رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب الشماريخ في علم التاريخ
مؤلف الكتاب هو عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي (المتوفى 911هـ) وسبب تأليفه الكتاب عثوره على كتاب فى التاريخ لم يستفد منه شىء وفى هذا قال :
"وبعد فقد وقعت لبعض شيوخنا على كتاب في علم التاريخ فلم أر فيه قليلا ولا كثيرا ولا جليلا يستفاد ولا حقيرا فوضعت في هذا الكتاب من الفوائد ما تقر به الأعين وتتحلى به الألسن وسميته بالشماريخ في علم التاريخ ورتبته على أبواب"
بدا السيوطى كتابه بكيفيات التأريخ منذ البداية البشرية فى الباب الأول فقال:
"الباب الأول
في مبتدأ التاريخ
قال ابن خيثمة في تاريخه قال علي بن محمد -هو المدائني- عن علي بن مجاهد, عن محمد بن إسحاق, عن الزهري, وعن محمد بن صالح, عن الشعبي, قال "لما أهبط آدم من الجنة, وانتشر ولده, أرخ بنوه من هبوط آدم, فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا, فأرخوا ببعث نوح, حتى كان الغرق فهلك من هلك ممن كان على وجه الأرض فلما هبط نوح وذريته, وكل من كان في السفينة, قسم الأرض بين ولده أثلاثا, فجعل "سام" وسطا من الأرض, ففيها بيت المقدس, والنيل, والفرات, ودجلة, وسيحان وجيحان,وقاسيون وذلك ما بين قاسيون إلى شرقي النيل وما بين مجرى الريح "الجنوب" إلى مجرى الريح "الشمال" وجعل "لحام" قسمة إلى غربي النيل فما وراءه إلى مجرى ريح الدبور وجعل قسم "يافث" من قاسيون فما وراءه إلى مجرى ريح الصبا فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم فلما كثر بنو إبراهيم افترقوا فأرخ بنوا إسحاق من نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى مبعث ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ومن مبعث عيسى بن مريم إلى مبعث محمد رسول الله (ص) وأرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بنيان البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل ثم أرخ بنو إسماعيل من بنيان البيت إلى أن تفرقت بعد ذلك فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخو بخروجهم ومن بقي من ولد إسماعيل يؤرخون من خروج سعد ونهد وجهينة حتى مات كعب بن لؤي فأرخوا من موته إلى الفيل4 فكان التاريخ من الفيل إلى أن أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وكان ذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة
"أخرجه ابن جرير في تاريخه مختصرا إلى قوله من مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله (ص) قال ينبغي أن يكون هذا على تاريخ اليهود فأما أهل الإسلام فلم يؤرخوا إلا من الهجرة ولم يؤرخوا بشيء قبل ذلك
غير أن قريشا كانوا يؤرخون قبل الإسلام بعام الفيل قال وكان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذكورة كـ "يوم جبلة" و"الكلاب الأول" و "الكلاب الثاني"وكانت النصارى تؤرخ بعهد الإسكندر ذي القرنين وكان الفرس يؤرخون بملوكهم"
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق خليفة بن خياط حدثني يحيى بن محمد الكعبي عن عبد العزيز بن عمران قال لم تزل للناس نؤرخ "كانوا في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة" فلم يزل ذلك حتى بعث الله نوحا فأرخوا من الطوفان ثم لم يزل كذلك حتى حرق إبراهيم فأرخوا من تحريق إبراهيم وأرخت بنوا إسماعيل من بنيان الكعبة ولم يزل ذلك حتى مات كعب بن لؤي فأرخوا من موته فلم يزل كذلك حتى كان عام الفيل فأرخوا منه ثم أرخ المسلمون بعد الهجرة"
الروايات السابقة عن وجود تأريخ خاص بكل رسول من حدث ما يخالف أن هناك تاريخ واحد عند الله هو الذى أقره للناس ومن ثم فأى رسول لن يعمل إلا بالتاريخ الإلهى الذى قال تعالى فيه :
"إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم"
فمبدأ التأريخ هو يوم خلق الكون
والفقرة بها أخطاء هى :
الأول وجود ثلاثة أبناء ذكور لنوح(ص) وهو ما يخالف كونه ولد واحد غرق فى الطوفان لكفرة كما قال تعالى" ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " وبنو إسرائيل ليسوا من ذريته هم وغيرهم لأنهم ذرية من كانوا معه فى السفينة كما قال تعالى "وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح" ولو كان لنوح(ص) ذرية غير الولد لدعا لهم كمت دعا لأبويه فى قوله "رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات"
الثانى تقسيم الأرض على الأبناء الثلاثة المزعومين وهى العالم المعروف بالعالم القديم عند القوم وهو لا يشمل شمالى آسيا وأوربا ولا وسط وجنوب أفريقيا ولا الأمريكتين ولا استراليا وهو كلام مخابيل يخالف أن الأرض تقسم بين كل المسلمين وليس بين أولاد نبى مزعومين كما قال تعالى "ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون"
ثم ذكر السيوطى ما سماه مبدأ التاريخ الهجرى فقال :
"ذكر مبدأ التاريخ الهجري
أخبرني شيخنا شيخ الإسلام البلقيني "شفاها" عن أبي إسحاق التنوخي أنا محمد بن عساكر "إجازة" عن عبد الرحيم بن تاج الأمناء أنا حافظ الإسلام أبو القاسم بن عساكر أنا أبو الكرم الشهرزوري وغيره "إجازة" أنا ابن طلحة أنا الحسن بن الحسين أنا إسماعيل الصفار أنا محمد بن إسحق ثنا "أبو عاصم" عن ابن جريج عن أبي سلمة عن ابن شهاب أن النبي (ص) أمر بالتاريخ يوم قدم المدينة في شهر ربيع الأول "رواه يعقوب بن سفيان حدثنا يونس ثنا ابن وهب عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال التاريخ من يوم قدوم النبي (ص) المدينة مهاجرا ثم قال وكذا جزم الأموي في المغازي عن ابن إسحق فقال كان مخرجه من مكة بعد العقبة بشهرين وليال" قال "وخرج لهلال ربيع الأول وقدم المدينة لاثني عشرة ليلة خلت من ربيع الأول
وقال الكتاني صاحب كتاب "التراتيب الإدارية" ج ص 80 "حكى أبو جعفر بن النحاس في كتابه "صناعة الكتاب" وحكاه عنه القلقشندي في صبح الأعشى ص 40 من الجزء السادس عن محمد بن جرير أنه روى بسنده إلى ابن شهاب أن النبي (ص) لما قدم المدينة - وقدمها في شهر ربيع الأول- أمر بالتأريخ
قال القلقشندي وعلى هذا يكون ابتداء التأريخ في عام الهجرة" إلى أن قال "فاتفق رأيهم أن يكون التأريخ من عام الهجرة لأنه الوقت الذي عز فيه الإسلام والذي أمر فيه النبي (ص) وأسس المساجد وعبد الله آمنا كما يحبه فوافق رأيهم هذا ظاهر التنزيل"
قال ابن عساكر هذا أصوب والمحفوظ أن الآمر بالتاريخ عمر قلت "وقفت على ما يعضد الأول فرأيت بخط ابن القماح في مجموع له قال ابن الصلاح "وقفت على كتاب في الشروط للأستاذ أبي طاهر ابن محمش "الزيادي" ذكر فيه أن رسول الله (ص) أرخ بالهجرة حين كتب الكتاب لنصارى نجران وأقر عليا أن يكتب فيه "إنه كتب لخمس من الهجرة" فالمؤرخ إذن رسول الله (ص) وعمر تبعه وقد يقال هذا صريح في أنه أرخ سنة خمس والحديث الأول فيه أنه أرخ يوم قدم المدينة؟! ويجاب بأنه لا منافاة فإن الظرف وهو قوله "يوم قدم المدينة" ليس متعلقا بالفعل وهو "أمر" بل بالمصدر وهو "التاريخ" أي أمر بأن يؤرخ بذلك اليوم لا أن الأمر في ذلك اليوم فتامله فإنه نفيس
