تدخّل المصرف المركزي
حكّام المصارف المركزية يحكمون اقتصاد بهدف ضمان الإستقرار المالي. وعقب الكساد الكبير الذي بدأ بثلاثاء أسود (29 أكتوبر 1929)، بات من الواضح أنّ الساسة لم يرغبوا بترك الإزدهار الاقتصادي بيد الحظّ والصدفة. أرادوا السيطرة على الاقتصاد بهدف تفادي حدوث كساد كبير جديد.
ومن الرماد المتصاعد للكساد الكبير هبّت رياح التغيير
تمّ إنشاء مجلس الاحتياطي الفدرالي ضمن بنك الاحتياطي الفدرالي إثر الكساد الكبير وفقًا لقانون مصارف العام 1933. تسلّم مجلس الاحتياطي الفدرالي وظيفة تحديد معدّلات فائدة اقتصاد الولايات المتّحدة. إنّه يقوم بذلك عبر تعديل معدّل الأموال الفدرالي (المعدّل الذي تدفعه المصارف لبعضها البعض على قروض اللّيلة الواحدة).
لو أراد مجلس الاحتياطي الفدرالي تعزيز النمو، بإمكانه تخفيض معدّلات الفائدة بهدف توليد عمليات شراء كبرى كشراء المنازل والسيارات والعقارات.
في حال، من جهة أخرى، كان الاقتصاد ينمو بسرعة فائقة نظرًا الى تنامي المخاوف المحيطة بالتضخّم الذي لا يمكن السيطرة عليه، من المحتمل أن يسعى حكّام المصارف المركزية لزيادة معدّلات الفائدة من أجل جعل استثمارات المداخيل الثابتة أكثر استقطابًا. من الممكن أن تجذب معدّلات الفائدة المرتفعة هذه رؤوس الأموال بهدف الحصول على عائدات أعلى. يؤدّي هذا الأمر الى تباطؤ النمو.
ولكن ماذا يحدث لو لم تنجح تلك السياسة؟
ثمّة مثال جيّد على ذلك في الولايات المتّحدة خلال العامين المنصرمين.
بعد فترة تاريخية من معدّلات الفائدة المتدنّية قياسيًا، معظم المستهلكين الذين رغبوا بشراء العقارت أو السيارات أو المنازل قاموا بذلك بالفعل. وفي ظلّ تباطؤ عمليات الشراء الكبرى، تباطأ معها النمو الاقتصادي. وإذ يواصل النمو الاقتصادي التباطؤ في الولايات المتّحدة، بدأ بالتأثير على غيره من الاقتصادات.
ومع تواجد المعدّلات على مقربة من الصفر من دون القدرة على تخفيضها أكثر، كان على مجلس الاحتياطي الفدرالي البحث عن وسائل أخرى لتحفيز الاقتصاد، وهنا يأتي دور التدخّل.
في يونيو 2010، بدا وكأنّ انهيارًا اقتصاديًا جديدًا بات وشيكًا. أخذ المستثمرون الخائفون من أصداء أزمة عام 2008 يعتبرون هذه المسألة أكثر خطورة وشمولاً، فتهافتوا على استثمارات الملاذت الآمنة، كسندات الخزانة الأميركية. وعلى الرغم من أنّ الولايات المتّحدة لديها معدّلات فائدة متدنّية للغاية مقارنة بغيرها من الدول المتطوّرة، واصل المستثمرون البحث عن الملاذات الآمنة.
في بداية ديسمبر 2010، بدأ زوج اليورو/دولار يتداول فوق مستوى 1.50. وفي وقت قصير جدًا، خسرت قيمة اليورو 20%، وسط بيع المستثمرين اليورو من أجل شراء الدولار الأميركي.
تدخّل المصرف المركزي
اذ خسر الزوج 3000 نقطة أساسية أو 20% من قيمته في فترة ستّة أشهر.
