رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة
الكتاب جمع روايات من قبل أبو البركات الغزي وموضوعه كما قال :
"اعلم أيها الأخ الصالح - أصلح الله شأننا - أن لأدب الصحبة وحسن العشرة أوجهاً، وأنا مبين منها ما يدل على أخلاق المؤمنين وآداب الصالحين، ويعلم أن الله - سبحانه وتعالى - جعل بعضهم لبعض رحمةً وعوناً، ولذلك قال رسول الله (ص): "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالحمى والسهر"وقال (ص): "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً"وقال (ص): "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"
وقال (ص): "إن الأرواح تلاقى في الهوى فتشام، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"فإذا أراد الله بعبدٍ خيراً وفقه لمعاشرة أهل السنة والصلاح والدين، ونزهه عن صحبة أهل الأهواء والبدع المخالفين وقال (ص): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"
وإلى هنا والكلام صحيح طيب المعنى ولكنه جمع الكلام التالى عن القرين وهو الصاحب من الأشعار فقال:
"ولبعضهم:
عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينِهِ فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي
ومن كلام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه ورضي عنه:
وَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ وَإياكَ وَإِيَّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى حَليماً حينَ يَلقاهُ
يَقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ إِذا ما هُوَ ماشاهُ
وَلِلشَّيءِ عَلى الشَيءِ مَقاييسُ وَأَشباهُ
وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ دَليلٌ حينَ يَلقاهُ"
وبالقطع مصاحبة أو مخاللة الإنسان حتى لو كان جاهلا أو كافرا ليست أمرا محرما فقد طالب الله المسلم أن يصاحب أبويه الكافرين فقال تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا"
وكان أصحاب الرسل (ص) فى بداية الدعوات كفار ولذا قال تعالى "
"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"
فالصاحب بالجنب لم يحدد الله له دينا
واعتبر الله النبى الأخير(ص)صاحب قومه الكفار فقال :
"أفلم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين"
وكان اصحاب يوسف (ص) فى السجن كفارا دعاهم للإسلام فقال :
"يا صاحبى السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار"
وتحت عنوان آداب العشرة ذكر الرجل أمورا كثيرة والغريب أن العديد منها تكرر وأن بعضها هو تفسير للبعض الآخر فقال:
"آداب العشرة:
فمن آداب العشرة:
حسن الخلق:
حسن الخلق مع الإخوان والأقران والأصحاب، اقتداءً برسول الله (ص) فإنه قال، وقد قيل له: ما خير ما أعطي المرء؟ قال: "حسن الخلق"
تحسين العيوب:
ومنها تحسين ما يعانيه من عيوب أصحابه؛ فقد قال ابن مازن: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم"، وقال حمدون القصار: "إذا زل أخ من إخوانك، فاطلب له تسعين عذراً، فإن لم يقبل ذلك فأنت المعيب"
معاشرة المؤمن:
ومنها معاشرة الموثوق بدينه وأمانته ظاهراً وباطناً قال الله تعالى: "لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَاليَومِ الأَخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَهَ وَرَسولَهُ""
فحسن الخلق مع الإخوان والأقران والأصحاب هو نفسه معاشرة الموثوق بدينه وأمانته ظاهراً وباطناً
وقد كرر موضوع الموافقة عدة مرات فى مواضع متفرقة من الكتاب وهى :
"موافقة الإخوان:
ومنها قلة مخالفة الإخوان في أسباب الدنيا، لأنها أقل خطراً من أن يخالف فيها أخ من الأخوان قال يحيى بن معاذ الرازي: "الدنيا بأجمعها لا تساوي غم ساعة، فكيف بغم طول عمرك وقطع إخوانك بسببها، مع قلة نصيبك منها!!"
موافقة الإخوان:
ومنها قلة الخلاف للإخوان، ولزوم موافقتهم فيما يبيحه العلم والشريعة قال أبو عثمان: "موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم"
الأخ الموافق:
ومنها أن تكون الشفقة على الأخ الموافق أكثر من الشفقة على الولد قال أبو زائدة: كتب الأحنف إلى صديق له: أما بعد، فإذا قدم أخ لك موافق، فليكن منك بمنزلة السمع والبصر؛ فإن الأخ الموافق أفضل من الولد المخالف ألم تسمع قول الله عز وجل لنوح (ص) في ابنه: "إِنَهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَهُ عَمَلٌ غَيرَ صَالِحٍ"
تحري الموافقة:
ومنها قلة الخلاف على الإخوان، وتحري موافقتهم فيما يريدون في غير مخالفة الدين والسنة؛ قالت جويرية: "دعوت الله أربعين سنة أن يعصمني من مخالفة الإخوان"
وهو تكرار للموضوع دون اختلاف كبير فالاختلاف هو فى نقل أقوال مختلفة عن أناس مختلفين
وكرر كلامه فى موضوع العفو عن أخطاء الإخوان تحت عناوين مختلفة فقال فى مواضع متفرقة من الكتاب جمعناها هنا :
"الصفح عن العثرات:
ومنها الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: "الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان"، فكما يجب على العبد الأدب مع سيده، يجب عليه معاشرة من يعينه عليه قال بعض الحكماء: "المؤمن طبعاً وسجية"، وقال ابن الأعرابي: "تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودهم"
مجانبة الحقد:
ومنها مجانبة الحقد، ولزوم الصفح، والعفو عن الإخوان قال هلال بن العلاء: "جعلت على نفسي ألا أكافئ أحداً بشرٍ ولا عقوقٍ اقتداءً بهذه الأبيات:
لمّا عَفَوتُ وَلَم أَحقِد عَلى أَحَدٍ أَرَحتُ نَفسِيَ مِن غَمّ العَداواتِ
إِنّي أُحيّي عَدَوِّي حينَ رُؤيَتِهِ لِأَدفَعَ الشَرَّ عَنّي بِالتَحيّاتِ
وأَظهِرُ البِشرَ لِلإِنسانِ أَبغِضُهُ كَأَنَّهُ قَد حُشيَ قَلبي مَسَرّاتِ
وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني:
وَمَن لَم يُغمّض عَينَهُ عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهُوَ عاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم لَهُ الدَهرَ صاحِبُ
ستر العورات:
ومنها الاجتهاد في ستر عورات الإخوان وقبائحهم، وإظهار مناقبهم، وكونهم يداً واحدةً في جميع الأوقات قال النبي (ص): "مثل المؤمنين إذا التقيا كاليدين تغسل إحداهما الأخرى"
وَأنشد عن ثعلب:
ثَلاثُ خِصالٍ لِلصَديقِ جَعَلتُها مُضارَعَةً لِلصَومِ وَالصَلواتِ
مُواساتُهُ وَالصَفحُ عَن عَثَراتِهِ وَتَركُ اِبتذالِ السَرِ في الخَلَواتِ
ولسعيد بن حمدان:
لَم أُؤاخِذكَ إِذ جَنَيتَ لِأَنّي واثِقٌ مِنكَ بِالإِخاءِ الصَحيحِ
فَجَميلُ العَدوِّ غَيرُ جَميلٍ وَقيبَحُ الصَديقِ غَيرُ قَبيحِ
العفو عن الهفوات:
ومنها العفو عن هفوة الإخوان في النفس والمال دون أمور الدين والسنة، لقوله تعالى: "وَليَعفوا وَليَصفَحوا" وقوله: "وَأَن تَعفوا أَقربُ لِلتَقوى"
وأما موضوع الثناء وهو شكر الإخوان فذكره تحت عناوين مختلفة جمعناها هنا وهى :
"الحمد على الثناء:
ومنها أن يحمدهم على حسن ثنائهم، وإن لم يساعدهم باليد، لقوله (ص): "نية المؤمن أبلغ من عمله" قال علي كرم الله وجهه: "من لم يحمل أخاه على حسن النية، لم يحمده على حسن الصنعة"
ترك المن:
ومنها إلا يمن على من يحسن إليه، ويشكر ما يصل إليه منهم قال عروة: كتب رجل إلى عبد الله بن جعفر رقعة، وجعلها، في ثني وسادته التي يتكئ عليها، فقلب عبد الله الوسادة، فبصر بالرقعة، فقرأها وردها إلى موضعها، وجعل مكانها كيساً، فيه خمسمائة دينار، فجاء الرجل، فدخل عليه، فقال له: قلبت النمرقة؟ فخذ ما تحتها، فأخذ الرجل الكيس وخرج وهو ينشد:
زادَ مَعروفَكَ عِندي عِظَماً أَنَهُ عِندَكَ مَيسورٌ حَقير
تَتَناساهُ كَأَن لَم تَأتِهِ وَهُوَ عِندَ الناسِ مَشهورٌ كَبير
الإخاء والثناء
ومنها ترك التطرية والثناء بعد صحبة الأخوة والمودة قال عبد الرحمن بن مهدي: "إذا تأكد الإخاء سقط الثناء"، وقال الحجي لرجل: "حبي لك يمنع من الثناء عليك"
والعناوين الأول والثانى الحمد على الثناء وترك المن فى الموضوع ما فيهما وهو شكر الإخوان والثناء عليهم يناقض العنوان الثالث الإخاء والثناء بترك شكرهم وثنائهم
وأما حفظ العهد فتناوله تحت عدة عناوين متفرقة جمعناها هنا وهى :
دوام العهود
ومنها ألا يتغير عن إخوانه إذا حدث له غنىً أنشد المبرد:
لَئِن كانَت الدُنيا أَنالتكَ ثَروةً وَأَصبَحتَ مِنها بَعدَ عُسرٍ أَخا يُسرِ
لَقَد كَشَفَ الإِثراءُ عَنكَ خَلائِقاً مِن اللؤمِ كانَت تَحتَ سِترٍ مِن الفَقرِ حفظ العهود
ومنها حفظ حرمات الصحبة والعشرة قال جعفر الصادق، : "مودة يوم صلة، ومودة سنة رحم ماسةٍ من قطعها قطعه الله عز وجل"؛ وقال علي بن عبيدة الريحاني: "الأحرار ما لم يلتقوا معارف، فإذا التقوا صاروا أخواناً، فإذا تعاشروا توارثوا"؛ وقال الصادق: "صداقة عشرين يوماً قرابةٌ"
حفظ العهد:
ومنها الدوام للإخوان على حسن العشرة، وإن وقعت بينهم وحشةٌ أو نفرة، فلا يترك كرم العهد، ولا يفشي الأسرار المعلومة في أيام الأخوة
وينشد لبعضهم:
نَصِلُ الصَديقَ إِذا أَرادَ وِصالَنا وَنَصُدُّ عِندَ صُدودِهِ أَحيانا
إِن صَدَّ عَنّي كُنتُ أَكرَمَ مُعرِضٍ وَوَجَدتُ عَنهُ مَذهَباً وَمَكانا
لا مُفشياً بَعدَ القَطيعَةِ سِرَّهُ بَل كاتِمٌ مِن ذاكَ ما اِستَرعانا
إِن الكَريمَ إِذا تَقَطَّعَ وُدُّهُ كَتَمَ القَبيحَ وَأَظهَرَ الإِحسانا
حفظ العهد:
ومنها ملازمة الأخوة، والمداومة عليها، وترك الملل؛ فقد قال النبي (ص): "أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قل" وقال محمد بن واسع: "وليس لملولٍ صديقٌ ولا لحاسدٍ غناءٌ"
حنث الوعد:
ومنها ألا يعدهم ويخالفهم، فإنه نفاق قال (ص): "علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" وقال الثوري : "لا تعد أخاك وتخلفه فتعود المحبة بغضة" وأنشدوا:
يا واعِداً أَخلفَ في وَعدِهِ ما الخُلفُ مِن سيرَةِ أَهلِ الوَفا
ما كانَ ما أَظهَرتَ مِن وُدِّنا إِلّا سِراجاً لاحَ ثُمَ اِنطَفا"
وتحت عناوين مختلفة تكلم عن موضوع العتاب وهو لوم الإخوان وقبوا أعذارهم عند اللوم فقال:
"الصفح عن العثرات:
ومنها الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: "الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان"، فكما يجب على العبد الأدب مع سيده، يجب عليه معاشرة من يعينه عليه قال بعض الحكماء: "المؤمن طبعاً وسجية"، وقال ابن الأعرابي: "تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودهم"
إقلال العتاب:
ومنها الإغضاء عن الصديق في بعض المكاره، وينشد:
صَبَرتُ عَلى بَعضِ الأَذى خَوفَ كُلِّهِ وَدافَعتُ عَن نَفسي بِنَفسي فَعَزَّتِ
فَيا رُبَّ عِزّ ساقَ لِلنَّفسِ ذُلَّها وَيا رُبَّ نَفسٍ بِالتَذلُّلِ عَزَّتِ
وَجَرَّعتُها المَكروهَ حَتّى تَجَرَّعَت وَلَو لَم أُجَرِّعها كَذا لاشمَأَزَّتِ
وأنشد ثعلب:
أُغمِّضُ عَيني عَن صَديقي تَجَسُّماً كَأَنّي بِما يَأتي مِن الأَمرِ جاهِلُ
وَما بِيَ جَهلٌ غَيرَ أَنَّ خَليقَتي تُطيقُ اِحتمالُ الكُرهِ فيما تُحاوِلُ
ولبعضهم:
إِذا كُنتَ في كُلِّ الأُمورِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُقارِفُ ذَنبٍ مَرَّةً وُمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه
قبول الاعتذار:
ومنها قبول العذر من فاعله، صدق أو كذب؛ لقول رسول الله (ص): "من اعتذر إليه أخوه المسلم، فلم يقبل عذره، فعليه مثل صاحب مكس" ولبعضهم:
أَقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً إِن يَروِ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظَاهِرُهُ وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
قال عبد الله بن المبارك: "المؤمن طالب عذر إخوانه، والمنافق طالب عثراتهم"
وقد وضح الرجل أوجه المعاشرة فقال :
"أوجه المعاشرة:
وللمعاشرة أوجه: فللمشايخ والأكابر: بالحرمة والخدمة والقيام بأشغالهم
وللأقران والأوساط: بالنصيحة وبذل الموجود والكون عند الأحكام، ما لم يكن إثماً وللمريدين والأصاغر: بالإرشاد والتأدب والحمل على ما يوجبه العلم، وآداب السنة، وأحكام البواطن، والهداية إلى تقويمها بحسن الأدب"
الخطأ فى الفقرة هو وجود أكابر وأصاغر فى المجتمع المسلم وهو ما يخالف قوله تعالى "إنما المؤمنون أخوة"
والخطأ الآخر خدمة المشايخ والأكابر فلا يوجد فى المجتمع المسلم خدمة بالمعنى المعروف من سيد وخادم وإنما يوجد تعاون وطاعة لله
ووضح المؤلف بعض أفعال العشرة فقال :
"الصفح عن العثرات:
ومنها الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: "الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان"، فكما يجب على العبد الأدب مع سيده، يجب عليه معاشرة من يعينه عليه قال بعض الحكماء: "المؤمن طبعاً وسجية"، وقال ابن الأعرابي: "تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودهم"
وواجب على المؤمن أن يجانب طلاب الدنيا، فإنهم يدلونه على طلبها ومنعها، وذلك يبعده عن نجاته ويقظته عنها، ويجتهد في عشرة أهل الخير وطلاب الآخرة؛ ولذلك قال ذو النون لمن أوصاه: "عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهرك، وتعينك رؤيته على الخير، ويذكرك مولاك"
ورغم كون عنوان الفقرة الصفح عن العثرات فان الغزى تكلم عن وجوب البعد عن أهل السوء طلاب الدنيا فى السطور الأربعة الأخيرة وهو معنى بعيد عن العفو عن أخطاء الإخوان
وكرر الرجل الكلام عن حسن العشرة فقال تحت عناوين متكررة أو مختلفة :
" حسن العشرة:
ومنها ملازمة الأدب مع الإخوان وحسن معاشرتهم؛ فقد قال الجنيد ، إذ سُئل عن الأدب: "إنه حسن العشرة" والفرق بين عشرة العلماء والجهال قول يحيى بن معاذ الرازي: "إن العلماء عبدوا الله بقلوبهم، والناس عبدوه بأبدانهم، والجهال عبدوه بألسنتهم، وهم عبدوه بقلوبهم وأبدانهم وألسنتهم"
حسن العشرة:
ومنها مطالبة الإخوان بحسن العشرة حسب ما يعاشرهم به؛ لقوله (ص): "لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" قال الحكيم: "صفوة العشرة للخلق، رضاك عنهم بمثل ما تعاشرهم به" وقال أبو بكر بن عياش : "اطلب الفضل بالإفضال منك، فإن الصنيعة إليك كالصنيعة منك"
جوامع العشرة:
ومن جوامعها قول ابن الحسن الوراق، وقد سأل أبا عثمان عن الصحبة، قال: "هي مع الله بالأدب، ومع الرسول (ص) بملازمة العلم واتباع السنة، ومع الأولياء بالاحترام والخدمة، ومع الإخوان بالبشر والانبساط وترك وجوه الإنكار عليهم، ما لم يكن خرق شريعة أو هتك حرمة، قال الله تعالى: "خُدِ العَفوَ وَأَمرُ بِالعُرفِ"، والصحبة مع الجهال بالنظر إليهم بعين الرحمة، ورؤية نعمة الله عليك إذ لم يجعلك مثلهم، والدعاء لله أن يعافيك من بلاء الجهل"
وتحت عنوان آداب الصحبة قسم الرجل الأصحاب وبين أحكام مصاحبة كل صنف من الصحاب فقال :
"صحبة الله:
فمع الله، سبحانه: باتباع أوامره، وترك نواهيه، ودوام ذكره، ودرس كتابه، ومراقبة أسرار العبد إن يختلج فيها ما لا يرضاه مولاه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والرحمة والشفقة على خلقه"
وتعبير صحبة الله تعبير خاطىء فالله ليس له صاحب ولا صاحبة ومن هذا العنوان المفروض أن تخرج أنواع الصحبة ولكنه جعل النوع الجامع نوع جزئى وبقية الأنواع هى :
صحبة النبي (ص):
ومع النبي (ص): باتباع سنته، وترك مخالفته فيما دق وجل
صحبة الصحابة وآل البيت:
ومع أصحابه وأهل بيته: بالترحم عليهم، وتقديم من قدم، وحسن القول فيهم، وقبول أقوالهم في الأحكام والسنن، لقوله (ص): "أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم"، وقوله (ص): "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي"
صحبة أولياء الله:
ومع أولياء الله: بالخدمة، والاحترام لهم، وتصديقهم فيما يخبرون عن أنفسهم ومشايخهم؛ فقد روي عن النبي (ص): "أن الله، تعالى، يقول: من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة"
تعبير أولياء الله عند الغزى والعامة تعبير خاطىء يقصد به مجموعة من الناس بينما قصد الله به كل المؤمنين كما قال تعالى "الله ولى المؤمنين "وقال " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" والصحابة وآل البيت والنبى(ص) نفسه أفراد منهم وأكمل فقال :
"صحبة السلطان:
ومع السلطان: بالطاعة في غير معصية الله إذ مخالفته سنة، فلا يدعو عليه فيهما، بل يدعو له غائباً، ليصلحه الله تعالى، ويصلح على يديه؛ وينصحه في جميع أمور دينه، ويصلي ويجاهد معه؛ لقول النبي (ص): "الدين النصيحة"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله ولأئمة المسلمين، وعامتهم"
صحبة الأهل والولد:
ومع الأهل والولد: بالمداراة وسعة الخلق والنفس وتمام الشفقة وتعليم الأدب والسنة، وحملهم على الطاعة؛ لقوله تعالى: "يا أَيُّها الَّذين آَمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم ناراً" الآية، والصفح عن عثراتهم، والغض عن مساوئهم في غير إثمٍ أو معصيةٍ، لقول النبي (ص): "المرأة كالضلع، إن أقمتها تكسرها، وإن داريتها تعش منها على عوج"
صحبة الإخوان:
ومع الإخوان: بدوام البشر، وبذل المعروف، ونشر المحاسن، وستر القبائح، واستكبار برهم إياك، واستقلال إياهم، وإن كثر، ومساعدتهم بالمال والنفس، ومجانبة الحقد والحسد والبغي وما يكرهون من جميع الوجوه، وترك ما يعتذر منه
صحبة العلماء:
ومع العلماء: بملازمة حرماتهم، وقبول أقوالهم، والرجوع إليهم في المهمات، ومعرفة المكان الذي جعله الله لهم من خلافة نبيه ووراثيه؛ لقوله (ص): "العلماء ورثة الأنبياء"
صحبة الوالدين:
ومع العلماء: ببرهما بالخدمة بالنفس والمال في حياتهما، وإنجاز وعدهما بعد وفاتهما، والدعاء لهما في كل الأوقات، وإكرام أصدقائهما؛ لقوله؛ (ص): "إن البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه"؛ وقد قال رجل لرسول الله (ص): هل بقي علي من بر والدي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: "نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما" وقال (ص): "من العقوق أن يرى أبواك رأياً وترى غيره"
صحبة الضيف:
ومع الضيف: بالبشر، وطلاقة الوجه، وطيب الحديث، وإظهار السرور، وقبول أمره ونهيه، ورؤية فضله ومنته بإكرامك وتحريه لطعامك
ولمعرس بن كرام:
مَن دَعانا فَأَبَينا فَلَهُ الفَضلُ عَلَينا
فَإِذا نَحنُ أَتَينا رَجَعَ الفَضلُ إِلَينا
أدب الأحداث:
ومنها ألا يكلم الأحداث بحضرة الشيوخ قال جابر: قدم وفد جهينة على النبي (ص) فقام غلام ليتكلم، فقال النبي (ص): "وأين الكبراء؟"ومنها أن الإنسان إذا أراد سفراً يسلم على إخوانه ويزورهم، فلعل لأحدهم حاجةً في وجهته، لقول النبي (ص): "إذا سافر أحدكم فليسلم على إخوانه، فإنهم يزيدونه بدعائه خيراً"
والخطأ هنا هو عدم كلام الأحداث بحضرة الشيوخ فالكلام مباح لكل الناس صغارا وكبارا طالما كان حسنا وفى هذا قال تعالى "وقولوا للناس حسنا"
وتناول أصحاب من أنواع أخرى فى أماكن أخرى فقال :
عشرة الأهل والنسوان:
ومنها أدب العشرة مع النسوان والأهل، لأن الله خلقهن ناقصات عقل ودين، فيعاشرهن بالمعروف على حسب ما جبلهن الله عليه، ولذلك جعل الله سبحانه شهادة امرأتين كشهادة رجل واحد وقال (ص): "ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودين أذهب بعقول الرجال وذوي الألباب منكن" الحديث: وقال (ص): "خيركم خيركم لأهله" وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "عقل المرأة جمالها، وجمال الرجل عقله" وسئل أبو جعفر عن قوله تعالى: "وَعاشِروهُنَّ بِالمَعروفِ"
فقال: "هو حسن الصحبة مع من سألت ومن كرهت صحبتها"
الكلام عن نقص الدين والعقل لدى النساء يخالف أن الدين كامل وأن العقل كامل والنقص إنما هو فى الفعل ولو تكلمنا عن النواقص فالرجال عندهم نقص فى الدين أيضا فليس لهم إرضاع الأطفال بينما هذا من كمال النساء وكذلك الأمر فى الحمل والولادة ثم قال:
"حسن معاشرة الخادم:
ومنها حسن العشرة مع الخادم، لقول رسول الله (ص): "هم إخوانكم، جعلهم الله تعالى تحت أيديكم، فأطمعوهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون" وكان آخر كلامه (ص) وهو محتضر: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" وقال أنس : "خدمت رسول الله (ص) عشر سنين فما قال لشيءٍ فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيءٍ لم أفعله لم لا فعلته" وقال رجل لرسول الله (ص): "ما حق جاري عليَّ؟" قال: "تفرشه معروفك، وتجنبه أذاك، وتجيبه إذا دعاك"
ونلاحظ أن العنوان يتكلم عن الجار ولكن الجزئية الأخيرة فى الفقرة تتحدث عن حقوق الجار وهو خلل فى الكلام ثم قال :
"عشرة أهل الأسواق والتجار:
ومنها العشرة مع أهل الأسواق والتجار إلا تخلف وعدهم وتعذرهم في خلف الوعد إذ لا يمكن الخروج من حقك إلا في الوقت الذي يسره الله: وتعلم أن جلوسك على الحانوت غاية طلب الدنيا، وتعذرهم في ذلك لأجل قضاء دين أو نفقة على عيال أو أبوين، فالجلوس في الحانوت في حقك نقص، وفي حقهم عذر؛ فإن جاء أحد يشتري منك شيئاً فالله سائقه إليك لرزقك، فلا تشب بيعك بخلف، ولا كذب، ولا خنى لئلا تحرم بهذه الأمور المحرمة ما رزقك الله حلالا مقدرا واحمد الله على ربحك، وافرح بربح أخيك كفرحك بربحك؛ لقوله (ص): "لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
وإذا أمسكت الميزان فاذكر ميزان القيامة، وما عليك من الحق، وأحذر التطفيف، لقوله تعالى: "وَيلٌ لِلمُطَفِفينَ" وأنظر معسراً عن مال، لقوله تعالى: "فَنَظِرَةَ إِلى مَيسَرَةٍ"؛ فقد جعل الله له أماناً ومهلةً وأقل من استقالك، لقوله (ص): "من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة"وأرجح لمن وزنت له، فإن النبي (ص) قال لوزان وزن لصاحب حق: أرجح وإذا وزنت لنفسك فأنقص لتيقن وجه الحل واحذر المطل مع الميسرة، لقوله (ص): "مطل الغني ظلم" ولا تمدح سلعتك وتذم سلعة أخيك، فهو نفاق والزم البر والصدق، لقوله (ص): "التجار فجار إلا من بر وصدق"وشب بيعك بشيء من الصدقة، لقوله (ص): "يا معشر التجار هذه البيوع يخالطها الحلف والكذب، فشوبوها بشيءٍ من الصدقة"واجعل خروجك للتجارة لتقضي حاجة المسلمين، فإن رزقك مقدر بفضل الله قال ابن المبارك: وتكون نيتك مباركةً عليك لقوله (ص): "نية المؤمن خير من عمله" قال بعض الحكماء في معنى الخير: "نية علا عمل خير من عمل بلا نية"
ثم تناول الغزى آداب الجوارح وهى من ضمن آداب الناس فقال :
آداب الجوارح:
ثم على كل جارحة أدب تختص بهِ:
أدب البصر:
فأدب البصر نظرك للأخ بالمودة التي يعرفها منك، هو والحاضرون، ناظراً إلى أحسن شيء يبدو منه، غير صارف بصرك عنه في حديثه لك
أدب السمع:
وأدب السمع: إظهار التلذذ بحديث محادثك، غير صارف بصرك عنه في حديثه، ولا قاطع له بشيء؛ فإن اضطرك الوقت إلى شيء من ذلك، فأظهر له عذرك
أدب اللسان:
وأدب اللسان: أن تحدث الإخوان بما يحبون في وقت نشاطهم لسماع ذلك، باذلاً لهم النصيحة بما فيه صلاحهم، مسقطاً من كلامك ما يكرهونه؛ ولا ترفع صوتك عليهم، ولا تخاطبهم إلا بما يفهمونه ويعلمونه
أدب اليدين:
وأدب اليدين: بسطهما للإخوان بالبر والصلة، ولا تقبضهما عنه، ولا عن الإفضال عليهم ومعونتهم فيما يستعينون به
أدب الرجلين:
وأدب الرجلين: أن تماشي إخوانك على حد التبع، ولا تتقدمهم؛ فإن قربك إليه تقرب بقدر الحاجة، وترجع إلى مكانك؛ ولا تقعد عن حقوق الإخوان ثقة بالأخوة، لأن الفضيل ، قال: "ترك حقوقهم مذلة"، وتقوم لهم إذا أبصرتهم مقبلين، ولا تقعد إلا بقعودهم، وتقعد حيث يقعدونك"
صون السمع واللسان:
ومنها صون السمع عن سماع القبيح، واللسان عن نطقه؛ فقد قال، (ص): يقول الله عز وجل: "أَينَ الَّذينَ كانوا يُنَزِّهونَ أَسماعَهُم عَن الخَنا أُسمِعهُم اليَومَ حَمدي وَالثَناءَ عَلَيَّ"
ولبعضهم:
تَحَرَّ مِن الطُرقِ أَوساطَها وَخَلِّ عَن المَوضعِ المُشتَبَه
وَسَمعَكَ صُن عَن سَماعِ القَبيحِ كَصَونِ اللِسانِ عَنِ النُطقِ بِه
فَإِنَكَ عِندَ اِستِماعِ القَبيحِ شَريكٌ لِقائِلِهِ فَاِنتَبَه
فَكَم أَزعَجَ الحِرصُ مِن طَالب فَوافى المَنيَّةَ في مَطلَبِه"
