رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب إشارات مضيئة
مؤلفة الكتاب فندية العنزى وهو يدور حول مخالفات أى ذنوب ترتكب فى المشافى والعلاج وفى مقدمة الكتاب قالت:
"أما بعد:
الإنسان عجيبة هذا الكون الكبرى؛ إذ هو مناط التكليف وموضع الابتلاء والامتحان - مع ضعفه -، فالإنسان عجز يرتكز على ضعف، وجهل يرتكز على ضعف، وهلع يرتكز على ضعف، وعجلة ترتكز على ضعف وتلك نعوت قرآنية تقرر حقيقة ذلك المخلوق الضعيف. إنها للحظات ماتعة تلك التي يقضيها الإنسان يتأمل أسرار خلقه وحكمة إيجاده بعين العابد السائح، فهذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان, لكنه امتحان سهل متى تعلق العبد فيه بربه وتوكل عليه، والابتلاء بالأمراض من جملة ما يعرض للمرء في دار العبور, ومن خلال هذه الأسطر أوجه رسالة مختصرة لبيان بعض الأحكام المتعلقة بالمرأة سواء كانت طبيبة أو ممرضة أو مريضة وكلي أمل في أن تنقشها قارئتها في شغاف قلبها."
وتحدثت عن كون المرض تذكرة للغافل وموعظة للسليم فقالت:
"أختي المريض .. لقد جعل الله - عز وجل- من الأمراض تذكرة للغافل وموعظة للصحيح, فإنه لا يعرف قيمة الصحة إلا من عانى من المرض وآلامه، فلا يشاك المسلم بشوكة فيصبر عليها، إلا ويؤجر من الكريم, والمرض مع التقوى خير من الصحة والعافية مع الفسوق والعصيان، وإذا كان المرض حبسا للنفس عن الطغيان وارتكاب المعاصي فأي خير يزيد عليه؟! وبالمرض تعود القلوب إلى ربها صاغرة راجية، فيستقبلها ربها برحمته ولطفه."
والمرض وهو ضرر هو فتنة أى اختبار للمريض والمريضة ومن حولهم كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ثم حدثتنا عن بعض المخالفات التى تحدث أثناء العلاج والوجود فى المشافى فقالت:
"وإليك -أختي المريضة- بعض المخالفات التي قد تقع فيها كثير من النساء حين الذهاب للمستشفيات والعلاج لدى الأطباء فمن أبرز تلك المخالفات.
أولا: تساهل البعض من النساء في وجود المحرم معهن عند الدخول على الأطباء، ولم تدر تلك المرأة أن الخلوة بالرجل الأجنبي, وإن كان طبيبا لا تجوز، فإن تعذر وجود المحرم فلابد من وجود عدد من النساء ترتفع بهن الخلوة كالممرضة أو إحدى قريبات المرأة المريضة، ولعلي أذكر شيئا من الفتاوى في هذه المسألة؛ فقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن حكم دخول المرأة على الطبيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج؟ فأجاب فضيلته قائلا: (تتساهل بعض النساء وأولياؤهن بدخول المرأة على الطبيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج، وهذا منكر عظيم وخطر كبير لا يجوز إقراره والسكوت عليه). اهـ.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: وعلى كل حال فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعا، ولو للطبيب الذي يعالجها لحديث: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»، فلابد من حضور أحد معها سواء زوجها أو أحد محارمها الرجال، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء, فإن لم يوجد أحد ممن ذكر وكان المرض خطيرا لا يمكن تأخيره
فلا أقل من حضور الممرضة ونحوها تفاديا من الخلوة المنهي عنها. انتهى كلامه "
قطعا لا يوجد فى كلام الله ما يسمى بحرمة الخلوة كلها فالخلوة مباحة طالما كانت لتنفيذ حكم من أحكام الله كطلب الزواج أو العلاج ونجد أن النبى(ص) خلا بالمجادلة كما قال تعالى " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها" واختلى موسى(ص) بإحدى ابنتى الشيخ الكبير فى الطريق إلى بيتها واختلى يوسف(ص) بزوجة العزيز وطلب الله ممن يريد الزواج من أرملة فى العدة أن يختلى بها ويعرض عليها الزواج بالقول المعروف كما قال تعالى:
" ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولا قولا معروفا"
ومن ثم لا يوجد ما يسمى الخلوة المحرمة إلا الخلوة التى يرتكب فيها ذنب
وتحدثت عن تداوى النساء عند أطباء رجال مع توافر طبيبات فقالت :
"ومن المؤسف أيضا ما نسمعه ونشاهده من تداوي بعض النساء لدى الأطباء مع توفر الطبيبات من النساء, فعلى المسلمة أن تتقي الله في ذلك، فمتى وجدت طبيبة تقوم مقام الطبيب ولم تكن المريض بحاجة للكشف عند الطبيب لم يجز لها التساهل في الدخول على الأطباء مع وجود الطبيبات.
ومما يجب التنبيه إليه - إذا احتاجت المرأة للكشف عند الأطباء - أن لا تكشف للطبيب المعالج سوى موضع الحاجة, فيجوز للطبيب حينئذ أن ينظر إلى ما تدعو الحاجة إلى النظر إليه من جسمها، لأجل العلاج، وقد قال الفقهاء: (إن الضرورة تقدر بقدرها)؛ فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس ما لا تدعو الحاجة إلى رؤيته أو مسه، ويجب عليها ستر ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج.
