رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة في مقال السير على الماء
صاحب المقال هو كمال غزال وهو يدور حول أمر هو معجزة وهو السير على الماء بدون أداة أو جهاز وقد استهل غزال كلامه بالحديث عن المعجزات فقال :
"عندما تحدث الامور الخارقة للعادة بوساطة الأنبياء فإنها تسمى "معجزات" وعندما تحدث بوساطة غيرهم من الأتقياء والصالحين فإنها تسمى "كرامات" ويعتبر السير على الماء إحداها فهي ذكرت في عدد من كتب التراث الإسلامي كما ذكرت في الإنجيل معجزة سير المسيح على ماء بحيرة طبرية، ووفقاً لوجهة نظر الكثير من علماء الدين الإسلامي والفقهاء: " الإيمان والتقوى هما أساس ظهور تلك الخوارق فلا عبرة للخوارق بدونهما كما أنه لا مانع من ظهورها وأمثالها على يد من شاء الله له ذلك من أوليائه إكراماً له في كل زمان، ولا يدل ذلك على أفضلية من حصلت له على من لم تحصل له، وإنما معيار التفاضل هو التقوى ".
حيث قال الإمام الشافعي: " إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة ".
وقال أبو اليزيد البسطامي: " لله خلق كثير يمشون على الماء ولا قيمة لهم عند الله، ولو نظرتم إلى من أعطي من الكرامات حتى يطير فلا تغتروا به حتى تروا كيف هو عند الأمر والنهي وحفظ الحدود "- ذكره الذهبي في السير.
وقد ورد ذكر بعض هذه الخوارق في كتاب ابن تيمية الذي حمل عنوان "رسالة الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ""
وما قاله غزال عن أن الآيات وهى المعجزات تعطى للناس من غير الرسل هو ما يناقض القرآن فالآيات وهى المعجزات تعطى للرسل(ص) فقط كما قال تعالى :
" وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله "
ومن ثم لا توجد آيات أى خوارق لمن يسمونهم أولياء الله الصالحين لأن كل المؤمنين المتقين هم أولياء لله كما قال تعالى :
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون"
كما أن الله منع اعطاء الآيات من عهد خاتم الأنبياء (ص) فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وقد أورد غزال من بطون الكتب حكايات لا أصل عن سير الأولياء المزعومين فقال :
"ومما ذكر قصصاً عن صحابة وتابعين مشوا على الماء حتى أنهم كانوا مجموعة مما يشكل خرقاً للقانون الطبيعي ونذكر فيما يلي قصصهم:
1 - العلاء بن الحضرمي - السير على بحر الخليج العربي وقعت تلك الحادثة حينما بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فسار مع حوالي 4000 من الجند على البحر، حيث قال أبو هريرة الذي كان معه: "فمشينا على الماء، فوالله فما ابتلت قدم ولا خف بعير ولا حافر دابة، وكان الجيش أربعة آلاف "، كما روى الطبراني في المعجم الكبير:
وذكر ابن كثير في كتابه "البداية " تفاصيل عن الحادثة الخارقة:
" وقد بعث النبي صلى الله عليه و سلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي ملك البحرين، ثم و لاه عليها أميراً حين افتتحها وأقره عليها الصديق، ثم عمر بن الخطاب، و لم يزل بها حتى عزله عمر بن الخطاب و ولاه البصرة فلما كان في أثناء الطريق توفي و ذلك في سنة 21،و قد روى البيهقي عنه كرامات كثيرة منها أنه سار بجيشه على وجه البحر ما يصل إلى ركب خيولهم، و قيل إنه ما بل أسافل نعال خيولهم، و أمرهم كلهم فجعلوا يقولون: يا حليم يا عظيم، و أنه كان في جيشه فاحتاجوا إلى ماء، فدعا الله فأمطرهم قدر كفايتهم، و أنه لما دفن لم ير له أثر بالكلية، و كان قد سأل الله ذلك ".
