متحدة فى الدين الكافر فبعث النبيين أى فأرسل لهم الرسل(ص)مبشرين أى مفرحين للمطيعين للوحى ومنذرين أى مخوفين للعاصين للوحى وفسر هذا بأنه أنزل معهم الكتاب بالحق والمراد أوحى لهم الوحى فيه العدل وهو حكمه والسبب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه والمراد ليفصل بين الخلق فى الذى تنازعوا فيه من القضايا،وقوله "وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم" يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران"وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم "فالبينات هى العلم والمعنى وما تفرق فيه إلا الذين علموه من بعد ما أتاهم العلم حسدا منهم ،يبين الله لنا أن الاختلاف وهو التفرق والمراد تكذيب وحى الله حدث من الذين أوتوا الكتاب من بعد ما جاءتهم البينات والمراد من بعد ما أبلغوا الوحى وهو العلم والسبب فى كفرهم البغى بينهم أى الحسد منهم والمراد أن كل منهم يريد التميز على الأخرين دون حق ، وقوله "فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه " يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "ويهديهم إلى صراط مستقيم"فالحق هو الصراط المستقيم والمعنى فأرشد الله الذين صدقوا لما تنازعوا فيه من العدل بأمره ،يبين الله لنا أنه قد هدى أى عرف الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله الحق والمراد القول الفصل فى الذى اختلفوا فيه وهى القضايا التى تنازعوا فيها وكان التعريف بإذنه أى بأمره وهو وحيه ،وقوله"والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "يفسره قوله تعالى بسورة الحج"وإن الله يهدى من يريد "وقوله بسورة الأحزاب"وهو يهدى السبيل"فمن يشاء هم من يريد والصراط هو السبيل والمعنى والله يرشد من يريد إلى الدين الحق الموصل للنعيم المستمر،يبين الله لنا أنه يهدى من يشاء والمراد يعرف من يريد الصراط المستقيم وهو الدين العادل الموصل للنعيم المستمر،ومعنى الآية كان الخلق جماعة واحدة فأرسل الله الرسل مفرحين ومخوفين أى أوحى لهم الوحى بالعدل ليفصل بين الخلق فيما تنازعوا فيه وما كذب به إلا الذين أعطوه من بعد ما أتاهم العلم ظلما منهم فأرشد الله الذين صدقوا للذى تنازعوا فيه من العدل بوحيه والله يرشد من يريد إلى دين عادل .
"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب"يفسر الآية قوله بسورة الأعراف "إن رحمة الله قريب من المحسنين" فنصر الله هو رحمته بسورة الأعراف والمعنى هل ظننتم أن تنالوا الجنة ولما يصبكم شبه الذين مضوا من قبلكم أصابهم الضرر أى الأذى وهزوا حتى يقول النبى والذين ناصروه متى رحمة الله إلا إن رحمة الله حادثة،يسأل الله المسلمين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة والمراد هل ظننتم أن تقيموا بالحديقة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم أى ولم يصبكم شبه الذين ماتوا من قبلكم مستهم البأساء أى الضراء أى أصابهم الأذى حتى يقول الرسول والذين معه :متى نصر أى متى تأتى رحمة الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار المسلمين أنهم لن يدخلوا الجنة حتى يصبروا على الضرر والأذى الذى يصيبهم فى سبيل الله مثلما صبر المسلمون قبلهم وإخبارهم أن تزلزل الإيمان من النبى (ص)والمسلمين شىء عادى يحدث ولكنه لا يجب أن يستمر ،ويبين لنا أن نصر الله وهو رحمته للمسلمين قريبة منهم أى واقعة لهم بشرط صبرهم أى طاعتهم لحكم الله والخطاب للمؤمنين.
"يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم"يفسر الآية قوله تعالى بنفس السورة " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو "وقوله "وما تنفقوا من خير "وقوله"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله "وقوله بسورة الإسراء"وآت ذى القربى حقه والمسكين وابن السبيل" فما ينفقون من خير هو العفو هو التقديم للنفس هو إيتاء الحق وكون الله عليم هو وجود الخير عند الله مكتوبا فى أم الكتاب والمعنى يستفهمون منك ماذا يعملون قل ما عملتم من صالح فللأبوين والأقارب وفاقدى الأباء وهم أطفال والمحتاجين وابن الطريق وما تعملوا من صالح فإن الله به خبير،يبين الله لرسوله(ص) أن المسلمين يسألونه ماذا ينفقون أى ماذا يعملون فى حياتهم؟ويطلب منه أن يجيبهم قائلا:ما أنفقتم من خير أى ما عملتم من عمل صالح فيجب أن يكون لكل من الوالدين وهم الأبوين والأقربين وهم جميع الأقارب مثل الأولاد والزوجة والإخوة واليتامى وهم من مات آبائهم وهم أطفال والمساكين وهم الذين يعملون ولا يكفيهم عائد العمل وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس معه مال يوصله لبلده ،ويبين الله للمسلمين أن ما يفعلوه من خير والمراد ما يصنعوه من الصالحات فالله به عليم أى خبير يثيب عليه والخطاب للنبى(ص) .
