- المشاركات
- 82,631
- الإقامة
- قطر-الأردن
*
إنها لأوقات نادرة واستثنائية. هذا لا شك فيه إطلاقا.
من جهة أولى هناك إشارات إيجابية تصدر في مرحلة زمنية تستشري المعطيات المقلقة فيها، فتستبشر الغالبية بها، وتسارع الى التجاوب معها. هناك أيضا العديد من المعطيات السلبية - وغالبيتها تتعلق بأزمة الديون الاوروبية - التي تصدر من هنا وهناك فإذا الأسواق تصغي الى أنبائها وتتردد في مسيرتها، ثم سرعان ما تتجاهلها وتسير طريقها غير مبالية.
حتى الكلام التحذيري الخطير الذي صدر عن رئيس المركزي الاوروبي " جان كلود تريشه " أواسط الأسبوع الفائت، عندماحذر من أزمة تطال النظام المالي، أعارته الأسواق القليل من الإهتمام وتشبثت بتفاؤلها.*
في أوضاع عادية طبيعية تُعَدّ هذه الظاهرة دليلا قاطعا على كون الأسواق بلغت الحد الأقصى في تراجعها، وهي في طور تكوين القاعدة المُمَهّدة للارتداد الصعودي القادم لا محالة..
ولكننا في ظروف غير عادية.. هل يصح إعطاء هذا التفسير أيضا لما يحدث الآن؟
في هذا الإطار لا بد من التنبه الى إمكانية انعكاس الصورة. الى إمكانية ان تكون التفسيرات الايجابية المُشاعة هي وليدة التفاؤل المُفرط في الأسواق، ونتيجة للإقبال المتفلت على الشراء، لا أن يكون التفاؤل المُفرط هو وليد الأخبار الايجابية. إن صحّ هذا التفسير - وهو على قرب حقيقي من الحقيقة - فالحذر يكون مطلوبا، والتحفظ على ما يحدث مرغوبا...
من جهة ثانية، وعلى الضفة المقابلة، الكثير من الأخبار والسيناريوهات السوداء التي يبشر بعضها بالكساد الكبير القادم، وبعضها الآخر بالنهاية الوشيكة على المستوى العالمي للنظامين الاقتصادي والمالي. الديون.. كبريات*البنوك.. العدوى.. وكالات التصنيف الإئتماني المتربصة بالدول والبنوك. حتى بنوك كبرى من مثل " دوتشيه بنك" و " بنك اوف امريكا" و " جولدمن ساكس " لن تنجوَ من أحكامها القاسية.
المتشككون المستندون الى هذه السيناريوهات يتصدى بعضهم لكل ارتفاع للاسواق فيراهنون على كونه الارتفاع الأخير، وينتظر بعضهم الآخر الساعة المناسبة للرهان. ولكن المراهنين لم يوفقوا بعد بصد الأسواق والمترقبون لم تحن ساعتهم بعد.
*
ومن يملك الحقيقة؟ من يجب أن نصدق؟
*
رئيس " دوتشيه بنك " " جوزف أكرمان " *الذي يؤكد جازما ان مصرفه محصن تماما ضد الأزمة؟ أم وكالة " فيتش " التي تنذر بتخفيض قادم لتصنيف المصرف؟
نصدق وزير المالية الأميركي الذي يجزم بأن أوروبا تمتلك القدرة على التحكم بالأزمة، وأن لا حاجة لها للإستعانة بمقدرات صندوق النقد الدولي الغير كافية؟ أم نصدق " جان كلود تريه " الذي يحذر من ازمة نظام مالي؟
وماذا عن " جورج سوروس " وغيره من الاقتصاديين الذين يحذرون الأوروبيين من تسببهم بأزمة عالمية ان لم يداووا جراحهم بسرعة؟ أم نصدق " أنجيلا ميركل " المستشارة الألمانية التي تصر على ان الأزمة الاوروبية لا تزال قابلة لأن تكون تحت السيطرة، وأن اليورو بخير؟
*
وكيف يجب أن نتصرف في مثل هذه الظروف؟
*
نحن، نحن الذين نصغي الى كل الأطراف ولا نستطيع الغوص في خبايا البنوك وخفايا صناديقها- البيضاء منها والسوداء - . نحن الذين يستحيل علينا التأكد من نوايا السياسيين وألاعيبهم. نحن، لا تبقى لنا سوى خلاصة لتحليلات نصل اليها بعد الإطلاع على ما توفر من معطيات مُعلنة، وعلى ضوء محطات تاريخية سبق لنا ان عايشناها وأفدنا من خلاصاتها.
