رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب الحظ الوافر من المغنم في استدراك الكافر إذا أسلم
الكتاب من تأليف السيوطى والكتاب هو سؤال وجواب عن استحباب قيام الكافر إذا أسلم أن يقضى العبادات مثل الصلاة والصوم التى فاتته أيام كفره
يقول السيوطى:
"مسألة - الكافر إذا أسلم وأراد أن يقضي ما فاته في زمن الكفر من صلاة وصوم وزكاة هل له ذلك وهل ثبت أن أحدا من الصحابة فعل ذلك حين أسلم."
ثم يجيب ناقلا الأقوال فى المسألة:
"الجواب - نعم له ذلك، وذلك مأخوذ من كلام الأصحاب إجمالا وتفصيلا أما الإجمال فقال النووي في شرح المهذب اتفق أصحابنا في كتب الفروع على أن الكافر الأصلي لا تجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع الإسلام، ومرادهم أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي فاقتصر على نفي اللزوم فيبقى الجواز، وعبارة المهذب فإذا أسلم لم يخاطب بقضائها لقوله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف(
ولأن في إيجاب ذلك عليهم تنفيرا فعفى عنه فاقتصر على نفي الإيجاب فيبقى الجواز أو الاستحباب، وأما التفصيل فإن الفقهاء قد قرنوا في كتاب الصلاة بين الكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه والحائض في عدم وجوب الصلاة، ونص بعضهم على أن الصبي إذا بلغ وقد فاتته صلاة يسن له قضاؤها ولا تجب عليه، وأن المجنون والمغمى عليه يستحب لهما قضاء الصلاة الفائتة في زمن الجنون والإغماء - كذا نقله الأسنوي عن البحر للروياني، ونقل عنه وعن شرح الوسيط للعجلي أن الحائض يكره لها القضاء. فهذه فروع منقولة والكافر في معنى ذلك فيجوز له القضاء إن لم يصل الأمر إلى درجة الاستحباب ولا يمكن القول بالتحريم بل ولا بالكراهة، ويفارق الحائض فإن ترك الصلاة للحائض عزيمة وبسبب ليست متعدية به والقضاء لها بدعة، ولهذا قالت عائشة لمن سألتها عن ذلك أحرورية أنت، وقد انعقد الإجماع على عدم وجوب الصلاة عليها، وترك الصلاة للكافر بسبب هو متعد به وإسقاط القضاء عنه من باب الرخصة مع قول الأكثرين بوجوبها عليه حال الكفر وعقوبته عليها في الآخرة كما تقرر في الأصول. فاتضح بهذا الفرق بينه وبين الحائض حيث يكره لها القضاء ولا يكره له بل يجوز أو يندب، ويقاس بصلاة الكافر جميع فروع الشريعة من زكاة وصوم، هذا ما أخذته من نصوص المذهب"
ثم نقل الرجل ما جاء فى كتب الحديث من روايات يستشف منها استحباب قضاء ما فات المسلم الذى كان كافرا وهى:
" وأما الأدلة فوردت أحاديث يستنبط منها جواز ذلك بل ندبه:
منها ما أخرجه الأئمة الستة وغيرهم عن عمر بن الخطاب أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال أوف بنذرك قال النووي في شرح مسلم من قال إن نذر الكافر لا يصح وهم جمهور أصحابنا حملوا الحديث على الاستحباب أي يستحب لك أن تفعل الآن مثل الذي نذرته في الجاهلية انتهى.