2 - سعد بن أبي وقاص - السير على نهر دجلة
حدث الأمر الخارق عندما سار سعد بن أبي وقاص وحوالي 600 من الجند على نهر دجلة في معركة القادسية ضد الفرس وقد ورد ذكر تلك الحادثة في كتاب "البداية" لـ الحافظ ابن كثير في "فتح المدائن":" لما فتح سعد نهرشير و استقر بها، و ذلك في صفة لم يجد فيها أحدا و لا شيئا مما يغنم، بل قد تحولوا بكماهم إلى المدائن و ركبوا السفن و ضموا السفن إليهم، و لم يجد سعد رضي الله عنه شيئا من السفن و تعذر عليه تحصيل شيء منها بالكلية، و قد زادت دجلة زيادة عظيمة و اسود ماؤها، و رمت بالزبد من كثرة الماء بها، و أخبر سعد بأن كسرى يزدجر عازم على أخذ الأموال و الأمتعة من المدائن إلى حلوان، و انك إن لم تدركه قبل ثلاث فات عليك و تفارط الأمر. فخطب سعد المسلمين على شاطئ دجلة، فحمد الله و أثني عليه و قال إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون اليهم معه، و هم يخلصون إليكم إذا شاؤا فينا و شونكم في سفنهم، و ليس وراءكم شييء تخافون أن تؤتوا منه، و قد رأيت أن تبادروا جهاد العدو بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم. فقالوا جميعا: عزم الله لنا و لك على الرشد فافعل. فعند ذلك ندب سعد الناس إلى العبور و يقول: من يبدأ فيحمي لنا الفراض - يعني ثغرة المخاضة من الناحية الأخرى - ليجوز الناس إليهم آمين، فانتدب عاصم بن عمرو و ذو البأس من الناس قريب من ستمائة، فأمرَ سعد عليهم عاصم ابن عمرو فوقفوا على حافة دجلة فقال عاصم: من ينتدب معي لنكون قبل الناس دخولا في هذا البحر فنحمي الفراض من الجانب الآخر؟ فانتدب له ستون من الشجعان المذكرون - و الأعاجم و قوف صفوفا من الجانب الآخر - فتقدم رجل من المسلمين و قد أحجم الناس عن الخوض في دجلة، فقال: أتخافون من هذه النطفة؟ ثم تلا قوله تعالى {وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إلاَ بِإذْنِ اللهِ كِتَابَاً مُؤَجَّلاً} ثم أقحم فرسه فيها و اقتحم الناس، و قد افترق الستون فرقتين أصحاب الخيل الذكور: و أصحاب الخيل الإناث. فلما رآهم الفرس يطفون على وجه الماء قالوا: ديوانا ديوانا. يقولون مجانين مجانين. ثم قالوا و الله ما تقاتلون إنسا بل تقاتلون جناثم أرسلوا فرسانا منهم في الماء يلتقون أول المسلمين ليمنعوهم من الخروق من الماء، فأمر عاصم بن عمر و أصحابه أن يشرعوا لهم الرماح و يتوخوا الأعين، ففعلوا ذلك بالفرس فقلعوا عيون خيولهم، فرجعوا أمام المسلمين لا يملكون كف خيولهم حتى خرجوا من الماء. و اتبعهم عاصم و أصحابه فساقوا و راءهم حتى طردوهم عن الجانب الآخر، و وقفوا على حافة الدجلة من الجانب الآخر و نزل بقية أصحاب عاصم من الستمائة في دجلة فخاضوها حتى و صلوا إلى أصحابهم من الجانب الآخر فقاتلوا مع أصحابهم حتى نفوا الفرس عن ذلك الجانب و كانوا يسمون الكتيبة الأولى كتيبة الأهوال، و أميرها عاصم بن عمر، و الكتيبة الثانية الكتيبة الخرساء و أميرها القعقاع بن عمرو. و هذا كله و سعد و المسلمون ينظرون إلى ما يصنع هؤلاء الفرسان بالفرس، و سعد واقف على شاطيء دجلة. ثم نزل سعد ببقية الجيش، و ذلك حين نظروا إلى الجانب الآخر قد تحصن بمن حصل فيه من الفرسان المسلمين، و قد أمر سعد المسلمين عند دخول الماء أن يقولوا: نستعين بالله و نتوكل عليه، حسبنا الله و نعم الوكيل، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم اقتحم بفرسه دجله و اقتحم الناس لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، فلا يري وجه الماء من الفرسان و الرجالة، و جعل الناس يتحدثون على وجه الماء كما يتحدثون على وجه الأرض، و ذلك لما حصل لهم من الطمأنينة و الأمن، و الوثوق بأمر الله و وعد ه و نصره و تأييده، و لأن أميرهم سعد بن أبي و قاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، و قد توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنه راض، و دعا له. فقال: " اللهم أجب دعوته، و سدد رميته " و المقطوع به أن سعدا دعا لجيشه هذا في هذا اليوم بالسلامة و النصر، و قد رمى بهم في هذا اليم فسددهم الله و سلمهم، فلم يفقد من المسلمين رجل واحد غير أن رجلا واحدا يقال له غرقدة البارقي، زل عن فرس له شقراء، فأخذ القعقاع ابن عمرو بلجامها، و أخذ بيد الرجل حتى عدله على فرسه، و كان من الشجعان، فقال: عجز النساء أن يلدن مثل القعقاع بن عمرو ".