وقال البخاري في تاريخه الصغير ثنا ابن أبي مريم ثنا يعقوب ابن إسحاق -هو العلوي- ثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله (ص) المدينة"
أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة في "تاريخه" حدثنا مصعب ابن عبد الله الزبيري عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل عن سعد قال "أخطأ الناس العدد ولم يعدوا من مبعث النبي (ص) ولا من وفاته إنما عدوا من مقدمة المدينة" قال مصعب وكان تاريخ قريش من متوفى هشام بن المغيرة "يعني أرخوا تواريخهم"
وأخرج البخاري في صحيحه حديث سهل بلفظ "ما عدوا" إلى آخره ولم يقل "أخطأ الناس" وقال أحمد بن حنبل ثنا روح ثنا زكريا بن إسحق ثنا عمرو بن دينار أن أول من أرخ في الكتب يعلى بن أمية وهو باليمن وكان يعلى أميرا عليها لعمر
وقال البخاري في - التاريخ الصغير - ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ثنا عبد العزيز بن محمد بن عثمان بن رافع سمعت سعيد بن المسيب يقول قال عمر "متى نكتب التاريخ"؟؟؟ فجمع المهاجرين فقال له علي "من يوم هاجر النبي (ص) نكتب التاريخ" "رواه الواقدي عن ابن سيرين عن عثمان بن عبد الله بن رافع - فكأنه نسب إلى جده -" وأخرج ابن عساكر عن الشعبي قال كتب أبو موسى إلى عمر إنه تأتينا من قبلك كتب ليس لها تاريخ فأرخ فاستشار عمر في ذلك؟ فقال بعضهم أرخ لبعث رسول الله (ص) وقال بعضهم لوفاته فقال عمر "لا بل نؤرخ لمهاجره فإن مهاجره فرق بين الحق والباطل" فأرخ به
وأخرج عن أبي الزناد قال "استشار عمر في التاريخ فأجمعوا على الهجرة" وأخرج ابن المنير عن سعيد بن المسيب قال "أول من كتب التاريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته فكتبه لست عشرة من المحرم بمشورة علي بن أبي طالب وقال ابن أبي خيثمة أنبأنا علي بن محمد - هو المدائني- أنبأنا قرة ابن خالد عن ابن سيرين أن رجلا من المسلمين قدم من اليمن فقال لعمر رأيت باليمن شيئا يسمونه التاريخ يكتبون من عام كذا وشهر كذا فقال عمر إن هذا لحسن فأرخوا فلما أجمع على أن يؤرخ شاور فقال قوم بمولد النبي (ص) وقال قوم بالمبعث وقال قوم حين خرج مهاجرا من مكة وقال قائل من الوفاة - حين توفى - فقال عمر أرخوا خروجه من مكة إلى المدينة ثم قال بأي شهر نبدأ فنصيره أول السنة؟؟ فقالوا رجب فإن أهل الجاهلية كانوا يعظمونه وقال آخرون شهر رمضان وقال بعضهم ذو الحجة فيه الحج وقال آخرون الشهر الذي خرج فيه من مكة وقال آخرون الشهر الذي قدم فيه فقال عثمان أرخوا من المحرم أول السنة - أول السنة المحرم- وهو شهر حرام وهو أول الشهور في العدة وهو منصرف الناس عند الحج فيصير أول السنة المحرم وكان ذلك سنة سبع عشرة ويقال سنة ست عشرة في نصف ربيع الأول
قلت وقفت علي نكتة أخرى في جعل المحرم أول السنة فروى سعيد بن منصور في سننه قال حدثنا نوح بن قيس حدثنا عثمان بن محصن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال في قوله تعالى - {والفجر} - قال "الفجر شهر المحرم هو فجر السنة"
"أخرجه البيهقي في الشعب وإسناده حسن" قال شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر في أماليه بهذا يحصل الجواب عن الحكمة في تأخير التاريخ من ربيع الأول إلى المحرم بعد أن اتفقوا على جعل التاريخ من الهجرة وإنما كانت في ربيع الأول
وقال البخاري في "تاريخه" حدثنا إبراهيم حدثنا يونس عن إسحق عن الأسود عن عبيد بن عمير قال المحرم شهر الله وهو رأس السنة فيه يكسى البيت ويؤرخ التاريخ ويضرب فيه الورق وسيأتي السبب في وضع التاريخ في الباب الثاني قال ابن عساكر وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد الوراق المعروف ب "ابن القواس إن أول المحرم سنة الهجرة كان يوم الخميس اليوم الثامن من أيام سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة لذي القرنين"
الرجل طاف بنا هنا وهناك فى الروايات التى لا اتفاق بينها لا فى المبدأ هل المحرم أو من ربيع الأول ولا فيمن اخذوا برأيه هل هو النبى(ص) نفسه أو على أو عثمان أو عمر أو يعلى بن أمية ولا فى السنة التى استهلوا بها التاريخ هل واحد هجرية أم 16 ام 17
وبالقطع كل هذا يخالف كلام الله فالله يعرف كل نبى التاريخ الصحيح الذى حرفه الكفار بالنسىء وغيره وهو من سنة خلق الكون وهذه الساعة الإلهية موجودة فى الكعبة الحقيقية بعد انتهاء عهد الرسل(ص) ليعود الناس لها لتصحيح الشهور والسنوات
ثم ذكر كلاما فى فوائد التاريخ فقال:
"الباب الثاني
في فوائد التاريخ
منها معرفة الآجال وحلولها وانقضاء العدد وأوقات التاليف ووفات الشيوخ ومواليدهم والرواة عنهم فيعرف بذلك كذب الكذابين وصدق الصادقين قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والحاكم عن ميمون بن مهران قال رفع إلى عمر صك محله شعبان فقال أي شعبان؟ الذي نحن فيه أو الذي مضى أو الذي هو آت؟ ثم قال لأصحاب النبي (ص) "ضعوا للناس شيئا يعرفونه من التاريخ فقال بعضهم اكتبوا على تاريخ الروم فقال إن الروم يطول تاريخهم يكتبون من ذي القرنين فقال اكتبوا على تاريخ فارس فقال إن فارس كلما قام ملك طرح من كان قبله فاجتمع رأيهم على أن الهجرة كانت عشر سنين فكتبوا التاريخ من هجرة النبي (ص)
وقال ابن عدي ثنا عبد الوهاب بن عصام أنبأنا إبراهيم ابن الجنيد أنبأنا موسى بن حميد أنبأنا أبو بكر الخرساني قال قال سفيان الثوري "لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ" وقال حفص بن غياث "إذا اتهمتم فحاسبوه بالسنين" يعني سنة وسن من كتب عنه وقال حماد بن زيد"لم يستعن على الكذابين بمثل التاريخ"
ذكر السيوطى بعض فوائد التأريخ وهى معرفة مواعيد سداد الديون وعدة النساء المطلقات والأرامل ومن سن كل واحد من الممكن معرفة أن الراوى صادق أو كاذب إذا حكى عن واحد مات وهو لم يولد أو وهو طفل
ونلاحظ أن الرواية عمر تكذب روايات سابقة فهى تقول أن التأريخ كان سنة عشرة بينما فى الروايات السابقة16و17
ثم ذكر بابا أخر ذكر فيه فوائد غير السابقة فقال :
"الباب الثالث
في فوائد شتى تتعلق به
الأولى إنما يؤرخ بالأشهر الهلالية التي قد تكون ثلاثين وقد تكون تسعا وعشرين كما ثبت في الحديث دون الشمسية الحسابية التي هي ثلاثون أبدا فتزيد عليها قال تعالى في قصة أهل الكهف - {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} قال المفسرون "زيادة التسعة باعتبار الهلالية وهي ثلاث مائة فقط شمسية" وإنما كان التاريخ لحديث "إنا أمة لا نحسب ولا نكتب" وحديث "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" وآلى رسول الله (ص) من نسائه شهرا ودخل عليهن في التاسع والعشرين فقيل له فقال "الشهر تسع وعشرون" قال والد شيخنا البلقيني في التدريب "كل شهر في الشرع فالمراد به الهلالي إلا شهر المستحاضة وتخليق الحمل"
