رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب آداب المتعلمين
يوجد عدة كتب تحت نفس الاسم وبمؤلفين مختلفين منهم كتابات بنفس الألفاط لمؤلفين مختلفين وقد سبق تناولهم فى نقد سابق والكتاب الحالى مختلف عنهم ولمؤلف هذه المرة شيعى بينما كانت الكتب السابقة لسنة ومؤلف الكتاب هو نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي الشيعي (المتوفى: 460 هـ)
وهدف المؤلف كما فى مقدمته أن يبين طريق التعلم على سبيل الاختصار وفى هذا قال:
"وبعد: فكثير من طلاب العلم لا يتيسر لهم التحصيل وإن اجتهدوا، ولا ينتفعوا عن ثمراته وإن اشتغلوا لأنهم أخطأوا طريقه، وتركوا شرائطه، وكل من أخطأ الطريق ضل فلا ينال المقصود. أردت أن أبين طريق التعلم على سبيل الاختصار على ما رأيت في الكتاب وسمعت من أساتيذي اولي العلم والله الموفق والمعين فأبين المقصود في فصول شتى"
فى الفصل الأول تناول ماهية العلم وفضله فقال:
"الفصل الأول: في ماهية العلم وفضله:
اعلم أنه قال رسول الله (ص)«طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» ، والمراد من العلم هنا، علم الحال أي العلم المحتاج إليه في الحال الموصل إلى النفع في المآل كما يقال: «أفضل العلم علم الحال، وأفضل العمل حفظ المآل». فيفرض على الطالب ما يصلح حاله.
وقد بين انقسام العلم لعلم مفروض على الكل وهو ما يسمونه فرض العين وعلم كفائى أى على البعض العلم به لافادة الكل وهو العلك الكفائى فقال:
"وشرف العلم لا يخفى على أحد إذ العلم هو مختص بالإنسان لأن جميع الخصال سوى العلم يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوانات كالشجاعة والقوة والشفقة وغير ذلك، وبه أظهر الله فضل آدم على الملائكة وأمرهم بالسجود له، وأيضا هو وسيلة الى السعادة الأبدية إن وقع العمل على مقتضاه، فالعلم الذي يفرض على المكلف بعينه يجب تحصيله ويجبر عليه إن لم يحصل والذي يكون الاحتياج به في الأحيان فرض على سبيل الكفاية وإذا قام به البعض سقط عن الباقي وإن لم يكن في البلد من يقوم به، اشتركوا جميعا في تحصيله بالوجوب"
وشبه الرجل العلم المفروض على الكل بأنه كالطعام لا يستغنى عنه أحد والعلم الكفائى بالدواء الذى يحتاج له فى بعض الأحيان فقال:
"وقيل: بأن علم ما ينفع على نفسه في جميع الأحوال بمنزلة الطعام لا بد لكل أحد من ذلك، وعلم ما ينفع في الأحانين بمنزلة الدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، وعلم النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لأنه يضر ولا ينفع إلا قدر ما يعرف به القبلة وأوقات الصلاة وغير ذلك فإنه ليس بحرام."
وبين ان هدف التعلم هو نفع المتعلم وإلا ف‘نه يكون سبب عقابه فى الآخرة إن علم ولم يعمل به فقال:
"فأما تفسير العلم فإنه صفة ينجلي بها لمن قامت هي به المذكور، فينبغي للطالب أن لا يغفل عن نفسه وما ينفعها وما يضرها في أولها وآخرها فيستجلب بما ينفعها ويتجنب عما يضرها لئلا يكون عقله وعلمه حجة عليه فيزداد عقوبة."
وبين الطوسى وجود نية المتعلم يجب أن تكون هى إرضاء اللهو فقال:
"الفصل الثاني: في النية:
لابد لطالب العلم من النية في تعلم العلم، إذ النية هو الأصل في جميع الأحوال لقوله (ص)«إنما الأعمال بالنيات» ولقوله (ص)«لكل امرئ ما نوى» ، فينبغي أن ينوي المتعلم بطلب العلم رضاء الله تعالى، وإزالة الجهل عن نفسه وعن سائر الجهال وإبقاء الاسلام وإحياء الدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من نفسه ومن متعلقاته ومن الغير بقدر الإمكان، فينبغي لطالب العلم أن يصبر في المشاق ويجتهد بقدر الوسع فلا يصرف عمره في الدنيا الحقيرة الفانية، ولا يذل نفسه بالطمع، ويجتنب عن الحقد ويحترز عن التكبر."
والخطأ هنا هو تعديد أهداف وهى نية المتعلم من التعلم وإرضاء الله يدخل فيه كل ما ذكره الطوسى
وبين الطوسى ان على المتعلم أن يختار العلوم التى يدرسها فيبدأ بعلم التوحيد وأن عليه ان يدرس الصول وهى المتون وليس الحواشى على الصول فقال:
"الفصل الثالث: في اختيار العلم والاستاذ والشريك والثبات
ينبغي لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه، وما يحتاج إليه في الامور الدينية في الحال ثم ما يحتاج إليه بالمآل، ويقدم علم التوحيد ومعرفة الله تعالى بالدليل، ويختار العتيق دون المحدثات قالوا: «عليكم بالعتيق وإياكم والمحدثات» ويختار المتون كما قيل: «عليكم بالمتون لا بالحواشي»."
كما بين على المتعلم أن يختار الأساتذة عن طريق السؤال عنهم وأن يكون مقياس اختياره هو اختيار الأعلم والأتقى وفى هذا قال:
"وأما الاستاذ، فينبغي أن يختار الأعلم والأورع والأسن، وينبغي أن يشاور في طلب العلم أي علم يراد في المشي إلى تحصيله، فإذا دخل المتعلم إلى بلد يريد أن يتعلم فيه فليكن أن لا يعجل في الاختلاف مع العلماء وأن يصبر شهرين حتى كان اختياره للاستاذ ولم يؤد إلى تركه والرجوع إلى الآخر فلا يبارك له."
كما بين عليه ألا ينتقل من علم إلى علم أخر حتى يتقن الأول فقالك
"فينبغي أن يثبت ويصبر على استاذ وكتاب حتى لا يتركه أبتر، وعلى فن لا يشتغل بفن آخر قبل أن يصير ماهرا فيه، وعلى بلد حتى لا ينقل إلى بلد آخر من غير ضرورة فإن ذلك كله يفرق الامور المقربة إلى التحصيل ويشغل القلب ويضيع الأوقات."
كما بين عليه ان يختار زميله وهو صاحبه فى الدراسةمن بين العلم والأتقى من الزملاء فقال:
"وأما اختيار الشريك: فينبغي أن يختار المجد والأورع وصاحب الطبع المستقيم ويحترز من الكسلان والمعطل ومكثار الكلام والمفسد والفتان، وقيل:
«فاعتبر الأرض بأسمائها ... واعتبر الصاحب بالصاحب»"
ثم بين واجبات المتعلم كاحترام المعلم والطعارة عند الدرس وتجويد الخط والاستماع الحسن وتفويض المعلم فى اختيار العلوم المفيدة فقال:
:وينبغي أن يعظم العلم وأهله بالقلب غاية التعظيم، قيل: «الحرمة خير من الطاعة» حتى لم يأخذ الكتاب، ولم يطالع ولم يقرأ الدرس إلا مع الطهارة وينبغي أن يجود كتابة الكتاب، ولا يقرمط ويترك الحاشية إلا عند الضرورة لأنه إن عاش ندم وإن مات شتم، وينبغي أن يستمع العلم بالتعظيم والحرمة لا بالاستهزاء.
ولا يختار نوع العلم بنفسه بل يفوض أمره إلى استاذه، لأن الاستاذ قد حصل له التجارب في ذلك عند التحصيل، وقد عرف ما ينبغي لكل أحد وما يليق بطبيعته.
وينبغي لطالب العلم أن لا يجلس قريبا من الاستاذ عند السبق بغير الضرورة بل ينبغي أن يكون بينه وبين الاستاذ قدر القوس لأنه أقرب إلى التعظيم.
