رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
سورة إبراهيم
سميت بهذا الاسم لذكر قصة إبراهيم(ص)فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد"المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل وحى أوحيناه لك لتبعد الخلق من الضلالات إلى الهدى بأمر إلههم إلى دين القوى الشاكر ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله وهو الرب الرحمن الرحيم أى النافع المفيد باسمه والمراد بحكمه الر كتاب أنزلناه إليك وهذا يعنى أن الله قد حكم أن العدل هو آيات القرآن أى الوحى أوحيناه لك مصداق لقوله بسورة النمل"تلك آيات القرآن "والسبب فى إنزال الوحى عليه هو أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور والمراد أن يبعد الخلق عن الكفر إلى الإسلام بإذن ربهم والمراد بأمر خالقهم وفسر النور بأنه صراط العزيز الحميد والمراد دين القوى الشاكر والرسول يهديهم إليه أى يعرفهم به والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"الله الذى له ما فى السموات وما فى الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك فى ضلال بعيد"المعنى الله الذى يملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وألم للمكذبين من عقاب عظيم يفضلون المعيشة الأولى على جنة القيامة ويبعدون عن دين الله ويريدونها ظالمة أولئك فى عذاب مستمر ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله له ما فى السموات وما فى الأرض والمراد يملك الذى فى السموات والأرض من المخلوقات مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض "ويبين له أن الويل وهو الألم نصيب الكافرين أى الظالمين من العذاب الشديد وهو العقاب الأليم مصداق لقوله بسورة الزخرف"فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم "والكفار يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة أى يفضلون متاع المعيشة الأولى على متاع القيامة أى يفضلون الكفر على الإيمان مصداق التوبة "استحبوا الكفر على الإيمان "وفسرهم بأنهم يصدون عن سبيل الله والمراد يبعدون عن دين الله وفسرهم بأنهم يبغونها عوجا أى يريدون الدنيا محكومة بالظلم وهو الجهل مصداق لقوله بسورة الأنعام "أفحكم الجاهلية يبغون "ويبين لنا أنهم فى ضلال بعيد أى فى عذاب مستمر فى الآخرة مصداق لقوله بسورة سبأ"بل الذين لا يؤمنون بالآخرة فى العذاب والضلال البعيد".
"وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وهو العزيز الحكيم "المعنى وما بعثنا من مبعوث إلا بلغة ناسه فيبعد من يريد ويقرب من يريد وهو القوى القاضى ،يبين الله لنبيه(ص)أن ما من رسول أرسله الله والمراد ما من مبعوث بعثه إلى قومه إلا كانت رسالته بلسان قومه أى بلغة شعبه والمراد أنه أرسل كل نبى بلغة شعبه والسبب أن يبين لهم أى يوضح لهم ما يريد منهم ونتيجة الإرسال هى أن يضل من يشاء أى يعذب من يريد وهو من يكفر أى ويرحم من يريد وهو من يؤمن مصداق لقوله العنكبوت "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"والله هو العزيز أى القوى وهو الحكيم أى القاضى بالعدل والخطاب وما بعده من قصى موسى(ص) للنبى(ص).
"ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور "المعنى ولقد بعثنا موسى (ص)بعلاماتنا أن أبعد أهلك عن الضلالات إلى الحق أى أعلمهم بأحكام الله أن فى ذلك لعظات لكل مطيع متبع ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل موسى بآياته والمراد بعث موسى (ص)بعلاماته من معجزات ووحى لقومه وفى هذا قال بسورة الأعراف"ثم بعثنا من بعد موسى بآياتنا"والسبب فى بعثه أن يخرج قومه من الظلمات إلى النور والمراد أن يبعد ناسه عن الكفر إلى الإسلام وفسر هذا بأنه يذكرهم بأيام الله أى يعرفهم آيات الله مصداق لقوله بسورة الكهف"وذكر بآيات ربه "ويبين الله أن فى ذلك وهو ما حدث لموسى (ص)وقومه آيات أى عظات لكل صبار شكور أى مطيع متبع للوحى .
"وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم "المعنى وقد قال موسى (ص)لشعبه اعلموا رحمة الله بكم حين أنقذكم من قوم فرعون يذيقونكم أشد العقاب أى يقتلون أولادكم ويستعبدون إناثكم وفى ذلكم اختبار من إلهكم كبير ،يبين الله لنبيه (ص) أن موسى (ص)قال لقومه وهم شعبه :اذكروا نعمة الله عليكم والمراد اعرفوا فضل الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون أى حين أنقذكم من قوم فرعون يسومونكم سوء العذاب أى يذيقونكم أشد العقاب ويذبحون أبناءكم أى "يقتلون أبناءكم "كما قال بسورة الأعراف والمراد يقتلون أولادكم ويستحيون نساءكم أى ويستعبدون أى يستخدمون إناثكم خادمات وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم أى وفى العذاب اختبار من إلهكم كبير وهذا يعنى أن بنى إسرائيل قسمهم فرعون قسم للقتل هو العيال وقسم للاستحياء وهو الاستعباد وهو النساء والقسم الثالث وهو الرجال ليتجرعوا ذل قتل أولادهم واستعباد أهلهم .
"وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد "المعنى وقد قال إلهكم لئن أطعتم لأرحمنكم ولئن كذبتم إن عقابى لعظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لقومه :وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم والمراد وقد حكم إلهكم لئن أطعتم الله لأرحمنكم أى أجعلكم تفوزون مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"ولئن كفرتم إن عذابى لشديد أى ولئن عصيتم الله إن عقابى لكم عظيم وهو النار مصداق لقول بسورة الجن"ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم".
"وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد"المعنى وقال موسى (ص)إن تعصوا أنتم ومن فى البلاد كلهم فإن الله لرزاق شاكر ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لهم :إن تكفروا أى تعصوا حكم الله أنتم ومن فى الأرض وهى البلاد جميعا فإن الله لغنى حميد أى لمستكفى شاكر من يطيع حكمه وهذا يعنى أن موسى (ص)يقول لهم إن الله مستكفى لا تغنيه عبادتهم له ولا يفقره تكذيبهم له .
"ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب "المعنى هل لم يبلغكم خبر الذين من قبلكم شعب نوح(ص)وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعرفهم إلا الله أتتهم مبعوثوهم بالآيات فجعلوا نياتهم على ألسنتهم وقالوا إنا كذبنا بما بعثتم به وإنا لفى تكذيب للذى تقولون لنا عظيم ،يسأل الله الناس :ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم والمراد هل لم تبلغكم قصص الذين من قبلكم قوم أى شعب نوح(ص)وعاد وثمود والذين من بعد وفاتهم لا يعلمهم أى لا يعرفهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات أى أتتهم مبعوثوهم بالآيات المعجزة والوحى فكانت النتيجة أن ردوا أيديهم فى أفواههم والمراد جعلوا نياتهم على ألسنتهم والمراد أظهروا الذى فى قلوبهم بكلماتهم فقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به والمراد إنا كذبنا بالذى بعثتم به وهو حكم الله ومعجزاته وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب والمراد وإنا لفى كفر بالذى تطالبوننا بطاعته عظيم وهذا يعنى أنهم أعلنوا كفرهم للرسل(ص).
"قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين "المعنى قالت مبعوثوهم أبدين الله باطل خالق السموات والأرض يناديكم ليعفو عن خطاياكم ويبقيكم إلى موعد محدد قالوا إن أنتم إلا ناس شبهنا تحبون أن تردونا عن الذى كان يطيع آباؤنا فجيئونا بدليل واضح ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرسل(ص)قالت للأقوام أفى الله شك والمراد أبدين الله باطل ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن دين الله ليس به باطل أى ظلم أى كذب فهو فاطر السموات والأرض أى "خالق كل شىء "مصداق لقوله بسورة الرعد ،يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم أى يناديكم ليترك عقابكم على سيئاتكم وهذا يعنى أن الله يريد أن يطهرهم ليدخلهم الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "والله يدعوا للجنة والمغفرة "ويؤخركم إلى أجل مسمى والمراد ويبقيكم حتى موعد محدد وهذا يعنى أنه يبقى على حياتهم الدنيا حتى موعد موتهم فقالت الأقوام إن أنتم إلا بشر مثلنا أى إن أنتم إلا ناس شبهنا وهذا يعنى أنهم لا يتميزون عنهم بشىء حتى يطلبوا منهم عبادة الله وقالوا :تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا والمراد تحبون أن تبعدونا عن الذى كان يطيع آباؤنا وهذا يعنى أن هدف الرسل(ص)فى رأى الكفار هو إبعادهم عن دين الأباء وقالوا فأتونا بسلطان مبين أى فجيئونا ببرهان واضح وهذا يعنى أنهم يطلبون من الرسل(ص)إحضار معجزة ليثبتوا صدق رسوليتهم والخطاب وما بعده للناس حتى نهاية قصة القوم.
"قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن تأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون "المعنى قالت لهم مبعوثوهم إن نحن إلا ناس شبهكم ولكن يتفضل الله على من يريد من خلقه وما كان لنا أن نجيئكم بمعجزة إلا بأمر الله وبطاعة الله فليحتمى المحتمون وما لنا ألا نحتمى بطاعة الله وقد عرفنا أحكامنا ولنطيعن الله رغم ما أضررتمونا وبطاعة الله فليحتمى المحتمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرسل وهم الأنبياء(ص)قالوا للأقوام إن نحن إلا بشر مثلكم والمراد نحن ناس شبهكم وهذا يعنى إقرارهم ببشريتهم وأنهم لا يتميزون عنهم ،وقالوا ولكن الله يمن على من يشاء من عباده أى ولكن الله يتفضل على من يريد وهذا يعنى أنهم يقولون أن الله هو الذى ميزهم عن غيرهم من البشر برسالتهم ولم يميزوا هم أنفسهم وقالوا وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله والمراد ما كان لنا أن نحضر لكم معجزة إلا بأمر الله وهذا يعنى أن الرسل(ص)يقرون أنهم لا يقدرون على الإتيان بالمعجزات إلا بعد أن يريد الله ،وقالوا وعلى الله فليتوكل المؤمنون والمراد وبطاعة حكم الله فليحتمى المصدقون وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا والمراد وما لنا ألا نحتمى بطاعة حكم الله من عذابه وقد علمنا أحكامنا وهذا يعنى أن الله ما دام قد هداهم أى علمهم أحكامه فقد وجب عليهم طاعتها وقالوا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون والمراد ولنتبعن حكم الله رغم ما أضررتمونا وبطاعة حكم الله فليحتمى المحتمون ،وهذا يعنى أنهم سيطيعون حكم الله برغم الضرر الذى يصيبهم الكفار به وفسروا هذا بأنهم يتوكلون على الله أى يحتمون بطاعة حكم الله من كل أذى .
"وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكنكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيد"المعنى وقال الذين كذبوا لأنبيائهم لنطردنكم من بلادنا أو لترجعن إلى ديننا فألقى لهم خالقهم لندمرن الكافرين ولنعطينكم البلاد من بعد دمارهم ذلك لمن خشى عقابى أى خشى عذابى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لرسلهم وهم مبعوثى الله :لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا أى لنطردنكم من بلادنا أو لترجعن إلى ديننا وهذا يعنى أنهم خيروهم بين الطرد من البلاد وبين العودة إلى الكفر فأوحى إليهم ربهم والمراد فألقى إلى الرسل(ص)خالقهم الوحى التالى لنهلكن الظالمين والمراد لندمرن الكافرين وهذا يعنى أنه سيميتهم ،ولنسكننكم الأرض من بعدهم والمراد ولنعطينكم البلاد من بعد دمارهم وهذا يعنى أنه يعطيهم وراثة الأرض مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إن الأرض يرثها عبادى الصالحون " ذلك وهو الوراثة لمن خاف مقامى أى خاف وعيد والمراد من خشى عذاب الله مصداق لقوله بسورة هود"لمن خاف عذاب الآخرة ".
"واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان بميت ومن ورائه عذاب غليظ "المعنى واستعجلوا وخسر كل متكبر عاصى من خلفه النار ويروى من سائل كريه يشربه ولا يكاد يقبله ويجيئه الألم من كل مكان وما هو بمستريح ومن خلفه عقاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار استفتحوا والمراد استعجلوا العذاب وخاب كل جبار عنيد والمراد خسر كل متكبر مخالف لوحى الله من ورائه جهنم والمراد ومن خلف عذاب الدنيا للكافر عذابا دائما هو عذاب النار ويبين له أن الكافر يسقى من ماء صديد أى يروى من سائل كريه هو الغساق وهو يتجرعه أى يشربه على دفعات ولا يكاد يسيغه والمراد ولا يهم يقبله وهذا يعنى أن طعم هذا الماء كريه غير مقبول أبدا والكافر يأتيه الموت من كل مكان فى جهنم والمراد تجيئه أسباب الهلاك من كل جهة فتؤلمه ومع ذلك فليس بميت أى بمستريح من هذا الألم ومن وراء العذاب أى من بعد العقاب عذاب غليظ أى عقاب مؤلم آخر وهذا يعنى العذاب فى النار مستمر لا ينتهى والخطاب وما بعده ومابعده للنبى(ص) .
"مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شىء ذلك هو الضلال البعيد"المعنى شبه الذين كذبوا بخالقهم أفعالهم كتراب أطاحت به الرياح فى يوم شديد لا يستطيعون مما عملوا على أمر ذلك هو التيه العظيم ،يبين الله لللنبى(ص) أن مثل أعمال الذين كفروا بربهم والمراد أن شبه أفعال الذين كذبوا بحكم خالقهم هو رماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف أى تراب أطاح به الهواء فى يوم كثير الهواء المتحرك ووجه الشبه هو الأعمال هى الرماد واشتداد الريح بالرماد فى يوم عاصف معناه ضياع التراب فى كل جهة وكذلك أعمال الكافر ضاعت فى كل شهوة من الشهوات التى هى آلهته التى يعبدها ولذا فهى هباء منثور ،من أجل ذلك لا يقدرون مما كسبوا على شىء والمراد لا يستطيعون من الذى عملوا على أمر وهذا يعنى أنهم لا يستطيعون عمل أى إنقاذ لهم بسبب ما صنعوا من السيئات ويبين الله لنا أن ذلك وهو العمل الكفرى هو الضلال البعيد أى الكفر العظيم .
"ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز "المعنى هل لم تعلم أن الله أنشأ السموات والأرض للعدل إن يرد يميتكم ويجىء بناس آخرين وما ذلك على الله بممتنع ،يسأل الله نبيه(ص)ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق والمراد ألم تعرف أن الله أنشأ السموات والأرض للعدل ؟والغرض من السؤال هو إخبار كل إنسان أن سبب خلق السموات والأرض هو إقامة الحق وهو العدل فيها ،ويبين للناس إن يشأ يذهبكم والمراد إن يرد الله يفنيكم ويأت بخلق آخرين والمراد ويستخلف ناس آخرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"ويستخلف من بعدكم ما يشاء"ويبين أن ذلك وهو الذهاب أى التدمير والإتيان بخلق جديد ليس على الله بعزيز أى ليس بممتنع وإنما يسير مصداق لقوله بسورة التغابن"ذلك على الله يسير "والقول حتى بالحق خطاب للنبى (ص)محذوف بعضه وما بعده للناس محذوف بعضه والخطاب فى القول التالى وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص) .
"وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص "المعنى وظهروا لله كلهم فقال الصغار للذين استعظموا إنا كنا لكم طائعين فهل أنتم متحملون عنا من عقاب الله من بعض قالوا لو أرشدنا الله لأرشدناكم سيان عندنا أفزعنا أم احتملنا ما لنا من منقذ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار برزوا لله جميعا والمراد اداركوا أى دخلوا النار كلهم فقال الضعفاء وهم الصغار أى الأتباع للذين استكبروا وهم الذين استعظموا وهم السادة :إنا كنا لكم تبعا أى طائعين لحكمكم فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء والمراد فهل أنتم متحملون عنا نصيبا من نار الله من بعض مصداق لقوله بسورة غافر"فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار"وهذا يعنى أنهم يطلبون من السادة أن يتحملوا بعض العذاب عنهم كما أنهم أطاعوهم فى الدنيا ،فرد المستكبرون :لو هدانا الله لهديناكم والمراد لو أرشدنا الله لأرشدناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص والمراد سيان لدينا أفزعنا أم تحملنا ما لنا من مهرب وهذا يعنى أنهم كانوا سيعلمون الصغار الحق لو علمهم الله كما يعنى أن الجزع وهو الفزع وهو الصراخ والبكاء والخوف من العذاب يتساوى عندهم بتحمل العذاب فليس هناك محيص أى مهرب أى منقذ من العذاب .
"وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم إنى كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم "المعنى وقال الكافر لما انتهى الحكم إن الله أخبركم خبر الصدق وأخبرتكم فنقضتكم وما كان لى عليكم من سلطة إلا أن ناديتكم فلا تعاتبونى وعاتبوا أنفسكم ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمنقذى إنى كذبت بما ألهتمونى من قبل إن الكافرين لهم عقاب شديد ،يبين الله للنبى(ص) أن الشيطان وهو الكافر أى الشهوة وهى الهوى الضال فى الكفار قال لما قضى الأمر والمراد لما انتهى الحكم وهو حكم الله فى الناس يوم القيامة :إن الله وعدكم وعد الحق والمراد إن الرب أخبركم خبر الصدق مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وعد الصدق"وهذا يعنى أن الله صدقهم الوعد ،وقال ووعدتكم فأخلفتكم والمراد وأخبرتكم فنكثت قولى وهذا اعتراف منه بأن الله وحيه حق وأن قول الشيطان كذب باطل ،وقال وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى والمراد وليس لى عليكم من قوة إلا أن وسوست لكم فأطعتمونى وهذا يعنى أن كل سلطة الشيطان وهو الهوى الضال على الناس هى الدعوة أى الوسوسة فقط وكانت نتيجة الوسوسة هى الاستجابة وهى طاعة الهوى الضال،وقال :فلا تلومونى ولوموا أنفسكم والمراد فلا تعاتبونى وعاتبوا أنفسكم وهذا يعنى أن الهوى الضال ينهاهم عن معاتبته وإلقاء المسئولية عليه ويأمرهم أن يعاتبوا أنفسهم أى يلقوا بالمسئولية على أنفسهم المستجيبة له ،وقال ما أنا بمصرخكم والمراد ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمصرخى أى منقذى وهذا يعنى أنه لا ينفعهم ولا هم ينفعونه عند الله ،إنى كفرت بما أشركتمون من قبل والمراد إنى كذبت بالذى أطعتمونى فى الدنيا وهذا يعنى أنه يكذبهم فى أنهم عبدوه ،إن الظالمين وهم الكفار لهم عذاب أليم أى عقاب مذل مهين مصداق لقوله بسورة البقرة "وللكافرين عذاب مهين ".
"وأدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام "المعنى وأسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفل أرضها العيون مقيمين فيها بأمر خالقهم قولهم فيها خير ،يبين الله للنبى(ص) أن الله أدخل والمراد أسكن الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد أسكنهم حدائق تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيها "كما قال بسورة الكهف والمراد مقيمين فيها دوما بإذن ربهم وهو حكم إلههم ،وتحيتهم فيها سلام والمراد وقولهم فى الجنات هو خير وهذا يعنى أن كلامهم فى الجنة هو الحق وليس اللغو مصداق لقوله بسورة الواقعة "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ".
"ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون "المعنى ألم تعلم كيف قال الله تشبيها كلمة نافعة كنبتة نافعة جذرها دائم وغصنها فى الجو تحضر ثمرها كل موسم بأمر خالقها ويقول الله الأشباه للبشر لعلهم يتفهمون ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر كيف ضرب الله مثلا أى هل لم تعلم كيف قال الله تشبيها هو كلمة طيبة كشجرة طيبة والمراد حديث نافع كنبات نافع أصلها ثابت أى جذرها باق وفرعها فى السماء أى وغصونها فى الجو ،تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها والمراد تثمر ثمرها كل موسم بأمر خالقها ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص)والناس أن الكلمة الطيبة وهى وحى الله تشبه الشجرة الطيبة فى أن أصلها وهو جذرها ثابت أى دائم لا يموت وغصونها فى السماء والمراد أن الوحى فروعه وهى الأعمال ترفع للسماء كالأغصان والشجرة كما تثمر الثمر فى كل موسم فإن العمل بالوحى يثمر ثماره مرتين مرة فى الدنيا ومرة فى القيامة ،ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون أى ويقول الله التشبيهات للخلق والسبب فى قول التشبيهات أن يعقلوا فيفهموا المطلوب منهم وهو طاعة وحى الله فيطيعوا الوحى والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار "المعنى وشبه حديث باطل كنبات ضار اقتلع من على الأرض ليس لها ثبات ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكلمة الخبيثة وهى الكلام الباطل يشبه الشجرة الخبيثة وهى النبات الضار الذى اجتث من فوق الأرض أى الذى اقتلع من على الأرض ما لها من قرار أى ثبات أى دوام ،والتشابه هو الكلمة الخبيثة هى الشجرة الخبيثة والإقتلاع من على الأرض يشبه أن أديان الباطل مأخوذة من كل قولة على الأرض قيلت من أى إنسان وكما أن الشجرة ليس لها قرار أى دوام فإن أديان الباطل متغيرة هالكة .
"يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"المعنى يثيب الله الذين صدقوا بالقول الدائم فى المعيشة الأولى وفى القيامة ويعذب الله الكافرين ويصنع الله الذى يريد ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله يثبتهم أى يرحمهم الله بالتالى :القول الثابت والمراد يشكرهم على طاعتهم للحديث الدائم وهو الوحى المنزل مصداق لقوله بسورة النحل"قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا" وهذا الشكر يكون فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وفى الأخرة وهى القيامة ،ويبين له أنه يضل الله الظالمين أى يعذب الله الكافرين مصداق لقوله بسورة الفتح"يعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات "ويبين له أنه يفعل ما يشاء أى "إن الله يحكم ما يريد"كما قال بسورة المائدة والمراد أنه يصنع الذى يحب والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار "المعنى هل لم تعلم بالذين غيروا منحة الله كذبا وأدخلوا ناسهم سجن الخسران النار يذوقونها وقبح المقام ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله والمراد هل لم تعرف بالذين تركوا حكم الله وأحلوا قومهم دار البوار والمراد وأدخلوا شعبهم مكان العذاب جهنم وهى النار يصلونها أى يذوقونها وبئس القرار أى وقبح المهاد مصداق لقوله بسورة آل عمران "وبئس المهاد"والغرض من السؤال هو إخبار الرسول (ص)وكل مسلم أن الكفار تركوا طاعة نعمة أى حكم الله وعملوا بالكفر وهو الباطل فكان عقابهم هو دخولهم مع أهلهم النار حيث العذاب المستمر .