أخطاء الفقرة هى :
الخطأ الأول أن 300 سنة شمسية = 309قمرية بالضبط ومن المعلوم أن السنة القمرية حاليا ليس لها مقدار محدد فهى تتراوح ما بين 348يوما كأقل ما يكون إذا كانت الشهور كلها29يوما و360إذا كانت كلها 30يوما وسوف نحسبها بالعدد الأكبر
309×360=1854+9270 =111240يوما
السنة الشمسية =365×300=109500+75يوما هى أيام السنوات الكبيسة فى 300سنة =109575 فكيف يكون 111240يوما هو 109575 يوما بالضبط ؟أليس هذا جنونا ؟
الثانى كون شهور السنة الشمسية 30 يوما ملها وهو ما يخالف أن التقاويم مختلفى فى عدد ايام الشهر فالتقويم الرومانى 28 و 29 و 30 و 31 وفى التقويم القبطى 30 و 5 وهناك تقاويم عجيبة كالشهر 19 يوم
الثالث ان كون أيام الشهر عند الله 30 و 29 وهو ما يخالف أن الله اعتبرها كلها30 يوما عندما جعل الستين مسكينا فى مقابل الشهرين فى قوله تعالى"فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا"
ثم تحدث عن التالى :
"الثانية إنما يؤرخ بالليالي لأن الليلة سابقة على يومها إلا يوم عرفة شرعا قال الله تعالى {كانتا رتقا ففتقناهما} قالوا - ولا يكون مع الإرتقاق إلا الظلام فهو سابق على النور وروى السدي عن محمد بن إسحاق "أول ما خلق الله النور والظلمة ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا والنور نهارا" قلت وقد ثبت أن القيامة لا تقوم إلا نهارا فدل على أن ليلة
ولكن -والله تعالى أعلم- أن قصد الحديث أن الساعة تقوم والناس في أعمالهم
وقول الله تبارك وتعالى {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا} يفيد أن أمره في قيام الساعة مجهول وبالنسبة للأرض -وهي كرة عندما يأتيها الأمر بقيام الساعة يكون النهار في جانب والليل في جانب والمقصود من الحديث الشريف - والله أعلم بمراد رسوله (ص)- أن الساعة تقوم وكل أحد من الخلق في حالة لا يتمها بل تقوم وهو متلبس بها فالسكران في سكره والنائم في نومه والبائع في بيعه والزارع في زرعه كل لا يتم ما هو فيه حتى تفجأه الساعة على ما هو عليه وليس المقصود أنها تكون في النهار دون الليل
وكونها تقوم يوم الجمعة وهو اليوم الذي تصيح البهائم مصيخة فيه خشية قيام الساعة كذلك قد يكون هذا اليوم هنا بالنهار والخطيب على المنبر مثلا وفي مكان آخر ليل دامس على أن اليوم في الشهور العربية يبتدئ بعد غروب الشمس وينتهي بغروبها والله أعلم"
السيوطى ذكر أن التأريخ يكون بالليالى ثم ذكر ان بعضه يكون بالنهارات كيوم عرفه وهو خبل فاليوم ليل ونهار معا وليس أحدهما وهو يبدأ بالليل لأن العالم خلق فى الظلام ثم محا الله آية الليل كما قال "وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة"
وأما حكاية وقوع القيامة فى الجمعة فى الروايات فهو شىء يتعارض مع ان الله وحده هو من يعلم بيوم وساعة وقوعها وحده كما قال تعالى "يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفى عنها قل إنما علمها عند الله"
ثم تكلم عن كون اليوم سابق إذ كل يوم له ليلة ونقل نقولا عن القول خلون وبقين من بطون كتب اللغة لا فائدة منه فقال :
"الثالثة يقال أول ليلة في الشهر "كتب لأول ليلة منه" أو لغرته أو لمهله أو لمستهله أول يوم لليلة خلت ثم لليلتين خلتا ثم لثلاث خلون إلى عشرة فخلت إلى النصف وللنصف من كذا وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو لست ثم لأربع عشرة بقيت إلى العشرة ثم لعشر بقين إلى آخره فلآخر ليلة فلسلخه أو انسلاخه وفي اليوم بعدها لآخر يوم أو لسلخه أو انسلاخه وقيل إنما يؤرخ بما مضى مطلقا وإنما قيل للعشرة فما دونها "خلون" و"بقين" لأنه مميز بجميع فيقال عشر ليال إلى ثلاث ليال ولما فوق ذلك "خلت" لأنه مميز بمفرد نحو إحدى عشرة ليلة ويقال في العشر الأول والأواخر ولا يقال الأوائل والأواخر
وقد أجاب ابن الحاجب عن حكمة ذلك بجواب طويل نقلناه بحروفه في التذكرة وحاصله أنه قيل الأول لأنه مفرد العشرة الأولى لأنه لليالي والأولى يجمع على فعل قياسا مطردا كالفضلى والفضل ولا يجمع على الأوائل إلا أول المذكر ومفرد العشر يؤنث أما الأواخر فهي جمع آخره كفاطمة وفواطم والأخر جمع أخرى وإنما يتعين تقديره الآخر ههنا دون الأخرى لأن المقصود هنا الدلالة على التاخر الوجودي ولا يفيده إلا ذلك بخلاف الأخرى فإنها أنثى أخر وهما إنما يدلان على وصف مغاير لمقدم ذكره سواء كان في الوجود متاخرا أو متقدما مررت بزيد ورجل آخر فلا يفهم من ذلك إلا وصفه للمتقدم وهو زيد دون كونه متاخرا وجودا ولهذا عدلوا عن ربيع الآخر -بفتح الخاء- وجمادى الآخرى- إلى ربيع الآخر- بالكسر وجمادى الآخرة حتى تحصل الدلالة على مقصودهم في التاخر الوجودي
الرابعة تحذف تاء التانيث من لفظ العدد ويقال إحدى واثنتان إن أرخت بالليلة أو السنة ويثبت ويقال "أحد" "اثنان" إن أرخت باليوم والعام فإن حذفت المعدود جاز حذف التاء ومنه الحديث "وأتبعه ستا من شوال" أما العشر فيذكر مع الذكر ويؤنث مع المؤنث قال المتاخرون ويذكر شهر فيما أوله "را" فيقال شهر ربيع مثلا دون غيره فلا يقال "شهر صفر" والمنقول عن سيبويه جواز إضافة "شهر" إلى كل الشهور وهو المختار"
ثم تحدث السيوطى عن أول أيام الأسبوع فذكر الاختلاف بين السبت والأحد فقال :
"الخامسة في ألفاظ الأيام والشهور
الأحد هو أول الأيام وفي شرح المهذب ما يقتضي أنه أول الأسبوع
وروى ابن عساكر في "تاريخه" بسنده إلى إبن عباس قال أول ما خلق الله الأحد فسمي الأحد وكانت العرب يسمونه الأول وقال متاخروا أصحابنا إن أول الأسبوع السبت وهو الذي في "الشرح" و"الروضة" و"المنهاج" لحديث مسلم "خلق الله التربة يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الإثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الاربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة" وقال ابن إسحق يقول أهل التوراة ابتدأ الله الخلق يوم الأحد ويقول أهل الإنجيل يوم الاثنين ونقول نحن المسلمون -فيما انتهى إلينا- عن رسول الله (ص) يوم السبت
وروى ابن جرير عن السدي عن شيوخه ابتدأ الله الخلق يوم الأحد وإختاره وما إليه طائفة وقال ابن كثير - وهو أشبه بلفظ الأحد ولهذا يكمل الخلق يوم الجمعة فاتخذه المسلمون عيدهم وهو اليوم الذي ضل عنه أهل الكتاب قال وأما حديث مسلم السابق ففيه غرابة شديدة لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم السموات في يومين وقد قال البخاري قال بعضهم" عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح"
وبالقطع أول الأيام هو الأحد أى الواحد فليس قبل الواحد شىء ثم ذكر بعض المعلومات عن أيام الأسبوع فقال :