هذا الأمر ليس جيّدًا بالنسبة الى الاقتصادين. وفي حين قد يبدو من المنطقي استفادة الولايات المتّحدة من العملة ذات القيمة الأعلى، ينبغي عليك الغوص الى الأعماق. الاقتصاد العالمي مرتبط بشكل وثيق، فإنّ أي تدهور اقتصادي في أوروبا سيؤثر حتمًا على الولايات المتّحدة. فمن الضروري القيام بأمر ما هنا قبل أن يصبح الوضع خارج عن السيطرة وينتهي العالم في دوامة الركود التي أجّجت الأزمة المالية التي حصلت في العام 2008.
أدرج مجلس الاحتياطي الفدرالي سياسة التيسير الكمّي. ومن خلال التيسير الكمّي، خلق بنك الاحتياطي الفدرالي المال لشراء الأصول (كالسندات البعيدة الأجل) بهدف ضخّ رؤوس الأموال الجديدة هذه في النظام المالي.
تزيد هذه الخطوة من احتياطيات المصارف، ما يسمح لها بإضافة السيولة الى النظام في ظلّ تعزيز الطلبات على الأصول التي يقومون بشرائها. أدّت هذه الطلبات الى ارتفاع الأسعار (وانخفاض العائدات)؛ تتابع السيولة التداول ضمن النظام بما أنّ المصارف باتت تملك رؤوس أموال أكبر للإقراض.
بإمكاننا رؤية تبلور ذلك على الرسم البياني التابع لزوج اليورو/دولار خلال النصف الثاني من العام 2010. بعد أن تدخّل مجلس الاحتياطي الفدرالي في الدولار الأميركي بواسطة سياسة التيسير الكمّي، بدأ الدولار الأميركي التراجع بسبب هذه الأموال الجديدة التي تمّ خلقها.
تدخّل المصرف المركزي
بحلول منتصف نوفمبر 2010، ارتفع سعر اليورو/دولار من جديد فوق مستوى 1.40؛ ما يساوي ارتفاعًا بأكثر من 16% في حوالى الخمسة أشهر. ساهم ذلك أيضًا في تفادي الإنهيار الاقتصادي العالمي الذي كان ليحصل لو لم يتدخّل مجلس الاحتياطي الفدرالي في الأسواق المالية.
حكّام المصارف المركزية يحكمون اقتصاد بهدف ضمان الإستقرار المالي. وعقب الكساد الكبير الذي بدأ بثلاثاء أسود (29 أكتوبر 1929)، بات من الواضح أنّ الساسة لم يرغبوا بترك الإزدهار الاقتصادي بيد الحظّ والصدفة. أرادوا السيطرة على الاقتصاد بهدف تفادي حدوث كساد كبير جديد.
ومن الرماد المتصاعد للكساد الكبير هبّت رياح التغيير
تمّ إنشاء مجلس الاحتياطي الفدرالي ضمن بنك الاحتياطي الفدرالي إثر الكساد الكبير وفقًا لقانون مصارف العام 1933. تسلّم مجلس الاحتياطي الفدرالي وظيفة تحديد معدّلات فائدة اقتصاد الولايات المتّحدة. إنّه يقوم بذلك عبر تعديل معدّل الأموال الفدرالي (المعدّل الذي تدفعه المصارف لبعضها البعض على قروض اللّيلة الواحدة).
لو أراد مجلس الاحتياطي الفدرالي تعزيز النمو، بإمكانه تخفيض معدّلات الفائدة بهدف توليد عمليات شراء كبرى كشراء المنازل والسيارات والعقارات.
في حال، من جهة أخرى، كان الاقتصاد ينمو بسرعة فائقة نظرًا الى تنامي المخاوف المحيطة بالتضخّم الذي لا يمكن السيطرة عليه، من المحتمل أن يسعى حكّام المصارف المركزية لزيادة معدّلات الفائدة من أجل جعل استثمارات المداخيل الثابتة أكثر استقطابًا. من الممكن أن تجذب معدّلات الفائدة المرتفعة هذه رؤوس الأموال بهدف الحصول على عائدات أعلى. يؤدّي هذا الأمر الى تباطؤ النمو.
ولكن ماذا يحدث لو لم تنجح تلك السياسة؟
ثمّة مثال جيّد على ذلك في الولايات المتّحدة خلال العامين المنصرمين.