وينبغي لطالب العلم أن يحترز عن الأخلاق الذميمة فإنها كلاب معنوية، قال رسول الله (ص)«لا يدخل الملائكة بيتا فيه كلبا أو صورة الكلب» "
والملاحظ هنا وجود تناقض ففى الفقرة السابقة المعلم هو من يختار العلوم التى يعلمها للمتعلم بينما فى الفصل الصالص نجد الطالب هو من يختار العلوم التى يدرسها وهو قوله " ينبغي لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه، وما يحتاج إليه في الامور الدينية في الحال ثم ما يحتاج إليه بالمآل، ويقدم علم التوحيد"
والرواية المذكورة عن عدم دخول الملائكة البيوت التى فيها كلام تتناقض مع كتاب الله فى أن الملائكة لا تنزل الأرض لعدم اطمئنانها فى الأرض كما قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم بين الطوسى أن المهم فى التعلم المواظبة والمراد استمرار طلب العلم يوميا فقال:
"الفصل الرابع: في الجد والمواظبة والهمة:
ثم لا بد لطالب العلم من الجد والمواظبة والملازمة، قيل: «من طلب شيئا وجد وجد ومن قرع بابا ولج ولج»، وقيل: «بقدر ما يسعى ينال ما يتمنى».قيل: يحتاج في التعلم إلى جد الثلاثة: المتعلم والاستاذ والأب إن كان في الحياة.
ولا بد لطالب العلم من المواظبة على الدرس والتكرار في أول الليل وآخره وما بين العشاءين. ووقت السحر وقت مبارك قيل: «من أسهر نفسه بالليل فقد فرح قلبه بالنهار»، ويغتنم أيام الحداثة وعنفوان الشباب، ولا يجتهد نفسه جهدا يضعف النفس وينقطع عن العمل بل يستعمل الرفق في ذلك، والرفق أصل عظيم في جميع الأشياء.
ولا بد لطالب العلم من الهمة العالية في العلم «فإن المرء يطير بهمته كالطير يطير بجناحيه» فلا بد أن يكون همته على حفظ جميع الكتب حتى يحصل البعض فأما إذا كان له همة عالية ولم يكن له جد أو كان له جد ولم يكن له همة عالية لا يحصل له إلا قليلا من العلم.
وينبغي أن يتعب نفسه على الجد والتحصيل والمواظبة بالتأمل في فضائل العلوم ودقائقها فإن العلم يبقى وغيره يفنى فإنه حياة أبدية، قيل: «العالمون أحياء وإن ماتوا»، وكفى بلذة العلم داعيا إلى التحصيل للعاقل."
ونجد الطوسى يطالب المتعلم بحفظ الكتب والعبارة إما خاطئة وإما صحيحة بهذا الوضع وكلامها يكون متناقض فحفظ جميع الكتب جنون لا يقدر عليه أحد وإنما المراد حفظ البعض وهو يؤكد على أعمية الهمة العالية والمراد إرادة التعلم الراغبة فى نيل أعلى درجات العلم
وبالقطع حكاية حفظ الكتب فى تلك الظروف كانت مطلوبة لأن أثمان الكتب كانت غالية لا يقدر عليها إلا القليل وليس الحفظ بمعنى التلقين هنا لأن الحفظ هنا فائدة للطالب ماليا
وبين الطوسى أن بعض العادات الصحية تؤثر على الطالب سلبا فبين له ما يفعله قائلا:
"وقد يتولد الكسل من كثرة البلغم والرطوبات، وطريق تقليله تقليل الطعام. وذلك لأن النسيان من كثرة البلغم، وكثرة البلغم من كثرة شرب الماء، وكثرة شرب الماء من كثرة الأكل.والخبز اليابس يقطع البلغم والرطوبة، وكذا أكل الزبيب ولا يكثر الأكل منه حتى لا يحتاج إلى شرب الماء فيزيد البلغم والسواك يقلل البلغم ويزيد في الحفظ والفصاحة، وكذا القيء يقلل البلغم والرطوبات.وطريق تقليل الأكل التأمل في منافع قلة الأكل وهي الصحة والعفة وغيرهما، والتأمل في مضار كثرة الأكل وهي الأمراض وكلالة الطبع، وقيل: «البطنة تذهب الفطنة» وينبغي أن لا يأكل الأطعمة الدسمة، ويقدم في الأكل الألطف والأشهى وأن لا يسعى في الأكل والنوم إلا لغرض الطاعات كالصلاة والصوم وغيرهما"
وبين الرجل طريقة الحفظ وأن يكون هناك سبق وبين وجود التكرار كثيرا فقال:
"الفصل الخامس: في بداية السبق وقدره وترتيبه:
ينبغي أن يكون بداية السبق يوم الأربعاء كما قال رسول الله (ص)«ما من شي ء بدأ يوم الأربعاء إلا وقد تم» وكل عمل من أعمال الخير لا بد أن يوقع يوم الأربعاء وذلك لأن يوم الأربعاء يوم خلق الله فيه النور وهو يوم نحس في حق الكفار فيكون مباركا للمؤمنين. فأما قدر السبق في الابتداء فينبغي أن يكون قدر السبق للمبتدئ بقدر ما يمكن بالإعادة مرتين بالرفق والتدريج فأما إذا طال السبق في الابتداء واحتاج إلى الإعادة عشر مرات فهو في الانتهاء أيضا كذلك لأنه يعتاده كذلك، ولا يترك تلك الإعادة بجهد كثير، وقد قيل: «الدرس حرف والتكرار ألف».
وينبغي أن يبتدئ بشي ء يكون أقرب إلى فهمه، والأساتيذ كانوا يختارون للمبتدئ صغارات المتون أقرب إلى الفهم والضبط، فينبغي أن يعيد السبق بعد الضبط والإعادة كثيرا، ولا يكتب المتعلم شيئا لا يفهمه فإنه يورث كلالة الطبع وتذهب الفطنة ويضيع الأوقات."
وكما قلنا الحفظ هنا ليس ما يقال حاليا عن التعليم التلقينى لأن الطالب هنا يحفظ من نفسه وليس المعلم من يلقنه ويطالبه بالحفظ بدليل أن الطوسى طالب المتعلم أن يفهم ما يقوله الأساتيذ وان يذاكر مع أقرانه مذاكرة المناظرة وهى عملية احتجاج تدل على مدى فهم كل منهم وفى هذا قال :
"وينبغي أن يجتهد في الفهم من الاستاذ بالتأمل والتفكر وكثرة التكرار فإنه إذا قل السبق وكثر التكرار والتأمل يدرك ويفهم، وقيل: «حفظ حرفين خير من سماع ورقين»، فإذا تهاون في الفهم ولم يجتهد مرة أو مرتين يعتاد ذلك في الفهم فلا يفهم الكلام اليسير، فينبغي أن لا يتهاون في الفهم بل يجتهد ويدعو الله تعالى ويتضرع إليه فإنه يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه.
ولا بد لطالب العلم من المطارحة والمناظرة، فينبغي أن يكون بالإنصاف والتأني والتأمل، فيحترز عن الشغب والغضب، فإن المناظرة والمذاكرة مشاورة إنما يكون لاستخراج الصواب، وذلك إنما يحصل بالتأمل والإنصاف ولا يحصل بالغضب والشغب، وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من فائدة مجرد التكرار لأن فيه تكرارا مع زيادة، قيل: «مطارحة ساعة خير من تكرار شهر» لكن إذا كان منصفا سليم الطبع، وإياك والمناظرة مع غير مستقيم الطبع فإن الطبيعة مسترقة والأخلاق متعدية والمجاورة مؤثرة."