"فائدة يكره صوم الأحد على إنفراده صرح به ابن يونس في "مختصر التنبيه" ويجمع على آحاد -بالمد - وإحاد - بالكسر ووجود الاثنين قال في شرح المهذب "يسمى به لأنه ثاني الأيام ويجمع على أثانين وكانت العرب تسميه "أثيونا"
وروى الطبراني عن عاصم بن عدي قال "قدم النبي (ص) المدينة يوم الإثنين" وروى ابن أبي الدنيا مثله
عن فضاله بن عبيد أن الثلاثاء بالمد يجمع على ثلاثاوات وأثالث وكانت العرب تسميه "جبارى"
الأربعاء ممدود ومثلث الباء وجمعة أربعاوات وأرابيع وكان اسمه عند العرب دبارا واشتهر على ألسنة الناس أنه المراد في قوله تعالى {يوم نحس مستمر} وتشاءموا به لذلك وهو خطأ فاحش لأن الله تعالى قال {في أيام نحسات} - وهي ثمانية أيام فيلزم أن تكون الأيام كلها نحسات وإنما المراد نحس عليهم
الخميس جمعة أخمسة وأخماس وكانوا يسمونه مؤنسا
الجمعة يجمع على جمعات وفي ميمها الضم والسكون وكانت تدعى العروبة
وفي رواية "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها" وفي رواية "وفيه مات وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شئيا إلا أعطاه"وفي حديث عند الطبراني "أفضل الأيام يوم الجمعة وأفضل الليالي ليلة القدر وأفضل الشهور رمضان" وفي حديث رواه البيهقي في "شعب الإيمان" أنه كان يقول "ليلة الجمعة ليلة غراء ويوم أزهر"
فائدة يكره إفراده بالصوم لأحاديث في ذلك في الصحيحين وغيرهما
وأما حديث البزار "ما أفطر (ص) قط يوم الجمعة" فضعيف
السبت يجمع على أسبت وسبوت وكان يدعى "شبارا" ويكره إفراده بالصوم فإن ضم إلى الأحد أو الجمعة فلا "*"
وقد ألغز بذلك فيقال "مكروهان إذا اجتمعا زالت الكراهة" وقصة اليهود في السبت مشهورة
فائده روى أبو يعلي -في مسنده- عن ابن عباس قال يوم الأحد يوم غرس وبناء ويوم الاثنين يوم سفر ويوم الثلاثاء يوم دم ويوم الأربعاء يوم أخذ ولا عطاء فيه ويوم الخميس يوم الدخول على السلطان ويوم الجمعة يوم تزوج وباء"
وهذه المعلومات أكثرها غير صحيح خاصة تلك التى تتعلق بالصوم ووجود ساعة استجابة لأن الله يستجيب للاستغفار فى كل وقت كما قال تعالى "ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" كما أنه لا يوجد عمل مخصوص لكل يوم وإنما الأعمال جائزة فى أى يوم
وذكر السيوطى أن ما قاله عن تخصيص كل يوم بعمل تم تأليف شعر فيه ذكره فقال:
"ورأيت بخط الحافظ شرف الدين الدمياطي أبياتا ذكر أنها تعزى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهي هذه
فنعم اليوم يوم السبت حقا لصيد إن أردت بلا امتراء
وفي الأحد البناء لأن فيه تبدى الله في خلق السماء
ويوم الاثنين إن سافرت فيه فترجع بالسلامة والهناء
وإن ترد الحجامة في الثلاثا ففي ساعاته هرق الدماء
وإن شرب امرؤ منكم دواء فنعم اليوم يوم الأربعاء
وفي الخميس قضاء حاج فإن الله يأذن بالقضاء
وفي الجمعات تزويج وعرس ولذات الرجال مع النساء
قلت "في نسبتها إلى الإمام علي رضي الله عنه نظر"
ثم ذكر السيوطى معانى أسماء الشهور وبعض الروايات عنها فقال :
"المحرم يجمع على محرمات ومحارم ومحاريم ومن العرب من يسميه "مؤتمن" والجمع مآمن ومآمين وفي الصحيحين "أفضل الصوم -بعد رمضان- شهر الله المحرم"
صفر جمعة أصفار قال ابن الأعرابي "والناس كلهم يصرفونه إلا أبا عبيدة فخرق الإجماع بمنع صرفه فقال للعلمية والتانيث بمعنى الساعة قال ثعلب "سلح وهو لا يدري لأن الأزمنة كلها ساعات"ومن العرب من يسميه "ناجز" وكانوا يتقاسمون به ولهذا ورد في الحديث ردا عليهم "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"
ربيع قال الفراء يقال "الأول" ردا على الشهر "والأولى" ردا على ربيع وفيه ولد (ص) وهاجر ومات ومنهم من يسميه "خوانا" والجمع "أخونة" ويسمى "الآخر" "وبصان" والجمع وبصانات
جمادى جمعه "جمادات" قال الفراء كل الشهور مذكرة إلا جماديان تقول جمادى الأولى والآخرة والمعنى -والله تعالى أعلم- أن هذه الأشياء ليست هي التي تفعل وإنما الفاعل هو الله تبارك وتعالى فقد يصيب الإنسان عدوى ثم يبرأ منها وقد يتطير من شيء ثم لا يحدث له شيء مما تطير منه والأمور كلها بيد الله وقوله "ولا صفر" قال في القاموس "والصفر بالتحريك داء في البطن يصفر الوجه وتأخير المحرم إلى صفر ومنه ولا صفر أو من الأول لزعمهم أنه يعدي" ثم قال والصفران" شهران من السنة سمي أحدهما في الإسلام المحرم" اهـ وقول النبي (ص) "ولا صفر" تشمل الأولى والثانية وفي القاموس "والخوان كشداد -بفتح الخاء- ويضم شهر ربيع الأول جمعه أخونه ومنهم من يسمي الأولى "حنين" والجمع "حنائن" و "وأحنة" و "حنن" والآخرة "ورنه" الجمع "ورنات"
مسألة أجل السلم إلى ربيع أو جمادى فقيل لا يصح للإبهام
والأصح الصحة ويحمل على الأول
رجب جمعه "أرجاب" و "رجاب" و "رجبات" ويقال له "الأصم" إذ لم يكن يسمع فيه قعقعة سلاح لتعظيمهم له والوصف بوصف الإنسان و "الأصب" و "منصل الأسنة"
وورد في فصل صومة أحاديث لم يثبت منها شيء بل هي ما بين منكر وموضوع
شعبان جمعه "شعابين" و"شعبانات" ومنهم من يسميه "وعلا" والجمع "أوعال" "وعلات" لم يكن النبي (ص) يصوم شهرا كاملا بعد رمضان سواه ويحرم الصوم إذا انتصف لمن لم يصله بما قبله
رمضان مشتق من الرمضاء وهي شدة الحر وجمعه "رمضانات" و "أرمضه" و "رماض" قال النحاة "شهر رمضان" أفصح من ترك الشهر قلت روى ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال لا تقولوا "رمضان" فإنه من أسماء الله ولكن قولوا "شهر رمضان" ومن العرب من يسميه "ناتقا" والجمع "نواتق"
شوال جمعه "شواويل" و "شيايل" وشوالات وكان يسمى "عاذلا" والجمع "عواذل" وهو أول أشهر الحج عقد النبي (ص) على عائشة وتزوج بها فيه وكانت عائشة تستحب النكاح فيه
القعدة والحجة وفي أول كل منهما الفتح والكسر وفتح الأول وكسر الثاني أفصح من العكس وجمعها ذوات القعدة وذوات الحجة وكان يسمى الأول "هواعا" والجمع "أهوعه" و "هواعات" والثاني "برك" والجمع "بركات"
فائدة أخرج ابن عساكر - من طريق الأصمعي قال كان أبو عمرو ابن العلاء يقول "إنما سمي المحرم لأن القتال حرم فيه" و "صفر" لأن العرب كانت تنزل فيه بلادا يقال لها "صفر" وشهرا "ربيع" كانوا يرتبعون فيهما أي يقيمون فيهما و "جماديان" كان يجمدون فيهما الماء و "رجب" كانوا يرجبون فيه النخل و "شعبان" تتشعب فيه القبائل و "رمضان" رمضت فيه الفصال من الحر و "شوال" شالت فيه الإبل بأذنابها للضراب و "ذو القعدة" قعدوا فيه عن القتال و "ذو الحجة" كانوا يحجون فيه
وإنما سقنا هذه الفوائد لأنها مهمة إذ لا يليق بالكاتب والمؤرخ جهلها"
وما ذكره السيوطى من لغويات كلام لا فائدة منه للمسلم كما ان الروايات خاصة عن صوم الشهور كلها تخالف كتاب الله فالصوم هو صوم رمضان فقط وقد جعل الله الصوم عقاب على بعض الذنوب ومن ثم لا يجوز الصوم فى غير رمضان إلا كعقاب او استكمال لأيام رمضان المفطورة
