إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس
إفتح حسابك مع تيكيمل

غوارديولا أسطورة.. أم خرافة؟

mohammad-k

مسؤول العملاء في تركيا
طاقم الإدارة
المشاركات
19,998
الإقامة
تركيا

xm    xm

 

 

بيب غوارديولا.. هو أحد تلك الأسماء التي لا يمكن لأحد أن يناقش بأمرها.. وكأنه كُتب على جبينه عبارة: ممنوع اللمس.
منذ كان مع برشلونة... في تلك الفترة الذهبية.. كنت أقول بشكل مستمر وممل, أنتظر رؤية بيب غوارديولا مع فريقٍ آخر حتى أتمكّن من الحكم عليه إن كان مدرّباً كبيراً أم لا...
حين قرأت خبر انتقاله إلى البايرن, أخذت عهداً على نفسي أن لا أعلّق بكلمةٍ واحدة حتى يتم اختباره بشكلٍ كافٍ وعادل. لكن كنت قد بدأت في قرارة نفسي أتيقّن, أن غوارديولا يمتلك صفات كثيرة, أغلبها إيجابي, لكنّه ليس ذلك المدرّب الكبير...
أعرف جيداً أنني لو كنت أقول هذا الكلام الآن على شاشة التلفاز, لقام 90% من المشاهدين بإغلاقه, مع تمتمة "تلك المجنونة".. "ومنذ متى تفهم النساء بكرة القدم".. لكن بما أن الموضوع هنا عن غواريولا وليس عنّي, لن أشرح أو أحاول أن أثبت إذا كنت أفهم بكرة القدم أم لا.. وبالنسبة "لمجنونة".. فهي صفة لا تزعجني عادة.
المهم..
أوجد بيب أسلوباً لم يكن جديداً, لكنّه لم يكن معتمداً بهذا الشكل من قبل, ولم يأتِ بثمار نجاحٍ مع أحد مثل الذي فعله مع برشلونة. أتكلّم عن أسلوب التيكي تاكا, أسلوب الاستحواذ والسيطرة التامة على الكرة, وبالتالي على المباراة, صناعة الجملة الهجومية على "نار هادئة", ومباغتة الخصم بالهجوم على مرماه من حيث لا يدري.. كان أسلوباً رائعاً, ممتعاً, جميلاً, ولكن....
أولاً.. لو لم تتوفّر شروط معينة وتزامنت بشكل أقل ما يقال فيه إنه "كامل", لكان من المستحيل أن يحقّق غوارديولا ما حقّقه من أرقام وألقاب مع برشلونة. وأتحدّث هنا عن "الخلطة السحريّة" التي تكوّنت من عناصر موجودة في الفريق (نوعية اللاعبين, مهاراتهم, أسلوبهم وتناغمهم الخرافي مع بعضهم البعض, أعمارهم إلخ...)
ثانياً.. عندما تلعب بنفس الأسلوب لفترة طويلة, سيصبح أسلوبك مكشوفاً ومحفوظاً لدى الجميع, وبالتالي "مملاً".
بالنسبة لي, ما بدأه بيب غوارديولا مع برشلونة ويحاول أن يكمله الآن مع بايرن ميونخ, هو "قتْل" معنى كرة القدم المتعارف عليه.
كرة القدم, كما فهمتها ونشأت عليها, هي عبارة عن مواجهة بين فريقين, يتبادلان الكرة على أرضية الميدان, عادة ما يتفوّق طرف على الآخر وغالباً يكون هو الطرف الفائز في النهاية. كرة القدم التي أعرفها هي: خط دفاع, خط وسط, وخط هجوم..
ما فعله غوارديولا أنه "قتل" هذا النسق, بحيث أصبحت أغلب المباريات التي يخوضها أو جميعها, مباريات تلعب من طرفٍ واحد!
أعترف أنني كنت من المعجبين والمشدوهين بهذا الأسلوب في بداياته, لأنه كان جميلاً, ممتعاً, جديداً وقوياً! لكن بعد سنوات, أصبحت أشعر بالملل لمجرد ذكر أن هناك مباراة لبرشلونة! خاصة بعد أن أصبح أسلوبهم واضحاً ومكشوفاً, وبعد أن أصبح لا يثمر عن نتيجة إيجابية! فبعد أن اكتشف أغلب المدرّبين الثغرات التي يمكنهم اختراق أسلوب التيكي تاكا بها, أصبح برشلونة يفوز فقط بنسبة الاستحواذ! بينما نتائج المباريات لم تعد تصب لصالحه كما في السابق.
