رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء
موضوع الكتاب هو مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء وقد توصل المؤلف إلى أنه لم يثبت أى رواية فى الموضوع فكل الأسانيد بها علة من علل الإسناد مثل وجود منكر الحديث ومثل ضعاف الحديث ومثل المجاهيل
وقد قام الباحث بتفصيل أسانيد الموضوع فقال:
"أما حديث ابن عباس_رضي الله عنهما_فأخرجه ابن ماجه في السنن (1/373) رقم1181, (2/1272) رقم3866، والحاكم في المستدرك (1/536)، ومحمد بن نصر المروزي في الوتر ص167 رقم321، وابن حبان في المجروحين ترجمة صالح بن حسان ص364، والبغوي في شرح السنة (5/203) رقم1399،1400، والطبراني في الكبير (10/388) رقم10779، وأبو أحمد بن عدي في الكامل (4/1369)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/356)، وعبد بن حميد في المسند (1/600) رقم714، من طرق عن صالح بن حسان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله": إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك، ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك
وفي رواية: إذا سألتم الله، فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، وامسحوا بوجوهكم قال البغوي: ضعيف صالح بن حسان المدني الأنصاري منكر الحديث، قاله البخاري وقال ابن أبي حاتم في العلل (3/180) رقم2572: قال أبي: حديث منكر وسكت عليه الحاكم والذهبي وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/390) رقم1181_417: هذا إسناد ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف صالح بن حسان لكن السيوطي رمز لصحته كما في الجامع الصغير (ص289 رقم4706)، ورمز لحسنه في موضع آخر ص43 رقم604 من الجامع الصغير، ورقم664 وأخرجه أبو داود في السنن (2/163) رقم1485، والبيهقي في السنن (2/212)، والدعوات الكبرى ص138 رقم183
من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي به قال أبو داود: رُوي هذا الحديث من غير وجه، عن محمد بن كعب، كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضاً
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في الوتر ص169 رقم322، وإسحاق بن راهويه كما في نصب الراية للزيلعي (3/52)
من طريق عيسى بن ميمون، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس_رضي الله عنهما_عن رسول الله"قال: إذا سألتم الله، فاسألوه ببطون أكفكم، ثم لا تردوها حتى تمسحوا بها وجوهكم
وفي رواية: فإن الله جاعل فيها بركة قال محمد بن نصر المروزي: عيسى بن ميمون_هذا الذي روى حديث ابن عباس_ليس هو ممن يحتج بحديثه، وكذلك صالح بن حسان
طرق أخرى:قال الحافظ المزي في تحفة الأشراف (5/335) رقم6448: هذا حديث مشهور، من رواية أبي المقدام هشام بن زياد، عن محمد بن كعب ورواه الناس عنه مطولاً، ومختصراً ورواه هلال بن العلاء الرقي، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: ثنا طلحة بن زيد، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: قدم محمد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز بعد ما ولي الخلافة فذكره بطوله ونقل الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد (مسند ابن عباس ص160 رقم2019) هذين السندين والمتن عن شيخه المزي قلت: حديث ابن عباس_رضي الله عنهما_هذا رواه عن محمد بن كعب القرظي خمسة رجال، وهم: صالح بن حسان، وعيسى بن ميمون، وأبو المقدام هشام بن زياد، وهؤلاء الثلاثة لا يحتج بواحد منهم_كما رأيت_ورواه حسان بن عطية، وهو ثقة فقيه عابد، لكن في الطريق إليه طلحة بن زيد أبو مسكين وهو متروك الحديث والخامس الرجل المبهم، لكن قال الحافظ في التقريب في باب المبهمات: يقال: هو أبو المقدام هشام بن زياد وعلى هذا، فلا يزال الحديث ضعيفاً جداً؛ لأنه لا يقوي بعضهم بعضاً، لكن قال العلامة المناوي في فيض القدير (1/445) رقم604 في حكمة مشروعية المسح المذكور: وحكمته، كما ورد في حديث الإفاضة عليه، مما أعطاه الله_تعالى_تفاؤلاً بتحقق الإجابة، وأن كفيه قد ملئتا خيراً، فأفاض منه عليه، فَفِعْلُ ذلك سنة، كما جرى عليه في التحقيق وغيره تمسكاً بعدة أخبار، هذا منها، وهي_وإن ضعفت أسانيدها_تقوت بالإجماع
وأما حديث عمر بن الخطاب فأخرجه الإمام الترمذي في الجامع (5/464) رقم3386، والحاكم في المستدرك (1/536)، وعبد بن حميد في المنتخب (1/90) رقم39، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/356) رقم1406، والطبراني في الدعاء (2/886) رقم212، 213، والأوسط (8/25) رقم7049من طريق حماد بن عيسى الجهني، عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب_رضي الله عنهم_، عن أبيه عبد الله، عن جده عمر بن الخطاب، قال:كان رسول الله"إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به، وهو قليل الحديث، وقد حدث عنه الناس، وحنظلة بن أبي سفيان هو ثقة، وثَّقَهُ يحيى بن سعيد القطان وفي بعض النسخ جاء فيها الاقتصار على: (غريب) فقط كما في تحفة الأحوذي (9/328) رقم3446، وتحفة الأشراف للحافظ المزي (8/58) رقم10530، وسكت عليه الحاكم والذهبي
قلت: قال الحافظ في بلوغ المرام ص312 رقم1581: وله شواهد، منها: حديث ابن عباس عن أبي داود وغيره، ومجموعهما يقضي بأنه حديث حسن وأقره الأمير الصنعاني في سبل السلام (4/624) رقم1453، فقال:أخرجه الترمذي وله شواهد، منها: حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره، ومجموعهما يقضي بأنه حديث حسنا قلت: رجال إسناده ثقات، رجال الصحيح، غير حماد بن عيسى الجهني_وهو غريق الجحفة_ قال فيه الحافظ الذهبي في الميزان (1/598) رقم2263:ضعفه أبو داود، وأبو حاتم، والدارقطني ولم يتركه قلت: ترجمه الدارقطني في الضعفاء ص299 رقم165، وسكت عليه وقال الحافظ المزي في تهذيب الكمال (7/282) رقم1486: قال ابن معين: شيخ صالح قال الأمير الصنعاني في سبل السلام (4/624)رقم453:فيه دليل على مشروعية مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء قيل: وكأن المناسبة: أنه_تعالى_لما كان لا يردهما صفراً، فكأن الرحمة أصابتهما، فناسب إفاضة ذلك على الوجه الذي هو أشرف الأعضاء، وأحقها بالتكريم وأما حديث يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، فأخرجه الإمام أحمد (4/221)، وأبو داود (2/166) رقم1492، والبيهقي في الدعوات الكبير ص139 رقم184من طريق قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد، عن أبيه: أن النبي"كان إذا دعا، فرفع يديه مسح وجهه بيديه