وبين الطوسى أن على الطالب أن يكون متأملا أى مفكرا فى العلوم المختلفة فقال:
"وينبغي لطالب العلم أن يكون متأملا في جميع الأوقات في دقائق العلوم ويعتاد ذلك فإنما يدرك الدقائق بالتأمل، ولهذا قيل: «تأمل تدرك»، ولا بد من التأمل قبل الكلام حتى يكون صوابا، فإن الكلام كالسهم فلا بد من تقديمه بالتأمل قبل الكلام حتى يكون ذكره مصيبا في اصول الفقه، هذا أصل كبير وهو أن يكون كلام الفقيه المناظر بالتأمل، ويكون مستفيدا في جميع الأحوال والأوقات وعن جميع الأشخاص، قال رسول الله (ص)«الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها» ، وقيل: «خذ ما صفى ودع ما كدر»، وليس لصحيح البدن والعقل عذر في ترك العلم"
وبين أن طالب العلم عليه أن يشكر الله على غهمه وأن يطلب من الله الهداية ويستعين بصالح العمل فقال:
"وللمتعلم أن يشتغل بالشكر باللسان والأركان بأن يرى الفهم والعلم من الله تعالى، ويراعي الفقراء بالمال وغيره، ويطلب من الله التوفيق والهداية فإن الله تعالى هاد لمن استهداه و«من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شي ء قدرا» .
وينبغي لطالب العلم أن يكون ذا همة عالية لا يطمع في أموال الناس، قال رسول الله (ص)«إياك والطمع فإنه فقر حاضر» فلا يبخل بما عنده من المال بل ينفق على نفسه وعلى غيره، قال رسول الله (ص)«الناس كلهم في الفقر مخافة للفقر»"
ويبين الطوسى أن طلبة العلم فى القديم كانوا يعملون بمهن قبل التعلم حتى ينفقوا على أنفسهم وعلى الدراسة فقال :
"وكان في الزمان الأول يتعلمون الحرفة ثم يتعلمون العلم حتى لا يطمعون في أموال الناس، وفي الحكمة: «من استغنى بمال الناس افتقر» والعالم إذا كان طامعا لا يبقى له حرفة العلم ولا يقول بالحق."
وبين الطوسى طريقة السبق أى مراجعة العلوم التى درسها فيقول أنه يكرر الجزؤ الذى راجعه بالأمس خمس مرات وفى اليوم قبل الأمس أربع مرات والذى قبله ثلاث والذى قبله اثنين والذى قبله واحد فهذا التكرار يجعل المعلومات محفوظة فى الذاكرة فقال:
"وينبغي لطالب العلم أن يعد نفسه ويقدر تقديرا في التكرار فإنه لا يستقر قلبه حتى لا يبلغ ذلك المبلغ، وينبغي أن يكرر سبق الأمس خمس مرات، وسبق اليوم الذي قبل الأمس أربع مرات، وسبق الذي قبله ثلاثا، والذي قبله اثنان، والذي قبله واحدا، فهذا أدعى وأقرب إلى الحفظ والتكرار فينبغي أن لا يعتاد المخافة في التكرار لأن الدرس والتكرار لا بد أن يكون بقوة ونشاط، ولا يجتهد جهدا يجهد نفسه لئلا ينقطع عن التكرار فخير الامور أوسطها، ولا بد له من المداومة في العلم من أول التحصيل إلى آخره."
ويبين الطوسى أن لطالب العلم أن يتوكل على الله فلا يهتم بالرزق اهتماما عظيما وإنما اهتماما عاديا فقال:
"الفصل السادس: في التوكل:
لا بد لطالب العلم من التوكل ولا يهم لأمر الرزق، ولا يشغل قلبه بذلك، ويصبر لأن طلب العلم أمر عظيم وفي طلب تحصيله أجر جزيل، وهو أفضل من القراءة عند أكثر العلماء فمن صبر على ذلك فقد وجد لذة تفوق سائر لذات الدنيا ولهذا كان محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) إذا أسهر الليالي وحل له مشكلات يقول: «اين أبناء الملوك من هذه اللذة»، وينبغي أن لا يشغل بشي ء ولا يعرض عن الفقه والحديث والتفسير والقرآن.
الفصل السابع: في وقت التحصيل
قيل: «وقت التعلم من المهد إلى اللحد» وأفضل أوقاته شروع الشباب ووقت السحر وما بين العشاءين، وينبغي أن يستغرق جميع أوقاته فإذا مل من علم يشتغل بعلم آخر، وكان محمد بن الحسن لا ينام الليل، وكان يضع عنده دفاتر إذا مل من نوع ينظر إلى نوع آخر، وكان يضع عنده الماء ويزيل نومه بالماء، وكان يقول: النوم من الحرارة."
نجد فى الفقرة السابقة عبارة دخيلة فيما يبدو على الكتاب وهى :
"وكان محمد بن الحسن لا ينام الليل، وكان يضع عنده دفاتر إذا مل من نوع ينظر إلى نوع آخر، وكان يضع عنده الماء ويزيل نومه بالماء، وكان يقول: النوم من الحرارة"
فالمحكى عنه هو المؤلف ومن ثم فهذا العبارة موضوعة فى الكتاب من غير مؤلفه
وبين الطوسى لطالب العلم والمعلم ما ينبغى أن يكونا عليه من الأخلاق حتى لا ينشغلوا عن العلم فقال:
"الفصل الثامن: في الشفقة والنصيحة:
ينبغي أن يكون صاحب العلم مشفقا ناصحا فالحسد يضر ولا ينفع، بل يشغله عن نية تحصيل الكمال، وينبغي أن يكون همة المعلم أن يصير المتعلم في قرنه عالما ويشفق على تلامذته بحيث فاق على علماء العالم.
وينبغي لطالب العلم أن لا ينازع أحدا ولا يخاصمه؛ لأنه يضيع الأوقات فالمحسن سيجزى بإحسانه والمسيء سيكفيه مساوئه، قيل: «عليك أن تشتغل بمصالح نفسك لا بقهر عدوك» فإذا أقمت بمصالح نفسك تضمن ذلك قهر عدوك.
إياك والمعادات فإنها تفضحك وتضيع أوقاتك، وعليك بالتأمل لا سيما من السفهاء، وإياك أن تظن بالمؤمن سوء فإنه منشأ العداوة، ولا يحل ذلك لقوله (ص): «ظنوا بالمؤمنين خيرا»، وإنما ينشأ ذلك من خبث النفس."
وبين الطوسى بعض النصائح فبين ان كتابة الطالب للعلم يجعله يثبت فى ذهنه ومن ثم عليه أن يكون معه محبرة وريشة والمراد قلم لألفاظ العصر وأوراق لكتابة ما يسمعه من المعلم وفى هذا قال :
"الفصل التاسع: في الاستفادة:
ينبغي لطالب العلم أن يكون مستفيدا في كل وقت حتى يحصل له الفضل، وطريق الاستفادة أن يكون معه في كل وقت محبرة حتى يكتب ما يسمع من الفوائد قيل: «ما حفظ فر وما كتب قر»، قيل: «العلم ما يؤخذ من أفواه الرجال لأنهم يحفظون أحسن ما يسمعون، ويقولون أحسن ما يحفظون»، ووصى شخص لابنه بأن يحفظ كل يوم شقصا من العلم فإنه يسير وعن قريب يصير كثيرا فالعلم كثير والعمر قصير فينبغي أن لا يضيع الطالب له الأوقات والساعات، ويغتنم الليالي والخلوات، قيل: «الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار مضي ء فلا تكدره بآثامك».
وينبغي لطالب العلم أن يغتنم الشيوخ ويستفيد منهم ولا يتحسر لكل ما فات بل يغتنم ما حصل له في الحال والاستقبال من تحمل المشاق والمذلة في طلب العلم، والتملق مذموم إلا في طلب العلم فإنه لا بد له من التملق للاستاذ والشركاء وغيرهم للاستفادة، وقيل: «العلم عز لا ذل فيه، ولا يدرك إلا بذل لا عز فيه».
وهو هنا يطالب الطالب ان يحفظ قليلا منالعلم كل سوم ويمرور الأيام سيصير هذا القليل كثيرا وهى وجخة مظر مفيدة فى مذاكرة العلم
وتحدث فى الفصل التالى عن ورع الطالب فقال:
"الفصل العاشر: في الورع في التعلم:
روي حديث في هذا الباب عن رسول الله (ص) إنه قال: «من لم يتورع في تعلمه ابتلاه الله بأحد من ثلاثة أشياء إما أن يميته في شبابه أو يوقع في الرساتيق أو يبتليه بخدمة السلطان» ، فمهما كان طالب العلم أورع كان علمه أنفع والتعليم له أيسر وفوائده أكثر، ومن الورع أن يحترز عن الشبع وكثرة الكلام فيما لا ينتفع، وأن يحترز عن أكل طعام السوق إن أمكن لأن طعام السوق أقرب إلى النجاسة والخباثة وأبعد عن ذكر الله تعالى وأقرب إلى الغفلة لأن أبصار الفقراء تقع عليه ولا يقدرون على الشراء فيتأذون بذلك فيذهب بركته.
