- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
بخروج رامي مخلوف شاكياً اعتقال موظفين في شركاته والضغط عليه للتخلي عن إمبراطوريته الاستثمارية ودفع ضرائب ضخمة تقدر بملايين الدولارات، يتكشف صدع جديد في نظام الأسد، فهل لروسيا وأسماء الأسد دور في ذلك؟
في واحد من الخلافات الداخلية غير الجديدة داخل نظام الأسد، نشر رامي مخلوف رجل الأعمال وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، تسجيلات مصورة يشتكي فيها "الضرائب المفرطة وغير العادلة" في حق شركاته للتضييق عليها، بالإضافة إلى اعتقال موظفيها ومديريها، مناشداً الأسد منع انهيار شركاته.
ويفتح ملف مخلوف والتسجيلات غير المسبوقة الباب أمام ما يشاع أنه صدع كبير في عائلة الأسد، وربما كان انعكاساً للدور الذي يلعبه عديد من اللاعبين الذين يتنافسون على النفوذ في البلد الممزق.
تفاصيل القضية
اشتكى رامي مخلوف الأحد، اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للنظام موظفين في شركاته، رغم "كل الخدمات التي قدمتها الشركات لتلك الأجهزة".
وأوضح مخلوف في تسجيل مصور على صفحته في فيسبوك، أن النظام طلب منه الابتعاد عن شركاته وتنفيذ التعليمات، لافتاً إلى أنه لا يمكنه تلبية هذا الطلب، وأنه لن يتنازل عن موقفه الرافض لتلك الإجراءات.
وقال رجل الأعمال، المعروف خلال السنوات الماضية بأنه "واجهة النظام الاقتصادية"، إن شركاته كانت أكبر داعم للأجهزة الأمنية طوال سنوات الحرب، واصفاً ما يجري بالظلم واستخدام السلطة في غير مكانها.
وكان مخلوف اشتكى في تسجيل مصور الجمعة، زيادة العبء المادي الذي يفرضه النظام على شركاته، وأوضح أن الأخير يطالبه بدفع ضرائب إضافية بمليارات الليرات السورية من شركة الاتصالات "سيرياتل" التي يملكها ويتولى رئاسة مجلس إدارتها.
وعن أسباب الخلاف، نقلت وكالة الأناضول عن ناشطين معارضين قولهم إن التسجيلات التي يصدرها مخلوف ما هي إلا "لعبة" متفق عليها مع النظام، لإظهار الأخير ورأسه كأنهما يحاربان الفساد ولا يتهاونان في ذلك حتى مع أقارب الرئيس وأكبر داعميه.
واعتبر الناشطون أن تزامن هذا التسجيل مع الغلاء الكبير للمعيشة وتراجع غير مسبوق في القوة الشرائية للمواطنين المقيمين في مناطق سيطرة النظام، يدلّ على أن الهدف منها هو تنفيس غضب المواطنين من الحالة الاقتصادية المتردية، وإظهار النظام بوضع المطالب بحقوقهم من الشركات الكبرى المستفيدة من الوضع الراهن.
فيما يرى ناشطون آخرون أن تلك التسجيلات تعكس مدى التدهور الذي يعيشه اقتصاد النظام، وحاجته إلى السيولة المالية، كما أنه انعكاس لصراع بين الدائرة المقربة من بشار الأسد للسيطرة على الموارد الاقتصادية للبلاد.
مَن رامي مخلوف؟
مخلوف من أكبر رجال الأعمال التابعين للنظام السوري، واستفاد من صلة القرابة التي تربطه بالأسد باعتباره ابن خاله، في تشكيل ثروة كبيرة.
وكان مخلوف أحد أبرز "رموز الفساد" التي هاجمتها المظاهرات في سوريا بعد اندلاع الثورة في البلاد في مارس/آذار 2011، وطالبت أيضاً بإسقاط النظام وأجهزته الأمنية القمعية.
وفي تقريرها بعد شهر من بداية الثورة السورية، أشارت صحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن مخلوف حتى بداية الثورة كان يسيطر على قرابة 60% من مجمل الاقتصاد السوري، عبر شبكة معقدة من الشركات القابضة.
وقالت الصحيفة إن امبراطورية أعماله شملت أنشطة صناعية وخدماتية من الاتصالات والنفط والبناء والتجهيز إلى الخدمات المصرفية وشركات الطيران والبيع بالجملة والتجزئة، كما أنه يملك المشروع الوحيد المعفى من الضرائب في البلاد، بالإضافة إلى عدد من المدارس الخاصة.
وشهد الاقتصاد السوري منذ انطلاق الثورة وما تلاها من عمليات عسكرية تراجعاً كبيراً، كان أبرز مظاهره انهيار قيمة الليرة السورية، إذ بلغ سعر الصرف مؤخراً نحو 1300 ليرة للدولار الواحد.
وخلال السنوات السابقة، انتشر عديد من الأنباء حول خلاف بين مخلوف والنظام، باعتباره "لا يؤدّي واجبه في مساندة الأخير بالشكل المطلوب في أزماته المالية".
بين روسيا وأسماء الأسد
أشارت صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن روسيا قد يكون لها دور في الموضوع، وقالت إن "موسكو يبدو أنها قررت أن تبحث عن طرق لجلب مال تدعم به جهودها لإنقاذ نظام الأسد".
يأتي ذلك ليؤكد ما نشره موقع Open Democracy، نهاية العام الماضي، كاشفاً أن روسيا طلبت من نظام الأسد توفير مبالغ بلغت 3 مليارات دولار، وأن الأسد طلب بدوره من مخلوف توفيرها لكنه رفض الطلب بحجة أنه لا يستطيع ذلك.
وأشار الموقع إلى أن روسيا قدّمت بعد ذلك أدلة ووثائق تؤكد قدرة مخلوف على توفير المبلغ خلال 3 أشهر، وهو ما أثار غضب الأسد ودفع نظامه إلى الحجر على أمواله لاحقاً والتضييق على عمل شركاته.
يأتي ذلك في وقت تعيش فيه سوريا أقصى درجات الأزمة المالية، خصوصاً بعد الوضع العالمي بعد انتشار فيروس كورونا، الذي كانت له تبعات داخلية أيضاً، تحدث عنها الأسد الاثنين، مهاجماً رجال الأعمال وكبار التجار قائلاً إن "بعض الجشعين يحاولون استغلال الظروف من أجل خلق حالة من الاحتكار، وبالتالي رفع الأسعار وتحقيق أرباح فاحشة"، حسب وكالة سانا الرسمية.
من جهتها قالت صحيفة الغارديان إن "سقوط رامي مخلوف كشف بشكل واضح القلق حول الحالة المادية غير المستقرة في البلاد، وقاد إلى تكهنات تقول إن زوجة الرئيس أسماء الأسد لها دور في الموضوع، إذ تقدّم نفسها على أن لها دوراً بارزاً في قيادة تعافي الاقتصاد".
الخلاف بين مخلوف والأسد والعقاب الذي يعيشه الأول اليوم بسبب ذلك أحدث فراغاً تملؤه أسماء الأسد اليوم بنفسها أو عن طريق الدفع باستثمارات أخيها ووالدها وأقربائها مهند الدباغ وطريف الأخرس، حسب ما صرح به مسؤول حكومي سوري لـصحيفة العربي الجديد، دون الكشف عن اسمه.