رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب احفظ الله يحفظك
الكتاب من تأليف مثنى النعيمي وهو يدور عن حفظ الله وأسبابه ومعناه وقد استهل النعيمى الكتاب بمقدمة عن سبب تأليف الكتاب وأنه جمع مادته من قراءاته عن الموضوع فى كتب مختلفة فقال:
"وبعد قبل فترة بدأت بقراءة كتاب قيم لإبن القيم عن شرح أسماء الله الحسنى - وهو كتاب قيم وشرحه رائع جدا - فوصلت فيه إلى اسم الله سبحانه {الحافظ}، فاستوقفني معناه ، حيث قال الشارح:الحافظ: معناه الصائن عبده عن أسباب الهلكة في أمور دينه ودنياه، وهو سبحانه {الحافظ} له حفظ، إلى آخر ما قال الصائن عبده عن أسباب الهلكة توقفت عندها لأسترجع بعض مما قرأت وما حدث معي لأستشعر هذا المعنى المبارك، هلم معي أيها الموفق لبعض من هذه المواقف:
أورد اللواء الركن محمود شيت خطاب في كتابه عدالة السماء قصة عنوانها " لا حارس كالأجل " قصة ينقلها عن والده جاء فيها: كان والدي يحدثني عن طفل تسلل من أهله خلسة، وارتقى سلالم منارة {الحدباء} في الموصل -وهي منارة شاهقة الطول تقع في الجامع الكبير الذي بناه نور الدين زنكي ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا - وتعد من مفاخر البناء الإسلامي في الموصل، ولشهرة هذه المنارة التي ترتفع في الجامع الكبير أطلق اسمها على مدينة الموصل، فسميت باسم المنارة: الحدباء وحين استقر الطفل في المنارة، صعد إلى الحائط الدائري الذي يلف ذروة المنارة، فزلت قدمه وسقط من الأعلى على سرير من أسرة المقهى الموجود في أسفل قاعدة المنارة على الأرض وأحدث سقوطه صوتا عاليا، هرع على أثره صاحب المقهى ليرى ما حدث، فهرب الطفل وهو يقول " والله عمي ما على القسط " ولم يكن من الطفل بأس، وبعدها عاش ستين عاما، مات بعدها على أثر زلة قدمه في بلاط داره!
وقد أورد الشيخ علي الطنطاوي في كتابه " فصول اجتماعية قصصا من هذا القبيل، حيث قال: كان مما تعلمناه من الدعاء: " اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه "
ولقد وقعت لي أنا واقعة مر عليها الآن أكثر من ثلث قرن ولا أزال أذكرها جيدا، أراها واضحة أمامي كأنما كانت بالأمس كنا نصطاف في قرية من قرى الجبل يقال لها " مضايا "، تبعد عن دمشق خمسين كيلا، وكنا قد استأجرنا دارا في الجبل، وكانت بنتي تلعب على السطح، ولم يكن للسطح حواجز، فسقطت عن علو سبعة أمتار على الصخر اليابس وانقطع صوتها، وهبطت السلم وأنا لا أبصر ما أمامي حتى وصلت إليها فحملتها، ولست أدري أأحمل جثة ميتة أم أحمل معها الرجاء بحياتها وشفائها؟ وأخذتها إلى مستوصف القرية، وكان فيه طبيب أعرفه، فطمأنني أنها لا تزال على قيد الحياة ولكنها تحتاج إلى عمليها عاجلة، فركبت أول سيارة ونزلت إلى دمشق، إلى مستشفى كلية الطب، وكان فيه جراح اسمه اللبابيدي فأجرى لها عمليات وفقه الله فيها وجعل على يديه شفاءها ومما ذكره أيضا أن بنتان تسقطان من عمارة عالية ثم تنجوان، والشيخ إبراهيم الراوي سنة 1936 في المسجد {مسجد سيد سلطان علي} في بغداد، الذي يبقى فيه أكثر نهاره ويلقي فيه جل دروسه، عثر بسجادة وضعت فوق الأخرى، لا تعلو عنها إلا عرض أصبع واحدة فكان سقوطه في موته ومما رواه أيضا " ورأيت بعيني مرة في دمشق مشهدا لا ينساه من رآه لما كان عندنا خط الترام الذي يصعد إلى حي المهاجرين على سفح قاسيون كان نازلا مرة في العفيف إلى الجسر الأبيض وبينهما منحدر مائل، وقد افلت مقوده من يد السائق الذي يسوقه، فهبط مثل البلاء النازل، وكان أمامه بين الخطين امرأة مسنة {كأني أراها الآن بملاءتها وحجابها}، لما أبصرته جمد الخوف دمها وأيبس عضلاتها فلم تستطع أن تبارح مكانها، وأغمض الناس عيونهم وأغمضت عيني معهم لأننا لا نستطيع أن نصنع شيئا، ومن يرد الترام وهو مندفع بثقله وانحدار خطيه؟ فلم نفتح عيوننا حتى سمعنا رجة قوية، وإذا الترام قبل أن يصل إلى هذه المرأة -فيسحقها سحقا ويخلط عظمها بلحمها- قد خرج عن الخط، ومال ميلة إلى جدار من الطين وراءه غرفتان من دار قديمة، فشق على أهل الدار جدار من الطين وراءه غرفتان من دار قديمة، فشق على أهل الدار الجدار ودخل عليهم وهم في الدار "
حكى النعيمى كل هذه الحكايات لكى يقول لنا أن الحوادث كلها بقدر الله وأن ما نعتقده ينتج عن كذا وكذا قد ينتج غيره وفى هذا قال:
"لا تقولوا إنها مصادفات، فليس في الكون مصادفات، ولكنها أمور مقدرات في علم الله محسوبات، مسجلات في كتاب القدر، والله لا يظلم أحدا ولا يضيع حقا على أحد، فلم يبق لنا إلا التسليم والعجب: المرأة بين خطي الترام ذهبت إلى بيتها ماشية على رجليها، والذين كانوا في بيتهم، قد أغلقوا عليهم أبوابهم، شق عليهم الترام الجدار، وولج الدار، "
يقول الطنطاوي فمن أدركه لطف الله فقد نجا كما، ورحم الله القائل:
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان"
ثم أكمل النعيمى حكاياته التى تبدو كحكايات العامة عندما يريدون إثبات شىء ما عن طريق الحكى حتى وإن الكثير منه لا أساس له فقال:
"استرسلت في استذكار بعض من الأحداث التي مررت بها في حياتي، فتذكرت موقفا لا يغيب عن بالي وأذكره دوما، أذكر يوما أني سافرت لبلد ما، في ذلك اليوم كانت الطائرة التي تطير بنا حديثة الصنع وعالية السرعة ومتطورة تقنيا كان ذلك عام 2009، وأذكر أني كنت أجلس خلف مقاعد الدرجة الأولى، ربطنا الأحزمة وأقلعت الطائرة وبينما هي تطير بسلام، وفجأة! مطبات جوية عنيفة كافية بأن تجفف الدم في عروقك، أقبل أحد المضيفين إلى مقعد قريب مني، فنظر إلي وقال: هل أنت خائف!قلت: نعم قال: لا تخف طالما الأمور بيد الله فسنكون بخير، وأردف قائلا ليخفف عني: أذكر مرة أننا مررنا بمطبات جوية بقينا فيها أكثر من ساعة ونصف وباتت الطائرة أشبه بورقة تضربها الريح يمينا وشمالا وبصعوبة بالغة كان قائد الطائرة يستطيع السيطرة عليها، وبعد ساعة ونصف واصلنا المسير بأمان وزالت المطبات والحمد لله الذي كتب لنا النجاة
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن وصلنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن و في دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله "
ما حكاه الرجل يرجعه إلى حفظ الله وأن هذا الحفظ يكون بسبب صلاح من نجا وهو كلام غير صحيح فبقاء المرء على قيد الحياة لا علاقة له بصلاحه ولا بفساده لأن هذا هو ما قدره أى ما كتبه عنده فى لوح القضاء وهو الكتاب المبين ولو كان الأمر كما يقول النعيمى لكان المجاهدون خاصة الشهداء هم أسوأ خلق الله لأن الله لم يحفظهم من الموت الشنيع فى القتال حيث تتمزق أجسادهم وتنفجر وتحترق وتتفرق أشلاء ومع هذا فهم أفضل خلق الله كما قال :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وبعد ذلك شرح اسم الله الحافظ أو الحفيظ فقال:
"وقفات: قلت مستعينا بالله:
* ما معنى اسم الله الحفيظ؟
الجواب: ورد اسم الحافظ في قوله : {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين} وسمى الله عز وجل نفسه في مواضع من كتابه بـ " الحفيظ " أيضا، قال : {إن ربي على كل شيء حفيظ}
قال الخطابي {الحفيظ: هو الحافظ، فعيل بمعنى فاعل، كالقدير والعليم، يحفظ السموات والأرض وما فيهما لتبقى مدة بقائها فلا تزول ولا تدثر، كقوله : {ولا يؤوده حفظهما} وقال: {وحفظا من كل شيطان مارد} وهو الذي يحفظ عبده من المهالك والمعاطب ويقيه مصارع السوء، كقوله سبحانه: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}أي: بأمره ويحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي عليهم أقوالهم ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم، ولا تغيب عنه غائبة، ولا تخفى عليه خافية ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم عن مكايدة الشيطان، ليسلموا من شره وفتنته}
*إني أكتب لأذكر نفسي وإياك بنعم الله عز وجل * أكتب لأذكرك كم من مرة وقعنا فيها في مصاعب وأصابتنا الهموم والغموم فكشفها الله سبحانه عنا على تقصيرنا، وكم قل لنا شكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فاللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين لفضلك ونعمك
* كل ما يصيبنا هو خير لنا علمنا أم لم نعلم، فإذا كانت الشوكة التي يشاكها المسلم كفارة لذنوبه، فما بالك بما هو أكبر من ذلك!