وفي رواية: خلاد بن السائب، عن أبيه، عن النبي"به، وفي أخرى: خلاد ابن السائب، عن النبي"به قال عبد الله بن الإمام أحمد عقب رواية هذا الحديث:وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث وأبي حَسِبَ قتيبة وَهِمَ فيه، يقولون: عن خلاد بن السائب، عن أبيها وقال الحافظ المزي في تحفة الأشراف (9/107) رقم11828:رواه يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيني، عن ابن لهيعة، عن حَبان بن واسع بن حَبان، عن خلاد بن السائب، عن النبي"وقال غيره: عن خلاد بن السائب، عن أبيه، عن النبي"وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف (9/106) 11828:
حديث مسح الوجه بعد الدعاء وفي الصلاة: (14: 359) عن قتيبة قلت: أخرجه جعفر الفريابي في كتاب الذكر، عن قتيبة، بالسند الذي أخرجه، ولكن قال: عن خلاد بن السائب، عن أبيه (بدل) السائب بن يزيد، عن أبيه وقال الحافظ أيضاً في تهذيب التهذيب (2/420) رقم729:قلت: أظن الغلط فيه من ابن لهيعة؛ لأن يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيني من قدماء أصحابه، وقد حفظ عنه حَبان بن واسع: وأما حفص بن هاشم، فليس له ذكر في شيء من كتب التواريخ، ولا ذكر أحد أن لابن عتبة ابناً يسمى حفصاً يعني أن حفصاً هذا مجهول قلت: عبد الله بن لهيعة إمام ثقة قد يهمُ أحياناً وما قاله الحافظ من كونه غلط هنا فليس ببعيد، ولعله هو القول الراجح، ولهذا رمز السيوطي في الجامع الصغير ص415 رقم6685 إلى أنه حديث حسن، وأقره عليه العلامة المناوي في فيض القدير (5/133) رقم6685، وقد نص الإمام أحمد على أن رواية قتيبة ابن سعيد عن ابن لهيعة صحيحة وعلى هذا، فإن كان شيخ ابن لهيعة هو حَبان بن واسع فالسند حسن
وأما الاختلاف في الصحابي فلا يضر السند والعلم عند الله
حديث عبد الله بن عمر
روى الجارود بن يزيد أبو الضحاك أو أبو علي العامري النيسابوري، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله":
إن ربكم حيي كريم، يستحيي أن يرفع العبد يديه، فيردهما صفراً، لا خير فيهما، فإذا رفع أحدكم يديه، فليقل: يا حي، يا قيوم، لا إله إلا أنت، يا أرحم الراحمين_ثلاث مرات_ثم إذا رَدَّ يديه، فليفرغ الخير على وجهه
أخرجه الطبراني في الكبير (12/423) رقم13557، وأبو أحمد بن عدي في الكامل (2/595) قال الهيثمي في المجمع (10/169): رواه الطبراني، وفيه الجارود بن يزيد وهو متروك ونقل ابن عدي عن الإمام البخاري أنه قال: منكر الحديث وعن النسائي: متروك الحديث
وقال الخليلي في الإرشاد (2/806) رقم707: ضعفوه، ونقم عليه روايته حديث أترعون عن ذكر الفاجر، متى يعرفه الناس؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس أي أنه تفرد به وقد أجيب عن تفرده بهذا الحديث، قال أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد (7/262) رقم3745:
أخبرنا علي بن طلحة المقرئ، أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد الهمذاني الحافظ، قال: حدثنا القاسم ابن بندار بن أبي صالح الهمذاني، قال: سمعت عمر بن مدرك_وأنا بريء من عهدته_يقول: كنا في مجلس مكي بن إبراهيم، فقام رجل، فقال: يا أبا السكن، هاهنا رجل يقال له: الجارود، روى عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده: أترعون عن ذكر الفاجر الحديث؟ فقال: ما تنكرون هذا ؟ إن الجارود رجل غني كثير الصدقة مستغن عن الكذب، هذا معمر قد تفرد عن بهز بن حكيم بأحاديث إسناده ضعيف، رجاله ثقات، ماعدا عمر بن مدرك، وهو القاص البلخي الرازي قال الذهبي: ضعيف، ونقل عن ابن معين أنه قال: كذاب/ ميزان الاعتدال (3/223) رقم6214 ثم قال أبو بكر الخطيب في المصدر نفسه: أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أخبرنا أبو سعيد بن رميح النسوي،قال: سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام يقول: قال أحمد بن سيار: روى الجارود بن يزيد العامري، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله: أترعون عن ذكر الفاجر وأنكر عليه، وقد سمعت يوسف_وكان طلابة_يذكر أنه رأى هذا الحديث في كتاب مكي بن إبراهيم، قال: وامتنع أن يحدث به، فقيل له، في ذلك؟ فقال: أما ترى ما لقي فيه الجارود رجال إسناده ثقات يوسف هو ابن عيسى بن دينار الزهري، ثقة فاضل، وأحمد بن سيار هو ابن أيوب أبو الحسن المروزي، فقيه ثقة حافظ، وأبو سعيد بن رميح هو أحمد بن محمد بن رميح بن عصمة النخعي النسوي ثم المروزي ثقة ثبت حافظ مأمون، صاحب تصانيف وأما أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام فلم أقف له على ترجمة ويشهد لحديث الجارود قول الإمام عبد الرزاق في مصنفه (2/252) رقم3256: باب مسح الرجل وجهه بيده إذا دعا:
عن ابن جريج، عن يحيى بن سعيد، أن ابن عمر كان يبسط يديه مع القاص، وذكروا أن من مضى كانوا يدعون، ثم يردون أيديهم على وجوههم؛ ليردوا الدعاء والبركة قال عبد الرزاق: رأيت أنا معمراً يدعو بيديه عند صدره، ثم يرد بيديه، فيمسح وجهه إسناده صحيح، رجاله ثقات حفاظ أئمة ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز الإمام ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل وقد عنعن هنا، ولكنه ممن احتمل الأئمة تدليسه، فلا تضر عنعنته، قاله العلائي في جامع التحصيل ص113/ يعني لإمامته ويحيى بن سعيد هو الأنصاري شيخ الإسلام، العلامة المجود الحافظ، الثبت الثقة المأمون، أثبت الناس الحجة راوي حديث إنما الأعمال بالنيات، قد رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب_رضي الله عن الجميع_ قاله الحافظ الذهبي عن الحاكم وقال الذهبي أيضاً: جعفر بن عون: أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: رأيت ابن عمر رافعاً يديه إلى منكبيه، عند القاص جعفر بن عون هو القرشي المخزومي الكوفي، ثقة أحد الأثبات القاص: هو الذي يأتي بالقصة على وجهها، كأنه يتتبع معانيها وألفاظها قاله ابن الأثير يعني أن ابن عمر يرفع يديه بالدعاء عند القاص الذي يعظ الناس بما يقصه عليهم من المواعظ والله أعلم مرسل الزهري قال عبد الرزاق في المصنف (2/247) رقم3234:
عن معمر، عن الزهري، قال: كان رسول الله"يرفع يديه عند صدره في الدعاء، ثم يمسح بهما وجهه ثم قال بعده برقم3235:
وربما رأيت معمراً يفعله، وأنا أفعله ثم أعاده في (3/123) رقم5003 بقوله:عن معمر، عن الزهري، قال: كان رسول الله"يرفع يديه بحذاء صدره إذا دعا، ثم يمسح بهما وجهه قال: ورأيت معمراً يفعله
قلنا لعبد الرزاق: أترفع يديك إذا دعوت في الوتر؟ قال: نعم في آخره
قلت: وكون إمام مثل الزهري يجزم بأن النبي"يفعل المسح المذكور يدل على أن له أصلاً مرسل الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث
قال الطبراني في كتاب الدعاء (2/887) رقم214:
حدثنا أبو مسلم الكجي، ثنا القعنبي، ثنا عيسى بن يونس، عن إبراهيم بن يزيد، عن الوليد بن عبد الله، أن النبي"قال: إذا رفع أحدكم يديه يدعو، فإن الله_عز وجل_جاعل فيهما بركة، ورحمة، فإذا فرغ من دعائه فليمسح بهما وجهه إسناده ضعيف جداً إبراهيم بن يزيد هو الخوزي متروك الحديث، لكن قال أبو أحمد بن عدي (1/230): وهو في عداد من يكتب حديثه، وإن كان قد نسب إلى الضعف
ويشهد لذلك أيضاً قول الإمام البخاري في الأدب المفرد ص214 رقم609 (ث152): باب رفع الأيدي في الدعاء:
حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فليح، قال: أخبرني أبي، عن أبي نعيم_وهو وهب_قال: رأيت ابن عمر وابن الزبير يدعوان يديران بالراحتين على الوجه إسناده حسن فهذا ما وقفت عليه من الأحاديث الواردة في مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من رفعهما بالدعاء، وهي_كما مرَّ_ستة أحاديث: أربعة منها متصلة مرفوعة، واثنان مرسلان مرفوعان، وبعض رجال أسانيدها لا تقوم بهم الحجة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:وأما مسحه وجهه بيديه، فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان، لا يقوم بهما حجة والله أعلم قلت: قد صحح بعض أئمة العلم في الحديث بعضها، وبعضهم حسنها، وهم ممن قَعَّدَ قواعد مصطلح علم الحديث، مثل الحافظ ابن حجر والسيوطي والأمير الصنعاني وغيرهم كما تقدم"
بعد أن فرغ المؤلف من بيان عيوب كل رواية بذكر العيب فى السند وجدناه عنون الفصل التالى بحكم العمل بهذه الأحاديث الواردة في مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من رفعهما بالدعاء فذكر أن رغم عدم ثبوت حديث فى الأمر إلا أنه يجوز العمل بمعنى الروايات ونقل فى ذلك نقولا كثيرة عن الفقهاء والمحدثين فقال :
"اعلم_رحمك الله_أن مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء من فضائل الأعمال وعلمت_مما تقدم_أن بعض أسانيد الأدلة الواردة بالعمل بها لا تقوم بهم الحجة، إلا أن أهل العلم بالحديث، وعلله، نقلوا اتفاق أهل العلم على جواز العمل بها، واستحبابه، وإليك أمثلة لذلك:
قال علي القارئ في مرقاة المفاتيح (2/640) في حديث ابن عباس فإذا فرغتم، فامسحوا بها أي: بأكفكم وجوهكم؛ فإنها تنزل عليها آثار الرحمة، فتصل بركتها إليها، قال ابن حجر: رأيت ذلك في حديث وهو الإفاضة عليه مما أعطاه الله_تعالى_تفاؤلاً بتحقق الإجابة، وقول ابن عبد السلام: لا يسن مسح الوجه بهما ضعيف؛ إذ ضعف حديث المسح لا يؤثر؛ لما تقرر أن الضعيف حجة في الفضائل اتفاقاً وفيه أن الجزري عدَّ في الحصن من جملة آداب الدعاء: مسح وجهه بيديه بعد فراغه
ونقل هذا القول السَّهارنفوري في بذل المجهود (7/334) عن القارئ، عن ابن حجر وقال المبارك فوري عبيد الله في مرقاة المفاتيح (7/362) في حديث ابن عباس:وفيه استحباب مسح اليدين بالوجه عقب الدعاء، واتفقوا على ذلك خارج الصلاة، وأما في الصلاة، فقال البيهقي (2/212) بعد روايته أثر عمر في رفع اليدين في القنوت:
أما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء، فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة وقال النووي في المجموع شرح المهذب (2/97):
قلت: وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال، ويعمل بمقتضاها وقال محمد بن نصر المروزي، بعد أن أورد أحاديث المسح المذكورة:ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث وقال في مقدمة الأربعين النووية ص4:
وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال
وقال الملا علي القارئ في الموضوعات الكبرى ص315:والضعيف يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقاً وقال النووي في الأذكار ص4: فصل: قال العلماء من المحدثين، والفقهاء، وغيرهم: يجوز العمل في الفضائل، والترغيب والترهيب، بالحديث ما لم يكن موضوعاً، وأما الأحكام، كالحلال، والحرام، والبيع، والنكاح، والطلاق، وغير ذلك، فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح، أو الحسن، إلا أن يكون في احتياط شيء من ذلك
وقال الحافظ الإمام السخاوي في الأجوبة المرضية (3/1071) رقم303، بعد أن ذكر أدلة مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:
ومفرداتها، وإن كانت ضعيفة، فبمجموعها ثبتت السنة والله الموفق "
كل سبق ذكره من آراء القوم لا يساوى جناح بعوضة فى وحى الله فكيف نتفق على أن فلان وعلان جميعا لا يوثق بكلامهم ومع هذا نتفق على قبول كلامهم؟
هل أى قاضى يحكم على كذب فلان وعلان جميعا ومع هذا يعاقب المتهم بناء على كذبهم ؟
هل يجوز هذا ؟
كيف نجلس على سطح بيت بنى بحجارة مزينة من الخارج وفارغة من الداخل ونحن نعلم أنه سيسقط بنا
كيف نقول أن كاذب وكاذب وكاذب كذبتهم صادقة لكثرة الكاذبين الذين كذبوا الكذبة ؟
ألسنا بذلك نضحك على أنفسنا ونخالف القاعدة عندما نقول أن النصارى كاذبين رغم كثرتهم فى ألوهية المسيح(ص)او اليهود كاذبين فى ألوهية عزيرا؟
كثرة الكاذبين او أصحاب العيب القولى لا تثبت شيئا فى دين الله
القوم رغم عمل الكثير منهم بالقضاء ومعرفتهم أن الحكم لا يثبت إلا بالعدد المطلوب واتفاق الشهود كما فى جريمة الزنى فقد يشهد ثلاثة على زنى فلان وفلانة وقد يكونوا صادقين فى شهادتهم ومع هذا لا تقبل شهادتهم ويجلدون ثمانين جلدة رغم صدقهم لأن عدد الشهود لم يصل إلى أربعة تطبيقا لقوله تعالى :
"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"
إذا الرواية لا تقبل طالما لا يوجد العدد المطلوب والأهم أن تكون الرواية صادقة بمعنى أن تتفق مع وحى الله فرفع اليدين فى الدعاء يخالف كون الله ليس له جهة فكيف نرفع أيدينا للسماء إذا كان الله ليس له جهة مصداق لقوله تعالى بسورة الشورى "ليس كمثله شىء" ولو كان الله فى جهة السماء لأشبه خلقه فى كونه له جهة مثلهم وهو ما يتنافى مع قوله بسورة الشورى "ليس كمثله شىء ".
ثم ما الفائدة التى يجنيها الداعى من مسح وجهه بيديه عند الدعاء ؟
لا توجد فائدة فيما نعلم وفيما يعلم غيرنا
والأغرب فى البحث هو أن الباحث بعد أن قال بجواز العمل بتلك الروايات تبعا لأقوال القوم ذكر أحاديث مناقضة للأحاديث موضوع الكتاب فالأحاديث السابقة حكمها رفع اليدين فى الدعاء بينما الأحاديث القادمة حكمها رفع الإصبع السبابة فى الدعاء وهى كما ذكرها المؤلف:
_وترجمه الحاكم في المستدرك (1 / 536) بلفظ:مسح الوجه باليدين بعد الدعاء روى ابن أبي شيبة (2 / 147)، وأحمد (4/261):
من طريق محمد بن فضيل، ثنا حصين بن عبد الرحمن، عن عُمارة بن رُوَيْبَة الثقفي، أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، يشير بأصبعيه_يدعو_فقال عمارة: لعن الله هاتين اليديتين، رأيت رسول الله"على المنبر يدعو وهو يشير بأصبع ولفظ أحمد: لعن الله هاتين اليُديتين ورواه أحمد (4 / 135، 136)، والدارمي ص366، والنسائي في المجتبى (3 / 108)، والكبرى (1 / 531) رقم1715:
من طريق سفيان الثوري، عن حصين بن عبد الرحمن به وفيه:
رأيت رسول الله"على المنبر يوم الجمعة، وما يقول: إلا هكذا_وأشار بأصبعه_ وفي رواية: وأشار بأصبعيه السبابة ولفظ الدارمي: وأشار بالسبابة عند الخاصرة ورواه ابن أبي شيبة (2/147) ومن طريقه مسلم (2/595) رقم874، وابن خزيمة في الصحيح (2/352) رقم1451، وابن حبان في صحيحه (3/165) رقم882، قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابن إدريس، عن حصين به، ولفظه:
رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر، فقال: قبح الله هاتين اليدين؛ لقد رأيت رسول الله"ما يزيد على أن يقول بيديه هكذا_وأشار بأصبعيه المسبحة_(ولفظ مسلم: ) بيده ورواه أحمد في المسند (4 / 136):
من طريق زهير، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، قال: كنت إلى جنب عمارة بن رويبة وبشر يخطب، فلما دعا رفع يديه، فقال عمارة_يعني:
قبح الله هاتين اليدين أو هاتين اليُدتين رأيت رسول الله"وهو يخطب إذا دعا يقول: هكذا_ورفع السبابة وحدها_ورواه أبو داود في سننه (1 / 662) رقم1104:حدثنا محمد بن يونس، حدثنا زائدة، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: رأى عمارة بن رويبة بشر بن مروان وهو يدعو في يوم الجمعة، فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله"وهو على المنبر ما يزيد على هذه_يعني السبابة التي تلي الإبهام
ورواه الترمذي في سننه (2 / 391) رقم515:من طريق هشيم، أخبرنا حصين، قال: سمعت عمارة بن رويبة الثقفي، وبشر بن مروان يخطب، فرفع يديه في الدعاء، فقال عمارة: فبح الله هاتين اليُديتين القصيرتين؛ لقد رأيت_رسول الله عليه وسلم_، وما يزيد على أن يقول هكذا وأشار هشيم بالسبابة وقال: هذا حديث حسن صحيح
وأخرجه الدارمي في سننه ص366: من طريق أبي زبيد، حدثنا حصين به، ولفظه: قبح الله هذه اليدين، لقد رأيت رسول الله"على المنبر وما يشير إلا بأصبعيه ورواه النسائي في الكبرى (1 / 531) رقم1714
من طريق أبي عوانة، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: رأيت بشر بن مروان يوم الجمعة يرفع يديه، فقال عمارة بن رويبة: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله"ما يزيد على هذا، وأشار أبو عوان..، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه رواه أحمد في المسند (3/181)، والبخاري في الصحيح (2/21)، ومسلم في الصحيح (2/612) رقم7_895، والنسائي في المجتبى (3/158)، وفي الكبرى (1/558) رقم1817، من طريق يحيى بن سعيد القطان، حدثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، أن أنساً حدثهم، قال: فذكره
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: ما رأيت رسول الله"شاهراً يديه قط يدعو على منبره، ولا على غيره، ولكن رأيته يقول هكذا_وأشار بالسبابة، وعقد الوسطى بالإبهام أخرجه أحمد (5/337)، وأبوداود في السنن (1/662) رقم1105، وابن أبي شيبة في المصنف (2/486)، و (10/377) رقم9721، وابن خزيمة في الصحيح (2/351) رقم1450، والحاكم في المستدرك (1/536)، وأبويعلى في مسنده (13/545) رقم7551، من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ابن أبي ذُباب، عن سهل بن سعد به
هذا لفظ أبي داود، وابن خزيمة، إلا أنه قال: وأشار بأصبعه السبابة يحركها، ولفظ أحمد مثله إلا أنه قال: ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه، ويشير بأصبعه إشارة وعند ابن أبي شيبة: ولقد رأيت يديه حذو منكبيه ويدعو وعند الحاكم: كان يجعل أصبعيه بحذاء منكبيه، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد: وأقره الذهبي قلت: إسناده ضعيف عبد الرحمن بن معاوية هو ابن الحويرث الزرقي المدني صدوق سيء الحفظ، قاله الحافظ في التقريب "
والأغرب أن يذكر المؤلف حديث يناقض الحكمين وهو حكم ثالث مفاده ان رفع اليدين فى الدعاء محرم إلا فى صلاة الاستسقاء وهو:
"وعن أنس بن مالك_رضي الله عنهما_قال: لم يكن رسول الله"يرفع يديه في شيء من دعائه_وقال يحيى مرة: من الدعاء إلا في الاستسقاء"
ومما يثير الضحك أن يكون هناك حكم رابع فى الروايات وهو حرمة رفع اليدين فى الدعاء وروايته هى:
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (2/147):
حدثنا ابن نمير، وأبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق قال: رفع الإمام يوم الجمعة يديه على المنبر، فرفع الناس أيديهم، فقال مسروق: قطع الله أيديهم إسناده صحيح، رجاله ثقات
وهذه هى الرواية هى التى توافق وحى الله
ومع ما سبق من ذكر المؤلف للروايات ونقيضها فى مسألة واحدة لا تحتمل سوى حكم واحد إلا أنه عاد وأثبت حكم رفع اليدين وذكر نقولا عن القوم بقوله:
"اعلم_رحمك الله_أن رفع اليدين بالدعاء ثابت قطعاً، جاءت به الأحاديث الكثيرة في الصحيحين وغيرهما في حالات ووقائع تفوت الحصر، وقد ذكر بعض أهل العلم أنها متواترة، وخذ طائفةً من النقول عنهم في ذلك:
1_قال النووي في شرح مسلم (6/190) في حديث أنس: أن النبي"كان لا يرفع يديه من دعائه إلا في الاستسقاء الحديث: هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع " إلا في الاستسقاء، وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه " في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء، وهي أكثر من أن تحصر، وقد جمعت منها نحواً من ثلاثين حديثاً من الصحيحين أو أحدهما، وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب
ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء، أو أن المراد لم أره رفع، وقد رآه غيره رفع، فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة، وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك، ولابد من تأويله؛ لما ذكرناه والله أعلم وقال في شرح المهذب (3/450):
وفي المسألة أحاديث كثيرة، غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية، والمقصود أن يعلم أن من ادعى حصر المواضع التي وردت الأحاديث بالرفع فيها_فهو غالط غلطاً فاحشاً والله_تعالى_أعلم
2_وقال الإمام البخاري في جزء رفع اليدين بتخريج السندي ص 187 رقم99، بعد أن روى طائفة منها:وهذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله"وأصحابه، لا يخالف بعضها بعضاً، وليس فيها تضاد؛ لأنها في مواطن مختلفة
3_وقال الحافظ في فتح الباري (2/507) و (11/142) في حديث أنس الوارد في الاستسقاء:وقد استدل به المصنف_يعني البخاري_في الدعوات على رفع اليدين في كل دعاء، وفي الباب عدة أحاديث
جمعها المنذري في جزء مفرد، وأورد النووي في صفة الصلاة في شرح المهذب قدر ثلاثين حديثاً / قلت:
4_وعدّها السيوطي من المتواتر، فقال في تدريب الراوي (2/180) في أمثلة المتواتر:
ومنه ما تواتر معناه، كأحاديث رفع اليدين بالدعاء، فقد ورد عنه"نحو مائة حديث، فيه رَفَعَ يديه في الدعاء، وقد جمعتها في جزء، لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها_وهو الرفع عند الدعاء_تَوَاتَرَ باعتبار المجموع
5_وقال أبو الفيض الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 113: كتاب الأذكار والدعوات ثم أخذ يمثل إلى أن قال:
أحاديث رفع اليدين في الدعاء، تقدم عن السيوطي في إتمام الدراية بشرح النقاية، قال: وقد جمعت جزءاً في حديث رفع اليدين في الدعاء، فوقع لي من طرقٍ تبلغ المائة"
ومن هذه النقول يتبين أن القوم اختلفوا فى كيفية رفع اليدين وفى أى الأمور ترفع وأما ما نفاه المؤلف فهو مسح الدين فى الوجه فى الصلاة فقط حيث قال :
"اعلم أن المسح المذكور لم يرد منه شيء يدل على أنه يفعل داخل الصلاة_فيما أعلم_فينبغي الاقتصار على ما ورد، وقد صرح بهذا الإمام البيهقي حيث يقول:
فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء، فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، وقد روي فيه عن النبي"حديث فيه ضعف، وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة، وأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح، ولا أثر ثابت، ولا قياس، فالأولى أن لا يفعله، ويقتصر على ما فعله به السلف_رضي الله عنهم_من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة"
مما سبق أن يتضح تناقض الروايات فى الحكم وأنه لا تتفق سوى رواية وحيدة يتيمة فى هذا البحث مع المفهوم من قوله تعالى "ليس كمثله شىء" وهو أن الله ليس له جهة معينة كالخلق
وأحاديث إثبات جهة العلو لله هناك أحاديث أخرى تنفيها كحديث وضع السموات على إصبع والأرض على إصبع
موضوع الكتاب هو مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء وقد توصل المؤلف إلى أنه لم يثبت أى رواية فى الموضوع فكل الأسانيد بها علة من علل الإسناد مثل وجود منكر الحديث ومثل ضعاف الحديث ومثل المجاهيل
وقد قام الباحث بتفصيل أسانيد الموضوع فقال:
"أما حديث ابن عباس_رضي الله عنهما_فأخرجه ابن ماجه في السنن (1/373) رقم1181, (2/1272) رقم3866، والحاكم في المستدرك (1/536)، ومحمد بن نصر المروزي في الوتر ص167 رقم321، وابن حبان في المجروحين ترجمة صالح بن حسان ص364، والبغوي في شرح السنة (5/203) رقم1399،1400، والطبراني في الكبير (10/388) رقم10779، وأبو أحمد بن عدي في الكامل (4/1369)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/356)، وعبد بن حميد في المسند (1/600) رقم714، من طرق عن صالح بن حسان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله": إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك، ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك
وفي رواية: إذا سألتم الله، فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، وامسحوا بوجوهكم قال البغوي: ضعيف صالح بن حسان المدني الأنصاري منكر الحديث، قاله البخاري وقال ابن أبي حاتم في العلل (3/180) رقم2572: قال أبي: حديث منكر وسكت عليه الحاكم والذهبي وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/390) رقم1181_417: هذا إسناد ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف صالح بن حسان لكن السيوطي رمز لصحته كما في الجامع الصغير (ص289 رقم4706)، ورمز لحسنه في موضع آخر ص43 رقم604 من الجامع الصغير، ورقم664 وأخرجه أبو داود في السنن (2/163) رقم1485، والبيهقي في السنن (2/212)، والدعوات الكبرى ص138 رقم183
من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي به قال أبو داود: رُوي هذا الحديث من غير وجه، عن محمد بن كعب، كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضاً
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في الوتر ص169 رقم322، وإسحاق بن راهويه كما في نصب الراية للزيلعي (3/52)
من طريق عيسى بن ميمون، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس_رضي الله عنهما_عن رسول الله"قال: إذا سألتم الله، فاسألوه ببطون أكفكم، ثم لا تردوها حتى تمسحوا بها وجوهكم
وفي رواية: فإن الله جاعل فيها بركة قال محمد بن نصر المروزي: عيسى بن ميمون_هذا الذي روى حديث ابن عباس_ليس هو ممن يحتج بحديثه، وكذلك صالح بن حسان
طرق أخرى:قال الحافظ المزي في تحفة الأشراف (5/335) رقم6448: هذا حديث مشهور، من رواية أبي المقدام هشام بن زياد، عن محمد بن كعب ورواه الناس عنه مطولاً، ومختصراً ورواه هلال بن العلاء الرقي، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: ثنا طلحة بن زيد، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: قدم محمد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز بعد ما ولي الخلافة فذكره بطوله ونقل الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد (مسند ابن عباس ص160 رقم2019) هذين السندين والمتن عن شيخه المزي قلت: حديث ابن عباس_رضي الله عنهما_هذا رواه عن محمد بن كعب القرظي خمسة رجال، وهم: صالح بن حسان، وعيسى بن ميمون، وأبو المقدام هشام بن زياد، وهؤلاء الثلاثة لا يحتج بواحد منهم_كما رأيت_ورواه حسان بن عطية، وهو ثقة فقيه عابد، لكن في الطريق إليه طلحة بن زيد أبو مسكين وهو متروك الحديث والخامس الرجل المبهم، لكن قال الحافظ في التقريب في باب المبهمات: يقال: هو أبو المقدام هشام بن زياد وعلى هذا، فلا يزال الحديث ضعيفاً جداً؛ لأنه لا يقوي بعضهم بعضاً، لكن قال العلامة المناوي في فيض القدير (1/445) رقم604 في حكمة مشروعية المسح المذكور: وحكمته، كما ورد في حديث الإفاضة عليه، مما أعطاه الله_تعالى_تفاؤلاً بتحقق الإجابة، وأن كفيه قد ملئتا خيراً، فأفاض منه عليه، فَفِعْلُ ذلك سنة، كما جرى عليه في التحقيق وغيره تمسكاً بعدة أخبار، هذا منها، وهي_وإن ضعفت أسانيدها_تقوت بالإجماع
وأما حديث عمر بن الخطاب فأخرجه الإمام الترمذي في الجامع (5/464) رقم3386، والحاكم في المستدرك (1/536)، وعبد بن حميد في المنتخب (1/90) رقم39، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/356) رقم1406، والطبراني في الدعاء (2/886) رقم212، 213، والأوسط (8/25) رقم7049من طريق حماد بن عيسى الجهني، عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب_رضي الله عنهم_، عن أبيه عبد الله، عن جده عمر بن الخطاب، قال:كان رسول الله"إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به، وهو قليل الحديث، وقد حدث عنه الناس، وحنظلة بن أبي سفيان هو ثقة، وثَّقَهُ يحيى بن سعيد القطان وفي بعض النسخ جاء فيها الاقتصار على: (غريب) فقط كما في تحفة الأحوذي (9/328) رقم3446، وتحفة الأشراف للحافظ المزي (8/58) رقم10530، وسكت عليه الحاكم والذهبي
قلت: قال الحافظ في بلوغ المرام ص312 رقم1581: وله شواهد، منها: حديث ابن عباس عن أبي داود وغيره، ومجموعهما يقضي بأنه حديث حسن وأقره الأمير الصنعاني في سبل السلام (4/624) رقم1453، فقال:أخرجه الترمذي وله شواهد، منها: حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره، ومجموعهما يقضي بأنه حديث حسنا قلت: رجال إسناده ثقات، رجال الصحيح، غير حماد بن عيسى الجهني_وهو غريق الجحفة_ قال فيه الحافظ الذهبي في الميزان (1/598) رقم2263:ضعفه أبو داود، وأبو حاتم، والدارقطني ولم يتركه قلت: ترجمه الدارقطني في الضعفاء ص299 رقم165، وسكت عليه وقال الحافظ المزي في تهذيب الكمال (7/282) رقم1486: قال ابن معين: شيخ صالح قال الأمير الصنعاني في سبل السلام (4/624)رقم453:فيه دليل على مشروعية مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء قيل: وكأن المناسبة: أنه_تعالى_لما كان لا يردهما صفراً، فكأن الرحمة أصابتهما، فناسب إفاضة ذلك على الوجه الذي هو أشرف الأعضاء، وأحقها بالتكريم وأما حديث يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، فأخرجه الإمام أحمد (4/221)، وأبو داود (2/166) رقم1492، والبيهقي في الدعوات الكبير ص139 رقم184من طريق قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد، عن أبيه: أن النبي"كان إذا دعا، فرفع يديه مسح وجهه بيديه
وفي رواية: خلاد بن السائب، عن أبيه، عن النبي"به، وفي أخرى: خلاد ابن السائب، عن النبي"به قال عبد الله بن الإمام أحمد عقب رواية هذا الحديث:وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث وأبي حَسِبَ قتيبة وَهِمَ فيه، يقولون: عن خلاد بن السائب، عن أبيها وقال الحافظ المزي في تحفة الأشراف (9/107) رقم11828:رواه يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيني، عن ابن لهيعة، عن حَبان بن واسع بن حَبان، عن خلاد بن السائب، عن النبي"وقال غيره: عن خلاد بن السائب، عن أبيه، عن النبي"وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف (9/106) 11828:
حديث مسح الوجه بعد الدعاء وفي الصلاة: (14: 359) عن قتيبة قلت: أخرجه جعفر الفريابي في كتاب الذكر، عن قتيبة، بالسند الذي أخرجه، ولكن قال: عن خلاد بن السائب، عن أبيه (بدل) السائب بن يزيد، عن أبيه وقال الحافظ أيضاً في تهذيب التهذيب (2/420) رقم729:قلت: أظن الغلط فيه من ابن لهيعة؛ لأن يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيني من قدماء أصحابه، وقد حفظ عنه حَبان بن واسع: وأما حفص بن هاشم، فليس له ذكر في شيء من كتب التواريخ، ولا ذكر أحد أن لابن عتبة ابناً يسمى حفصاً يعني أن حفصاً هذا مجهول قلت: عبد الله بن لهيعة إمام ثقة قد يهمُ أحياناً وما قاله الحافظ من كونه غلط هنا فليس ببعيد، ولعله هو القول الراجح، ولهذا رمز السيوطي في الجامع الصغير ص415 رقم6685 إلى أنه حديث حسن، وأقره عليه العلامة المناوي في فيض القدير (5/133) رقم6685، وقد نص الإمام أحمد على أن رواية قتيبة ابن سعيد عن ابن لهيعة صحيحة وعلى هذا، فإن كان شيخ ابن لهيعة هو حَبان بن واسع فالسند حسن
وأما الاختلاف في الصحابي فلا يضر السند والعلم عند الله
حديث عبد الله بن عمر
روى الجارود بن يزيد أبو الضحاك أو أبو علي العامري النيسابوري، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله":
إن ربكم حيي كريم، يستحيي أن يرفع العبد يديه، فيردهما صفراً، لا خير فيهما، فإذا رفع أحدكم يديه، فليقل: يا حي، يا قيوم، لا إله إلا أنت، يا أرحم الراحمين_ثلاث مرات_ثم إذا رَدَّ يديه، فليفرغ الخير على وجهه
أخرجه الطبراني في الكبير (12/423) رقم13557، وأبو أحمد بن عدي في الكامل (2/595) قال الهيثمي في المجمع (10/169): رواه الطبراني، وفيه الجارود بن يزيد وهو متروك ونقل ابن عدي عن الإمام البخاري أنه قال: منكر الحديث وعن النسائي: متروك الحديث
وقال الخليلي في الإرشاد (2/806) رقم707: ضعفوه، ونقم عليه روايته حديث أترعون عن ذكر الفاجر، متى يعرفه الناس؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس أي أنه تفرد به وقد أجيب عن تفرده بهذا الحديث، قال أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد (7/262) رقم3745:
أخبرنا علي بن طلحة المقرئ، أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد الهمذاني الحافظ، قال: حدثنا القاسم ابن بندار بن أبي صالح الهمذاني، قال: سمعت عمر بن مدرك_وأنا بريء من عهدته_يقول: كنا في مجلس مكي بن إبراهيم، فقام رجل، فقال: يا أبا السكن، هاهنا رجل يقال له: الجارود، روى عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده: أترعون عن ذكر الفاجر الحديث؟ فقال: ما تنكرون هذا ؟ إن الجارود رجل غني كثير الصدقة مستغن عن الكذب، هذا معمر قد تفرد عن بهز بن حكيم بأحاديث إسناده ضعيف، رجاله ثقات، ماعدا عمر بن مدرك، وهو القاص البلخي الرازي قال الذهبي: ضعيف، ونقل عن ابن معين أنه قال: كذاب/ ميزان الاعتدال (3/223) رقم6214 ثم قال أبو بكر الخطيب في المصدر نفسه: أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أخبرنا أبو سعيد بن رميح النسوي،قال: سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام يقول: قال أحمد بن سيار: روى الجارود بن يزيد العامري، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله: أترعون عن ذكر الفاجر وأنكر عليه، وقد سمعت يوسف_وكان طلابة_يذكر أنه رأى هذا الحديث في كتاب مكي بن إبراهيم، قال: وامتنع أن يحدث به، فقيل له، في ذلك؟ فقال: أما ترى ما لقي فيه الجارود رجال إسناده ثقات يوسف هو ابن عيسى بن دينار الزهري، ثقة فاضل، وأحمد بن سيار هو ابن أيوب أبو الحسن المروزي، فقيه ثقة حافظ، وأبو سعيد بن رميح هو أحمد بن محمد بن رميح بن عصمة النخعي النسوي ثم المروزي ثقة ثبت حافظ مأمون، صاحب تصانيف وأما أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام فلم أقف له على ترجمة ويشهد لحديث الجارود قول الإمام عبد الرزاق في مصنفه (2/252) رقم3256: باب مسح الرجل وجهه بيده إذا دعا:
عن ابن جريج، عن يحيى بن سعيد، أن ابن عمر كان يبسط يديه مع القاص، وذكروا أن من مضى كانوا يدعون، ثم يردون أيديهم على وجوههم؛ ليردوا الدعاء والبركة قال عبد الرزاق: رأيت أنا معمراً يدعو بيديه عند صدره، ثم يرد بيديه، فيمسح وجهه إسناده صحيح، رجاله ثقات حفاظ أئمة ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز الإمام ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل وقد عنعن هنا، ولكنه ممن احتمل الأئمة تدليسه، فلا تضر عنعنته، قاله العلائي في جامع التحصيل ص113/ يعني لإمامته ويحيى بن سعيد هو الأنصاري شيخ الإسلام، العلامة المجود الحافظ، الثبت الثقة المأمون، أثبت الناس الحجة راوي حديث إنما الأعمال بالنيات، قد رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب_رضي الله عن الجميع_ قاله الحافظ الذهبي عن الحاكم وقال الذهبي أيضاً: جعفر بن عون: أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: رأيت ابن عمر رافعاً يديه إلى منكبيه، عند القاص جعفر بن عون هو القرشي المخزومي الكوفي، ثقة أحد الأثبات القاص: هو الذي يأتي بالقصة على وجهها، كأنه يتتبع معانيها وألفاظها قاله ابن الأثير يعني أن ابن عمر يرفع يديه بالدعاء عند القاص الذي يعظ الناس بما يقصه عليهم من المواعظ والله أعلم مرسل الزهري قال عبد الرزاق في المصنف (2/247) رقم3234:
عن معمر، عن الزهري، قال: كان رسول الله"يرفع يديه عند صدره في الدعاء، ثم يمسح بهما وجهه ثم قال بعده برقم3235:
وربما رأيت معمراً يفعله، وأنا أفعله ثم أعاده في (3/123) رقم5003 بقوله:عن معمر، عن الزهري، قال: كان رسول الله"يرفع يديه بحذاء صدره إذا دعا، ثم يمسح بهما وجهه قال: ورأيت معمراً يفعله
قلنا لعبد الرزاق: أترفع يديك إذا دعوت في الوتر؟ قال: نعم في آخره
قلت: وكون إمام مثل الزهري يجزم بأن النبي"يفعل المسح المذكور يدل على أن له أصلاً مرسل الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث
قال الطبراني في كتاب الدعاء (2/887) رقم214:
حدثنا أبو مسلم الكجي، ثنا القعنبي، ثنا عيسى بن يونس، عن إبراهيم بن يزيد، عن الوليد بن عبد الله، أن النبي"قال: إذا رفع أحدكم يديه يدعو، فإن الله_عز وجل_جاعل فيهما بركة، ورحمة، فإذا فرغ من دعائه فليمسح بهما وجهه إسناده ضعيف جداً إبراهيم بن يزيد هو الخوزي متروك الحديث، لكن قال أبو أحمد بن عدي (1/230): وهو في عداد من يكتب حديثه، وإن كان قد نسب إلى الضعف
ويشهد لذلك أيضاً قول الإمام البخاري في الأدب المفرد ص214 رقم609 (ث152): باب رفع الأيدي في الدعاء:
حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فليح، قال: أخبرني أبي، عن أبي نعيم_وهو وهب_قال: رأيت ابن عمر وابن الزبير يدعوان يديران بالراحتين على الوجه إسناده حسن فهذا ما وقفت عليه من الأحاديث الواردة في مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من رفعهما بالدعاء، وهي_كما مرَّ_ستة أحاديث: أربعة منها متصلة مرفوعة، واثنان مرسلان مرفوعان، وبعض رجال أسانيدها لا تقوم بهم الحجة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:وأما مسحه وجهه بيديه، فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان، لا يقوم بهما حجة والله أعلم قلت: قد صحح بعض أئمة العلم في الحديث بعضها، وبعضهم حسنها، وهم ممن قَعَّدَ قواعد مصطلح علم الحديث، مثل الحافظ ابن حجر والسيوطي والأمير الصنعاني وغيرهم كما تقدم"
بعد أن فرغ المؤلف من بيان عيوب كل رواية بذكر العيب فى السند وجدناه عنون الفصل التالى بحكم العمل بهذه الأحاديث الواردة في مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من رفعهما بالدعاء فذكر أن رغم عدم ثبوت حديث فى الأمر إلا أنه يجوز العمل بمعنى الروايات ونقل فى ذلك نقولا كثيرة عن الفقهاء والمحدثين فقال :
"اعلم_رحمك الله_أن مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء من فضائل الأعمال وعلمت_مما تقدم_أن بعض أسانيد الأدلة الواردة بالعمل بها لا تقوم بهم الحجة، إلا أن أهل العلم بالحديث، وعلله، نقلوا اتفاق أهل العلم على جواز العمل بها، واستحبابه، وإليك أمثلة لذلك:
قال علي القارئ في مرقاة المفاتيح (2/640) في حديث ابن عباس فإذا فرغتم، فامسحوا بها أي: بأكفكم وجوهكم؛ فإنها تنزل عليها آثار الرحمة، فتصل بركتها إليها، قال ابن حجر: رأيت ذلك في حديث وهو الإفاضة عليه مما أعطاه الله_تعالى_تفاؤلاً بتحقق الإجابة، وقول ابن عبد السلام: لا يسن مسح الوجه بهما ضعيف؛ إذ ضعف حديث المسح لا يؤثر؛ لما تقرر أن الضعيف حجة في الفضائل اتفاقاً وفيه أن الجزري عدَّ في الحصن من جملة آداب الدعاء: مسح وجهه بيديه بعد فراغه
ونقل هذا القول السَّهارنفوري في بذل المجهود (7/334) عن القارئ، عن ابن حجر وقال المبارك فوري عبيد الله في مرقاة المفاتيح (7/362) في حديث ابن عباس:وفيه استحباب مسح اليدين بالوجه عقب الدعاء، واتفقوا على ذلك خارج الصلاة، وأما في الصلاة، فقال البيهقي (2/212) بعد روايته أثر عمر في رفع اليدين في القنوت:
أما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء، فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة وقال النووي في المجموع شرح المهذب (2/97):
قلت: وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال، ويعمل بمقتضاها وقال محمد بن نصر المروزي، بعد أن أورد أحاديث المسح المذكورة:ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث وقال في مقدمة الأربعين النووية ص4:
وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال
وقال الملا علي القارئ في الموضوعات الكبرى ص315:والضعيف يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقاً وقال النووي في الأذكار ص4: فصل: قال العلماء من المحدثين، والفقهاء، وغيرهم: يجوز العمل في الفضائل، والترغيب والترهيب، بالحديث ما لم يكن موضوعاً، وأما الأحكام، كالحلال، والحرام، والبيع، والنكاح، والطلاق، وغير ذلك، فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح، أو الحسن، إلا أن يكون في احتياط شيء من ذلك
وقال الحافظ الإمام السخاوي في الأجوبة المرضية (3/1071) رقم303، بعد أن ذكر أدلة مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:
ومفرداتها، وإن كانت ضعيفة، فبمجموعها ثبتت السنة والله الموفق "
كل سبق ذكره من آراء القوم لا يساوى جناح بعوضة فى وحى الله فكيف نتفق على أن فلان وعلان جميعا لا يوثق بكلامهم ومع هذا نتفق على قبول كلامهم؟
هل أى قاضى يحكم على كذب فلان وعلان جميعا ومع هذا يعاقب المتهم بناء على كذبهم ؟
هل يجوز هذا ؟
كيف نجلس على سطح بيت بنى بحجارة مزينة من الخارج وفارغة من الداخل ونحن نعلم أنه سيسقط بنا
كيف نقول أن كاذب وكاذب وكاذب كذبتهم صادقة لكثرة الكاذبين الذين كذبوا الكذبة ؟
ألسنا بذلك نضحك على أنفسنا ونخالف القاعدة عندما نقول أن النصارى كاذبين رغم كثرتهم فى ألوهية المسيح(ص)او اليهود كاذبين فى ألوهية عزيرا؟
كثرة الكاذبين او أصحاب العيب القولى لا تثبت شيئا فى دين الله
القوم رغم عمل الكثير منهم بالقضاء ومعرفتهم أن الحكم لا يثبت إلا بالعدد المطلوب واتفاق الشهود كما فى جريمة الزنى فقد يشهد ثلاثة على زنى فلان وفلانة وقد يكونوا صادقين فى شهادتهم ومع هذا لا تقبل شهادتهم ويجلدون ثمانين جلدة رغم صدقهم لأن عدد الشهود لم يصل إلى أربعة تطبيقا لقوله تعالى :
"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"
إذا الرواية لا تقبل طالما لا يوجد العدد المطلوب والأهم أن تكون الرواية صادقة بمعنى أن تتفق مع وحى الله فرفع اليدين فى الدعاء يخالف كون الله ليس له جهة فكيف نرفع أيدينا للسماء إذا كان الله ليس له جهة مصداق لقوله تعالى بسورة الشورى "ليس كمثله شىء" ولو كان الله فى جهة السماء لأشبه خلقه فى كونه له جهة مثلهم وهو ما يتنافى مع قوله بسورة الشورى "ليس كمثله شىء ".
ثم ما الفائدة التى يجنيها الداعى من مسح وجهه بيديه عند الدعاء ؟
لا توجد فائدة فيما نعلم وفيما يعلم غيرنا
والأغرب فى البحث هو أن الباحث بعد أن قال بجواز العمل بتلك الروايات تبعا لأقوال القوم ذكر أحاديث مناقضة للأحاديث موضوع الكتاب فالأحاديث السابقة حكمها رفع اليدين فى الدعاء بينما الأحاديث القادمة حكمها رفع الإصبع السبابة فى الدعاء وهى كما ذكرها المؤلف:
_وترجمه الحاكم في المستدرك (1 / 536) بلفظ:مسح الوجه باليدين بعد الدعاء روى ابن أبي شيبة (2 / 147)، وأحمد (4/261):
من طريق محمد بن فضيل، ثنا حصين بن عبد الرحمن، عن عُمارة بن رُوَيْبَة الثقفي، أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، يشير بأصبعيه_يدعو_فقال عمارة: لعن الله هاتين اليديتين، رأيت رسول الله"على المنبر يدعو وهو يشير بأصبع ولفظ أحمد: لعن الله هاتين اليُديتين ورواه أحمد (4 / 135، 136)، والدارمي ص366، والنسائي في المجتبى (3 / 108)، والكبرى (1 / 531) رقم1715:
من طريق سفيان الثوري، عن حصين بن عبد الرحمن به وفيه:
رأيت رسول الله"على المنبر يوم الجمعة، وما يقول: إلا هكذا_وأشار بأصبعه_ وفي رواية: وأشار بأصبعيه السبابة ولفظ الدارمي: وأشار بالسبابة عند الخاصرة ورواه ابن أبي شيبة (2/147) ومن طريقه مسلم (2/595) رقم874، وابن خزيمة في الصحيح (2/352) رقم1451، وابن حبان في صحيحه (3/165) رقم882، قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابن إدريس، عن حصين به، ولفظه:
رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر، فقال: قبح الله هاتين اليدين؛ لقد رأيت رسول الله"ما يزيد على أن يقول بيديه هكذا_وأشار بأصبعيه المسبحة_(ولفظ مسلم: ) بيده ورواه أحمد في المسند (4 / 136):
من طريق زهير، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، قال: كنت إلى جنب عمارة بن رويبة وبشر يخطب، فلما دعا رفع يديه، فقال عمارة_يعني:
قبح الله هاتين اليدين أو هاتين اليُدتين رأيت رسول الله"وهو يخطب إذا دعا يقول: هكذا_ورفع السبابة وحدها_ورواه أبو داود في سننه (1 / 662) رقم1104:حدثنا محمد بن يونس، حدثنا زائدة، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: رأى عمارة بن رويبة بشر بن مروان وهو يدعو في يوم الجمعة، فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله"وهو على المنبر ما يزيد على هذه_يعني السبابة التي تلي الإبهام
ورواه الترمذي في سننه (2 / 391) رقم515:من طريق هشيم، أخبرنا حصين، قال: سمعت عمارة بن رويبة الثقفي، وبشر بن مروان يخطب، فرفع يديه في الدعاء، فقال عمارة: فبح الله هاتين اليُديتين القصيرتين؛ لقد رأيت_رسول الله عليه وسلم_، وما يزيد على أن يقول هكذا وأشار هشيم بالسبابة وقال: هذا حديث حسن صحيح
وأخرجه الدارمي في سننه ص366: من طريق أبي زبيد، حدثنا حصين به، ولفظه: قبح الله هذه اليدين، لقد رأيت رسول الله"على المنبر وما يشير إلا بأصبعيه ورواه النسائي في الكبرى (1 / 531) رقم1714
من طريق أبي عوانة، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: رأيت بشر بن مروان يوم الجمعة يرفع يديه، فقال عمارة بن رويبة: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله"ما يزيد على هذا، وأشار أبو عوان..، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه رواه أحمد في المسند (3/181)، والبخاري في الصحيح (2/21)، ومسلم في الصحيح (2/612) رقم7_895، والنسائي في المجتبى (3/158)، وفي الكبرى (1/558) رقم1817، من طريق يحيى بن سعيد القطان، حدثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، أن أنساً حدثهم، قال: فذكره
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: ما رأيت رسول الله"شاهراً يديه قط يدعو على منبره، ولا على غيره، ولكن رأيته يقول هكذا_وأشار بالسبابة، وعقد الوسطى بالإبهام أخرجه أحمد (5/337)، وأبوداود في السنن (1/662) رقم1105، وابن أبي شيبة في المصنف (2/486)، و (10/377) رقم9721، وابن خزيمة في الصحيح (2/351) رقم1450، والحاكم في المستدرك (1/536)، وأبويعلى في مسنده (13/545) رقم7551، من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ابن أبي ذُباب، عن سهل بن سعد به
هذا لفظ أبي داود، وابن خزيمة، إلا أنه قال: وأشار بأصبعه السبابة يحركها، ولفظ أحمد مثله إلا أنه قال: ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه، ويشير بأصبعه إشارة وعند ابن أبي شيبة: ولقد رأيت يديه حذو منكبيه ويدعو وعند الحاكم: كان يجعل أصبعيه بحذاء منكبيه، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد: وأقره الذهبي قلت: إسناده ضعيف عبد الرحمن بن معاوية هو ابن الحويرث الزرقي المدني صدوق سيء الحفظ، قاله الحافظ في التقريب "
والأغرب أن يذكر المؤلف حديث يناقض الحكمين وهو حكم ثالث مفاده ان رفع اليدين فى الدعاء محرم إلا فى صلاة الاستسقاء وهو:
"وعن أنس بن مالك_رضي الله عنهما_قال: لم يكن رسول الله"يرفع يديه في شيء من دعائه_وقال يحيى مرة: من الدعاء إلا في الاستسقاء"
ومما يثير الضحك أن يكون هناك حكم رابع فى الروايات وهو حرمة رفع اليدين فى الدعاء وروايته هى:
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (2/147):
حدثنا ابن نمير، وأبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق قال: رفع الإمام يوم الجمعة يديه على المنبر، فرفع الناس أيديهم، فقال مسروق: قطع الله أيديهم إسناده صحيح، رجاله ثقات
وهذه هى الرواية هى التى توافق وحى الله
ومع ما سبق من ذكر المؤلف للروايات ونقيضها فى مسألة واحدة لا تحتمل سوى حكم واحد إلا أنه عاد وأثبت حكم رفع اليدين وذكر نقولا عن القوم بقوله:
"اعلم_رحمك الله_أن رفع اليدين بالدعاء ثابت قطعاً، جاءت به الأحاديث الكثيرة في الصحيحين وغيرهما في حالات ووقائع تفوت الحصر، وقد ذكر بعض أهل العلم أنها متواترة، وخذ طائفةً من النقول عنهم في ذلك:
1_قال النووي في شرح مسلم (6/190) في حديث أنس: أن النبي"كان لا يرفع يديه من دعائه إلا في الاستسقاء الحديث: هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع " إلا في الاستسقاء، وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه " في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء، وهي أكثر من أن تحصر، وقد جمعت منها نحواً من ثلاثين حديثاً من الصحيحين أو أحدهما، وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب
ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء، أو أن المراد لم أره رفع، وقد رآه غيره رفع، فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة، وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك، ولابد من تأويله؛ لما ذكرناه والله أعلم وقال في شرح المهذب (3/450):
وفي المسألة أحاديث كثيرة، غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية، والمقصود أن يعلم أن من ادعى حصر المواضع التي وردت الأحاديث بالرفع فيها_فهو غالط غلطاً فاحشاً والله_تعالى_أعلم
2_وقال الإمام البخاري في جزء رفع اليدين بتخريج السندي ص 187 رقم99، بعد أن روى طائفة منها:وهذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله"وأصحابه، لا يخالف بعضها بعضاً، وليس فيها تضاد؛ لأنها في مواطن مختلفة
3_وقال الحافظ في فتح الباري (2/507) و (11/142) في حديث أنس الوارد في الاستسقاء:وقد استدل به المصنف_يعني البخاري_في الدعوات على رفع اليدين في كل دعاء، وفي الباب عدة أحاديث
جمعها المنذري في جزء مفرد، وأورد النووي في صفة الصلاة في شرح المهذب قدر ثلاثين حديثاً / قلت:
4_وعدّها السيوطي من المتواتر، فقال في تدريب الراوي (2/180) في أمثلة المتواتر:
ومنه ما تواتر معناه، كأحاديث رفع اليدين بالدعاء، فقد ورد عنه"نحو مائة حديث، فيه رَفَعَ يديه في الدعاء، وقد جمعتها في جزء، لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها_وهو الرفع عند الدعاء_تَوَاتَرَ باعتبار المجموع
5_وقال أبو الفيض الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 113: كتاب الأذكار والدعوات ثم أخذ يمثل إلى أن قال:
أحاديث رفع اليدين في الدعاء، تقدم عن السيوطي في إتمام الدراية بشرح النقاية، قال: وقد جمعت جزءاً في حديث رفع اليدين في الدعاء، فوقع لي من طرقٍ تبلغ المائة"
ومن هذه النقول يتبين أن القوم اختلفوا فى كيفية رفع اليدين وفى أى الأمور ترفع وأما ما نفاه المؤلف فهو مسح الدين فى الوجه فى الصلاة فقط حيث قال :
"اعلم أن المسح المذكور لم يرد منه شيء يدل على أنه يفعل داخل الصلاة_فيما أعلم_فينبغي الاقتصار على ما ورد، وقد صرح بهذا الإمام البيهقي حيث يقول:
فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء، فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، وقد روي فيه عن النبي"حديث فيه ضعف، وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة، وأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح، ولا أثر ثابت، ولا قياس، فالأولى أن لا يفعله، ويقتصر على ما فعله به السلف_رضي الله عنهم_من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة"
مما سبق أن يتضح تناقض الروايات فى الحكم وأنه لا تتفق سوى رواية وحيدة يتيمة فى هذا البحث مع المفهوم من قوله تعالى "ليس كمثله شىء" وهو أن الله ليس له جهة معينة كالخلق
وأحاديث إثبات جهة العلو لله هناك أحاديث أخرى تنفيها كحديث وضع السموات على إصبع والأرض على إصبع