3 – أبو مسلم الخولاني - السير على نهر دجلة
أبو مسلم الخولاني وهو تابعي نقل عنه العديد من الكرامات (النجاة من النار، السير على الماء، ومخاطبة غراب) وعندما غزا أرض الروم مروا بنهر وقال لأصحابه: "أجيزوا بسم الله "، ومر بين أيديهم فمروا خلفه على الماء، فلم يبلغ من الدواب إلا إلى الركب، وكان يدعو ويقول: "اللهم أجزت بني إسرائيل البحر، وإنا عبادك في سبيلك فأجزنا هذا النهر "، ثم قال: "اعبروا بسم الله ".
وقد ذكر الإمام النووي العديد من " كرامات "أبي مسلم الخولاني ومنها ما رواه الإمام أحمد في كتاب "الزهد" أن أبا مسلم الخولاني مر بنهر دجلة وهي ترمي الخشب من برها فمشى على الماء ثم التفت إلى أصحابه فقال هل تفقدون من متاعكم شيئاً فندعو الله عز وجل؟ قال: ورواه الإمام أحمد من طريق آخر وفيه أن أبا مسلم وقف على دجلة ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه ثم ذكر آلاءه ونعماءه وذكر سير بني إسرائيل في البحر ثم نهز دابته فانطلقت تخوض في دجلة واتبعها الناس حتى قطعها الناس إلى الجانب الآخر.
وقال ابن كثير: " و قد ذكر الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، في ترجمة أبي عبد الله بن أيوب الخولاني هذه القصة بأبسط من هذه من طريق بقية بن الوليد: حدثني محمد بن زياد عن أبي مسلم الخولاني أنه كان إذا غزا أرض الروم فمروا بنهر قال: أجيزوا بسم الله قال: و يمر بين أيديهم فيمرون على الماء فما يبلغ من الدواب إلا إلى الركب، أو في بعض ذلك، أو قريبا من ذلك، قال: و إذا جازوا قال للناس: هل ذهب لكم شيء؟ من ذهب له شيء فأنا ضامن، قال: فألقى مخلاة عمداً، فلما جاوزوا قال الرجل: مخلاتي وقعت في النهر، قال له: اتبعني، فإذا المخلاة قد تعلقت ببعض أعواد النهر، فقال: خذها ".
و قد رواه ابن عساكر من طريق أخري عن عبد الكريم بن رشيد عن حميد بن هلال العدوي: حدثني ابن عمي أخي أبي قال: خرجت مع أبي مسلم في جيش فأتينا على نهر عجاج منكر، فقلنا لأهل القرية: أين المخاضة؟ فقالوا: ما كانت ههنا مخاضة و لكن المخاضة أسفل منكم على ليلتين، فقال أبو مسلم: اللهم أجزت بني إسرائيل البحر، و إنا عبيدك و في سبيلك، فأجزنا هذا النهر اليوم، ثم قال: اعبروا بسم الله قال ابن عمي: و أنا على فرس فقلت: لأدفعنه أول الناس خلف فرسه، قال: فواللَّه ما بلغ الماء بطون الخيل حتى عبر الناس كلهم، ثم وقف و قال: يا معشر المسلمين، هل ذهب لأحد منكم شيء فأدعو الله تعالى يرده؟ "."