*" أيها القلب إطمئن يقول الشيخ السعدي : {الحفيظ الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بما أوجده، وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات، ولطف بهم في الحركات والسكنات} منتهى الحفظ عنده، وغاية الرعاية لديه، وأقصى الطمأنينة ستكون وأنت بمعيته يحفظ عبده، لذلك نقول دائما: اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يمين وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي
إنك تستحفظ الله جهاتك الست، إنك تطلب منه هالة حفظ تحوطك من جميع الجهات ولا يقدر على ذلك إلا هو يحفظ سمعك وبصرك، لذلك ندعوه في الصباح والمساء أن: اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري ستفقد الجهاز الذي تستطيع به فهم هذا العالم إن فقدت سمعك وبصرك، وستعيش في عزلة سوداء، ستخنقك الدنيا في بصمتها!
الحفيظ هو من يحفظ سمعك، الذي تسمع به الحرام، ولو شاء لأذهبه في لحظة ويحفظ بصرك الذي تنظر به للحرام، ولو شاء الله لأذهبه في لحظة ىيحفظ دينك، لذلك تناجيه في السجود أن يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، يقول {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} "
النعيمى هنا يأخذ الأمر مأخذا خاطئا فإذا كان الله هو الحافظ أو الحفيظ فهو المهلك المدمر كما قال تعالى :
" فدمرناها تدميرها"
وقال:
""أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم"
ومن ثم فالله يهلك كما يحفظ ومن ثم لا يمكن أن نذكر الله الحفيظ وإلا ونذكر الله المجازى المعاقب المهلك سريع الحساب سريع العقاب شديد العقاب
وقد أخبرنا فى الدنيا أنه بتلى بالشر كما يبتلى بالخير وفى هذا قال سبحانه:
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ثم قال :
"لأجلك أنت يأمر الحفيظ سبحانه أربعة ملائكة أن يحيطوا بك حتى يحفظوك بأمره من كل ما لم يقدره عليك كيف لا يكون حفيظا وقد أوكل بك هذا العدد من ملائكته الكرام حتى يصدوا عنك أي طلقة لم يشأ سبحانه أن تخترق جسدك، وأي صخرة لم يرد سبحانه أن تنهي حياتك، بل وأي بعوضة لم يشأ سبحانه أن تؤذي بشرتك "
الخطأ هنا وجود أربعة ملائكة فى الأرض يحيطون بالإنسان وهو ما يعارض عدم وجود ملائكة فى الأرض لقوله تعالى "وكم من ملك فى السموات" والسبب أنهم لا يطمئنون فى مشيهم فى الأرض وفى هذا قال تعالى :
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم قال:"ومن صور حفظ الله أنه سبحانه يدافع عن المؤمنين {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}"
تأمل: إنه لا يدفع عنهم الشر بل يدافعه عنهم! وفي هذه إلماحة إلى ضرورة ما سيلاقونه وتعدد أشكاله وتنوع صوره، ولكن الله أعلم بما يوعي أعداؤه، فيدافعهم ويصدهم عن أحبابه
وفي الحديث القدسي: {من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب} تخيل: حربا بين عدو للدعوة وللحق وللدين، وبين الله! ""
وهنا النعيمى فهم دفاع الله عن المؤمنين فهما خاطئا فالدفاع هنا لا يعنى أن يبقى الكل على قيد الحياة أصحاء وإنما المعنى أن ينصرهم وفى النصر لا يحفظ الله أجساد بعض الأحياء حيث يصابون بجراح وبتر للأعضاء فى القتال والشهداء يقتلون فلا تحفظ حياتهم وتتكزف أجسادهم
ثم قال :
* احفظ الله يحفظك: عن أبي العباس عبد الله بن عباس قال: كنت خلف النبي (ص) يوما، فقال: {يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف} رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
وفي رواية الإمام أحمد: {احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا} "
ثم شرح الرجل بقية الرواية وهى لا تهم فى الموضوع عدا أولها فقط فقال:
"* لا تسأل إلا الله سبحانه :
إن الناس إذا سئلوا فإما أن يعطوا، وإما أن يمنعوا، وهم إن يعطوا منوا، وإن منعوا أهانوا وأذلوا، وكل ذلك مما يحز في نفس المسلم، ويدخل عليه الحزن والكرب، ويحط من كرامته، وينال من عزته، ولذلك كان النبي (ص) ربما أخذ العهد على من يبايعه على الإسلام ألا يسأل الناس شيئا، ....."
وبنى الرجل على الفهم الخاطىء كل القادم والحق هو أنه عندما نحفظ الله يحفظنا هذا معناه كما قال تعالى "إن تنصروا الله ينصركم" والمراد إن أطعنا دين الله فالله يحفظنا من عذابه فى الأخرة وأما الدنيا فدار ابتلاء معرضين فيها بعدم حفظ الجسم والنفس والمال والولد وغير هذا وقد شرح الله الأمر بانه يصيب المسلمين بالجوع والخوف ونقص الثمار والأنفس والموال فقال:
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"
والقادم الخاطىء هو :
"تذكر أن الجزاء من جنس العمل، قوله: {يحفظك} يعني أن من حفظ حدود الله وراعى حقوقه حفظه الله، فإن الجزاء من جنس العمل، كما قال : {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} وقال: {اذكروني أذكركم}، وقال: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
قال العلامة ابن رجب في شرحه لحديث: {احفظ الله يحفظك} وحفظ الله لعباده يدخل فيه نوعان:
أحدهما: حفظه له في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، ومن حفظ الله في صباه وقوته؛ حفظه الله في كبره وضعف قوته ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله، وقد يحفظ الله العبد بصلاحه بعد موته في ذريته ومتى كان العبد مشتغلا بطاعة الله؛ فإن الله يحفظه في تلك الحال، قال بعض السلف: من اتقى الله فقد حفظ نفسه ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه، والله غني عنه
النوع الثاني من الحفظ، وهو أشرف النوعين: حفظ الله لعبده في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضلة والبدع المذلة، والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته فيتوفاه على الإيمان
حفظ الله سبحانه مصالح العبد في دنياه: كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله قال : {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}
قال ابن عباس: هم الملائكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر خلوا عنه
وقال مجاهد: ما من عبد إلا له ملك يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما من شيء يأتيه إلا قال: وراءك، إلا شيئا قد أذن الله فيه فيصيبه
ومن صور حفظ الله للعبد في دنياه:
حفظه في صحة بدنه:
أن يحفظه في صحة بدنه وقوته وعقله وماله قال بعض السلف: العالم لا يخرف وقال بعضهم: من جمع القرآن متع بعقله وتأول بعضهم على ذلك قوله : {ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وكان أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بعقله وقوته، فوثب يوما من سفينة كان فيها إلى الأرض وثبة شديدة، فعوتب على ذلك فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر وعكس هذا: أن الجنيد رأى شيخا يسأل الناس فقال: إن هذا ضيع الله في صغره، فضيعه الله في كبره!!"