الأمر الذي جعل بيب يعتمد أسلوباً آخر, غير لعب كرة القدم, ليضمن الفوز في المباريات, وهو أسلوب "التمثيل" بعد أن تتقدّم بالنتيجة على الفريق الخصم.. الذي كان أيضاً أمراً موجوداً ومستعملاً من قِبل عدد كبير من اللاعبين, لكنّه لم يكن أبداً أسلوباً معتمداً في جميع المباريات ومن كل لاعبي الفريق "تقريباً".
وهنا أصل لنقاط بيب القوية وصفاته "الخاصة".. فهذا أسلوب مشروع نوعاً ما, يدلّ على ذكاء وحنكة, وقد يكون من باب "الغاية تبرر الوسيلة", كما هو الحال دائماً في كرة القدم, وأنا لا أحاول أن أقيّم بيب أخلاقياً هنا, ليست هذه قضيتي, لكن يمكنني محاسبته واستنكار هذا الأسلوب كعاشقة لكرة القدم في الدرجة الأولى, ومن نواحٍ مهنية وفنية وتكتيكية وما إلى هنالك..
لم يعد ما يفعله غوارديولا مع برشلونة في ذلك الوقت "كرة قدم".. ولعلّ ردّات فعل الصحافة والإعلام وإداريي بايرن ميونخ الآن هي أكبر دليل على كلامي هذا.. فقد صرّح القيصر فرانتز بيكنباور منذ فترة تصريحاً خطيراً وقاسياً بحق غوارديولا حين قال : بايرن هذا يشعرني بالملل.
وبمناسبة الحديث عن بيكنباور, الذي يشغل منصب الرئيس الفخري لبايرن ميونخ, معلومة ربما يعرفها الكثيرون, وربما لا.. وهي أن بيب, وقبل أي مباراة لبايرن, يرسل لائحة التشكيلة الأساسية وخطته لبكنباور, ليأخذ موافقته عليها.
الأمر, الذي يجعلنا نعود إلى صلب هذا الموضوع والغاية من كتابته, وهو هل بيب غوارديولا مدرباً كبيراً, أم أنه فقط مدرّباً ذكياً جداً, و"محظوظاً" قليلاً...
ذكياً, لأنه حين قرّر أن يتوقّف عن تدريب برشلونة, قرّر ذلك عندما كان الفريق في القمّة, ذكياً لأنه كان يعرف, أن هذا الأسلوب سيصل لطريقٍ مسدود لا محالة, ولأنه يعرف أن أي فريق في العالم, بعد أن يقضي فترة ذهبية, لا بدّ له وأن يسقط ويتراجع مستواه ولو لفترة.. وهذا بالفعل ما حدث مع برشلونة بعد ان رحل بيب بفترة..
ذكياً لأنه انتظر كل ذلك الوقت, ورفض أكثر العروض إغراءاً, راقب واختار الانتقال إلى الفريق التالي في السيطرة على العالم, بايرن ميونخ, استلم فريقاً كبيراً وعريقاً وقوياً, فريقاً كاملاً متكاملاً فيه جميع العناصر التي تجعل أي مدرّب يحلّق في السماء ويحلم بتحقيق جميع الألقاب بقلبٍ قوي.
لكن, مع اقتراب انتهاء الموسم, وعلى الرغم من النتائج القوية التي حقّقها بايرن ميونخ هذا العام, والتي برأيي, لا يعود الفضل الأكبر فيها للمدرّب, تماماً مثلما حدث معه حين درّب "دواهي" برشلونة, وعلى الرغم أن الموسم لم ينتهِ بعد, وبايرن ميونخ يلعب نصف نهائي دوري الأبطال ومرشّح قوي لنيل اللقب, حتى مع خسارته أمام ريال مدريد في الذهاب, لكن بدأت علامات الاستفهام تحوم حول غوارديولا وحول أسلوبه.. خاصة في تلك المباريات التي "استحوذ" فيها البايرن بنسبة مُرعبة دون نجاعة, وبين مزدوجين, بعد أن بدأ عدد من اللاعبين تطبيق أسلوب "التمثيل" حين يفرغ اللاعب من الحلول..
لا أعرف كم سينجح هذا الأمر في ألمانيا, ومع فريق مثل بايرن ميونخ, ومع لاعبين مشهورين بإخلاقهم العالية, لا أعتقد أن هذه الطريقة تليق بعقليتهم, إن كان على مستوى الصحافة والإعلام أم على صعيد لاعبي الفريق نفسه.
لهذا, إن لم يجد غوارديولا حلولاً عملية أخرى ليَخرج من "القمقم" الذي يحبس نفسه به شيئاً فشيء, لا أعتقد أن فترة مكوث بيب في برلين قد تطول كثيراً.
في الفترة المقبلة, سنرى كم سيخدم "ذكاء" بيب سمعته كمدرّب "كبير"...
قد لا يكون خرافة.. لكنه بكل تأكيد, على الأقل بالنسبة لي, ليس أسطورة.
 
عودة
أعلى