جمع الشاب الصعيدي محصوله من الكتان وقصد بلاد الشام، كان عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي في أوجهه وكانت الحرب ضد الفرنجة قائمة، إلا أن الهدنة كانت مطمئنة له لبيع محصوله في دمشق. وفي قلب سوريا التقى بها، البيضاء الساحرة التي أسرت قلبه واحتلته ورفعت عليه أعلامها، فتاة فرنجية لا يعلم من أين ألقى القدر بها في طريقه، أما هي فألقت بكل أسلحتها أمام هجوم عينيه الساحرة واستسلمت، أي حرب تلك بين قلبين.
http://img1.liveinternet.ru/images/attach/c/3/121/886/121886729_5642916_salahuddinayubi_b.jpg
عدة ليالي قضياها معًا، إلا أنه أبدًا لم يلمس جسدها، كان هو نفسه مستغربًا من تصرفه، ها هي أمامه وهو يأبى أن يمسها، ومرت الأيام وغادر هو وحبيبته الفرنجية وعاد إلى بلاده مصر.
الزمن يمر والأوضاع تتغير، انتهت الهدنة وعاد العرب والفرنجة إلى الحرب، أي مكان لحب كهذا في زمن الحرب؟ ربما لم يكن ليسأل هذا السؤال إلا حين غادر إلى دمشق مجددًا، هذه المرة يتاجر في الأسيرات اللاتي اتخذن عبيدًا، ثم رآها، لا تزال بسحرها الجذاب ليخفق قلبه في لحظتها، كانت أسيرة سجينة من سجناء الفرنجة في بلاد الشام، أي مكان لحب كهذا في زمن الحرب؟ اليوم يسأل السؤال بالفعل، العربي والفرنجية السجينة، أحباء في أجواء عدائية، فهل يصح أن نحب أعدائنا؟
ربما كان بحاجة إلى ما يدله على الطريق، وأتى الدليل في صورة انفراجة، لقد أطلق سراح السجينة وأصبحت حرة طليقة، فما عساها تفعل مع عاشقها المصري؟ اختارت الفرنجية أن تعتنق الإسلام وتتزوج حبيبها الأسمر، إذا كان بين بلادهما عداوة فقد اختارت أن توقع معاهدة سلام شخصية مع عدوها واختار هو أن يحتويها، لكن الاختيار الأصعب كان ليأتي لاحقًا.
http://www.nbcamp.com/uploader/uploader/d9f3e3c6db.jpg
مرت الأيام على الحبيبين وهما معًا، حتى اتفق السلطان والفرنجة على معاهدة بموجبها يتم إعادة الأسرى المسيحيين إلى بلادهم. انتقلت عيناها بين وجه زوجها ومشهد رحيل أبناء بلادها الأسرى، كان عليها الاختيار بين أحب ما لديها، بلادها وزوجها، وكان القرار صعبًا، ربما حاول زوجها أن يقنعها بالبقاء معه أو ربما اختارت هي أن تظل في أحضان حب عمرها، اختارته هو على بلادها، كان هو وطنها الجديد الذي سكنت إليه ولن ترحل عنه.
سنوات عديدة مرت على لقاء الحبيبين، وجلس الرجل ذو البشرة السمراء في بيته محاطًا بأبنائه ذوي البشرة البيضاء، «أبي، لماذا لونك مختلفًا عنا؟»، سأله أحد أبناءه، ليبتسم الأب ويروي لأبناءه قصته وأمهما.. قصة اثنين اختارا الحب على الحرب.. اختارا أن يخفق قلبهما بالعشق على أن يخفق بالكره.. اختارا أن يكون لهما قصتهما الخاصة التي احتفظ بها التاريخ
قصة الحب الحقيقية بين «عيسى العوام» و«لويزا الطاهرة»: لم يكن جنديًا و لكنه حارب مع صلاح الدين ولا مسيحيًا لكنه اشتراها