رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
سورة فاطر
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة فاطر فى قوله "فاطر السموات والأرض"
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الملك لله خالق السموات والأرض خالق الملائكة مبعوثين أصحاب أيدى اثنين وثلاثة وأربعة يكثر فى الهيئة ما يريد إن الرب لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن الحمد لله أى الملك أى الأمر لله مصداق لقوله بسورة الأنعام"وله الملك"وقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا"وهو حكم الكون وهو فاطر أى خالق السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"الذى خلق السموات والأرض "وهو جاعل أى خالق الملائكة رسلا أولى أجنحة أى مبعوثين لقضاء ما يريد الله منهم أصحاب أيدى مثنى وهو اثنين وثلاثة أيدى ورباع وهو أربعة أيدى وهذا يعنى أن من الملائكة ما له يدان ومنها ما له ثلاثة أيدى ومنها ما له أربع أيدى وهو يزيد فى الخلق ما يشاء والمراد يكثر فى هيئة المخلوق ما يحب من الأجزاء وهو على كل أمر قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم "المعنى ما يعطى الرب الخلق من نفع فلا مانع له وما يمنع فلا معطى له من بعده وهو الناصر القاضى بالعدل،يبين الله أن ما يفتح الله للناس من خير فلا ممسك لها والمراد أن ما يعطى للخلق من خير فلا راد أى فلا مانع له عن الخلق مصداق لقوله بسورة يونس"وإن يردك بخير فلا راد لفضله "وما يمسك فلا مرسل له من بعده والمراد وما يمنع من الخير فلا معطى له من بعد الله لأنه وحده هو الفتاح أى العاطى والمانع وهو العزيز أى الغالب على أمره وهو الحكيم أى القاضى بالحق والخطاب للنبى(ص) .
"يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون"المعنى يا أيها الخلق اتبعوا حكم الله لكم هل من مبدع سوى الرب ينفعكم من السماء والأرض لا رب إلا هو فكيف تكفرون؟،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول اذكروا نعمة الله عليكم أى "اشكروا نعمة الله "كما قال بسورة النحل والمراد أطيعوا حكم الله المنزل عليكم ،ويسألهم هل من خالق أى منشىء للأشياء غير الله يرزقكم أى يعطيكم النفع من السماء والأرض لا إله أى لا رب إلا هو فأنى تؤفكون والمراد فكيف تكفرون به؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو خالق الكون الرازق لهم وهو الإله الوحيد الذى يجب عليهم طاعة حكمه .
"وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور"المعنى وإن يكفروا بك فقد كفر بأنبياء من قبلك وإلى جزاء الرب يعود الخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن يكذبوه أى يكفروا أى يستهزءوا برسالته فقد كذبت أى كفر أى استهزىء برسل وهم الأنبياء(ص)من قبله ومن ثم فهذا شىء عادى يجب ألا يؤثر على نفسيته وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير أى تدخل المخلوقات وهو إما الجنة وإما النار مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"المعنى يا أيها الخلق إن قول الرب صدق فلا تخدعنكم المعيشة الأولى أى لا يخدعنكم فى الله الهوى ،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول :إن وعد الله حق والمراد إن قول الرب بالعذاب واقع فلا تغرنكم الحياة الدنيا والمراد فلا تخدعنكم أى ألا تشغلكم زينة المعيشة الأولى عن طاعة حكم الله وفسر هذا بألا يغرنهم بالله الغرور والمراد ألا يبعدهم عن حكم الله الهوى الضال والخطاب للناس.
"إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير "المعنى إن الهوى لكم كارها فاجعلوه مكروها إنما ينادى فريقه ليصبحوا من سكان الجحيم الذين كذبوا لهم عقاب مهين والذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم رحمة أى ثواب عظيم ،يبين الله للناس أن الشيطان وهو الهوى الضال عدو لهم أى باغض لهم وعليهم أن يتخذوه عدوا أى أن يجعلوه مكروه منهم والسبب هو أنه يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير والمراد أنه ينادى فريقه ليتبع ما يجعله من سكان النار وهم الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله فلهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة المائدة"لهم فى الآخرة عذاب عظيم"والذين آمنوا أى أيقنوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم مغفرة أى رحمة وفسرها بأنها أجر كبير أى رزق كريم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم مغفرة ورزق كريم "وهو الجنة والخطاب للناس.
"أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون "المعنى هل من حسن له قبح فعله فظنه صالحا فإن الرب يعذب من يريد ويرحم من يريد فلا تجعل قلبك بسببهم أحزان إن الرب خبير بما يفعلون،يسأل الله أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا والمراد هل يستوى من حسن له قبيح فعله فظنه صالحا كمن عمل صالحا فعلا فى الجزاء؟والغرض من السؤال هو اخبارنا بعدم تساويهما فى الجزاء وفسر الله هذا بأنه يضل من يشاء أى يعذب من يريد ويهدى أى يرحم من يشاء أى يريد مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"ويطلب الله من نبيه (ص)ألا تذهب نفسه حسرات عليهم والمراد ألا يملأ قلبه حزنا على كفر الكفار مصداق لقوله بسورة لقمان"ومن كفر فلا يحزنك كفره"ويبين له أن الله عليم بما يصنعون والمراد أن الرب خبير بالذى يعملون مصداق لقوله بسورة الحديد"والله بما تعملون خبير "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور "المعنى والرب الذى بعث الهواء فتكون غماما فأذهبناه إلى بلد مجدب فأخصبنا به الأرض بعد جدبها هكذا البعث ،يبين الله له أنه هو الذى أرسل الرياح والمراد هو الذى دفع الهواء إلى أعلى ليثير سحابا أى ليؤلف أى ليكون غماما وبعد تكون السحاب يسوقه إلى بلد ميت أى يبعثه إلى قرية مجدبة فأحيى به الأرض بعد موتها والمراد فبعث به الأرض بعد جدبها وكذلك النشور وبتلك الطريقة وهى إنزال الماء يتم الخروج وهو البعث مرة أخرى مصداق لقوله بسورة ق"كذلك الخروج".
"من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور"المعنى من كان يحب القوة فلله القوة كلها إليه يذهب الحديث الحسن والفعل النافع يزيده والذين يعملون الخطايا لهم عقاب مهين وعمل أولئك هو يخسر،يبين الله لنبيه (ص)أن من كان يريد العزة والمراد من كان يرجو القوة وهى النصر فعليه أن يعرف أن العزة وهى النصر أى القوة كلها نابعة من طاعة أى نصر حكم لله مصداق لقوله بسورة البقرة "أن القوة لله جميعا "وقوله بسورة محمد"إن تنصروا الله ينصركم "والله يصعد إليه الكلم الطيب والمراد والله يسجل عنده الحديث النافع والعمل الصالح يرفعه أى والفعل الحسن يزيد ثواب الكلام النافع الذى هو الإيمان بالوحى الإلهى والذين يمكرون السيئات وهم الذين يعملون الخطايا مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعملون السيئات"لهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم فى الآخرة عذاب عظيم "ومكر الكفار يبور والمراد أن كيد وهو خطايا الكفار تخسر أى تضل مصداق لقوله بسورة غافر"وما كيد الكافرين إلا فى ضلال "والخطاب للنبى(ص).