ومن العجيب المؤسف أن تأتي المريضة وهي تشكو وجعا وألما في موضع ما من جسدها، ولكنها تكشف للطبيب موضع وأماكن لا حاجة لكشفها، كأن يكون الألم في يدها أو رجلها فتكشف وجهها أو أي موضع لا داعي ولا مصلحة طبية في كشفه, وفي هذا التصرف نوع تساهل في الحجاب وتكشف للأجانب؛ فعلى المسلمة أن تجتهد في الحرص على الستر والاحتشام فالمرء بحاجة لعفو ربه ومعافاته, ومما يحسن ذكره هنا ذلك الأنموذج الفريد والحادثة التي ينبغي أن تكون موضع تأمل كل مؤمنة وعاقلة، وسأسوق لك -أختي الكريمة- الأثر الذي جسدت فيه امرأة مؤمنة أروع معاني العفة والحياء حتى في حال الضراء والمعاناة والابتلاء؛ فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة, قلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي (ص)فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله عز وجل أن يعافيك» قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها
ولك -أختي- أن تتأملي مع نفسك شأن هذه المرأة وما ضربته من أسمى وأجل مقامات الصبر على البلاء مع التمسك بالحجاب والحشمة, فرضي الله عنها وأرضاها ووفق الله نساء المسلمين للاقتداء بالصحابيات والتمسك بهديهن."
وهذا الكلام صحيح فيجب على المرأة الا تلجأ لطبيب فى وجود طبيبة إلا فى حالة ضرورة كعدم تخصص الطبيبة فى مرض المرأة أو كونها لم يؤتى علاجها ثماره المرجوة
وطالبت المؤلفة المريضات باتباع أحكام الله فى التداوى ودعاء الله فقالت:
"وأخيرا -أختي المريضة- قد لا أكون أتيت على جميع المخالفات في هذا الجانب، إلا أن الحلال بين والحرام بين، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، فاحرصي -رعاك الله- على امتثال أوامر الله وأن لا يراك خالقك في مواضع مساخطه ومحارمه. ووصيتي إليك الأخذ بمنهاج الشارع في التداوي ومقاومة الأمراض، فعلى المسلم أن يأخذ بالوقاية - إن استطاع بإذن الله - أو يتداوي بالأدوية المباحة وفي إطار ضوابط الشرع وأحكامه, وأقول لكل من ابتليت بالأمراض وغيرها: إياك إياك أن تستطيلي زمان البلاء وتضجري من كثرة الدعاء، فإنك مبتلاة بالبلاء متعبدة بالصبر والدعاء ولا تيأسي من روح الله وإن طال البلاء."
ووجهت العنزى كلامها للطبيبة والممرضة فقالت:
"وبعد هذه العجالة, فلعلي أوجه رسالة أخرى إلى الأخت الطبيبة والممرضة، رسالة نابعة من قلب محبة ناصحة لأخواتها فأقول لأختي الطبيبة والممرضة:
اعلمي .. رعاك الله أن الرسالة التي تؤدينها رسالة إنسانية سامية, كيف لا وهي البلسم لآهات المرضى وأنينهم، فهي رسالة تعبدية متى احتسب المرء فيها الثواب، وامتثل أمر الشارع في تحري الصواب .. ومهنة الطب والتمريض مهنة تزيل بإذن الله أوجاع المرضى وتخفف آلامهم, ومن حكمة الله عز وجل أن يجعل رزق أناس في آلام غيرهم، وقد تكفل الله بالرزق للجميع.
وعلى كل العاملين في هذا المجال أن يتقوا الله في هذه ألأمانة، وأن يستشعروا مكانة الرسالة وعظم المسؤولية"
ثم تحدثت عن مخالفات تقع فيها الطبيبات والممرضات وكررت فى أولها حكاية الخلوة وقد سبق مناقشتها فقالت:
"وكي لا أطيل, أوجز بعض المخالفات التي تقع فيها بعض منسوبات المستشفى في نقاط مختصرة:
منها حصول الاختلاط والخلوة المحرمة؛ فإن الاختلاط بين النساء والرجال لا يجوز وفيه خطورة لا سيما إن كانت النساء متبرجات غير متسترات، فيجب الابتعاد عن هذا لسلامة الدين والعرض. وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم خلوة بعض العاملين في المستشفى بالمرأة سواء كانت طبيبة أو ممرضة أو غير ذلك, فأجاب رحمه الله بأن ذلك لا يجوز وليس للرجل أن يخلو بامرأة أجنبية عنه، وليس للطبيب ولا لغيره أن خلو بالطبيبة أو الممرضة أو المريضة، فلا
يجوز أن يخلو ممرض أو طبيب بممرضة أو طبيبة لا في غرفة الكشف ولا في غيرها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» ولما يفضي إليه من الفتنة إلا من رحم الله، ويجب أن يكون الكشف على الرجال للرجال وحدهم وعلى النساء للنساء وحدهن. انتهى كلامه "
وحكاية كون الشيطان ثالث المختلين تناقض رواية تقول أن الشيطان ثالثهما ورابعها وهى رواية جريان الشيطان فى الإنسان مجرى الدم ومن ثم يكون طبقا لها يوجد اثنان من الشياطين والشيطان هو نفسه الإنسان عندما ينوى شرا أو يعمله وأكملت حديثها عن الخلوة فقالت:
"ومن صور الاختلاط أيضا خلوة الطبيب بالطبيبة، والممرض بالممرضة في المناوبات من ليل أو نهار، فقد أفتى سماحته في ذلك بقوله: (لا يجوز للمسئولين عن المستشفيات أن يجعلوا طبيبا أو ممرضا مداوما مع طبيبة أو ممرضة يبيتان وحدهما في الليل للحراسة والمراقبة، بل هذا غلط ومنكر عظيم، وهذا معناه الدعوة للفاحشة؛ فإن الرجل إذا خلا بالمرأة في محل واحد من ليل أو نهار فإنه لا يؤمن عليهما الشيطان أن يزين لهما فعل الفاحشة ووسائلها، ولهذا صح عن رسول الله (ص)أنه قال: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما». انتهى كلامه "
وذكرت صورة أخرى من صور الاختلاط المحرم وهى الندوات الطبية وهى محرمة حتى لا سنظر الرجال للنساء والعكس مخالفين قوله تعالى:
"وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن"وقوله:
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" وفى هذا قالت:
"ومن صور الاختلاط أيضا .. حضور بعض الندوات التي تلقيها امرأة متبرجة أمام الرجال، فقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم حضور تلك الندوات بأن حضور الندوات الطبية مهم جدا لكل من الأطباء والطبيبات، لكن يجب ألا يكون في الندوات اختلاط بين الرجال والنساء، ودرءا للفتنة ودفعا للفساد، ويمكن الجمع بين تحقيق المصلحة الطبية وتفادي مفسدة الاختلاط بإقامة ندوات للأطباء خاصة وأخرى للطبيبات، وما قد يكون من نقص في ذلك يستدرك بنشر ما دار في ندوات هؤلاء وأولئك وكتابة ورسائل ومقالات ونشرها بوسائل الإعلام ونحوها، وبهذا تحصل المصلحة ويسلم الجميع من مضار الاختلاط، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم."