وكل هذه الروايات لم تحدث ولم يقع منها أى شىء فكلها أكاذيب فكما سبق القول الآيات لا تعطى إلا للرسل(ص) وقد منعها الله عن الناس لأن لا أحد يصدق بها كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها ألأولون"
صاحب المقال هو كمال غزال وهو يدور حول أمر هو معجزة وهو السير على الماء بدون أداة أو جهاز وقد استهل غزال كلامه بالحديث عن المعجزات فقال :
"عندما تحدث الامور الخارقة للعادة بوساطة الأنبياء فإنها تسمى "معجزات" وعندما تحدث بوساطة غيرهم من الأتقياء والصالحين فإنها تسمى "كرامات" ويعتبر السير على الماء إحداها فهي ذكرت في عدد من كتب التراث الإسلامي كما ذكرت في الإنجيل معجزة سير المسيح على ماء بحيرة طبرية، ووفقاً لوجهة نظر الكثير من علماء الدين الإسلامي والفقهاء: " الإيمان والتقوى هما أساس ظهور تلك الخوارق فلا عبرة للخوارق بدونهما كما أنه لا مانع من ظهورها وأمثالها على يد من شاء الله له ذلك من أوليائه إكراماً له في كل زمان، ولا يدل ذلك على أفضلية من حصلت له على من لم تحصل له، وإنما معيار التفاضل هو التقوى ".
حيث قال الإمام الشافعي: " إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة ".
وقال أبو اليزيد البسطامي: " لله خلق كثير يمشون على الماء ولا قيمة لهم عند الله، ولو نظرتم إلى من أعطي من الكرامات حتى يطير فلا تغتروا به حتى تروا كيف هو عند الأمر والنهي وحفظ الحدود "- ذكره الذهبي في السير.
وقد ورد ذكر بعض هذه الخوارق في كتاب ابن تيمية الذي حمل عنوان "رسالة الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ""
وما قاله غزال عن أن الآيات وهى المعجزات تعطى للناس من غير الرسل هو ما يناقض القرآن فالآيات وهى المعجزات تعطى للرسل(ص) فقط كما قال تعالى :
" وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله "
ومن ثم لا توجد آيات أى خوارق لمن يسمونهم أولياء الله الصالحين لأن كل المؤمنين المتقين هم أولياء لله كما قال تعالى :
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون"
كما أن الله منع اعطاء الآيات من عهد خاتم الأنبياء (ص) فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وقد أورد غزال من بطون الكتب حكايات لا أصل عن سير الأولياء المزعومين فقال :
"ومما ذكر قصصاً عن صحابة وتابعين مشوا على الماء حتى أنهم كانوا مجموعة مما يشكل خرقاً للقانون الطبيعي ونذكر فيما يلي قصصهم:
1 - العلاء بن الحضرمي - السير على بحر الخليج العربي وقعت تلك الحادثة حينما بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فسار مع حوالي 4000 من الجند على البحر، حيث قال أبو هريرة الذي كان معه: "فمشينا على الماء، فوالله فما ابتلت قدم ولا خف بعير ولا حافر دابة، وكان الجيش أربعة آلاف "، كما روى الطبراني في المعجم الكبير:
وذكر ابن كثير في كتابه "البداية " تفاصيل عن الحادثة الخارقة:
" وقد بعث النبي صلى الله عليه و سلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي ملك البحرين، ثم و لاه عليها أميراً حين افتتحها وأقره عليها الصديق، ثم عمر بن الخطاب، و لم يزل بها حتى عزله عمر بن الخطاب و ولاه البصرة فلما كان في أثناء الطريق توفي و ذلك في سنة 21،و قد روى البيهقي عنه كرامات كثيرة منها أنه سار بجيشه على وجه البحر ما يصل إلى ركب خيولهم، و قيل إنه ما بل أسافل نعال خيولهم، و أمرهم كلهم فجعلوا يقولون: يا حليم يا عظيم، و أنه كان في جيشه فاحتاجوا إلى ماء، فدعا الله فأمطرهم قدر كفايتهم، و أنه لما دفن لم ير له أثر بالكلية، و كان قد سأل الله ذلك ".