"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" قوله "كتب عليكم القتال وهو كره لكم "يعنى فرض عليكم الجهاد وهو بغيض لكم ،يبين الله للمسلمين أنه كتب عليهم القتال والمراد فرض عليهم الحرب وهى كره لهم أى بغيضة لهم لوجود الأذى فيها ،وقوله"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " يعنى وعسى أن تبغضوا أمرا وهو نفع لكم وعسى أن تريدوا أمرا وهو أذى لكم ،يبين الله للمؤمنين أنهم قد يكرهوا شيئا وهو خير لهم والمراد أنهم قد يبغضوا أمر وهو نافع لهم وأنهم قد يحبوا شىء وهو شر لهم والمراد قد يريدوا فعل أمر وهو مؤذى لهم فى الدنيا والأخرة ومن هنا فليس مقياس الحكم فى الإسلام ما يحبه الإنسان من نفع فى الدنيا،وقوله "والله يعلم وأنتم لا تعلمون "يعنى والله يعرف وأنتم لا تعرفون ،يبين الله للمؤمنين أنه يعلم أى يعرف ما هو الخير لهم وأما هم فلا يعلمون أى لا يعرفون الخير لهم فى الأمر أم الشر ولهذا عليهم أن ينفذوا ما يقول لهم فهو لا يريد بهم إلا الخير والخطاب للمؤمنين ومعنى الآية فرض عليكم الجهاد وهو ممقوت منكم وعسى أن تمقتوا أمرا وهو نفع لكم وعسى أن تريدوا أمرا وهو أذى لكم والله يعرف وأنتم لا تعرفون .
"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " قوله "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه"يعنى يا محمد يستفهمون منك عن الشهر الأمن هل يباح الجهاد فيه؟يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يسألونه عن القتال فى الشهر الحرام والمراد يستفهمون منه عن جواز الحرب فى الشهر الأمن ومن ثم يطلب منه أن يقول لهم "قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به"يعنى قل لهم الحرب فى الشهر الحرام جريمة أى رد عن دين الله أى عصيان له ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يجيب المسلمين :إن القتال وهو الحرب فى الشهر الحرام أى الأمن كبيرة أى جريمة وفسر هذا بأنه صد عن سبيل الله أى ارتداد عن دين الله وفسره بأنه كفر بالله أى تكذيب بدين الله ،وقوله"والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله "يعنى والبيت الآمن وطرد أصحابه منه أعظم جرما لدى الله،يبين الله لرسوله(ص) أن المسجد الحرام وهو البيت الآمن فى مكة إخراج أهله منه والمراد طرد قاصدى بيت الله منه أكبر عند الله أى أعظم ذنبا من القتال فيه عند أى فى كتاب الله ،وقوله "والفتنة أكبر من القتل"يفسره قوله بنفس السورة "والفتنة أشد من القتل"فأكبر تعنى أشد والمعنى والطرد أعظم ذنبا من الحرب فى مكة،يبين الله لرسوله(ص)أن الفتنة وهى طرد السكان من البيوت أكبر من القتل أى أعظم جرما فى كتاب الله من الحرب بمكة ،وقوله "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "يعنى ولا يفتأون يحاربونكم حتى يبعدوكم عن إسلامكم إن قدروا،يبين الله للمسلمين أن الكفار لا يزالون يقاتلونهم والمراد يستمرون فى حربهم حتى يردوكم عن دينكم والمراد حتى يبعدوكم عن إسلامكم ومن هنا نعرف أن هدف حرب الكفار للمسلمين هو أن يجعلوا المسلمين يكفرون بالإسلام لإطفاء نور الإسلام مصداق لقوله تعالى بسورة الصف"يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم"،وقوله"ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"يفسر القول قوله تعالى بسورة محمد"الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم" فحبوط الأعمال يعنى إضلالها أى خسرانها ويفسره قوله تعالى بسورة المائدة "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم"فالنار هى الجحيم ويفسره قوله تعالى بسورة الكهف"ماكثون فيها أبدا" فخالدون تعنى ماكثون فى النار والمعنى ومن يرجع منكم عن إسلامه فيهلك وهو مكذب بدين الله فأولئك خسرت أفعالهم فى الأولى والقيامة وأولئك أهل الجحيم هم فيه باقون،يبين الله لنا أن من يرتد منا عن دينه والمراد من يترك منا إسلامه فيمت وهو كافر أى ويهلك وهو مكذب بالإسلام إما بقتله عقابا على ردته أو يموت موتا عاديا فإن أعماله تحبط أى أفعاله تخسر ثوابها فى الدنيا وهى الأولى وفى الآخرة وهى القيامة ومن ثم فمصيره هو النار أى الجحيم ويكون خالدا فيها أى باقى فيها دون موت ومعنى الآية يستفهمون منك عن الشهر الآمن حرب فيه قل حرب فيه جريمة أى ردة عن دين الله أى تكذيب لدين الله وطرد قاصدى مكة من كعبتهم أعظم جرما فى كتاب الله والطرد أعظم جرما من الحرب فى مكة ولا يفتأون يحاربونكم حتى يبعدوكم عن إسلامكم إن قدروا ومن يترك إسلامه فيهلك وهو مكذب بدين الله فأولئك خسرت أفعالهم فى الأولى والقيامة وأولئك أهل الجحيم هم فيه باقون دون موت،والخطاب للنبى(ص)وما بعده.
"إن الذين أمنوا والذين هاجروا وجاهدوا فى سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم " يفسر الآية قوله تعالى بسورة الكهف "يريدون وجهه"فيرجون هى يريدون ورحمة الله هى وجهه أى ثوابه ومعنى الآية إن الذين صدقوا حكم الله أى الذين انتقلوا لدين الله أى عملوا على نصر دين الله أولئك يريدون ثواب الله والله عفو نافع ،يبين الله لنا أن الذين أمنوا وهم صدقوا بوحى الله وهم الذين هاجروا أى انتقلوا من دين الكفر لدين الإسلام وهم الذين جاهدوا فى سبيل الله أى الذين عملوا على طاعة دين الله يرجون رحمة الله والمراد يريدون ثواب الله فى الدنيا والآخرة بعملهم الصالح،ويبين الله لنا أنه غفور رحيم أى عفو عن الذنوب نافع للمستغفر لذنبه .