الكتاب جمع روايات من قبل أبو البركات الغزي وموضوعه كما قال :
"اعلم أيها الأخ الصالح - أصلح الله شأننا - أن لأدب الصحبة وحسن العشرة أوجهاً، وأنا مبين منها ما يدل على أخلاق المؤمنين وآداب الصالحين، ويعلم أن الله - سبحانه وتعالى - جعل بعضهم لبعض رحمةً وعوناً، ولذلك قال رسول الله (ص): "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالحمى والسهر"وقال (ص): "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً"وقال (ص): "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"
وقال (ص): "إن الأرواح تلاقى في الهوى فتشام، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"فإذا أراد الله بعبدٍ خيراً وفقه لمعاشرة أهل السنة والصلاح والدين، ونزهه عن صحبة أهل الأهواء والبدع المخالفين وقال (ص): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"
وإلى هنا والكلام صحيح طيب المعنى ولكنه جمع الكلام التالى عن القرين وهو الصاحب من الأشعار فقال:
"ولبعضهم:
عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينِهِ فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي
ومن كلام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه ورضي عنه:
وَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ وَإياكَ وَإِيَّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى حَليماً حينَ يَلقاهُ
يَقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ إِذا ما هُوَ ماشاهُ
وَلِلشَّيءِ عَلى الشَيءِ مَقاييسُ وَأَشباهُ
وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ دَليلٌ حينَ يَلقاهُ"
وبالقطع مصاحبة أو مخاللة الإنسان حتى لو كان جاهلا أو كافرا ليست أمرا محرما فقد طالب الله المسلم أن يصاحب أبويه الكافرين فقال تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا"
وكان أصحاب الرسل (ص) فى بداية الدعوات كفار ولذا قال تعالى "
"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"
فالصاحب بالجنب لم يحدد الله له دينا
واعتبر الله النبى الأخير(ص)صاحب قومه الكفار فقال :
"أفلم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين"
وكان اصحاب يوسف (ص) فى السجن كفارا دعاهم للإسلام فقال :
"يا صاحبى السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار"
وتحت عنوان آداب العشرة ذكر الرجل أمورا كثيرة والغريب أن العديد منها تكرر وأن بعضها هو تفسير للبعض الآخر فقال:
"آداب العشرة:
فمن آداب العشرة:
حسن الخلق:
حسن الخلق مع الإخوان والأقران والأصحاب، اقتداءً برسول الله (ص) فإنه قال، وقد قيل له: ما خير ما أعطي المرء؟ قال: "حسن الخلق"
تحسين العيوب:
ومنها تحسين ما يعانيه من عيوب أصحابه؛ فقد قال ابن مازن: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم"، وقال حمدون القصار: "إذا زل أخ من إخوانك، فاطلب له تسعين عذراً، فإن لم يقبل ذلك فأنت المعيب"
معاشرة المؤمن:
ومنها معاشرة الموثوق بدينه وأمانته ظاهراً وباطناً قال الله تعالى: "لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَاليَومِ الأَخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَهَ وَرَسولَهُ""
فحسن الخلق مع الإخوان والأقران والأصحاب هو نفسه معاشرة الموثوق بدينه وأمانته ظاهراً وباطناً
وقد كرر موضوع الموافقة عدة مرات فى مواضع متفرقة من الكتاب وهى :
"موافقة الإخوان:
ومنها قلة مخالفة الإخوان في أسباب الدنيا، لأنها أقل خطراً من أن يخالف فيها أخ من الأخوان قال يحيى بن معاذ الرازي: "الدنيا بأجمعها لا تساوي غم ساعة، فكيف بغم طول عمرك وقطع إخوانك بسببها، مع قلة نصيبك منها!!"
موافقة الإخوان:
ومنها قلة الخلاف للإخوان، ولزوم موافقتهم فيما يبيحه العلم والشريعة قال أبو عثمان: "موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم"
الأخ الموافق:
ومنها أن تكون الشفقة على الأخ الموافق أكثر من الشفقة على الولد قال أبو زائدة: كتب الأحنف إلى صديق له: أما بعد، فإذا قدم أخ لك موافق، فليكن منك بمنزلة السمع والبصر؛ فإن الأخ الموافق أفضل من الولد المخالف ألم تسمع قول الله عز وجل لنوح (ص) في ابنه: "إِنَهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَهُ عَمَلٌ غَيرَ صَالِحٍ"
تحري الموافقة:
ومنها قلة الخلاف على الإخوان، وتحري موافقتهم فيما يريدون في غير مخالفة الدين والسنة؛ قالت جويرية: "دعوت الله أربعين سنة أن يعصمني من مخالفة الإخوان"
وهو تكرار للموضوع دون اختلاف كبير فالاختلاف هو فى نقل أقوال مختلفة عن أناس مختلفين
وكرر كلامه فى موضوع العفو عن أخطاء الإخوان تحت عناوين مختلفة فقال فى مواضع متفرقة من الكتاب جمعناها هنا :
"الصفح عن العثرات:
ومنها الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: "الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان"، فكما يجب على العبد الأدب مع سيده، يجب عليه معاشرة من يعينه عليه قال بعض الحكماء: "المؤمن طبعاً وسجية"، وقال ابن الأعرابي: "تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودهم"
مجانبة الحقد:
ومنها مجانبة الحقد، ولزوم الصفح، والعفو عن الإخوان قال هلال بن العلاء: "جعلت على نفسي ألا أكافئ أحداً بشرٍ ولا عقوقٍ اقتداءً بهذه الأبيات:
لمّا عَفَوتُ وَلَم أَحقِد عَلى أَحَدٍ أَرَحتُ نَفسِيَ مِن غَمّ العَداواتِ
إِنّي أُحيّي عَدَوِّي حينَ رُؤيَتِهِ لِأَدفَعَ الشَرَّ عَنّي بِالتَحيّاتِ
وأَظهِرُ البِشرَ لِلإِنسانِ أَبغِضُهُ كَأَنَّهُ قَد حُشيَ قَلبي مَسَرّاتِ
وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني:
وَمَن لَم يُغمّض عَينَهُ عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهُوَ عاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم لَهُ الدَهرَ صاحِبُ
ستر العورات:
ومنها الاجتهاد في ستر عورات الإخوان وقبائحهم، وإظهار مناقبهم، وكونهم يداً واحدةً في جميع الأوقات قال النبي (ص): "مثل المؤمنين إذا التقيا كاليدين تغسل إحداهما الأخرى"
وَأنشد عن ثعلب:
ثَلاثُ خِصالٍ لِلصَديقِ جَعَلتُها مُضارَعَةً لِلصَومِ وَالصَلواتِ
مُواساتُهُ وَالصَفحُ عَن عَثَراتِهِ وَتَركُ اِبتذالِ السَرِ في الخَلَواتِ
ولسعيد بن حمدان:
لَم أُؤاخِذكَ إِذ جَنَيتَ لِأَنّي واثِقٌ مِنكَ بِالإِخاءِ الصَحيحِ
فَجَميلُ العَدوِّ غَيرُ جَميلٍ وَقيبَحُ الصَديقِ غَيرُ قَبيحِ
العفو عن الهفوات:
ومنها العفو عن هفوة الإخوان في النفس والمال دون أمور الدين والسنة، لقوله تعالى: "وَليَعفوا وَليَصفَحوا" وقوله: "وَأَن تَعفوا أَقربُ لِلتَقوى"
وأما موضوع الثناء وهو شكر الإخوان فذكره تحت عناوين مختلفة جمعناها هنا وهى :
"الحمد على الثناء:
ومنها أن يحمدهم على حسن ثنائهم، وإن لم يساعدهم باليد، لقوله (ص): "نية المؤمن أبلغ من عمله" قال علي كرم الله وجهه: "من لم يحمل أخاه على حسن النية، لم يحمده على حسن الصنعة"
ترك المن:
ومنها إلا يمن على من يحسن إليه، ويشكر ما يصل إليه منهم قال عروة: كتب رجل إلى عبد الله بن جعفر رقعة، وجعلها، في ثني وسادته التي يتكئ عليها، فقلب عبد الله الوسادة، فبصر بالرقعة، فقرأها وردها إلى موضعها، وجعل مكانها كيساً، فيه خمسمائة دينار، فجاء الرجل، فدخل عليه، فقال له: قلبت النمرقة؟ فخذ ما تحتها، فأخذ الرجل الكيس وخرج وهو ينشد:
زادَ مَعروفَكَ عِندي عِظَماً أَنَهُ عِندَكَ مَيسورٌ حَقير
تَتَناساهُ كَأَن لَم تَأتِهِ وَهُوَ عِندَ الناسِ مَشهورٌ كَبير
الإخاء والثناء
ومنها ترك التطرية والثناء بعد صحبة الأخوة والمودة قال عبد الرحمن بن مهدي: "إذا تأكد الإخاء سقط الثناء"، وقال الحجي لرجل: "حبي لك يمنع من الثناء عليك"
والعناوين الأول والثانى الحمد على الثناء وترك المن فى الموضوع ما فيهما وهو شكر الإخوان والثناء عليهم يناقض العنوان الثالث الإخاء والثناء بترك شكرهم وثنائهم
وأما حفظ العهد فتناوله تحت عدة عناوين متفرقة جمعناها هنا وهى :
دوام العهود
ومنها ألا يتغير عن إخوانه إذا حدث له غنىً أنشد المبرد:
لَئِن كانَت الدُنيا أَنالتكَ ثَروةً وَأَصبَحتَ مِنها بَعدَ عُسرٍ أَخا يُسرِ
لَقَد كَشَفَ الإِثراءُ عَنكَ خَلائِقاً مِن اللؤمِ كانَت تَحتَ سِترٍ مِن الفَقرِ حفظ العهود
ومنها حفظ حرمات الصحبة والعشرة قال جعفر الصادق، : "مودة يوم صلة، ومودة سنة رحم ماسةٍ من قطعها قطعه الله عز وجل"؛ وقال علي بن عبيدة الريحاني: "الأحرار ما لم يلتقوا معارف، فإذا التقوا صاروا أخواناً، فإذا تعاشروا توارثوا"؛ وقال الصادق: "صداقة عشرين يوماً قرابةٌ"
حفظ العهد:
ومنها الدوام للإخوان على حسن العشرة، وإن وقعت بينهم وحشةٌ أو نفرة، فلا يترك كرم العهد، ولا يفشي الأسرار المعلومة في أيام الأخوة
وينشد لبعضهم:
نَصِلُ الصَديقَ إِذا أَرادَ وِصالَنا وَنَصُدُّ عِندَ صُدودِهِ أَحيانا
إِن صَدَّ عَنّي كُنتُ أَكرَمَ مُعرِضٍ وَوَجَدتُ عَنهُ مَذهَباً وَمَكانا
لا مُفشياً بَعدَ القَطيعَةِ سِرَّهُ بَل كاتِمٌ مِن ذاكَ ما اِستَرعانا
إِن الكَريمَ إِذا تَقَطَّعَ وُدُّهُ كَتَمَ القَبيحَ وَأَظهَرَ الإِحسانا
حفظ العهد:
ومنها ملازمة الأخوة، والمداومة عليها، وترك الملل؛ فقد قال النبي (ص): "أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قل" وقال محمد بن واسع: "وليس لملولٍ صديقٌ ولا لحاسدٍ غناءٌ"
حنث الوعد:
ومنها ألا يعدهم ويخالفهم، فإنه نفاق قال (ص): "علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" وقال الثوري : "لا تعد أخاك وتخلفه فتعود المحبة بغضة" وأنشدوا:
يا واعِداً أَخلفَ في وَعدِهِ ما الخُلفُ مِن سيرَةِ أَهلِ الوَفا
ما كانَ ما أَظهَرتَ مِن وُدِّنا إِلّا سِراجاً لاحَ ثُمَ اِنطَفا"
وتحت عناوين مختلفة تكلم عن موضوع العتاب وهو لوم الإخوان وقبوا أعذارهم عند اللوم فقال:
"الصفح عن العثرات:
ومنها الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: "الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان"، فكما يجب على العبد الأدب مع سيده، يجب عليه معاشرة من يعينه عليه قال بعض الحكماء: "المؤمن طبعاً وسجية"، وقال ابن الأعرابي: "تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودهم"
إقلال العتاب:
ومنها الإغضاء عن الصديق في بعض المكاره، وينشد:
صَبَرتُ عَلى بَعضِ الأَذى خَوفَ كُلِّهِ وَدافَعتُ عَن نَفسي بِنَفسي فَعَزَّتِ
فَيا رُبَّ عِزّ ساقَ لِلنَّفسِ ذُلَّها وَيا رُبَّ نَفسٍ بِالتَذلُّلِ عَزَّتِ
وَجَرَّعتُها المَكروهَ حَتّى تَجَرَّعَت وَلَو لَم أُجَرِّعها كَذا لاشمَأَزَّتِ
وأنشد ثعلب:
أُغمِّضُ عَيني عَن صَديقي تَجَسُّماً كَأَنّي بِما يَأتي مِن الأَمرِ جاهِلُ
وَما بِيَ جَهلٌ غَيرَ أَنَّ خَليقَتي تُطيقُ اِحتمالُ الكُرهِ فيما تُحاوِلُ
ولبعضهم:
إِذا كُنتَ في كُلِّ الأُمورِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُقارِفُ ذَنبٍ مَرَّةً وُمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه
قبول الاعتذار:
ومنها قبول العذر من فاعله، صدق أو كذب؛ لقول رسول الله (ص): "من اعتذر إليه أخوه المسلم، فلم يقبل عذره، فعليه مثل صاحب مكس" ولبعضهم:
أَقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً إِن يَروِ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظَاهِرُهُ وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
قال عبد الله بن المبارك: "المؤمن طالب عذر إخوانه، والمنافق طالب عثراتهم"
وقد وضح الرجل أوجه المعاشرة فقال :
"أوجه المعاشرة:
وللمعاشرة أوجه: فللمشايخ والأكابر: بالحرمة والخدمة والقيام بأشغالهم
وللأقران والأوساط: بالنصيحة وبذل الموجود والكون عند الأحكام، ما لم يكن إثماً وللمريدين والأصاغر: بالإرشاد والتأدب والحمل على ما يوجبه العلم، وآداب السنة، وأحكام البواطن، والهداية إلى تقويمها بحسن الأدب"