2 - سعد بن أبي وقاص - السير على نهر دجلة
حدث الأمر الخارق عندما سار سعد بن أبي وقاص وحوالي 600 من الجند على نهر دجلة في معركة القادسية ضد الفرس وقد ورد ذكر تلك الحادثة في كتاب "البداية" لـ الحافظ ابن كثير في "فتح المدائن":" لما فتح سعد نهرشير و استقر بها، و ذلك في صفة لم يجد فيها أحدا و لا شيئا مما يغنم، بل قد تحولوا بكماهم إلى المدائن و ركبوا السفن و ضموا السفن إليهم، و لم يجد سعد رضي الله عنه شيئا من السفن و تعذر عليه تحصيل شيء منها بالكلية، و قد زادت دجلة زيادة عظيمة و اسود ماؤها، و رمت بالزبد من كثرة الماء بها، و أخبر سعد بأن كسرى يزدجر عازم على أخذ الأموال و الأمتعة من المدائن إلى حلوان، و انك إن لم تدركه قبل ثلاث فات عليك و تفارط الأمر. فخطب سعد المسلمين على شاطئ دجلة، فحمد الله و أثني عليه و قال إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون اليهم معه، و هم يخلصون إليكم إذا شاؤا فينا و شونكم في سفنهم، و ليس وراءكم شييء تخافون أن تؤتوا منه، و قد رأيت أن تبادروا جهاد العدو بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم. فقالوا جميعا: عزم الله لنا و لك على الرشد فافعل. فعند ذلك ندب سعد الناس إلى العبور و يقول: من يبدأ فيحمي لنا الفراض - يعني ثغرة المخاضة من الناحية الأخرى - ليجوز الناس إليهم آمين، فانتدب عاصم بن عمرو و ذو البأس من الناس قريب من ستمائة، فأمرَ سعد عليهم عاصم ابن عمرو فوقفوا على حافة دجلة فقال عاصم: من ينتدب معي لنكون قبل الناس دخولا في هذا البحر فنحمي الفراض من الجانب الآخر؟ فانتدب له ستون من الشجعان المذكرون - و الأعاجم و قوف صفوفا من الجانب الآخر - فتقدم رجل من المسلمين و قد أحجم الناس عن الخوض في دجلة، فقال: أتخافون من هذه النطفة؟ ثم تلا قوله تعالى {وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إلاَ بِإذْنِ اللهِ كِتَابَاً مُؤَجَّلاً} ثم أقحم فرسه فيها و اقتحم الناس، و قد افترق الستون فرقتين أصحاب الخيل الذكور: و أصحاب الخيل الإناث. فلما رآهم الفرس يطفون على وجه الماء قالوا: ديوانا ديوانا. يقولون مجانين مجانين. ثم قالوا و الله ما تقاتلون إنسا بل تقاتلون جناثم أرسلوا فرسانا منهم في الماء يلتقون أول المسلمين ليمنعوهم من الخروق من الماء، فأمر عاصم بن عمر و أصحابه أن يشرعوا لهم الرماح و يتوخوا الأعين، ففعلوا ذلك بالفرس فقلعوا عيون خيولهم، فرجعوا أمام المسلمين لا يملكون كف خيولهم حتى خرجوا من الماء. و اتبعهم عاصم و أصحابه فساقوا و راءهم حتى طردوهم عن الجانب الآخر، و وقفوا على حافة الدجلة من الجانب الآخر و نزل بقية أصحاب عاصم من الستمائة في دجلة فخاضوها حتى و صلوا إلى أصحابهم من الجانب الآخر فقاتلوا مع أصحابهم حتى نفوا الفرس عن ذلك الجانب و كانوا يسمون الكتيبة الأولى كتيبة الأهوال، و أميرها عاصم بن عمر، و الكتيبة الثانية الكتيبة الخرساء و أميرها القعقاع بن عمرو. و هذا كله و سعد و المسلمون ينظرون إلى ما يصنع هؤلاء الفرسان بالفرس، و سعد واقف على شاطيء دجلة. ثم نزل سعد ببقية الجيش، و ذلك حين نظروا إلى الجانب الآخر قد تحصن بمن حصل فيه من الفرسان المسلمين، و قد أمر سعد المسلمين عند دخول الماء أن يقولوا: نستعين بالله و نتوكل عليه، حسبنا الله و نعم الوكيل، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم اقتحم بفرسه دجله و اقتحم الناس لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، فلا يري وجه الماء من الفرسان و الرجالة، و جعل الناس يتحدثون على وجه الماء كما يتحدثون على وجه الأرض، و ذلك لما حصل لهم من الطمأنينة و الأمن، و الوثوق بأمر الله و وعد ه و نصره و تأييده، و لأن أميرهم سعد بن أبي و قاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، و قد توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنه راض، و دعا له. فقال: " اللهم أجب دعوته، و سدد رميته " و المقطوع به أن سعدا دعا لجيشه هذا في هذا اليوم بالسلامة و النصر، و قد رمى بهم في هذا اليم فسددهم الله و سلمهم، فلم يفقد من المسلمين رجل واحد غير أن رجلا واحدا يقال له غرقدة البارقي، زل عن فرس له شقراء، فأخذ القعقاع ابن عمرو بلجامها، و أخذ بيد الرجل حتى عدله على فرسه، و كان من الشجعان، فقال: عجز النساء أن يلدن مثل القعقاع بن عمرو ".