وفي هذا دلالة على أن الكافر يستحب له أن يتدارك القرب التي لو فعلها في حال كفره لم تصح منه ولو كان مسلما لزمته، وهذه دلالة ظاهرة لا شبهة فيها، وقال الخطابي في معالم السنن في هذا الحديث دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفرائض مأمورون بالطاعة، وقال القمولي من متأخري أصحابنا في الجواهر إذا نذر الكافر لم يصح نذره لكن يندب له الوفاء إذا أسلم فلو نذر اليهودي أو النصراني صلاة أو صوما ثم أسلم استحب له الوفاء ويفعل صلاة شرعنا وصوم شرعنا لا صلاة شرعه وصومه - هذا كلام القمولي، وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة استدل بهذا الحديث من يرى صحة النذر من الكافر وهو قول أو وجه في مذهب الشافعي والأظهر أنه لا يصح لأن النذر قربة والكافر ليس من أهل القرب، ومن يقول بهذا احتاج إلى أن يأول الحديث بأنه أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ما نذر فأطلق عليه أنه منذور لشبهه بالنذر وقيامه مقامه في فعل ما نواه من الطاعة، وعلى هذا يكون قوله أوف بنذرك من مجاز الحذف أو مجاز التشبيه"
هذا الحديث لا يدل على شىء من الاستحباب فالنذر هنا كان محللا مع أنه كان فى أيام كفر عمر كما تقول الرواية ولو كان محرما ما طلب النبى(ص) كما تقول الرواية الوفاء به ومن ثم فليس هو قضاء لعمل ما كان مقررا من قبل الله وإنما هو عمل فرضه الإنسان على نفسه ومن ثم لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على الاستحباب أو القضاء
ثم ذكر الرجل الدليل الثانى على ما ذهبوا إليه من استحباب القضاء فقال:
"ومنها ما أخرجه مسلم عن حكيم بن حزام قال قلت يا رسول الله أشياء كنت أفعلها في الجاهلية 0يعني أتبرر بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف من الخير قلت فو الله لا أدع شيئا منعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله. قلت هذا الحديث يؤخذ منه بدلالة الإشارة استدراك ما فات في الجاهلية فإنه لما صدر منه ما صدر من القربات في الجاهلية كأنه لم يرها تامة لفقد وصف الإسلام فأعاد فعلها في الإسلام استدراكا لما فات من وصف التمام"
لا يوجد فى الرواية دليل على استحباب قضاء فالرجل فعل أمور فى الجاهلية كانت خير ففعل مثلها فى الإسلام لأنها خير فى الإسلام والرسول(ص) وهو المعبر عن أحكام الله لم يقل له شىء يدل على الاستحباب وإنما أخبره أن ما فعله قبل البعثة كان خيرا فالرجل حلف هنا أن يفعل الخير نفسه والرجل ليس هو المشرع وإنما المشرع هو الله الذى يخبر رسوله(ص) بما يجب فعله ليبلغه للناس
ثم نقل الرجل رواية ثالثة مشابهة فى المعنى للرواية الثانية فقال:
"وأخرج الحاكم في المستدرك عن هشام عن أبيه قال أعتق حكيم مائة رقبة وحمل على مائة بعير في الجاهلية فلما أسلم أعتق مائة وحمل على مائة بعير، هذا الحديث فيه التصريح بوفائه بما وعد به. "
والرواية ليست دليلا على شىء لأن العتق ليس عملا واجبا على كل مسلم لأن القليل من المسلمين هم الأغنياء وهو أمر ليس بواجب وإنما هو تشريع شرعه الله ككفارة لبعض الذنوب كالقتل والمظاهرة والقسم المحنوث به ومن ثم فهذا عمل مما لا يقضى لعدم وجوبه
ثم نقل الرجل الحديث التالى :
"ومنها ما روى أن أبا سفيان لما أسلم قال يا رسول الله لا أترك موقفا قاتلت فيه المسلمين إلا قاتلت مثله الكفار ولا درهما أنفقته في الصد عن سبيل الله إلا أنفقت مثله في سبيل الله، هذا الحديث صريح بمنطوقه في استدراك تكفير ما مضى في الكفر من فعل المناهي وهو غير لازم فيحمل على الندب ويؤخذ من فحواه استحباب استدراك ما مضى في الكفر من ترك الأوامر"
لا يوجد فى الرواية أى دليل على استحباب قضاء ما فات فليس فى الحديث قول لله ولا لرسوله(ص) والتشريع خاص بالله يقوله الرسول(ص) والقتال بالنفس والنفقة وهو الجهاد ليس واجبا على كل مسلم حتى يكون مما يقضى كما أن كل من أسلم جديدا لا يعتد بكلامه لأنه لم يتعلم أحكام الدين كلها وإنما يعرف بعض منها خاصة إذا كان ممن أسلم كرها كأبى سفيان فهو لم يسلم طواعية وإنما أسلم لأنه عرف أن القوة أصبحت فى أيدى المسلمين وقد يكون فيما بعد قد حسن إسلامه
ثم نقل الرجل الرواية التالية:
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن عكرمة بن أبي جهل قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم جئت مرحبا بالراكب المهاجر مرحبا بالراكب المهاجر فقلت والله يا رسول الله لا أدع نفقة أنفقتها إلا أنفقت مثلها في سبيل الله، هذا أيضا من استدراك تكفير ما مضى من فعل المنهيات في حال الكفر."
