رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
سورة العنكبوت
سميت بهذا الاسم لذكر بيت العنكبوت فيها فى قوله "وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت "
"بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "المعنى إن حكم الرب النافع المفيد هو العدل،أظن الخلق أن يدعوا أن يقولوا صدقنا وهم لا يبتلون ولقد ابتلينا الذين من قبلهم فليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن الكافرين ،يبين الله لنا أن اسمه أى حكمه وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو ألم أى العدل ،ويسأل الله أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون والمراد هل اعتقد البشر أن يذروا أن يقولوا صدقنا الوحى وهم لا يبتلون؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله يفتن أى يختبر الناس بالضرر والخير مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالخير والشر فتنة"إذ قالوا آمنا أى صدقنا بوحى الله ولا يتركهم أى ولا يدعهم يؤمنون فى سلام ،ويبين لنا أنه فتن الذين من قبلهم والمراد أن الله اختبر الناس الذين عاشوا من قبلهم ويبين لنا أنه يعلم الذين صدقوا أى آمنوا بحكم الله ويعلم الكاذبين وهم الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "وليعلمن الذين آمنوا" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون"المعنى هل ظن الذين يفعلون الخطايا أن يقهرونا ؟ قبح ما يقولون،يسأل الله أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا والمراد هل اعتقد الذين يصنعون الذنوب أن يغلبونا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن صانعى الخطايا وهى الكفر لا يسبقوا الله أى لا يقهروا الله والمراد لا يمنعوا عن أنفسهم عذاب الله،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "إنهم ساء ما كانوا يعملون ".
"من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم "المعنى من كان يريد ثواب الرب فإن ثواب الرب لقادم وهو الخبير المحيط،يبين الله أن من كان يرجو لقاء الله وهو من كان يريد رحمة الرب مصداق لقوله بسورة الزمر"يرجو رحمة الله"فإن أجل الله لآت والمراد فإن وعد أى رحمة الرب لقادمة أى لواقعة مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ما توعدون لآت"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء .
"ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين "المعنى ومن شكر فإنما يشكر لمنفعته إن الرب لعال على الخلق،يبين الله أن من جاهد أى أطاع حكم الله أى شكر الله فإنما يجاهد لنفسه والمراد فإنما يطيعه لمصلحته أى فإنما يشكر الله لمنفعته مصداق لقوله بسورة النمل"من شكر فإنما يشكر لنفسه"ويبين لنا أنه غنى عن العالمين أى عال على الخلق والمراد غير محتاج للخلق فى أى شىء والخطاب للناس هو وما قبله .
"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذى كانوا يعملون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنمحون عنهم ذنوبهم ولنعطينهم ثواب أفضل الذى كانوا يفعلون،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى فعلوا الحسنات يكفر الله عنهم سيئاتهم والمراد يزيل الله عنهم خطاياهم ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون والمراد ويعطيهم أجرهم بأصلح ما كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "وهذا يعنى أنه يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للناس.
"ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون "المعنى وأمرنا المرء بأبويه معروفا وإن أغوياك لتعبد معى الذى ليس لك فيه وحى فلا تتبعهما إلى معادكم فأخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله أنه وصى الإنسان بوالديه حسنا والمراد أنه أمر الفرد بأبويه عدلا وهذا يعنى أن يعاملهما بالمعروف مصداق لقوله بسورة لقمان "وصاحبهما فى الدنيا معروفا "ويبين للفرد أن الأبوين إن جاهداه والمراد خدعاه والمراد أمراه أن يشرك بالله والمراد أن يعبد مع الرب ربا أخر ليس له به علم والمراد ليس له فى إباحة عبادة الرب المزعوم وحى من عند الله فالواجب هو ألا يطعهما أى ألا يتبع كلامهما،ويبين للناس أنه إليه مرجعهم وهو عودتهم لجزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيبين لهم ما كانوا يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل"وليبينن لكم يوم القيامة "وهذا يعنى أنه يعطى كل واحد كتاب عمله فيرى فيه كل عمله فى الدنيا .
"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم فى الصالحين "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنسكننهم مع المحسنين،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات يدخلهم مع الصالحين والمراد يسكنهم فى رحمته وهى جنته مع المسلمين السابقين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذى فى الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما فى صدور العالمين "المعنى ومن الخلق من يقول صدقنا فإذا عذب فى الرب جعل ضرر الخلق كضرر الرب ولئن أتى نفع من إلهك ليقولن إنا كنا ناصريكم ،أليس الرب أدرى بالذى فى نفوس الخلق؟يبين الله لنبيه(ص) أن من الناس وهم الخلق من يقول آمنا أى صدقنا حكم الله ،فإذا أوذى فى الله والمراد فإذا أصيب بضرر من أجل نصر دين الله جعل فتنة الناس كعذاب الله والمراد ساوى أذى الخلق بأذى الرب الدائم ،وهم إن جاء نصر من الرب والمراد وهم إن أتى نفع من الله قالوا للمسلمين:إنا كنا معكم أى ناصرين لكم فأعطونا من نفع الله الذى أعطاكم ،ويسأل الله أو ليس بأعلم بما فى صدور العالمين أى أليس الله بأعرف بالذى فى نفوس الخلق مصداق لقوله بسورة الإسراء"ربكم أعلم بما فى نفوسكم "؟والغرض من السؤال هو إخبار المنافقين بعلم الله بالذى يخفونه فى نفوسهم وسيحاسبهم عليه والخطاب للنبى(ص)وما بعده.
"وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين "المعنى وليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن المذبذبين،يبين الله لنبيه(ص)أنه يعلم أى يعرف الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ويعلم المنافقين أى ويعرف المذبذبين بين الكفر والإسلام ويفسره قوله بنفس السورة "وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ".
"وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون"المعنى وقال الذين كذبوا للذين صدقوا أطيعوا ديننا ولنأخذن عقاب سيئاتكم وما هم بآخذين من عقاب سيئاتهم من بعض إنهم لمفترون وليعلمن خطاياهم وخطايا مع خطاياهم وليعاقبون يوم البعث عما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله:اتبعوا سبيلنا أى أطيعوا حكمنا والمراد اعتنقوا ديننا ولنحمل خطاياكم والمراد ولنأخذ عقاب سيئاتكم إن كان هناك عقاب لها ،وهذا يعنى أنهم يطلبون من المسلمين اتباع حكمهم وسوف يتحملون عقاب الذنوب التى يرتكبها المسلمون بعد كفرهم ،ويبين الله له أنهم ما هم بحاملين من خطاياهم من شىء والمراد أنهم ما هم بآخذين من سيئاتهم من عقاب والمراد أن لا أحد يتحمل عقاب ذنوب أحد عند الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "ويبين له أنهم يحملون أثقالهم والمراد يعلمون بذنوبهم وهى أوازرهم وأثقالا مع أثقالهم والمراد ويعلمون ذنوب مع ذنوبهم وهى أوزار مع أوزارهم فالحمل هو العلم مصداق لقوله بسورة الجمعة "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها "فالمعنى مثل الذين علموا التوراة ثم لم يعملوا بها، وهذا يعنى أنهم سوف يعرفون بأوزار أنفسهم والكافرين معهم مصداق لقوله بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم " ويبين له أنهم يسألون عما كانوا يفترون والمراد يعاقبون عن الذى كانوا يعملون مصداق لقوله بسورة النحل"ولتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)وما بعده .
"ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين "المعنى ولقد بعثنا نوحا(ص)إلى شعبه فبقى فيهم ألف عام إلا خمسين سنة فأهلكهم الماء وهم كافرون فأنقذناه وركاب الفلك وجعلناها عبرة للخلق،يبين الله أنه أرسل أى بعث نوح(ص)إلى قومه وهم شعبه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما والمراد بقى معهم يدعوهم للإسلام تسعمائة وخمسين سنة فأخذهم الطوفان والمراد فأغرقهم الماء وهم ظالمون أى مكذبون بآياتنا وأنجيناه وأصحاب السفينة والمراد وأنقذناه ومن معه فى الفلك مصداق لقوله بسورة يونس"فنجيناه ومن معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا"وقد جعلها الله آية للعالمين والمراد وقد جعل الله قوم نوح(ص)عبرة للناس يعتبرون بما حدث لهم مصداق لقوله بسورة الفرقان"وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية".
"وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"المعنى وأرسلنا إبراهيم (ص)وقت قال لشعبه أطيعوا الرب أى اتبعوه ذلكم أفضل لكم إن كنتم تعقلون ،يبين الله أنه أرسل إبراهيم (ص)لقومه وهم شعبه فقال لهم اعبدوا الله أى اتقوه والمراد أطيعوا حكم الله أى اشكروه مصداق لقوله بسرة العنكبوت"واعبدوه واشكروا له"ذلكم وهو الطاعة لحكمه الله خير لكم أى أحسن أجرا لكم إن كنتم تعلمون أى تعقلون مصلحتكم والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون"المعنى إنما تطيعون من سوى الرب أصناما أى تطيعون افتراء ،إن الذين تدعون من سوى الرب لا يعطون لكم نفعا فاطلبوا من الله النفع وأطيعوه أى اتبعوا حكمه إليه تعودون،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لقومه:إنما تعبدون من دون الله أوثانا أى إن الذى تدعون من سوى الله أصناما مصداق لقوله بسورة النحل"والذين تدعون من دون الله "وفسر هذا بأنهم يخلقون إفكا أى يفترون كذبا وهو أن الأصنام آلهة والمراد يطيعون الباطل الذى اخترعوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة "إن الذين تعبدون أى تدعون أى تطيعون من دون أى من سوى الله لا يملكون لكم رزقا أى لا يعطون لكم نفعا وهذا يعنى آلهتهم لا تنفعهم ،فابتغوا عند الله الرزق والمراد فاطلبوا من الله العطاء وهو النافع لأنه الرازق واعبدوه أى اشكروا له والمراد فأطيعوا حكم الله إليه ترجعون أى إلى جزاء الله تعودون بعد الموت أى "إليه تقلبون"كما قال بنفس السورة .
"وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين "المعنى وإن تكفروا فقد كفرت جماعات من قبلكم وما على المبعوث إلا التوصيل السليم للوحى،يبين الله للناس:إنهم إن يكذبوا فقد كذب أمم من قبلهم والمراد "إن يكفروا"كما قال بسورة الزمر فقد كفرت جماعات ممن سبقكم وهذا يعنى أنهم يفعلون مثل كل الأمم السابقة وهو الكفر عدا قوم يونس(ص)وقال وما على الرسول إلا البلاغ المبين وما على النبى إلا التذكير الأمين وهذا يعنى أن مهمة النبى (ص)هى توصيل الوحى للناس كما نزل له بالضبط والخطاب للناس.
"ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير"المعنى ألم يعرفوا كيف يخلق الرب المخلوق ثم يرجعه إن ذلك على الرب هين ،يسأل الله :ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده والمراد ألم يعلموا كيف يحيى الرب المخلوق ثم يبعثه مرة أخرى ؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس عرفوا قدرة الله على الإحياء والبعث وذلك وهو الإحياء والبعث على الله يسير أى سهل أى هين مصداق لقوله بسورة مريم"هو على هين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير "المعنى قل سافروا فى البلاد فاعلموا كيف استهل الإنشاء ثم الله يبدع المرة الأخرى إن الرب لكل أمر يريده فاعل،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض والمراد امشوا فى البلاد فانظروا أى فاعلموا التالى كيف بدأ الخلق والمراد كيف أبدع الله المخلوق أول مرة من خلال مشاهدتكم لخلق الله للأشياء ثم الله ينشىء النشأة الآخرة والمراد ثم الرب يخلق المرة القادمة وهذا يعنى أن الله يعيد الخلق مرة ثانية بعد الموت ،إن الله على كل شىء قدير والمراد إن الرب لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".
"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير"المعنى يعاقب من يريد وينعم على من يريد وإليه ترجعون وما أنتم بغالبين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من سوى الله من واق أى منقذ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله يعذب من يشاء ويرحم من يشاء والمراد الله يضل أى يعاقب من يريد وهو الكافر وينعم أى يهدى من يريد وهو المنيب له مصداق لقوله بسورة الرعد"الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب"وفسر هذا بقوله وإليه تقلبون والمراد وإلى جزاء الله ترجعون بعد الموت وما أنتم بمعجزين والمراد ولستم بقاهرين لعقاب الله أى بمانعين للعذاب فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى أى نصير أى واق أى مانع من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لكم من الله من ولى ولا واق"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمته وأولئك لهم عذاب أليم"المعنى والذين كذبوا بأحكام الرب وحسابه أولئك قنطوا من نفعى وأولئك لهم عقاب شديد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول والذين كفروا بآيات الله أى و"الذين كذبوا بآياتنا" كما قال بسورة الأعراف والمراد والذين خالفوا أحكام الرب أولئك يئسوا من رحمته أى قنطوا من نفعه والمراد كذبوا بجنته وأولئك لهم عذاب أليم والمراد"ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة النحل وهذا يعنى أن لهم عقاب شديد عند الله والخطاب للنبى(ص)ونلاحظ قطعا بالآيات السابقة لقصة إبراهيم(ص)ثم عودة له وهو تغيير لمواضع الآيات الأصلى.
"فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى فما كان رد شعبه إلا أن قالوا :اذبحوه أى احرقوه فأنقذه الرب من النار إن فى ذلك لعبر لناس يصدقون ،يبين الله أن جواب قومه والمراد أن رد فعل شعبه على دعوته هو أنهم قالوا لبعضهم :اقتلوه أى احرقوه والمراد "فألقوه فى الجحيم "كما قالوا بسورة الصافات وهذا يعنى أن يميتوه بالنار فكانت النتيجة أن أنجاه الله من النار والمراد أن أخرجه الرب من النار سليما مصداق لقوله بسورة الصافات"قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم"وفى ذلك وهو إنقاذ إبراهيم من حرق النار(ص)لآيات لقوم يؤمنون والمراد لبراهين على قدرة الله لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الروم"إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ".
"وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين "المعنى وقال إنما اخترعتم من سوى الرب أربابا حبا بينكم فى المعيشة الأولى ثم يوم البعث يكذب بعضكم بعضا ويسب بعضكم بعضا ومقامكم الجحيم وما لكم من منقذين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لشعبه :إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا والمراد إنما اخترعتم من سوى الله أربابا رغبة منكم فى متاع المعيشة الأولى ،وهذا يعنى أن سبب اختراعهم عبادتهم غير الله هو أن يبيحوا لأنفسهم متاع الحياة الأولى ،ثم يوم القيامة وهى البعث يكفر أى يكذب بعضكم بعضا والمراد يتبرأ كل منكم من الأخر ويلعن بعضكم بعضا والمراد ويطلب كل منكم للأخر زيادة العذاب ومأواكم النار والمراد ومقامكم جهنم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ثم مأواكم جهنم "وما لكم من ناصرين أى ليس لكم من أولياء ينقذونكم مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء".
"فآمن له لوط وقال إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم "المعنى فصدق به لوط(ص)وقال إنى منتقل إلى إلهى إنه هو القوى القاضى ،يبين الله أن لوط(ص)آمن أى صدق برسالة إبراهيم (ص)وحده من الرجال وقال إبراهيم (ص)إنى مهاجر إلى ربى والمراد إنى منيب إلى خالقى أى إنى مطيع دين إلهى وحده إنه هو العزيز الحكيم والمراد إنه هو الغالب القاضى بالعدل .
"ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين "المعنى وأعطينا له إسحاق(ص)ويعقوب(ص)ووضعنا فى نسله الحكمة أى الوحى وأعطيناه ثوابه فى الأولى وإنه فى القيامة مع المحسنين ،يبين الله أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص)ابنه إسحاق (ص)ولإسحاق (ص)ابنه يعقوب(ص)وجعل الله فى ذريته النبوة وهى الكتاب والمراد ووضع الرب فى نسل إبراهيم (ص)وهم أولاده الوحى وهو الحكمة مصداق لقوله بسورة النساء"فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة "وأتيناه أجره فى الدنيا والمراد وأعطيناه ثوابه وهو نصره ومنه الإصطفاء فى الأولى وإنه فى الآخرة وهى القيامة لمن الصالحين والمراد مع المحسنين فى الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة من الصالحين".
"ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين "المعنى وأرسلنا لوطا (ص)حين قال لشعبه إنكم لترتكبون الزنى ما ارتكبه من أحد من الناس أإنكم لتزنون بالرجال وتؤذون فى الطريق وتفعلون فى مجلسكم الحرام فما كان رد شعبه إلا أن قالوا هات لنا عقاب الرب إن كنت من العادلين بقولك ،يبين الله أنه بعث لوطا (ص)إلى قومه فقال لهم إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد أترتكبون الزنى بالرجال ما فعلها أحد من قبلكم من الناس ؟وهذا يعنى أن قوم لوط(ص)أول من ناك الرجل منهم الرجل من خلق الله ،أإنكم لتأتون الرجال والمراد أإنكم لتنيكون الذكور وتقطعون السبيل والمراد وتؤذون فى الطريق وهذا يعنى أنهم يؤذون المارة بنيكهم وتأتون فى ناديكم المنكر والمراد وتفعلون فى مجالسكم الفاحشة ؟وهذا يعنى أنهم كانوا ينيكون بعضهم فى البيوت وفى الطريق وفى مجالسهم دون حياء من بعضهم ،فكان جواب قومه وهو رد شعبه عليه هو أنهم قالوا :ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعقاب الرب الذى وعدتنا إن كنت من المرسلين مصداق لقوله بسورة الشعراء"ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "وهم العادلين فى قولهم ،وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب الله وليس أن يفقههم دينهم .
"قال رب انصرنى على القوم المفسدين "المعنى قال إلهى ساعدنى على الناس الكافرين،يبين الله أن لوط(ص)دعا الله فقال رب انصرنى على القوم المفسدين والمراد أنقذنى من أذى الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين ".
"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "المعنى ولما أتت ملائكتنا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا إنا مدمروا سكان هذه البلدة إن سكانها كانوا كافرين ،يبين الله أن الرسل وهم المبعوثين من الملائكة لما جاءت قالت لإبراهيم (ص)البشرى وهى الخبر السار بولادة ابن له قالوا له :إنا مهلكوا أهل هذه القرية والمراد إنا مدمروا شعب هذه البلدة إن أهلها كانوا ظالمين والمراد إن شعبها كانوا مجرمين مصداق لقوله بسورة هود"وكانوا مجرمين "وهذا يعنى أنهم أتوا لتدمير قوم لوط(ص)بسبب ظلمهم وهو كفرهم.
"قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "المعنى قال إن فى البلدة لوطا(ص)قالوا نحن أدرى بمن فيها لننقذنه وعائلته إلا زوجته كانت من الهالكين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال للملائكة إن فيها لوطا (ص)والمراد هل ستدمرون لوطا معهم ؟فقالوا نحن أعلم بمن فيها والمراد نحن أعرف بالذين فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد لننقذنه وعائلته إلا عجوزا أى زوجته كانت من المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين "وهذا يعنى أن الله سينقذ لوط (ص)وعائلته من العقاب الذى سينزله بالقوم .