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب إن ذلك على الله يسير"المعنى والرب أنشأكم من طين ثم من منى ثم خلقكم أفرادا وما تحبل من امرأة ولا تلد إلا بمعرفته وما يعيش من عائش ولا يقل من حياته إلا فى صحيفة إن ذلك على الرب هين ،يبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه والمراد وما تحبل كل امرأة ولا تلد إلا بمعرفته أى فى موعد يحدده هو وحده ويعلمه هو وحده وما يعمر من معمر أى وما يحيا من مخلوق ولا ينقص من عمره والمراد ولا يقل من طول حياته إلا فى كتاب أى صحيفة وكان كل هذا على الله وهو الرب يسيرا أى سهلا هينا .
"وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى وما يتساوى الماءان هذا مقبول عظيم مقبول طعمه وهذا ملح مر ومن كل تطعمون لحما لينا وتطلعون زينة ترتدونها وتشهد السفن فيه متحركات ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أن البحران والمراد البحر والنهر بألفاظ الناس وهما الماءين لا يتساويان فهذا عذب فرات سائغ شرابه والمراد مقبول حلو مقبول طعمه أى مذاقه وهذا ملح أجاج أى طعمه مالح لاذع ومن الماءين تأكلون لحما طريا والمراد وتطعمون من صيد الماءين لحما لينا وتستخرجون حلية تلبسونها والمراد وتستطلعون من الماءين معدن تتخذونه حلية أى زينة ترتدونها رجالا ونساء ويبين الله للنبى (ص)أنه يرى الفلك فيه مواخر والمراد يشاهد السفن فى البحر جاريات والسبب أن يبتغوا من فضله أى أن يطلبوا من رزق الله وقد أعطاهم كل هذا لعلهم يشكرون أى يطيعون حكمه والخطاب للناس عدا وترى الفلك فيه مواخر فهى للنبى(ص)ويبدو أنها منتزعة من آية أخرى وحشرت وسط الكلام بدلا من عبارة أخرى
"يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير "المعنى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وخلق الشمس والقمر كل يسير لموعد محدد ذلكم الرب خالقكم له الحكم والذين تعبدون من سواه ما يحكمون من شىء ،يبين الله للناس أنه يولج الليل فى النهار أى يدخل أى يكور الليل على النهار ويولج أى يدخل أى يكور النهار على الليل مصداق لقوله بسورة الزمر"يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل"وهو الذى سخر أى خلق الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى والمراد كلاهما يسير فى مداره حتى موعد محدد من قبل الله وذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو ربكم أى خالقكم له الملك أى الأمر فى الكون مصداق لقوله بسورة الرعد"لله الأمر جميعا"والذين تدعون من دونه لا يملكون من قطمير والمراد والذين تطيعون من سواه لا يأمرون من مخلوق والمراد لا يتحكمون فى أى مخلوق فى الكون والخطاب وما بعده للناس.
"إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير "المعنى إن تنادوهم لا يعلموا بنداءكم ولو علموا ما ردوا عليكم ويوم البعث يكذبون بعبادتكم ولا يخبرك مثل محيط ،يبين الله للناس أنهم إن يدعو أى إن ينادوا أى إن يطلبوا من آلهتهم المزعومة شىء فهم لا يسمعوا دعاءهم أى لا يعرفوا أنهم قد طلبوا منهم شىء ولو سمعوا أى ولو عرفوا الطلب ما استجابوا والمراد ما حققوا الطلب لأنهم لا يملكون القدرة على تحقيقه ويوم القيامة يكفرون بشرككم والمراد ويوم البعث يكذبون بعبادتكم والمراد ينفون أن الناس كانوا يعبدونهم ويبين الله لنبيه (ص)وللإنسان أن لا ينبئه مثل خبير أى لا يخبره قدر الله عليم وهذا يعنى أنه لا يجد شبيه لله عليم يعلمه الحقيقة .
"يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد"المعنى يا أيها الخلق أنتم المحتاجون إلى الرب والرب هو الرزاق الشاكر،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول :أنتم الفقراء إلى الله والمراد أنتم المحتاجون إلى رزق الله والله هو الغنى الحميد والمراد والرب هو الرازق المثيب لمطيعى حكمه والخطاب وما بعده للناس.
"إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز"المعنى إن يرد يهلككم ويخلق ناس أخرين وما ذلك على الرب بمحال ،يبين الله للناس أنه إن يشأ يذهبهم والمراد إن يرد يميتهم ويأت بخلق جديد والمراد ويخلق أى ويستخلف ناس أخرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن يشأ يذهبكم ويستخلف من يشاء"وقوله بسورة النساء"ويأت بأخرين" وما ذلك وهو الإذهاب والإتيان بالخلق على الله بعزيز أى بصعب أى بمحال وإنما أمر يسير مصداق لقوله بسورة الحج"إن ذلك على الله يسير".
"ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير"المعنى ولا تحمل نفس عقاب نفس أخرى وإن تنادى نفس إلى عقابها لا ترفع منه بعضا ولو كان صاحب قرابة إنما تبلغ الذين يخافون عذاب إلههم بالخفاء وأطاعوا الدين ومن أطاع فإنما يقدم لمنفعته وإلى جزاء الرب العودة ،يبين الله للنبى (ص)أن لا وازرة تزر وزر أخرى والمراد لا إنسان يتحمل عقاب إنسان أخر فله جزاء ما سعى فقط مصداق لقوله بسورة النجم"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى "وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء والمراد وإن تنادى نفس من قبل نفس أخرى إلى تحمل عقاب النفس الأخرى لا تتحمل من العقاب بعضا مهما حدث حتى ولو كان ذا قربى والمراد حتى لو كانت النفس الأخرى وهى الإنسان الأخر صاحب قرابة لمن ناداه ،ويبين الله له أنه ينذر الذين يخشون ربهم بالغيب والمراد أنه يبلغ الوحى الذين يخافون عذاب خالقهم بالخفاء مصداق لقوله بسورة الإسراء"ويخافون عذابه"وهم يخافون العذاب رغم أنهم لا يشاهدونه لكونه خفى عنهم ،وفسرهم الله بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه والمراد ومن أطاع حكم الله فإنما يعمل لمصلحته أى"ومن شكر فإنما يشكر لنفسه"كما قال بسورة النمل وإلى الله المصير والمراد إلى جزاء الرب المرجع مصداق لقوله بسورة المائدة"إلى الله مرجعكم "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى (ص).
"وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوى الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور إن أنت إلا نذير "المعنى وما يتماثل الضرير والرائى ولا الحالكات ولا الضياء ولا الخيال ولا القيظ وما يتماثل العائشون والهلكى وما أنت بمعرف من فى المدافن إن أنت إلا مبلغ ،يبين الله لنبيه (ص)أن ما يستوى أى ما يتماثل أى ما يتطابق كل من الأعمى وهو الضرير الذى لا يرى والبصير وهو الرائى للأشياء ،الظلمات وهى السوادات والنور وهو الضياء،والظل وهو المكان غير المشمس أى الذى له خيال والحرور وهو المكان القائظ المشمس،ومن ثم فلا يستوى الأحياء ولا الأموات والمراد وما يتماثل فى الجزاء العائشون وهم المسلمون والهلكى وهم الكفار ويبين له أنه يسمع من يشاء أى أنه يبلغ من يريد وهو من يؤمن بآياته مصداق لقوله بسورة النمل"إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا"ويبين له أنه ليس بمسمع من فى القبور والمراد أنه ليس بمبلغ الوحى لمن فى المدافن وهم الكفار أى الموتى مصداق لقوله بسورة الروم"فإنك لا تسمع الموتى"ويبين له أنه ليس إلا نذير أى مبلغ للوحى أى مذكر به مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنما أنت مذكر ".