حفظ الصحة ليس مرتبطا بحفظ العبد لديم الله فزكريا(ص) وقد حفظ دين الله قولا وعملا كان مريضا كما قال تعالى "غنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا" وأيوب (ص) ظل سنوات طويلة مريضا حتى شفاه الله كما قال""واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب"
فالمهم هو ثبات العبد على الدين وهو الصبر فالصحة قد تذهب وقد تأتى المسلم ثم أكمل الفهم الخاطىء فقال:
"حفظه في أولاده:
وقد يحفظ الله العبد بصلاحه في ولده، وولد ولده كما قيل في قوله : {وكان أبوهما صالحا} أنهما حفظا بصلاح أبيهما وقال محمد بن المنكدر: إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وقريته التي هو فيها، فما يزالون في حفظ من الله وستر وقال ابن المسيب لابنه: يا بني لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك، وتلا هذه الآية: {وكان أبوهما صالحا} "
وفات النعيمى هلاك ابن نوح(ص) رغم صلاح نوح(ص) فوصف الله الابن بأنه غير صالح فقال :
"قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح"
ثم أكمل نفس الفهم فقال:
"حفظه في أمواله:
ومتى كان العبد مشتغلا بطاعة الله عز وجل، فإن الله يحفظه في تلك الحال
- كان شيبان الراعي يرعى غنما في البرية، فإذا جاءت الجمعة خط عليها خطا، وذهب إلى الجمعة، ثم يرجع وهي كما تركها!- وكان بعض السلف في يده الميزان يزن بها دراهم، فسمع الأذان، فنهض ونفضها على الأرض، وذهب إلى الصلاة، فلما عاد جمعها فلم يذهب منها شيء
حفظه من الجن والإنس:
أن يحفظه من شر كل من يريده بأذى من الجن والإنس، كما قال : {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} قالت عائشة يكفيه غم الدنيا وهمها
وقال الربيع بن خثيم: يجعل له مخرجا من كل ما ضاق على الناس وكتب بعض السلف إلى أخيه: أما بعد فإن من اتقى الله فقد حفظ نفسه، ومن ضيع تقواه، فقد ضيع نفسه، والله الغني عنه ومن ضيع الله ضيعه الله بين خلقه، حتى يدخل عليه الضرر ممن كان يرجو أن ينفعه، ويؤذيه أخص أهله به وأرفقهم به كما قال بعضهم: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي وحماري فالخير كله مجموع في طاعة الله والإقبال عليه والشر كله مجموع في معصيته والإعراض عنه "
حكايات النعيمى تخالف كتاب الله فمال المسلم عرضة للكثرة والقلة وقد ابتلى الله المسلمين بنقص ثمارهم و/والهم فقال:
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"
ثم أكمل قائلا:
"حفظ الدين:
النوع الثاني من الحفظ: وهو أشرفهما وأفضلهما: حفظ الله لعبده في دينه، فيحفظ عليه دينه وإيمانه؛ في حياته من الشبهات المردية، والبدع المضلة، والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفاه على الإسلام وهذا كما حفظ يوسف (ص) قال: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} فمن أخلص لله خلصه الله من السوء والفحشاء، وعصمه منهما من حيث لا يشعر، وحال بينه وبين أسباب المعاصي المهلكة فمن قام بحقوق الله عليه، فإن الله يتكفل له بالقيام بجميع مصالحه في الدنيا والآخرة فمن أراد أن يتولى الله حفظه ورعايته في أموره كلها فليراع حقوق الله عليه، ومن أراد أن لا يصيبه شيء مما يكره، فلا يأت شيئا مما يكرهه الله منه وكان بعض السلف يدور على المجالس ويقول: من أحب أن تدوم له العافية فليتق الله وقال العمري الزاهد: كما تحب أن يكون الله لك، فهكذا كن لله عز وجل فما يؤتى الإنسان إلا من قبل نفسه، ولا يصيبه المكروه إلا من تفريطه في حق ربه عز وجل كما قال بعض السلف: من صفى صفي له، ومن خلط خلط عليه"
قطعا الحفظ فى الدين سببه إرادة المسلم كما قال تعالى"من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه"
فالله يبقيه على دينه لأن المسلم أراد البقاء عليه فهو لا يجبره على ذلك وإنما يقع هذا باختيار المسلم لأنه حدث كما ينصور النعيمى لاجتج الكفار على الله بأنه لم يفعل معهم مثلما فعل مع المسلم
ثم أكمل كلامه فقال:
"أعظم صورة من صور حفظ الله لعباده الصالحين:
ومن حفظ الله لعبده المؤمن في دينه أن يحفظه من الشبهات والشهوات فمن حفظ الشبهات: أن يريه الحق حقا ويرزقه أتباعه، ويريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه ولذلك علم النبي (ص) أمته هذا الدعاء وكان يدعو به (ص) في أحرى ساعات الإجابة ففي صحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة قالت: {كان (ص) إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم} "
وكما سبق القول الحفظ من الشبهات هو من ضمن حفظ المسلم لنفسه بالبقاء على دين الله ثم نقل النعيمى روايات طويلة هى:
"الغلام والساحر:
ومما يدل على ذلك ما صح عن النبي (ص) في قصة الغلام وكيف حفظ الله عليه دينه ونجاه من شبهة الساحر ففي صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: {كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فأبعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وانك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوى الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمى فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفى أحدا إنما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك قال ربي قال ولك رب غيري قال ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل؟! فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفى الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال وما هو قال تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر والله نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت وأضرم النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيه فقال لها الغلام يا أمه اصبري فإنك على الحق} وفي رواية للترمذي أورد القصة ثم قال في آخرها: {فأما الغلام فإنه دفن فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل} "
قطعا هذه الرواية لم يقلها النبى(ص) وهى لم تحدق لسبب بسيط هو أن القرية الوحيدة التى آمنت كانت قرية أى ثوم يونس وليس من فى الرواية قوم يونس(ص) وفى هذا قال تعالى :
"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما أمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين"
ثم حكى حكاية أخرى هى:
"عامر بن عبد قيس التميمي:
ومن ذلك ما حدث لعامر بن عبد قيس التميمي التابعي الجليل العابد الزاهد المشهور والذي سافر في قافلة ذات يوم فلما كان الليل جمع عامر متاعه ' وربط فرسه بشجرة وطول له زمامه وجمع له من حشائش الأرض ثم قام يصلي بين يدي الله سبحانه فتبعه أحد رفاقه لينظر أين يذهب عامر التميمي؟! وماذا يصنع؟! فقد تكرر منه هذا الأمر كلما نام الناس أنسل من بينهم بهذه الصفة ثم ذهب!فوجده مستقبل القبلة يصلي صلاة لا أحسن منها ولا أكمل ولا أخشع، فلما صلى ما شاء الله أن يصلي، طفق يدعو الله ويناجيه، فكان مما قال: اللهم إني سألتك ثلاثا فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة اللهم فأني أسألك هذه الواحدة حتى أعبدك كما أحب وأريد وأخذ يلح على الله في هذه الواحدة فلما أنقضت الصلاة خرج له ذلك الرجل ففزع منه فزعا شديدا وأخذ يتوسل إليه أن يستر عليه وقال: أستر ما رأيت مني ستر الله عليك
قال: والله لا أستر عليك إلا أن تخبرني ما هذه الدعوات التي دعوت؟!قال: إن أخبرتك، تستر علي؟!قال: نعم قال: أما الأولى: فدعوت الله أن يذهب من قلبي فتنة النساء، فوالله الذي لا إله غيره ما أصبحت أبالي جدارا أم امرأة وأما الثانية: فدعوت الله أن يذهب من قلبي مخافة الرجال، فوالله ما أصبحت أخاف إلا الله وأما الثالثة والتي لم تجب: فدعوت الله أن يذهب عني سنة النوم حتى أعبد الله عمري كله! سير أعلام النبلاء بتصرف
رحمك الله يا عامر، ماذا نقول عن حالنا ونحن نتفنن في تقطيع الأوقات بشتى وسائل الترفيه والتسلية كما يقال؟!!والشاهد: كيف حفظ الله عامر التميمي من شهوة أو فتنة النساء لما كان حافظا لله !وقل مثل ذلك فيما حدث لعبيد بن عمير التابعي الجليل والعالم العابد التقي النقي"
حكاية لا تمت بالإسلام بصلة وهى لم تقع وهى تدل على جهل الشخصية الرئيسة فيها بدين الله حيث يطلب من الله محالا وهو ألا ينام كما أنه يطلب من الرجل الستر عليه فأصبحت الصلاة والدعاء هنا ذنبا يتم طلب الستر عليه
ثم حكى لنا حكاية ثالثة قال فيها:
"عبيد ابن عمير:
ذكر أبو الفرج وغيره أن امرأة جميله كانت بمكة وكان لها زوج فنظرت ذات يوم إلى وجهها في المرأة فقالت لزوجها: أترى احد يرى هذا الوجه ولا يفتتن به قال: نعم قالت من قال عبيد ابن عمير قالت: إذن لي فيه فلأفتنه قال: قد أذنت لكي فاتته كالمستفتية فخلى معها في ناحية من المسجد الحرام فأسفرت عن وجهها مثل فلقة القمر فقال لها: يا أمة الله استتري فقالت: إني قد فتنت بك فقال: إني سائلك عن شيء إذا صدقتيني نظرت في أمرك قالت: والله لا تسألني عن شيء إلا صدقتك، قال: أرئيت لو أن ملك الموت أتاك الساعة ليقبض روحك أكان يسرك أن اقضي لك هذه الحاجة؟!، قالت: اللهم لا قال: صدقتي، قال: فلو دخلتي قبرك وجلستي للمسائلة أيسرك أني قضيت لك حاجتك؟! قالت اللهم لا، فقال صدقتي قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بيسارك أكان يسرك أن قضيت لك حاجتك؟! قالت اللهم لا، فقال صدقتي، قال: فلو جيء بالميزان وجيء بك فلا تدرين أيخف ميزانك أو يثقل أكان يسرك أني قضين حاجتك؟! فقالت: اللهم لا، فقال صدقتي قال: فلو وقفتي بين يدي الله للمسائلة أكان يسرك أن قضيتها لك؟! فقالت اللهم لا، فقال: صدقتي، ثم قال اتقي الله يا أمة الله فقد انعم الله عليك وأحسن إليك، قال: فرجعت إلى زوجها فقال: ما صنعتي فقالت: أنت بطال ونحن بطالون فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد ابن عمير افسد علي امرأتي كانت في كل لليله عروسا فصيرها راهبة "
