- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
نعيش اليوم في بيئة من معدلات الفائدة المنخفضة، حيث تكون تكلفة الاقتراض للحكومات والمؤسسات أقل من المتوسط التاريخي.
ومن السهل رؤية أن معدلات الفائدة تدور حول مستويات منخفضة خلال السنوات الماضية؛ لكن هل كنت تعلم أنها كذلك عند أدنى مستوى منذ 670 عاماً؟
ويستعرض تلك اللمحة التاريخية بشأن معدلات الفائدة الكاتب "نيكولاس ليبان" خلال رؤية تحليلية نشرها منتدى الاقتصادي العالمي.
ويوضح الرسم البياني التالي معدلات الفائدة المفروضة على القروض التي يعود تاريخها إلى العقد السادس من القرن الرابع عشر، والذي يشير إلى التاريخ المتناقص لتكلفة الديون.
ولم تكن أبداً الأموال التي تقترضها الحكومات أرخص تكلفة مما هي عليه اليوم.
نشأة الدرجة الاستثمارية
ساهمت التجارة في جلب العديد من الأفكار الإيجابية لأوروبا، بينما ساعدت في تحفيز النهضة أو ما يعرف بـ"Renaissance" وتنمية الاقتصاد المالي.
وتساعد الموانئ والدول التجارية الأوروبية الرئيسية مثل جمهورية جنوة أو هولندا خلال عصر النهضة على توفير مؤشر جيد لرصد تكلفة الاقتراض في بداية تاريخ معدلات الفائدة.
جمهورية جنوة: معدل الاقتراض من 4 إلى 5 أعوام
وأصبحت جنوة شريكاً صغيراً للإمبراطورية الإسبانية، حيث قامت المصارف في جنوة بتمويل العديد من المساعي الخارجية للتاج الإسباني (الملكية في إسبانيا).
وقدمت المصارف في جنوة للعائلة المالكة في إسبانيا الائتمان والدخل المنتظم، كما حول التاج الإسباني كذلك شحنات الفضة العالمية الجديدة إلى رؤوس أموال لتمويل مزيداً من المشاريع من خلال المصارف في جنوة.
السندات الأبدية الهولندية
السندات الأبدية أو المستديمة هي سندات ليس لها موعد استحقاق، ويمكن للمستثمرين معاملة هذا النوع من السندات مثل الأسهم وليس الديون.
ويدفع المصدرون للسند كوبون على السندات المستديمة للأبد كما أنه لا يجب عليهم سداد أصل رأس المال، مثلما هو الوضع في توزيعات الأرباح من شركة مضمونة الربحية.
وبحلول عام 1640، كان هناك قدر كبير من الثقة في الدين العام لهولندا، الأمر الذي جعل من الممكن إعادة تمويل الديون المستحقة بمعدل فائدة يبلغ 5 بالمائة.
وأصدر المقترضون من المقاطعات والبلديات في هولندا ثلاثة أنواع من الديون:
أولاً: السندات الإذنية أو Promissory notes أو (Obligatiën): وهي ديون قصيرة الآجل تكون في شكل سندات لحاملها كما تكون قابلة للتفاوض والتداول بسهولة.
ثانياً: السندات القابلة للاسترداد أو Redeemable bonds أو (Losrentrn): وهي تدفع فائدة سنوية لصاحب السند والذي يظهر اسمه في دفتر الأستاذ العام للدين حتى يتم سداد القرض.
ثالثاً: سندات الاستحقاقات السنوية مدى الحياة أو Life annuities (Lijfrenten): وتمثل الفائدة المدفوعة خلال فترة حياة المشتري، حيث تلغي وفاة صاحب السند أصل رأس المال.
وعلى عكس الدول الأخرى التي تشهد قيام البنوك الخاصة بإصدار ديون عامة، فإن هولندا تعاملت بشكل مباشر مع حملة السند المحتملين.
وقام هولندا بإصدار سندات ذات كوبونات صغيرة تجذب صغار المدخرين مثل الحرفيين وغالبا النساء.
حكم بريطانيا: السندات البريطانية
في عام 1752، قامت الحكومة البريطانية بتحويل كافة ديونها المصدرة إلى سند واحد، وهو سندات الاستحقاق السنوية الموحدة (وهي سندات حكومية بدون آجل استحقاق) بفائدة تبلغ 3.5 بالمائة من أجل خفض معدل الفائدة الذي تدفعه.
وبعد 5 أعوام، تراجع معدل الفائدة السنوي على السند إلى 3 بالمائة، الأمر الذي أدى إلى تعديل فائدة الاستحقاق السنوي الموحدة على السند إلى 3 بالمائة.
وظل الكوبون (الفائدة على السند) عند 3 بالمائة حتى عام 1888، عندما قام وزير المالية بتحويل سندات الاستحقاق السنوي الموحدة البالغة 3 بالمائة جنباً إلى جنب مع خفض الأقساط السنوية البالغة 3 بالمائة في عام 1752 والأقساط السنوية الجديدة البالغة 3 بالمائة والصادرة في عام 1855 إلى سند جديد، بفائدة موحدة للسند تبلغ 2.75 بالمائة.
كما تم خفض معدل الفائدة إلى 2.5 بالمائة في عام 1903.
وصعدت معدلات الفائدة لفترة قصيرة في عام 1927 عندما أصدر "ونستون تشرشل" السندات الحكومية الجديدة، بفائدة موحدة 4 بالمائة، كإعادة تمويل جزئي لسندات الحرب والتي صدرت خلال فترة الحرب العالمية الأولى.
الهيمنة الأمريكية: سندات الخزانة الأمريكية
مرر الكونجرس الأمريكي قانوناً في عام 1870 والذي يسمح بإصدار ثلاث أنواع منفصلة من السندات مع امتياز الاسترداد بعد 10 و15 و30 عاماً.
وكانت تلك هي البداية لما أصبح يعرف باسم أذون وسندات الخزانة، وهي المعيار الحديث لمعدلات الفائدة.
التضخم الحاد في سبعينيات القرن العشرين
في سبعينيات القرن الماضي، كانت أسواق الأسهم العالمية تشهد حالة من الفوضى، وفي غضون 18 شهراً، فقدت حوالي 40 بالمائة من قيمتها.
وفيما يقرب من عقد، أراد عدد قليل من الناس الاستثمار في الأسواق العالمية، كما كان النمو الاقتصادي ضعيفاً، ما أدى لارتفاع معدل البطالة لمستوى أعلى 10 بالمائة.
وأدت سياسات معدلات الفائدة المنخفضة التي اتبعها الفيدرالي في أوائل السبعينيات إلى التوظيف الكامل للعمالة، لكنها تسببت كذلك في زيادة معدل التضخم.
وفي ظل قيادة جديدة قام البنك المركزي بعكس سياساته ورفع معدلات الفائدة إلى 20 بالمائة في محاولة لإعادة إحياء الرأسمالية.
بالنظر للمستقبل: الأموال الرخيصة
ومنذ ذلك الحين، تراجعت معدلات الفائدة على الديون الحكومية بسرعة في حين توسع الاقتصاد العالمي بشكل سريع.
وعلاوة على ذلك، دفعت الأزمات المالية معدلات الفائدة إلى مستويات أعلى قليلاً من الصفر من أجل تحفيز الإنفاق والاستثمار.
ومن الواضح أن منحنى الإقراض يميل تجاه معدلات الفائدة الآخذة في الهبوط باستمرار، لكن إلى أيّ مدى يمكن أن تنخفض؟