رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة في كتاب حقيقة شركات التأمين
المؤلف سليمان بن إبراهيم بن ثنيان وفى المقدمة بي، من معظم الناس يجهلون حقيقة شركات التأمين ومعظمهم عندما يأمن يكون جاهلا بما هو مقدما عليه إلا من خلال الدعاية التى تقوم بها الشركات وفى هذا قال:
"قلة من الناس هم أولئك الذين يعرفون شركات التأمين على حقيقتها، ويطلعون على خباياها وأسرارها ويرجع الباحثون ذلك إلى أمور عدة أهمها: الدعاية التي تظهر شركات التأمين على غير حقيقتها؛ حيث تظهرها للناس حسب ما يحبون ويرغبون ويتمنون أن تكون عليه، وتخفي عنهم حقيقتها وواقع أمرها الذي لو عرفه الناس لربما نفروا منها، ولما استجابوا لها، كما يقول باحث التأمين الألماني ديترميز هذا أمر، وهناك أمر آخر أعجب منه وأغرب، أمر أدهش كبار الباحثين وحيرهم، وهو: أن مجمل الناس لا يهتمون بمعرفة التأمين على حقيقته، ولا معرفة الشركات القائمة عليه رغم ارتباط الناس به وبشركاته، ورغم ما يدفعون من أموال طائلة إلى صناديق هذه الشركات "
وظاهرة جهل عملاء شركات الـتأمين سواء بالشركات أو بماهية بنود العقود يصفها القوم بالعجيبة وهى ليست عجيبة لأن الشركات تعتمد فيها على مبدأ تطميع الناس في المكاسب المنتظرة وهو مبدأ نفسى بشرى تجده خلف نجاح كل عمليات النصب وأكل أموال الناس بالباطل سريعا وقد كرر ثنيان ذلك فقال:
"هذه الظاهرة العجيبة لم يجد لها كثير من الباحثين حلا أو تفسيرا معقولا ولكن المتمعنين في حقيقة التأمين يردون ذلك إلى ما يحتويه التأمين من تعقيدات ـ مقصودة في الغالب ـ وإلى ما يكتنف شركاته من عدم الوضوح في المنهج والسلوك في أعمالها وتعاملها كما يردون ذلك أيضا إلى عدم اقتناع الناس بالتأمين أصلا أو بوجود حاجة إليه؛ حيث ثبت بالاستطلاع الإحصائي الدقيق أنه لا يقدم كثير من الناس على التأمين بدافع الحاجة والاقتناع، وإنما يقدمون عليه بدافع الدعاية الواسعة إليه وبدافع التقليد، كما يقول هنز ديترمير"
ورغم ما أجراه القوم من استطلاعات للرأى حول الموضوع إلا أن النتيجة جعلت ذلك هو تقليد الغير بنسبة كبيرة ولكنه في الحقيقة كما قلت الطمع الإنسانى للنفس أو للأقارب وفى هذا قال :
وقد أجريت استطلاعا عاما في مدن ألمانية مثل: فرانكفورت، وكلونيا، وميونيخ، وشتوت قارت حول ما يدفع الناس إلى التأمين فوجدت أن ما يقرب من 58% ممن وجه إليهم السؤال لا جواب لديهم سوى قولهم: كذا أو مثل الناس، أو نحو ذلك"
وقام ثنيان بشرح حقيقة الشركان فبين أول شروطها فقال:
"وتتضح لنا حقيقة شركات التأمين، وطبيعة تفكيرها، وتعاملها من خلال الأمور الهامة الآتية:
أولا: شروط شركات التأمين:
ليس لشركة في العالم ماضية وحاضرة ما لشركات التأمين من شروط عامة وخاصة، ظاهرة وخفية وإن أخص ما تختص به هذه الشروط الصفة التعسفية، مما اضطر كل دولة في العالم أن تفرض رقابة خاصة على شركات التأمين لديها لتخفف شروطها على المواطنين
وشروط شركات التأمين متنوعة: فمنها ما يخص القسط، ومنها ما يخص مبلغ التأمين، ومنها ما يخص الخطر المؤمن ضده، ومنها ما يخص التعويض عن الحادث، ومنها العام الذي تشترك فيه جميع شركات التأمين، ومنها الخاص بشركة معينة، ومنها الظاهر الذي يعلمه أكثر الناس، ومنها الخفي الذي لا تعلمه إلا الخاصة من أصحاب الخبرة والممارسة ـ كما يقول صاحب كتاب: (الأمن الخادع) برند كرشنر ـ وإن من أبرز الشروط الخاصة بالتأمين ما يسمى بشرط الحلول ومقتضاه: أن تحل شركة التأمين محل المؤمن له في مطالبة الغير بما تسبب من أضرار بممتلكات المؤمن له لحسابها الخاص، وأن يسقط حق المؤمن له في مطالبة المتسبب، وبهذا قد تأخذ شركة التأمين من المتسبب أكثر مما تدفعه تعويضا للمؤمن له، وذلك حينما يكون التلف أكبر من مبلغ التأمين، بل إنها قد تأخذ العوض كاملا من المتسبب وتحرم المؤمن له من أي تعويض كما أنه ليس للمؤمن له حق في أخذ ما يزيد على مقدار تعويض الضرر الذي لحق به ومنها سقوط حق المطالبة بمبلغ التأمين في الظروف غير العادية كالحروب، والزلازل،والاضطرابات العامة وشروط شركات التأمين كلها شروط إذعان، أي أنه على المؤمن له قبولها دون مناقشة، كما أن هذه الشروط تحمي شركات التأمين؛ حيث تحكم القبضة على المؤمن لهم في الانتظام في دفع القسط، في الوقت الذي تضع فيه العراقيل دون حصولهم على مبلغ التأمين، كما يقول خبير التأمين هنز ديترمير"
مما سبق تكون عقود التأمين هى عقود أكل لأموال الناس بالباطل فمن لا يملك يأخذ مال من يملك ولا يرجعه له وهو ما نهى الله عنه بقوله:
" لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل"
وتحدث ثنيان عن أهداف تلك الشركات فقال:
ثانيا: أهداف شركات التأمين:
لا تهتم شركات التأمين بشيء يضاهي اهتمامها بالربح؛ لذا نجد تركيزها الشديد عند التخطيط ووضع نظامها الأساس ينصب على الأخذ بكل وسيلة تجلب الربح وتجنب الخسارة؛ بغض النظر عما قد تسببه هذه الوسائل من إحراجات، أو معارضة للدين أو الخلق أو السلوك الحسن ويشاهد ذلك جليا فيما تنطوي عليه شروطها من تعسف واستغلال، وخاصة في التأمينات التي تفرضها بعض الدول على مواطنيها كما يشاهد ذلك جليا أيضا في استثماراتها الربوية لما تجمعه من أقساط دون المساهمة في أي مشروع خيري كل هذه مؤشرات إلى أنه ليس لها هدف في التعاون وخدمة الناس، وإن ألح بعض دعاتها في إقناع الناس بذلك، وإنما هدفها المحقق المعلوم هو الربح والثراء السريع على حساب المؤمن لهم، كما يقول أنتون أندرياس في كتابه (فخ التأمين)"
مما سبق نجد أن الشركات لا تلتزم بعقودها فهى لا تقول أن أموال التأمين يتم بها التجارة والاستثمار في الشركات الأخرى والمجالات الأخرى في عقود التأمين وهى ما يعنى بطلان العقد لعدم التزام الشركات ببنوده فالدافع لا يدفع من أجل أن تتاجر أو تصنع أو غير هذا وإنما يدخر المبلغ كى يجده هو أو ورثته في النهاية ومن ثم ينتفى شرط التراضى وهو قوله تعالى:
" عن تراض منكم"
وقال ثنيان عن عقود التأمين:
ثالثا: عقود التأمين بين الظن والحقيقة:
يعتقد كثير من الناس أن من وقع عقدا مع إحدى شركات التأمين ضد حادث معين فقد أمن شر هذا الحادث، ونسي همه إلى الأبد وهذا خطأ فاحش وفهم قاصر لحقيقة عقود التأمين؛ فعقود التأمين ليست إلا أوراقا عارية تهددها سهام موجهة يندر أن لا تصاب بأحدها هذه السهام المعروفة بنظام شركات التأمين، بشروطها ورجالها المأمورين المدافعين عنها من التابعين، والموالين، والمقررين، والمستشارين، والمحامين، والأطباء، والخبراء، وغيرهم من المختصين في حماية شركات التأمين، وإبطال أي دعوى تقام ضدها نعم! تلك الشركات استمالت واشترت بالمادة ذمم كثير من أولئك الناس الذين يتولون التحقيق في الحوادث، وتقويمها، وبيان وجهة القانون فيها، وما يترتب عليها من مسؤوليات وتعويضات
إنه ليس شيء أيسر على شركات التأمين من إيجاد السبب لإبطال عقد من العقود، والتحلل من التزاماته؛ فالظروف غير العادية ـ حسب نظامها ـ تجعلها في حل من جميع التزاماتها، ...والحاصل أن شركات التأمين تعقد الكثير، ولا تفي إلا بالقليل، كما يقول صاحب كتاب (الأمن الخادع) وكما يقول خبير التأمين الألماني أنتون جوها: إنه طبقا لإحصائيات المكتب الفيدرالي الألماني فقد وقع في عام 1984م مليونا حادث عمل كلها مؤمن ضدها، ولم تعوض شركات التأمين منها إلا 29% فقط "
وهذا ما يعنى أن تلك الشركات تأكل أموال الناس بالباطل
وتحدث ثنيان عن آثار التأمين فقال:
"آثار التأمين في حياة الناس:
قد يعتقد بعض من لا يعرف حقيقة التأمين، وخاصة أولئك الذين يصغون أسماعهم لما تروجه شركات التأمين من دعاية جذابة، ويقرؤون ما تنشره أقلام أتباعها من مؤلفين وصحفيين وغيرهم قد يعتقد أولئك أن التأمين خير لا شر فيه ولكن الأمر عند من يعرف حقيقة التأمين يختلف؛ فإن كانت للتأمين بعض المحاسن، فمساوئه تطغى على كل أثر حسن وسأبين ذلك من خلال بيان إيجابيات التأمين، وسلبياته، والموازنة بين الإيجابيات والسلبيات من واقع الحياة
الآثار الإيجابية في التأمين:
يقول أصحاب التأمين: إن من إيجابياته الأمور الآتية:
1 - تكوين رؤوس الأموال:
يجمع رجال الأعمال والمال على أن أعظم سبب لتكوين رؤوس الأموال التي عرفها العالم في القديم والحديث نظام التأمين؛ ذلك أنه ما من شيء يتصور في حياة من يأخذون بالتأمين إلا وللتأمين فيه حظ وافر ونصيب جزل، سواء كان ذلك مقابل تأمين الأنفس أو الأموال أو الممتلكات أو الحقوق أو مجرد الآمال والأحلام؛ حتى إن الفرد والجماعة والدولة في العصر الحديث يخصصون بندا ضخما في ميزانياتهم السنوية لتكلفة التأمين، ويعدون لذلك العدة الصعبة، ....ويقول أصحاب التأمين: إن هذه الثروات مفيدة للناس؛ حيث إنها تستخدم وتستثمر في المشاريع العامة المفيدة للجميع، كما يقولون: إنها مفيدة للدولة؛ حيث إنها سندها عند الأزمات الاقتصادية، كما يقرر ذلك خبير التأمين ( هنز مير)
2 - المحافظة على عناصر الإنتاج:
إذا احترق المصنع، أو انفجر، أو تهدم، أو مرض العامل، أو توفي أو تعطل، ولم يكن ما يعوض ذلك أو يصلحه فإنه قد تنحط عناصر الإنتاج البشرية والآلية، فيضعف إنتاجها أو يتوقف ويقول أصحاب التأمين: إنه بالتأمين يستطاع منع ذلك، فلا تضعف عناصر الإنتاج، ولا تتوقف؛ ذلك أنه إذا احترق المصنع أو انفجر، أو تهدم فإن شركات التأمين تعوض أصحاب المصانع بدفع قيمة التأمين الذي يستطاع به إعادة بناء هذا المصنع وإذا مرض العامل فإنها تعالجه، وإذا تعطل تعوضه، وإذا توفي تصرف لأسرته ويعدون ذلك حسنة من حسنات التأمين وواحدة من إيجابياته
3 - التحكم في التوازن الاقتصادي:
تعاني كثير من الدول ـ وخاصة الصناعية منها ـ من عدم التوازن الاقتصادي بين العرض والطلب؛ فقد تكثر النقود في أيدي الناس مع قلة السلع المعروضة في الأسواق، فيرتبك الاقتصاد، وهو ما يعرف بحالة التضخم وقد تكثر السلع المعروضة في الأسواق مع قلة النقود في أيدي الناس فتبور السلع، وهو ما يعرف بالكساد ويعتبر الاقتصاديون كلا هاتين الحالتين الاقتصاديتين غير صحيتين
ويقول رجال التأمين: إنه يمكن بالتأمين تفادي هاتين الحالتين المضرتين بالاقتصاد؛ فإنه يمكن في حالة التضخم الاقتصادي التوسع في التأمينات الإجبارية لتعم أكثر قدر ممكن من الناس، وخاصة التأمينات الاجتماعية، وبذلك يمكن سحب قدر كبير مما في أيدي الناس من النقود، فتقل القدرة الشرائية، فيتزن العرض والطلب ...كما يقول خبير التأمين بول برس في كتابه: (أثر التأمين في الاقتصاد القومي)
4 - اتقاء الأخطار:
ترغب شركات التأمين في عدم حلول المصائب والأحداث في الأمور المؤمن ضدها حتى لا تضطر إلى دفع مبلغ التأمين الذي تعهدت به، ولذا فهي تضغط على المؤمن لهم وتشدد عليهم ليجتنبوا الأخطار ويبذلوا الجهد في المحافظة على الأموال المؤمن عليها؛ ويقول أصحاب التأمين إن ذلك يؤدي إلى المحافظة على قوة الاقتصاد للبلد؛ فهو من إيجابيات التأمين كما يقول بول برس
5 - زيادة الائتمان:
لا توافق المصارف ولا أصحاب الأموال على إقراض أحد الناس قرضا ربويا ما لم يوثق هذا القرض بوثيقة ائتمان تضمن لهم حقوقهم، وهو ما يعرف بالرهن وهم لا يقبلون هذه الرهون ما لم تكن مؤمنة ضد الفناء والهلاك لذا فأصحاب الأموال يطالبون من يقرضونهم قروضا ربوية بتوثيق ديونهم برهون معينة من عقار وغيره، ويطالبونهم أيضا بالتأمين على وثائق الائتمان هذه، حتى إذا هلكت العين المرهونة قام التأمين مقامها
6 - بث الأمن والطمأنينة:
يذكر رجال التأمين أن التأمين يجلب الأمن والطمأنينة والراحة والهدوء للجميع؛ ....ويعدون ذلك من إيجابيات التأمين (مبادئ التأمين)"
ما سبق هو فوائد التأمين لشركات التأمين وليس للناس الذين يدفعون لها أموالهم وتعرض ثنيان لآثار التأمين الضارة فقال:
آثار التأمين السلبية:
يقرر أصحاب البصيرة في حقيقة التأمين أن للتأمين سلبيات ومساوئ كبيرة وكثيرة، ويحسبون من أخطرها وأضرها بالناس الأمور الآتية:
أولا: الوقوع فيما حرمه الله ـ تعالى ـ:
ليس شيء في الدنيا أضر بالإنسان من معصية الله ـ تعالى ـ ومعصية رسوله(ص)ذلك أن أثر هذه المعصية لا يقف عند حد حسا ولا معنى؛ فهو نزع للخير والبركة في الدنيا، وذل وهوان وعذاب شديد في الآخرة وليس شيء كذلك إلا معصية الله ـ تعالى ـ وإذا كان التأمين يقوم على الربا والقمار وغيرها مما حرمه الله ـ سبحانه وتعالى ـ كما يثبته علماء الشريعة؛ فهو معصية لله ولرسوله (ص) وهو الخطر الذي يهون دونه أي خطر
ثانيا: التأمين خسارة اقتصادية:
إن الكثرة الكاثرة هي الجماعة الخاسرة في عملية التأمين، والقلة النادرة هي الفئة الرابحة؛ فإن قدرا لا يستهان به من أموال الأفراد والجماعات والجهات والدول يرمى به في صناديق التأمين في العالم دون سبب حقيقي لهذا التصرف والجميع خاسرون لهذه الأموال دون فائدة ظاهرة ملموسة، ولا يستثنى من هؤلاء سوى قلة نادرة لا تعد شيئا إلى جانب الأعداد الهائلة من المؤمن لهم، ...فإن مجموع المؤمن لهم بمثابة الشاة الحلوب التي لا تعلف إلا بجزء يسير من قيمة لبنها؛ ..ولزيادة الوضوح والتيسير في فهم هذه العملية الخاسرة وضعت معادلة رياضية عرضتها على عدد من الاقتصاديين الغربيين، وخاصة من كان منهم وثيق الصلة بالتأمين، ولم يستطع أحد منهم أن يردها، أو أن يدافع عن التأمين إلا بقوله: (إنه ضرورة بالنسبة لنا)، أي بالنسبة للغرب، لتقطع الصلة فيما بينهم
ويقول منطوق هذه المعادلة الرياضية:
إن مجموع ما يدفعه المؤمن لهم = أرباح الشركة + جميع مصاريفها + ما يعاد للمؤمن لهم عند الحادث
ويتبين من هذه المعادلة الرياضية الرهيبة مدى الخسارة العظمى التي تمنى بها الأمة من جراء التأمين؛ فمعلوم أن أرباح شركات التأمين لا تضاهيها أرباح؛ حتى إنها لتكفي لإقامة دول كاملة، ومصاريفها أدهى وأمر؛ فهي تشمل جميع ما تبذله من عطاء سخي لمديريها، ووسطائها، وموظفيها، وسماسرتها، وبائعي الذمم من عملائها الذين لهم علاقة بتقدير الحوادث ونتائجها، ومختلف صورها كما تشمل جميع ضرائب الدولة المفروضة عليها، وإيجارات مكاتبها الفخمة، ومنشآتها المتنوعة، وتكلفة مبانيها الشاهقة، ودعاياتها الواسعة، إلى غير ذلك مما لا يحصى ...يقول خبير التأمين (ملتون آرثر): إن نسبة ما يعاد إلى المؤمن لهم في التأمين على الحياة 13% من قيمة الأقساط ....هذه حقيقة التأمين الاقتصادية المرة، وواقعه الخفي، فهل يقول عاقل عارف بحقيقة التأمين ناصح لأمته إن التأمين مصلحة اقتصادية؟!
ثالثا: إنهاك الاقتصاد بنزيف الأموال خارج البلاد:
تنقسم دول العالم بالنسبة إلى التأمين إلى فئتين:
فئة مصدرة للتأمين، وفئة مستوردة ولا شك أن الرابحة في هذه العملية هي المصدرة، وأن الخاسرة هي المستوردة؛ وذلك أن المصدر لهذه البضاعة لا يصدر ما ينفع الناس، وإنما ما يسلبهم أموالهم في لعبة معروف فيها سلفا من الرابح ومن الخاسر، وهي ما يعرف بلعبة الذئب مع الغنم ...
رابعا: عجز بعض المشاريع عن القيام بسبب الكلفة التأمينية:
تمنع أكثر دول العالم من إقامة أي مشروع صناعي أو تجاري، أو غيره مما ما لم يؤمن عليه صاحبه مسبقا وقد تكون التكلفة التأمينية من الجسامة بحيث تكون عبئا ثقيلا على مثل هذه المشاريع، وخاصة الصغيرة منها؛ بل إنها تحول دون قيامها اصلا وهذه حقيقة في الدول التأمينية على وجه الخصوص وقد أجريت في مصر مقابلة مع عدد من الأشخاص من أصحاب المهارات الخاصة في الحرف والصناعات والكفاءات المتميزة ممن كان بإمكانهم إقامة معامل إنتاج ذات قدرات محدودة تقضي حاجات كثير من الناس وتثري الإنتاج الفني، وكان سؤالي يتوجه حول السبب في عدم إقامتهم لمثل هذه المشاريع، فكانت إجابة حوالي 55% منهم بأن المانع هو ارتفاع نفقة الإنشاء وخاصة التأمين ويصرح حوالي 45% بأنه ما منعه إلا تكلفة التأمين، ويقول بعضهم: إنه قد أنشأ شيئا من ذلك فأجهضه التأمين واضطره إلى توقيفه وتسمع كثيرا لهجة مستنكرة تقول: ما ندري: هل نشتغل لتحصيل لقمة العيش، أو لشركات التأمين؟!
خامسا: الإغراء بإتلاف الأموال عدوانا:
يتعمد بعض المؤمن لهم إتلاف ماله المؤمن عليه بحريق، أو غيره ليحصل على مبلغ التأمين، وخاصة إذا كانت البضاعة المؤمن عليها كاسدة في الأسواق، أو فات وقتها، أو اكتشف فيها عيبا وقد لا يتلفها فعلا، ولكنه يصرفها، ويصطنع تلفها بحريق أو نحوه بما يوافق شروط استحقاق مبلغ التأمين، ويتم ذلك بإغراء الاستفادة من مبلغ التأمين...
سادسا: تكدس الأموال في أيدي قلة من الناس:
عرف الإنسان منذ قديم الزمان أن تكدس الأموال وتجمعها في أيدي قلة من الناس أمر خطير ينتج عنه كثير من الشرور والتسلطات والآثار السيئة، ويعبر عن ذلك في العصور المتأخرة بنظام الطبقات في المجتمع وقد أجمع علماء الإصلاح الاجتماعي على أنه لا شيء أسوأ على الأمم من انقسام مجتمعها إلى طبقات الأغنياء والفقراء وأن من الآثار السيئة لتكدس الأموال في أيدي قلة من الناس تسلطهم وتحكمهم في مصير الكثرة، وتسخيرهم لخدمتهم بغير حق، ..والتأمين بجميع أنواعه هو الركن الركين لمثل هذا التكدس المشين
سابعا: التسبب في كثير من الجرائم:
بسبب إغراء المال والطمع في الحصول على مبالغ التأمين يقدم عدد من المؤمن لهم بهذه المبالغ، أو المستحقين لها بعد أصحابها على ارتكاب جرائم شنيعة مروعة من القتل والبتر والتصرفات المنكرة النابية عن أدنى شعور بالرحمة والشفقة ...وهكذا سلاسل الجرائم المنكرة التي لا يعرفها عصر غير عصر التأمين
هذا وإن جرائم التأمين من أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية وأشدها وحشية منذ فجر التاريخ؛ ذلك أن هذه الجرائم تستهدف أكثر ما تستهدف الأقرباء؛ فقد أخرج الباحث (شيفر ماكس) بحثا علميا دقيقا رتب فيه جرائم التأمين حسب ما رصدته ملفات مخابرات الشرطة الدولية ودراساتها، ودفاتر الضبط في محاكم العالم فوجد أنه يأتي في المرتبة الأولى من جرائم القتل بسبب إغراء التأمين قتل الزوجة لزوجها، ويأتي في المرتبة الثانية قتل الزوج لزوجته، وفي المرتبة الثالثة يأتي قتل سائر الأقرباء من أم وأب وغيرهم، وفي المرتبة الرابعة قتل الأولاد من قبل والديهم، ولا يأتي قتل الأجانب إلا في المرتبة الخامسة وإنه لمنتهى العجب أن يكون التأمين ـ الذي يقصد به اتقاء الأخطار ورفعها ـ أعظم سبب لأفظع الأخطار وأشنعها!....