حكاية هى الأخرى لم تقع فلا يمكن لأحد أن يرتكب جريمة فى الكعبة وهى فتنة المرأة لرجل لأن الله تعهد بعذاب فورى لمن يقرر ارتكاب أى ذنب فى الكعبة وليس لمن يفعل فقال:
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
والمرأة فعلت الذنب وعادت سليمة ومن ثم لا يمكن أن تكون الحكاية وقعت
زد على هذا أن المرأة ذهبت صالة لفتنة الرجل فعادت ضالة فأصبحت راهبة ولا رهبانية فى الإسلام ولا أدرى كيف يستدل الرجل بهذا الضلال ثم قال:
" وقل مثل ذلك فيما حدث كذلك لهذا الشاب الصالح:
أبو بكر المسكي:
ذكر ابن الجوزي في كتاب "المواعظ والمجالس" قال: قيل لأبي بكر المسكي إنا نشم رائحة المسك مع الدوام فما سببه فقال: والله لي سنين عديدة لم أمس المسك، ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت علي حتى أدخلتني دارها وأغلقت دوني الأبواب وراودتني عن نفسي فتحيرت في أمري فضاقت بي الحيل فقلت لها: إن لي حاجة في الطهارة، فأمرت بجارية لها تمضي بي إلى بيت الراحة"مكان قضاء الحاجة" ففعلت فلما دخلت بيت الراحة أخذت العذرة وألقيتها على جميع جسدي ثم رجعت إليها وأنا على تلك الحالة فلما رأتني دهشت ثم أمرت بإخراجي فمضيت إلى بيتي واغتسلت فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائل يقول لي: فعلت ما لم يفعله احد غيرك لأطيبن ريحك في الدنيا والآخرة فأصبحت والمسك يفوح مني واستمرت تلك الرائحة لا تنقطع وبقيت حتى مات"
حكاية هى الخرى من الضلال المخالف لكتاب الله ففيها حدثت معجزة أى أية الرائجة الجميلة فى الدنيا للرجل وهو ما لم يحدث حيث منع الله الآيات وهى المعجزات عن الناس فقال:
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم أكمل كلامه فقال:
" افتخر بأنك عبد لله: دعك من الأحساب والأنساب ولا تفتخر إلا بأنك عبد لله سبحانه، لا تسأل في حاجتك أحدا إلا هو، توكل عليه، اشتكي إليه من ظلمك من خلقة، وأشكو إليه همومك: ومن جميل ما يمكن أن أذكره ما نقله الذهبي وابن كثير مما أثر عن طاووس بن كيسان وهو أحد التابعين ممن اشتهر بالعلم، سئل مرة: ما أعجب ما رأيت، فقال إن من أعجب ما رأيت يوما في موسم الحج، حججت فجلست في الحرم قبل الغروب أنظر إلى الكعبة ثم سمعت جلبة فألتفت فإذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق، فبقيت في مكاني فصلى الحجاج خلفي ركعتين ومعه الحرس والجنود، فجلست أسبح لله، وإذا بحاج فقير أقبل من اليمن يطوف وعليه إحرامه ثم مر قريب من الحجاج فتعلقت إحرامه بخنجر يحمله الحجاج، فرفضها فوقعت على الحجاج، فقال من أنت؟قال الرجل: حاج من اليمن قال الحجاج: كيف تركت محمد بن يوسف قال الرجل: تركته سمينا بطينا ركابا لباسا خراجا ولاجا قال الحجاج: أنا لا أسالك عن صحته، إنما أسالك عن عدله قال الرجل: تركته ظلوما غشوما قال الحجاج أما تدري أني أخاه؟فأجابه الرجل قائلا: أتظن أنه يعتز هو بك أكثر من اعتزازي بالله، فإذا به بالحجاج يطلقه يقول طاووس: جئت في الليل في الحرم لأصلي فإذا به متعلق بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم بك ألوذ وبجنابك أعوذ يا ولي نعمتي لا تسلط أحدا من خلقك علي"
حكاية باطلة هى الأخرى فلا وجود أساس للحجاج لأنه لو كان له وجود ما عاض لحظو واحدة ساعة قرر هدم الكعبة كما يزعمون ويفترون فالكعبة بيت محمى من يرد أى يقرر فعل شىء حرام فيه أى ذنب يعاقب قبل أن يفعله فما بالنا بهدم الكعبة كيف يحدث والله يعاقب من يقرر فقط فعل أذى فيها على الفور وهو قوله تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
ثم حدثنا عن الدعاء فقال:
"* الدعاء سلاح المسلم: ولن أطيل عليك أيها الموفق في الحديث عن شروط الدعاء وآدابه، بل سأكتفي بنقل ما أورده ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر: {تأملت حالة عجيبة، وهي أن المؤمن تنزل به النازلة فيدعو، ويبالغ، فلا يرى أثرا للإجابة فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه، فإن كان راضيا بالأقدار، غير قنوط من فضل الله عز وجل، فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ، لأن هناك يصلح، ويهزم الشيطان، وهناك تبين مقادير الرجال فينبغي للعاقل أن يلازم باب مولاه على كل حال وأن يتعلق بذليل فضله إن عصى وإن أطاع وليكن له أنس في خلوته به، فإن وقعت وحشة فليجتهد في رفع الموحش كما قال الشاعر:
أمستوحش أنت مما جنيت فأحسن إذا شئت واستأنس فإن رأى نفسه مائلا إلى الدنيا طلبها منه، أو إلى الآخرة سأله التوفيق للعمل لها فإن خاف ضرر ما يرومه من الدنيا سأل الله إصلاح قلبه، وطب مرضه فإنه إذا صلح لم يطلب ما يؤذيه ومن كان هكذا كان في العيش الرغيد، غير أن من ضرورة هذه الحال ملازمة التقول، فإنه لا يصلح الأنس إلا بها
وقد كان أرباب التقوى يتشاغلون عن كل شيء إلا عن اللجا والسؤال، وفي الخبر: أن قتيبة بن مسلم لما صاف الترك {أي: واجههم في الحرب}، هاله أمرهم فقال: أين محمد بن واسع؟فقيل: هو في أقصى الميمنة جانح في أقصى سية قوسه، يومي بأصبعه نحو السماء، فقال قتيبة: تلك الإصبع الفاردة أحب إلي من مائة ألف سيف شهير، وسنان طرير، فلما فتح عليهم قال له: ما كنت تصنع؟ قال: آخذ لك بمجامع الطرق وقد أشير الى هذا في قوله : {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}
وكذلك جرى ليعقوب (ص) فإنما فقد ولدا، وطال الأمر عليه، لم ييأس من الفرج، فأخذ ولده الآخر، ولم ينقطع أمله من فضل ربه {فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم} وكذلك قال زكريا (ص) {ولم أكن بدعائك رب شقيا}
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة، وكن ناظرا إلى أنه الملك، وإلى أنه الحكيم في التدبير، والعالم بالمصالح، وإلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك، وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك، وإلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك، إلى غير ذلك، وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتحارب وسوسة إبليس
وكل واحدة من هذه الأشياء تقوي الظن في فضله، وتوجب الشكر له، إذ أهلك بالبلاء للالتفات إلى سؤاله، وفقر المضطر إلى اللجأ إليه غنى كله
الدنيا دار ابتلاء والكل فيها مبتلى، ومن يرد الله به خيرا يصيب منه:قال الله عز وجل {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} وصح الخبر عن رسول الله {ص }: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل}، وورد: فإن كان في دينه صلبا إشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلى على قدر دينه، فلا بد من امتحان واختبار في هذه الدار، فلا تجزع من ذلها ولا تنافس في غيرها، فلك شأن وللناس شأن، واحذر أن تنقلب على عقبك القهقرى، أو أن تبيع دينك بدنياك أو بدنيا غيرك واعلم " أن الله اذا أحب قوما ابتلاهم "ومما يسلي النفوس المؤمنة ما ورد في الحديث {ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه} وفي الحديث أيضا {عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له} فإن لم ترض بقضائه فارحل من تحت سمائه، وما أنت بفاعل، فكان لا بد من الصبر والرضى والطمأنينة والثقة وبذلك يتحقق قال {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} وما أعطي أحد عطاء أوسع من الصبر، فهنيئا لك إن أنت احتسبت الأجر عند الله وعشت حياة الإيمان"
والكتاب معظمه كما قلت مبنى على فهم خاطىء لحفظ الله للمسلم وقائم على الحكايات التى نعظمها باطلة
الكتاب من تأليف مثنى النعيمي وهو يدور عن حفظ الله وأسبابه ومعناه وقد استهل النعيمى الكتاب بمقدمة عن سبب تأليف الكتاب وأنه جمع مادته من قراءاته عن الموضوع فى كتب مختلفة فقال:
"وبعد قبل فترة بدأت بقراءة كتاب قيم لإبن القيم عن شرح أسماء الله الحسنى - وهو كتاب قيم وشرحه رائع جدا - فوصلت فيه إلى اسم الله سبحانه {الحافظ}، فاستوقفني معناه ، حيث قال الشارح:الحافظ: معناه الصائن عبده عن أسباب الهلكة في أمور دينه ودنياه، وهو سبحانه {الحافظ} له حفظ، إلى آخر ما قال الصائن عبده عن أسباب الهلكة توقفت عندها لأسترجع بعض مما قرأت وما حدث معي لأستشعر هذا المعنى المبارك، هلم معي أيها الموفق لبعض من هذه المواقف:
أورد اللواء الركن محمود شيت خطاب في كتابه عدالة السماء قصة عنوانها " لا حارس كالأجل " قصة ينقلها عن والده جاء فيها: كان والدي يحدثني عن طفل تسلل من أهله خلسة، وارتقى سلالم منارة {الحدباء} في الموصل -وهي منارة شاهقة الطول تقع في الجامع الكبير الذي بناه نور الدين زنكي ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا - وتعد من مفاخر البناء الإسلامي في الموصل، ولشهرة هذه المنارة التي ترتفع في الجامع الكبير أطلق اسمها على مدينة الموصل، فسميت باسم المنارة: الحدباء وحين استقر الطفل في المنارة، صعد إلى الحائط الدائري الذي يلف ذروة المنارة، فزلت قدمه وسقط من الأعلى على سرير من أسرة المقهى الموجود في أسفل قاعدة المنارة على الأرض وأحدث سقوطه صوتا عاليا، هرع على أثره صاحب المقهى ليرى ما حدث، فهرب الطفل وهو يقول " والله عمي ما على القسط " ولم يكن من الطفل بأس، وبعدها عاش ستين عاما، مات بعدها على أثر زلة قدمه في بلاط داره!