كما ان رمضان لا يمكن أن يكون اسم الله لكونه اسم مخلوق هو الشهر
"وبعد فقد وقعت لبعض شيوخنا على كتاب في علم التاريخ فلم أر فيه قليلا ولا كثيرا ولا جليلا يستفاد ولا حقيرا فوضعت في هذا الكتاب من الفوائد ما تقر به الأعين وتتحلى به الألسن وسميته بالشماريخ في علم التاريخ ورتبته على أبواب"
بدا السيوطى كتابه بكيفيات التأريخ منذ البداية البشرية فى الباب الأول فقال:
"الباب الأول
في مبتدأ التاريخ
قال ابن خيثمة في تاريخه قال علي بن محمد -هو المدائني- عن علي بن مجاهد, عن محمد بن إسحاق, عن الزهري, وعن محمد بن صالح, عن الشعبي, قال "لما أهبط آدم من الجنة, وانتشر ولده, أرخ بنوه من هبوط آدم, فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا, فأرخوا ببعث نوح, حتى كان الغرق فهلك من هلك ممن كان على وجه الأرض فلما هبط نوح وذريته, وكل من كان في السفينة, قسم الأرض بين ولده أثلاثا, فجعل "سام" وسطا من الأرض, ففيها بيت المقدس, والنيل, والفرات, ودجلة, وسيحان وجيحان,وقاسيون وذلك ما بين قاسيون إلى شرقي النيل وما بين مجرى الريح "الجنوب" إلى مجرى الريح "الشمال" وجعل "لحام" قسمة إلى غربي النيل فما وراءه إلى مجرى ريح الدبور وجعل قسم "يافث" من قاسيون فما وراءه إلى مجرى ريح الصبا فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم فلما كثر بنو إبراهيم افترقوا فأرخ بنوا إسحاق من نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى مبعث ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ومن مبعث عيسى بن مريم إلى مبعث محمد رسول الله (ص) وأرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بنيان البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل ثم أرخ بنو إسماعيل من بنيان البيت إلى أن تفرقت بعد ذلك فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخو بخروجهم ومن بقي من ولد إسماعيل يؤرخون من خروج سعد ونهد وجهينة حتى مات كعب بن لؤي فأرخوا من موته إلى الفيل4 فكان التاريخ من الفيل إلى أن أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وكان ذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة
"أخرجه ابن جرير في تاريخه مختصرا إلى قوله من مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله (ص) قال ينبغي أن يكون هذا على تاريخ اليهود فأما أهل الإسلام فلم يؤرخوا إلا من الهجرة ولم يؤرخوا بشيء قبل ذلك
غير أن قريشا كانوا يؤرخون قبل الإسلام بعام الفيل قال وكان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذكورة كـ "يوم جبلة" و"الكلاب الأول" و "الكلاب الثاني"وكانت النصارى تؤرخ بعهد الإسكندر ذي القرنين وكان الفرس يؤرخون بملوكهم"
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق خليفة بن خياط حدثني يحيى بن محمد الكعبي عن عبد العزيز بن عمران قال لم تزل للناس نؤرخ "كانوا في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة" فلم يزل ذلك حتى بعث الله نوحا فأرخوا من الطوفان ثم لم يزل كذلك حتى حرق إبراهيم فأرخوا من تحريق إبراهيم وأرخت بنوا إسماعيل من بنيان الكعبة ولم يزل ذلك حتى مات كعب بن لؤي فأرخوا من موته فلم يزل كذلك حتى كان عام الفيل فأرخوا منه ثم أرخ المسلمون بعد الهجرة"
الروايات السابقة عن وجود تأريخ خاص بكل رسول من حدث ما يخالف أن هناك تاريخ واحد عند الله هو الذى أقره للناس ومن ثم فأى رسول لن يعمل إلا بالتاريخ الإلهى الذى قال تعالى فيه :
"إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم"
فمبدأ التأريخ هو يوم خلق الكون
والفقرة بها أخطاء هى :
الأول وجود ثلاثة أبناء ذكور لنوح(ص) وهو ما يخالف كونه ولد واحد غرق فى الطوفان لكفرة كما قال تعالى" ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " وبنو إسرائيل ليسوا من ذريته هم وغيرهم لأنهم ذرية من كانوا معه فى السفينة كما قال تعالى "وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح" ولو كان لنوح(ص) ذرية غير الولد لدعا لهم كمت دعا لأبويه فى قوله "رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات"
الثانى تقسيم الأرض على الأبناء الثلاثة المزعومين وهى العالم المعروف بالعالم القديم عند القوم وهو لا يشمل شمالى آسيا وأوربا ولا وسط وجنوب أفريقيا ولا الأمريكتين ولا استراليا وهو كلام مخابيل يخالف أن الأرض تقسم بين كل المسلمين وليس بين أولاد نبى مزعومين كما قال تعالى "ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون"
ثم ذكر السيوطى ما سماه مبدأ التاريخ الهجرى فقال :
"ذكر مبدأ التاريخ الهجري
أخبرني شيخنا شيخ الإسلام البلقيني "شفاها" عن أبي إسحاق التنوخي أنا محمد بن عساكر "إجازة" عن عبد الرحيم بن تاج الأمناء أنا حافظ الإسلام أبو القاسم بن عساكر أنا أبو الكرم الشهرزوري وغيره "إجازة" أنا ابن طلحة أنا الحسن بن الحسين أنا إسماعيل الصفار أنا محمد بن إسحق ثنا "أبو عاصم" عن ابن جريج عن أبي سلمة عن ابن شهاب أن النبي (ص) أمر بالتاريخ يوم قدم المدينة في شهر ربيع الأول "رواه يعقوب بن سفيان حدثنا يونس ثنا ابن وهب عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال التاريخ من يوم قدوم النبي (ص) المدينة مهاجرا ثم قال وكذا جزم الأموي في المغازي عن ابن إسحق فقال كان مخرجه من مكة بعد العقبة بشهرين وليال" قال "وخرج لهلال ربيع الأول وقدم المدينة لاثني عشرة ليلة خلت من ربيع الأول
وقال الكتاني صاحب كتاب "التراتيب الإدارية" ج ص 80 "حكى أبو جعفر بن النحاس في كتابه "صناعة الكتاب" وحكاه عنه القلقشندي في صبح الأعشى ص 40 من الجزء السادس عن محمد بن جرير أنه روى بسنده إلى ابن شهاب أن النبي (ص) لما قدم المدينة - وقدمها في شهر ربيع الأول- أمر بالتأريخ
قال القلقشندي وعلى هذا يكون ابتداء التأريخ في عام الهجرة" إلى أن قال "فاتفق رأيهم أن يكون التأريخ من عام الهجرة لأنه الوقت الذي عز فيه الإسلام والذي أمر فيه النبي (ص) وأسس المساجد وعبد الله آمنا كما يحبه فوافق رأيهم هذا ظاهر التنزيل"
قال ابن عساكر هذا أصوب والمحفوظ أن الآمر بالتاريخ عمر قلت "وقفت على ما يعضد الأول فرأيت بخط ابن القماح في مجموع له قال ابن الصلاح "وقفت على كتاب في الشروط للأستاذ أبي طاهر ابن محمش "الزيادي" ذكر فيه أن رسول الله (ص) أرخ بالهجرة حين كتب الكتاب لنصارى نجران وأقر عليا أن يكتب فيه "إنه كتب لخمس من الهجرة" فالمؤرخ إذن رسول الله (ص) وعمر تبعه وقد يقال هذا صريح في أنه أرخ سنة خمس والحديث الأول فيه أنه أرخ يوم قدم المدينة؟! ويجاب بأنه لا منافاة فإن الظرف وهو قوله "يوم قدم المدينة" ليس متعلقا بالفعل وهو "أمر" بل بالمصدر وهو "التاريخ" أي أمر بأن يؤرخ بذلك اليوم لا أن الأمر في ذلك اليوم فتامله فإنه نفيس