ثامنا: إبطال حقوق الآخرين:
تستخدم شركات التأمين أعدادا كبيرة من أشهر المحامين في العالم ليتولوا الدفاع بالحق أو الباطل لإبطال حجج خصومها من المؤمن لهم، وهي لا تقف عند هذا الحد، بل إنها تستميل بالمال الأطباء المقررين، وقضاة المحاكم القانونيين وكل من له أثر في تقرير الحوادث إنها تفعل ذلك لإيجاد أي ثغرة تخرج معها من المسؤولية، فتتحلل من دفع مبالغ التأمين المستحقة بوقوع الحادث ...
تاسعا: إفساد الذمم:
من شروط شركات التأمين شرط يقول: «إنه لا يحق للمؤمن له الذي يقع له الحادث مع غيره أن يعترف بخطئه للآخر مهما كان الخطأ، وإلا فإن الشركة بريئة من التزاماتها بدفع أي مستحقات تترتب على الحادث ليس هذا فقط بل عليه أن ينكر خطأه، ولو أمام المحكمة، وحتى لو كان خطؤه لا يحتمل الإنكار
وبهذا الشرط يدفع نظام التأمين المتعاملين معه إلى الكذب وإفساد الذمم، ويملأ المحاكم بالقضايا التي تشغلها الدهر، ولا تنتهي إلا إلى حلول مجحفة تحصل بها شركات التأمين على أموال المؤمن لهم بالباطل دون أن تدفع لهم ما يقابلها من تعويضات عندالأحداث»
عاشرا: ضياع المحافظة الفردية على الممتلكات:
يتسبب التأمين في وقوع كثير من الإهمال لدى المؤمن لهم الذين لا يعتنون ولا يحافظون على أموالهم وممتلكاتهم كمحافظتهم على أموالهم غير المؤمن عليها، بل قد يصل الأمر بهم إلى حد الرغبة في تلف بعض الأعيان المؤمن عليها طمعا في مبلغ تأمينها الذي قد يفوق قيمتها وإن عدم العناية وترك المحافظة على الممتلكات والأموال ضد الأخطار من أفراد المجتمع خسارة عظيمة على الأمة.....
الحادي عشر: تخويف الناس والتغرير بهم:
إذا كان السبب والأصل الذي دفع الناس إلى الأخذ بالتأمين هو الخوف من المستقبل المجهول، وعدم ثقتهم في مواجهة الأحداث بأنفسهم؛ فإن شركات التأمين قد استغلت هذا الدافع أسوأ استغلال، فجسمت أمامهم المخاطر، وعظمت في أعينهم الأحداث، ..بل إن الأمر قد بلغ بها أن أخافت الدول نفسها، وزينت لها وللناس اللجوء إلى شركات التأمين التي جعلتها أمامهم هي وحدها القادرة على مواجهة هذه الأمور العظام، ..
الثاني عشر: سلب الناس القدرة على مواجهة الحياة:
يؤدي ارتماء الناس في أحضان التأمين، وهروبهم من تحمل مسؤوليات الحياة إلى سلبهم القدرة على مجابهة أدنى المخاطر وتحمل أقل المفاجآت....
الثالث عشر: ضياع الروابط وتفكك المجتمع:
يحتاج الإنسان في حياته إلى الآخرين، وخاصة إلى أقاربه وذويه وتشتد هذه الحاجة كلما حل العوز، أو وقعت كارثة، أو خوف لذا فقد ساد الناس منذ العصور الأولى الالتفاف والائتلاف، وقام بينهم التعاون والتناصر وإغاثة المعوزين والمحتاجين، وتكونت بذلك الروابط الأسرية، وتكافل المجتمع، وقامت الألفة والمحبة بين الجميع، فكانت الأسرة التي هي وحدة العائلة ونواة المجتمع قوية متماسكة لا تهتز، وكذلك المجتمع ولما حل الخراب بالأسر وبدأ التفكك في المجتمع جاؤوا بالتأمين ليحل محل الأسرة ويعوض الناس عما فقدوه، ويغني الفرد ـ بزعمهم ـ عن الآخرين، ولجؤوا إليه في كل أمر كانوا يرجونه من الأسرة، فضاعت بذلك الأسرة، وتهدم بناء المجتمع...."
لقد افلح ثنيان في شرح المضار وهى كثيرة وخطيرة على كافة المستويات وهذه المضار تؤكد حرمة وجود شركات التامين في المجتمع المسلم وهو مجتمع طبقا لقوله تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى"
واجب عليه أن يسد أى خلل اقتصادى أو غيره يقع لفرد من أفراده ومن ثم فمجموع المسلمين يقف مع أى فرد منه تعرض لمصيبة أو كارثة جعلته فقيرا أو معوزا أو محتاجا ومن ثم لا حاجة لمجتمعنا المسلم بتلك الشركات
وقام ثنيان بالحديث عن الموازنة بين الفوائد والمضار فقال:
"موازنة بين الإيجابيات والسلبيات من واقع الحياة:
بالموازنة بين السلبيات والإيجابيات في جوانب ثلاثة هامة، وهي: الجانب الديني، والاجتماعي، والاقتصادي يتبين لنا الفرق الهائل بين خير التأمين وشره:
أ - الجانب الديني:
لم أر من أهل العلم من قال: إن للتأمين إيجابيات في الدين وأما سلبياته في هذا الجانب فقد قال أهل العلم المعتد بقولهم في بلاد المسلمين: إن التأمين محرم بجميع أنواعه؛ وذلك لأنه لا يقوم إلا على الربا، والقمار، والغرر، وغير ذلك، كما هو موضح في موضعه وإذا لم تكن للتأمين إيجابيات في الدين، وقد قال أهل العلم بتحريمه، فلا مجال للموازنة بين الإيجابيات والسلبيات في هذا الجانب
ب - الجانب الاجتماعي:
إن كان بعض أصحاب التأمين يعدون من إيجابياته تحقيق الأمن والاطمئنان في المجتمع، كما سبق ذكره؛ فلو سلمنا لهم بذلك فرضا فإن تسلط فئة قليلة من أثرياء التأمين في المجتمع وتحكمهم، وانتشار الجرائم بالتأمين، وإفساد ذمم الناس، وأكل أموال الناس بالباطل، وإشاعة الخوف من المستقبل، وسلب الناس القدرة على مواجهة الحياة بأنفسهم، وقتل الروابط الأسرية، وتفكك المجتمع بالتعاملات التأمينية تقضي على هذه الدعوى غير المحققة
ج - الجانب الاقتصادي:
يقولون: إن من إيجابيات التأمين أنه يساعد على تكوين رؤوس الأموال، والمحافظة على عناصر الإنتاج، والتحكم في التوازن الاقتصادي، ويعدون من سلبياته أنه خسارة اقتصادية وقعت في شعوب العصور المتأخرة، وإنهاك للاقتصاد الوطني بنزيف ثروات البلاد إلى الخارج، ويحول دون قيام الصناعات الخاصة والمشاريع، وهو مغر بإتلاف الأموال عدوانا، وتكديس لأموال الفقراء بأيدي قلة من الأغنياء، وضياع للمحافظة الفردية على الممتلكات ...