"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون "المعنى ولما أتت ملائكتنا لوطا (ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقالوا لا تخش أى لا تغتم إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من الهالكين إنا مسقطون على سكان هذه البلدة عذابا من السحاب بسبب ما كانوا يكفرون ولقد جعلنا منها عبرة واضحة لناس يفهمون ،يبين الله أن رسل الله وهم مبعوثو الله من الملائكة لما جاءت أى وصلت عند لوط(ص) سىء بهم أى ضاق بهم ذرعا والمراد اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا لمعرفته بعجزه عن حمايتهم لأنه لم يعرف أنهم ملائكة فقالوا له لا تخف أى لا تحزن والمراد لا تخشى أذاهم إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين والمراد إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من المعذبين ،وهذا يعنى أنهم يخبرونه أنه لن يصيبه وعائلته العذاب ما عدا زوجته الكافرة ،وقالوا له إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون والمعنى إنا مرسلون على شعب هذه البلدة حجارة من السحاب بما كانوا يمكرون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين "وقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون"وهذا يعنى أن سبب هلاكهم هو فسقهم وهو كفرهم ،ويبين أنه ترك منها آية بينة لقوم يعقلون والمراد أنه جعلها عظة ظاهرة لناس يفهمون
سميت بهذا الاسم لذكر بيت العنكبوت فيها فى قوله "وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت "
"بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "المعنى إن حكم الرب النافع المفيد هو العدل،أظن الخلق أن يدعوا أن يقولوا صدقنا وهم لا يبتلون ولقد ابتلينا الذين من قبلهم فليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن الكافرين ،يبين الله لنا أن اسمه أى حكمه وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو ألم أى العدل ،ويسأل الله أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون والمراد هل اعتقد البشر أن يذروا أن يقولوا صدقنا الوحى وهم لا يبتلون؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله يفتن أى يختبر الناس بالضرر والخير مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالخير والشر فتنة"إذ قالوا آمنا أى صدقنا بوحى الله ولا يتركهم أى ولا يدعهم يؤمنون فى سلام ،ويبين لنا أنه فتن الذين من قبلهم والمراد أن الله اختبر الناس الذين عاشوا من قبلهم ويبين لنا أنه يعلم الذين صدقوا أى آمنوا بحكم الله ويعلم الكاذبين وهم الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "وليعلمن الذين آمنوا" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون"المعنى هل ظن الذين يفعلون الخطايا أن يقهرونا ؟ قبح ما يقولون،يسأل الله أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا والمراد هل اعتقد الذين يصنعون الذنوب أن يغلبونا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن صانعى الخطايا وهى الكفر لا يسبقوا الله أى لا يقهروا الله والمراد لا يمنعوا عن أنفسهم عذاب الله،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "إنهم ساء ما كانوا يعملون ".
"من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم "المعنى من كان يريد ثواب الرب فإن ثواب الرب لقادم وهو الخبير المحيط،يبين الله أن من كان يرجو لقاء الله وهو من كان يريد رحمة الرب مصداق لقوله بسورة الزمر"يرجو رحمة الله"فإن أجل الله لآت والمراد فإن وعد أى رحمة الرب لقادمة أى لواقعة مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ما توعدون لآت"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء .
"ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين "المعنى ومن شكر فإنما يشكر لمنفعته إن الرب لعال على الخلق،يبين الله أن من جاهد أى أطاع حكم الله أى شكر الله فإنما يجاهد لنفسه والمراد فإنما يطيعه لمصلحته أى فإنما يشكر الله لمنفعته مصداق لقوله بسورة النمل"من شكر فإنما يشكر لنفسه"ويبين لنا أنه غنى عن العالمين أى عال على الخلق والمراد غير محتاج للخلق فى أى شىء والخطاب للناس هو وما قبله .
"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذى كانوا يعملون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنمحون عنهم ذنوبهم ولنعطينهم ثواب أفضل الذى كانوا يفعلون،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى فعلوا الحسنات يكفر الله عنهم سيئاتهم والمراد يزيل الله عنهم خطاياهم ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون والمراد ويعطيهم أجرهم بأصلح ما كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "وهذا يعنى أنه يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للناس.
"ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون "المعنى وأمرنا المرء بأبويه معروفا وإن أغوياك لتعبد معى الذى ليس لك فيه وحى فلا تتبعهما إلى معادكم فأخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله أنه وصى الإنسان بوالديه حسنا والمراد أنه أمر الفرد بأبويه عدلا وهذا يعنى أن يعاملهما بالمعروف مصداق لقوله بسورة لقمان "وصاحبهما فى الدنيا معروفا "ويبين للفرد أن الأبوين إن جاهداه والمراد خدعاه والمراد أمراه أن يشرك بالله والمراد أن يعبد مع الرب ربا أخر ليس له به علم والمراد ليس له فى إباحة عبادة الرب المزعوم وحى من عند الله فالواجب هو ألا يطعهما أى ألا يتبع كلامهما،ويبين للناس أنه إليه مرجعهم وهو عودتهم لجزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيبين لهم ما كانوا يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل"وليبينن لكم يوم القيامة "وهذا يعنى أنه يعطى كل واحد كتاب عمله فيرى فيه كل عمله فى الدنيا .
"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم فى الصالحين "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنسكننهم مع المحسنين،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات يدخلهم مع الصالحين والمراد يسكنهم فى رحمته وهى جنته مع المسلمين السابقين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذى فى الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما فى صدور العالمين "المعنى ومن الخلق من يقول صدقنا فإذا عذب فى الرب جعل ضرر الخلق كضرر الرب ولئن أتى نفع من إلهك ليقولن إنا كنا ناصريكم ،أليس الرب أدرى بالذى فى نفوس الخلق؟يبين الله لنبيه(ص) أن من الناس وهم الخلق من يقول آمنا أى صدقنا حكم الله ،فإذا أوذى فى الله والمراد فإذا أصيب بضرر من أجل نصر دين الله جعل فتنة الناس كعذاب الله والمراد ساوى أذى الخلق بأذى الرب الدائم ،وهم إن جاء نصر من الرب والمراد وهم إن أتى نفع من الله قالوا للمسلمين:إنا كنا معكم أى ناصرين لكم فأعطونا من نفع الله الذى أعطاكم ،ويسأل الله أو ليس بأعلم بما فى صدور العالمين أى أليس الله بأعرف بالذى فى نفوس الخلق مصداق لقوله بسورة الإسراء"ربكم أعلم بما فى نفوسكم "؟والغرض من السؤال هو إخبار المنافقين بعلم الله بالذى يخفونه فى نفوسهم وسيحاسبهم عليه والخطاب للنبى(ص)وما بعده.
"وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين "المعنى وليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن المذبذبين،يبين الله لنبيه(ص)أنه يعلم أى يعرف الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ويعلم المنافقين أى ويعرف المذبذبين بين الكفر والإسلام ويفسره قوله بنفس السورة "وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ".
"وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون"المعنى وقال الذين كذبوا للذين صدقوا أطيعوا ديننا ولنأخذن عقاب سيئاتكم وما هم بآخذين من عقاب سيئاتهم من بعض إنهم لمفترون وليعلمن خطاياهم وخطايا مع خطاياهم وليعاقبون يوم البعث عما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله:اتبعوا سبيلنا أى أطيعوا حكمنا والمراد اعتنقوا ديننا ولنحمل خطاياكم والمراد ولنأخذ عقاب سيئاتكم إن كان هناك عقاب لها ،وهذا يعنى أنهم يطلبون من المسلمين اتباع حكمهم وسوف يتحملون عقاب الذنوب التى يرتكبها المسلمون بعد كفرهم ،ويبين الله له أنهم ما هم بحاملين من خطاياهم من شىء والمراد أنهم ما هم بآخذين من سيئاتهم من عقاب والمراد أن لا أحد يتحمل عقاب ذنوب أحد عند الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "ويبين له أنهم يحملون أثقالهم والمراد يعلمون بذنوبهم وهى أوازرهم وأثقالا مع أثقالهم والمراد ويعلمون ذنوب مع ذنوبهم وهى أوزار مع أوزارهم فالحمل هو العلم مصداق لقوله بسورة الجمعة "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها "فالمعنى مثل الذين علموا التوراة ثم لم يعملوا بها، وهذا يعنى أنهم سوف يعرفون بأوزار أنفسهم والكافرين معهم مصداق لقوله بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم " ويبين له أنهم يسألون عما كانوا يفترون والمراد يعاقبون عن الذى كانوا يعملون مصداق لقوله بسورة النحل"ولتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)وما بعده .
"ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين "المعنى ولقد بعثنا نوحا(ص)إلى شعبه فبقى فيهم ألف عام إلا خمسين سنة فأهلكهم الماء وهم كافرون فأنقذناه وركاب الفلك وجعلناها عبرة للخلق،يبين الله أنه أرسل أى بعث نوح(ص)إلى قومه وهم شعبه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما والمراد بقى معهم يدعوهم للإسلام تسعمائة وخمسين سنة فأخذهم الطوفان والمراد فأغرقهم الماء وهم ظالمون أى مكذبون بآياتنا وأنجيناه وأصحاب السفينة والمراد وأنقذناه ومن معه فى الفلك مصداق لقوله بسورة يونس"فنجيناه ومن معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا"وقد جعلها الله آية للعالمين والمراد وقد جعل الله قوم نوح(ص)عبرة للناس يعتبرون بما حدث لهم مصداق لقوله بسورة الفرقان"وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية".
"وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"المعنى وأرسلنا إبراهيم (ص)وقت قال لشعبه أطيعوا الرب أى اتبعوه ذلكم أفضل لكم إن كنتم تعقلون ،يبين الله أنه أرسل إبراهيم (ص)لقومه وهم شعبه فقال لهم اعبدوا الله أى اتقوه والمراد أطيعوا حكم الله أى اشكروه مصداق لقوله بسرة العنكبوت"واعبدوه واشكروا له"ذلكم وهو الطاعة لحكمه الله خير لكم أى أحسن أجرا لكم إن كنتم تعلمون أى تعقلون مصلحتكم والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون"المعنى إنما تطيعون من سوى الرب أصناما أى تطيعون افتراء ،إن الذين تدعون من سوى الرب لا يعطون لكم نفعا فاطلبوا من الله النفع وأطيعوه أى اتبعوا حكمه إليه تعودون،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لقومه:إنما تعبدون من دون الله أوثانا أى إن الذى تدعون من سوى الله أصناما مصداق لقوله بسورة النحل"والذين تدعون من دون الله "وفسر هذا بأنهم يخلقون إفكا أى يفترون كذبا وهو أن الأصنام آلهة والمراد يطيعون الباطل الذى اخترعوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة "إن الذين تعبدون أى تدعون أى تطيعون من دون أى من سوى الله لا يملكون لكم رزقا أى لا يعطون لكم نفعا وهذا يعنى آلهتهم لا تنفعهم ،فابتغوا عند الله الرزق والمراد فاطلبوا من الله العطاء وهو النافع لأنه الرازق واعبدوه أى اشكروا له والمراد فأطيعوا حكم الله إليه ترجعون أى إلى جزاء الله تعودون بعد الموت أى "إليه تقلبون"كما قال بنفس السورة .
"وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين "المعنى وإن تكفروا فقد كفرت جماعات من قبلكم وما على المبعوث إلا التوصيل السليم للوحى،يبين الله للناس:إنهم إن يكذبوا فقد كذب أمم من قبلهم والمراد "إن يكفروا"كما قال بسورة الزمر فقد كفرت جماعات ممن سبقكم وهذا يعنى أنهم يفعلون مثل كل الأمم السابقة وهو الكفر عدا قوم يونس(ص)وقال وما على الرسول إلا البلاغ المبين وما على النبى إلا التذكير الأمين وهذا يعنى أن مهمة النبى (ص)هى توصيل الوحى للناس كما نزل له بالضبط والخطاب للناس.
"ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير"المعنى ألم يعرفوا كيف يخلق الرب المخلوق ثم يرجعه إن ذلك على الرب هين ،يسأل الله :ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده والمراد ألم يعلموا كيف يحيى الرب المخلوق ثم يبعثه مرة أخرى ؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس عرفوا قدرة الله على الإحياء والبعث وذلك وهو الإحياء والبعث على الله يسير أى سهل أى هين مصداق لقوله بسورة مريم"هو على هين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير "المعنى قل سافروا فى البلاد فاعلموا كيف استهل الإنشاء ثم الله يبدع المرة الأخرى إن الرب لكل أمر يريده فاعل،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض والمراد امشوا فى البلاد فانظروا أى فاعلموا التالى كيف بدأ الخلق والمراد كيف أبدع الله المخلوق أول مرة من خلال مشاهدتكم لخلق الله للأشياء ثم الله ينشىء النشأة الآخرة والمراد ثم الرب يخلق المرة القادمة وهذا يعنى أن الله يعيد الخلق مرة ثانية بعد الموت ،إن الله على كل شىء قدير والمراد إن الرب لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".
"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير"المعنى يعاقب من يريد وينعم على من يريد وإليه ترجعون وما أنتم بغالبين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من سوى الله من واق أى منقذ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله يعذب من يشاء ويرحم من يشاء والمراد الله يضل أى يعاقب من يريد وهو الكافر وينعم أى يهدى من يريد وهو المنيب له مصداق لقوله بسورة الرعد"الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب"وفسر هذا بقوله وإليه تقلبون والمراد وإلى جزاء الله ترجعون بعد الموت وما أنتم بمعجزين والمراد ولستم بقاهرين لعقاب الله أى بمانعين للعذاب فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى أى نصير أى واق أى مانع من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لكم من الله من ولى ولا واق"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمته وأولئك لهم عذاب أليم"المعنى والذين كذبوا بأحكام الرب وحسابه أولئك قنطوا من نفعى وأولئك لهم عقاب شديد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول والذين كفروا بآيات الله أى و"الذين كذبوا بآياتنا" كما قال بسورة الأعراف والمراد والذين خالفوا أحكام الرب أولئك يئسوا من رحمته أى قنطوا من نفعه والمراد كذبوا بجنته وأولئك لهم عذاب أليم والمراد"ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة النحل وهذا يعنى أن لهم عقاب شديد عند الله والخطاب للنبى(ص)ونلاحظ قطعا بالآيات السابقة لقصة إبراهيم(ص)ثم عودة له وهو تغيير لمواضع الآيات الأصلى.
"فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى فما كان رد شعبه إلا أن قالوا :اذبحوه أى احرقوه فأنقذه الرب من النار إن فى ذلك لعبر لناس يصدقون ،يبين الله أن جواب قومه والمراد أن رد فعل شعبه على دعوته هو أنهم قالوا لبعضهم :اقتلوه أى احرقوه والمراد "فألقوه فى الجحيم "كما قالوا بسورة الصافات وهذا يعنى أن يميتوه بالنار فكانت النتيجة أن أنجاه الله من النار والمراد أن أخرجه الرب من النار سليما مصداق لقوله بسورة الصافات"قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم"وفى ذلك وهو إنقاذ إبراهيم من حرق النار(ص)لآيات لقوم يؤمنون والمراد لبراهين على قدرة الله لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الروم"إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ".
"وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين "المعنى وقال إنما اخترعتم من سوى الرب أربابا حبا بينكم فى المعيشة الأولى ثم يوم البعث يكذب بعضكم بعضا ويسب بعضكم بعضا ومقامكم الجحيم وما لكم من منقذين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لشعبه :إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا والمراد إنما اخترعتم من سوى الله أربابا رغبة منكم فى متاع المعيشة الأولى ،وهذا يعنى أن سبب اختراعهم عبادتهم غير الله هو أن يبيحوا لأنفسهم متاع الحياة الأولى ،ثم يوم القيامة وهى البعث يكفر أى يكذب بعضكم بعضا والمراد يتبرأ كل منكم من الأخر ويلعن بعضكم بعضا والمراد ويطلب كل منكم للأخر زيادة العذاب ومأواكم النار والمراد ومقامكم جهنم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ثم مأواكم جهنم "وما لكم من ناصرين أى ليس لكم من أولياء ينقذونكم مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء".
"فآمن له لوط وقال إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم "المعنى فصدق به لوط(ص)وقال إنى منتقل إلى إلهى إنه هو القوى القاضى ،يبين الله أن لوط(ص)آمن أى صدق برسالة إبراهيم (ص)وحده من الرجال وقال إبراهيم (ص)إنى مهاجر إلى ربى والمراد إنى منيب إلى خالقى أى إنى مطيع دين إلهى وحده إنه هو العزيز الحكيم والمراد إنه هو الغالب القاضى بالعدل .
"ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين "المعنى وأعطينا له إسحاق(ص)ويعقوب(ص)ووضعنا فى نسله الحكمة أى الوحى وأعطيناه ثوابه فى الأولى وإنه فى القيامة مع المحسنين ،يبين الله أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص)ابنه إسحاق (ص)ولإسحاق (ص)ابنه يعقوب(ص)وجعل الله فى ذريته النبوة وهى الكتاب والمراد ووضع الرب فى نسل إبراهيم (ص)وهم أولاده الوحى وهو الحكمة مصداق لقوله بسورة النساء"فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة "وأتيناه أجره فى الدنيا والمراد وأعطيناه ثوابه وهو نصره ومنه الإصطفاء فى الأولى وإنه فى الآخرة وهى القيامة لمن الصالحين والمراد مع المحسنين فى الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة من الصالحين".
"ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين "المعنى وأرسلنا لوطا (ص)حين قال لشعبه إنكم لترتكبون الزنى ما ارتكبه من أحد من الناس أإنكم لتزنون بالرجال وتؤذون فى الطريق وتفعلون فى مجلسكم الحرام فما كان رد شعبه إلا أن قالوا هات لنا عقاب الرب إن كنت من العادلين بقولك ،يبين الله أنه بعث لوطا (ص)إلى قومه فقال لهم إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد أترتكبون الزنى بالرجال ما فعلها أحد من قبلكم من الناس ؟وهذا يعنى أن قوم لوط(ص)أول من ناك الرجل منهم الرجل من خلق الله ،أإنكم لتأتون الرجال والمراد أإنكم لتنيكون الذكور وتقطعون السبيل والمراد وتؤذون فى الطريق وهذا يعنى أنهم يؤذون المارة بنيكهم وتأتون فى ناديكم المنكر والمراد وتفعلون فى مجالسكم الفاحشة ؟وهذا يعنى أنهم كانوا ينيكون بعضهم فى البيوت وفى الطريق وفى مجالسهم دون حياء من بعضهم ،فكان جواب قومه وهو رد شعبه عليه هو أنهم قالوا :ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعقاب الرب الذى وعدتنا إن كنت من المرسلين مصداق لقوله بسورة الشعراء"ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "وهم العادلين فى قولهم ،وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب الله وليس أن يفقههم دينهم .
"قال رب انصرنى على القوم المفسدين "المعنى قال إلهى ساعدنى على الناس الكافرين،يبين الله أن لوط(ص)دعا الله فقال رب انصرنى على القوم المفسدين والمراد أنقذنى من أذى الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين ".
"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "المعنى ولما أتت ملائكتنا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا إنا مدمروا سكان هذه البلدة إن سكانها كانوا كافرين ،يبين الله أن الرسل وهم المبعوثين من الملائكة لما جاءت قالت لإبراهيم (ص)البشرى وهى الخبر السار بولادة ابن له قالوا له :إنا مهلكوا أهل هذه القرية والمراد إنا مدمروا شعب هذه البلدة إن أهلها كانوا ظالمين والمراد إن شعبها كانوا مجرمين مصداق لقوله بسورة هود"وكانوا مجرمين "وهذا يعنى أنهم أتوا لتدمير قوم لوط(ص)بسبب ظلمهم وهو كفرهم.
"قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "المعنى قال إن فى البلدة لوطا(ص)قالوا نحن أدرى بمن فيها لننقذنه وعائلته إلا زوجته كانت من الهالكين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال للملائكة إن فيها لوطا (ص)والمراد هل ستدمرون لوطا معهم ؟فقالوا نحن أعلم بمن فيها والمراد نحن أعرف بالذين فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد لننقذنه وعائلته إلا عجوزا أى زوجته كانت من المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين "وهذا يعنى أن الله سينقذ لوط (ص)وعائلته من العقاب الذى سينزله بالقوم .
"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون "المعنى ولما أتت ملائكتنا لوطا (ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقالوا لا تخش أى لا تغتم إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من الهالكين إنا مسقطون على سكان هذه البلدة عذابا من السحاب بسبب ما كانوا يكفرون ولقد جعلنا منها عبرة واضحة لناس يفهمون ،يبين الله أن رسل الله وهم مبعوثو الله من الملائكة لما جاءت أى وصلت عند لوط(ص) سىء بهم أى ضاق بهم ذرعا والمراد اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا لمعرفته بعجزه عن حمايتهم لأنه لم يعرف أنهم ملائكة فقالوا له لا تخف أى لا تحزن والمراد لا تخشى أذاهم إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين والمراد إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من المعذبين ،وهذا يعنى أنهم يخبرونه أنه لن يصيبه وعائلته العذاب ما عدا زوجته الكافرة ،وقالوا له إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون والمعنى إنا مرسلون على شعب هذه البلدة حجارة من السحاب بما كانوا يمكرون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين "وقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون"وهذا يعنى أن سبب هلاكهم هو فسقهم وهو كفرهم ،ويبين أنه ترك منها آية بينة لقوم يعقلون والمراد أنه جعلها عظة ظاهرة لناس يفهمون