*
ماذا تقول هذه الخلاصات الآن؟
*
هي تقول إنه علينا الإعراض عن التصريحات، وسؤال السوق عما نريد معرفته. السوق هو الأصدق إن نحن نجحنا في فهم طبيعة حركته.
الظاهر من حركة السوق يقول إن ما يجري حاليا يتطابق مع القاعدة التالية: عندما لا يريد السوق التوجه نزولا، يرتفع. لكنه يرتفع بمقدار ما يستطيع، وحتى يصل الى نقطة يعجز معها عن إكمال الطريق. هنا يؤثر التراجع.
إذا السوق يرتفع الآن لكونه لا يريد التراجع، وليس لأنه يريد الإرتفاع.
هذا يعني:
*
إن تحذيرا صغيرا لا بد منه: إن المرحلة التفاؤلية الراهنة قد تخفي في طياتها مخاطر بانهيارات مفاجئة إن هي قيست بالواقع السائد بالنسبة لما تواجهه البنوك من مطبات قادمة. طالما انه لا حلول واضحة تفاصيلها حيال ما تواجهه مالية بعض البلدان الاوروبية فان موجات بيع قوية في أسواق الأسهم قد تطرأ. هي بالطبع ستجر معها عملات عديدة الى الحضيض من جديد وعلى رأسها اليورو. السندات ستستفيد من الهروب الى الأمان وكذلك الدولار.
إن من يريد الأمان والإبتعاد عن المزالق والمفاجآت عليه أن يبتعد في هذه الأوقات عن الاستثمار بقوة في السوق، ولا بأس له بالتداول القريب المدى الذي يبقيه بمنجى نسبي من المفاجآت المرشحة للدخول على المعادلة في أي وقت.
ويبقى الموعد الأهم اوروبيا في ال 23 من اوكتوبر الجاري. انها القمة الاوروبية المُنتظر ان تعطي تفاصيل دقيقة حول سُبُل إعادة رسملة البنوك.
وكل ما يسبقها من محطات بيانية سواء ما تعلق منها بالبيئة الإقتصادية في هذه القارة او تلك، او بنتائج هذه الشركة أو تلك، فان تأثيراتها* ستكون ظرفية واندفاعات السوق الصعودية - ان حدثت - ستجد دوما من يصدها...
*
إنها لأوقات نادرة واستثنائية. هذا لا شك فيه إطلاقا.
من جهة أولى هناك إشارات إيجابية تصدر في مرحلة زمنية تستشري المعطيات المقلقة فيها، فتستبشر الغالبية بها، وتسارع الى التجاوب معها. هناك أيضا العديد من المعطيات السلبية - وغالبيتها تتعلق بأزمة الديون الاوروبية - التي تصدر من هنا وهناك فإذا الأسواق تصغي الى أنبائها وتتردد في مسيرتها، ثم سرعان ما تتجاهلها وتسير طريقها غير مبالية.
حتى الكلام التحذيري الخطير الذي صدر عن رئيس المركزي الاوروبي " جان كلود تريشه " أواسط الأسبوع الفائت، عندماحذر من أزمة تطال النظام المالي، أعارته الأسواق القليل من الإهتمام وتشبثت بتفاؤلها.*
في أوضاع عادية طبيعية تُعَدّ هذه الظاهرة دليلا قاطعا على كون الأسواق بلغت الحد الأقصى في تراجعها، وهي في طور تكوين القاعدة المُمَهّدة للارتداد الصعودي القادم لا محالة..
ولكننا في ظروف غير عادية.. هل يصح إعطاء هذا التفسير أيضا لما يحدث الآن؟
في هذا الإطار لا بد من التنبه الى إمكانية انعكاس الصورة. الى إمكانية ان تكون التفسيرات الايجابية المُشاعة هي وليدة التفاؤل المُفرط في الأسواق، ونتيجة للإقبال المتفلت على الشراء، لا أن يكون التفاؤل المُفرط هو وليد الأخبار الايجابية. إن صحّ هذا التفسير - وهو على قرب حقيقي من الحقيقة - فالحذر يكون مطلوبا، والتحفظ على ما يحدث مرغوبا...
من جهة ثانية، وعلى الضفة المقابلة، الكثير من الأخبار والسيناريوهات السوداء التي يبشر بعضها بالكساد الكبير القادم، وبعضها الآخر بالنهاية الوشيكة على المستوى العالمي للنظامين الاقتصادي والمالي. الديون.. كبريات*البنوك.. العدوى.. وكالات التصنيف الإئتماني المتربصة بالدول والبنوك. حتى بنوك كبرى من مثل " دوتشيه بنك" و " بنك اوف امريكا" و " جولدمن ساكس " لن تنجوَ من أحكامها القاسية.