وفي ختام هذا المقال أسجل هذا الاستطلاع في الرأي العام الذي قمت به في مصر، وألمانيا، وأوروبا، وأمريكا، وكانت نتيجته ما يلي:
55% تقريبا ـ بعد التوعية والتثقيف لبعض الفئات منهم ـ يقولون: إن شر التأمين يغلب خيره
و25% يقولون: إنه شر لا خير فيه
و15% يقولون: إن خيره يساوي شره
و5% فقط هم الذين يغلبون خيره على شره"
ومن ثم فشركات التأمين وجودها شر ومن يساعدها في المجتمعات في عملها الشرير هو كافر يساعد على إضرار غيره ولكن للأسف نجححت الحكومات في إماتة الخير في نفوس من يعملون في المصارف وشركات التأمين وغيرهم ممثلا في رفض التعامل بالربا وأكل أموال الناس بالباطل فأصبحوا لا يرون إلا مكاسبهم من رواتب وحوافز
المؤلف سليمان بن إبراهيم بن ثنيان وفى المقدمة بي، من معظم الناس يجهلون حقيقة شركات التأمين ومعظمهم عندما يأمن يكون جاهلا بما هو مقدما عليه إلا من خلال الدعاية التى تقوم بها الشركات وفى هذا قال:
"قلة من الناس هم أولئك الذين يعرفون شركات التأمين على حقيقتها، ويطلعون على خباياها وأسرارها ويرجع الباحثون ذلك إلى أمور عدة أهمها: الدعاية التي تظهر شركات التأمين على غير حقيقتها؛ حيث تظهرها للناس حسب ما يحبون ويرغبون ويتمنون أن تكون عليه، وتخفي عنهم حقيقتها وواقع أمرها الذي لو عرفه الناس لربما نفروا منها، ولما استجابوا لها، كما يقول باحث التأمين الألماني ديترميز هذا أمر، وهناك أمر آخر أعجب منه وأغرب، أمر أدهش كبار الباحثين وحيرهم، وهو: أن مجمل الناس لا يهتمون بمعرفة التأمين على حقيقته، ولا معرفة الشركات القائمة عليه رغم ارتباط الناس به وبشركاته، ورغم ما يدفعون من أموال طائلة إلى صناديق هذه الشركات "
وظاهرة جهل عملاء شركات الـتأمين سواء بالشركات أو بماهية بنود العقود يصفها القوم بالعجيبة وهى ليست عجيبة لأن الشركات تعتمد فيها على مبدأ تطميع الناس في المكاسب المنتظرة وهو مبدأ نفسى بشرى تجده خلف نجاح كل عمليات النصب وأكل أموال الناس بالباطل سريعا وقد كرر ثنيان ذلك فقال:
"هذه الظاهرة العجيبة لم يجد لها كثير من الباحثين حلا أو تفسيرا معقولا ولكن المتمعنين في حقيقة التأمين يردون ذلك إلى ما يحتويه التأمين من تعقيدات ـ مقصودة في الغالب ـ وإلى ما يكتنف شركاته من عدم الوضوح في المنهج والسلوك في أعمالها وتعاملها كما يردون ذلك أيضا إلى عدم اقتناع الناس بالتأمين أصلا أو بوجود حاجة إليه؛ حيث ثبت بالاستطلاع الإحصائي الدقيق أنه لا يقدم كثير من الناس على التأمين بدافع الحاجة والاقتناع، وإنما يقدمون عليه بدافع الدعاية الواسعة إليه وبدافع التقليد، كما يقول هنز ديترمير"
ورغم ما أجراه القوم من استطلاعات للرأى حول الموضوع إلا أن النتيجة جعلت ذلك هو تقليد الغير بنسبة كبيرة ولكنه في الحقيقة كما قلت الطمع الإنسانى للنفس أو للأقارب وفى هذا قال :
وقد أجريت استطلاعا عاما في مدن ألمانية مثل: فرانكفورت، وكلونيا، وميونيخ، وشتوت قارت حول ما يدفع الناس إلى التأمين فوجدت أن ما يقرب من 58% ممن وجه إليهم السؤال لا جواب لديهم سوى قولهم: كذا أو مثل الناس، أو نحو ذلك"
وقام ثنيان بشرح حقيقة الشركان فبين أول شروطها فقال:
"وتتضح لنا حقيقة شركات التأمين، وطبيعة تفكيرها، وتعاملها من خلال الأمور الهامة الآتية:
أولا: شروط شركات التأمين:
ليس لشركة في العالم ماضية وحاضرة ما لشركات التأمين من شروط عامة وخاصة، ظاهرة وخفية وإن أخص ما تختص به هذه الشروط الصفة التعسفية، مما اضطر كل دولة في العالم أن تفرض رقابة خاصة على شركات التأمين لديها لتخفف شروطها على المواطنين
وشروط شركات التأمين متنوعة: فمنها ما يخص القسط، ومنها ما يخص مبلغ التأمين، ومنها ما يخص الخطر المؤمن ضده، ومنها ما يخص التعويض عن الحادث، ومنها العام الذي تشترك فيه جميع شركات التأمين، ومنها الخاص بشركة معينة، ومنها الظاهر الذي يعلمه أكثر الناس، ومنها الخفي الذي لا تعلمه إلا الخاصة من أصحاب الخبرة والممارسة ـ كما يقول صاحب كتاب: (الأمن الخادع) برند كرشنر ـ وإن من أبرز الشروط الخاصة بالتأمين ما يسمى بشرط الحلول ومقتضاه: أن تحل شركة التأمين محل المؤمن له في مطالبة الغير بما تسبب من أضرار بممتلكات المؤمن له لحسابها الخاص، وأن يسقط حق المؤمن له في مطالبة المتسبب، وبهذا قد تأخذ شركة التأمين من المتسبب أكثر مما تدفعه تعويضا للمؤمن له، وذلك حينما يكون التلف أكبر من مبلغ التأمين، بل إنها قد تأخذ العوض كاملا من المتسبب وتحرم المؤمن له من أي تعويض كما أنه ليس للمؤمن له حق في أخذ ما يزيد على مقدار تعويض الضرر الذي لحق به ومنها سقوط حق المطالبة بمبلغ التأمين في الظروف غير العادية كالحروب، والزلازل،والاضطرابات العامة وشروط شركات التأمين كلها شروط إذعان، أي أنه على المؤمن له قبولها دون مناقشة، كما أن هذه الشروط تحمي شركات التأمين؛ حيث تحكم القبضة على المؤمن لهم في الانتظام في دفع القسط، في الوقت الذي تضع فيه العراقيل دون حصولهم على مبلغ التأمين، كما يقول خبير التأمين هنز ديترمير"
مما سبق تكون عقود التأمين هى عقود أكل لأموال الناس بالباطل فمن لا يملك يأخذ مال من يملك ولا يرجعه له وهو ما نهى الله عنه بقوله:
" لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل"
وتحدث ثنيان عن أهداف تلك الشركات فقال:
ثانيا: أهداف شركات التأمين:
لا تهتم شركات التأمين بشيء يضاهي اهتمامها بالربح؛ لذا نجد تركيزها الشديد عند التخطيط ووضع نظامها الأساس ينصب على الأخذ بكل وسيلة تجلب الربح وتجنب الخسارة؛ بغض النظر عما قد تسببه هذه الوسائل من إحراجات، أو معارضة للدين أو الخلق أو السلوك الحسن ويشاهد ذلك جليا فيما تنطوي عليه شروطها من تعسف واستغلال، وخاصة في التأمينات التي تفرضها بعض الدول على مواطنيها كما يشاهد ذلك جليا أيضا في استثماراتها الربوية لما تجمعه من أقساط دون المساهمة في أي مشروع خيري كل هذه مؤشرات إلى أنه ليس لها هدف في التعاون وخدمة الناس، وإن ألح بعض دعاتها في إقناع الناس بذلك، وإنما هدفها المحقق المعلوم هو الربح والثراء السريع على حساب المؤمن لهم، كما يقول أنتون أندرياس في كتابه (فخ التأمين)"