وقال البخاري في تاريخه الصغير ثنا ابن أبي مريم ثنا يعقوب ابن إسحاق -هو العلوي- ثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله (ص) المدينة"
أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة في "تاريخه" حدثنا مصعب ابن عبد الله الزبيري عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل عن سعد قال "أخطأ الناس العدد ولم يعدوا من مبعث النبي (ص) ولا من وفاته إنما عدوا من مقدمة المدينة" قال مصعب وكان تاريخ قريش من متوفى هشام بن المغيرة "يعني أرخوا تواريخهم"
وأخرج البخاري في صحيحه حديث سهل بلفظ "ما عدوا" إلى آخره ولم يقل "أخطأ الناس" وقال أحمد بن حنبل ثنا روح ثنا زكريا بن إسحق ثنا عمرو بن دينار أن أول من أرخ في الكتب يعلى بن أمية وهو باليمن وكان يعلى أميرا عليها لعمر
وقال البخاري في - التاريخ الصغير - ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ثنا عبد العزيز بن محمد بن عثمان بن رافع سمعت سعيد بن المسيب يقول قال عمر "متى نكتب التاريخ"؟؟؟ فجمع المهاجرين فقال له علي "من يوم هاجر النبي (ص) نكتب التاريخ" "رواه الواقدي عن ابن سيرين عن عثمان بن عبد الله بن رافع - فكأنه نسب إلى جده -" وأخرج ابن عساكر عن الشعبي قال كتب أبو موسى إلى عمر إنه تأتينا من قبلك كتب ليس لها تاريخ فأرخ فاستشار عمر في ذلك؟ فقال بعضهم أرخ لبعث رسول الله (ص) وقال بعضهم لوفاته فقال عمر "لا بل نؤرخ لمهاجره فإن مهاجره فرق بين الحق والباطل" فأرخ به
وأخرج عن أبي الزناد قال "استشار عمر في التاريخ فأجمعوا على الهجرة" وأخرج ابن المنير عن سعيد بن المسيب قال "أول من كتب التاريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته فكتبه لست عشرة من المحرم بمشورة علي بن أبي طالب وقال ابن أبي خيثمة أنبأنا علي بن محمد - هو المدائني- أنبأنا قرة ابن خالد عن ابن سيرين أن رجلا من المسلمين قدم من اليمن فقال لعمر رأيت باليمن شيئا يسمونه التاريخ يكتبون من عام كذا وشهر كذا فقال عمر إن هذا لحسن فأرخوا فلما أجمع على أن يؤرخ شاور فقال قوم بمولد النبي (ص) وقال قوم بالمبعث وقال قوم حين خرج مهاجرا من مكة وقال قائل من الوفاة - حين توفى - فقال عمر أرخوا خروجه من مكة إلى المدينة ثم قال بأي شهر نبدأ فنصيره أول السنة؟؟ فقالوا رجب فإن أهل الجاهلية كانوا يعظمونه وقال آخرون شهر رمضان وقال بعضهم ذو الحجة فيه الحج وقال آخرون الشهر الذي خرج فيه من مكة وقال آخرون الشهر الذي قدم فيه فقال عثمان أرخوا من المحرم أول السنة - أول السنة المحرم- وهو شهر حرام وهو أول الشهور في العدة وهو منصرف الناس عند الحج فيصير أول السنة المحرم وكان ذلك سنة سبع عشرة ويقال سنة ست عشرة في نصف ربيع الأول
قلت وقفت علي نكتة أخرى في جعل المحرم أول السنة فروى سعيد بن منصور في سننه قال حدثنا نوح بن قيس حدثنا عثمان بن محصن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال في قوله تعالى - {والفجر} - قال "الفجر شهر المحرم هو فجر السنة"
"أخرجه البيهقي في الشعب وإسناده حسن" قال شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر في أماليه بهذا يحصل الجواب عن الحكمة في تأخير التاريخ من ربيع الأول إلى المحرم بعد أن اتفقوا على جعل التاريخ من الهجرة وإنما كانت في ربيع الأول
وقال البخاري في "تاريخه" حدثنا إبراهيم حدثنا يونس عن إسحق عن الأسود عن عبيد بن عمير قال المحرم شهر الله وهو رأس السنة فيه يكسى البيت ويؤرخ التاريخ ويضرب فيه الورق وسيأتي السبب في وضع التاريخ في الباب الثاني قال ابن عساكر وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد الوراق المعروف ب "ابن القواس إن أول المحرم سنة الهجرة كان يوم الخميس اليوم الثامن من أيام سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة لذي القرنين"
الرجل طاف بنا هنا وهناك فى الروايات التى لا اتفاق بينها لا فى المبدأ هل المحرم أو من ربيع الأول ولا فيمن اخذوا برأيه هل هو النبى(ص) نفسه أو على أو عثمان أو عمر أو يعلى بن أمية ولا فى السنة التى استهلوا بها التاريخ هل واحد هجرية أم 16 ام 17
وبالقطع كل هذا يخالف كلام الله فالله يعرف كل نبى التاريخ الصحيح الذى حرفه الكفار بالنسىء وغيره وهو من سنة خلق الكون وهذه الساعة الإلهية موجودة فى الكعبة الحقيقية بعد انتهاء عهد الرسل(ص) ليعود الناس لها لتصحيح الشهور والسنوات
ثم ذكر كلاما فى فوائد التاريخ فقال:
"الباب الثاني
في فوائد التاريخ
منها معرفة الآجال وحلولها وانقضاء العدد وأوقات التاليف ووفات الشيوخ ومواليدهم والرواة عنهم فيعرف بذلك كذب الكذابين وصدق الصادقين قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والحاكم عن ميمون بن مهران قال رفع إلى عمر صك محله شعبان فقال أي شعبان؟ الذي نحن فيه أو الذي مضى أو الذي هو آت؟ ثم قال لأصحاب النبي (ص) "ضعوا للناس شيئا يعرفونه من التاريخ فقال بعضهم اكتبوا على تاريخ الروم فقال إن الروم يطول تاريخهم يكتبون من ذي القرنين فقال اكتبوا على تاريخ فارس فقال إن فارس كلما قام ملك طرح من كان قبله فاجتمع رأيهم على أن الهجرة كانت عشر سنين فكتبوا التاريخ من هجرة النبي (ص)
وقال ابن عدي ثنا عبد الوهاب بن عصام أنبأنا إبراهيم ابن الجنيد أنبأنا موسى بن حميد أنبأنا أبو بكر الخرساني قال قال سفيان الثوري "لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ" وقال حفص بن غياث "إذا اتهمتم فحاسبوه بالسنين" يعني سنة وسن من كتب عنه وقال حماد بن زيد"لم يستعن على الكذابين بمثل التاريخ"
ذكر السيوطى بعض فوائد التأريخ وهى معرفة مواعيد سداد الديون وعدة النساء المطلقات والأرامل ومن سن كل واحد من الممكن معرفة أن الراوى صادق أو كاذب إذا حكى عن واحد مات وهو لم يولد أو وهو طفل
ونلاحظ أن الرواية عمر تكذب روايات سابقة فهى تقول أن التأريخ كان سنة عشرة بينما فى الروايات السابقة16و17
ثم ذكر بابا أخر ذكر فيه فوائد غير السابقة فقال :
"الباب الثالث
في فوائد شتى تتعلق به
الأولى إنما يؤرخ بالأشهر الهلالية التي قد تكون ثلاثين وقد تكون تسعا وعشرين كما ثبت في الحديث دون الشمسية الحسابية التي هي ثلاثون أبدا فتزيد عليها قال تعالى في قصة أهل الكهف - {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} قال المفسرون "زيادة التسعة باعتبار الهلالية وهي ثلاث مائة فقط شمسية" وإنما كان التاريخ لحديث "إنا أمة لا نحسب ولا نكتب" وحديث "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" وآلى رسول الله (ص) من نسائه شهرا ودخل عليهن في التاسع والعشرين فقيل له فقال "الشهر تسع وعشرون" قال والد شيخنا البلقيني في التدريب "كل شهر في الشرع فالمراد به الهلالي إلا شهر المستحاضة وتخليق الحمل"