"إنما أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير "المعنى إنما بعثناك بالعدل مبلغا أى مخبرا وإن من قوم إلا كان فيهم مبلغ وإن يكفروا بك فقد كفر الذين من قبلهم أتتهم أنبياءهم بالآيات أى الحكم أى الوحى الهادى ثم أهلكت الذين كذبوا فكيف كان عقاب ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسله بالحق بشيرا أى نذيرا والمراد أنه بعثه بالوحى وهو العدل مخبرا أى مبلغا له،ويبين له أن من أمة إلا خلا فيها نذير والمراد أن من جماعة إلا بعث لها رسول مبلغ مصداق لقوله بسورة النحل "ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا"ويبين له أن الناس إن كذبوه أى كفروا برسالته فقد كذب الذين من قبلهم والمراد فقد كفر الذين سبقوهم لما جاءتهم رسلهم والمراد لما أتتهم أنبيائهم (ص)بالبينات أى الآيات مصداق لقوله بسورة التوبة"أتتهم رسلهم بالبينات"وفسرها بأنها الزبر أى الوحى وفسرها بأنها الكتاب المنير وهو الوحى الهادى ويبين له أنه أخذ الذين كفروا أى دمر أى أهلك الذين ظلموا مصداق لقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا "ويسأل فكيف كان نكير أى "فكيف كان عقاب"كما قال بسورة الرعد والغرض من السؤال هو تخويف الناس من عذاب الله لأنه سيهلكهم كما أهلك السابقين إن ظلوا فى كفرهم .
"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور"المعنى ألم تعرف أن الرب أسقط من السحاب مطرا فأنبتنا به منافع متعدد ألوانها،ومن الرواسى قطع بيضاء وحمراء متعدد درجاتها وقطع سوداء ومن الخلق والمتحركات والأنعام متعدد ألوانه إنما يخاف الرب من خلقه العارفين إن الرب ناصر رحيم،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر والمراد هل لم تدرى أن الله أنزل من السماء ماء والمراد أن الرب أسقط من السحاب مطرا فأخرجنا به ثمرات مختلف ألوانها والمراد فأنبتنا بماء المطر منافع متعدد طلاء جلودها ومن الجبال وهى الرواسى جدد أى قطع بيضاء وحمراء مختلف ألوانها أى متعددة درجات طلاء جلودها وغرابيب سود والمراد وقطع سمراء والقطع هى النباتات الخضراء وخلق من الماء الناس وهم البشر والجن والدواب وهى الحيوانات والأنعام مختلف ألوانه أى متعدد طلاؤها وهو دهان جلودها ،والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الماء هو مصدر حياة كل شىء ،ويبين له أنه يخشى الله من عباده العلماء والمراد أنه يخاف عذاب الله من خلقه العارفين أى المطيعين لحكمه والله هو العزيز الغفور والمراد الناصر للعلماء النافع لهم والخطاب للنبى(ص).
"إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور "المعنى إن الذين يطيعون حكم الله أى أطاعوا الدين أى عملوا من الذى أوحينا لهم خفية وجهرا يريدون رحمة لن تتنهى ليعطيهم ثوابهم أى يعطيهم من رحمته إنه نافع مثيب لمطيعيه ،يبين الله لنبيه (ص)أن العلماء هم الذين يتلون كتاب الله أى يتبعون آيات الرب مصداق لقوله بسورة آل عمران"يتلون آيات الله"وفسر هذا بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"وفسر هذا بأنهم أنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية والمراد أنهم عملوا من الذى فرضنا عليهم فى الوحى خفاء وجهرا وهم يرجون تجارة لن تبور والمراد يريدون رحمة لن تفنى مصداق لقوله بسورة البقرة"يرجون رحمة الله"وهى الجنة والله سيوفيهم أجورهم والمراد سيؤتيهم ثوابهم وهو رحمتهم مصداق لقوله بسورة النساء"سوف يؤتيهم أجورهم "وفسر هذا بأنه يزيدهم من فضله أى يعطيهم من رحمته الجنة ويبين له أنه غفور شكور أى نافع مثيب للعلماء بالجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله لعباده لخبير بصير "المعنى والذى أنزلنا لك من الوحى هو العدل مشابه لما عنده إن الرب لعليم محيط ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذى أوحى الله له من الكتاب وهو الذى أنزل له من الذكر هو الحق أى العدل أى الصدق مصداق لقوله بسورة النحل"وأنزلنا إليك الذكر"وهو مصدق لما بين يديه والمراد مطابق أى مشابه لما عند الله من الكتاب فى الكعبة مصداق لقوله بسورة المائدة"مصدقا لما بين يديه من الكتاب"والله هو الخبير البصير أى العليم بالمحيط بأعمال عباده وهم خلقه .
"ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير "المعنى ثم أوحينا الوحى للذين اخترنا من خلقنا فمنهم منقص لنفسه ومنهم عادل أى منهم فائز بالرحمات بأمر الرب ذلك هو النصر العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أورث الكتاب والمراد أبلغ الوحى للذين اصطفى من عباده وهم الذين اختارهم من أنواع خلقه وهم الجن والإنس فمنهم ظالم لنفسه أى فمنهم منقص لحق نفسه وهو الجنة حيث أدخلها النار ومنهم مقتصد أى محسن لنفسه مصداق لقوله بسورة الصافات"ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين"وفسر المقتصد بأنه سابق بالخيرات بإذن الله والمراد فائز بالرحمات وهى الجنات بأمر الرب وذلك وهو دخول الجنة هو الفضل الكبير أى الفوز العظيم مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير".
"جنات عدن يدخلونها يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذى أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب"المعنى حدائق خالدة يسكنونها يزينون فيها حلى من ذهب ولؤلؤ وثيابهم فيها حرير وقالوا الشكر لله الذى منع عنا العذاب إن إلهنا لعفو مثيب الذى أسكننا دار الخلود من رحمته لا يصيبنا فيها تعب أى لا يصيبنا فيها ألم،يبين الله لنبيه(ص)أن الخيرات وهى الفوز هو جنات عدن أى حدائق خالدة يدخلونها أى يسكنونها وهم يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤ والمراد يلبسون فيها حلى من الذهب واللؤلؤ ولباسهم وهو ثيابهم فى الجنة هو الحرير أى السندس والإستبرق مصداق لقوله بسورة الكهف"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق"وقال المسلمون الحمد أى الشكر أى الطاعة لحكم الله الذى أحلنا دار المقامة من فضله والمراد الذى أدخلنا مقام الخلود من رحمته لا يمسنا فيها نصب أى لا يمسنا فيها لغوب والمراد لا يصيبنا فيها سوء أى تعب أى ألم مصداق لقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزى كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير "المعنى والذين كذبوا لهم نار السعير لا ينهى عليهم فيتوفوا ولا يرفع عنهم من عقابها هكذا نذل كل كذوب وهم ينادون فيها إلهنا أطلعنا نصنع حسنا غير الذى كنا نصنع أو لم نحييكم ما يعرف فيه من عرف وأتاكم المبعوث فادخلوا فما للكافرين من منقذ ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لهم نار جهنم أى عذاب الجحيم لا يقضى عليهم فيموتوا والمراد لا ينهى عليهم فيفنوا وهذا يعنى أن الله لا يحكم عليهم بالتحول إلى تراب مرة أخرى حيث لا يعودون للحياة مرة أخرى ولا يخفف عنهم من عذابها والمراد لا يزال عنهم من آلام النار وبتلك الطريقة وهى دخول النار يجزى كل كفور أى يعاقب كل مجرم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وكذلك نجزى المجرمين"وهم يصطرخون فيها والمراد والكفار يدعون فى النار ربنا أى إلهنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل والمراد أبعدنا عن النار للحياة الدنيا نفعل حسنا غير الذى كنا نفعل فى المرة السابقة فيقال لهم :أو لم نعمركم ما يتذكر من تذكر والمراد هل لم نحييكم فى الدنيا الذى يطيع من أطاع فيها والمراد إخبارهم باستحالة العودة للدنيا وأن العمر الذى كان فى الدنيا هو الذى كان يعلم فيه الإنسان الوحى فيعمل بما علم ويقال لهم وجاءكم النذير أى وأتاكم المبلغ للوحى فكذبتم فذوقوا أى فادخلوا النار فما للظالمين من نصير والمراد فما للكافرين من منجى من عقاب النار .
"إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور "المعنى إن الرب عارف سر السموات والأرض إنه خبير بنية النفوس ،يبين الله للناس أن الله وهو الرب عالم غيب أى عارف سر أى عراف خفى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض"وهو عليم بذات الصدور أى عارف بنية النفوس ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للناس .
"هو الذى جعلكم خلائف فى الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا "المعنى هو الذى خلقكم حكام فى البلاد فمن كذب فعليه عقاب تكذيبه ولا يمد المكذبين تكذيبهم لدى إلههم سوى عذابا أى لا يعطى المكذبين تكذيبهم إلا هلاكا ،يبين الله للناس أن الله هو الذى جعلهم خلائف فى الأرض والمراد الذى خلقهم حكام فى البلاد وهذا يعنى أنهم متصرفين فى منافع الأرض فمن كفر فعليه كفره أى "ومن يضل فإنما يضل عليها "كما قال بسورة الزمر والمراد ومن كذب حكم الله فعليه عقاب تكذيبه له وهذا يعنى أن الكافرين لا يزيدهم كفرهم عند ربهم إلا مقتا وفسره بأنه خسارا والمراد أن المكذبين بحكم الله لا يعطيهم تكذيبهم لحكم الله إلا عذابا وهو النار.
"قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السموات أم أتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا "المعنى قل أعلمتم بآلهتكم الذين تعبدون من سوى الرب أعلمونى ماذا أبدعوا فى الأرض أم لهم خلق فى السموات أم أعطيناهم وحيا فهم على حجة منه بل إن يقول الكافرون لبعضهم بعضا إلا كذبا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله والمراد أعرفتم آلهتكم المزعومة التى تطيعون من سوى الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض والمراد ماذا أنشئوا فى الأرض أم لهم شرك أى ملك أى خلق فى السموات ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن آلهتهم المزعومة لا تخلق شىء فى الكون ويسأل أم أتيناهم كتابا فهم على بينة منه أى هل أوحينا لهم وحيا فلهم فيه حجة منه ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)ونحن أن الله لم يعطى الكفار وحى يخبرهم فيه بوجوب عبادة غيره ،ويبين له أن الظالمون وهم الكافرون يعد بعضهم بعضا غرورا أى يوحى أى يقول لبعضهم بعضا وهما أى زخرف القول وهو الكذب مصداق لقوله بسورة الأنعام"يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا" والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا "المعنى إن الرب يمنع السموات والأرض أن تفنيا ولئن فنيتا لن يمنعهما من أحد من بعده إنه كان رحيما نافعا،يبين الله للنبى (ص)أن الله يمسك والمراد أن الرب يمنع السموات والأرض أن تزولا أى تهلكا أى تفسدا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا"ولئن زالتا أى فسدتا فالسبب هو أن أحد غير الله قد أمسكهما أى منعهما وهذا يعنى أن لا أحد يقدر على منع الكون من الفساد وهو الدمار سوى الله وهو الحليم الغفور أى النافع المفيد لمطيعى حكمه .
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا فى الأرض ومكر السيىء ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا "المعنى وحلفوا بالرب قدر طاقتهم لئن أتانا مبلغ لنصبحن أفضل من إحدى الجماعات فلما أتاهم مبلغ ما أجابوا إلا تكذيبا استعظاما فى البلاد أى كيد المنكر وكيد المنكر لا يصيب سوى أصحابه فهل يترقبون إلا عقاب السابقين ولن تلق لحكم الله تغييرا أى لن تلق لأمر الرب تبديلا،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار أقسموا بالله جهد أيمانهم والمراد حلفوا بالرب قدر طاقتهم من الحلفانات :لئن جاءهم نذير أى لئن أتانا مبلغ للوحى لنكونن أهدى من إحدى الأمم والمراد لنصبحن أحسن من إحدى الجماعات وهى بنى إسرائيل ،فلما جاءهم النذير والمراد فلما أتاهم مبلغ الوحى ما زادهم إلا نفورا والمراد ما أجابوا إلا تكذيبا وهذا يعنى أن رد فعلهم كان هو النفور الذى فسره الله بأنه مكر السيىء أى عمل المنكر والمكر السيىء وهو العمل المنكر أى البغى يحيق بأهله أى يصيب عامليه بعقابه ويسأل الله هل ينظرون إلا سنة الأولين والمراد هل يتربصون سوى عقاب السابقين ؟والغرض من السؤال إخباره أن مصيرهم هو نفسه مصير الكفار السابقين وهو العذاب ويبين له أنه لن يجد أى لن يلق لسنة الله وهى حكم الله تبديلا وفسره بأنه تحويلا أى تغييرا فحكم الله فعقابهم لن يلق مغيرا يبدله لغير العقاب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أو لم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه كان عليما قديرا "المعنى ألم يسافروا فى البلاد فيعلموا كيف كان جزاء الذين سبقوهم كانوا أعظم منه بأسا وما كان الرب ليقهره من مخلوق فى السموات ولا فى الأرض إنه كان خبيرا فاعلا ،يسأل الله أو لم أى هل لم يسيروا فى الأرض أى يتحركوا فى البلاد فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم والمراد فيعرفوا كيف كان عذاب الذين سبقوهم فى الكفر فيعتبروا بما حدث لهم كانوا أشد منهم قوة والمراد كانوا أعظم منهم بطشا أى بأسا والغرض من السؤال الإعتبار بما حدث للسابقين فرغم قوتهم عذبوا،ويبين له أن الله ما كان لشىء أى مخلوق فى السموات أو فى الأرض أن يعجزه أى يقهره والمراد يمنع عذابه ،والله هو العليم القدير أى الخبير الفاعل لكل شىء يريده .
"ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا "المعنى ولو يعاقب الرب الخلق بما عملوا ما أبقى على سطحها من إنسان ولكن يؤجلهم إلى موعد محدد فإذا أتى موعدهم فإن الرب كان بخلقه خبيرا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا والمراد لو يحاسب الخلق بما صنعوا على الفور ما ترك على ظهرها من دابة أى ما أبقى على سطحها من إنسان والمراد لعجل لهم العذاب مصداق لقوله بسورة الكهف"لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى "والمراد ولكن يبقيهم حتى موعد معدود أى محدد عنده فإذا جاء أجلهم والمراد فإذا حضر موعدهم فإن الله كان بعباده بصيرا والمراد فإن الرب كان بخلقه خبيرا ويحاسبهم على أساس علمه بهم حسب عدله والخطاب للنبى(ص)
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة فاطر فى قوله "فاطر السموات والأرض"
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الملك لله خالق السموات والأرض خالق الملائكة مبعوثين أصحاب أيدى اثنين وثلاثة وأربعة يكثر فى الهيئة ما يريد إن الرب لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن الحمد لله أى الملك أى الأمر لله مصداق لقوله بسورة الأنعام"وله الملك"وقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا"وهو حكم الكون وهو فاطر أى خالق السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"الذى خلق السموات والأرض "وهو جاعل أى خالق الملائكة رسلا أولى أجنحة أى مبعوثين لقضاء ما يريد الله منهم أصحاب أيدى مثنى وهو اثنين وثلاثة أيدى ورباع وهو أربعة أيدى وهذا يعنى أن من الملائكة ما له يدان ومنها ما له ثلاثة أيدى ومنها ما له أربع أيدى وهو يزيد فى الخلق ما يشاء والمراد يكثر فى هيئة المخلوق ما يحب من الأجزاء وهو على كل أمر قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم "المعنى ما يعطى الرب الخلق من نفع فلا مانع له وما يمنع فلا معطى له من بعده وهو الناصر القاضى بالعدل،يبين الله أن ما يفتح الله للناس من خير فلا ممسك لها والمراد أن ما يعطى للخلق من خير فلا راد أى فلا مانع له عن الخلق مصداق لقوله بسورة يونس"وإن يردك بخير فلا راد لفضله "وما يمسك فلا مرسل له من بعده والمراد وما يمنع من الخير فلا معطى له من بعد الله لأنه وحده هو الفتاح أى العاطى والمانع وهو العزيز أى الغالب على أمره وهو الحكيم أى القاضى بالحق والخطاب للنبى(ص) .
"يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون"المعنى يا أيها الخلق اتبعوا حكم الله لكم هل من مبدع سوى الرب ينفعكم من السماء والأرض لا رب إلا هو فكيف تكفرون؟،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول اذكروا نعمة الله عليكم أى "اشكروا نعمة الله "كما قال بسورة النحل والمراد أطيعوا حكم الله المنزل عليكم ،ويسألهم هل من خالق أى منشىء للأشياء غير الله يرزقكم أى يعطيكم النفع من السماء والأرض لا إله أى لا رب إلا هو فأنى تؤفكون والمراد فكيف تكفرون به؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو خالق الكون الرازق لهم وهو الإله الوحيد الذى يجب عليهم طاعة حكمه .
"وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور"المعنى وإن يكفروا بك فقد كفر بأنبياء من قبلك وإلى جزاء الرب يعود الخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن يكذبوه أى يكفروا أى يستهزءوا برسالته فقد كذبت أى كفر أى استهزىء برسل وهم الأنبياء(ص)من قبله ومن ثم فهذا شىء عادى يجب ألا يؤثر على نفسيته وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير أى تدخل المخلوقات وهو إما الجنة وإما النار مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"المعنى يا أيها الخلق إن قول الرب صدق فلا تخدعنكم المعيشة الأولى أى لا يخدعنكم فى الله الهوى ،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول :إن وعد الله حق والمراد إن قول الرب بالعذاب واقع فلا تغرنكم الحياة الدنيا والمراد فلا تخدعنكم أى ألا تشغلكم زينة المعيشة الأولى عن طاعة حكم الله وفسر هذا بألا يغرنهم بالله الغرور والمراد ألا يبعدهم عن حكم الله الهوى الضال والخطاب للناس.
"إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير "المعنى إن الهوى لكم كارها فاجعلوه مكروها إنما ينادى فريقه ليصبحوا من سكان الجحيم الذين كذبوا لهم عقاب مهين والذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم رحمة أى ثواب عظيم ،يبين الله للناس أن الشيطان وهو الهوى الضال عدو لهم أى باغض لهم وعليهم أن يتخذوه عدوا أى أن يجعلوه مكروه منهم والسبب هو أنه يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير والمراد أنه ينادى فريقه ليتبع ما يجعله من سكان النار وهم الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله فلهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة المائدة"لهم فى الآخرة عذاب عظيم"والذين آمنوا أى أيقنوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم مغفرة أى رحمة وفسرها بأنها أجر كبير أى رزق كريم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم مغفرة ورزق كريم "وهو الجنة والخطاب للناس.
"أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون "المعنى هل من حسن له قبح فعله فظنه صالحا فإن الرب يعذب من يريد ويرحم من يريد فلا تجعل قلبك بسببهم أحزان إن الرب خبير بما يفعلون،يسأل الله أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا والمراد هل يستوى من حسن له قبيح فعله فظنه صالحا كمن عمل صالحا فعلا فى الجزاء؟والغرض من السؤال هو اخبارنا بعدم تساويهما فى الجزاء وفسر الله هذا بأنه يضل من يشاء أى يعذب من يريد ويهدى أى يرحم من يشاء أى يريد مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"ويطلب الله من نبيه (ص)ألا تذهب نفسه حسرات عليهم والمراد ألا يملأ قلبه حزنا على كفر الكفار مصداق لقوله بسورة لقمان"ومن كفر فلا يحزنك كفره"ويبين له أن الله عليم بما يصنعون والمراد أن الرب خبير بالذى يعملون مصداق لقوله بسورة الحديد"والله بما تعملون خبير "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور "المعنى والرب الذى بعث الهواء فتكون غماما فأذهبناه إلى بلد مجدب فأخصبنا به الأرض بعد جدبها هكذا البعث ،يبين الله له أنه هو الذى أرسل الرياح والمراد هو الذى دفع الهواء إلى أعلى ليثير سحابا أى ليؤلف أى ليكون غماما وبعد تكون السحاب يسوقه إلى بلد ميت أى يبعثه إلى قرية مجدبة فأحيى به الأرض بعد موتها والمراد فبعث به الأرض بعد جدبها وكذلك النشور وبتلك الطريقة وهى إنزال الماء يتم الخروج وهو البعث مرة أخرى مصداق لقوله بسورة ق"كذلك الخروج".
"من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور"المعنى من كان يحب القوة فلله القوة كلها إليه يذهب الحديث الحسن والفعل النافع يزيده والذين يعملون الخطايا لهم عقاب مهين وعمل أولئك هو يخسر،يبين الله لنبيه (ص)أن من كان يريد العزة والمراد من كان يرجو القوة وهى النصر فعليه أن يعرف أن العزة وهى النصر أى القوة كلها نابعة من طاعة أى نصر حكم لله مصداق لقوله بسورة البقرة "أن القوة لله جميعا "وقوله بسورة محمد"إن تنصروا الله ينصركم "والله يصعد إليه الكلم الطيب والمراد والله يسجل عنده الحديث النافع والعمل الصالح يرفعه أى والفعل الحسن يزيد ثواب الكلام النافع الذى هو الإيمان بالوحى الإلهى والذين يمكرون السيئات وهم الذين يعملون الخطايا مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعملون السيئات"لهم عذاب شديد أى عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة الحج"لهم فى الآخرة عذاب عظيم "ومكر الكفار يبور والمراد أن كيد وهو خطايا الكفار تخسر أى تضل مصداق لقوله بسورة غافر"وما كيد الكافرين إلا فى ضلال "والخطاب للنبى(ص).
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب إن ذلك على الله يسير"المعنى والرب أنشأكم من طين ثم من منى ثم خلقكم أفرادا وما تحبل من امرأة ولا تلد إلا بمعرفته وما يعيش من عائش ولا يقل من حياته إلا فى صحيفة إن ذلك على الرب هين ،يبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه والمراد وما تحبل كل امرأة ولا تلد إلا بمعرفته أى فى موعد يحدده هو وحده ويعلمه هو وحده وما يعمر من معمر أى وما يحيا من مخلوق ولا ينقص من عمره والمراد ولا يقل من طول حياته إلا فى كتاب أى صحيفة وكان كل هذا على الله وهو الرب يسيرا أى سهلا هينا .
"وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى وما يتساوى الماءان هذا مقبول عظيم مقبول طعمه وهذا ملح مر ومن كل تطعمون لحما لينا وتطلعون زينة ترتدونها وتشهد السفن فيه متحركات ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أن البحران والمراد البحر والنهر بألفاظ الناس وهما الماءين لا يتساويان فهذا عذب فرات سائغ شرابه والمراد مقبول حلو مقبول طعمه أى مذاقه وهذا ملح أجاج أى طعمه مالح لاذع ومن الماءين تأكلون لحما طريا والمراد وتطعمون من صيد الماءين لحما لينا وتستخرجون حلية تلبسونها والمراد وتستطلعون من الماءين معدن تتخذونه حلية أى زينة ترتدونها رجالا ونساء ويبين الله للنبى (ص)أنه يرى الفلك فيه مواخر والمراد يشاهد السفن فى البحر جاريات والسبب أن يبتغوا من فضله أى أن يطلبوا من رزق الله وقد أعطاهم كل هذا لعلهم يشكرون أى يطيعون حكمه والخطاب للناس عدا وترى الفلك فيه مواخر فهى للنبى(ص)ويبدو أنها منتزعة من آية أخرى وحشرت وسط الكلام بدلا من عبارة أخرى
"يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير "المعنى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وخلق الشمس والقمر كل يسير لموعد محدد ذلكم الرب خالقكم له الحكم والذين تعبدون من سواه ما يحكمون من شىء ،يبين الله للناس أنه يولج الليل فى النهار أى يدخل أى يكور الليل على النهار ويولج أى يدخل أى يكور النهار على الليل مصداق لقوله بسورة الزمر"يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل"وهو الذى سخر أى خلق الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى والمراد كلاهما يسير فى مداره حتى موعد محدد من قبل الله وذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو ربكم أى خالقكم له الملك أى الأمر فى الكون مصداق لقوله بسورة الرعد"لله الأمر جميعا"والذين تدعون من دونه لا يملكون من قطمير والمراد والذين تطيعون من سواه لا يأمرون من مخلوق والمراد لا يتحكمون فى أى مخلوق فى الكون والخطاب وما بعده للناس.
"إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير "المعنى إن تنادوهم لا يعلموا بنداءكم ولو علموا ما ردوا عليكم ويوم البعث يكذبون بعبادتكم ولا يخبرك مثل محيط ،يبين الله للناس أنهم إن يدعو أى إن ينادوا أى إن يطلبوا من آلهتهم المزعومة شىء فهم لا يسمعوا دعاءهم أى لا يعرفوا أنهم قد طلبوا منهم شىء ولو سمعوا أى ولو عرفوا الطلب ما استجابوا والمراد ما حققوا الطلب لأنهم لا يملكون القدرة على تحقيقه ويوم القيامة يكفرون بشرككم والمراد ويوم البعث يكذبون بعبادتكم والمراد ينفون أن الناس كانوا يعبدونهم ويبين الله لنبيه (ص)وللإنسان أن لا ينبئه مثل خبير أى لا يخبره قدر الله عليم وهذا يعنى أنه لا يجد شبيه لله عليم يعلمه الحقيقة .
"يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد"المعنى يا أيها الخلق أنتم المحتاجون إلى الرب والرب هو الرزاق الشاكر،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول :أنتم الفقراء إلى الله والمراد أنتم المحتاجون إلى رزق الله والله هو الغنى الحميد والمراد والرب هو الرازق المثيب لمطيعى حكمه والخطاب وما بعده للناس.
"إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز"المعنى إن يرد يهلككم ويخلق ناس أخرين وما ذلك على الرب بمحال ،يبين الله للناس أنه إن يشأ يذهبهم والمراد إن يرد يميتهم ويأت بخلق جديد والمراد ويخلق أى ويستخلف ناس أخرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن يشأ يذهبكم ويستخلف من يشاء"وقوله بسورة النساء"ويأت بأخرين" وما ذلك وهو الإذهاب والإتيان بالخلق على الله بعزيز أى بصعب أى بمحال وإنما أمر يسير مصداق لقوله بسورة الحج"إن ذلك على الله يسير".
"ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير"المعنى ولا تحمل نفس عقاب نفس أخرى وإن تنادى نفس إلى عقابها لا ترفع منه بعضا ولو كان صاحب قرابة إنما تبلغ الذين يخافون عذاب إلههم بالخفاء وأطاعوا الدين ومن أطاع فإنما يقدم لمنفعته وإلى جزاء الرب العودة ،يبين الله للنبى (ص)أن لا وازرة تزر وزر أخرى والمراد لا إنسان يتحمل عقاب إنسان أخر فله جزاء ما سعى فقط مصداق لقوله بسورة النجم"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى "وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء والمراد وإن تنادى نفس من قبل نفس أخرى إلى تحمل عقاب النفس الأخرى لا تتحمل من العقاب بعضا مهما حدث حتى ولو كان ذا قربى والمراد حتى لو كانت النفس الأخرى وهى الإنسان الأخر صاحب قرابة لمن ناداه ،ويبين الله له أنه ينذر الذين يخشون ربهم بالغيب والمراد أنه يبلغ الوحى الذين يخافون عذاب خالقهم بالخفاء مصداق لقوله بسورة الإسراء"ويخافون عذابه"وهم يخافون العذاب رغم أنهم لا يشاهدونه لكونه خفى عنهم ،وفسرهم الله بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه والمراد ومن أطاع حكم الله فإنما يعمل لمصلحته أى"ومن شكر فإنما يشكر لنفسه"كما قال بسورة النمل وإلى الله المصير والمراد إلى جزاء الرب المرجع مصداق لقوله بسورة المائدة"إلى الله مرجعكم "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى (ص).
"وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوى الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور إن أنت إلا نذير "المعنى وما يتماثل الضرير والرائى ولا الحالكات ولا الضياء ولا الخيال ولا القيظ وما يتماثل العائشون والهلكى وما أنت بمعرف من فى المدافن إن أنت إلا مبلغ ،يبين الله لنبيه (ص)أن ما يستوى أى ما يتماثل أى ما يتطابق كل من الأعمى وهو الضرير الذى لا يرى والبصير وهو الرائى للأشياء ،الظلمات وهى السوادات والنور وهو الضياء،والظل وهو المكان غير المشمس أى الذى له خيال والحرور وهو المكان القائظ المشمس،ومن ثم فلا يستوى الأحياء ولا الأموات والمراد وما يتماثل فى الجزاء العائشون وهم المسلمون والهلكى وهم الكفار ويبين له أنه يسمع من يشاء أى أنه يبلغ من يريد وهو من يؤمن بآياته مصداق لقوله بسورة النمل"إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا"ويبين له أنه ليس بمسمع من فى القبور والمراد أنه ليس بمبلغ الوحى لمن فى المدافن وهم الكفار أى الموتى مصداق لقوله بسورة الروم"فإنك لا تسمع الموتى"ويبين له أنه ليس إلا نذير أى مبلغ للوحى أى مذكر به مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنما أنت مذكر ".
"إنما أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير "المعنى إنما بعثناك بالعدل مبلغا أى مخبرا وإن من قوم إلا كان فيهم مبلغ وإن يكفروا بك فقد كفر الذين من قبلهم أتتهم أنبياءهم بالآيات أى الحكم أى الوحى الهادى ثم أهلكت الذين كذبوا فكيف كان عقاب ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسله بالحق بشيرا أى نذيرا والمراد أنه بعثه بالوحى وهو العدل مخبرا أى مبلغا له،ويبين له أن من أمة إلا خلا فيها نذير والمراد أن من جماعة إلا بعث لها رسول مبلغ مصداق لقوله بسورة النحل "ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا"ويبين له أن الناس إن كذبوه أى كفروا برسالته فقد كذب الذين من قبلهم والمراد فقد كفر الذين سبقوهم لما جاءتهم رسلهم والمراد لما أتتهم أنبيائهم (ص)بالبينات أى الآيات مصداق لقوله بسورة التوبة"أتتهم رسلهم بالبينات"وفسرها بأنها الزبر أى الوحى وفسرها بأنها الكتاب المنير وهو الوحى الهادى ويبين له أنه أخذ الذين كفروا أى دمر أى أهلك الذين ظلموا مصداق لقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا "ويسأل فكيف كان نكير أى "فكيف كان عقاب"كما قال بسورة الرعد والغرض من السؤال هو تخويف الناس من عذاب الله لأنه سيهلكهم كما أهلك السابقين إن ظلوا فى كفرهم .
"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور"المعنى ألم تعرف أن الرب أسقط من السحاب مطرا فأنبتنا به منافع متعدد ألوانها،ومن الرواسى قطع بيضاء وحمراء متعدد درجاتها وقطع سوداء ومن الخلق والمتحركات والأنعام متعدد ألوانه إنما يخاف الرب من خلقه العارفين إن الرب ناصر رحيم،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر والمراد هل لم تدرى أن الله أنزل من السماء ماء والمراد أن الرب أسقط من السحاب مطرا فأخرجنا به ثمرات مختلف ألوانها والمراد فأنبتنا بماء المطر منافع متعدد طلاء جلودها ومن الجبال وهى الرواسى جدد أى قطع بيضاء وحمراء مختلف ألوانها أى متعددة درجات طلاء جلودها وغرابيب سود والمراد وقطع سمراء والقطع هى النباتات الخضراء وخلق من الماء الناس وهم البشر والجن والدواب وهى الحيوانات والأنعام مختلف ألوانه أى متعدد طلاؤها وهو دهان جلودها ،والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الماء هو مصدر حياة كل شىء ،ويبين له أنه يخشى الله من عباده العلماء والمراد أنه يخاف عذاب الله من خلقه العارفين أى المطيعين لحكمه والله هو العزيز الغفور والمراد الناصر للعلماء النافع لهم والخطاب للنبى(ص).
"إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور "المعنى إن الذين يطيعون حكم الله أى أطاعوا الدين أى عملوا من الذى أوحينا لهم خفية وجهرا يريدون رحمة لن تتنهى ليعطيهم ثوابهم أى يعطيهم من رحمته إنه نافع مثيب لمطيعيه ،يبين الله لنبيه (ص)أن العلماء هم الذين يتلون كتاب الله أى يتبعون آيات الرب مصداق لقوله بسورة آل عمران"يتلون آيات الله"وفسر هذا بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"وفسر هذا بأنهم أنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية والمراد أنهم عملوا من الذى فرضنا عليهم فى الوحى خفاء وجهرا وهم يرجون تجارة لن تبور والمراد يريدون رحمة لن تفنى مصداق لقوله بسورة البقرة"يرجون رحمة الله"وهى الجنة والله سيوفيهم أجورهم والمراد سيؤتيهم ثوابهم وهو رحمتهم مصداق لقوله بسورة النساء"سوف يؤتيهم أجورهم "وفسر هذا بأنه يزيدهم من فضله أى يعطيهم من رحمته الجنة ويبين له أنه غفور شكور أى نافع مثيب للعلماء بالجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله لعباده لخبير بصير "المعنى والذى أنزلنا لك من الوحى هو العدل مشابه لما عنده إن الرب لعليم محيط ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذى أوحى الله له من الكتاب وهو الذى أنزل له من الذكر هو الحق أى العدل أى الصدق مصداق لقوله بسورة النحل"وأنزلنا إليك الذكر"وهو مصدق لما بين يديه والمراد مطابق أى مشابه لما عند الله من الكتاب فى الكعبة مصداق لقوله بسورة المائدة"مصدقا لما بين يديه من الكتاب"والله هو الخبير البصير أى العليم بالمحيط بأعمال عباده وهم خلقه .
"ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير "المعنى ثم أوحينا الوحى للذين اخترنا من خلقنا فمنهم منقص لنفسه ومنهم عادل أى منهم فائز بالرحمات بأمر الرب ذلك هو النصر العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أورث الكتاب والمراد أبلغ الوحى للذين اصطفى من عباده وهم الذين اختارهم من أنواع خلقه وهم الجن والإنس فمنهم ظالم لنفسه أى فمنهم منقص لحق نفسه وهو الجنة حيث أدخلها النار ومنهم مقتصد أى محسن لنفسه مصداق لقوله بسورة الصافات"ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين"وفسر المقتصد بأنه سابق بالخيرات بإذن الله والمراد فائز بالرحمات وهى الجنات بأمر الرب وذلك وهو دخول الجنة هو الفضل الكبير أى الفوز العظيم مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير".
"جنات عدن يدخلونها يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذى أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب"المعنى حدائق خالدة يسكنونها يزينون فيها حلى من ذهب ولؤلؤ وثيابهم فيها حرير وقالوا الشكر لله الذى منع عنا العذاب إن إلهنا لعفو مثيب الذى أسكننا دار الخلود من رحمته لا يصيبنا فيها تعب أى لا يصيبنا فيها ألم،يبين الله لنبيه(ص)أن الخيرات وهى الفوز هو جنات عدن أى حدائق خالدة يدخلونها أى يسكنونها وهم يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤ والمراد يلبسون فيها حلى من الذهب واللؤلؤ ولباسهم وهو ثيابهم فى الجنة هو الحرير أى السندس والإستبرق مصداق لقوله بسورة الكهف"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق"وقال المسلمون الحمد أى الشكر أى الطاعة لحكم الله الذى أحلنا دار المقامة من فضله والمراد الذى أدخلنا مقام الخلود من رحمته لا يمسنا فيها نصب أى لا يمسنا فيها لغوب والمراد لا يصيبنا فيها سوء أى تعب أى ألم مصداق لقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزى كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير "المعنى والذين كذبوا لهم نار السعير لا ينهى عليهم فيتوفوا ولا يرفع عنهم من عقابها هكذا نذل كل كذوب وهم ينادون فيها إلهنا أطلعنا نصنع حسنا غير الذى كنا نصنع أو لم نحييكم ما يعرف فيه من عرف وأتاكم المبعوث فادخلوا فما للكافرين من منقذ ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لهم نار جهنم أى عذاب الجحيم لا يقضى عليهم فيموتوا والمراد لا ينهى عليهم فيفنوا وهذا يعنى أن الله لا يحكم عليهم بالتحول إلى تراب مرة أخرى حيث لا يعودون للحياة مرة أخرى ولا يخفف عنهم من عذابها والمراد لا يزال عنهم من آلام النار وبتلك الطريقة وهى دخول النار يجزى كل كفور أى يعاقب كل مجرم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وكذلك نجزى المجرمين"وهم يصطرخون فيها والمراد والكفار يدعون فى النار ربنا أى إلهنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل والمراد أبعدنا عن النار للحياة الدنيا نفعل حسنا غير الذى كنا نفعل فى المرة السابقة فيقال لهم :أو لم نعمركم ما يتذكر من تذكر والمراد هل لم نحييكم فى الدنيا الذى يطيع من أطاع فيها والمراد إخبارهم باستحالة العودة للدنيا وأن العمر الذى كان فى الدنيا هو الذى كان يعلم فيه الإنسان الوحى فيعمل بما علم ويقال لهم وجاءكم النذير أى وأتاكم المبلغ للوحى فكذبتم فذوقوا أى فادخلوا النار فما للظالمين من نصير والمراد فما للكافرين من منجى من عقاب النار .
"إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور "المعنى إن الرب عارف سر السموات والأرض إنه خبير بنية النفوس ،يبين الله للناس أن الله وهو الرب عالم غيب أى عارف سر أى عراف خفى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض"وهو عليم بذات الصدور أى عارف بنية النفوس ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للناس .
"هو الذى جعلكم خلائف فى الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا "المعنى هو الذى خلقكم حكام فى البلاد فمن كذب فعليه عقاب تكذيبه ولا يمد المكذبين تكذيبهم لدى إلههم سوى عذابا أى لا يعطى المكذبين تكذيبهم إلا هلاكا ،يبين الله للناس أن الله هو الذى جعلهم خلائف فى الأرض والمراد الذى خلقهم حكام فى البلاد وهذا يعنى أنهم متصرفين فى منافع الأرض فمن كفر فعليه كفره أى "ومن يضل فإنما يضل عليها "كما قال بسورة الزمر والمراد ومن كذب حكم الله فعليه عقاب تكذيبه له وهذا يعنى أن الكافرين لا يزيدهم كفرهم عند ربهم إلا مقتا وفسره بأنه خسارا والمراد أن المكذبين بحكم الله لا يعطيهم تكذيبهم لحكم الله إلا عذابا وهو النار.
"قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السموات أم أتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا "المعنى قل أعلمتم بآلهتكم الذين تعبدون من سوى الرب أعلمونى ماذا أبدعوا فى الأرض أم لهم خلق فى السموات أم أعطيناهم وحيا فهم على حجة منه بل إن يقول الكافرون لبعضهم بعضا إلا كذبا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله والمراد أعرفتم آلهتكم المزعومة التى تطيعون من سوى الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض والمراد ماذا أنشئوا فى الأرض أم لهم شرك أى ملك أى خلق فى السموات ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن آلهتهم المزعومة لا تخلق شىء فى الكون ويسأل أم أتيناهم كتابا فهم على بينة منه أى هل أوحينا لهم وحيا فلهم فيه حجة منه ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)ونحن أن الله لم يعطى الكفار وحى يخبرهم فيه بوجوب عبادة غيره ،ويبين له أن الظالمون وهم الكافرون يعد بعضهم بعضا غرورا أى يوحى أى يقول لبعضهم بعضا وهما أى زخرف القول وهو الكذب مصداق لقوله بسورة الأنعام"يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا" والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا "المعنى إن الرب يمنع السموات والأرض أن تفنيا ولئن فنيتا لن يمنعهما من أحد من بعده إنه كان رحيما نافعا،يبين الله للنبى (ص)أن الله يمسك والمراد أن الرب يمنع السموات والأرض أن تزولا أى تهلكا أى تفسدا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا"ولئن زالتا أى فسدتا فالسبب هو أن أحد غير الله قد أمسكهما أى منعهما وهذا يعنى أن لا أحد يقدر على منع الكون من الفساد وهو الدمار سوى الله وهو الحليم الغفور أى النافع المفيد لمطيعى حكمه .
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا فى الأرض ومكر السيىء ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا "المعنى وحلفوا بالرب قدر طاقتهم لئن أتانا مبلغ لنصبحن أفضل من إحدى الجماعات فلما أتاهم مبلغ ما أجابوا إلا تكذيبا استعظاما فى البلاد أى كيد المنكر وكيد المنكر لا يصيب سوى أصحابه فهل يترقبون إلا عقاب السابقين ولن تلق لحكم الله تغييرا أى لن تلق لأمر الرب تبديلا،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار أقسموا بالله جهد أيمانهم والمراد حلفوا بالرب قدر طاقتهم من الحلفانات :لئن جاءهم نذير أى لئن أتانا مبلغ للوحى لنكونن أهدى من إحدى الأمم والمراد لنصبحن أحسن من إحدى الجماعات وهى بنى إسرائيل ،فلما جاءهم النذير والمراد فلما أتاهم مبلغ الوحى ما زادهم إلا نفورا والمراد ما أجابوا إلا تكذيبا وهذا يعنى أن رد فعلهم كان هو النفور الذى فسره الله بأنه مكر السيىء أى عمل المنكر والمكر السيىء وهو العمل المنكر أى البغى يحيق بأهله أى يصيب عامليه بعقابه ويسأل الله هل ينظرون إلا سنة الأولين والمراد هل يتربصون سوى عقاب السابقين ؟والغرض من السؤال إخباره أن مصيرهم هو نفسه مصير الكفار السابقين وهو العذاب ويبين له أنه لن يجد أى لن يلق لسنة الله وهى حكم الله تبديلا وفسره بأنه تحويلا أى تغييرا فحكم الله فعقابهم لن يلق مغيرا يبدله لغير العقاب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أو لم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه كان عليما قديرا "المعنى ألم يسافروا فى البلاد فيعلموا كيف كان جزاء الذين سبقوهم كانوا أعظم منه بأسا وما كان الرب ليقهره من مخلوق فى السموات ولا فى الأرض إنه كان خبيرا فاعلا ،يسأل الله أو لم أى هل لم يسيروا فى الأرض أى يتحركوا فى البلاد فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم والمراد فيعرفوا كيف كان عذاب الذين سبقوهم فى الكفر فيعتبروا بما حدث لهم كانوا أشد منهم قوة والمراد كانوا أعظم منهم بطشا أى بأسا والغرض من السؤال الإعتبار بما حدث للسابقين فرغم قوتهم عذبوا،ويبين له أن الله ما كان لشىء أى مخلوق فى السموات أو فى الأرض أن يعجزه أى يقهره والمراد يمنع عذابه ،والله هو العليم القدير أى الخبير الفاعل لكل شىء يريده .
"ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا "المعنى ولو يعاقب الرب الخلق بما عملوا ما أبقى على سطحها من إنسان ولكن يؤجلهم إلى موعد محدد فإذا أتى موعدهم فإن الرب كان بخلقه خبيرا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا والمراد لو يحاسب الخلق بما صنعوا على الفور ما ترك على ظهرها من دابة أى ما أبقى على سطحها من إنسان والمراد لعجل لهم العذاب مصداق لقوله بسورة الكهف"لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى "والمراد ولكن يبقيهم حتى موعد معدود أى محدد عنده فإذا جاء أجلهم والمراد فإذا حضر موعدهم فإن الله كان بعباده بصيرا والمراد فإن الرب كان بخلقه خبيرا ويحاسبهم على أساس علمه بهم حسب عدله والخطاب للنبى(ص)