مما سبق نجد أن الشركات لا تلتزم بعقودها فهى لا تقول أن أموال التأمين يتم بها التجارة والاستثمار في الشركات الأخرى والمجالات الأخرى في عقود التأمين وهى ما يعنى بطلان العقد لعدم التزام الشركات ببنوده فالدافع لا يدفع من أجل أن تتاجر أو تصنع أو غير هذا وإنما يدخر المبلغ كى يجده هو أو ورثته في النهاية ومن ثم ينتفى شرط التراضى وهو قوله تعالى:
" عن تراض منكم"
وقال ثنيان عن عقود التأمين:
ثالثا: عقود التأمين بين الظن والحقيقة:
يعتقد كثير من الناس أن من وقع عقدا مع إحدى شركات التأمين ضد حادث معين فقد أمن شر هذا الحادث، ونسي همه إلى الأبد وهذا خطأ فاحش وفهم قاصر لحقيقة عقود التأمين؛ فعقود التأمين ليست إلا أوراقا عارية تهددها سهام موجهة يندر أن لا تصاب بأحدها هذه السهام المعروفة بنظام شركات التأمين، بشروطها ورجالها المأمورين المدافعين عنها من التابعين، والموالين، والمقررين، والمستشارين، والمحامين، والأطباء، والخبراء، وغيرهم من المختصين في حماية شركات التأمين، وإبطال أي دعوى تقام ضدها نعم! تلك الشركات استمالت واشترت بالمادة ذمم كثير من أولئك الناس الذين يتولون التحقيق في الحوادث، وتقويمها، وبيان وجهة القانون فيها، وما يترتب عليها من مسؤوليات وتعويضات
إنه ليس شيء أيسر على شركات التأمين من إيجاد السبب لإبطال عقد من العقود، والتحلل من التزاماته؛ فالظروف غير العادية ـ حسب نظامها ـ تجعلها في حل من جميع التزاماتها، ...والحاصل أن شركات التأمين تعقد الكثير، ولا تفي إلا بالقليل، كما يقول صاحب كتاب (الأمن الخادع) وكما يقول خبير التأمين الألماني أنتون جوها: إنه طبقا لإحصائيات المكتب الفيدرالي الألماني فقد وقع في عام 1984م مليونا حادث عمل كلها مؤمن ضدها، ولم تعوض شركات التأمين منها إلا 29% فقط "
وهذا ما يعنى أن تلك الشركات تأكل أموال الناس بالباطل
وتحدث ثنيان عن آثار التأمين فقال:
"آثار التأمين في حياة الناس:
قد يعتقد بعض من لا يعرف حقيقة التأمين، وخاصة أولئك الذين يصغون أسماعهم لما تروجه شركات التأمين من دعاية جذابة، ويقرؤون ما تنشره أقلام أتباعها من مؤلفين وصحفيين وغيرهم قد يعتقد أولئك أن التأمين خير لا شر فيه ولكن الأمر عند من يعرف حقيقة التأمين يختلف؛ فإن كانت للتأمين بعض المحاسن، فمساوئه تطغى على كل أثر حسن وسأبين ذلك من خلال بيان إيجابيات التأمين، وسلبياته، والموازنة بين الإيجابيات والسلبيات من واقع الحياة
الآثار الإيجابية في التأمين:
يقول أصحاب التأمين: إن من إيجابياته الأمور الآتية:
1 - تكوين رؤوس الأموال:
يجمع رجال الأعمال والمال على أن أعظم سبب لتكوين رؤوس الأموال التي عرفها العالم في القديم والحديث نظام التأمين؛ ذلك أنه ما من شيء يتصور في حياة من يأخذون بالتأمين إلا وللتأمين فيه حظ وافر ونصيب جزل، سواء كان ذلك مقابل تأمين الأنفس أو الأموال أو الممتلكات أو الحقوق أو مجرد الآمال والأحلام؛ حتى إن الفرد والجماعة والدولة في العصر الحديث يخصصون بندا ضخما في ميزانياتهم السنوية لتكلفة التأمين، ويعدون لذلك العدة الصعبة، ....ويقول أصحاب التأمين: إن هذه الثروات مفيدة للناس؛ حيث إنها تستخدم وتستثمر في المشاريع العامة المفيدة للجميع، كما يقولون: إنها مفيدة للدولة؛ حيث إنها سندها عند الأزمات الاقتصادية، كما يقرر ذلك خبير التأمين ( هنز مير)
2 - المحافظة على عناصر الإنتاج:
إذا احترق المصنع، أو انفجر، أو تهدم، أو مرض العامل، أو توفي أو تعطل، ولم يكن ما يعوض ذلك أو يصلحه فإنه قد تنحط عناصر الإنتاج البشرية والآلية، فيضعف إنتاجها أو يتوقف ويقول أصحاب التأمين: إنه بالتأمين يستطاع منع ذلك، فلا تضعف عناصر الإنتاج، ولا تتوقف؛ ذلك أنه إذا احترق المصنع أو انفجر، أو تهدم فإن شركات التأمين تعوض أصحاب المصانع بدفع قيمة التأمين الذي يستطاع به إعادة بناء هذا المصنع وإذا مرض العامل فإنها تعالجه، وإذا تعطل تعوضه، وإذا توفي تصرف لأسرته ويعدون ذلك حسنة من حسنات التأمين وواحدة من إيجابياته
3 - التحكم في التوازن الاقتصادي:
تعاني كثير من الدول ـ وخاصة الصناعية منها ـ من عدم التوازن الاقتصادي بين العرض والطلب؛ فقد تكثر النقود في أيدي الناس مع قلة السلع المعروضة في الأسواق، فيرتبك الاقتصاد، وهو ما يعرف بحالة التضخم وقد تكثر السلع المعروضة في الأسواق مع قلة النقود في أيدي الناس فتبور السلع، وهو ما يعرف بالكساد ويعتبر الاقتصاديون كلا هاتين الحالتين الاقتصاديتين غير صحيتين
ويقول رجال التأمين: إنه يمكن بالتأمين تفادي هاتين الحالتين المضرتين بالاقتصاد؛ فإنه يمكن في حالة التضخم الاقتصادي التوسع في التأمينات الإجبارية لتعم أكثر قدر ممكن من الناس، وخاصة التأمينات الاجتماعية، وبذلك يمكن سحب قدر كبير مما في أيدي الناس من النقود، فتقل القدرة الشرائية، فيتزن العرض والطلب ...كما يقول خبير التأمين بول برس في كتابه: (أثر التأمين في الاقتصاد القومي)
4 - اتقاء الأخطار:
ترغب شركات التأمين في عدم حلول المصائب والأحداث في الأمور المؤمن ضدها حتى لا تضطر إلى دفع مبلغ التأمين الذي تعهدت به، ولذا فهي تضغط على المؤمن لهم وتشدد عليهم ليجتنبوا الأخطار ويبذلوا الجهد في المحافظة على الأموال المؤمن عليها؛ ويقول أصحاب التأمين إن ذلك يؤدي إلى المحافظة على قوة الاقتصاد للبلد؛ فهو من إيجابيات التأمين كما يقول بول برس
5 - زيادة الائتمان:
لا توافق المصارف ولا أصحاب الأموال على إقراض أحد الناس قرضا ربويا ما لم يوثق هذا القرض بوثيقة ائتمان تضمن لهم حقوقهم، وهو ما يعرف بالرهن وهم لا يقبلون هذه الرهون ما لم تكن مؤمنة ضد الفناء والهلاك لذا فأصحاب الأموال يطالبون من يقرضونهم قروضا ربوية بتوثيق ديونهم برهون معينة من عقار وغيره، ويطالبونهم أيضا بالتأمين على وثائق الائتمان هذه، حتى إذا هلكت العين المرهونة قام التأمين مقامها
6 - بث الأمن والطمأنينة:
يذكر رجال التأمين أن التأمين يجلب الأمن والطمأنينة والراحة والهدوء للجميع؛ ....ويعدون ذلك من إيجابيات التأمين (مبادئ التأمين)"
ما سبق هو فوائد التأمين لشركات التأمين وليس للناس الذين يدفعون لها أموالهم وتعرض ثنيان لآثار التأمين الضارة فقال:
آثار التأمين السلبية:
يقرر أصحاب البصيرة في حقيقة التأمين أن للتأمين سلبيات ومساوئ كبيرة وكثيرة، ويحسبون من أخطرها وأضرها بالناس الأمور الآتية:
أولا: الوقوع فيما حرمه الله ـ تعالى ـ:
ليس شيء في الدنيا أضر بالإنسان من معصية الله ـ تعالى ـ ومعصية رسوله(ص)ذلك أن أثر هذه المعصية لا يقف عند حد حسا ولا معنى؛ فهو نزع للخير والبركة في الدنيا، وذل وهوان وعذاب شديد في الآخرة وليس شيء كذلك إلا معصية الله ـ تعالى ـ وإذا كان التأمين يقوم على الربا والقمار وغيرها مما حرمه الله ـ سبحانه وتعالى ـ كما يثبته علماء الشريعة؛ فهو معصية لله ولرسوله (ص) وهو الخطر الذي يهون دونه أي خطر
ثانيا: التأمين خسارة اقتصادية:
إن الكثرة الكاثرة هي الجماعة الخاسرة في عملية التأمين، والقلة النادرة هي الفئة الرابحة؛ فإن قدرا لا يستهان به من أموال الأفراد والجماعات والجهات والدول يرمى به في صناديق التأمين في العالم دون سبب حقيقي لهذا التصرف والجميع خاسرون لهذه الأموال دون فائدة ظاهرة ملموسة، ولا يستثنى من هؤلاء سوى قلة نادرة لا تعد شيئا إلى جانب الأعداد الهائلة من المؤمن لهم، ...فإن مجموع المؤمن لهم بمثابة الشاة الحلوب التي لا تعلف إلا بجزء يسير من قيمة لبنها؛ ..ولزيادة الوضوح والتيسير في فهم هذه العملية الخاسرة وضعت معادلة رياضية عرضتها على عدد من الاقتصاديين الغربيين، وخاصة من كان منهم وثيق الصلة بالتأمين، ولم يستطع أحد منهم أن يردها، أو أن يدافع عن التأمين إلا بقوله: (إنه ضرورة بالنسبة لنا)، أي بالنسبة للغرب، لتقطع الصلة فيما بينهم
ويقول منطوق هذه المعادلة الرياضية:
إن مجموع ما يدفعه المؤمن لهم = أرباح الشركة + جميع مصاريفها + ما يعاد للمؤمن لهم عند الحادث
ويتبين من هذه المعادلة الرياضية الرهيبة مدى الخسارة العظمى التي تمنى بها الأمة من جراء التأمين؛ فمعلوم أن أرباح شركات التأمين لا تضاهيها أرباح؛ حتى إنها لتكفي لإقامة دول كاملة، ومصاريفها أدهى وأمر؛ فهي تشمل جميع ما تبذله من عطاء سخي لمديريها، ووسطائها، وموظفيها، وسماسرتها، وبائعي الذمم من عملائها الذين لهم علاقة بتقدير الحوادث ونتائجها، ومختلف صورها كما تشمل جميع ضرائب الدولة المفروضة عليها، وإيجارات مكاتبها الفخمة، ومنشآتها المتنوعة، وتكلفة مبانيها الشاهقة، ودعاياتها الواسعة، إلى غير ذلك مما لا يحصى ...يقول خبير التأمين (ملتون آرثر): إن نسبة ما يعاد إلى المؤمن لهم في التأمين على الحياة 13% من قيمة الأقساط ....هذه حقيقة التأمين الاقتصادية المرة، وواقعه الخفي، فهل يقول عاقل عارف بحقيقة التأمين ناصح لأمته إن التأمين مصلحة اقتصادية؟!
ثالثا: إنهاك الاقتصاد بنزيف الأموال خارج البلاد:
تنقسم دول العالم بالنسبة إلى التأمين إلى فئتين:
فئة مصدرة للتأمين، وفئة مستوردة ولا شك أن الرابحة في هذه العملية هي المصدرة، وأن الخاسرة هي المستوردة؛ وذلك أن المصدر لهذه البضاعة لا يصدر ما ينفع الناس، وإنما ما يسلبهم أموالهم في لعبة معروف فيها سلفا من الرابح ومن الخاسر، وهي ما يعرف بلعبة الذئب مع الغنم ...
رابعا: عجز بعض المشاريع عن القيام بسبب الكلفة التأمينية:
تمنع أكثر دول العالم من إقامة أي مشروع صناعي أو تجاري، أو غيره مما ما لم يؤمن عليه صاحبه مسبقا وقد تكون التكلفة التأمينية من الجسامة بحيث تكون عبئا ثقيلا على مثل هذه المشاريع، وخاصة الصغيرة منها؛ بل إنها تحول دون قيامها اصلا وهذه حقيقة في الدول التأمينية على وجه الخصوص وقد أجريت في مصر مقابلة مع عدد من الأشخاص من أصحاب المهارات الخاصة في الحرف والصناعات والكفاءات المتميزة ممن كان بإمكانهم إقامة معامل إنتاج ذات قدرات محدودة تقضي حاجات كثير من الناس وتثري الإنتاج الفني، وكان سؤالي يتوجه حول السبب في عدم إقامتهم لمثل هذه المشاريع، فكانت إجابة حوالي 55% منهم بأن المانع هو ارتفاع نفقة الإنشاء وخاصة التأمين ويصرح حوالي 45% بأنه ما منعه إلا تكلفة التأمين، ويقول بعضهم: إنه قد أنشأ شيئا من ذلك فأجهضه التأمين واضطره إلى توقيفه وتسمع كثيرا لهجة مستنكرة تقول: ما ندري: هل نشتغل لتحصيل لقمة العيش، أو لشركات التأمين؟!
خامسا: الإغراء بإتلاف الأموال عدوانا:
يتعمد بعض المؤمن لهم إتلاف ماله المؤمن عليه بحريق، أو غيره ليحصل على مبلغ التأمين، وخاصة إذا كانت البضاعة المؤمن عليها كاسدة في الأسواق، أو فات وقتها، أو اكتشف فيها عيبا وقد لا يتلفها فعلا، ولكنه يصرفها، ويصطنع تلفها بحريق أو نحوه بما يوافق شروط استحقاق مبلغ التأمين، ويتم ذلك بإغراء الاستفادة من مبلغ التأمين...
سادسا: تكدس الأموال في أيدي قلة من الناس:
عرف الإنسان منذ قديم الزمان أن تكدس الأموال وتجمعها في أيدي قلة من الناس أمر خطير ينتج عنه كثير من الشرور والتسلطات والآثار السيئة، ويعبر عن ذلك في العصور المتأخرة بنظام الطبقات في المجتمع وقد أجمع علماء الإصلاح الاجتماعي على أنه لا شيء أسوأ على الأمم من انقسام مجتمعها إلى طبقات الأغنياء والفقراء وأن من الآثار السيئة لتكدس الأموال في أيدي قلة من الناس تسلطهم وتحكمهم في مصير الكثرة، وتسخيرهم لخدمتهم بغير حق، ..والتأمين بجميع أنواعه هو الركن الركين لمثل هذا التكدس المشين
سابعا: التسبب في كثير من الجرائم:
بسبب إغراء المال والطمع في الحصول على مبالغ التأمين يقدم عدد من المؤمن لهم بهذه المبالغ، أو المستحقين لها بعد أصحابها على ارتكاب جرائم شنيعة مروعة من القتل والبتر والتصرفات المنكرة النابية عن أدنى شعور بالرحمة والشفقة ...وهكذا سلاسل الجرائم المنكرة التي لا يعرفها عصر غير عصر التأمين
هذا وإن جرائم التأمين من أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية وأشدها وحشية منذ فجر التاريخ؛ ذلك أن هذه الجرائم تستهدف أكثر ما تستهدف الأقرباء؛ فقد أخرج الباحث (شيفر ماكس) بحثا علميا دقيقا رتب فيه جرائم التأمين حسب ما رصدته ملفات مخابرات الشرطة الدولية ودراساتها، ودفاتر الضبط في محاكم العالم فوجد أنه يأتي في المرتبة الأولى من جرائم القتل بسبب إغراء التأمين قتل الزوجة لزوجها، ويأتي في المرتبة الثانية قتل الزوج لزوجته، وفي المرتبة الثالثة يأتي قتل سائر الأقرباء من أم وأب وغيرهم، وفي المرتبة الرابعة قتل الأولاد من قبل والديهم، ولا يأتي قتل الأجانب إلا في المرتبة الخامسة وإنه لمنتهى العجب أن يكون التأمين ـ الذي يقصد به اتقاء الأخطار ورفعها ـ أعظم سبب لأفظع الأخطار وأشنعها!....