أخطاء الفقرة هى :
الخطأ الأول أن 300 سنة شمسية = 309قمرية بالضبط ومن المعلوم أن السنة القمرية حاليا ليس لها مقدار محدد فهى تتراوح ما بين 348يوما كأقل ما يكون إذا كانت الشهور كلها29يوما و360إذا كانت كلها 30يوما وسوف نحسبها بالعدد الأكبر
309×360=1854+9270 =111240يوما
السنة الشمسية =365×300=109500+75يوما هى أيام السنوات الكبيسة فى 300سنة =109575 فكيف يكون 111240يوما هو 109575 يوما بالضبط ؟أليس هذا جنونا ؟
الثانى كون شهور السنة الشمسية 30 يوما ملها وهو ما يخالف أن التقاويم مختلفى فى عدد ايام الشهر فالتقويم الرومانى 28 و 29 و 30 و 31 وفى التقويم القبطى 30 و 5 وهناك تقاويم عجيبة كالشهر 19 يوم
الثالث ان كون أيام الشهر عند الله 30 و 29 وهو ما يخالف أن الله اعتبرها كلها30 يوما عندما جعل الستين مسكينا فى مقابل الشهرين فى قوله تعالى"فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا"
ثم تحدث عن التالى :
"الثانية إنما يؤرخ بالليالي لأن الليلة سابقة على يومها إلا يوم عرفة شرعا قال الله تعالى {كانتا رتقا ففتقناهما} قالوا - ولا يكون مع الإرتقاق إلا الظلام فهو سابق على النور وروى السدي عن محمد بن إسحاق "أول ما خلق الله النور والظلمة ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا والنور نهارا" قلت وقد ثبت أن القيامة لا تقوم إلا نهارا فدل على أن ليلة
ولكن -والله تعالى أعلم- أن قصد الحديث أن الساعة تقوم والناس في أعمالهم
وقول الله تبارك وتعالى {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا} يفيد أن أمره في قيام الساعة مجهول وبالنسبة للأرض -وهي كرة عندما يأتيها الأمر بقيام الساعة يكون النهار في جانب والليل في جانب والمقصود من الحديث الشريف - والله أعلم بمراد رسوله (ص)- أن الساعة تقوم وكل أحد من الخلق في حالة لا يتمها بل تقوم وهو متلبس بها فالسكران في سكره والنائم في نومه والبائع في بيعه والزارع في زرعه كل لا يتم ما هو فيه حتى تفجأه الساعة على ما هو عليه وليس المقصود أنها تكون في النهار دون الليل
وكونها تقوم يوم الجمعة وهو اليوم الذي تصيح البهائم مصيخة فيه خشية قيام الساعة كذلك قد يكون هذا اليوم هنا بالنهار والخطيب على المنبر مثلا وفي مكان آخر ليل دامس على أن اليوم في الشهور العربية يبتدئ بعد غروب الشمس وينتهي بغروبها والله أعلم"
السيوطى ذكر أن التأريخ يكون بالليالى ثم ذكر ان بعضه يكون بالنهارات كيوم عرفه وهو خبل فاليوم ليل ونهار معا وليس أحدهما وهو يبدأ بالليل لأن العالم خلق فى الظلام ثم محا الله آية الليل كما قال "وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة"
وأما حكاية وقوع القيامة فى الجمعة فى الروايات فهو شىء يتعارض مع ان الله وحده هو من يعلم بيوم وساعة وقوعها وحده كما قال تعالى "يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفى عنها قل إنما علمها عند الله"
ثم تكلم عن كون اليوم سابق إذ كل يوم له ليلة ونقل نقولا عن القول خلون وبقين من بطون كتب اللغة لا فائدة منه فقال :
"الثالثة يقال أول ليلة في الشهر "كتب لأول ليلة منه" أو لغرته أو لمهله أو لمستهله أول يوم لليلة خلت ثم لليلتين خلتا ثم لثلاث خلون إلى عشرة فخلت إلى النصف وللنصف من كذا وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو لست ثم لأربع عشرة بقيت إلى العشرة ثم لعشر بقين إلى آخره فلآخر ليلة فلسلخه أو انسلاخه وفي اليوم بعدها لآخر يوم أو لسلخه أو انسلاخه وقيل إنما يؤرخ بما مضى مطلقا وإنما قيل للعشرة فما دونها "خلون" و"بقين" لأنه مميز بجميع فيقال عشر ليال إلى ثلاث ليال ولما فوق ذلك "خلت" لأنه مميز بمفرد نحو إحدى عشرة ليلة ويقال في العشر الأول والأواخر ولا يقال الأوائل والأواخر
وقد أجاب ابن الحاجب عن حكمة ذلك بجواب طويل نقلناه بحروفه في التذكرة وحاصله أنه قيل الأول لأنه مفرد العشرة الأولى لأنه لليالي والأولى يجمع على فعل قياسا مطردا كالفضلى والفضل ولا يجمع على الأوائل إلا أول المذكر ومفرد العشر يؤنث أما الأواخر فهي جمع آخره كفاطمة وفواطم والأخر جمع أخرى وإنما يتعين تقديره الآخر ههنا دون الأخرى لأن المقصود هنا الدلالة على التاخر الوجودي ولا يفيده إلا ذلك بخلاف الأخرى فإنها أنثى أخر وهما إنما يدلان على وصف مغاير لمقدم ذكره سواء كان في الوجود متاخرا أو متقدما مررت بزيد ورجل آخر فلا يفهم من ذلك إلا وصفه للمتقدم وهو زيد دون كونه متاخرا وجودا ولهذا عدلوا عن ربيع الآخر -بفتح الخاء- وجمادى الآخرى- إلى ربيع الآخر- بالكسر وجمادى الآخرة حتى تحصل الدلالة على مقصودهم في التاخر الوجودي
الرابعة تحذف تاء التانيث من لفظ العدد ويقال إحدى واثنتان إن أرخت بالليلة أو السنة ويثبت ويقال "أحد" "اثنان" إن أرخت باليوم والعام فإن حذفت المعدود جاز حذف التاء ومنه الحديث "وأتبعه ستا من شوال" أما العشر فيذكر مع الذكر ويؤنث مع المؤنث قال المتاخرون ويذكر شهر فيما أوله "را" فيقال شهر ربيع مثلا دون غيره فلا يقال "شهر صفر" والمنقول عن سيبويه جواز إضافة "شهر" إلى كل الشهور وهو المختار"
ثم تحدث السيوطى عن أول أيام الأسبوع فذكر الاختلاف بين السبت والأحد فقال :
"الخامسة في ألفاظ الأيام والشهور
الأحد هو أول الأيام وفي شرح المهذب ما يقتضي أنه أول الأسبوع
وروى ابن عساكر في "تاريخه" بسنده إلى إبن عباس قال أول ما خلق الله الأحد فسمي الأحد وكانت العرب يسمونه الأول وقال متاخروا أصحابنا إن أول الأسبوع السبت وهو الذي في "الشرح" و"الروضة" و"المنهاج" لحديث مسلم "خلق الله التربة يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الإثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الاربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة" وقال ابن إسحق يقول أهل التوراة ابتدأ الله الخلق يوم الأحد ويقول أهل الإنجيل يوم الاثنين ونقول نحن المسلمون -فيما انتهى إلينا- عن رسول الله (ص) يوم السبت
وروى ابن جرير عن السدي عن شيوخه ابتدأ الله الخلق يوم الأحد وإختاره وما إليه طائفة وقال ابن كثير - وهو أشبه بلفظ الأحد ولهذا يكمل الخلق يوم الجمعة فاتخذه المسلمون عيدهم وهو اليوم الذي ضل عنه أهل الكتاب قال وأما حديث مسلم السابق ففيه غرابة شديدة لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم السموات في يومين وقد قال البخاري قال بعضهم" عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح"
وبالقطع أول الأيام هو الأحد أى الواحد فليس قبل الواحد شىء ثم ذكر بعض المعلومات عن أيام الأسبوع فقال :