3 – أبو مسلم الخولاني - السير على نهر دجلة
أبو مسلم الخولاني وهو تابعي نقل عنه العديد من الكرامات (النجاة من النار، السير على الماء، ومخاطبة غراب) وعندما غزا أرض الروم مروا بنهر وقال لأصحابه: "أجيزوا بسم الله "، ومر بين أيديهم فمروا خلفه على الماء، فلم يبلغ من الدواب إلا إلى الركب، وكان يدعو ويقول: "اللهم أجزت بني إسرائيل البحر، وإنا عبادك في سبيلك فأجزنا هذا النهر "، ثم قال: "اعبروا بسم الله ".
وقد ذكر الإمام النووي العديد من " كرامات "أبي مسلم الخولاني ومنها ما رواه الإمام أحمد في كتاب "الزهد" أن أبا مسلم الخولاني مر بنهر دجلة وهي ترمي الخشب من برها فمشى على الماء ثم التفت إلى أصحابه فقال هل تفقدون من متاعكم شيئاً فندعو الله عز وجل؟ قال: ورواه الإمام أحمد من طريق آخر وفيه أن أبا مسلم وقف على دجلة ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه ثم ذكر آلاءه ونعماءه وذكر سير بني إسرائيل في البحر ثم نهز دابته فانطلقت تخوض في دجلة واتبعها الناس حتى قطعها الناس إلى الجانب الآخر.
وقال ابن كثير: " و قد ذكر الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، في ترجمة أبي عبد الله بن أيوب الخولاني هذه القصة بأبسط من هذه من طريق بقية بن الوليد: حدثني محمد بن زياد عن أبي مسلم الخولاني أنه كان إذا غزا أرض الروم فمروا بنهر قال: أجيزوا بسم الله قال: و يمر بين أيديهم فيمرون على الماء فما يبلغ من الدواب إلا إلى الركب، أو في بعض ذلك، أو قريبا من ذلك، قال: و إذا جازوا قال للناس: هل ذهب لكم شيء؟ من ذهب له شيء فأنا ضامن، قال: فألقى مخلاة عمداً، فلما جاوزوا قال الرجل: مخلاتي وقعت في النهر، قال له: اتبعني، فإذا المخلاة قد تعلقت ببعض أعواد النهر، فقال: خذها ".
و قد رواه ابن عساكر من طريق أخري عن عبد الكريم بن رشيد عن حميد بن هلال العدوي: حدثني ابن عمي أخي أبي قال: خرجت مع أبي مسلم في جيش فأتينا على نهر عجاج منكر، فقلنا لأهل القرية: أين المخاضة؟ فقالوا: ما كانت ههنا مخاضة و لكن المخاضة أسفل منكم على ليلتين، فقال أبو مسلم: اللهم أجزت بني إسرائيل البحر، و إنا عبيدك و في سبيلك، فأجزنا هذا النهر اليوم، ثم قال: اعبروا بسم الله قال ابن عمي: و أنا على فرس فقلت: لأدفعنه أول الناس خلف فرسه، قال: فواللَّه ما بلغ الماء بطون الخيل حتى عبر الناس كلهم، ثم وقف و قال: يا معشر المسلمين، هل ذهب لأحد منكم شيء فأدعو الله تعالى يرده؟ "."
وكل هذه الروايات لم تحدث ولم يقع منها أى شىء فكلها أكاذيب فكما سبق القول الآيات لا تعطى إلا للرسل(ص) وقد منعها الله عن الناس لأن لا أحد يصدق بها كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها ألأولون"