نفس ما قيل فى الروايات السابقة يقال هنا وهو :
-أن الله لم يشرع شيئا قاله للرسول(ص) ليبلغه فى الرواية ومن ثم لا يوجد تشريع
-أن الرجل الذى أسلم أخذ على نفسه وعد بالنفقة فى سبيل الله والوعد يجب الوفاء به فى الإسلام
-أن عكرمة هو الأخر أسلم مكرها بعد أن عرف أنه لن يقدر على حرب الإسلام فهو استسلام للواقع والله أعلم إن كان قد حسن إسلامه أم لا وقوله حتى لو كان مسلما ليس تشريعا
والملاحظ فى تلك الروايات هو أنها لا تتكلم عن الأحكام اليومية كالصلاة أو عن السنوية كالصوم وهى التى من الممكن أن تقضى استحبابا كما يزعمون وهو كلام ليس صحيحا للتالى:
أن كل أحكام الإسلام لا يمكن أن تقضى بالاعادة قضاء أو استحبابا فمثلا زواج كافرة لا يمكن أن يقضى بزواج مسلمة ومثلا إنجاب أولاد كفار لا يمكن أن يقضى فى معظم الأحوال لإنجاب أولاد مسلمين ومثلا لا يمكن أن يقضى أكل المحرمات بأكل الطيبات فيأكل مثلا ست مرات بدلا من ثلاث وبدلا من أن يشرب عشر مرت يشرب عشرين لأن هذا سيكون إسرافا كما قال تعالى:
"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين"
ومثلا إذا كان أنفق آلافا على الخمر فليس مطالبا أن ينفق تلك الآلاف على الماء والعصير لأن هذا سيكون من باب التبذير المحرم كما قال تعالى :
"ولا تبذر تبذيرا"
ومن ثم فما قد سلف من ذنوب انتهى وغفره الله كما قال:
"قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين "
وكثرة الأعمال بتكرار الصلوات والصوم مثلا لن تفيد الكافر الذى أسلم فى رفع درجته عند الله فمهما صلى وصام وذكر الله وغير هذا قضاء أو استحبابا فدرجته هى نفس الدرجة وهى درجة القاعدين أصحاب اليمين
العمل الوحيد الذى يرفعه للدرجة العليا وهى درجة المجاهدين اى المقربين هى الجهاد وهو عمل واحد يفوق كل الأعمال وفى هذا قال تعالى :
"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما"
الكتاب من تأليف السيوطى والكتاب هو سؤال وجواب عن استحباب قيام الكافر إذا أسلم أن يقضى العبادات مثل الصلاة والصوم التى فاتته أيام كفره
يقول السيوطى:
"مسألة - الكافر إذا أسلم وأراد أن يقضي ما فاته في زمن الكفر من صلاة وصوم وزكاة هل له ذلك وهل ثبت أن أحدا من الصحابة فعل ذلك حين أسلم."
ثم يجيب ناقلا الأقوال فى المسألة:
"الجواب - نعم له ذلك، وذلك مأخوذ من كلام الأصحاب إجمالا وتفصيلا أما الإجمال فقال النووي في شرح المهذب اتفق أصحابنا في كتب الفروع على أن الكافر الأصلي لا تجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع الإسلام، ومرادهم أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي فاقتصر على نفي اللزوم فيبقى الجواز، وعبارة المهذب فإذا أسلم لم يخاطب بقضائها لقوله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف(
ولأن في إيجاب ذلك عليهم تنفيرا فعفى عنه فاقتصر على نفي الإيجاب فيبقى الجواز أو الاستحباب، وأما التفصيل فإن الفقهاء قد قرنوا في كتاب الصلاة بين الكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه والحائض في عدم وجوب الصلاة، ونص بعضهم على أن الصبي إذا بلغ وقد فاتته صلاة يسن له قضاؤها ولا تجب عليه، وأن المجنون والمغمى عليه يستحب لهما قضاء الصلاة الفائتة في زمن الجنون والإغماء - كذا نقله الأسنوي عن البحر للروياني، ونقل عنه وعن شرح الوسيط للعجلي أن الحائض يكره لها القضاء. فهذه فروع منقولة والكافر في معنى ذلك فيجوز له القضاء إن لم يصل الأمر إلى درجة الاستحباب ولا يمكن القول بالتحريم بل ولا بالكراهة، ويفارق الحائض فإن ترك الصلاة للحائض عزيمة وبسبب ليست متعدية به والقضاء لها بدعة، ولهذا قالت عائشة لمن سألتها عن ذلك أحرورية أنت، وقد انعقد الإجماع على عدم وجوب الصلاة عليها، وترك الصلاة للكافر بسبب هو متعد به وإسقاط القضاء عنه من باب الرخصة مع قول الأكثرين بوجوبها عليه حال الكفر وعقوبته عليها في الآخرة كما تقرر في الأصول. فاتضح بهذا الفرق بينه وبين الحائض حيث يكره لها القضاء ولا يكره له بل يجوز أو يندب، ويقاس بصلاة الكافر جميع فروع الشريعة من زكاة وصوم، هذا ما أخذته من نصوص المذهب"
ثم نقل الرجل ما جاء فى كتب الحديث من روايات يستشف منها استحباب قضاء ما فات المسلم الذى كان كافرا وهى:
" وأما الأدلة فوردت أحاديث يستنبط منها جواز ذلك بل ندبه:
منها ما أخرجه الأئمة الستة وغيرهم عن عمر بن الخطاب أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال أوف بنذرك قال النووي في شرح مسلم من قال إن نذر الكافر لا يصح وهم جمهور أصحابنا حملوا الحديث على الاستحباب أي يستحب لك أن تفعل الآن مثل الذي نذرته في الجاهلية انتهى.