وينبغي لطالب العلم أن يحترز عن الغيبة وعن مجالسة مكثار الكلام فإن من يكثر الكلام يسرق عمرك ويضيع أوقاتك ومن الورع أن يجتنب من أهل الفساد والتعطيل فإن المجالسة مؤثرة لا محالة وأن يجلس مستقبل القبلة في حال التكرار والمطالعة ويكون مستنا بسنة النبي (ص).
ويغتنم دعوة أهل الخير ويحترز عن دعوة الظلوم ويطلب الهمة واستدعى من الصالحين وينبغي لطالب العلم أن لا يهاون برعاية الآداب والسنن، فإن «من تهاون بالآداب حرم السنن ومن تهاون بالسنن حرم الفرائض ومن تهاون بالفرائض حرم الآخرة»، وقال بعضهم هذا حديث من رسول الله (ص).
وينبغي أن يكثر الصلاة ويصلي صلاة الخاشعين فإن ذلك عون من التحصيل والتعلم وينبغي أن يستصحب دفترا على كل حال يطالعه، وقيل: «من لم يكن الدفتر في كمه لم يثبت الحكمة في قلبه».وينبغي أن يكون في الدفتر بياض ويستصحب المحبرة ليكتب ما يسمعه كما قال النبي (ص) لهلال بن يسار حين قرر له العلم والحكمة: «هل معك محبرة»."
والرواية عن النبى(ص) رواية خاطئة لم يقلها فغير المتورع فى طلب العلم يصيبخ الله إن شاء بامور كثيرة وليس الثلاثة فقط
وقد كرر الطوسى هنا بعض كلامه السابق كالكلام عن كتابة العلم بالمحبرة الذى اكرر فى الفصل العاشر ومجالسة الصالحين
وكرر فى الفصل التالى كلاما سبق ان قاله عن اسباب الحفظ فقال:
"الفصل الحادي عشر: في ما يورث الحفظ والنسيان:
وأقوى أسباب الحفظ الجد والمواظبة وتقليل الغذاء وصلاة الليل بالخضوع والخشوع وقراءة القرآن من أسباب الحفظ، قيل: «ليس شيء أزيد في الحفظ من قراءة القرآن لا سيما آية الكرسي وقراءة القرآن نظرا أفضل لقوله (ص)«أفضل أعمال امتي قراءة القرآن نظرا» وبكثرة الصلاة على النبي (ص) والمسواك وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء في كل يوم وكل ذلك يورث الحفظ ويشفي من كثرة الأمراض والأسقام، وكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزيد في الحفظ، وكل ما يزيد في البلغم يورث النسيان، ومما يورث النسيان كثرة المعاصي، وكثرة الهموم والأحزان في امور الدنيا وكثرة الاشتغال والعلائق، وقد ذكرنا إنه لا ينبغي للعاقل أن يهم لامور الدنيا لأنه يضر ولا ينفع، وهموم الدنيا لا يخلو عن الظلمة في القلب وهموم الآخرة لا يخلو من النور في القلب، وتحصيل العلوم ينفي الهم والحزن وأكل الكزبرة والتفاح الحامض، ونظر المصلوب وقراءة لوح القبور والعبور بين أقطار الجمل وإلقاء القمل الحي على الأرض والحجامة على نقرة القفا وكل ذلك يورث النسيان."
وفيما سلف من نصائح غذائية نصائح مفيدة ولكن هناك كلام خاطىء مثل قوله" ونظر المصلوب وقراءة لوح القبور والعبور بين أقطار الجمل وإلقاء القمل الحي على الأرض والحجامة على نقرة القفا وكل ذلك يورث النسيان"
وأيضا أن الصلاة على النبى(ص)تجلب الحفظ كلام خال من الحقيقة ومما ينبغى قوله :
التغذية الصحيحة والعادات الصحية السليمة سبب أساسى للحفظ بينما سوء التغذية والعادات غير الصحية السليمة تؤدى إلى مرض فقر الدم وغيره مما ستسبب فى انشغال المريض بآلامه وأوجاعه عن العلم وفيما يبدو أن للأمراض خاصة أمراض سوء التغذية علاقة بالنسيان
ثم حدثنا الطوسى عما يجلب الرزق ويزيده العمر وينقصه فقال:
"الفصل الثاني عشر: فيما يجلب الرزق ويزيده العمر وينقص وما يزيد:
ثم لا بد لطالب العلم من القوة والصحة ليكون فارغ البال في طلب العلم وفي كل ذلك صنفوا كتابا. فأوردت البعض هاهنا على الاختصار، قال رسول الله (ص)«لا يزيد في الرزق ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر» ، فيثبت بهذا الحديث أن ارتكاب الذنب يسبب حرمان الرزق خصوصا الكذب يورث الفقر وقد ورد حديث خاص بذلك وكذا الصحبة جنبا يمنع الرزق، وكذا كثرة النوم ثم النوم عريانا، والبول عريانا، والأكل جنبا، والتهاون بسقاط المائدة، وحرق قشر البصل والثوم، وكنس البيت في الليل، وترك القمامة في البيت، والمشي قدام المشايخ، ونداء الأبوين باسمهما، والخلال بكل خشبة، وغسل اليدين بالتراب والطين، والجلوس على العتبة، والاتكاء على أحد زوجي الباب، والتوضؤ في المبرز، وخياطة الثوب على البدن، وتجفيف الوجه بالثوب، وترك بيت العنكبوت في البيت، والتهاون بالصلاة، وإسراع الخروج من المسجد، والابتكار في الذهاب إلى السوق والإبطاء في الرجوع منه، وشراء كسرات الخبز من الفقراء السائلين، ودعاء الشر على الوالدين، وترك تطهير الأواني، وإطفاء السراج بالنفس، كل ذلك يورث الفقر عرف ذلك بالآثار، وكذا الكتابة بقلم معقود، والإمشاط بمشط مكسور، وترك الدعاء للوالدين، والتعمم قاعدا والتسرول قائما، والبخل والتقتير والإسراف والكسل والتواني والتهاون في الأمور. قال رسول الله(ص)«استنزلوا الرزق بالصدقة» .
والبكور مبارك يزيد في جميع النعم خصوصا في الرزق، وحسن الخط من مفاتيح الرزق، وطيب الكلام يزيد في الرزق، وعن حسين بن علي «ترك الزناء وكنس الفناء وغسل الاناء مجلبة للغناء» ، وأقوى الأسباب الجالبة للرزق الصلاة بالتعظيم والخشوع، وقراءة سورة الواقعة خصوصا بالليل ووقت العشاء، وسورة يس وتبارك الذي بيده الملك وقت الصبح، وحضور المسجد قبل الأذان، والمداومة على الطهارة، وأداء سنة الفجر والوتر في البيت، وأن لا يتكلم بكلام اللغو، قيل: «من اشتغل بما لا يعنيه يفوته ما يعنيه»، قال علي «إذا تم العقل نقص الكلام» .
ومما يزيد في العمر ترك الأذى، وتوقير الشيوخ وصلة الرحم، ويحترز عن قطع الأشجار الرطبة إلا عند الضرورة، وإسباغ الوضوء وحفظ الصحة.
ولا بد لطالب العلم أن يتعلم شيئا من الطب ويتبع بالآثار الواردة في الطب الذي جمعه الشيخ الإمام أبو العباس المستغفري في الكتاب المسمى بطب النبي (ص)."