المتشككون المستندون الى هذه السيناريوهات يتصدى بعضهم لكل ارتفاع للاسواق فيراهنون على كونه الارتفاع الأخير، وينتظر بعضهم الآخر الساعة المناسبة للرهان. ولكن المراهنين لم يوفقوا بعد بصد الأسواق والمترقبون لم تحن ساعتهم بعد.
*
ومن يملك الحقيقة؟ من يجب أن نصدق؟
*
رئيس " دوتشيه بنك " " جوزف أكرمان " *الذي يؤكد جازما ان مصرفه محصن تماما ضد الأزمة؟ أم وكالة " فيتش " التي تنذر بتخفيض قادم لتصنيف المصرف؟
نصدق وزير المالية الأميركي الذي يجزم بأن أوروبا تمتلك القدرة على التحكم بالأزمة، وأن لا حاجة لها للإستعانة بمقدرات صندوق النقد الدولي الغير كافية؟ أم نصدق " جان كلود تريه " الذي يحذر من ازمة نظام مالي؟
وماذا عن " جورج سوروس " وغيره من الاقتصاديين الذين يحذرون الأوروبيين من تسببهم بأزمة عالمية ان لم يداووا جراحهم بسرعة؟ أم نصدق " أنجيلا ميركل " المستشارة الألمانية التي تصر على ان الأزمة الاوروبية لا تزال قابلة لأن تكون تحت السيطرة، وأن اليورو بخير؟
*
وكيف يجب أن نتصرف في مثل هذه الظروف؟
*
نحن، نحن الذين نصغي الى كل الأطراف ولا نستطيع الغوص في خبايا البنوك وخفايا صناديقها- البيضاء منها والسوداء - . نحن الذين يستحيل علينا التأكد من نوايا السياسيين وألاعيبهم. نحن، لا تبقى لنا سوى خلاصة لتحليلات نصل اليها بعد الإطلاع على ما توفر من معطيات مُعلنة، وعلى ضوء محطات تاريخية سبق لنا ان عايشناها وأفدنا من خلاصاتها.
*
ماذا تقول هذه الخلاصات الآن؟
*
هي تقول إنه علينا الإعراض عن التصريحات، وسؤال السوق عما نريد معرفته. السوق هو الأصدق إن نحن نجحنا في فهم طبيعة حركته.
الظاهر من حركة السوق يقول إن ما يجري حاليا يتطابق مع القاعدة التالية: عندما لا يريد السوق التوجه نزولا، يرتفع. لكنه يرتفع بمقدار ما يستطيع، وحتى يصل الى نقطة يعجز معها عن إكمال الطريق. هنا يؤثر التراجع.
إذا السوق يرتفع الآن لكونه لا يريد التراجع، وليس لأنه يريد الإرتفاع.
هذا يعني:
*
إن تحذيرا صغيرا لا بد منه: إن المرحلة التفاؤلية الراهنة قد تخفي في طياتها مخاطر بانهيارات مفاجئة إن هي قيست بالواقع السائد بالنسبة لما تواجهه البنوك من مطبات قادمة. طالما انه لا حلول واضحة تفاصيلها حيال ما تواجهه مالية بعض البلدان الاوروبية فان موجات بيع قوية في أسواق الأسهم قد تطرأ. هي بالطبع ستجر معها عملات عديدة الى الحضيض من جديد وعلى رأسها اليورو. السندات ستستفيد من الهروب الى الأمان وكذلك الدولار.
إن من يريد الأمان والإبتعاد عن المزالق والمفاجآت عليه أن يبتعد في هذه الأوقات عن الاستثمار بقوة في السوق، ولا بأس له بالتداول القريب المدى الذي يبقيه بمنجى نسبي من المفاجآت المرشحة للدخول على المعادلة في أي وقت.
ويبقى الموعد الأهم اوروبيا في ال 23 من اوكتوبر الجاري. انها القمة الاوروبية المُنتظر ان تعطي تفاصيل دقيقة حول سُبُل إعادة رسملة البنوك.
وكل ما يسبقها من محطات بيانية سواء ما تعلق منها بالبيئة الإقتصادية في هذه القارة او تلك، او بنتائج هذه الشركة أو تلك، فان تأثيراتها* ستكون ظرفية واندفاعات السوق الصعودية - ان حدثت - ستجد دوما من يصدها...
*