وقد أورد الشيخ علي الطنطاوي في كتابه " فصول اجتماعية قصصا من هذا القبيل، حيث قال: كان مما تعلمناه من الدعاء: " اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه "
ولقد وقعت لي أنا واقعة مر عليها الآن أكثر من ثلث قرن ولا أزال أذكرها جيدا، أراها واضحة أمامي كأنما كانت بالأمس كنا نصطاف في قرية من قرى الجبل يقال لها " مضايا "، تبعد عن دمشق خمسين كيلا، وكنا قد استأجرنا دارا في الجبل، وكانت بنتي تلعب على السطح، ولم يكن للسطح حواجز، فسقطت عن علو سبعة أمتار على الصخر اليابس وانقطع صوتها، وهبطت السلم وأنا لا أبصر ما أمامي حتى وصلت إليها فحملتها، ولست أدري أأحمل جثة ميتة أم أحمل معها الرجاء بحياتها وشفائها؟ وأخذتها إلى مستوصف القرية، وكان فيه طبيب أعرفه، فطمأنني أنها لا تزال على قيد الحياة ولكنها تحتاج إلى عمليها عاجلة، فركبت أول سيارة ونزلت إلى دمشق، إلى مستشفى كلية الطب، وكان فيه جراح اسمه اللبابيدي فأجرى لها عمليات وفقه الله فيها وجعل على يديه شفاءها ومما ذكره أيضا أن بنتان تسقطان من عمارة عالية ثم تنجوان، والشيخ إبراهيم الراوي سنة 1936 في المسجد {مسجد سيد سلطان علي} في بغداد، الذي يبقى فيه أكثر نهاره ويلقي فيه جل دروسه، عثر بسجادة وضعت فوق الأخرى، لا تعلو عنها إلا عرض أصبع واحدة فكان سقوطه في موته ومما رواه أيضا " ورأيت بعيني مرة في دمشق مشهدا لا ينساه من رآه لما كان عندنا خط الترام الذي يصعد إلى حي المهاجرين على سفح قاسيون كان نازلا مرة في العفيف إلى الجسر الأبيض وبينهما منحدر مائل، وقد افلت مقوده من يد السائق الذي يسوقه، فهبط مثل البلاء النازل، وكان أمامه بين الخطين امرأة مسنة {كأني أراها الآن بملاءتها وحجابها}، لما أبصرته جمد الخوف دمها وأيبس عضلاتها فلم تستطع أن تبارح مكانها، وأغمض الناس عيونهم وأغمضت عيني معهم لأننا لا نستطيع أن نصنع شيئا، ومن يرد الترام وهو مندفع بثقله وانحدار خطيه؟ فلم نفتح عيوننا حتى سمعنا رجة قوية، وإذا الترام قبل أن يصل إلى هذه المرأة -فيسحقها سحقا ويخلط عظمها بلحمها- قد خرج عن الخط، ومال ميلة إلى جدار من الطين وراءه غرفتان من دار قديمة، فشق على أهل الدار جدار من الطين وراءه غرفتان من دار قديمة، فشق على أهل الدار الجدار ودخل عليهم وهم في الدار "
حكى النعيمى كل هذه الحكايات لكى يقول لنا أن الحوادث كلها بقدر الله وأن ما نعتقده ينتج عن كذا وكذا قد ينتج غيره وفى هذا قال:
"لا تقولوا إنها مصادفات، فليس في الكون مصادفات، ولكنها أمور مقدرات في علم الله محسوبات، مسجلات في كتاب القدر، والله لا يظلم أحدا ولا يضيع حقا على أحد، فلم يبق لنا إلا التسليم والعجب: المرأة بين خطي الترام ذهبت إلى بيتها ماشية على رجليها، والذين كانوا في بيتهم، قد أغلقوا عليهم أبوابهم، شق عليهم الترام الجدار، وولج الدار، "
يقول الطنطاوي فمن أدركه لطف الله فقد نجا كما، ورحم الله القائل:
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان"
ثم أكمل النعيمى حكاياته التى تبدو كحكايات العامة عندما يريدون إثبات شىء ما عن طريق الحكى حتى وإن الكثير منه لا أساس له فقال:
"استرسلت في استذكار بعض من الأحداث التي مررت بها في حياتي، فتذكرت موقفا لا يغيب عن بالي وأذكره دوما، أذكر يوما أني سافرت لبلد ما، في ذلك اليوم كانت الطائرة التي تطير بنا حديثة الصنع وعالية السرعة ومتطورة تقنيا كان ذلك عام 2009، وأذكر أني كنت أجلس خلف مقاعد الدرجة الأولى، ربطنا الأحزمة وأقلعت الطائرة وبينما هي تطير بسلام، وفجأة! مطبات جوية عنيفة كافية بأن تجفف الدم في عروقك، أقبل أحد المضيفين إلى مقعد قريب مني، فنظر إلي وقال: هل أنت خائف!قلت: نعم قال: لا تخف طالما الأمور بيد الله فسنكون بخير، وأردف قائلا ليخفف عني: أذكر مرة أننا مررنا بمطبات جوية بقينا فيها أكثر من ساعة ونصف وباتت الطائرة أشبه بورقة تضربها الريح يمينا وشمالا وبصعوبة بالغة كان قائد الطائرة يستطيع السيطرة عليها، وبعد ساعة ونصف واصلنا المسير بأمان وزالت المطبات والحمد لله الذي كتب لنا النجاة
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن وصلنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن و في دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله "
ما حكاه الرجل يرجعه إلى حفظ الله وأن هذا الحفظ يكون بسبب صلاح من نجا وهو كلام غير صحيح فبقاء المرء على قيد الحياة لا علاقة له بصلاحه ولا بفساده لأن هذا هو ما قدره أى ما كتبه عنده فى لوح القضاء وهو الكتاب المبين ولو كان الأمر كما يقول النعيمى لكان المجاهدون خاصة الشهداء هم أسوأ خلق الله لأن الله لم يحفظهم من الموت الشنيع فى القتال حيث تتمزق أجسادهم وتنفجر وتحترق وتتفرق أشلاء ومع هذا فهم أفضل خلق الله كما قال :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وبعد ذلك شرح اسم الله الحافظ أو الحفيظ فقال:
"وقفات: قلت مستعينا بالله:
* ما معنى اسم الله الحفيظ؟
الجواب: ورد اسم الحافظ في قوله : {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين} وسمى الله عز وجل نفسه في مواضع من كتابه بـ " الحفيظ " أيضا، قال : {إن ربي على كل شيء حفيظ}
قال الخطابي {الحفيظ: هو الحافظ، فعيل بمعنى فاعل، كالقدير والعليم، يحفظ السموات والأرض وما فيهما لتبقى مدة بقائها فلا تزول ولا تدثر، كقوله : {ولا يؤوده حفظهما} وقال: {وحفظا من كل شيطان مارد} وهو الذي يحفظ عبده من المهالك والمعاطب ويقيه مصارع السوء، كقوله سبحانه: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}أي: بأمره ويحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي عليهم أقوالهم ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم، ولا تغيب عنه غائبة، ولا تخفى عليه خافية ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم عن مكايدة الشيطان، ليسلموا من شره وفتنته}
*إني أكتب لأذكر نفسي وإياك بنعم الله عز وجل * أكتب لأذكرك كم من مرة وقعنا فيها في مصاعب وأصابتنا الهموم والغموم فكشفها الله سبحانه عنا على تقصيرنا، وكم قل لنا شكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فاللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين لفضلك ونعمك
* كل ما يصيبنا هو خير لنا علمنا أم لم نعلم، فإذا كانت الشوكة التي يشاكها المسلم كفارة لذنوبه، فما بالك بما هو أكبر من ذلك!
*" أيها القلب إطمئن يقول الشيخ السعدي : {الحفيظ الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بما أوجده، وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات، ولطف بهم في الحركات والسكنات} منتهى الحفظ عنده، وغاية الرعاية لديه، وأقصى الطمأنينة ستكون وأنت بمعيته يحفظ عبده، لذلك نقول دائما: اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يمين وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي
إنك تستحفظ الله جهاتك الست، إنك تطلب منه هالة حفظ تحوطك من جميع الجهات ولا يقدر على ذلك إلا هو يحفظ سمعك وبصرك، لذلك ندعوه في الصباح والمساء أن: اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري ستفقد الجهاز الذي تستطيع به فهم هذا العالم إن فقدت سمعك وبصرك، وستعيش في عزلة سوداء، ستخنقك الدنيا في بصمتها!
الحفيظ هو من يحفظ سمعك، الذي تسمع به الحرام، ولو شاء لأذهبه في لحظة ويحفظ بصرك الذي تنظر به للحرام، ولو شاء الله لأذهبه في لحظة ىيحفظ دينك، لذلك تناجيه في السجود أن يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، يقول {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} "
النعيمى هنا يأخذ الأمر مأخذا خاطئا فإذا كان الله هو الحافظ أو الحفيظ فهو المهلك المدمر كما قال تعالى :
" فدمرناها تدميرها"
وقال:
""أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم"
ومن ثم فالله يهلك كما يحفظ ومن ثم لا يمكن أن نذكر الله الحفيظ وإلا ونذكر الله المجازى المعاقب المهلك سريع الحساب سريع العقاب شديد العقاب
وقد أخبرنا فى الدنيا أنه بتلى بالشر كما يبتلى بالخير وفى هذا قال سبحانه:
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ثم قال :
"لأجلك أنت يأمر الحفيظ سبحانه أربعة ملائكة أن يحيطوا بك حتى يحفظوك بأمره من كل ما لم يقدره عليك كيف لا يكون حفيظا وقد أوكل بك هذا العدد من ملائكته الكرام حتى يصدوا عنك أي طلقة لم يشأ سبحانه أن تخترق جسدك، وأي صخرة لم يرد سبحانه أن تنهي حياتك، بل وأي بعوضة لم يشأ سبحانه أن تؤذي بشرتك "
الخطأ هنا وجود أربعة ملائكة فى الأرض يحيطون بالإنسان وهو ما يعارض عدم وجود ملائكة فى الأرض لقوله تعالى "وكم من ملك فى السموات" والسبب أنهم لا يطمئنون فى مشيهم فى الأرض وفى هذا قال تعالى :
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم قال:"ومن صور حفظ الله أنه سبحانه يدافع عن المؤمنين {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}"
تأمل: إنه لا يدفع عنهم الشر بل يدافعه عنهم! وفي هذه إلماحة إلى ضرورة ما سيلاقونه وتعدد أشكاله وتنوع صوره، ولكن الله أعلم بما يوعي أعداؤه، فيدافعهم ويصدهم عن أحبابه
وفي الحديث القدسي: {من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب} تخيل: حربا بين عدو للدعوة وللحق وللدين، وبين الله! ""
وهنا النعيمى فهم دفاع الله عن المؤمنين فهما خاطئا فالدفاع هنا لا يعنى أن يبقى الكل على قيد الحياة أصحاء وإنما المعنى أن ينصرهم وفى النصر لا يحفظ الله أجساد بعض الأحياء حيث يصابون بجراح وبتر للأعضاء فى القتال والشهداء يقتلون فلا تحفظ حياتهم وتتكزف أجسادهم
ثم قال :
* احفظ الله يحفظك: عن أبي العباس عبد الله بن عباس قال: كنت خلف النبي (ص) يوما، فقال: {يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف} رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
وفي رواية الإمام أحمد: {احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا} "
ثم شرح الرجل بقية الرواية وهى لا تهم فى الموضوع عدا أولها فقط فقال:
"* لا تسأل إلا الله سبحانه :
إن الناس إذا سئلوا فإما أن يعطوا، وإما أن يمنعوا، وهم إن يعطوا منوا، وإن منعوا أهانوا وأذلوا، وكل ذلك مما يحز في نفس المسلم، ويدخل عليه الحزن والكرب، ويحط من كرامته، وينال من عزته، ولذلك كان النبي (ص) ربما أخذ العهد على من يبايعه على الإسلام ألا يسأل الناس شيئا، ....."
وبنى الرجل على الفهم الخاطىء كل القادم والحق هو أنه عندما نحفظ الله يحفظنا هذا معناه كما قال تعالى "إن تنصروا الله ينصركم" والمراد إن أطعنا دين الله فالله يحفظنا من عذابه فى الأخرة وأما الدنيا فدار ابتلاء معرضين فيها بعدم حفظ الجسم والنفس والمال والولد وغير هذا وقد شرح الله الأمر بانه يصيب المسلمين بالجوع والخوف ونقص الثمار والأنفس والموال فقال:
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"
والقادم الخاطىء هو :
"تذكر أن الجزاء من جنس العمل، قوله: {يحفظك} يعني أن من حفظ حدود الله وراعى حقوقه حفظه الله، فإن الجزاء من جنس العمل، كما قال : {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} وقال: {اذكروني أذكركم}، وقال: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
قال العلامة ابن رجب في شرحه لحديث: {احفظ الله يحفظك} وحفظ الله لعباده يدخل فيه نوعان:
أحدهما: حفظه له في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، ومن حفظ الله في صباه وقوته؛ حفظه الله في كبره وضعف قوته ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله، وقد يحفظ الله العبد بصلاحه بعد موته في ذريته ومتى كان العبد مشتغلا بطاعة الله؛ فإن الله يحفظه في تلك الحال، قال بعض السلف: من اتقى الله فقد حفظ نفسه ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه، والله غني عنه
النوع الثاني من الحفظ، وهو أشرف النوعين: حفظ الله لعبده في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضلة والبدع المذلة، والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته فيتوفاه على الإيمان
حفظ الله سبحانه مصالح العبد في دنياه: كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله قال : {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}
قال ابن عباس: هم الملائكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر خلوا عنه
وقال مجاهد: ما من عبد إلا له ملك يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما من شيء يأتيه إلا قال: وراءك، إلا شيئا قد أذن الله فيه فيصيبه
ومن صور حفظ الله للعبد في دنياه:
حفظه في صحة بدنه:
أن يحفظه في صحة بدنه وقوته وعقله وماله قال بعض السلف: العالم لا يخرف وقال بعضهم: من جمع القرآن متع بعقله وتأول بعضهم على ذلك قوله : {ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وكان أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بعقله وقوته، فوثب يوما من سفينة كان فيها إلى الأرض وثبة شديدة، فعوتب على ذلك فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر وعكس هذا: أن الجنيد رأى شيخا يسأل الناس فقال: إن هذا ضيع الله في صغره، فضيعه الله في كبره!!"