هذا الفصل فيه كثير من التخاريف فالرزق طريقه فى الإسلام هو العمل الوظيفى وهى السعى فى مناكب الأرض كما ان العمر لا يزيد ولا ينقص عن الأجل المكتوب كما قال تعالى :
"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
ويبدو أن هذا الفصل ليس من عند المؤلف بل زاده أحدهم فيه لأن الكثير من كلامه يناقض ما قاله المؤلف فيما سبق
يوجد عدة كتب تحت نفس الاسم وبمؤلفين مختلفين منهم كتابات بنفس الألفاط لمؤلفين مختلفين وقد سبق تناولهم فى نقد سابق والكتاب الحالى مختلف عنهم ولمؤلف هذه المرة شيعى بينما كانت الكتب السابقة لسنة ومؤلف الكتاب هو نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي الشيعي (المتوفى: 460 هـ)
وهدف المؤلف كما فى مقدمته أن يبين طريق التعلم على سبيل الاختصار وفى هذا قال:
"وبعد: فكثير من طلاب العلم لا يتيسر لهم التحصيل وإن اجتهدوا، ولا ينتفعوا عن ثمراته وإن اشتغلوا لأنهم أخطأوا طريقه، وتركوا شرائطه، وكل من أخطأ الطريق ضل فلا ينال المقصود. أردت أن أبين طريق التعلم على سبيل الاختصار على ما رأيت في الكتاب وسمعت من أساتيذي اولي العلم والله الموفق والمعين فأبين المقصود في فصول شتى"
فى الفصل الأول تناول ماهية العلم وفضله فقال:
"الفصل الأول: في ماهية العلم وفضله:
اعلم أنه قال رسول الله (ص)«طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» ، والمراد من العلم هنا، علم الحال أي العلم المحتاج إليه في الحال الموصل إلى النفع في المآل كما يقال: «أفضل العلم علم الحال، وأفضل العمل حفظ المآل». فيفرض على الطالب ما يصلح حاله.
وقد بين انقسام العلم لعلم مفروض على الكل وهو ما يسمونه فرض العين وعلم كفائى أى على البعض العلم به لافادة الكل وهو العلك الكفائى فقال:
"وشرف العلم لا يخفى على أحد إذ العلم هو مختص بالإنسان لأن جميع الخصال سوى العلم يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوانات كالشجاعة والقوة والشفقة وغير ذلك، وبه أظهر الله فضل آدم على الملائكة وأمرهم بالسجود له، وأيضا هو وسيلة الى السعادة الأبدية إن وقع العمل على مقتضاه، فالعلم الذي يفرض على المكلف بعينه يجب تحصيله ويجبر عليه إن لم يحصل والذي يكون الاحتياج به في الأحيان فرض على سبيل الكفاية وإذا قام به البعض سقط عن الباقي وإن لم يكن في البلد من يقوم به، اشتركوا جميعا في تحصيله بالوجوب"
وشبه الرجل العلم المفروض على الكل بأنه كالطعام لا يستغنى عنه أحد والعلم الكفائى بالدواء الذى يحتاج له فى بعض الأحيان فقال:
"وقيل: بأن علم ما ينفع على نفسه في جميع الأحوال بمنزلة الطعام لا بد لكل أحد من ذلك، وعلم ما ينفع في الأحانين بمنزلة الدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، وعلم النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لأنه يضر ولا ينفع إلا قدر ما يعرف به القبلة وأوقات الصلاة وغير ذلك فإنه ليس بحرام."
وبين ان هدف التعلم هو نفع المتعلم وإلا ف‘نه يكون سبب عقابه فى الآخرة إن علم ولم يعمل به فقال:
"فأما تفسير العلم فإنه صفة ينجلي بها لمن قامت هي به المذكور، فينبغي للطالب أن لا يغفل عن نفسه وما ينفعها وما يضرها في أولها وآخرها فيستجلب بما ينفعها ويتجنب عما يضرها لئلا يكون عقله وعلمه حجة عليه فيزداد عقوبة."
وبين الطوسى وجود نية المتعلم يجب أن تكون هى إرضاء اللهو فقال:
"الفصل الثاني: في النية:
لابد لطالب العلم من النية في تعلم العلم، إذ النية هو الأصل في جميع الأحوال لقوله (ص)«إنما الأعمال بالنيات» ولقوله (ص)«لكل امرئ ما نوى» ، فينبغي أن ينوي المتعلم بطلب العلم رضاء الله تعالى، وإزالة الجهل عن نفسه وعن سائر الجهال وإبقاء الاسلام وإحياء الدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من نفسه ومن متعلقاته ومن الغير بقدر الإمكان، فينبغي لطالب العلم أن يصبر في المشاق ويجتهد بقدر الوسع فلا يصرف عمره في الدنيا الحقيرة الفانية، ولا يذل نفسه بالطمع، ويجتنب عن الحقد ويحترز عن التكبر."
والخطأ هنا هو تعديد أهداف وهى نية المتعلم من التعلم وإرضاء الله يدخل فيه كل ما ذكره الطوسى
وبين الطوسى ان على المتعلم أن يختار العلوم التى يدرسها فيبدأ بعلم التوحيد وأن عليه ان يدرس الصول وهى المتون وليس الحواشى على الصول فقال:
"الفصل الثالث: في اختيار العلم والاستاذ والشريك والثبات
ينبغي لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه، وما يحتاج إليه في الامور الدينية في الحال ثم ما يحتاج إليه بالمآل، ويقدم علم التوحيد ومعرفة الله تعالى بالدليل، ويختار العتيق دون المحدثات قالوا: «عليكم بالعتيق وإياكم والمحدثات» ويختار المتون كما قيل: «عليكم بالمتون لا بالحواشي»."
كما بين على المتعلم أن يختار الأساتذة عن طريق السؤال عنهم وأن يكون مقياس اختياره هو اختيار الأعلم والأتقى وفى هذا قال:
"وأما الاستاذ، فينبغي أن يختار الأعلم والأورع والأسن، وينبغي أن يشاور في طلب العلم أي علم يراد في المشي إلى تحصيله، فإذا دخل المتعلم إلى بلد يريد أن يتعلم فيه فليكن أن لا يعجل في الاختلاف مع العلماء وأن يصبر شهرين حتى كان اختياره للاستاذ ولم يؤد إلى تركه والرجوع إلى الآخر فلا يبارك له."
كما بين عليه ألا ينتقل من علم إلى علم أخر حتى يتقن الأول فقالك
"فينبغي أن يثبت ويصبر على استاذ وكتاب حتى لا يتركه أبتر، وعلى فن لا يشتغل بفن آخر قبل أن يصير ماهرا فيه، وعلى بلد حتى لا ينقل إلى بلد آخر من غير ضرورة فإن ذلك كله يفرق الامور المقربة إلى التحصيل ويشغل القلب ويضيع الأوقات."
كما بين عليه ان يختار زميله وهو صاحبه فى الدراسةمن بين العلم والأتقى من الزملاء فقال:
"وأما اختيار الشريك: فينبغي أن يختار المجد والأورع وصاحب الطبع المستقيم ويحترز من الكسلان والمعطل ومكثار الكلام والمفسد والفتان، وقيل:
«فاعتبر الأرض بأسمائها ... واعتبر الصاحب بالصاحب»"
ثم بين واجبات المتعلم كاحترام المعلم والطعارة عند الدرس وتجويد الخط والاستماع الحسن وتفويض المعلم فى اختيار العلوم المفيدة فقال:
:وينبغي أن يعظم العلم وأهله بالقلب غاية التعظيم، قيل: «الحرمة خير من الطاعة» حتى لم يأخذ الكتاب، ولم يطالع ولم يقرأ الدرس إلا مع الطهارة وينبغي أن يجود كتابة الكتاب، ولا يقرمط ويترك الحاشية إلا عند الضرورة لأنه إن عاش ندم وإن مات شتم، وينبغي أن يستمع العلم بالتعظيم والحرمة لا بالاستهزاء.
ولا يختار نوع العلم بنفسه بل يفوض أمره إلى استاذه، لأن الاستاذ قد حصل له التجارب في ذلك عند التحصيل، وقد عرف ما ينبغي لكل أحد وما يليق بطبيعته.
وينبغي لطالب العلم أن لا يجلس قريبا من الاستاذ عند السبق بغير الضرورة بل ينبغي أن يكون بينه وبين الاستاذ قدر القوس لأنه أقرب إلى التعظيم.
