- المشاركات
- 82,631
- الإقامة
- قطر-الأردن
تسقط الأسواق المالية العالمية بسرعة كبيرة وتكاد لا تسلم منها أي سوق أو حتى أي سهم من الشركات الأساسية. هل يوجد خلل في النظام الرأسمالي العالمي؟ في مبادئه وتطبيقه؟ ما الذي يحصل فعلا وهل له أي علاقة بأزمة 2007/2008 وما تبعها؟ هل أن تصنيف شركة "ستاندرد أند بورز" هو السبب؟ لماذا كل هذا الخوف أو القلق الذي يظهره المستثمرون؟ ما هي علاقة الاقتصاد الحقيقي بالمالي وهل التأثير في الاتجاهين؟ ما هي السياسات الاقتصادية التي يمكن أن تطبق في هذه الظروف وما هو مدى فاعليتها؟ وما هي الوسائل الأكثر فاعلية للتأثير في الأسواق؟
أولا: عند سقوط حائط برلين في 1989، تبين للجميع أن الرأسمالية انتصرت على الأنظمة الأخرى وفي مقدمها الشيوعية. أما اليوم فالنظام الرأسمالي يتعذب ويتألم، وثمة أسباب عدة له. من أهمها أن النظام أصبح معقدا أكثر فأكثر بمؤسساته وقوانينه وأدواته وخصائصه، وتاليا أصبح صعبا ضبط ايقاعه رغم محاولات الجميع عبر صندوق النقد والدول السبع أو العشرين الكبرى. يحتاج النظام الرأسمالي الى منافس كي يستمر صحيا، وهذا ما فقده عندما زالت الشيوعية الاقتصادية. يعاني النظام الرأسمالي كثيرا اتساع الشرخ بين الأغنياء والفقراء بعدما تأثرت أوضاع الطبقات الوسطى سلبا في كل الدول. لجبه هذا الخلل أو المأزق، لا بد مع الوقت من إيجاد نظام ليبيرالي جديد انساني يعتمد مبادئ المنافسة الحرة لكنه يحترم حقوق الضعفاء.
ثانيا: الأزمة الحالية مختلفة جدا عن أزمة 2008 التي كانت مصادرها مصرفية واقراضية عبر أسعار العقارات. أما الأزمة الحالية، فتنبع من تراكم حجم الديون العامة في الولايات المتحدة وأوروبا وبقية العالم* الأزمة الأولى خلّفت الكثير من القلق والخوف عند المستثمرين، وتاليا تراكمت المشكلات التي لم تجد حلولا لها. ع
ثالثا: تأثرت صدقية "ستاندرد أند بورز" سلبا بأزمة 2008 كغيرها من شركات التصنيف التي أعطت علامات عالية لمصارف أفلست بعد أيام وأسابيع. لذا، لا يمكن للتصنيف الأخير أن يحدث أزمة في الأسواق، بل أن تراكم المشكلات وسوء المعالجة مع تصنيف سلبي أو غير سلبي كان سيؤدي بطريقة أو أخرى في وقت أو آخر للنتائج عينها. كان تصنيف الشركة انذارا، بل تنبيها لما يمكن أن يحصل اذا لم تتم المعالجات بالشكل الصحيح. ما المطلوب؟ خفض الانفاق وزيادة الايرادات أي الضرائب وليس الأول فقط كما حصل عبر اتفاق واشنطن في 1/8/2011.
رابعا: ثمة واقع جديد وهو أن الأسواق المالية تنهار بينما الاقتصاد الحقيقي ينمو، وما مؤشرات البطالة في الولايات المتحدة الا لتؤكد حسن سير الأمور. تحصل الأزمة المالية الحالية رغم ايجابيات السوق الحقيقية، وهذا خطير اذ يشير الى الفسخ الكامل بين القطاعين. لذا، المطلوب اصلاحات في العمق لم تحصل بعد، بسبب المصالح والفساد وسوء الرؤية، تؤدي الى عودة القطاع المالي الى تأدية الدور الذي وُجد من أجله وهوالوسيط بين صاحب المال أي المدخر والمستثمر. لا حياة لسوق مالية تعمل من تلقاء نفسها ولا تخدم فعلا وواقعا الاقتصاد الحقيقي. يجب ازالة صفة "الكازينو" عن الأسواق المالية الدولية الحالية والعودة الى منطق العلاقة الصحية بين المال والقطاعات الانتاجية.
خامسا: المؤسف في الظروف الحالية هو عدم استطاعة السياسات الاقتصادية العادية معالجة المشكلات، فالسياسة المالية مقيدة بسبب العجز وتراكم الديون. أما السياسة النقدية، فاستنزفت وسائلها، اذ أن الفوائد متدنية جدا كما تعمل المصارف المركزية على شراء السندات في الأسواق لزيادة حجم الكتلة النقدية. ثمة قيود واقعية بالنسبة الى قدرة وزارات المال والمصارف المركزية على معالجة الأزمة بل جبهها.
سادسا: ما هي الحلول الممكنة؟ رغم سقوط الأسواق المالية، هنالك طلب على سندات الخزينة الأميركية والألمانية كما على الذهب وبعض العملات كالفرنك السويسري. فالثقة في مستقبل أميركا وقدرتها على تسديد ديونها لا تزال اذا موجودة. فالمستثمر يريد الوقاية وحماية نفسه من المخاطر الكبيرة، وهنا يكمن دور الذهب. المطلوب أن يطمئن المستثمر ويعود الى السوق وهذا يفرض على السلطات الرسمية من سياسية أولا واقتصادية ثانيا أن تقوم بدورها المسؤول في معالجة الأزمات وليس تأجيلها. فهل من يسمع أو يهتم؟
الدكتور لويس حبيقة.
*
أولا: عند سقوط حائط برلين في 1989، تبين للجميع أن الرأسمالية انتصرت على الأنظمة الأخرى وفي مقدمها الشيوعية. أما اليوم فالنظام الرأسمالي يتعذب ويتألم، وثمة أسباب عدة له. من أهمها أن النظام أصبح معقدا أكثر فأكثر بمؤسساته وقوانينه وأدواته وخصائصه، وتاليا أصبح صعبا ضبط ايقاعه رغم محاولات الجميع عبر صندوق النقد والدول السبع أو العشرين الكبرى. يحتاج النظام الرأسمالي الى منافس كي يستمر صحيا، وهذا ما فقده عندما زالت الشيوعية الاقتصادية. يعاني النظام الرأسمالي كثيرا اتساع الشرخ بين الأغنياء والفقراء بعدما تأثرت أوضاع الطبقات الوسطى سلبا في كل الدول. لجبه هذا الخلل أو المأزق، لا بد مع الوقت من إيجاد نظام ليبيرالي جديد انساني يعتمد مبادئ المنافسة الحرة لكنه يحترم حقوق الضعفاء.
ثانيا: الأزمة الحالية مختلفة جدا عن أزمة 2008 التي كانت مصادرها مصرفية واقراضية عبر أسعار العقارات. أما الأزمة الحالية، فتنبع من تراكم حجم الديون العامة في الولايات المتحدة وأوروبا وبقية العالم* الأزمة الأولى خلّفت الكثير من القلق والخوف عند المستثمرين، وتاليا تراكمت المشكلات التي لم تجد حلولا لها. ع
ثالثا: تأثرت صدقية "ستاندرد أند بورز" سلبا بأزمة 2008 كغيرها من شركات التصنيف التي أعطت علامات عالية لمصارف أفلست بعد أيام وأسابيع. لذا، لا يمكن للتصنيف الأخير أن يحدث أزمة في الأسواق، بل أن تراكم المشكلات وسوء المعالجة مع تصنيف سلبي أو غير سلبي كان سيؤدي بطريقة أو أخرى في وقت أو آخر للنتائج عينها. كان تصنيف الشركة انذارا، بل تنبيها لما يمكن أن يحصل اذا لم تتم المعالجات بالشكل الصحيح. ما المطلوب؟ خفض الانفاق وزيادة الايرادات أي الضرائب وليس الأول فقط كما حصل عبر اتفاق واشنطن في 1/8/2011.
رابعا: ثمة واقع جديد وهو أن الأسواق المالية تنهار بينما الاقتصاد الحقيقي ينمو، وما مؤشرات البطالة في الولايات المتحدة الا لتؤكد حسن سير الأمور. تحصل الأزمة المالية الحالية رغم ايجابيات السوق الحقيقية، وهذا خطير اذ يشير الى الفسخ الكامل بين القطاعين. لذا، المطلوب اصلاحات في العمق لم تحصل بعد، بسبب المصالح والفساد وسوء الرؤية، تؤدي الى عودة القطاع المالي الى تأدية الدور الذي وُجد من أجله وهوالوسيط بين صاحب المال أي المدخر والمستثمر. لا حياة لسوق مالية تعمل من تلقاء نفسها ولا تخدم فعلا وواقعا الاقتصاد الحقيقي. يجب ازالة صفة "الكازينو" عن الأسواق المالية الدولية الحالية والعودة الى منطق العلاقة الصحية بين المال والقطاعات الانتاجية.
خامسا: المؤسف في الظروف الحالية هو عدم استطاعة السياسات الاقتصادية العادية معالجة المشكلات، فالسياسة المالية مقيدة بسبب العجز وتراكم الديون. أما السياسة النقدية، فاستنزفت وسائلها، اذ أن الفوائد متدنية جدا كما تعمل المصارف المركزية على شراء السندات في الأسواق لزيادة حجم الكتلة النقدية. ثمة قيود واقعية بالنسبة الى قدرة وزارات المال والمصارف المركزية على معالجة الأزمة بل جبهها.
سادسا: ما هي الحلول الممكنة؟ رغم سقوط الأسواق المالية، هنالك طلب على سندات الخزينة الأميركية والألمانية كما على الذهب وبعض العملات كالفرنك السويسري. فالثقة في مستقبل أميركا وقدرتها على تسديد ديونها لا تزال اذا موجودة. فالمستثمر يريد الوقاية وحماية نفسه من المخاطر الكبيرة، وهنا يكمن دور الذهب. المطلوب أن يطمئن المستثمر ويعود الى السوق وهذا يفرض على السلطات الرسمية من سياسية أولا واقتصادية ثانيا أن تقوم بدورها المسؤول في معالجة الأزمات وليس تأجيلها. فهل من يسمع أو يهتم؟
الدكتور لويس حبيقة.
*