ثامنا: إبطال حقوق الآخرين:
تستخدم شركات التأمين أعدادا كبيرة من أشهر المحامين في العالم ليتولوا الدفاع بالحق أو الباطل لإبطال حجج خصومها من المؤمن لهم، وهي لا تقف عند هذا الحد، بل إنها تستميل بالمال الأطباء المقررين، وقضاة المحاكم القانونيين وكل من له أثر في تقرير الحوادث إنها تفعل ذلك لإيجاد أي ثغرة تخرج معها من المسؤولية، فتتحلل من دفع مبالغ التأمين المستحقة بوقوع الحادث ...
تاسعا: إفساد الذمم:
من شروط شركات التأمين شرط يقول: «إنه لا يحق للمؤمن له الذي يقع له الحادث مع غيره أن يعترف بخطئه للآخر مهما كان الخطأ، وإلا فإن الشركة بريئة من التزاماتها بدفع أي مستحقات تترتب على الحادث ليس هذا فقط بل عليه أن ينكر خطأه، ولو أمام المحكمة، وحتى لو كان خطؤه لا يحتمل الإنكار
وبهذا الشرط يدفع نظام التأمين المتعاملين معه إلى الكذب وإفساد الذمم، ويملأ المحاكم بالقضايا التي تشغلها الدهر، ولا تنتهي إلا إلى حلول مجحفة تحصل بها شركات التأمين على أموال المؤمن لهم بالباطل دون أن تدفع لهم ما يقابلها من تعويضات عندالأحداث»
عاشرا: ضياع المحافظة الفردية على الممتلكات:
يتسبب التأمين في وقوع كثير من الإهمال لدى المؤمن لهم الذين لا يعتنون ولا يحافظون على أموالهم وممتلكاتهم كمحافظتهم على أموالهم غير المؤمن عليها، بل قد يصل الأمر بهم إلى حد الرغبة في تلف بعض الأعيان المؤمن عليها طمعا في مبلغ تأمينها الذي قد يفوق قيمتها وإن عدم العناية وترك المحافظة على الممتلكات والأموال ضد الأخطار من أفراد المجتمع خسارة عظيمة على الأمة.....
الحادي عشر: تخويف الناس والتغرير بهم:
إذا كان السبب والأصل الذي دفع الناس إلى الأخذ بالتأمين هو الخوف من المستقبل المجهول، وعدم ثقتهم في مواجهة الأحداث بأنفسهم؛ فإن شركات التأمين قد استغلت هذا الدافع أسوأ استغلال، فجسمت أمامهم المخاطر، وعظمت في أعينهم الأحداث، ..بل إن الأمر قد بلغ بها أن أخافت الدول نفسها، وزينت لها وللناس اللجوء إلى شركات التأمين التي جعلتها أمامهم هي وحدها القادرة على مواجهة هذه الأمور العظام، ..
الثاني عشر: سلب الناس القدرة على مواجهة الحياة:
يؤدي ارتماء الناس في أحضان التأمين، وهروبهم من تحمل مسؤوليات الحياة إلى سلبهم القدرة على مجابهة أدنى المخاطر وتحمل أقل المفاجآت....
الثالث عشر: ضياع الروابط وتفكك المجتمع:
يحتاج الإنسان في حياته إلى الآخرين، وخاصة إلى أقاربه وذويه وتشتد هذه الحاجة كلما حل العوز، أو وقعت كارثة، أو خوف لذا فقد ساد الناس منذ العصور الأولى الالتفاف والائتلاف، وقام بينهم التعاون والتناصر وإغاثة المعوزين والمحتاجين، وتكونت بذلك الروابط الأسرية، وتكافل المجتمع، وقامت الألفة والمحبة بين الجميع، فكانت الأسرة التي هي وحدة العائلة ونواة المجتمع قوية متماسكة لا تهتز، وكذلك المجتمع ولما حل الخراب بالأسر وبدأ التفكك في المجتمع جاؤوا بالتأمين ليحل محل الأسرة ويعوض الناس عما فقدوه، ويغني الفرد ـ بزعمهم ـ عن الآخرين، ولجؤوا إليه في كل أمر كانوا يرجونه من الأسرة، فضاعت بذلك الأسرة، وتهدم بناء المجتمع...."
لقد افلح ثنيان في شرح المضار وهى كثيرة وخطيرة على كافة المستويات وهذه المضار تؤكد حرمة وجود شركات التامين في المجتمع المسلم وهو مجتمع طبقا لقوله تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى"
واجب عليه أن يسد أى خلل اقتصادى أو غيره يقع لفرد من أفراده ومن ثم فمجموع المسلمين يقف مع أى فرد منه تعرض لمصيبة أو كارثة جعلته فقيرا أو معوزا أو محتاجا ومن ثم لا حاجة لمجتمعنا المسلم بتلك الشركات
وقام ثنيان بالحديث عن الموازنة بين الفوائد والمضار فقال:
"موازنة بين الإيجابيات والسلبيات من واقع الحياة:
بالموازنة بين السلبيات والإيجابيات في جوانب ثلاثة هامة، وهي: الجانب الديني، والاجتماعي، والاقتصادي يتبين لنا الفرق الهائل بين خير التأمين وشره:
أ - الجانب الديني:
لم أر من أهل العلم من قال: إن للتأمين إيجابيات في الدين وأما سلبياته في هذا الجانب فقد قال أهل العلم المعتد بقولهم في بلاد المسلمين: إن التأمين محرم بجميع أنواعه؛ وذلك لأنه لا يقوم إلا على الربا، والقمار، والغرر، وغير ذلك، كما هو موضح في موضعه وإذا لم تكن للتأمين إيجابيات في الدين، وقد قال أهل العلم بتحريمه، فلا مجال للموازنة بين الإيجابيات والسلبيات في هذا الجانب
ب - الجانب الاجتماعي:
إن كان بعض أصحاب التأمين يعدون من إيجابياته تحقيق الأمن والاطمئنان في المجتمع، كما سبق ذكره؛ فلو سلمنا لهم بذلك فرضا فإن تسلط فئة قليلة من أثرياء التأمين في المجتمع وتحكمهم، وانتشار الجرائم بالتأمين، وإفساد ذمم الناس، وأكل أموال الناس بالباطل، وإشاعة الخوف من المستقبل، وسلب الناس القدرة على مواجهة الحياة بأنفسهم، وقتل الروابط الأسرية، وتفكك المجتمع بالتعاملات التأمينية تقضي على هذه الدعوى غير المحققة
ج - الجانب الاقتصادي:
يقولون: إن من إيجابيات التأمين أنه يساعد على تكوين رؤوس الأموال، والمحافظة على عناصر الإنتاج، والتحكم في التوازن الاقتصادي، ويعدون من سلبياته أنه خسارة اقتصادية وقعت في شعوب العصور المتأخرة، وإنهاك للاقتصاد الوطني بنزيف ثروات البلاد إلى الخارج، ويحول دون قيام الصناعات الخاصة والمشاريع، وهو مغر بإتلاف الأموال عدوانا، وتكديس لأموال الفقراء بأيدي قلة من الأغنياء، وضياع للمحافظة الفردية على الممتلكات ...
وفي ختام هذا المقال أسجل هذا الاستطلاع في الرأي العام الذي قمت به في مصر، وألمانيا، وأوروبا، وأمريكا، وكانت نتيجته ما يلي:
55% تقريبا ـ بعد التوعية والتثقيف لبعض الفئات منهم ـ يقولون: إن شر التأمين يغلب خيره
و25% يقولون: إنه شر لا خير فيه
و15% يقولون: إن خيره يساوي شره
و5% فقط هم الذين يغلبون خيره على شره"
ومن ثم فشركات التأمين وجودها شر ومن يساعدها في المجتمعات في عملها الشرير هو كافر يساعد على إضرار غيره ولكن للأسف نجححت الحكومات في إماتة الخير في نفوس من يعملون في المصارف وشركات التأمين وغيرهم ممثلا في رفض التعامل بالربا وأكل أموال الناس بالباطل فأصبحوا لا يرون إلا مكاسبهم من رواتب وحوافز