وينبغي لطالب العلم أن يحترز عن الأخلاق الذميمة فإنها كلاب معنوية، قال رسول الله (ص)«لا يدخل الملائكة بيتا فيه كلبا أو صورة الكلب» "
والملاحظ هنا وجود تناقض ففى الفقرة السابقة المعلم هو من يختار العلوم التى يعلمها للمتعلم بينما فى الفصل الصالص نجد الطالب هو من يختار العلوم التى يدرسها وهو قوله " ينبغي لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه، وما يحتاج إليه في الامور الدينية في الحال ثم ما يحتاج إليه بالمآل، ويقدم علم التوحيد"
والرواية المذكورة عن عدم دخول الملائكة البيوت التى فيها كلام تتناقض مع كتاب الله فى أن الملائكة لا تنزل الأرض لعدم اطمئنانها فى الأرض كما قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم بين الطوسى أن المهم فى التعلم المواظبة والمراد استمرار طلب العلم يوميا فقال:
"الفصل الرابع: في الجد والمواظبة والهمة:
ثم لا بد لطالب العلم من الجد والمواظبة والملازمة، قيل: «من طلب شيئا وجد وجد ومن قرع بابا ولج ولج»، وقيل: «بقدر ما يسعى ينال ما يتمنى».قيل: يحتاج في التعلم إلى جد الثلاثة: المتعلم والاستاذ والأب إن كان في الحياة.
ولا بد لطالب العلم من المواظبة على الدرس والتكرار في أول الليل وآخره وما بين العشاءين. ووقت السحر وقت مبارك قيل: «من أسهر نفسه بالليل فقد فرح قلبه بالنهار»، ويغتنم أيام الحداثة وعنفوان الشباب، ولا يجتهد نفسه جهدا يضعف النفس وينقطع عن العمل بل يستعمل الرفق في ذلك، والرفق أصل عظيم في جميع الأشياء.
ولا بد لطالب العلم من الهمة العالية في العلم «فإن المرء يطير بهمته كالطير يطير بجناحيه» فلا بد أن يكون همته على حفظ جميع الكتب حتى يحصل البعض فأما إذا كان له همة عالية ولم يكن له جد أو كان له جد ولم يكن له همة عالية لا يحصل له إلا قليلا من العلم.
وينبغي أن يتعب نفسه على الجد والتحصيل والمواظبة بالتأمل في فضائل العلوم ودقائقها فإن العلم يبقى وغيره يفنى فإنه حياة أبدية، قيل: «العالمون أحياء وإن ماتوا»، وكفى بلذة العلم داعيا إلى التحصيل للعاقل."
ونجد الطوسى يطالب المتعلم بحفظ الكتب والعبارة إما خاطئة وإما صحيحة بهذا الوضع وكلامها يكون متناقض فحفظ جميع الكتب جنون لا يقدر عليه أحد وإنما المراد حفظ البعض وهو يؤكد على أعمية الهمة العالية والمراد إرادة التعلم الراغبة فى نيل أعلى درجات العلم
وبالقطع حكاية حفظ الكتب فى تلك الظروف كانت مطلوبة لأن أثمان الكتب كانت غالية لا يقدر عليها إلا القليل وليس الحفظ بمعنى التلقين هنا لأن الحفظ هنا فائدة للطالب ماليا
وبين الطوسى أن بعض العادات الصحية تؤثر على الطالب سلبا فبين له ما يفعله قائلا:
"وقد يتولد الكسل من كثرة البلغم والرطوبات، وطريق تقليله تقليل الطعام. وذلك لأن النسيان من كثرة البلغم، وكثرة البلغم من كثرة شرب الماء، وكثرة شرب الماء من كثرة الأكل.والخبز اليابس يقطع البلغم والرطوبة، وكذا أكل الزبيب ولا يكثر الأكل منه حتى لا يحتاج إلى شرب الماء فيزيد البلغم والسواك يقلل البلغم ويزيد في الحفظ والفصاحة، وكذا القيء يقلل البلغم والرطوبات.وطريق تقليل الأكل التأمل في منافع قلة الأكل وهي الصحة والعفة وغيرهما، والتأمل في مضار كثرة الأكل وهي الأمراض وكلالة الطبع، وقيل: «البطنة تذهب الفطنة» وينبغي أن لا يأكل الأطعمة الدسمة، ويقدم في الأكل الألطف والأشهى وأن لا يسعى في الأكل والنوم إلا لغرض الطاعات كالصلاة والصوم وغيرهما"
وبين الرجل طريقة الحفظ وأن يكون هناك سبق وبين وجود التكرار كثيرا فقال:
"الفصل الخامس: في بداية السبق وقدره وترتيبه:
ينبغي أن يكون بداية السبق يوم الأربعاء كما قال رسول الله (ص)«ما من شي ء بدأ يوم الأربعاء إلا وقد تم» وكل عمل من أعمال الخير لا بد أن يوقع يوم الأربعاء وذلك لأن يوم الأربعاء يوم خلق الله فيه النور وهو يوم نحس في حق الكفار فيكون مباركا للمؤمنين. فأما قدر السبق في الابتداء فينبغي أن يكون قدر السبق للمبتدئ بقدر ما يمكن بالإعادة مرتين بالرفق والتدريج فأما إذا طال السبق في الابتداء واحتاج إلى الإعادة عشر مرات فهو في الانتهاء أيضا كذلك لأنه يعتاده كذلك، ولا يترك تلك الإعادة بجهد كثير، وقد قيل: «الدرس حرف والتكرار ألف».
وينبغي أن يبتدئ بشي ء يكون أقرب إلى فهمه، والأساتيذ كانوا يختارون للمبتدئ صغارات المتون أقرب إلى الفهم والضبط، فينبغي أن يعيد السبق بعد الضبط والإعادة كثيرا، ولا يكتب المتعلم شيئا لا يفهمه فإنه يورث كلالة الطبع وتذهب الفطنة ويضيع الأوقات."
وكما قلنا الحفظ هنا ليس ما يقال حاليا عن التعليم التلقينى لأن الطالب هنا يحفظ من نفسه وليس المعلم من يلقنه ويطالبه بالحفظ بدليل أن الطوسى طالب المتعلم أن يفهم ما يقوله الأساتيذ وان يذاكر مع أقرانه مذاكرة المناظرة وهى عملية احتجاج تدل على مدى فهم كل منهم وفى هذا قال :
"وينبغي أن يجتهد في الفهم من الاستاذ بالتأمل والتفكر وكثرة التكرار فإنه إذا قل السبق وكثر التكرار والتأمل يدرك ويفهم، وقيل: «حفظ حرفين خير من سماع ورقين»، فإذا تهاون في الفهم ولم يجتهد مرة أو مرتين يعتاد ذلك في الفهم فلا يفهم الكلام اليسير، فينبغي أن لا يتهاون في الفهم بل يجتهد ويدعو الله تعالى ويتضرع إليه فإنه يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه.
ولا بد لطالب العلم من المطارحة والمناظرة، فينبغي أن يكون بالإنصاف والتأني والتأمل، فيحترز عن الشغب والغضب، فإن المناظرة والمذاكرة مشاورة إنما يكون لاستخراج الصواب، وذلك إنما يحصل بالتأمل والإنصاف ولا يحصل بالغضب والشغب، وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من فائدة مجرد التكرار لأن فيه تكرارا مع زيادة، قيل: «مطارحة ساعة خير من تكرار شهر» لكن إذا كان منصفا سليم الطبع، وإياك والمناظرة مع غير مستقيم الطبع فإن الطبيعة مسترقة والأخلاق متعدية والمجاورة مؤثرة."