وذكرت العنزى بعض المخالفات من نساء المشافى وهى التبرج ووضع المساحيق والتعرى فقالت:
"وبعد هذه الجملة من الفتاوى، سأذكر ما يخص العاملات في المستشفى من أحكام الزينة واللباس والحجاب.
فبعض منسوبات المستشفى يضعن مساحيق التجميل, وقد يكون ذلك جهلا منهن بهذا - أثناء العمل؛ حيث أجاب العلامة ابن باز بأنه إذا كان يراهن الرجال فلا يجوز لهن ذلك، أما بين النساء فلا بأس، ويجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال بالنقاب ونحوه لقوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} وقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن}
والزينة تشمل الوجه والرأس واليد والقدم والصدر فكل هذا من الزينة.
ومن الزينة المنهي عنها التطيب عند الخروج حيث قال رحمه الله في هذا: (المرأة يجوز لها التطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي، ولا تمر في الطريق على الرجال، أما خروجها متطيبة في الأماكن التي فيها الرجال, فلا يجوز لقوله (ص) «أيما امرأة أصابت بخورا, فلا تشهدن معنا العشاء» ولأحاديث أخرى وردت في ذلك، ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها، كما يجب عليها التستر والحذر من التبرج لقوله جلا وعلا {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن.
أما ما يتعلق بلباس العاملة في المستشفى؛ فالذي ينبغي على كل مسلمة الاحتشام في الملبس والتستر اللائق بها والابتعاد عن كل ما يدعو إلى الافتتان بها أو إيذائها من قبل أصحاب القلوب المريضة والأهواء الجامحة، ولما سئل سماحته عن بعض منسوبات المستشفى من طبيبات أو ممرضات أو عاملات نظافة يلبسن لباسا ضيقا ويكشفن عن نحورهن وسواعدهم وسوقهن, ما حكم الشرع في ذلك؟ قال: الواجب على الطبيبات وغيرهن من ممرضات وعاملات أن يتقين الله تعالى، وأن يلبسن لباسا محتشما لا يبين معه حجم أعضائهن أو عوراتهن، بل يكون لباسا متوسطا لا واسعا ولا ضيقا ساترا لهن سترا شرعيا مانعا من أسباب الفتنة لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن} ولقوله (ص) «المرأة عورة» وقوله: «صنفان من أهل النار لم أرهما رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا», وهذا وعيد عظيم؛ النساء الكاسيات العاريات هن اللاتي يلبسن كسوة لا تسترهن إما بقصرها وإما لرقتها، فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة؛ مثل أن يكشفن رؤوسهن أو صدورهن أو سيقانهن أو غير ذلك من أبدانهن، وكل هذا نوع من العري, فالواجب على الطبيبات والممرضات وغيرهن تقوى الله في ذلك وأن يكن محتشمات متسترات بعيدات عن أسباب الفتنة والله الهادي إلى سواء السبيل. اهـ.
ومن اللباس المحرم ذلك اللباس المخصص لغرفة العمليات الذي يظهر العنق والرقبة وقليلا من الشعر الخلفي والأذنين وجانبا من أعلى الخدين، حيث أفتت اللجنة الدائمة بأن هذا اللباس لا يكفي ولا يجوز الاقتصار عليه إذا كان يخالط العاملات بعض الرجال غير المحارم، وبالله التوفيق.