حفظ الصحة ليس مرتبطا بحفظ العبد لديم الله فزكريا(ص) وقد حفظ دين الله قولا وعملا كان مريضا كما قال تعالى "غنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا" وأيوب (ص) ظل سنوات طويلة مريضا حتى شفاه الله كما قال""واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب"
فالمهم هو ثبات العبد على الدين وهو الصبر فالصحة قد تذهب وقد تأتى المسلم ثم أكمل الفهم الخاطىء فقال:
"حفظه في أولاده:
وقد يحفظ الله العبد بصلاحه في ولده، وولد ولده كما قيل في قوله : {وكان أبوهما صالحا} أنهما حفظا بصلاح أبيهما وقال محمد بن المنكدر: إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وقريته التي هو فيها، فما يزالون في حفظ من الله وستر وقال ابن المسيب لابنه: يا بني لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك، وتلا هذه الآية: {وكان أبوهما صالحا} "
وفات النعيمى هلاك ابن نوح(ص) رغم صلاح نوح(ص) فوصف الله الابن بأنه غير صالح فقال :
"قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح"
ثم أكمل نفس الفهم فقال:
"حفظه في أمواله:
ومتى كان العبد مشتغلا بطاعة الله عز وجل، فإن الله يحفظه في تلك الحال
- كان شيبان الراعي يرعى غنما في البرية، فإذا جاءت الجمعة خط عليها خطا، وذهب إلى الجمعة، ثم يرجع وهي كما تركها!- وكان بعض السلف في يده الميزان يزن بها دراهم، فسمع الأذان، فنهض ونفضها على الأرض، وذهب إلى الصلاة، فلما عاد جمعها فلم يذهب منها شيء
حفظه من الجن والإنس:
أن يحفظه من شر كل من يريده بأذى من الجن والإنس، كما قال : {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} قالت عائشة يكفيه غم الدنيا وهمها
وقال الربيع بن خثيم: يجعل له مخرجا من كل ما ضاق على الناس وكتب بعض السلف إلى أخيه: أما بعد فإن من اتقى الله فقد حفظ نفسه، ومن ضيع تقواه، فقد ضيع نفسه، والله الغني عنه ومن ضيع الله ضيعه الله بين خلقه، حتى يدخل عليه الضرر ممن كان يرجو أن ينفعه، ويؤذيه أخص أهله به وأرفقهم به كما قال بعضهم: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي وحماري فالخير كله مجموع في طاعة الله والإقبال عليه والشر كله مجموع في معصيته والإعراض عنه "
حكايات النعيمى تخالف كتاب الله فمال المسلم عرضة للكثرة والقلة وقد ابتلى الله المسلمين بنقص ثمارهم و/والهم فقال:
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"
ثم أكمل قائلا:
"حفظ الدين:
النوع الثاني من الحفظ: وهو أشرفهما وأفضلهما: حفظ الله لعبده في دينه، فيحفظ عليه دينه وإيمانه؛ في حياته من الشبهات المردية، والبدع المضلة، والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفاه على الإسلام وهذا كما حفظ يوسف (ص) قال: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} فمن أخلص لله خلصه الله من السوء والفحشاء، وعصمه منهما من حيث لا يشعر، وحال بينه وبين أسباب المعاصي المهلكة فمن قام بحقوق الله عليه، فإن الله يتكفل له بالقيام بجميع مصالحه في الدنيا والآخرة فمن أراد أن يتولى الله حفظه ورعايته في أموره كلها فليراع حقوق الله عليه، ومن أراد أن لا يصيبه شيء مما يكره، فلا يأت شيئا مما يكرهه الله منه وكان بعض السلف يدور على المجالس ويقول: من أحب أن تدوم له العافية فليتق الله وقال العمري الزاهد: كما تحب أن يكون الله لك، فهكذا كن لله عز وجل فما يؤتى الإنسان إلا من قبل نفسه، ولا يصيبه المكروه إلا من تفريطه في حق ربه عز وجل كما قال بعض السلف: من صفى صفي له، ومن خلط خلط عليه"
قطعا الحفظ فى الدين سببه إرادة المسلم كما قال تعالى"من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه"
فالله يبقيه على دينه لأن المسلم أراد البقاء عليه فهو لا يجبره على ذلك وإنما يقع هذا باختيار المسلم لأنه حدث كما ينصور النعيمى لاجتج الكفار على الله بأنه لم يفعل معهم مثلما فعل مع المسلم
ثم أكمل كلامه فقال:
"أعظم صورة من صور حفظ الله لعباده الصالحين:
ومن حفظ الله لعبده المؤمن في دينه أن يحفظه من الشبهات والشهوات فمن حفظ الشبهات: أن يريه الحق حقا ويرزقه أتباعه، ويريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه ولذلك علم النبي (ص) أمته هذا الدعاء وكان يدعو به (ص) في أحرى ساعات الإجابة ففي صحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة قالت: {كان (ص) إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم} "
وكما سبق القول الحفظ من الشبهات هو من ضمن حفظ المسلم لنفسه بالبقاء على دين الله ثم نقل النعيمى روايات طويلة هى:
"الغلام والساحر:
ومما يدل على ذلك ما صح عن النبي (ص) في قصة الغلام وكيف حفظ الله عليه دينه ونجاه من شبهة الساحر ففي صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: {كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فأبعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وانك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوى الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمى فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفى أحدا إنما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك قال ربي قال ولك رب غيري قال ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل؟! فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفى الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال وما هو قال تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر والله نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت وأضرم النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيه فقال لها الغلام يا أمه اصبري فإنك على الحق} وفي رواية للترمذي أورد القصة ثم قال في آخرها: {فأما الغلام فإنه دفن فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل} "
قطعا هذه الرواية لم يقلها النبى(ص) وهى لم تحدق لسبب بسيط هو أن القرية الوحيدة التى آمنت كانت قرية أى ثوم يونس وليس من فى الرواية قوم يونس(ص) وفى هذا قال تعالى :
"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما أمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين"
ثم حكى حكاية أخرى هى:
"عامر بن عبد قيس التميمي:
ومن ذلك ما حدث لعامر بن عبد قيس التميمي التابعي الجليل العابد الزاهد المشهور والذي سافر في قافلة ذات يوم فلما كان الليل جمع عامر متاعه ' وربط فرسه بشجرة وطول له زمامه وجمع له من حشائش الأرض ثم قام يصلي بين يدي الله سبحانه فتبعه أحد رفاقه لينظر أين يذهب عامر التميمي؟! وماذا يصنع؟! فقد تكرر منه هذا الأمر كلما نام الناس أنسل من بينهم بهذه الصفة ثم ذهب!فوجده مستقبل القبلة يصلي صلاة لا أحسن منها ولا أكمل ولا أخشع، فلما صلى ما شاء الله أن يصلي، طفق يدعو الله ويناجيه، فكان مما قال: اللهم إني سألتك ثلاثا فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة اللهم فأني أسألك هذه الواحدة حتى أعبدك كما أحب وأريد وأخذ يلح على الله في هذه الواحدة فلما أنقضت الصلاة خرج له ذلك الرجل ففزع منه فزعا شديدا وأخذ يتوسل إليه أن يستر عليه وقال: أستر ما رأيت مني ستر الله عليك
قال: والله لا أستر عليك إلا أن تخبرني ما هذه الدعوات التي دعوت؟!قال: إن أخبرتك، تستر علي؟!قال: نعم قال: أما الأولى: فدعوت الله أن يذهب من قلبي فتنة النساء، فوالله الذي لا إله غيره ما أصبحت أبالي جدارا أم امرأة وأما الثانية: فدعوت الله أن يذهب من قلبي مخافة الرجال، فوالله ما أصبحت أخاف إلا الله وأما الثالثة والتي لم تجب: فدعوت الله أن يذهب عني سنة النوم حتى أعبد الله عمري كله! سير أعلام النبلاء بتصرف
رحمك الله يا عامر، ماذا نقول عن حالنا ونحن نتفنن في تقطيع الأوقات بشتى وسائل الترفيه والتسلية كما يقال؟!!والشاهد: كيف حفظ الله عامر التميمي من شهوة أو فتنة النساء لما كان حافظا لله !وقل مثل ذلك فيما حدث لعبيد بن عمير التابعي الجليل والعالم العابد التقي النقي"
حكاية لا تمت بالإسلام بصلة وهى لم تقع وهى تدل على جهل الشخصية الرئيسة فيها بدين الله حيث يطلب من الله محالا وهو ألا ينام كما أنه يطلب من الرجل الستر عليه فأصبحت الصلاة والدعاء هنا ذنبا يتم طلب الستر عليه
ثم حكى لنا حكاية ثالثة قال فيها:
"عبيد ابن عمير:
ذكر أبو الفرج وغيره أن امرأة جميله كانت بمكة وكان لها زوج فنظرت ذات يوم إلى وجهها في المرأة فقالت لزوجها: أترى احد يرى هذا الوجه ولا يفتتن به قال: نعم قالت من قال عبيد ابن عمير قالت: إذن لي فيه فلأفتنه قال: قد أذنت لكي فاتته كالمستفتية فخلى معها في ناحية من المسجد الحرام فأسفرت عن وجهها مثل فلقة القمر فقال لها: يا أمة الله استتري فقالت: إني قد فتنت بك فقال: إني سائلك عن شيء إذا صدقتيني نظرت في أمرك قالت: والله لا تسألني عن شيء إلا صدقتك، قال: أرئيت لو أن ملك الموت أتاك الساعة ليقبض روحك أكان يسرك أن اقضي لك هذه الحاجة؟!، قالت: اللهم لا قال: صدقتي، قال: فلو دخلتي قبرك وجلستي للمسائلة أيسرك أني قضيت لك حاجتك؟! قالت اللهم لا، فقال صدقتي قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بيسارك أكان يسرك أن قضيت لك حاجتك؟! قالت اللهم لا، فقال صدقتي، قال: فلو جيء بالميزان وجيء بك فلا تدرين أيخف ميزانك أو يثقل أكان يسرك أني قضين حاجتك؟! فقالت: اللهم لا، فقال صدقتي قال: فلو وقفتي بين يدي الله للمسائلة أكان يسرك أن قضيتها لك؟! فقالت اللهم لا، فقال: صدقتي، ثم قال اتقي الله يا أمة الله فقد انعم الله عليك وأحسن إليك، قال: فرجعت إلى زوجها فقال: ما صنعتي فقالت: أنت بطال ونحن بطالون فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد ابن عمير افسد علي امرأتي كانت في كل لليله عروسا فصيرها راهبة "
حكاية هى الأخرى لم تقع فلا يمكن لأحد أن يرتكب جريمة فى الكعبة وهى فتنة المرأة لرجل لأن الله تعهد بعذاب فورى لمن يقرر ارتكاب أى ذنب فى الكعبة وليس لمن يفعل فقال:
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
والمرأة فعلت الذنب وعادت سليمة ومن ثم لا يمكن أن تكون الحكاية وقعت
زد على هذا أن المرأة ذهبت صالة لفتنة الرجل فعادت ضالة فأصبحت راهبة ولا رهبانية فى الإسلام ولا أدرى كيف يستدل الرجل بهذا الضلال ثم قال:
" وقل مثل ذلك فيما حدث كذلك لهذا الشاب الصالح:
أبو بكر المسكي:
ذكر ابن الجوزي في كتاب "المواعظ والمجالس" قال: قيل لأبي بكر المسكي إنا نشم رائحة المسك مع الدوام فما سببه فقال: والله لي سنين عديدة لم أمس المسك، ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت علي حتى أدخلتني دارها وأغلقت دوني الأبواب وراودتني عن نفسي فتحيرت في أمري فضاقت بي الحيل فقلت لها: إن لي حاجة في الطهارة، فأمرت بجارية لها تمضي بي إلى بيت الراحة"مكان قضاء الحاجة" ففعلت فلما دخلت بيت الراحة أخذت العذرة وألقيتها على جميع جسدي ثم رجعت إليها وأنا على تلك الحالة فلما رأتني دهشت ثم أمرت بإخراجي فمضيت إلى بيتي واغتسلت فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائل يقول لي: فعلت ما لم يفعله احد غيرك لأطيبن ريحك في الدنيا والآخرة فأصبحت والمسك يفوح مني واستمرت تلك الرائحة لا تنقطع وبقيت حتى مات"
حكاية هى الخرى من الضلال المخالف لكتاب الله ففيها حدثت معجزة أى أية الرائجة الجميلة فى الدنيا للرجل وهو ما لم يحدث حيث منع الله الآيات وهى المعجزات عن الناس فقال:
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم أكمل كلامه فقال:
" افتخر بأنك عبد لله: دعك من الأحساب والأنساب ولا تفتخر إلا بأنك عبد لله سبحانه، لا تسأل في حاجتك أحدا إلا هو، توكل عليه، اشتكي إليه من ظلمك من خلقة، وأشكو إليه همومك: ومن جميل ما يمكن أن أذكره ما نقله الذهبي وابن كثير مما أثر عن طاووس بن كيسان وهو أحد التابعين ممن اشتهر بالعلم، سئل مرة: ما أعجب ما رأيت، فقال إن من أعجب ما رأيت يوما في موسم الحج، حججت فجلست في الحرم قبل الغروب أنظر إلى الكعبة ثم سمعت جلبة فألتفت فإذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق، فبقيت في مكاني فصلى الحجاج خلفي ركعتين ومعه الحرس والجنود، فجلست أسبح لله، وإذا بحاج فقير أقبل من اليمن يطوف وعليه إحرامه ثم مر قريب من الحجاج فتعلقت إحرامه بخنجر يحمله الحجاج، فرفضها فوقعت على الحجاج، فقال من أنت؟قال الرجل: حاج من اليمن قال الحجاج: كيف تركت محمد بن يوسف قال الرجل: تركته سمينا بطينا ركابا لباسا خراجا ولاجا قال الحجاج: أنا لا أسالك عن صحته، إنما أسالك عن عدله قال الرجل: تركته ظلوما غشوما قال الحجاج أما تدري أني أخاه؟فأجابه الرجل قائلا: أتظن أنه يعتز هو بك أكثر من اعتزازي بالله، فإذا به بالحجاج يطلقه يقول طاووس: جئت في الليل في الحرم لأصلي فإذا به متعلق بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم بك ألوذ وبجنابك أعوذ يا ولي نعمتي لا تسلط أحدا من خلقك علي"
حكاية باطلة هى الأخرى فلا وجود أساس للحجاج لأنه لو كان له وجود ما عاض لحظو واحدة ساعة قرر هدم الكعبة كما يزعمون ويفترون فالكعبة بيت محمى من يرد أى يقرر فعل شىء حرام فيه أى ذنب يعاقب قبل أن يفعله فما بالنا بهدم الكعبة كيف يحدث والله يعاقب من يقرر فقط فعل أذى فيها على الفور وهو قوله تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
ثم حدثنا عن الدعاء فقال:
"* الدعاء سلاح المسلم: ولن أطيل عليك أيها الموفق في الحديث عن شروط الدعاء وآدابه، بل سأكتفي بنقل ما أورده ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر: {تأملت حالة عجيبة، وهي أن المؤمن تنزل به النازلة فيدعو، ويبالغ، فلا يرى أثرا للإجابة فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه، فإن كان راضيا بالأقدار، غير قنوط من فضل الله عز وجل، فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ، لأن هناك يصلح، ويهزم الشيطان، وهناك تبين مقادير الرجال فينبغي للعاقل أن يلازم باب مولاه على كل حال وأن يتعلق بذليل فضله إن عصى وإن أطاع وليكن له أنس في خلوته به، فإن وقعت وحشة فليجتهد في رفع الموحش كما قال الشاعر:
أمستوحش أنت مما جنيت فأحسن إذا شئت واستأنس فإن رأى نفسه مائلا إلى الدنيا طلبها منه، أو إلى الآخرة سأله التوفيق للعمل لها فإن خاف ضرر ما يرومه من الدنيا سأل الله إصلاح قلبه، وطب مرضه فإنه إذا صلح لم يطلب ما يؤذيه ومن كان هكذا كان في العيش الرغيد، غير أن من ضرورة هذه الحال ملازمة التقول، فإنه لا يصلح الأنس إلا بها
وقد كان أرباب التقوى يتشاغلون عن كل شيء إلا عن اللجا والسؤال، وفي الخبر: أن قتيبة بن مسلم لما صاف الترك {أي: واجههم في الحرب}، هاله أمرهم فقال: أين محمد بن واسع؟فقيل: هو في أقصى الميمنة جانح في أقصى سية قوسه، يومي بأصبعه نحو السماء، فقال قتيبة: تلك الإصبع الفاردة أحب إلي من مائة ألف سيف شهير، وسنان طرير، فلما فتح عليهم قال له: ما كنت تصنع؟ قال: آخذ لك بمجامع الطرق وقد أشير الى هذا في قوله : {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}
وكذلك جرى ليعقوب (ص) فإنما فقد ولدا، وطال الأمر عليه، لم ييأس من الفرج، فأخذ ولده الآخر، ولم ينقطع أمله من فضل ربه {فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم} وكذلك قال زكريا (ص) {ولم أكن بدعائك رب شقيا}
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة، وكن ناظرا إلى أنه الملك، وإلى أنه الحكيم في التدبير، والعالم بالمصالح، وإلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك، وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك، وإلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك، إلى غير ذلك، وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتحارب وسوسة إبليس
وكل واحدة من هذه الأشياء تقوي الظن في فضله، وتوجب الشكر له، إذ أهلك بالبلاء للالتفات إلى سؤاله، وفقر المضطر إلى اللجأ إليه غنى كله
الدنيا دار ابتلاء والكل فيها مبتلى، ومن يرد الله به خيرا يصيب منه:قال الله عز وجل {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} وصح الخبر عن رسول الله {ص }: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل}، وورد: فإن كان في دينه صلبا إشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلى على قدر دينه، فلا بد من امتحان واختبار في هذه الدار، فلا تجزع من ذلها ولا تنافس في غيرها، فلك شأن وللناس شأن، واحذر أن تنقلب على عقبك القهقرى، أو أن تبيع دينك بدنياك أو بدنيا غيرك واعلم " أن الله اذا أحب قوما ابتلاهم "ومما يسلي النفوس المؤمنة ما ورد في الحديث {ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه} وفي الحديث أيضا {عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له} فإن لم ترض بقضائه فارحل من تحت سمائه، وما أنت بفاعل، فكان لا بد من الصبر والرضى والطمأنينة والثقة وبذلك يتحقق قال {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} وما أعطي أحد عطاء أوسع من الصبر، فهنيئا لك إن أنت احتسبت الأجر عند الله وعشت حياة الإيمان"
والكتاب معظمه كما قلت مبنى على فهم خاطىء لحفظ الله للمسلم وقائم على الحكايات التى نعظمها باطلة