بعد فترة تاريخية من معدّلات الفائدة المتدنّية قياسيًا، معظم المستهلكين الذين رغبوا بشراء العقارت أو السيارات أو المنازل قاموا بذلك بالفعل. وفي ظلّ تباطؤ عمليات الشراء الكبرى، تباطأ معها النمو الاقتصادي. وإذ يواصل النمو الاقتصادي التباطؤ في الولايات المتّحدة، بدأ بالتأثير على غيره من الاقتصادات.
ومع تواجد المعدّلات على مقربة من الصفر من دون القدرة على تخفيضها أكثر، كان على مجلس الاحتياطي الفدرالي البحث عن وسائل أخرى لتحفيز الاقتصاد، وهنا يأتي دور التدخّل.
في يونيو 2010، بدا وكأنّ انهيارًا اقتصاديًا جديدًا بات وشيكًا. أخذ المستثمرون الخائفون من أصداء أزمة عام 2008 يعتبرون هذه المسألة أكثر خطورة وشمولاً، فتهافتوا على استثمارات الملاذت الآمنة، كسندات الخزانة الأميركية. وعلى الرغم من أنّ الولايات المتّحدة لديها معدّلات فائدة متدنّية للغاية مقارنة بغيرها من الدول المتطوّرة، واصل المستثمرون البحث عن الملاذات الآمنة.
في بداية ديسمبر 2010، بدأ زوج اليورو/دولار يتداول فوق مستوى 1.50. وفي وقت قصير جدًا، خسرت قيمة اليورو 20%، وسط بيع المستثمرين اليورو من أجل شراء الدولار الأميركي.
تدخّل المصرف المركزي
اذ خسر الزوج 3000 نقطة أساسية أو 20% من قيمته في فترة ستّة أشهر.
هذا الأمر ليس جيّدًا بالنسبة الى الاقتصادين. وفي حين قد يبدو من المنطقي استفادة الولايات المتّحدة من العملة ذات القيمة الأعلى، ينبغي عليك الغوص الى الأعماق. الاقتصاد العالمي مرتبط بشكل وثيق، فإنّ أي تدهور اقتصادي في أوروبا سيؤثر حتمًا على الولايات المتّحدة. فمن الضروري القيام بأمر ما هنا قبل أن يصبح الوضع خارج عن السيطرة وينتهي العالم في دوامة الركود التي أجّجت الأزمة المالية التي حصلت في العام 2008.
أدرج مجلس الاحتياطي الفدرالي سياسة التيسير الكمّي. ومن خلال التيسير الكمّي، خلق بنك الاحتياطي الفدرالي المال لشراء الأصول (كالسندات البعيدة الأجل) بهدف ضخّ رؤوس الأموال الجديدة هذه في النظام المالي.
تزيد هذه الخطوة من احتياطيات المصارف، ما يسمح لها بإضافة السيولة الى النظام في ظلّ تعزيز الطلبات على الأصول التي يقومون بشرائها. أدّت هذه الطلبات الى ارتفاع الأسعار (وانخفاض العائدات)؛ تتابع السيولة التداول ضمن النظام بما أنّ المصارف باتت تملك رؤوس أموال أكبر للإقراض.
بإمكاننا رؤية تبلور ذلك على الرسم البياني التابع لزوج اليورو/دولار خلال النصف الثاني من العام 2010. بعد أن تدخّل مجلس الاحتياطي الفدرالي في الدولار الأميركي بواسطة سياسة التيسير الكمّي، بدأ الدولار الأميركي التراجع بسبب هذه الأموال الجديدة التي تمّ خلقها.
تدخّل المصرف المركزي
بحلول منتصف نوفمبر 2010، ارتفع سعر اليورو/دولار من جديد فوق مستوى 1.40؛ ما يساوي ارتفاعًا بأكثر من 16% في حوالى الخمسة أشهر. ساهم ذلك أيضًا في تفادي الإنهيار الاقتصادي العالمي الذي كان ليحصل لو لم يتدخّل مجلس الاحتياطي الفدرالي في الأسواق المالية.