الخطأ فى الفقرة هو وجود أكابر وأصاغر فى المجتمع المسلم وهو ما يخالف قوله تعالى "إنما المؤمنون أخوة"
والخطأ الآخر خدمة المشايخ والأكابر فلا يوجد فى المجتمع المسلم خدمة بالمعنى المعروف من سيد وخادم وإنما يوجد تعاون وطاعة لله
ووضح المؤلف بعض أفعال العشرة فقال :
"الصفح عن العثرات:
ومنها الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: "الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان"، فكما يجب على العبد الأدب مع سيده، يجب عليه معاشرة من يعينه عليه قال بعض الحكماء: "المؤمن طبعاً وسجية"، وقال ابن الأعرابي: "تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودهم"
وواجب على المؤمن أن يجانب طلاب الدنيا، فإنهم يدلونه على طلبها ومنعها، وذلك يبعده عن نجاته ويقظته عنها، ويجتهد في عشرة أهل الخير وطلاب الآخرة؛ ولذلك قال ذو النون لمن أوصاه: "عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهرك، وتعينك رؤيته على الخير، ويذكرك مولاك"
ورغم كون عنوان الفقرة الصفح عن العثرات فان الغزى تكلم عن وجوب البعد عن أهل السوء طلاب الدنيا فى السطور الأربعة الأخيرة وهو معنى بعيد عن العفو عن أخطاء الإخوان
وكرر الرجل الكلام عن حسن العشرة فقال تحت عناوين متكررة أو مختلفة :
" حسن العشرة:
ومنها ملازمة الأدب مع الإخوان وحسن معاشرتهم؛ فقد قال الجنيد ، إذ سُئل عن الأدب: "إنه حسن العشرة" والفرق بين عشرة العلماء والجهال قول يحيى بن معاذ الرازي: "إن العلماء عبدوا الله بقلوبهم، والناس عبدوه بأبدانهم، والجهال عبدوه بألسنتهم، وهم عبدوه بقلوبهم وأبدانهم وألسنتهم"
حسن العشرة:
ومنها مطالبة الإخوان بحسن العشرة حسب ما يعاشرهم به؛ لقوله (ص): "لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" قال الحكيم: "صفوة العشرة للخلق، رضاك عنهم بمثل ما تعاشرهم به" وقال أبو بكر بن عياش : "اطلب الفضل بالإفضال منك، فإن الصنيعة إليك كالصنيعة منك"
جوامع العشرة:
ومن جوامعها قول ابن الحسن الوراق، وقد سأل أبا عثمان عن الصحبة، قال: "هي مع الله بالأدب، ومع الرسول (ص) بملازمة العلم واتباع السنة، ومع الأولياء بالاحترام والخدمة، ومع الإخوان بالبشر والانبساط وترك وجوه الإنكار عليهم، ما لم يكن خرق شريعة أو هتك حرمة، قال الله تعالى: "خُدِ العَفوَ وَأَمرُ بِالعُرفِ"، والصحبة مع الجهال بالنظر إليهم بعين الرحمة، ورؤية نعمة الله عليك إذ لم يجعلك مثلهم، والدعاء لله أن يعافيك من بلاء الجهل"
وتحت عنوان آداب الصحبة قسم الرجل الأصحاب وبين أحكام مصاحبة كل صنف من الصحاب فقال :
"صحبة الله:
فمع الله، سبحانه: باتباع أوامره، وترك نواهيه، ودوام ذكره، ودرس كتابه، ومراقبة أسرار العبد إن يختلج فيها ما لا يرضاه مولاه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والرحمة والشفقة على خلقه"
وتعبير صحبة الله تعبير خاطىء فالله ليس له صاحب ولا صاحبة ومن هذا العنوان المفروض أن تخرج أنواع الصحبة ولكنه جعل النوع الجامع نوع جزئى وبقية الأنواع هى :
صحبة النبي (ص):
ومع النبي (ص): باتباع سنته، وترك مخالفته فيما دق وجل
صحبة الصحابة وآل البيت:
ومع أصحابه وأهل بيته: بالترحم عليهم، وتقديم من قدم، وحسن القول فيهم، وقبول أقوالهم في الأحكام والسنن، لقوله (ص): "أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم"، وقوله (ص): "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي"
صحبة أولياء الله:
ومع أولياء الله: بالخدمة، والاحترام لهم، وتصديقهم فيما يخبرون عن أنفسهم ومشايخهم؛ فقد روي عن النبي (ص): "أن الله، تعالى، يقول: من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة"
تعبير أولياء الله عند الغزى والعامة تعبير خاطىء يقصد به مجموعة من الناس بينما قصد الله به كل المؤمنين كما قال تعالى "الله ولى المؤمنين "وقال " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" والصحابة وآل البيت والنبى(ص) نفسه أفراد منهم وأكمل فقال :
"صحبة السلطان:
ومع السلطان: بالطاعة في غير معصية الله إذ مخالفته سنة، فلا يدعو عليه فيهما، بل يدعو له غائباً، ليصلحه الله تعالى، ويصلح على يديه؛ وينصحه في جميع أمور دينه، ويصلي ويجاهد معه؛ لقول النبي (ص): "الدين النصيحة"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله ولأئمة المسلمين، وعامتهم"
صحبة الأهل والولد:
ومع الأهل والولد: بالمداراة وسعة الخلق والنفس وتمام الشفقة وتعليم الأدب والسنة، وحملهم على الطاعة؛ لقوله تعالى: "يا أَيُّها الَّذين آَمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم ناراً" الآية، والصفح عن عثراتهم، والغض عن مساوئهم في غير إثمٍ أو معصيةٍ، لقول النبي (ص): "المرأة كالضلع، إن أقمتها تكسرها، وإن داريتها تعش منها على عوج"
صحبة الإخوان:
ومع الإخوان: بدوام البشر، وبذل المعروف، ونشر المحاسن، وستر القبائح، واستكبار برهم إياك، واستقلال إياهم، وإن كثر، ومساعدتهم بالمال والنفس، ومجانبة الحقد والحسد والبغي وما يكرهون من جميع الوجوه، وترك ما يعتذر منه
صحبة العلماء:
ومع العلماء: بملازمة حرماتهم، وقبول أقوالهم، والرجوع إليهم في المهمات، ومعرفة المكان الذي جعله الله لهم من خلافة نبيه ووراثيه؛ لقوله (ص): "العلماء ورثة الأنبياء"
صحبة الوالدين:
ومع العلماء: ببرهما بالخدمة بالنفس والمال في حياتهما، وإنجاز وعدهما بعد وفاتهما، والدعاء لهما في كل الأوقات، وإكرام أصدقائهما؛ لقوله؛ (ص): "إن البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه"؛ وقد قال رجل لرسول الله (ص): هل بقي علي من بر والدي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: "نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما" وقال (ص): "من العقوق أن يرى أبواك رأياً وترى غيره"
صحبة الضيف:
ومع الضيف: بالبشر، وطلاقة الوجه، وطيب الحديث، وإظهار السرور، وقبول أمره ونهيه، ورؤية فضله ومنته بإكرامك وتحريه لطعامك
ولمعرس بن كرام:
مَن دَعانا فَأَبَينا فَلَهُ الفَضلُ عَلَينا
فَإِذا نَحنُ أَتَينا رَجَعَ الفَضلُ إِلَينا
أدب الأحداث:
ومنها ألا يكلم الأحداث بحضرة الشيوخ قال جابر: قدم وفد جهينة على النبي (ص) فقام غلام ليتكلم، فقال النبي (ص): "وأين الكبراء؟"ومنها أن الإنسان إذا أراد سفراً يسلم على إخوانه ويزورهم، فلعل لأحدهم حاجةً في وجهته، لقول النبي (ص): "إذا سافر أحدكم فليسلم على إخوانه، فإنهم يزيدونه بدعائه خيراً"
والخطأ هنا هو عدم كلام الأحداث بحضرة الشيوخ فالكلام مباح لكل الناس صغارا وكبارا طالما كان حسنا وفى هذا قال تعالى "وقولوا للناس حسنا"
وتناول أصحاب من أنواع أخرى فى أماكن أخرى فقال :
عشرة الأهل والنسوان:
ومنها أدب العشرة مع النسوان والأهل، لأن الله خلقهن ناقصات عقل ودين، فيعاشرهن بالمعروف على حسب ما جبلهن الله عليه، ولذلك جعل الله سبحانه شهادة امرأتين كشهادة رجل واحد وقال (ص): "ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودين أذهب بعقول الرجال وذوي الألباب منكن" الحديث: وقال (ص): "خيركم خيركم لأهله" وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "عقل المرأة جمالها، وجمال الرجل عقله" وسئل أبو جعفر عن قوله تعالى: "وَعاشِروهُنَّ بِالمَعروفِ"
فقال: "هو حسن الصحبة مع من سألت ومن كرهت صحبتها"
الكلام عن نقص الدين والعقل لدى النساء يخالف أن الدين كامل وأن العقل كامل والنقص إنما هو فى الفعل ولو تكلمنا عن النواقص فالرجال عندهم نقص فى الدين أيضا فليس لهم إرضاع الأطفال بينما هذا من كمال النساء وكذلك الأمر فى الحمل والولادة ثم قال:
"حسن معاشرة الخادم:
ومنها حسن العشرة مع الخادم، لقول رسول الله (ص): "هم إخوانكم، جعلهم الله تعالى تحت أيديكم، فأطمعوهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون" وكان آخر كلامه (ص) وهو محتضر: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" وقال أنس : "خدمت رسول الله (ص) عشر سنين فما قال لشيءٍ فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيءٍ لم أفعله لم لا فعلته" وقال رجل لرسول الله (ص): "ما حق جاري عليَّ؟" قال: "تفرشه معروفك، وتجنبه أذاك، وتجيبه إذا دعاك"
ونلاحظ أن العنوان يتكلم عن الجار ولكن الجزئية الأخيرة فى الفقرة تتحدث عن حقوق الجار وهو خلل فى الكلام ثم قال :
"عشرة أهل الأسواق والتجار:
ومنها العشرة مع أهل الأسواق والتجار إلا تخلف وعدهم وتعذرهم في خلف الوعد إذ لا يمكن الخروج من حقك إلا في الوقت الذي يسره الله: وتعلم أن جلوسك على الحانوت غاية طلب الدنيا، وتعذرهم في ذلك لأجل قضاء دين أو نفقة على عيال أو أبوين، فالجلوس في الحانوت في حقك نقص، وفي حقهم عذر؛ فإن جاء أحد يشتري منك شيئاً فالله سائقه إليك لرزقك، فلا تشب بيعك بخلف، ولا كذب، ولا خنى لئلا تحرم بهذه الأمور المحرمة ما رزقك الله حلالا مقدرا واحمد الله على ربحك، وافرح بربح أخيك كفرحك بربحك؛ لقوله (ص): "لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
وإذا أمسكت الميزان فاذكر ميزان القيامة، وما عليك من الحق، وأحذر التطفيف، لقوله تعالى: "وَيلٌ لِلمُطَفِفينَ" وأنظر معسراً عن مال، لقوله تعالى: "فَنَظِرَةَ إِلى مَيسَرَةٍ"؛ فقد جعل الله له أماناً ومهلةً وأقل من استقالك، لقوله (ص): "من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة"وأرجح لمن وزنت له، فإن النبي (ص) قال لوزان وزن لصاحب حق: أرجح وإذا وزنت لنفسك فأنقص لتيقن وجه الحل واحذر المطل مع الميسرة، لقوله (ص): "مطل الغني ظلم" ولا تمدح سلعتك وتذم سلعة أخيك، فهو نفاق والزم البر والصدق، لقوله (ص): "التجار فجار إلا من بر وصدق"وشب بيعك بشيء من الصدقة، لقوله (ص): "يا معشر التجار هذه البيوع يخالطها الحلف والكذب، فشوبوها بشيءٍ من الصدقة"واجعل خروجك للتجارة لتقضي حاجة المسلمين، فإن رزقك مقدر بفضل الله قال ابن المبارك: وتكون نيتك مباركةً عليك لقوله (ص): "نية المؤمن خير من عمله" قال بعض الحكماء في معنى الخير: "نية علا عمل خير من عمل بلا نية"
ثم تناول الغزى آداب الجوارح وهى من ضمن آداب الناس فقال :
آداب الجوارح:
ثم على كل جارحة أدب تختص بهِ:
أدب البصر:
فأدب البصر نظرك للأخ بالمودة التي يعرفها منك، هو والحاضرون، ناظراً إلى أحسن شيء يبدو منه، غير صارف بصرك عنه في حديثه لك
أدب السمع:
وأدب السمع: إظهار التلذذ بحديث محادثك، غير صارف بصرك عنه في حديثه، ولا قاطع له بشيء؛ فإن اضطرك الوقت إلى شيء من ذلك، فأظهر له عذرك
أدب اللسان:
وأدب اللسان: أن تحدث الإخوان بما يحبون في وقت نشاطهم لسماع ذلك، باذلاً لهم النصيحة بما فيه صلاحهم، مسقطاً من كلامك ما يكرهونه؛ ولا ترفع صوتك عليهم، ولا تخاطبهم إلا بما يفهمونه ويعلمونه
أدب اليدين:
وأدب اليدين: بسطهما للإخوان بالبر والصلة، ولا تقبضهما عنه، ولا عن الإفضال عليهم ومعونتهم فيما يستعينون به
أدب الرجلين:
وأدب الرجلين: أن تماشي إخوانك على حد التبع، ولا تتقدمهم؛ فإن قربك إليه تقرب بقدر الحاجة، وترجع إلى مكانك؛ ولا تقعد عن حقوق الإخوان ثقة بالأخوة، لأن الفضيل ، قال: "ترك حقوقهم مذلة"، وتقوم لهم إذا أبصرتهم مقبلين، ولا تقعد إلا بقعودهم، وتقعد حيث يقعدونك"
صون السمع واللسان:
ومنها صون السمع عن سماع القبيح، واللسان عن نطقه؛ فقد قال، (ص): يقول الله عز وجل: "أَينَ الَّذينَ كانوا يُنَزِّهونَ أَسماعَهُم عَن الخَنا أُسمِعهُم اليَومَ حَمدي وَالثَناءَ عَلَيَّ"
ولبعضهم:
تَحَرَّ مِن الطُرقِ أَوساطَها وَخَلِّ عَن المَوضعِ المُشتَبَه
وَسَمعَكَ صُن عَن سَماعِ القَبيحِ كَصَونِ اللِسانِ عَنِ النُطقِ بِه
فَإِنَكَ عِندَ اِستِماعِ القَبيحِ شَريكٌ لِقائِلِهِ فَاِنتَبَه
فَكَم أَزعَجَ الحِرصُ مِن طَالب فَوافى المَنيَّةَ في مَطلَبِه"