وفي هذا دلالة على أن الكافر يستحب له أن يتدارك القرب التي لو فعلها في حال كفره لم تصح منه ولو كان مسلما لزمته، وهذه دلالة ظاهرة لا شبهة فيها، وقال الخطابي في معالم السنن في هذا الحديث دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفرائض مأمورون بالطاعة، وقال القمولي من متأخري أصحابنا في الجواهر إذا نذر الكافر لم يصح نذره لكن يندب له الوفاء إذا أسلم فلو نذر اليهودي أو النصراني صلاة أو صوما ثم أسلم استحب له الوفاء ويفعل صلاة شرعنا وصوم شرعنا لا صلاة شرعه وصومه - هذا كلام القمولي، وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة استدل بهذا الحديث من يرى صحة النذر من الكافر وهو قول أو وجه في مذهب الشافعي والأظهر أنه لا يصح لأن النذر قربة والكافر ليس من أهل القرب، ومن يقول بهذا احتاج إلى أن يأول الحديث بأنه أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ما نذر فأطلق عليه أنه منذور لشبهه بالنذر وقيامه مقامه في فعل ما نواه من الطاعة، وعلى هذا يكون قوله أوف بنذرك من مجاز الحذف أو مجاز التشبيه"
هذا الحديث لا يدل على شىء من الاستحباب فالنذر هنا كان محللا مع أنه كان فى أيام كفر عمر كما تقول الرواية ولو كان محرما ما طلب النبى(ص) كما تقول الرواية الوفاء به ومن ثم فليس هو قضاء لعمل ما كان مقررا من قبل الله وإنما هو عمل فرضه الإنسان على نفسه ومن ثم لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على الاستحباب أو القضاء
ثم ذكر الرجل الدليل الثانى على ما ذهبوا إليه من استحباب القضاء فقال:
"ومنها ما أخرجه مسلم عن حكيم بن حزام قال قلت يا رسول الله أشياء كنت أفعلها في الجاهلية 0يعني أتبرر بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف من الخير قلت فو الله لا أدع شيئا منعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله. قلت هذا الحديث يؤخذ منه بدلالة الإشارة استدراك ما فات في الجاهلية فإنه لما صدر منه ما صدر من القربات في الجاهلية كأنه لم يرها تامة لفقد وصف الإسلام فأعاد فعلها في الإسلام استدراكا لما فات من وصف التمام"
لا يوجد فى الرواية دليل على استحباب قضاء فالرجل فعل أمور فى الجاهلية كانت خير ففعل مثلها فى الإسلام لأنها خير فى الإسلام والرسول(ص) وهو المعبر عن أحكام الله لم يقل له شىء يدل على الاستحباب وإنما أخبره أن ما فعله قبل البعثة كان خيرا فالرجل حلف هنا أن يفعل الخير نفسه والرجل ليس هو المشرع وإنما المشرع هو الله الذى يخبر رسوله(ص) بما يجب فعله ليبلغه للناس
ثم نقل الرجل رواية ثالثة مشابهة فى المعنى للرواية الثانية فقال:
"وأخرج الحاكم في المستدرك عن هشام عن أبيه قال أعتق حكيم مائة رقبة وحمل على مائة بعير في الجاهلية فلما أسلم أعتق مائة وحمل على مائة بعير، هذا الحديث فيه التصريح بوفائه بما وعد به. "
والرواية ليست دليلا على شىء لأن العتق ليس عملا واجبا على كل مسلم لأن القليل من المسلمين هم الأغنياء وهو أمر ليس بواجب وإنما هو تشريع شرعه الله ككفارة لبعض الذنوب كالقتل والمظاهرة والقسم المحنوث به ومن ثم فهذا عمل مما لا يقضى لعدم وجوبه
ثم نقل الرجل الحديث التالى :
