كانت فكرة العملات الرقمية تتداول في الأوساط الأكاديمية منذ سبعينات القرن العشرين، ومع ذلك استغرقت هذه الفكرة وقتا طويلا لتظهر بشكل فعلي في صورة عملة البيتكوين في عام 2009. وعلى مدار التسع سنوات الماضية نمت البيتكوين واستطاعت أن تدخل في مجالات السياسة النقدية، التمويل، الاقتصاد، والتجارة الإلكترونية، وتوسعت هذه الصناعة لتشمل أكثر من 2000 عملة رقمية أخرى.
وفي أواخر العام الماضي، تحديدا في ديسمبر، وصل سوق التشفير لأعلى مستويات له مع ارتفاع سعر البيتكوين إلى ما يقرب من 20.000 دولار، بنسبة ارتفاع تجاوزت 1400%، وبلغت القيمة الإجمالية للسوق حوالي 700 مليار دولار.
ومنذ هذه الفترة، بدأت الفقاعة تتفجر، وتراجع سعر البيتكوين بنسبة 53% ليصل إلى حوالي 6500 دولار، وعلى التوالي تراجع نمو السوق بنسبة 56%، وبلغت القيمة السوقية الإجمالية 209 مليار دولار.
بعد هذا التذبذب الكبير، انتشر الجدل والاضطراب بين الناس، البعض يظن أن العملات الرقمية ستصبح مستقبل المال، والبعض الآخر يرى أن العملات الرقمية ستختفي في نهاية المطاف، وإليكم مجموعة من التوقعات بشأن مستقبل هذه الصناعة الناشئة:
أولا البيتكوين ستظل قائدة سوق التشفير:
لا تزال البيتكوين أكبر عملة رقمية في سوق التشفير، ويمكن تتبع أول تفاعل لمعظم الناس مع تقنية البلوكتشين أو العملات الرقمية إلى البيتكوين، وحاليا تهيمن البيتكوين على السوق بنسبة 53%، وبالتالي غالبا ما يحدد سعرها أداء بقية العملات الرقمية في السوق.
وتشير حقائق السوق إلي أن هيمنة البيتكوين قد لا تزيد مستقبليا ولكنها لن تتراجع، وستظل قائدة السوق، ونظرا لارتباط العملات الرقمية الأخرى بالبيتكوين فإن المستثمرين سيبذلون قصارى جهدهم للاهتمام بالبيتكوين وأدائها.
ثانيا مجموعة من التغيرات الكبيرة في انتظار منصات التداول:
تلعب منصات تداول العملات الرقمية دورا هاما من تسهيل عمليات تبادل وشراء وبيع العملات الرقمية، ولكن مركزية هذه المنصات في تناقض رهيب مع مفهوم اللامركزية الذي تروج له صناعة التشفير، وجعلت هذه المنصات عرضة للقرصنة والسرقة وعمليات الاحتيال، لذا فمن المتوقع أن يشهد سوق التشفير ظهور عدد كبير من منصات التداول اللامركزية.
ثالثا استمرار الطبيعة المتقلبة للأصول الرقمية:
تعتبر العملات الرقمية متقلبة بطبيعتها، ما جعلها أداة لتحقيق العديد من الثروات وتكبد الخسائر المهولة في وقت واحد، ويرجع سبب تقلب العملات الرقمية هو كون هذه الصناعة في مراحها المبكرة. ولن تستطيع العملات الرقمية التغلب على التقلب إلا في حالة حصولها على التبني الجماعي لها وقدرتها على الصمود أمام عناوين الأخبار وعدم التأثر بها سلبيا أو إيجابيا.
رابعا دخول المزيد من المؤسسات الاستثمارية إلى السوق:
في بداية عالم العملات الرقمية، ابتعدت عنها المؤسسات المالية التقليدية وانتقدتها للعديد من الأسباب، ولكن سوق التشفير استطاع أن يثبت قوته وقدرته على الصمود أمام العديد من العقبات مما غير وجهة نظر المؤسسات المالية السلبية تجاه العملات الرقمية، وبدأ البعض يدرس إمكانية دخول هذا السوق وإنشاء صناديق استثمار متداولة تعتمد على العملات الرقمية وهو ما قد يحدث بالفعل قريبا.