"
سميت بهذا الاسم لذكر قصة إبراهيم(ص)فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد"المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل وحى أوحيناه لك لتبعد الخلق من الضلالات إلى الهدى بأمر إلههم إلى دين القوى الشاكر ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله وهو الرب الرحمن الرحيم أى النافع المفيد باسمه والمراد بحكمه الر كتاب أنزلناه إليك وهذا يعنى أن الله قد حكم أن العدل هو آيات القرآن أى الوحى أوحيناه لك مصداق لقوله بسورة النمل"تلك آيات القرآن "والسبب فى إنزال الوحى عليه هو أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور والمراد أن يبعد الخلق عن الكفر إلى الإسلام بإذن ربهم والمراد بأمر خالقهم وفسر النور بأنه صراط العزيز الحميد والمراد دين القوى الشاكر والرسول يهديهم إليه أى يعرفهم به والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"الله الذى له ما فى السموات وما فى الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك فى ضلال بعيد"المعنى الله الذى يملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وألم للمكذبين من عقاب عظيم يفضلون المعيشة الأولى على جنة القيامة ويبعدون عن دين الله ويريدونها ظالمة أولئك فى عذاب مستمر ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله له ما فى السموات وما فى الأرض والمراد يملك الذى فى السموات والأرض من المخلوقات مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض "ويبين له أن الويل وهو الألم نصيب الكافرين أى الظالمين من العذاب الشديد وهو العقاب الأليم مصداق لقوله بسورة الزخرف"فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم "والكفار يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة أى يفضلون متاع المعيشة الأولى على متاع القيامة أى يفضلون الكفر على الإيمان مصداق التوبة "استحبوا الكفر على الإيمان "وفسرهم بأنهم يصدون عن سبيل الله والمراد يبعدون عن دين الله وفسرهم بأنهم يبغونها عوجا أى يريدون الدنيا محكومة بالظلم وهو الجهل مصداق لقوله بسورة الأنعام "أفحكم الجاهلية يبغون "ويبين لنا أنهم فى ضلال بعيد أى فى عذاب مستمر فى الآخرة مصداق لقوله بسورة سبأ"بل الذين لا يؤمنون بالآخرة فى العذاب والضلال البعيد".
"وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وهو العزيز الحكيم "المعنى وما بعثنا من مبعوث إلا بلغة ناسه فيبعد من يريد ويقرب من يريد وهو القوى القاضى ،يبين الله لنبيه(ص)أن ما من رسول أرسله الله والمراد ما من مبعوث بعثه إلى قومه إلا كانت رسالته بلسان قومه أى بلغة شعبه والمراد أنه أرسل كل نبى بلغة شعبه والسبب أن يبين لهم أى يوضح لهم ما يريد منهم ونتيجة الإرسال هى أن يضل من يشاء أى يعذب من يريد وهو من يكفر أى ويرحم من يريد وهو من يؤمن مصداق لقوله العنكبوت "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"والله هو العزيز أى القوى وهو الحكيم أى القاضى بالعدل والخطاب وما بعده من قصى موسى(ص) للنبى(ص).
"ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور "المعنى ولقد بعثنا موسى (ص)بعلاماتنا أن أبعد أهلك عن الضلالات إلى الحق أى أعلمهم بأحكام الله أن فى ذلك لعظات لكل مطيع متبع ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل موسى بآياته والمراد بعث موسى (ص)بعلاماته من معجزات ووحى لقومه وفى هذا قال بسورة الأعراف"ثم بعثنا من بعد موسى بآياتنا"والسبب فى بعثه أن يخرج قومه من الظلمات إلى النور والمراد أن يبعد ناسه عن الكفر إلى الإسلام وفسر هذا بأنه يذكرهم بأيام الله أى يعرفهم آيات الله مصداق لقوله بسورة الكهف"وذكر بآيات ربه "ويبين الله أن فى ذلك وهو ما حدث لموسى (ص)وقومه آيات أى عظات لكل صبار شكور أى مطيع متبع للوحى .
"وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم "المعنى وقد قال موسى (ص)لشعبه اعلموا رحمة الله بكم حين أنقذكم من قوم فرعون يذيقونكم أشد العقاب أى يقتلون أولادكم ويستعبدون إناثكم وفى ذلكم اختبار من إلهكم كبير ،يبين الله لنبيه (ص) أن موسى (ص)قال لقومه وهم شعبه :اذكروا نعمة الله عليكم والمراد اعرفوا فضل الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون أى حين أنقذكم من قوم فرعون يسومونكم سوء العذاب أى يذيقونكم أشد العقاب ويذبحون أبناءكم أى "يقتلون أبناءكم "كما قال بسورة الأعراف والمراد يقتلون أولادكم ويستحيون نساءكم أى ويستعبدون أى يستخدمون إناثكم خادمات وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم أى وفى العذاب اختبار من إلهكم كبير وهذا يعنى أن بنى إسرائيل قسمهم فرعون قسم للقتل هو العيال وقسم للاستحياء وهو الاستعباد وهو النساء والقسم الثالث وهو الرجال ليتجرعوا ذل قتل أولادهم واستعباد أهلهم .
"وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد "المعنى وقد قال إلهكم لئن أطعتم لأرحمنكم ولئن كذبتم إن عقابى لعظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لقومه :وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم والمراد وقد حكم إلهكم لئن أطعتم الله لأرحمنكم أى أجعلكم تفوزون مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"ولئن كفرتم إن عذابى لشديد أى ولئن عصيتم الله إن عقابى لكم عظيم وهو النار مصداق لقول بسورة الجن"ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم".
"وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد"المعنى وقال موسى (ص)إن تعصوا أنتم ومن فى البلاد كلهم فإن الله لرزاق شاكر ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لهم :إن تكفروا أى تعصوا حكم الله أنتم ومن فى الأرض وهى البلاد جميعا فإن الله لغنى حميد أى لمستكفى شاكر من يطيع حكمه وهذا يعنى أن موسى (ص)يقول لهم إن الله مستكفى لا تغنيه عبادتهم له ولا يفقره تكذيبهم له .
"ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب "المعنى هل لم يبلغكم خبر الذين من قبلكم شعب نوح(ص)وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعرفهم إلا الله أتتهم مبعوثوهم بالآيات فجعلوا نياتهم على ألسنتهم وقالوا إنا كذبنا بما بعثتم به وإنا لفى تكذيب للذى تقولون لنا عظيم ،يسأل الله الناس :ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم والمراد هل لم تبلغكم قصص الذين من قبلكم قوم أى شعب نوح(ص)وعاد وثمود والذين من بعد وفاتهم لا يعلمهم أى لا يعرفهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات أى أتتهم مبعوثوهم بالآيات المعجزة والوحى فكانت النتيجة أن ردوا أيديهم فى أفواههم والمراد جعلوا نياتهم على ألسنتهم والمراد أظهروا الذى فى قلوبهم بكلماتهم فقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به والمراد إنا كذبنا بالذى بعثتم به وهو حكم الله ومعجزاته وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب والمراد وإنا لفى كفر بالذى تطالبوننا بطاعته عظيم وهذا يعنى أنهم أعلنوا كفرهم للرسل(ص).
"قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين "المعنى قالت مبعوثوهم أبدين الله باطل خالق السموات والأرض يناديكم ليعفو عن خطاياكم ويبقيكم إلى موعد محدد قالوا إن أنتم إلا ناس شبهنا تحبون أن تردونا عن الذى كان يطيع آباؤنا فجيئونا بدليل واضح ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرسل(ص)قالت للأقوام أفى الله شك والمراد أبدين الله باطل ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن دين الله ليس به باطل أى ظلم أى كذب فهو فاطر السموات والأرض أى "خالق كل شىء "مصداق لقوله بسورة الرعد ،يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم أى يناديكم ليترك عقابكم على سيئاتكم وهذا يعنى أن الله يريد أن يطهرهم ليدخلهم الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "والله يدعوا للجنة والمغفرة "ويؤخركم إلى أجل مسمى والمراد ويبقيكم حتى موعد محدد وهذا يعنى أنه يبقى على حياتهم الدنيا حتى موعد موتهم فقالت الأقوام إن أنتم إلا بشر مثلنا أى إن أنتم إلا ناس شبهنا وهذا يعنى أنهم لا يتميزون عنهم بشىء حتى يطلبوا منهم عبادة الله وقالوا :تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا والمراد تحبون أن تبعدونا عن الذى كان يطيع آباؤنا وهذا يعنى أن هدف الرسل(ص)فى رأى الكفار هو إبعادهم عن دين الأباء وقالوا فأتونا بسلطان مبين أى فجيئونا ببرهان واضح وهذا يعنى أنهم يطلبون من الرسل(ص)إحضار معجزة ليثبتوا صدق رسوليتهم والخطاب وما بعده للناس حتى نهاية قصة القوم.
"قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن تأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون "المعنى قالت لهم مبعوثوهم إن نحن إلا ناس شبهكم ولكن يتفضل الله على من يريد من خلقه وما كان لنا أن نجيئكم بمعجزة إلا بأمر الله وبطاعة الله فليحتمى المحتمون وما لنا ألا نحتمى بطاعة الله وقد عرفنا أحكامنا ولنطيعن الله رغم ما أضررتمونا وبطاعة الله فليحتمى المحتمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرسل وهم الأنبياء(ص)قالوا للأقوام إن نحن إلا بشر مثلكم والمراد نحن ناس شبهكم وهذا يعنى إقرارهم ببشريتهم وأنهم لا يتميزون عنهم ،وقالوا ولكن الله يمن على من يشاء من عباده أى ولكن الله يتفضل على من يريد وهذا يعنى أنهم يقولون أن الله هو الذى ميزهم عن غيرهم من البشر برسالتهم ولم يميزوا هم أنفسهم وقالوا وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله والمراد ما كان لنا أن نحضر لكم معجزة إلا بأمر الله وهذا يعنى أن الرسل(ص)يقرون أنهم لا يقدرون على الإتيان بالمعجزات إلا بعد أن يريد الله ،وقالوا وعلى الله فليتوكل المؤمنون والمراد وبطاعة حكم الله فليحتمى المصدقون وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا والمراد وما لنا ألا نحتمى بطاعة حكم الله من عذابه وقد علمنا أحكامنا وهذا يعنى أن الله ما دام قد هداهم أى علمهم أحكامه فقد وجب عليهم طاعتها وقالوا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون والمراد ولنتبعن حكم الله رغم ما أضررتمونا وبطاعة حكم الله فليحتمى المحتمون ،وهذا يعنى أنهم سيطيعون حكم الله برغم الضرر الذى يصيبهم الكفار به وفسروا هذا بأنهم يتوكلون على الله أى يحتمون بطاعة حكم الله من كل أذى .
"وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكنكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيد"المعنى وقال الذين كذبوا لأنبيائهم لنطردنكم من بلادنا أو لترجعن إلى ديننا فألقى لهم خالقهم لندمرن الكافرين ولنعطينكم البلاد من بعد دمارهم ذلك لمن خشى عقابى أى خشى عذابى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لرسلهم وهم مبعوثى الله :لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا أى لنطردنكم من بلادنا أو لترجعن إلى ديننا وهذا يعنى أنهم خيروهم بين الطرد من البلاد وبين العودة إلى الكفر فأوحى إليهم ربهم والمراد فألقى إلى الرسل(ص)خالقهم الوحى التالى لنهلكن الظالمين والمراد لندمرن الكافرين وهذا يعنى أنه سيميتهم ،ولنسكننكم الأرض من بعدهم والمراد ولنعطينكم البلاد من بعد دمارهم وهذا يعنى أنه يعطيهم وراثة الأرض مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إن الأرض يرثها عبادى الصالحون " ذلك وهو الوراثة لمن خاف مقامى أى خاف وعيد والمراد من خشى عذاب الله مصداق لقوله بسورة هود"لمن خاف عذاب الآخرة ".
"واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان بميت ومن ورائه عذاب غليظ "المعنى واستعجلوا وخسر كل متكبر عاصى من خلفه النار ويروى من سائل كريه يشربه ولا يكاد يقبله ويجيئه الألم من كل مكان وما هو بمستريح ومن خلفه عقاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار استفتحوا والمراد استعجلوا العذاب وخاب كل جبار عنيد والمراد خسر كل متكبر مخالف لوحى الله من ورائه جهنم والمراد ومن خلف عذاب الدنيا للكافر عذابا دائما هو عذاب النار ويبين له أن الكافر يسقى من ماء صديد أى يروى من سائل كريه هو الغساق وهو يتجرعه أى يشربه على دفعات ولا يكاد يسيغه والمراد ولا يهم يقبله وهذا يعنى أن طعم هذا الماء كريه غير مقبول أبدا والكافر يأتيه الموت من كل مكان فى جهنم والمراد تجيئه أسباب الهلاك من كل جهة فتؤلمه ومع ذلك فليس بميت أى بمستريح من هذا الألم ومن وراء العذاب أى من بعد العقاب عذاب غليظ أى عقاب مؤلم آخر وهذا يعنى العذاب فى النار مستمر لا ينتهى والخطاب وما بعده ومابعده للنبى(ص) .
"مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شىء ذلك هو الضلال البعيد"المعنى شبه الذين كذبوا بخالقهم أفعالهم كتراب أطاحت به الرياح فى يوم شديد لا يستطيعون مما عملوا على أمر ذلك هو التيه العظيم ،يبين الله لللنبى(ص) أن مثل أعمال الذين كفروا بربهم والمراد أن شبه أفعال الذين كذبوا بحكم خالقهم هو رماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف أى تراب أطاح به الهواء فى يوم كثير الهواء المتحرك ووجه الشبه هو الأعمال هى الرماد واشتداد الريح بالرماد فى يوم عاصف معناه ضياع التراب فى كل جهة وكذلك أعمال الكافر ضاعت فى كل شهوة من الشهوات التى هى آلهته التى يعبدها ولذا فهى هباء منثور ،من أجل ذلك لا يقدرون مما كسبوا على شىء والمراد لا يستطيعون من الذى عملوا على أمر وهذا يعنى أنهم لا يستطيعون عمل أى إنقاذ لهم بسبب ما صنعوا من السيئات ويبين الله لنا أن ذلك وهو العمل الكفرى هو الضلال البعيد أى الكفر العظيم .
"ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز "المعنى هل لم تعلم أن الله أنشأ السموات والأرض للعدل إن يرد يميتكم ويجىء بناس آخرين وما ذلك على الله بممتنع ،يسأل الله نبيه(ص)ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق والمراد ألم تعرف أن الله أنشأ السموات والأرض للعدل ؟والغرض من السؤال هو إخبار كل إنسان أن سبب خلق السموات والأرض هو إقامة الحق وهو العدل فيها ،ويبين للناس إن يشأ يذهبكم والمراد إن يرد الله يفنيكم ويأت بخلق آخرين والمراد ويستخلف ناس آخرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"ويستخلف من بعدكم ما يشاء"ويبين أن ذلك وهو الذهاب أى التدمير والإتيان بخلق جديد ليس على الله بعزيز أى ليس بممتنع وإنما يسير مصداق لقوله بسورة التغابن"ذلك على الله يسير "والقول حتى بالحق خطاب للنبى (ص)محذوف بعضه وما بعده للناس محذوف بعضه والخطاب فى القول التالى وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص) .
"وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص "المعنى وظهروا لله كلهم فقال الصغار للذين استعظموا إنا كنا لكم طائعين فهل أنتم متحملون عنا من عقاب الله من بعض قالوا لو أرشدنا الله لأرشدناكم سيان عندنا أفزعنا أم احتملنا ما لنا من منقذ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار برزوا لله جميعا والمراد اداركوا أى دخلوا النار كلهم فقال الضعفاء وهم الصغار أى الأتباع للذين استكبروا وهم الذين استعظموا وهم السادة :إنا كنا لكم تبعا أى طائعين لحكمكم فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء والمراد فهل أنتم متحملون عنا نصيبا من نار الله من بعض مصداق لقوله بسورة غافر"فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار"وهذا يعنى أنهم يطلبون من السادة أن يتحملوا بعض العذاب عنهم كما أنهم أطاعوهم فى الدنيا ،فرد المستكبرون :لو هدانا الله لهديناكم والمراد لو أرشدنا الله لأرشدناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص والمراد سيان لدينا أفزعنا أم تحملنا ما لنا من مهرب وهذا يعنى أنهم كانوا سيعلمون الصغار الحق لو علمهم الله كما يعنى أن الجزع وهو الفزع وهو الصراخ والبكاء والخوف من العذاب يتساوى عندهم بتحمل العذاب فليس هناك محيص أى مهرب أى منقذ من العذاب .
"وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم إنى كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم "المعنى وقال الكافر لما انتهى الحكم إن الله أخبركم خبر الصدق وأخبرتكم فنقضتكم وما كان لى عليكم من سلطة إلا أن ناديتكم فلا تعاتبونى وعاتبوا أنفسكم ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمنقذى إنى كذبت بما ألهتمونى من قبل إن الكافرين لهم عقاب شديد ،يبين الله للنبى(ص) أن الشيطان وهو الكافر أى الشهوة وهى الهوى الضال فى الكفار قال لما قضى الأمر والمراد لما انتهى الحكم وهو حكم الله فى الناس يوم القيامة :إن الله وعدكم وعد الحق والمراد إن الرب أخبركم خبر الصدق مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وعد الصدق"وهذا يعنى أن الله صدقهم الوعد ،وقال ووعدتكم فأخلفتكم والمراد وأخبرتكم فنكثت قولى وهذا اعتراف منه بأن الله وحيه حق وأن قول الشيطان كذب باطل ،وقال وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى والمراد وليس لى عليكم من قوة إلا أن وسوست لكم فأطعتمونى وهذا يعنى أن كل سلطة الشيطان وهو الهوى الضال على الناس هى الدعوة أى الوسوسة فقط وكانت نتيجة الوسوسة هى الاستجابة وهى طاعة الهوى الضال،وقال :فلا تلومونى ولوموا أنفسكم والمراد فلا تعاتبونى وعاتبوا أنفسكم وهذا يعنى أن الهوى الضال ينهاهم عن معاتبته وإلقاء المسئولية عليه ويأمرهم أن يعاتبوا أنفسهم أى يلقوا بالمسئولية على أنفسهم المستجيبة له ،وقال ما أنا بمصرخكم والمراد ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمصرخى أى منقذى وهذا يعنى أنه لا ينفعهم ولا هم ينفعونه عند الله ،إنى كفرت بما أشركتمون من قبل والمراد إنى كذبت بالذى أطعتمونى فى الدنيا وهذا يعنى أنه يكذبهم فى أنهم عبدوه ،إن الظالمين وهم الكفار لهم عذاب أليم أى عقاب مذل مهين مصداق لقوله بسورة البقرة "وللكافرين عذاب مهين ".
"وأدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام "المعنى وأسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفل أرضها العيون مقيمين فيها بأمر خالقهم قولهم فيها خير ،يبين الله للنبى(ص) أن الله أدخل والمراد أسكن الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد أسكنهم حدائق تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيها "كما قال بسورة الكهف والمراد مقيمين فيها دوما بإذن ربهم وهو حكم إلههم ،وتحيتهم فيها سلام والمراد وقولهم فى الجنات هو خير وهذا يعنى أن كلامهم فى الجنة هو الحق وليس اللغو مصداق لقوله بسورة الواقعة "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ".
"ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون "المعنى ألم تعلم كيف قال الله تشبيها كلمة نافعة كنبتة نافعة جذرها دائم وغصنها فى الجو تحضر ثمرها كل موسم بأمر خالقها ويقول الله الأشباه للبشر لعلهم يتفهمون ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر كيف ضرب الله مثلا أى هل لم تعلم كيف قال الله تشبيها هو كلمة طيبة كشجرة طيبة والمراد حديث نافع كنبات نافع أصلها ثابت أى جذرها باق وفرعها فى السماء أى وغصونها فى الجو ،تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها والمراد تثمر ثمرها كل موسم بأمر خالقها ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص)والناس أن الكلمة الطيبة وهى وحى الله تشبه الشجرة الطيبة فى أن أصلها وهو جذرها ثابت أى دائم لا يموت وغصونها فى السماء والمراد أن الوحى فروعه وهى الأعمال ترفع للسماء كالأغصان والشجرة كما تثمر الثمر فى كل موسم فإن العمل بالوحى يثمر ثماره مرتين مرة فى الدنيا ومرة فى القيامة ،ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون أى ويقول الله التشبيهات للخلق والسبب فى قول التشبيهات أن يعقلوا فيفهموا المطلوب منهم وهو طاعة وحى الله فيطيعوا الوحى والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار "المعنى وشبه حديث باطل كنبات ضار اقتلع من على الأرض ليس لها ثبات ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكلمة الخبيثة وهى الكلام الباطل يشبه الشجرة الخبيثة وهى النبات الضار الذى اجتث من فوق الأرض أى الذى اقتلع من على الأرض ما لها من قرار أى ثبات أى دوام ،والتشابه هو الكلمة الخبيثة هى الشجرة الخبيثة والإقتلاع من على الأرض يشبه أن أديان الباطل مأخوذة من كل قولة على الأرض قيلت من أى إنسان وكما أن الشجرة ليس لها قرار أى دوام فإن أديان الباطل متغيرة هالكة .
"يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"المعنى يثيب الله الذين صدقوا بالقول الدائم فى المعيشة الأولى وفى القيامة ويعذب الله الكافرين ويصنع الله الذى يريد ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله يثبتهم أى يرحمهم الله بالتالى :القول الثابت والمراد يشكرهم على طاعتهم للحديث الدائم وهو الوحى المنزل مصداق لقوله بسورة النحل"قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا" وهذا الشكر يكون فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وفى الأخرة وهى القيامة ،ويبين له أنه يضل الله الظالمين أى يعذب الله الكافرين مصداق لقوله بسورة الفتح"يعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات "ويبين له أنه يفعل ما يشاء أى "إن الله يحكم ما يريد"كما قال بسورة المائدة والمراد أنه يصنع الذى يحب والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار "المعنى هل لم تعلم بالذين غيروا منحة الله كذبا وأدخلوا ناسهم سجن الخسران النار يذوقونها وقبح المقام ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله والمراد هل لم تعرف بالذين تركوا حكم الله وأحلوا قومهم دار البوار والمراد وأدخلوا شعبهم مكان العذاب جهنم وهى النار يصلونها أى يذوقونها وبئس القرار أى وقبح المهاد مصداق لقوله بسورة آل عمران "وبئس المهاد"والغرض من السؤال هو إخبار الرسول (ص)وكل مسلم أن الكفار تركوا طاعة نعمة أى حكم الله وعملوا بالكفر وهو الباطل فكان عقابهم هو دخولهم مع أهلهم النار حيث العذاب المستمر .
"