- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
الحكومة الأمريكية مفلسة وعاجزة عن سداد ديونها التي تزيد عن أكثر من 20 تريليون دولار، واحدة من أكثر الخرافات الاقتصادية المنتشرة، وعلى الرغم من أن جزءا من المنطلقات المبنية عليها تلك الخرافة صحيح، إلا أنها في نفس الوقت مضللة.
تكمن المشكلة في أن الكثير يتعامل مع الميزانية العمومية للحكومة الأمريكية بنفس الطريقة التي يعاملون بها الميزانية العمومية للشركات والمؤسسات التجارية، متجاهلين فارق مهم جدًا وهو أن سلطة الحكومة كمصدر حصري ووحيد للعملة المحلية.
الحكومة الأمريكية تتمتع بسلطة فرض الضرائب على اقتصاد يبلغ حجمه حوالي 22% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يمكنها من الوصول إلى كمية من الإيرادات لا يحصل عليها أي دولة أخرى في العالم.
من الناحية الأخرى، يمتلك الكونجرس الأمريكي السلطة للسماح للبنك المركزي بشراء كافة السندات التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية، وهذا يعني أن الحكومة الأمريكية قادرة على أن تمول عجزها المالي من خلال كيان تابع لها، وهو ما يلغي خطر تخلفها عن السداد.
وفي ذات الوقت، تمتلك الولايات المتحدة محفظة هائلة من الأصول نادرًا ما تذكرها وسائل الإعلام الأساسية، حيث تشير تقديرات معهد أبحاث الطاقة إلى أن موارد الوقود الأحفوري التابعة للحكومة الأمريكية تقترب قيمتها من نحو155 تريليون دولار، أي ما يعادل 10 أضعاف الدين الوطني الأمريكي.
هذا بخلاف قيمة الأراضي والمناطق البحرية والموارد المعدنية المملوكة للحكومة الفيدرالية والديون التابعة لكل من الاحتياطي الفيدرالي وصندوق الضمان الاجتماعي، فقيمة هذه الأصو تتجاوز قيمة التزامات الحكومة بهامش كبير جدًا.
ولكن كل هذا لا يعني أن الحكومة الأمريكية لديها القدرة على أن تنفق كيفما تشاء دون أي عواقب سلبية، فالحكومة الأمريكية والحكومات بشكل عام لديها قيود مختلفة عن تلك الخاصة بالشركات، فمثلًا لا تستطيع الشركات فرض الضرائب أو طباعة الدولار أو اقتراض أموال بمعدل فائدة باستطاعة البنك المركزي تحديده، وهذا هو السبب وراء قدرة الولايات المتحدة على تحمل العجز المستمر في ميزانيتها العمومية خلال معظم تاريخها.
مشكلة الحكومة الأمريكية ليست عدم قدرتها على سداد التزاماتها، حيث إن ذلك غير ممكن عمليًا، وإنما هي حجم السيولة المتوفر لدى القطاع الخاص، والتي تتحكم بشكل أساسي في معدل التضخم، وبالتالي فإن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها أمريكا هي التضخم وليس الملاءة المالية.
في كل الأحوال، ما دامت القاعدة الإنتاجية الأمريكية ثابتة ومستمرة، وما دام الدولار الأمريكي هو عملة الاحتياط الأولى على مستوى العالم، فمن الصعب أن تواجه الولايات المتحدة أي مشكلة في سداد التزاماتها.