"ومنها ما روى أن أبا سفيان لما أسلم قال يا رسول الله لا أترك موقفا قاتلت فيه المسلمين إلا قاتلت مثله الكفار ولا درهما أنفقته في الصد عن سبيل الله إلا أنفقت مثله في سبيل الله، هذا الحديث صريح بمنطوقه في استدراك تكفير ما مضى في الكفر من فعل المناهي وهو غير لازم فيحمل على الندب ويؤخذ من فحواه استحباب استدراك ما مضى في الكفر من ترك الأوامر"
لا يوجد فى الرواية أى دليل على استحباب قضاء ما فات فليس فى الحديث قول لله ولا لرسوله(ص) والتشريع خاص بالله يقوله الرسول(ص) والقتال بالنفس والنفقة وهو الجهاد ليس واجبا على كل مسلم حتى يكون مما يقضى كما أن كل من أسلم جديدا لا يعتد بكلامه لأنه لم يتعلم أحكام الدين كلها وإنما يعرف بعض منها خاصة إذا كان ممن أسلم كرها كأبى سفيان فهو لم يسلم طواعية وإنما أسلم لأنه عرف أن القوة أصبحت فى أيدى المسلمين وقد يكون فيما بعد قد حسن إسلامه
ثم نقل الرجل الرواية التالية:
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن عكرمة بن أبي جهل قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم جئت مرحبا بالراكب المهاجر مرحبا بالراكب المهاجر فقلت والله يا رسول الله لا أدع نفقة أنفقتها إلا أنفقت مثلها في سبيل الله، هذا أيضا من استدراك تكفير ما مضى من فعل المنهيات في حال الكفر."
نفس ما قيل فى الروايات السابقة يقال هنا وهو :
-أن الله لم يشرع شيئا قاله للرسول(ص) ليبلغه فى الرواية ومن ثم لا يوجد تشريع
-أن الرجل الذى أسلم أخذ على نفسه وعد بالنفقة فى سبيل الله والوعد يجب الوفاء به فى الإسلام
-أن عكرمة هو الأخر أسلم مكرها بعد أن عرف أنه لن يقدر على حرب الإسلام فهو استسلام للواقع والله أعلم إن كان قد حسن إسلامه أم لا وقوله حتى لو كان مسلما ليس تشريعا
والملاحظ فى تلك الروايات هو أنها لا تتكلم عن الأحكام اليومية كالصلاة أو عن السنوية كالصوم وهى التى من الممكن أن تقضى استحبابا كما يزعمون وهو كلام ليس صحيحا للتالى:
أن كل أحكام الإسلام لا يمكن أن تقضى بالاعادة قضاء أو استحبابا فمثلا زواج كافرة لا يمكن أن يقضى بزواج مسلمة ومثلا إنجاب أولاد كفار لا يمكن أن يقضى فى معظم الأحوال لإنجاب أولاد مسلمين ومثلا لا يمكن أن يقضى أكل المحرمات بأكل الطيبات فيأكل مثلا ست مرات بدلا من ثلاث وبدلا من أن يشرب عشر مرت يشرب عشرين لأن هذا سيكون إسرافا كما قال تعالى:
"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين"
ومثلا إذا كان أنفق آلافا على الخمر فليس مطالبا أن ينفق تلك الآلاف على الماء والعصير لأن هذا سيكون من باب التبذير المحرم كما قال تعالى :
"ولا تبذر تبذيرا"
ومن ثم فما قد سلف من ذنوب انتهى وغفره الله كما قال:
"قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين "
وكثرة الأعمال بتكرار الصلوات والصوم مثلا لن تفيد الكافر الذى أسلم فى رفع درجته عند الله فمهما صلى وصام وذكر الله وغير هذا قضاء أو استحبابا فدرجته هى نفس الدرجة وهى درجة القاعدين أصحاب اليمين
العمل الوحيد الذى يرفعه للدرجة العليا وهى درجة المجاهدين اى المقربين هى الجهاد وهو عمل واحد يفوق كل الأعمال وفى هذا قال تعالى :
"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما"