رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة في خطبة دروس مستقاة من الغارة الكاسحة على ديار المسلمين
قائل الخطبة سعود الشريم وقد استهلها بالحديث عن معاناة الإنسان في الحياة فقال :
"أيها المسلمون، إن هذه الحياة بقضها وقضيضها ذات متاعب جمة وشدائد ملمة، من عاش فيها فلن يخلو من مصيبة تغشاه أو ينفك عن عجيبة تحيط به. والإنسان في معترك هذه الحياة يجاهد فيها ليسعد، ويتكفأ النوازل بكل ما أوتي من سبيل ليحيا حياة تليق بعمارته في الأرض، وكل الناس في ذلك يغدو؛ فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" ياأيها الإنسـان إنك كادح إلى ربك كدحا فملـاقيه [الانشقاق:6]."
والحق أن حياتنا ليست كلها معاناة ومتاعب وغنما ما بين السعد والشقاء كما قال تعالى:
" ونبلوكم بالخير والشر فتنة"
ولذا قال :
" وأنه هو أضحك وأبكى"
وتحدث عن وصغ النبى(ص) للدنيا فقال :
"وليس هناك وصف لهذه الدنيا أحسن من وصف النبي فيما صح عنه أنه قال: ((الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالما أو متعلما)).
والحقيقة ان الدنيا ليست ملعونة وإنما الملعون فيها هم الكفار كما قال تعالى :
"إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"
وتحدث عن صنف من الناس يستسلمون عند أى مصيبة لشيطانهم وهو هواهم فيكفرون فقال :
"وإذا كانت المدافعة في هذه الحياة تعد ضربا من جبلة الإنسان فإن فئاما من الناس يضعفون أمام معتركات الحياة، وتنهد قواهم حينما تغشاهم غير الزمن وصروفه المتقلبة على كافة مستويات الحياة بلا استثناء، فتراهم وكأنهم يصعدون ولا يلوون على أحد، والناصحون المشفقون يدعونهم في أخراهم، لكنهم آثروا أن يكونوا أسراء أوهام وأحلاس مخاوف وأقماع يأس واستكانة واستجداء بالأجنبي عنهم، فلا تجد لمعاني الأمل بصيصا في حياتهم، ولا ترى لوبيص الفأل الحسن والسعي في الإصلاح للأفضل أثرا في مفارقهم، بل غاية ما عندهم الهلع لأقل بادرة والتنازل لأول واردة والجزع عند الهمس والفرق عند اللمز، إن الإنسـان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين [المعارج: 12ـ 22]."
وتحدث عن تصارع الناس على متاع الدنيا فقال :
إن هؤلاء إنس من بني الإنسان، غير أن غائلة اليأس والقنوط والتخاذل جعلت منهم حالا أفقدتهم الاعتزاز الجاد بهويتهم وبخصائص القوة والصبر والمصابرة في الطبيعة البشرية، فصارت حالهم ترددا في العمل، واستحياء في الانتماء، ووسوسة في النتائج ولو كانت سارة، حتى ضعفت الهمم وتقاصرت العزائم، فتسابق الآبقون إلى مناكب الحياة، وتخلف معظمنا وسط مهامه المحن ودروبها، ما كان سببا أكيدا في جعل البحار تستقي من الركايا، ووصول الأصاغر إلى مرادهم حينما جلس الأكابر في الزوايا."
وتحدث عما يفعله الكفار في بلاد العالم بالمسلمين فقال :
"عباد الله، إن تداعيات الأحداث النازلة وممارسات الإكراه على ديار المسلمين من قبل أعدائهم ليست وليدة اليوم، إذ الابتلاء سنة ماضية، بل الابتلاء ليس قاصرا في الشر وحده إذ يقول تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون [الأنبياء:35]."
وتحدث كعادة علماء السلطان عن مسئولية عامة الناس والتى يتخلون عنها وهو ما وصفه بالسلبية ولم يذكر موقف الحكام فقال :
طوليست المصيبة في الابتلاء لكونه سنة ربانية ماضية، وإنما المصيبة في كيفية التعامل السلبي معه، إذ المفترض أن يكون موقف المؤمنين منه واضحا جليا من خلال الإيمان بأنه من عند الله، ثم الإدراك بأنه وإن كان ظاهره الشر إلا أنه قد ينطوي على خيرات كثيرة لمن وفقه الله لاستلهام ذلك. ولا أدل على مثل هذا من حادثة الإفك الشهيرة التي رمي فيها عرض سيد ولد آدم بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه، حيث يقول تعالى: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم [النور:11].
وصف ما يحدث من قتل وتدمير وجرح في العالم للمسلمين بأنه غارة كاسحة فقال :
"فالسعيد من الناس من اقتبس الأمل وسط هذه الزوابع، والكيس الفطن هو من استخرج لطائف المنح وسط لفائف المحن.
فالغارة الكاسحة على ديار المسلمين قد أبرزت لنا دروسا ليست بالقليلة، كان من أهمها أن المسلمين مهما بلغوا من المقام والرفعة وهدوء البال واستقرار الحال فإنهم معرضون لأي لون من ألوان الابتلاء، فعليهم أن لا يستكينوا إلى درجته ويطمئنوا إلى مكانته، وأن لا يحكمهم اليأس والقنوط في إبانه، كما أن توطين النفس على السراء دوما سبب ولا شك في التهالك عند القوارع التي تنزل بالمسلمين أو تحل قريبا من دارهم، فيقع الانحراف ويضيع الأمل بالله، ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذالك هو الخسران المبين [الحج: 11]. فالفتن ـ عباد الله ـ هي التي تصدق دعوى الإيمان أو تكذبها، ولقد صدق الله إذ يقول: ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى فى الله جعل فتنة الناس كعذاب الله [العنكبوت: 10]."
وكالعادة لا ذكر للحكام وتحدث عن الدروس المستفادة من الغارة وهو انكشاف المرتدين من المسلمين عن إسلامهم مع بقاءهم على إسلامهم في البطاقات فقال :
"ثمت درس مهم يبرز جليا إثر تلك التداعيات، ألا هو انكشاف المندسين في الصف المسلم ممن هم من بني جلدة المسلمين ويتكلمون بلغتهم، الذين يعرفون بسيماهم، ويعرفون في لحن القول، والله يعلم إسرارهم، وهم في حقيقتهم أشياع للعدو الكاسح ولدات، لا تبرز سرائرهم إلا في الفتن والحروب، مما يستدعي تنبيه المسلمين إلى أمر هو من الأهمية بمكان، إذ يتمثل في الاقتناع المبني على الاستدلال الصريح بأن الغارة على ديار المسلمين لا يلزم أن تنطلق من ميدان خارجي فحسب، فيغض الطرف عن الميدان الداخلي، إذ قد يؤتى الحذر من مأمنه. ولا جرم عباد الله، فالذين جاؤوا بالإفك في عرض النبي إنما كانوا من داخل الصف، وليسوا من خارجه. ومن هنا يأتي تمحيص الصف الإسلامي في الفتن كما ذكر سبحانه ذلك في غزوة أحد إذ يقول: وما أصـابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعنـاكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمـان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون [آل عمران: 166، 167]."
الغريب في ألمر وهو الذى لم يذكره الرجل أن هؤلاء المرتدين يظهرون في وسائل الإعلام التى تمتلكها البلاد التى يقال أن دينها الإسلام وحكامها مسلمون فمن يظهرهم فيها ؟
اعطونا عقولكم؟
إن الحكام هم من يديرون تلك المنظومة والغرض هو تحيير الناس وأن يظلوا في تخلفهم وبقاء الفساد في البلاد
وتحدث عن فساد الناس في بلادنا وأنه اعظم مما يعمله الكفار فينا فقال :
"ومن هنا ـ عباد الله ـ لا يبعد النجعة من يرى أن خطورة الإفساد من داخل المسلمين أشد من الإفساد الخارجي، وأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.
ومن قرأ كتاب الله جل وعلا بفهم وتدبر علم الحكمة من ورود ذكر المنافقين في القرآن في أكثر من خمسة وثلاثين موضعا، والذين حذر النبي من أمثالهم في آخر الزمان حينما سأله حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قائلا: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: ((نعم))، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم، وفيه دخن))، قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر))، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها))، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: ((نعم، قوم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) الحديث رواه مسلم، وفي لفظ له: ((وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس))."
وبالقطع الحديث باطل لأنه يعتمد على الغيب فالرسول(ص) لا يعرف ما يحدث في المستقبل ولا غيره كما قال الله على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
والمنافقون كانوا في عهده وكانوا يفعلون ما يفعلون ولكن الله كان يعلمه بأضرارهم في الوحى لتلافيها
ثم قال :
"هذه هي أوصافهم عباد الله، ولقد صدق الله إذ يقول فيهم: وجعلنـاهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيـامة لا ينصرون وأتبعنـاهم فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيـامة هم من المقبوحين [القصص:41، 42]."
وتحدث عن تخاذل فريق اخر واندماجهم في الفساد وتثبيطهم للفريق الذى يريد الإصلاح فقال :
"وبعد: عباد الله، فإن ثمت درسا مهما يستقى وسط أعاصير الفتن، وذلك أن استسلام بعض المسلمين لتبعات الأحداث والانخراط في سلك المتخاذلين أمامها بين مقل في ذلك أو مكثر هو خطب جلل، إذ يخطئ أمثال هؤلاء حينما يرون الشر يداهم بلاد المسلمين فينزلقون إليه ويغرقون فيه، ظانين أن بقاءهم وحدهم لا معنى له وسط هذا الزحام المتهافت، كيف لا وقد وقع الجمهور فيه وولغوا من حمئه؟! وهم يحسبون أن انتشاره في الناس كاف لتغيير حكمه ورفع التبعة عن مشتملة، ويحسبون أيضا أن الوقوف أمامه بالنصح والتوجيه ما هو إلا ضرب من ضروب الوقوف أمام سيل العرم."
وتحدث عن أن المؤمن الحق لا يهمه أى شىء سوى بيان الحق والتمكين له فقال :
والحق ـ عباد الله ـ خلاف ذلك؛ إذ المؤمن الحر هو من خرق عادات الناس، منتهجا نهج الصواب ولو كان في مجافاة الكثرة الكاثرة. فالحق والباطل لا يعرف بكثرة السالكين فيه، إذ يقول سبحانه: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين [يوسف:103]، ويقول أيضا: وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله [الأنعام:116]. ولهذا بين سبحانه وتعالى أثر الاندفاع وراء الدهماء في الفتن والسير مع الغوغاء، وأن ذلك لا يعفي أحدا من مسؤوليته، فقال سبحانه عن حادث الإفك: لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم [النور: 11]."
وكالعادة يدخلنا الرجل في متاهة ان الله سينصرنا ويكشف الخطوب والحق أن الله لا ينصر إلا من يطيعه واما من يعصونه فهو يزيدهم عذابا فوق العذاب وفى هذا قال الشريم :
"ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، ولتقبلوا على الحياة وسط هذه الزوابع باعتزاز بالدين وعزيمة وثابة وإرادة لا تلين، ولنتعود النظر إلى الجانب المضيء في طريقنا، ولنفسر الأشياء تفسيرا جميلا يبعث فينا الأمل وينشر الرجاء بالله، ولنثق ولنثق ولنثق بأن يد الله فوق أيدي المؤمنين مهما ادلهمت الأحداث وتكاثرت الخطوب، فمن نكث فإنما ينكث علىا نفسه ومن أوفىا بما عـاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما [الفتح: 10]."
وطرح سؤال هل يمكن ان يوجد بين صفوف المسلمين مفسد ومثبط ومتخاذل فقال :
وبعد: فإنه عطفا على ما سبق ذكره قد ينشأ سؤال في خلد البعض يحمله على الاستفهامات التالية: هل من المعقول حقا أن يوجد في صفوف المسلمين من يقوض مسيرتهم أو يخدش بناءهم؟! أمن المعقول أن يكون بين المسلمين من يجعل من نفسه تطوعا معول هدم لا يقل ضراوة عن معاول أعداء الإسلام؟! أمن الممكن حقا أن نصل إلى حال نعاني فيها من بني جلدتنا ما يفوق معاناتنا من أعدائنا؟!"
والحق أن من يعضى الله هو كافر ولا يمكن أن يكون مسلما مكرة أخرى إلا إذا تاب واصلح وأما من يبقى على فساده فليس بمسلم كما قال تعالى :
" ولم يصروا ما فعلوا وهم يعلمون"
وأجاب فقال :
"فالجواب أن نعم، وليس هذا بمستغرب، كيف لا وقد حدث عنه النبي وهو الصادق المصدوق كما في حديث حذيفة الآنف ذكره. ولو لم يكن الأمر كذلك لما توعد سبحانه من يقع في أتون الإغواء والإضلال بين المسلمين بقوله: إن الذين يحبون أن تشيع الفـاحشة فى الذين ءامنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون [النور: 19].
فلا غرو إذا ـ عباد الله ـ أن تكون هناك أقلام كالمأجورة جعلت من بنان ممسكيها أجراء لفكر منقوص أو متطوعين لتعويق مسيرة الإسلام الخالدة، بثوا نطف أفكارهم لإيلاد أطفال دهاليز منفلين لكل لاقط، يشككون من خلالها في ثوابت الدين تارة، ويهمزونها ويلمزونها تارات أخرى، يشوشون في ثوابت ديننا ومقوماته بأحبار أجنبية عنا، شغل بعضهم الشاغل الإزراء بموقف الشريعة تجاه المرأة، فسخروا من الحجاب المفضي إلى العفاف، وأظهروا الشماتة بقوامة الرجل، ونسبوا أسباب تراجع المسلمين وضعفهم أمام أعدائهم إلى خلل في مناهجهم الدينية، زاعمين أن الإصلاح لا يكون إلا في خلخلتها وتهميشها.
كما أن هناك قنوات مرئية جندت نفسها من حيث تشعر هي أو لا تشعر، وكلا الأمرين مصيبة، نعم جندت نفسها في بث ما من شأنه محو العفاف ولثم الحشمة ونشر الإثم عاريا دونما استحياء أو مسؤولية، فجعلت في إذكاء التمازج بين الفتاة والفتى في منتديات دولية خالية من القيود والحدود الشرعية، ليجعلوه نوعا من أنواع السباق المحموم والشجاعة الساخرة بمقومات الحياة والشهامة والكرامة الإسلامية والعربية. تركوا أيتام فلسطين والعراق والشيشان وغيرها لا بواكي لهم، وهمشوا ثكالى المسلمين وأراملهم، فلم يجدوا حلا يواسون به جراحهم إلا من خلال نشر الإثم والقحة والمروق من الفضيلة.
وإن تعجبوا ـ عباد الله ـ فعجب ما تلاقيه تلك البرامج من رجع الصدى لدى الأغرار واللهازم من بني ملتنا، في حين إنك لا تجد من أهل العلم والإصلاح وهيئات التربية والتوجيه ومنظمات حقوق الإنسان ما يكشف هذا الزيف المرئي ويزيل اللثام عن أنيابه ويبين أضراره ومخاطره على الأجيال الحاضرة والأجيال الصاعدة، ومما لا شك فيه أنه بمثل هذا تسفل النفس، ويعم الخلل أوساط المسلمين، وتنتشر الحطة والدون، ويعظم الركون إلى الأهواء والأدواء."
وكان على الشريم أن يتهم الحكام فمن يتحدث عنهم لا أحد يكتب أو يتكلم إلا في ادوات مملوكة للسلطات ولا أحد يمكن ان يقول شىء لا يريده الحكام ومن ثم فالمتهم الأول هم الحكام وليس اولئك الذين يظهرون في وسائل الإعلام ويثبطون ويتخاذلون وينتقدون دين الله
وتحدث الشريم عن الخذر من فسادنا الداخلى فقال :
"ألا فاتقوا الله معاشر المسلمين، والحذر الحذر أن نؤتى من قبل أنفسنا ونحن لا نشعر، أو أن نستورد البلايا وسط ديارنا بحر أموالنا ومحض أفكارنا، فإن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات. ألا فإن الحق أبلج والباطل لجلج، وإن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. فشريعة الله كالبيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟! فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم [البقرة: 181]."
الغارة يصنعها أعداء الداخل وهى السلطات التى تحكم عالمنا كما يصنعها أعداء الخارج باتفاق مسبق بين الكل فلا شىء يجرى بعيدا عن تلك السلطات التى تحكم العالم باسم المسلمين وباسم بقية الكفا
قائل الخطبة سعود الشريم وقد استهلها بالحديث عن معاناة الإنسان في الحياة فقال :
"أيها المسلمون، إن هذه الحياة بقضها وقضيضها ذات متاعب جمة وشدائد ملمة، من عاش فيها فلن يخلو من مصيبة تغشاه أو ينفك عن عجيبة تحيط به. والإنسان في معترك هذه الحياة يجاهد فيها ليسعد، ويتكفأ النوازل بكل ما أوتي من سبيل ليحيا حياة تليق بعمارته في الأرض، وكل الناس في ذلك يغدو؛ فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" ياأيها الإنسـان إنك كادح إلى ربك كدحا فملـاقيه [الانشقاق:6]."
والحق أن حياتنا ليست كلها معاناة ومتاعب وغنما ما بين السعد والشقاء كما قال تعالى:
" ونبلوكم بالخير والشر فتنة"
ولذا قال :
" وأنه هو أضحك وأبكى"
وتحدث عن وصغ النبى(ص) للدنيا فقال :
"وليس هناك وصف لهذه الدنيا أحسن من وصف النبي فيما صح عنه أنه قال: ((الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالما أو متعلما)).
والحقيقة ان الدنيا ليست ملعونة وإنما الملعون فيها هم الكفار كما قال تعالى :
"إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"
وتحدث عن صنف من الناس يستسلمون عند أى مصيبة لشيطانهم وهو هواهم فيكفرون فقال :
"وإذا كانت المدافعة في هذه الحياة تعد ضربا من جبلة الإنسان فإن فئاما من الناس يضعفون أمام معتركات الحياة، وتنهد قواهم حينما تغشاهم غير الزمن وصروفه المتقلبة على كافة مستويات الحياة بلا استثناء، فتراهم وكأنهم يصعدون ولا يلوون على أحد، والناصحون المشفقون يدعونهم في أخراهم، لكنهم آثروا أن يكونوا أسراء أوهام وأحلاس مخاوف وأقماع يأس واستكانة واستجداء بالأجنبي عنهم، فلا تجد لمعاني الأمل بصيصا في حياتهم، ولا ترى لوبيص الفأل الحسن والسعي في الإصلاح للأفضل أثرا في مفارقهم، بل غاية ما عندهم الهلع لأقل بادرة والتنازل لأول واردة والجزع عند الهمس والفرق عند اللمز، إن الإنسـان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين [المعارج: 12ـ 22]."
وتحدث عن تصارع الناس على متاع الدنيا فقال :
إن هؤلاء إنس من بني الإنسان، غير أن غائلة اليأس والقنوط والتخاذل جعلت منهم حالا أفقدتهم الاعتزاز الجاد بهويتهم وبخصائص القوة والصبر والمصابرة في الطبيعة البشرية، فصارت حالهم ترددا في العمل، واستحياء في الانتماء، ووسوسة في النتائج ولو كانت سارة، حتى ضعفت الهمم وتقاصرت العزائم، فتسابق الآبقون إلى مناكب الحياة، وتخلف معظمنا وسط مهامه المحن ودروبها، ما كان سببا أكيدا في جعل البحار تستقي من الركايا، ووصول الأصاغر إلى مرادهم حينما جلس الأكابر في الزوايا."
وتحدث عما يفعله الكفار في بلاد العالم بالمسلمين فقال :
"عباد الله، إن تداعيات الأحداث النازلة وممارسات الإكراه على ديار المسلمين من قبل أعدائهم ليست وليدة اليوم، إذ الابتلاء سنة ماضية، بل الابتلاء ليس قاصرا في الشر وحده إذ يقول تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون [الأنبياء:35]."
وتحدث كعادة علماء السلطان عن مسئولية عامة الناس والتى يتخلون عنها وهو ما وصفه بالسلبية ولم يذكر موقف الحكام فقال :
طوليست المصيبة في الابتلاء لكونه سنة ربانية ماضية، وإنما المصيبة في كيفية التعامل السلبي معه، إذ المفترض أن يكون موقف المؤمنين منه واضحا جليا من خلال الإيمان بأنه من عند الله، ثم الإدراك بأنه وإن كان ظاهره الشر إلا أنه قد ينطوي على خيرات كثيرة لمن وفقه الله لاستلهام ذلك. ولا أدل على مثل هذا من حادثة الإفك الشهيرة التي رمي فيها عرض سيد ولد آدم بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه، حيث يقول تعالى: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم [النور:11].
وصف ما يحدث من قتل وتدمير وجرح في العالم للمسلمين بأنه غارة كاسحة فقال :
"فالسعيد من الناس من اقتبس الأمل وسط هذه الزوابع، والكيس الفطن هو من استخرج لطائف المنح وسط لفائف المحن.
فالغارة الكاسحة على ديار المسلمين قد أبرزت لنا دروسا ليست بالقليلة، كان من أهمها أن المسلمين مهما بلغوا من المقام والرفعة وهدوء البال واستقرار الحال فإنهم معرضون لأي لون من ألوان الابتلاء، فعليهم أن لا يستكينوا إلى درجته ويطمئنوا إلى مكانته، وأن لا يحكمهم اليأس والقنوط في إبانه، كما أن توطين النفس على السراء دوما سبب ولا شك في التهالك عند القوارع التي تنزل بالمسلمين أو تحل قريبا من دارهم، فيقع الانحراف ويضيع الأمل بالله، ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذالك هو الخسران المبين [الحج: 11]. فالفتن ـ عباد الله ـ هي التي تصدق دعوى الإيمان أو تكذبها، ولقد صدق الله إذ يقول: ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى فى الله جعل فتنة الناس كعذاب الله [العنكبوت: 10]."
وكالعادة لا ذكر للحكام وتحدث عن الدروس المستفادة من الغارة وهو انكشاف المرتدين من المسلمين عن إسلامهم مع بقاءهم على إسلامهم في البطاقات فقال :
"ثمت درس مهم يبرز جليا إثر تلك التداعيات، ألا هو انكشاف المندسين في الصف المسلم ممن هم من بني جلدة المسلمين ويتكلمون بلغتهم، الذين يعرفون بسيماهم، ويعرفون في لحن القول، والله يعلم إسرارهم، وهم في حقيقتهم أشياع للعدو الكاسح ولدات، لا تبرز سرائرهم إلا في الفتن والحروب، مما يستدعي تنبيه المسلمين إلى أمر هو من الأهمية بمكان، إذ يتمثل في الاقتناع المبني على الاستدلال الصريح بأن الغارة على ديار المسلمين لا يلزم أن تنطلق من ميدان خارجي فحسب، فيغض الطرف عن الميدان الداخلي، إذ قد يؤتى الحذر من مأمنه. ولا جرم عباد الله، فالذين جاؤوا بالإفك في عرض النبي إنما كانوا من داخل الصف، وليسوا من خارجه. ومن هنا يأتي تمحيص الصف الإسلامي في الفتن كما ذكر سبحانه ذلك في غزوة أحد إذ يقول: وما أصـابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعنـاكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمـان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون [آل عمران: 166، 167]."
الغريب في ألمر وهو الذى لم يذكره الرجل أن هؤلاء المرتدين يظهرون في وسائل الإعلام التى تمتلكها البلاد التى يقال أن دينها الإسلام وحكامها مسلمون فمن يظهرهم فيها ؟
اعطونا عقولكم؟
إن الحكام هم من يديرون تلك المنظومة والغرض هو تحيير الناس وأن يظلوا في تخلفهم وبقاء الفساد في البلاد
وتحدث عن فساد الناس في بلادنا وأنه اعظم مما يعمله الكفار فينا فقال :
"ومن هنا ـ عباد الله ـ لا يبعد النجعة من يرى أن خطورة الإفساد من داخل المسلمين أشد من الإفساد الخارجي، وأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.
ومن قرأ كتاب الله جل وعلا بفهم وتدبر علم الحكمة من ورود ذكر المنافقين في القرآن في أكثر من خمسة وثلاثين موضعا، والذين حذر النبي من أمثالهم في آخر الزمان حينما سأله حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قائلا: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: ((نعم))، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم، وفيه دخن))، قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر))، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها))، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: ((نعم، قوم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) الحديث رواه مسلم، وفي لفظ له: ((وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس))."
وبالقطع الحديث باطل لأنه يعتمد على الغيب فالرسول(ص) لا يعرف ما يحدث في المستقبل ولا غيره كما قال الله على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
والمنافقون كانوا في عهده وكانوا يفعلون ما يفعلون ولكن الله كان يعلمه بأضرارهم في الوحى لتلافيها
ثم قال :
"هذه هي أوصافهم عباد الله، ولقد صدق الله إذ يقول فيهم: وجعلنـاهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيـامة لا ينصرون وأتبعنـاهم فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيـامة هم من المقبوحين [القصص:41، 42]."
وتحدث عن تخاذل فريق اخر واندماجهم في الفساد وتثبيطهم للفريق الذى يريد الإصلاح فقال :
"وبعد: عباد الله، فإن ثمت درسا مهما يستقى وسط أعاصير الفتن، وذلك أن استسلام بعض المسلمين لتبعات الأحداث والانخراط في سلك المتخاذلين أمامها بين مقل في ذلك أو مكثر هو خطب جلل، إذ يخطئ أمثال هؤلاء حينما يرون الشر يداهم بلاد المسلمين فينزلقون إليه ويغرقون فيه، ظانين أن بقاءهم وحدهم لا معنى له وسط هذا الزحام المتهافت، كيف لا وقد وقع الجمهور فيه وولغوا من حمئه؟! وهم يحسبون أن انتشاره في الناس كاف لتغيير حكمه ورفع التبعة عن مشتملة، ويحسبون أيضا أن الوقوف أمامه بالنصح والتوجيه ما هو إلا ضرب من ضروب الوقوف أمام سيل العرم."
وتحدث عن أن المؤمن الحق لا يهمه أى شىء سوى بيان الحق والتمكين له فقال :
والحق ـ عباد الله ـ خلاف ذلك؛ إذ المؤمن الحر هو من خرق عادات الناس، منتهجا نهج الصواب ولو كان في مجافاة الكثرة الكاثرة. فالحق والباطل لا يعرف بكثرة السالكين فيه، إذ يقول سبحانه: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين [يوسف:103]، ويقول أيضا: وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله [الأنعام:116]. ولهذا بين سبحانه وتعالى أثر الاندفاع وراء الدهماء في الفتن والسير مع الغوغاء، وأن ذلك لا يعفي أحدا من مسؤوليته، فقال سبحانه عن حادث الإفك: لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم [النور: 11]."
وكالعادة يدخلنا الرجل في متاهة ان الله سينصرنا ويكشف الخطوب والحق أن الله لا ينصر إلا من يطيعه واما من يعصونه فهو يزيدهم عذابا فوق العذاب وفى هذا قال الشريم :
"ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، ولتقبلوا على الحياة وسط هذه الزوابع باعتزاز بالدين وعزيمة وثابة وإرادة لا تلين، ولنتعود النظر إلى الجانب المضيء في طريقنا، ولنفسر الأشياء تفسيرا جميلا يبعث فينا الأمل وينشر الرجاء بالله، ولنثق ولنثق ولنثق بأن يد الله فوق أيدي المؤمنين مهما ادلهمت الأحداث وتكاثرت الخطوب، فمن نكث فإنما ينكث علىا نفسه ومن أوفىا بما عـاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما [الفتح: 10]."
وطرح سؤال هل يمكن ان يوجد بين صفوف المسلمين مفسد ومثبط ومتخاذل فقال :
وبعد: فإنه عطفا على ما سبق ذكره قد ينشأ سؤال في خلد البعض يحمله على الاستفهامات التالية: هل من المعقول حقا أن يوجد في صفوف المسلمين من يقوض مسيرتهم أو يخدش بناءهم؟! أمن المعقول أن يكون بين المسلمين من يجعل من نفسه تطوعا معول هدم لا يقل ضراوة عن معاول أعداء الإسلام؟! أمن الممكن حقا أن نصل إلى حال نعاني فيها من بني جلدتنا ما يفوق معاناتنا من أعدائنا؟!"
والحق أن من يعضى الله هو كافر ولا يمكن أن يكون مسلما مكرة أخرى إلا إذا تاب واصلح وأما من يبقى على فساده فليس بمسلم كما قال تعالى :
" ولم يصروا ما فعلوا وهم يعلمون"
وأجاب فقال :
"فالجواب أن نعم، وليس هذا بمستغرب، كيف لا وقد حدث عنه النبي وهو الصادق المصدوق كما في حديث حذيفة الآنف ذكره. ولو لم يكن الأمر كذلك لما توعد سبحانه من يقع في أتون الإغواء والإضلال بين المسلمين بقوله: إن الذين يحبون أن تشيع الفـاحشة فى الذين ءامنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون [النور: 19].
فلا غرو إذا ـ عباد الله ـ أن تكون هناك أقلام كالمأجورة جعلت من بنان ممسكيها أجراء لفكر منقوص أو متطوعين لتعويق مسيرة الإسلام الخالدة، بثوا نطف أفكارهم لإيلاد أطفال دهاليز منفلين لكل لاقط، يشككون من خلالها في ثوابت الدين تارة، ويهمزونها ويلمزونها تارات أخرى، يشوشون في ثوابت ديننا ومقوماته بأحبار أجنبية عنا، شغل بعضهم الشاغل الإزراء بموقف الشريعة تجاه المرأة، فسخروا من الحجاب المفضي إلى العفاف، وأظهروا الشماتة بقوامة الرجل، ونسبوا أسباب تراجع المسلمين وضعفهم أمام أعدائهم إلى خلل في مناهجهم الدينية، زاعمين أن الإصلاح لا يكون إلا في خلخلتها وتهميشها.
كما أن هناك قنوات مرئية جندت نفسها من حيث تشعر هي أو لا تشعر، وكلا الأمرين مصيبة، نعم جندت نفسها في بث ما من شأنه محو العفاف ولثم الحشمة ونشر الإثم عاريا دونما استحياء أو مسؤولية، فجعلت في إذكاء التمازج بين الفتاة والفتى في منتديات دولية خالية من القيود والحدود الشرعية، ليجعلوه نوعا من أنواع السباق المحموم والشجاعة الساخرة بمقومات الحياة والشهامة والكرامة الإسلامية والعربية. تركوا أيتام فلسطين والعراق والشيشان وغيرها لا بواكي لهم، وهمشوا ثكالى المسلمين وأراملهم، فلم يجدوا حلا يواسون به جراحهم إلا من خلال نشر الإثم والقحة والمروق من الفضيلة.
وإن تعجبوا ـ عباد الله ـ فعجب ما تلاقيه تلك البرامج من رجع الصدى لدى الأغرار واللهازم من بني ملتنا، في حين إنك لا تجد من أهل العلم والإصلاح وهيئات التربية والتوجيه ومنظمات حقوق الإنسان ما يكشف هذا الزيف المرئي ويزيل اللثام عن أنيابه ويبين أضراره ومخاطره على الأجيال الحاضرة والأجيال الصاعدة، ومما لا شك فيه أنه بمثل هذا تسفل النفس، ويعم الخلل أوساط المسلمين، وتنتشر الحطة والدون، ويعظم الركون إلى الأهواء والأدواء."
وكان على الشريم أن يتهم الحكام فمن يتحدث عنهم لا أحد يكتب أو يتكلم إلا في ادوات مملوكة للسلطات ولا أحد يمكن ان يقول شىء لا يريده الحكام ومن ثم فالمتهم الأول هم الحكام وليس اولئك الذين يظهرون في وسائل الإعلام ويثبطون ويتخاذلون وينتقدون دين الله
وتحدث الشريم عن الخذر من فسادنا الداخلى فقال :
"ألا فاتقوا الله معاشر المسلمين، والحذر الحذر أن نؤتى من قبل أنفسنا ونحن لا نشعر، أو أن نستورد البلايا وسط ديارنا بحر أموالنا ومحض أفكارنا، فإن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات. ألا فإن الحق أبلج والباطل لجلج، وإن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. فشريعة الله كالبيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟! فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم [البقرة: 181]."
الغارة يصنعها أعداء الداخل وهى السلطات التى تحكم عالمنا كما يصنعها أعداء الخارج باتفاق مسبق بين الكل فلا شىء يجرى بعيدا عن تلك السلطات التى تحكم العالم باسم المسلمين وباسم بقية الكفا