وبين الطوسى أن على الطالب أن يكون متأملا أى مفكرا فى العلوم المختلفة فقال:
"وينبغي لطالب العلم أن يكون متأملا في جميع الأوقات في دقائق العلوم ويعتاد ذلك فإنما يدرك الدقائق بالتأمل، ولهذا قيل: «تأمل تدرك»، ولا بد من التأمل قبل الكلام حتى يكون صوابا، فإن الكلام كالسهم فلا بد من تقديمه بالتأمل قبل الكلام حتى يكون ذكره مصيبا في اصول الفقه، هذا أصل كبير وهو أن يكون كلام الفقيه المناظر بالتأمل، ويكون مستفيدا في جميع الأحوال والأوقات وعن جميع الأشخاص، قال رسول الله (ص)«الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها» ، وقيل: «خذ ما صفى ودع ما كدر»، وليس لصحيح البدن والعقل عذر في ترك العلم"
وبين أن طالب العلم عليه أن يشكر الله على غهمه وأن يطلب من الله الهداية ويستعين بصالح العمل فقال:
"وللمتعلم أن يشتغل بالشكر باللسان والأركان بأن يرى الفهم والعلم من الله تعالى، ويراعي الفقراء بالمال وغيره، ويطلب من الله التوفيق والهداية فإن الله تعالى هاد لمن استهداه و«من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شي ء قدرا» .
وينبغي لطالب العلم أن يكون ذا همة عالية لا يطمع في أموال الناس، قال رسول الله (ص)«إياك والطمع فإنه فقر حاضر» فلا يبخل بما عنده من المال بل ينفق على نفسه وعلى غيره، قال رسول الله (ص)«الناس كلهم في الفقر مخافة للفقر»"
ويبين الطوسى أن طلبة العلم فى القديم كانوا يعملون بمهن قبل التعلم حتى ينفقوا على أنفسهم وعلى الدراسة فقال :
"وكان في الزمان الأول يتعلمون الحرفة ثم يتعلمون العلم حتى لا يطمعون في أموال الناس، وفي الحكمة: «من استغنى بمال الناس افتقر» والعالم إذا كان طامعا لا يبقى له حرفة العلم ولا يقول بالحق."
وبين الطوسى طريقة السبق أى مراجعة العلوم التى درسها فيقول أنه يكرر الجزؤ الذى راجعه بالأمس خمس مرات وفى اليوم قبل الأمس أربع مرات والذى قبله ثلاث والذى قبله اثنين والذى قبله واحد فهذا التكرار يجعل المعلومات محفوظة فى الذاكرة فقال:
"وينبغي لطالب العلم أن يعد نفسه ويقدر تقديرا في التكرار فإنه لا يستقر قلبه حتى لا يبلغ ذلك المبلغ، وينبغي أن يكرر سبق الأمس خمس مرات، وسبق اليوم الذي قبل الأمس أربع مرات، وسبق الذي قبله ثلاثا، والذي قبله اثنان، والذي قبله واحدا، فهذا أدعى وأقرب إلى الحفظ والتكرار فينبغي أن لا يعتاد المخافة في التكرار لأن الدرس والتكرار لا بد أن يكون بقوة ونشاط، ولا يجتهد جهدا يجهد نفسه لئلا ينقطع عن التكرار فخير الامور أوسطها، ولا بد له من المداومة في العلم من أول التحصيل إلى آخره."
ويبين الطوسى أن لطالب العلم أن يتوكل على الله فلا يهتم بالرزق اهتماما عظيما وإنما اهتماما عاديا فقال:
"الفصل السادس: في التوكل:
لا بد لطالب العلم من التوكل ولا يهم لأمر الرزق، ولا يشغل قلبه بذلك، ويصبر لأن طلب العلم أمر عظيم وفي طلب تحصيله أجر جزيل، وهو أفضل من القراءة عند أكثر العلماء فمن صبر على ذلك فقد وجد لذة تفوق سائر لذات الدنيا ولهذا كان محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) إذا أسهر الليالي وحل له مشكلات يقول: «اين أبناء الملوك من هذه اللذة»، وينبغي أن لا يشغل بشي ء ولا يعرض عن الفقه والحديث والتفسير والقرآن.
الفصل السابع: في وقت التحصيل
قيل: «وقت التعلم من المهد إلى اللحد» وأفضل أوقاته شروع الشباب ووقت السحر وما بين العشاءين، وينبغي أن يستغرق جميع أوقاته فإذا مل من علم يشتغل بعلم آخر، وكان محمد بن الحسن لا ينام الليل، وكان يضع عنده دفاتر إذا مل من نوع ينظر إلى نوع آخر، وكان يضع عنده الماء ويزيل نومه بالماء، وكان يقول: النوم من الحرارة."
نجد فى الفقرة السابقة عبارة دخيلة فيما يبدو على الكتاب وهى :
"وكان محمد بن الحسن لا ينام الليل، وكان يضع عنده دفاتر إذا مل من نوع ينظر إلى نوع آخر، وكان يضع عنده الماء ويزيل نومه بالماء، وكان يقول: النوم من الحرارة"
فالمحكى عنه هو المؤلف ومن ثم فهذا العبارة موضوعة فى الكتاب من غير مؤلفه
وبين الطوسى لطالب العلم والمعلم ما ينبغى أن يكونا عليه من الأخلاق حتى لا ينشغلوا عن العلم فقال:
"الفصل الثامن: في الشفقة والنصيحة:
ينبغي أن يكون صاحب العلم مشفقا ناصحا فالحسد يضر ولا ينفع، بل يشغله عن نية تحصيل الكمال، وينبغي أن يكون همة المعلم أن يصير المتعلم في قرنه عالما ويشفق على تلامذته بحيث فاق على علماء العالم.
وينبغي لطالب العلم أن لا ينازع أحدا ولا يخاصمه؛ لأنه يضيع الأوقات فالمحسن سيجزى بإحسانه والمسيء سيكفيه مساوئه، قيل: «عليك أن تشتغل بمصالح نفسك لا بقهر عدوك» فإذا أقمت بمصالح نفسك تضمن ذلك قهر عدوك.
إياك والمعادات فإنها تفضحك وتضيع أوقاتك، وعليك بالتأمل لا سيما من السفهاء، وإياك أن تظن بالمؤمن سوء فإنه منشأ العداوة، ولا يحل ذلك لقوله (ص): «ظنوا بالمؤمنين خيرا»، وإنما ينشأ ذلك من خبث النفس."
وبين الطوسى بعض النصائح فبين ان كتابة الطالب للعلم يجعله يثبت فى ذهنه ومن ثم عليه أن يكون معه محبرة وريشة والمراد قلم لألفاظ العصر وأوراق لكتابة ما يسمعه من المعلم وفى هذا قال :
"الفصل التاسع: في الاستفادة:
ينبغي لطالب العلم أن يكون مستفيدا في كل وقت حتى يحصل له الفضل، وطريق الاستفادة أن يكون معه في كل وقت محبرة حتى يكتب ما يسمع من الفوائد قيل: «ما حفظ فر وما كتب قر»، قيل: «العلم ما يؤخذ من أفواه الرجال لأنهم يحفظون أحسن ما يسمعون، ويقولون أحسن ما يحفظون»، ووصى شخص لابنه بأن يحفظ كل يوم شقصا من العلم فإنه يسير وعن قريب يصير كثيرا فالعلم كثير والعمر قصير فينبغي أن لا يضيع الطالب له الأوقات والساعات، ويغتنم الليالي والخلوات، قيل: «الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار مضي ء فلا تكدره بآثامك».
وينبغي لطالب العلم أن يغتنم الشيوخ ويستفيد منهم ولا يتحسر لكل ما فات بل يغتنم ما حصل له في الحال والاستقبال من تحمل المشاق والمذلة في طلب العلم، والتملق مذموم إلا في طلب العلم فإنه لا بد له من التملق للاستاذ والشركاء وغيرهم للاستفادة، وقيل: «العلم عز لا ذل فيه، ولا يدرك إلا بذل لا عز فيه».
وهو هنا يطالب الطالب ان يحفظ قليلا منالعلم كل سوم ويمرور الأيام سيصير هذا القليل كثيرا وهى وجخة مظر مفيدة فى مذاكرة العلم
وتحدث فى الفصل التالى عن ورع الطالب فقال:
"الفصل العاشر: في الورع في التعلم:
روي حديث في هذا الباب عن رسول الله (ص) إنه قال: «من لم يتورع في تعلمه ابتلاه الله بأحد من ثلاثة أشياء إما أن يميته في شبابه أو يوقع في الرساتيق أو يبتليه بخدمة السلطان» ، فمهما كان طالب العلم أورع كان علمه أنفع والتعليم له أيسر وفوائده أكثر، ومن الورع أن يحترز عن الشبع وكثرة الكلام فيما لا ينتفع، وأن يحترز عن أكل طعام السوق إن أمكن لأن طعام السوق أقرب إلى النجاسة والخباثة وأبعد عن ذكر الله تعالى وأقرب إلى الغفلة لأن أبصار الفقراء تقع عليه ولا يقدرون على الشراء فيتأذون بذلك فيذهب بركته.
وينبغي لطالب العلم أن يحترز عن الغيبة وعن مجالسة مكثار الكلام فإن من يكثر الكلام يسرق عمرك ويضيع أوقاتك ومن الورع أن يجتنب من أهل الفساد والتعطيل فإن المجالسة مؤثرة لا محالة وأن يجلس مستقبل القبلة في حال التكرار والمطالعة ويكون مستنا بسنة النبي (ص).
ويغتنم دعوة أهل الخير ويحترز عن دعوة الظلوم ويطلب الهمة واستدعى من الصالحين وينبغي لطالب العلم أن لا يهاون برعاية الآداب والسنن، فإن «من تهاون بالآداب حرم السنن ومن تهاون بالسنن حرم الفرائض ومن تهاون بالفرائض حرم الآخرة»، وقال بعضهم هذا حديث من رسول الله (ص).
وينبغي أن يكثر الصلاة ويصلي صلاة الخاشعين فإن ذلك عون من التحصيل والتعلم وينبغي أن يستصحب دفترا على كل حال يطالعه، وقيل: «من لم يكن الدفتر في كمه لم يثبت الحكمة في قلبه».وينبغي أن يكون في الدفتر بياض ويستصحب المحبرة ليكتب ما يسمعه كما قال النبي (ص) لهلال بن يسار حين قرر له العلم والحكمة: «هل معك محبرة»."
والرواية عن النبى(ص) رواية خاطئة لم يقلها فغير المتورع فى طلب العلم يصيبخ الله إن شاء بامور كثيرة وليس الثلاثة فقط
وقد كرر الطوسى هنا بعض كلامه السابق كالكلام عن كتابة العلم بالمحبرة الذى اكرر فى الفصل العاشر ومجالسة الصالحين
وكرر فى الفصل التالى كلاما سبق ان قاله عن اسباب الحفظ فقال:
"الفصل الحادي عشر: في ما يورث الحفظ والنسيان:
وأقوى أسباب الحفظ الجد والمواظبة وتقليل الغذاء وصلاة الليل بالخضوع والخشوع وقراءة القرآن من أسباب الحفظ، قيل: «ليس شيء أزيد في الحفظ من قراءة القرآن لا سيما آية الكرسي وقراءة القرآن نظرا أفضل لقوله (ص)«أفضل أعمال امتي قراءة القرآن نظرا» وبكثرة الصلاة على النبي (ص) والمسواك وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء في كل يوم وكل ذلك يورث الحفظ ويشفي من كثرة الأمراض والأسقام، وكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزيد في الحفظ، وكل ما يزيد في البلغم يورث النسيان، ومما يورث النسيان كثرة المعاصي، وكثرة الهموم والأحزان في امور الدنيا وكثرة الاشتغال والعلائق، وقد ذكرنا إنه لا ينبغي للعاقل أن يهم لامور الدنيا لأنه يضر ولا ينفع، وهموم الدنيا لا يخلو عن الظلمة في القلب وهموم الآخرة لا يخلو من النور في القلب، وتحصيل العلوم ينفي الهم والحزن وأكل الكزبرة والتفاح الحامض، ونظر المصلوب وقراءة لوح القبور والعبور بين أقطار الجمل وإلقاء القمل الحي على الأرض والحجامة على نقرة القفا وكل ذلك يورث النسيان."
وفيما سلف من نصائح غذائية نصائح مفيدة ولكن هناك كلام خاطىء مثل قوله" ونظر المصلوب وقراءة لوح القبور والعبور بين أقطار الجمل وإلقاء القمل الحي على الأرض والحجامة على نقرة القفا وكل ذلك يورث النسيان"
وأيضا أن الصلاة على النبى(ص)تجلب الحفظ كلام خال من الحقيقة ومما ينبغى قوله :
التغذية الصحيحة والعادات الصحية السليمة سبب أساسى للحفظ بينما سوء التغذية والعادات غير الصحية السليمة تؤدى إلى مرض فقر الدم وغيره مما ستسبب فى انشغال المريض بآلامه وأوجاعه عن العلم وفيما يبدو أن للأمراض خاصة أمراض سوء التغذية علاقة بالنسيان
ثم حدثنا الطوسى عما يجلب الرزق ويزيده العمر وينقصه فقال:
"الفصل الثاني عشر: فيما يجلب الرزق ويزيده العمر وينقص وما يزيد:
ثم لا بد لطالب العلم من القوة والصحة ليكون فارغ البال في طلب العلم وفي كل ذلك صنفوا كتابا. فأوردت البعض هاهنا على الاختصار، قال رسول الله (ص)«لا يزيد في الرزق ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر» ، فيثبت بهذا الحديث أن ارتكاب الذنب يسبب حرمان الرزق خصوصا الكذب يورث الفقر وقد ورد حديث خاص بذلك وكذا الصحبة جنبا يمنع الرزق، وكذا كثرة النوم ثم النوم عريانا، والبول عريانا، والأكل جنبا، والتهاون بسقاط المائدة، وحرق قشر البصل والثوم، وكنس البيت في الليل، وترك القمامة في البيت، والمشي قدام المشايخ، ونداء الأبوين باسمهما، والخلال بكل خشبة، وغسل اليدين بالتراب والطين، والجلوس على العتبة، والاتكاء على أحد زوجي الباب، والتوضؤ في المبرز، وخياطة الثوب على البدن، وتجفيف الوجه بالثوب، وترك بيت العنكبوت في البيت، والتهاون بالصلاة، وإسراع الخروج من المسجد، والابتكار في الذهاب إلى السوق والإبطاء في الرجوع منه، وشراء كسرات الخبز من الفقراء السائلين، ودعاء الشر على الوالدين، وترك تطهير الأواني، وإطفاء السراج بالنفس، كل ذلك يورث الفقر عرف ذلك بالآثار، وكذا الكتابة بقلم معقود، والإمشاط بمشط مكسور، وترك الدعاء للوالدين، والتعمم قاعدا والتسرول قائما، والبخل والتقتير والإسراف والكسل والتواني والتهاون في الأمور. قال رسول الله(ص)«استنزلوا الرزق بالصدقة» .
والبكور مبارك يزيد في جميع النعم خصوصا في الرزق، وحسن الخط من مفاتيح الرزق، وطيب الكلام يزيد في الرزق، وعن حسين بن علي «ترك الزناء وكنس الفناء وغسل الاناء مجلبة للغناء» ، وأقوى الأسباب الجالبة للرزق الصلاة بالتعظيم والخشوع، وقراءة سورة الواقعة خصوصا بالليل ووقت العشاء، وسورة يس وتبارك الذي بيده الملك وقت الصبح، وحضور المسجد قبل الأذان، والمداومة على الطهارة، وأداء سنة الفجر والوتر في البيت، وأن لا يتكلم بكلام اللغو، قيل: «من اشتغل بما لا يعنيه يفوته ما يعنيه»، قال علي «إذا تم العقل نقص الكلام» .
ومما يزيد في العمر ترك الأذى، وتوقير الشيوخ وصلة الرحم، ويحترز عن قطع الأشجار الرطبة إلا عند الضرورة، وإسباغ الوضوء وحفظ الصحة.
ولا بد لطالب العلم أن يتعلم شيئا من الطب ويتبع بالآثار الواردة في الطب الذي جمعه الشيخ الإمام أبو العباس المستغفري في الكتاب المسمى بطب النبي (ص)."
هذا الفصل فيه كثير من التخاريف فالرزق طريقه فى الإسلام هو العمل الوظيفى وهى السعى فى مناكب الأرض كما ان العمر لا يزيد ولا ينقص عن الأجل المكتوب كما قال تعالى :
"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
ويبدو أن هذا الفصل ليس من عند المؤلف بل زاده أحدهم فيه لأن الكثير من كلامه يناقض ما قاله المؤلف فيما سبق