لا تزال العملات الرقمية تمر بعاما سيئا للغاية، إذ خسرت العديد من المشاريع ما يقرب من 80% من قيمتها أو أكثر بعد التراجع الحاد الذي شهده السوق في مطلع العام الجاري، ووصل الأمر لإغلاق مشاريع أخرى.
ولقد علمنا التاريخ أن مثل هذه الفترات السيئة تنتج ما تحتاج إليه صناعة ما للانتقال للمرحلة التالية، على سبيل المثال في القرن التاسع عشر انهارت مخزونات السكك الحديدية ولكن هذا لم يمنع الصناعة من التوقف ومازالت مستمرة وانتشرت السكك الحديدية إلى جميع أنحاء العالم، ونفس الأمر ينطبق على الإنترنت وانهياره في الفترة ما بين 2000 إلى 2002، مما أدى لتنظيف هذا المجال من الكيانات سيئة السمعة والاستمرار في التطور ليصبح ثورة في التكنولوجيا لاحقا.
لذلك فإن انهيار الأسعار لا يجب أن يكون مؤشرا على نهاية تكنولوجيا أو صناعة التشفير، فهي في الواقع تحل أزمة ظهور العديد من الأفكار الاحتيالية المدمرة التي تم تمويلها بواسطة عمليات طرح العملة "ICO"، والقضاء على استغلال هذه الصناعة الناشئة في الأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال، وتجارة المخدرات، ومخططات الثراء السريع، وتمويل الإرهاب.
وحاليا يجب على قطاع التشفير أن يثبت قيمته الإجتماعية، ويظهر للجميع مدى جدية هذه التقنية وحالات استخدامها المتعددة مثل وسيلة للمدفوعات الصغيرة عبر شبكة الإنترنت، واستخدام البلوكتشين للتحقق من الهوية، وإنشاء نظام للعقود ذاتية التنفيذ. فالناس لن تستثمر أموالها في سوق التشفير إلا في حالة تأكدها من دور هذا القطاع في حل بعض المشاكل الملموسة.
وفي حالة تركيز العملات الرقمية على دورها ك"الذهب الجديد"، وحاولت البقاء كمجرد موجودات استثمارية فقط، فمن المحتمل أن تفقد بريقها وتتلاشى. إن العملات الرقمية بحاجة إلى هدف جيد وأن تتجاوز الابتكار البطولي ل"ساتوشي ناكاموتو" وتنتقل إلى مرحلة التطبيق العملي.
كما يجب على عالم التشفير أن يعمل بجدية لحل مشاكله، مثل كون عملية تعدين البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية مضرة للبيئة لاستهلاكها نسبة كبيرة من الطاقة، أو كون المعلومات الموجودة على شبكة البلوكتشين صعب نقلها عمليا.