"فائدة يكره صوم الأحد على إنفراده صرح به ابن يونس في "مختصر التنبيه" ويجمع على آحاد -بالمد - وإحاد - بالكسر ووجود الاثنين قال في شرح المهذب "يسمى به لأنه ثاني الأيام ويجمع على أثانين وكانت العرب تسميه "أثيونا"
وروى الطبراني عن عاصم بن عدي قال "قدم النبي (ص) المدينة يوم الإثنين" وروى ابن أبي الدنيا مثله
عن فضاله بن عبيد أن الثلاثاء بالمد يجمع على ثلاثاوات وأثالث وكانت العرب تسميه "جبارى"
الأربعاء ممدود ومثلث الباء وجمعة أربعاوات وأرابيع وكان اسمه عند العرب دبارا واشتهر على ألسنة الناس أنه المراد في قوله تعالى {يوم نحس مستمر} وتشاءموا به لذلك وهو خطأ فاحش لأن الله تعالى قال {في أيام نحسات} - وهي ثمانية أيام فيلزم أن تكون الأيام كلها نحسات وإنما المراد نحس عليهم
الخميس جمعة أخمسة وأخماس وكانوا يسمونه مؤنسا
الجمعة يجمع على جمعات وفي ميمها الضم والسكون وكانت تدعى العروبة
وفي رواية "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها" وفي رواية "وفيه مات وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شئيا إلا أعطاه"وفي حديث عند الطبراني "أفضل الأيام يوم الجمعة وأفضل الليالي ليلة القدر وأفضل الشهور رمضان" وفي حديث رواه البيهقي في "شعب الإيمان" أنه كان يقول "ليلة الجمعة ليلة غراء ويوم أزهر"
فائدة يكره إفراده بالصوم لأحاديث في ذلك في الصحيحين وغيرهما
وأما حديث البزار "ما أفطر (ص) قط يوم الجمعة" فضعيف
السبت يجمع على أسبت وسبوت وكان يدعى "شبارا" ويكره إفراده بالصوم فإن ضم إلى الأحد أو الجمعة فلا "*"
وقد ألغز بذلك فيقال "مكروهان إذا اجتمعا زالت الكراهة" وقصة اليهود في السبت مشهورة
فائده روى أبو يعلي -في مسنده- عن ابن عباس قال يوم الأحد يوم غرس وبناء ويوم الاثنين يوم سفر ويوم الثلاثاء يوم دم ويوم الأربعاء يوم أخذ ولا عطاء فيه ويوم الخميس يوم الدخول على السلطان ويوم الجمعة يوم تزوج وباء"
وهذه المعلومات أكثرها غير صحيح خاصة تلك التى تتعلق بالصوم ووجود ساعة استجابة لأن الله يستجيب للاستغفار فى كل وقت كما قال تعالى "ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" كما أنه لا يوجد عمل مخصوص لكل يوم وإنما الأعمال جائزة فى أى يوم
وذكر السيوطى أن ما قاله عن تخصيص كل يوم بعمل تم تأليف شعر فيه ذكره فقال:
"ورأيت بخط الحافظ شرف الدين الدمياطي أبياتا ذكر أنها تعزى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهي هذه
فنعم اليوم يوم السبت حقا لصيد إن أردت بلا امتراء
وفي الأحد البناء لأن فيه تبدى الله في خلق السماء
ويوم الاثنين إن سافرت فيه فترجع بالسلامة والهناء
وإن ترد الحجامة في الثلاثا ففي ساعاته هرق الدماء
وإن شرب امرؤ منكم دواء فنعم اليوم يوم الأربعاء
وفي الخميس قضاء حاج فإن الله يأذن بالقضاء
وفي الجمعات تزويج وعرس ولذات الرجال مع النساء
قلت "في نسبتها إلى الإمام علي رضي الله عنه نظر"
ثم ذكر السيوطى معانى أسماء الشهور وبعض الروايات عنها فقال :
"المحرم يجمع على محرمات ومحارم ومحاريم ومن العرب من يسميه "مؤتمن" والجمع مآمن ومآمين وفي الصحيحين "أفضل الصوم -بعد رمضان- شهر الله المحرم"
صفر جمعة أصفار قال ابن الأعرابي "والناس كلهم يصرفونه إلا أبا عبيدة فخرق الإجماع بمنع صرفه فقال للعلمية والتانيث بمعنى الساعة قال ثعلب "سلح وهو لا يدري لأن الأزمنة كلها ساعات"ومن العرب من يسميه "ناجز" وكانوا يتقاسمون به ولهذا ورد في الحديث ردا عليهم "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"
ربيع قال الفراء يقال "الأول" ردا على الشهر "والأولى" ردا على ربيع وفيه ولد (ص) وهاجر ومات ومنهم من يسميه "خوانا" والجمع "أخونة" ويسمى "الآخر" "وبصان" والجمع وبصانات
جمادى جمعه "جمادات" قال الفراء كل الشهور مذكرة إلا جماديان تقول جمادى الأولى والآخرة والمعنى -والله تعالى أعلم- أن هذه الأشياء ليست هي التي تفعل وإنما الفاعل هو الله تبارك وتعالى فقد يصيب الإنسان عدوى ثم يبرأ منها وقد يتطير من شيء ثم لا يحدث له شيء مما تطير منه والأمور كلها بيد الله وقوله "ولا صفر" قال في القاموس "والصفر بالتحريك داء في البطن يصفر الوجه وتأخير المحرم إلى صفر ومنه ولا صفر أو من الأول لزعمهم أنه يعدي" ثم قال والصفران" شهران من السنة سمي أحدهما في الإسلام المحرم" اهـ وقول النبي (ص) "ولا صفر" تشمل الأولى والثانية وفي القاموس "والخوان كشداد -بفتح الخاء- ويضم شهر ربيع الأول جمعه أخونه ومنهم من يسمي الأولى "حنين" والجمع "حنائن" و "وأحنة" و "حنن" والآخرة "ورنه" الجمع "ورنات"
مسألة أجل السلم إلى ربيع أو جمادى فقيل لا يصح للإبهام
والأصح الصحة ويحمل على الأول
رجب جمعه "أرجاب" و "رجاب" و "رجبات" ويقال له "الأصم" إذ لم يكن يسمع فيه قعقعة سلاح لتعظيمهم له والوصف بوصف الإنسان و "الأصب" و "منصل الأسنة"
وورد في فصل صومة أحاديث لم يثبت منها شيء بل هي ما بين منكر وموضوع
شعبان جمعه "شعابين" و"شعبانات" ومنهم من يسميه "وعلا" والجمع "أوعال" "وعلات" لم يكن النبي (ص) يصوم شهرا كاملا بعد رمضان سواه ويحرم الصوم إذا انتصف لمن لم يصله بما قبله
رمضان مشتق من الرمضاء وهي شدة الحر وجمعه "رمضانات" و "أرمضه" و "رماض" قال النحاة "شهر رمضان" أفصح من ترك الشهر قلت روى ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال لا تقولوا "رمضان" فإنه من أسماء الله ولكن قولوا "شهر رمضان" ومن العرب من يسميه "ناتقا" والجمع "نواتق"
شوال جمعه "شواويل" و "شيايل" وشوالات وكان يسمى "عاذلا" والجمع "عواذل" وهو أول أشهر الحج عقد النبي (ص) على عائشة وتزوج بها فيه وكانت عائشة تستحب النكاح فيه
القعدة والحجة وفي أول كل منهما الفتح والكسر وفتح الأول وكسر الثاني أفصح من العكس وجمعها ذوات القعدة وذوات الحجة وكان يسمى الأول "هواعا" والجمع "أهوعه" و "هواعات" والثاني "برك" والجمع "بركات"
فائدة أخرج ابن عساكر - من طريق الأصمعي قال كان أبو عمرو ابن العلاء يقول "إنما سمي المحرم لأن القتال حرم فيه" و "صفر" لأن العرب كانت تنزل فيه بلادا يقال لها "صفر" وشهرا "ربيع" كانوا يرتبعون فيهما أي يقيمون فيهما و "جماديان" كان يجمدون فيهما الماء و "رجب" كانوا يرجبون فيه النخل و "شعبان" تتشعب فيه القبائل و "رمضان" رمضت فيه الفصال من الحر و "شوال" شالت فيه الإبل بأذنابها للضراب و "ذو القعدة" قعدوا فيه عن القتال و "ذو الحجة" كانوا يحجون فيه
وإنما سقنا هذه الفوائد لأنها مهمة إذ لا يليق بالكاتب والمؤرخ جهلها"
وما ذكره السيوطى من لغويات كلام لا فائدة منه للمسلم كما ان الروايات خاصة عن صوم الشهور كلها تخالف كتاب الله فالصوم هو صوم رمضان فقط وقد جعل الله الصوم عقاب على بعض الذنوب ومن ثم لا يجوز الصوم فى غير رمضان إلا كعقاب او استكمال لأيام رمضان المفطورة
كما ان رمضان لا يمكن أن يكون اسم الله لكونه اسم مخلوق هو الشهر