ومن المخالفات المنتشرة في المستشفيات ما يتعلق بصوت المرأة؛ فصوت المرأة المجرد الذي ليس معه خضوع ليس بعورة، فكون المرأة تتحدث مع الرجل بقدر الحاجة وفي الأمور التي لا فتنة فيها وبحدود الحاجة, فلا بأس، أما إن كان مصحوبا بضحك أو مباسطة في الكلام أو بصوت فاتن, فهذا محرم لا يجوز، لقوله تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا}
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان في هذه الآية: (القول المعروف ما يعرفه الناس وبقدر الحاجة، أما ما زاد عن ذلك بأن كان على طريق الضحك والمباسطة أو بصوت فاتن أو غير ذلك أو أن تكشف وجهها أمامه أو ذراعيها أو كفها، فهذه كلها محرمات ومنكرات ومن أسباب الفتنة ومن أسباب الوقوع في الفاحشة، فيجب على المرأة المسلمة التي تخاف الله عز وجل أن تتقي الله وأن لا تكلم الرجال الأجانب بكلام يطمعهم فيها ويفتن قلوبهم، وإذا كلمت الرجال فلتكلمهم الكلام المعروف الذي لا فتنة فيه ولا ريبة فيه).
وبهذا تعلمين -أختي المسلمة- أن الصوت المجرد الذي ليس معه خضوع ليس بعورة، لأن النساء كن يكلمن النبي (ص)عن أمور دينهن وهكذا كن يكلمن الصحابة في حاجتهن ولم ينكر ذلك عليهن."
والتبرج محرم وهو التعرى تعريا مخالفا لما أمر الله به كما قال تعالى :
" ولا تبرجن تبرج الجاهلية ألأولى"
ووضع مساحيق وألوان التجميل محرم لكونه تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان:
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وتناست العنزى دور الدول فى هذه الذنوب فالمفروض أن تعين فى مشافى الرجال رجال أو فى أقسام الرجال رجال وفى أقسام مشافى النساء نساء
ثم حدثتنا عن ذنب أخرى فقالت:
"وهنا أود التنبيه إلى ما يقع من ارتفاع أصوات بعض الممرضات والطبيبات ومصافحتهن للرجال؛ فبعض منسوبات المستشفى تكون أصواتهن مرتفعة عندنا يتحدثن مع بعضهن أو مع زملائهن من الرجال, والبعض منهن تصافح الرجال من أطباء وغيرهم، وفي هذا يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: (الواجب على الأطباء والطبيبات أن يراعوا أحوال المرضى والمريضات وألا ترتفع أصواتهم عندهم، ويكون الكلام بالمعروف وأن لا تخضع مع الرجل في كلامها لما فيه من المحذور المفضي إلى الفتنة والفساد) , أما المصافحة فلا يجوز أن يصافح الرجل المرأة إلا إذا كانت من محارمه، أما إذا كانت الطبيبة أو الممرضة ليست من محارمه, فلا؛ لأن النبي (ص)قال: «إني لا أصافح النساء» , وقالت عائشة «والله ما مست يد رسول الله (ص)يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام»؛ فالمرأة لا تصافح الرجل وهو غير محرم لها, فلا تصافح الطبيب ولا المدير ولا المريض ولا غيره ممن ليسوا محرما لها، بل تكلمه الكلام الطيب وتسلم عليه من غير مصافحة ولا تكشف, فالواجب على المرأة التستر والبعد عن أسباب الفتنة، ومن أسباب الفتنة المصافحة).
ومما يذكر من الأدلة في منع مصافحة الأجنبية والنهي عنها ما ورد عن معقل بن يسار أن رسول الله (ص)قال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» وقد ذكر الشيخ عبد الله الفوزان في كتابه (زينة المرأة) تعليقا على هذا الحديث يقول فيه: هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز للرجل أن يمس امرأة أجنبية، وهي شريكته في الإثم إذا كانت مطاوعة، ومس البدن أبلغ في اللذة وأقوى في إثارة الغريزة وإيقاظ الشهوة من النظر بالعين، وتحريم مس المرأة أحد التدابير الوقائية التي وضعها الإسلام للحيلولة دون وقوع الفاحشة التي تفسد الفرد والمجتمع، وتقضي على العفة والطهارة وتؤدي إلى الهلاك والدمار).
وأما ما يتعلق بكشف الوجه من قبل العاملات في المستشفى, فإنه يحرم على المرأة كشف وجهها لغير محارمها، وليس هناك ضرورة لكشف الوجه في العمل بل الواجب التستر الكامل وتحري الحشمة ومن يتق الله يجعل له مخرجا."
والمصافحة ليست محرمة لأنها سبب من أسباب الوضوء كما قال تعالى:
"أو لا مستم النساء"
فلو كانت محرمة ما جعلها سبب لنقض الوضوء وكل روايات تحريمها لم يقلها النبى(ص) كما تخالف رواية أن امرأة عبادة بن الصامت كانت تفلى رأسه وهو نائم على حجرها
وأما رفع الصوت فمحرم فى المشافى لعدم إزعاج المرضى والمريضات
وطالبت العنزة فى النهاية النساء بمراعاة طاعة الله فى أحكامه المختلفة فقالت:
"والمخالفات في هذا الجانب كثيرة إلا أن كل مسلمة تغار على دينها وتعرف أحكام الشريعة ومقاصدها تتنبه لهذه المخالفات, وتتجنب الوقوع فيها كي تصون عقيدتها وحياءها وحجابها، فعنوان حياء المرأة وعفتها هو تمسكها بحجابها، فالإنسان ضعيف أمام الفتنة والشهوة ولكنه يمكنه أن يستعلي على ضعفه, وأن يكون قويا أمام الإغراء والإغواء والفتنة، ولا يكون هذا إلا بوسيلة واحدة هي أن يعوذ بالله ويلجأ إليه ويعتصم ويلتزم بشرعه ودينه، فحظ الإنسان من السعادة الحقيقة الدائمة في الآخرة هو بمقدار تمسكه في هذه الدنيا بما جاء عن ربه وسنة نبيه (ص)"
مؤلفة الكتاب فندية العنزى وهو يدور حول مخالفات أى ذنوب ترتكب فى المشافى والعلاج وفى مقدمة الكتاب قالت:
"أما بعد:
الإنسان عجيبة هذا الكون الكبرى؛ إذ هو مناط التكليف وموضع الابتلاء والامتحان - مع ضعفه -، فالإنسان عجز يرتكز على ضعف، وجهل يرتكز على ضعف، وهلع يرتكز على ضعف، وعجلة ترتكز على ضعف وتلك نعوت قرآنية تقرر حقيقة ذلك المخلوق الضعيف. إنها للحظات ماتعة تلك التي يقضيها الإنسان يتأمل أسرار خلقه وحكمة إيجاده بعين العابد السائح، فهذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان, لكنه امتحان سهل متى تعلق العبد فيه بربه وتوكل عليه، والابتلاء بالأمراض من جملة ما يعرض للمرء في دار العبور, ومن خلال هذه الأسطر أوجه رسالة مختصرة لبيان بعض الأحكام المتعلقة بالمرأة سواء كانت طبيبة أو ممرضة أو مريضة وكلي أمل في أن تنقشها قارئتها في شغاف قلبها."
وتحدثت عن كون المرض تذكرة للغافل وموعظة للسليم فقالت:
"أختي المريض .. لقد جعل الله - عز وجل- من الأمراض تذكرة للغافل وموعظة للصحيح, فإنه لا يعرف قيمة الصحة إلا من عانى من المرض وآلامه، فلا يشاك المسلم بشوكة فيصبر عليها، إلا ويؤجر من الكريم, والمرض مع التقوى خير من الصحة والعافية مع الفسوق والعصيان، وإذا كان المرض حبسا للنفس عن الطغيان وارتكاب المعاصي فأي خير يزيد عليه؟! وبالمرض تعود القلوب إلى ربها صاغرة راجية، فيستقبلها ربها برحمته ولطفه."
والمرض وهو ضرر هو فتنة أى اختبار للمريض والمريضة ومن حولهم كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ثم حدثتنا عن بعض المخالفات التى تحدث أثناء العلاج والوجود فى المشافى فقالت:
"وإليك -أختي المريضة- بعض المخالفات التي قد تقع فيها كثير من النساء حين الذهاب للمستشفيات والعلاج لدى الأطباء فمن أبرز تلك المخالفات.
أولا: تساهل البعض من النساء في وجود المحرم معهن عند الدخول على الأطباء، ولم تدر تلك المرأة أن الخلوة بالرجل الأجنبي, وإن كان طبيبا لا تجوز، فإن تعذر وجود المحرم فلابد من وجود عدد من النساء ترتفع بهن الخلوة كالممرضة أو إحدى قريبات المرأة المريضة، ولعلي أذكر شيئا من الفتاوى في هذه المسألة؛ فقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن حكم دخول المرأة على الطبيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج؟ فأجاب فضيلته قائلا: (تتساهل بعض النساء وأولياؤهن بدخول المرأة على الطبيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج، وهذا منكر عظيم وخطر كبير لا يجوز إقراره والسكوت عليه). اهـ.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: وعلى كل حال فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعا، ولو للطبيب الذي يعالجها لحديث: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»، فلابد من حضور أحد معها سواء زوجها أو أحد محارمها الرجال، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء, فإن لم يوجد أحد ممن ذكر وكان المرض خطيرا لا يمكن تأخيره
فلا أقل من حضور الممرضة ونحوها تفاديا من الخلوة المنهي عنها. انتهى كلامه "
قطعا لا يوجد فى كلام الله ما يسمى بحرمة الخلوة كلها فالخلوة مباحة طالما كانت لتنفيذ حكم من أحكام الله كطلب الزواج أو العلاج ونجد أن النبى(ص) خلا بالمجادلة كما قال تعالى " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها" واختلى موسى(ص) بإحدى ابنتى الشيخ الكبير فى الطريق إلى بيتها واختلى يوسف(ص) بزوجة العزيز وطلب الله ممن يريد الزواج من أرملة فى العدة أن يختلى بها ويعرض عليها الزواج بالقول المعروف كما قال تعالى:
" ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولا قولا معروفا"
ومن ثم لا يوجد ما يسمى الخلوة المحرمة إلا الخلوة التى يرتكب فيها ذنب
وتحدثت عن تداوى النساء عند أطباء رجال مع توافر طبيبات فقالت :
"ومن المؤسف أيضا ما نسمعه ونشاهده من تداوي بعض النساء لدى الأطباء مع توفر الطبيبات من النساء, فعلى المسلمة أن تتقي الله في ذلك، فمتى وجدت طبيبة تقوم مقام الطبيب ولم تكن المريض بحاجة للكشف عند الطبيب لم يجز لها التساهل في الدخول على الأطباء مع وجود الطبيبات.
ومما يجب التنبيه إليه - إذا احتاجت المرأة للكشف عند الأطباء - أن لا تكشف للطبيب المعالج سوى موضع الحاجة, فيجوز للطبيب حينئذ أن ينظر إلى ما تدعو الحاجة إلى النظر إليه من جسمها، لأجل العلاج، وقد قال الفقهاء: (إن الضرورة تقدر بقدرها)؛ فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس ما لا تدعو الحاجة إلى رؤيته أو مسه، ويجب عليها ستر ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج.
ومن العجيب المؤسف أن تأتي المريضة وهي تشكو وجعا وألما في موضع ما من جسدها، ولكنها تكشف للطبيب موضع وأماكن لا حاجة لكشفها، كأن يكون الألم في يدها أو رجلها فتكشف وجهها أو أي موضع لا داعي ولا مصلحة طبية في كشفه, وفي هذا التصرف نوع تساهل في الحجاب وتكشف للأجانب؛ فعلى المسلمة أن تجتهد في الحرص على الستر والاحتشام فالمرء بحاجة لعفو ربه ومعافاته, ومما يحسن ذكره هنا ذلك الأنموذج الفريد والحادثة التي ينبغي أن تكون موضع تأمل كل مؤمنة وعاقلة، وسأسوق لك -أختي الكريمة- الأثر الذي جسدت فيه امرأة مؤمنة أروع معاني العفة والحياء حتى في حال الضراء والمعاناة والابتلاء؛ فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة, قلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي (ص)فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله عز وجل أن يعافيك» قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها
ولك -أختي- أن تتأملي مع نفسك شأن هذه المرأة وما ضربته من أسمى وأجل مقامات الصبر على البلاء مع التمسك بالحجاب والحشمة, فرضي الله عنها وأرضاها ووفق الله نساء المسلمين للاقتداء بالصحابيات والتمسك بهديهن."
وهذا الكلام صحيح فيجب على المرأة الا تلجأ لطبيب فى وجود طبيبة إلا فى حالة ضرورة كعدم تخصص الطبيبة فى مرض المرأة أو كونها لم يؤتى علاجها ثماره المرجوة
وطالبت المؤلفة المريضات باتباع أحكام الله فى التداوى ودعاء الله فقالت:
"وأخيرا -أختي المريضة- قد لا أكون أتيت على جميع المخالفات في هذا الجانب، إلا أن الحلال بين والحرام بين، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، فاحرصي -رعاك الله- على امتثال أوامر الله وأن لا يراك خالقك في مواضع مساخطه ومحارمه. ووصيتي إليك الأخذ بمنهاج الشارع في التداوي ومقاومة الأمراض، فعلى المسلم أن يأخذ بالوقاية - إن استطاع بإذن الله - أو يتداوي بالأدوية المباحة وفي إطار ضوابط الشرع وأحكامه, وأقول لكل من ابتليت بالأمراض وغيرها: إياك إياك أن تستطيلي زمان البلاء وتضجري من كثرة الدعاء، فإنك مبتلاة بالبلاء متعبدة بالصبر والدعاء ولا تيأسي من روح الله وإن طال البلاء."
ووجهت العنزى كلامها للطبيبة والممرضة فقالت:
"وبعد هذه العجالة, فلعلي أوجه رسالة أخرى إلى الأخت الطبيبة والممرضة، رسالة نابعة من قلب محبة ناصحة لأخواتها فأقول لأختي الطبيبة والممرضة:
اعلمي .. رعاك الله أن الرسالة التي تؤدينها رسالة إنسانية سامية, كيف لا وهي البلسم لآهات المرضى وأنينهم، فهي رسالة تعبدية متى احتسب المرء فيها الثواب، وامتثل أمر الشارع في تحري الصواب .. ومهنة الطب والتمريض مهنة تزيل بإذن الله أوجاع المرضى وتخفف آلامهم, ومن حكمة الله عز وجل أن يجعل رزق أناس في آلام غيرهم، وقد تكفل الله بالرزق للجميع.
وعلى كل العاملين في هذا المجال أن يتقوا الله في هذه ألأمانة، وأن يستشعروا مكانة الرسالة وعظم المسؤولية"
ثم تحدثت عن مخالفات تقع فيها الطبيبات والممرضات وكررت فى أولها حكاية الخلوة وقد سبق مناقشتها فقالت:
"وكي لا أطيل, أوجز بعض المخالفات التي تقع فيها بعض منسوبات المستشفى في نقاط مختصرة:
منها حصول الاختلاط والخلوة المحرمة؛ فإن الاختلاط بين النساء والرجال لا يجوز وفيه خطورة لا سيما إن كانت النساء متبرجات غير متسترات، فيجب الابتعاد عن هذا لسلامة الدين والعرض. وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم خلوة بعض العاملين في المستشفى بالمرأة سواء كانت طبيبة أو ممرضة أو غير ذلك, فأجاب رحمه الله بأن ذلك لا يجوز وليس للرجل أن يخلو بامرأة أجنبية عنه، وليس للطبيب ولا لغيره أن خلو بالطبيبة أو الممرضة أو المريضة، فلا
يجوز أن يخلو ممرض أو طبيب بممرضة أو طبيبة لا في غرفة الكشف ولا في غيرها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» ولما يفضي إليه من الفتنة إلا من رحم الله، ويجب أن يكون الكشف على الرجال للرجال وحدهم وعلى النساء للنساء وحدهن. انتهى كلامه "
وحكاية كون الشيطان ثالث المختلين تناقض رواية تقول أن الشيطان ثالثهما ورابعها وهى رواية جريان الشيطان فى الإنسان مجرى الدم ومن ثم يكون طبقا لها يوجد اثنان من الشياطين والشيطان هو نفسه الإنسان عندما ينوى شرا أو يعمله وأكملت حديثها عن الخلوة فقالت:
"ومن صور الاختلاط أيضا خلوة الطبيب بالطبيبة، والممرض بالممرضة في المناوبات من ليل أو نهار، فقد أفتى سماحته في ذلك بقوله: (لا يجوز للمسئولين عن المستشفيات أن يجعلوا طبيبا أو ممرضا مداوما مع طبيبة أو ممرضة يبيتان وحدهما في الليل للحراسة والمراقبة، بل هذا غلط ومنكر عظيم، وهذا معناه الدعوة للفاحشة؛ فإن الرجل إذا خلا بالمرأة في محل واحد من ليل أو نهار فإنه لا يؤمن عليهما الشيطان أن يزين لهما فعل الفاحشة ووسائلها، ولهذا صح عن رسول الله (ص)أنه قال: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما». انتهى كلامه "
وذكرت صورة أخرى من صور الاختلاط المحرم وهى الندوات الطبية وهى محرمة حتى لا سنظر الرجال للنساء والعكس مخالفين قوله تعالى:
"وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن"وقوله:
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" وفى هذا قالت:
"ومن صور الاختلاط أيضا .. حضور بعض الندوات التي تلقيها امرأة متبرجة أمام الرجال، فقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم حضور تلك الندوات بأن حضور الندوات الطبية مهم جدا لكل من الأطباء والطبيبات، لكن يجب ألا يكون في الندوات اختلاط بين الرجال والنساء، ودرءا للفتنة ودفعا للفساد، ويمكن الجمع بين تحقيق المصلحة الطبية وتفادي مفسدة الاختلاط بإقامة ندوات للأطباء خاصة وأخرى للطبيبات، وما قد يكون من نقص في ذلك يستدرك بنشر ما دار في ندوات هؤلاء وأولئك وكتابة ورسائل ومقالات ونشرها بوسائل الإعلام ونحوها، وبهذا تحصل المصلحة ويسلم الجميع من مضار الاختلاط، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم."
وذكرت العنزى بعض المخالفات من نساء المشافى وهى التبرج ووضع المساحيق والتعرى فقالت:
"وبعد هذه الجملة من الفتاوى، سأذكر ما يخص العاملات في المستشفى من أحكام الزينة واللباس والحجاب.
فبعض منسوبات المستشفى يضعن مساحيق التجميل, وقد يكون ذلك جهلا منهن بهذا - أثناء العمل؛ حيث أجاب العلامة ابن باز بأنه إذا كان يراهن الرجال فلا يجوز لهن ذلك، أما بين النساء فلا بأس، ويجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال بالنقاب ونحوه لقوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} وقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن}
والزينة تشمل الوجه والرأس واليد والقدم والصدر فكل هذا من الزينة.
ومن الزينة المنهي عنها التطيب عند الخروج حيث قال رحمه الله في هذا: (المرأة يجوز لها التطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي، ولا تمر في الطريق على الرجال، أما خروجها متطيبة في الأماكن التي فيها الرجال, فلا يجوز لقوله (ص) «أيما امرأة أصابت بخورا, فلا تشهدن معنا العشاء» ولأحاديث أخرى وردت في ذلك، ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها، كما يجب عليها التستر والحذر من التبرج لقوله جلا وعلا {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن.
أما ما يتعلق بلباس العاملة في المستشفى؛ فالذي ينبغي على كل مسلمة الاحتشام في الملبس والتستر اللائق بها والابتعاد عن كل ما يدعو إلى الافتتان بها أو إيذائها من قبل أصحاب القلوب المريضة والأهواء الجامحة، ولما سئل سماحته عن بعض منسوبات المستشفى من طبيبات أو ممرضات أو عاملات نظافة يلبسن لباسا ضيقا ويكشفن عن نحورهن وسواعدهم وسوقهن, ما حكم الشرع في ذلك؟ قال: الواجب على الطبيبات وغيرهن من ممرضات وعاملات أن يتقين الله تعالى، وأن يلبسن لباسا محتشما لا يبين معه حجم أعضائهن أو عوراتهن، بل يكون لباسا متوسطا لا واسعا ولا ضيقا ساترا لهن سترا شرعيا مانعا من أسباب الفتنة لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن} ولقوله (ص) «المرأة عورة» وقوله: «صنفان من أهل النار لم أرهما رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا», وهذا وعيد عظيم؛ النساء الكاسيات العاريات هن اللاتي يلبسن كسوة لا تسترهن إما بقصرها وإما لرقتها، فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة؛ مثل أن يكشفن رؤوسهن أو صدورهن أو سيقانهن أو غير ذلك من أبدانهن، وكل هذا نوع من العري, فالواجب على الطبيبات والممرضات وغيرهن تقوى الله في ذلك وأن يكن محتشمات متسترات بعيدات عن أسباب الفتنة والله الهادي إلى سواء السبيل. اهـ.
ومن اللباس المحرم ذلك اللباس المخصص لغرفة العمليات الذي يظهر العنق والرقبة وقليلا من الشعر الخلفي والأذنين وجانبا من أعلى الخدين، حيث أفتت اللجنة الدائمة بأن هذا اللباس لا يكفي ولا يجوز الاقتصار عليه إذا كان يخالط العاملات بعض الرجال غير المحارم، وبالله التوفيق.
ومن المخالفات المنتشرة في المستشفيات ما يتعلق بصوت المرأة؛ فصوت المرأة المجرد الذي ليس معه خضوع ليس بعورة، فكون المرأة تتحدث مع الرجل بقدر الحاجة وفي الأمور التي لا فتنة فيها وبحدود الحاجة, فلا بأس، أما إن كان مصحوبا بضحك أو مباسطة في الكلام أو بصوت فاتن, فهذا محرم لا يجوز، لقوله تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا}
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان في هذه الآية: (القول المعروف ما يعرفه الناس وبقدر الحاجة، أما ما زاد عن ذلك بأن كان على طريق الضحك والمباسطة أو بصوت فاتن أو غير ذلك أو أن تكشف وجهها أمامه أو ذراعيها أو كفها، فهذه كلها محرمات ومنكرات ومن أسباب الفتنة ومن أسباب الوقوع في الفاحشة، فيجب على المرأة المسلمة التي تخاف الله عز وجل أن تتقي الله وأن لا تكلم الرجال الأجانب بكلام يطمعهم فيها ويفتن قلوبهم، وإذا كلمت الرجال فلتكلمهم الكلام المعروف الذي لا فتنة فيه ولا ريبة فيه).
وبهذا تعلمين -أختي المسلمة- أن الصوت المجرد الذي ليس معه خضوع ليس بعورة، لأن النساء كن يكلمن النبي (ص)عن أمور دينهن وهكذا كن يكلمن الصحابة في حاجتهن ولم ينكر ذلك عليهن."
والتبرج محرم وهو التعرى تعريا مخالفا لما أمر الله به كما قال تعالى :
" ولا تبرجن تبرج الجاهلية ألأولى"
ووضع مساحيق وألوان التجميل محرم لكونه تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان:
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وتناست العنزى دور الدول فى هذه الذنوب فالمفروض أن تعين فى مشافى الرجال رجال أو فى أقسام الرجال رجال وفى أقسام مشافى النساء نساء
ثم حدثتنا عن ذنب أخرى فقالت:
"وهنا أود التنبيه إلى ما يقع من ارتفاع أصوات بعض الممرضات والطبيبات ومصافحتهن للرجال؛ فبعض منسوبات المستشفى تكون أصواتهن مرتفعة عندنا يتحدثن مع بعضهن أو مع زملائهن من الرجال, والبعض منهن تصافح الرجال من أطباء وغيرهم، وفي هذا يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: (الواجب على الأطباء والطبيبات أن يراعوا أحوال المرضى والمريضات وألا ترتفع أصواتهم عندهم، ويكون الكلام بالمعروف وأن لا تخضع مع الرجل في كلامها لما فيه من المحذور المفضي إلى الفتنة والفساد) , أما المصافحة فلا يجوز أن يصافح الرجل المرأة إلا إذا كانت من محارمه، أما إذا كانت الطبيبة أو الممرضة ليست من محارمه, فلا؛ لأن النبي (ص)قال: «إني لا أصافح النساء» , وقالت عائشة «والله ما مست يد رسول الله (ص)يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام»؛ فالمرأة لا تصافح الرجل وهو غير محرم لها, فلا تصافح الطبيب ولا المدير ولا المريض ولا غيره ممن ليسوا محرما لها، بل تكلمه الكلام الطيب وتسلم عليه من غير مصافحة ولا تكشف, فالواجب على المرأة التستر والبعد عن أسباب الفتنة، ومن أسباب الفتنة المصافحة).
ومما يذكر من الأدلة في منع مصافحة الأجنبية والنهي عنها ما ورد عن معقل بن يسار أن رسول الله (ص)قال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» وقد ذكر الشيخ عبد الله الفوزان في كتابه (زينة المرأة) تعليقا على هذا الحديث يقول فيه: هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز للرجل أن يمس امرأة أجنبية، وهي شريكته في الإثم إذا كانت مطاوعة، ومس البدن أبلغ في اللذة وأقوى في إثارة الغريزة وإيقاظ الشهوة من النظر بالعين، وتحريم مس المرأة أحد التدابير الوقائية التي وضعها الإسلام للحيلولة دون وقوع الفاحشة التي تفسد الفرد والمجتمع، وتقضي على العفة والطهارة وتؤدي إلى الهلاك والدمار).
وأما ما يتعلق بكشف الوجه من قبل العاملات في المستشفى, فإنه يحرم على المرأة كشف وجهها لغير محارمها، وليس هناك ضرورة لكشف الوجه في العمل بل الواجب التستر الكامل وتحري الحشمة ومن يتق الله يجعل له مخرجا."
والمصافحة ليست محرمة لأنها سبب من أسباب الوضوء كما قال تعالى:
"أو لا مستم النساء"
فلو كانت محرمة ما جعلها سبب لنقض الوضوء وكل روايات تحريمها لم يقلها النبى(ص) كما تخالف رواية أن امرأة عبادة بن الصامت كانت تفلى رأسه وهو نائم على حجرها
وأما رفع الصوت فمحرم فى المشافى لعدم إزعاج المرضى والمريضات
وطالبت العنزة فى النهاية النساء بمراعاة طاعة الله فى أحكامه المختلفة فقالت:
"والمخالفات في هذا الجانب كثيرة إلا أن كل مسلمة تغار على دينها وتعرف أحكام الشريعة ومقاصدها تتنبه لهذه المخالفات, وتتجنب الوقوع فيها كي تصون عقيدتها وحياءها وحجابها، فعنوان حياء المرأة وعفتها هو تمسكها بحجابها، فالإنسان ضعيف أمام الفتنة والشهوة ولكنه يمكنه أن يستعلي على ضعفه, وأن يكون قويا أمام الإغراء والإغواء والفتنة، ولا يكون هذا إلا بوسيلة واحدة هي أن يعوذ بالله ويلجأ إليه ويعتصم ويلتزم بشرعه ودينه، فحظ الإنسان من السعادة الحقيقة الدائمة في الآخرة هو بمقدار تمسكه في هذه الدنيا بما جاء عن ربه وسنة نبيه (ص)"