رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب الوصية الثلاثينية لأمراء الدولة الإسلامية
المؤلف عبد المنعم بن عز الدين البدوي المعروف بأبو حمزة المهاجر والرسالة عبارة نصائح لأمراء ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصارا باسم داعش وداعش عبارة عن تنظيم تديره المخابرات المحلية والعالمية وكل الكبار في تلك التنظيمات هم عملاء للمخابرات وهم ليسوا مسلمين حتى وإن تسموا بأسماء مسلمين وأما القاعدة السفلى وهى الجنود والأمراء الصغار فهم الحالمون بدفع ظلم الحكام ودول الكفر وكلهم من المخدوعين بتلك التنظيمات وهم من ذوى النيات الحسنة التى تريد الجهاد ولكن قادة التنظيم يدفعونهم لعمل أعمال تبيح تدخل الكفار في بلاد المسلمين وتحسن من صورة الأنظمة الحاكمة التى تتزين بالحرب ضد الإرهاب وفى سبيل هذا تظلم الناس وتحكمهم بالحديد والنار بدعوى الحفاظ على الأمن والأمان
استهل المهاجر الكتاب بأنه جمه تلك الوصايا من بطون الكتب وخبرات المجاهدين فقال :
"وصايا للأمراء ...
فيا أخي المجاهد هذه بعض النصائح، جمعتها لك من أفواه الرجال وبطون الكتب، ولست أدعي حكمة، وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها، والله من وراء القصد."
أول النصائح هو الإخلاص لله وهى الوصية الشاملة والمفروض ألا يقول شىء بعدها ولكنه قال فيها:
"الإخلاص لله؛ ففيه النجاة في الدنيا والآخرة؛ قال رسول الله (ص): (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة)
وطالب المهاجر أن يكون القصد من الجهاد رفع كلمة الله فقال :
"- واقصد بعملك أن تكون كلمة الله هي العليا؛ فعن أبي موسى قال: سئل رسول الله (ص) عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: رسول الله (ص): (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) "
والثالثة هى العدل مع الرعية وهى قوله:
"العدل والنصح لرعيتك؛ فـ (ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور)
و(ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة)
و (لا يسترعي الله عبدا رعية يموت حين يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)"
والحديث ألأول غير صحيح المعنى فالأنسان يأتى دو، ان يكون معه شىء كالغل وإنما يؤتى به كما كان في الدنيا كما قال تعالى :
"كما بدأكم تعودون"
وقال:
"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة"
الوصية التالية التشاور وفيها قال :
"المشورة والمناظرة؛ فالمناظرة صنو المشاورة أي: الجلوس لطرح الأفكار في مجلس، وتعليق كل شخص على رأي الآخر أو استحداث رأي جديد، ثم يتبلور في النهاية الرأي الصواب.
- قال تعالى: {وشاورهم في الأمر}؛ فقد وجه الله نبيه ليشاور من هو دونه مع رجاحة عقل النبي (ص) فكيف بكم؟.
- وكما روي: [ما ندم من استشار، وما خاب من استخار] وقيل: [من استغنى بعقله ضل، ومن اكتفى برأيه زل، ومن استشار ذوي الألباب سلك سبيل الصواب، ومن استعان بذي العقول فاز بدرك المأمول].
- فليكن لكل أمير مجلس شورى حقيقي بدءا من الأمير العام وانتهاء بأمراء السرايا، ولكن لا تشاور صاحب حاجة يريد قضاءها، ولا من تتلمس أنه يطمع فيها، ولا من لا يقلب الفكر في الرأي؛ فقد قيل: "دع الرأي حتى يختمر"، وقد ورد عن علي [رأي الشيخ خير من مشهد الغلام] أي في القتال، ولا تستشر إلا خاليا: أي على انفراد؛ فإنه أحفظ للسر، وأضبط لمن قد يفشيه."
والخطأ هنا هو استثناء البعض من المشورة وهو ما يخالف أن التشاور يكون بين كل المسلمين كما قال تعالى :
"وأمرهم شورى بينهم"
ثم قال :
- حقا! [إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة لا يضل معهما رأي] "
ونصح الأمير بعدم تقديم الموافقين له في الرأى وعدم طاعة بطانة السوء فقال :
"إياك وأن تقدم من يوافقك الرأي فحسب، واحذر من بطانة السوء، وعود نفسك الصبر على من خالفك الرأي من ذوي النصح، وتجرع مرارة قولهم وعذلهم، ولا تنبسط في ذلك إلا لأهل الفضل والعقل والسن والمروءة والستر"
ونصح الأمير بأن يسير في الناس لمعرفة اخبارهم ويجالس من ينقل له الأخبار الصحيحة فقال :
"ليس أضيع للدين والدنيا من أن يضيع من الأمير أخبار رعيته على حقيقتها؛ فلا تحتجب عنهم؛ فإنما أنت بشر لا تعلم ما يواريه الناس عنك، وإياك والتذرع بالأمن؛ فتأمن وتضيع من تحتك؛ فبئس الأمير أنت إذن."
ويطالب المهاجر الأمير بتفقد الرعية مع عدم تصديق أو تكذيب من ينقل الأخبار إلا بعد تبينه لها فقال :
"- وقف على كل شيء بنفسك بعد تولية الأمناء النصحاء؛ فقد يخون الأمين ويغش الناصح فتثبتوا من الأمور؛ قال تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}،
[فلم يقتصر تعالى على التعريض دون المباشرة، ولا عذر في التشاغل اكتفاء بالاستنابة حتى قرنه بالضلالة]
- ولا تعجلن إلى تصديق ساع يريد الإفساد، فإن مثله غاش وإن تشبه بالناصحين، ولا تهمل قوله؛ فقد يكون صادقا، وأحسن الظن بإخوانك؛ فإن إحسان الظن يقطع عنك نصبا طويلا."
وطالب المهاجر الأمير أن يقيم الحدود على الكل وهو أولهم فقال :
"ينبغي للأمير أن يأخذ نفسه وجنده بما أوجبه الله تعالى من حقوق، وأمر به من حدود؛ فإن من جاهد عن الدين كان أحق الناس بالتزام أحكامه ولكنك لن تصلح وأنت فاسد، ولن ترشد وأنت غاو، ولن تهدي وأنت ضال، فكيف يقدر الأعمى على الهدى والذليل على العز؟ ولا أذل من ذل المعصية، ولا أعز من عز الطاعة، فترفع عن سفاسف الأخلاق وصحبة الفساق."
كما طالبه ألا يترك الطريق الشرعى لطريق الباطل للحصول على شىء فقال :
"إياك وأن يدعوك ضيق أمرك في شيء إلى طلبه بغير الحق؛ فإن صبرك على ضيق ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من معصية تخاف تبعتها؛ ومدار الدين على الصبر"
وهو يقصد ما يسمونه بجعل الغاية تبرر الوسيلة
كما طالبه أن يعدل بينه وبين غيره في كل شىء فقال :
"إياك وأن تميز نفسك بمركب أو ملبس؛ فقد كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري [ ... وقد بلغني أنه فشا لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك ومطعمك ومركبك، ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة مرت بواد خصب، فلم يكن لها هم إلا التسمن، وإنما حتفها في السمن، واعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته، وأشقى الناس من شقيت به رعيته] "
ونصح المهاجر الأمير أن يلزم أصول الحرب هو ومن معه فقال :
"اعلموا أن الحرب كما قالوا:
ثقالها الصبر، وقطبها المكر، ومدارها الاجتهاد، وثقافها الأناة، وزمامها الحذر، ولكل شيء من هذه ثمرة: فثمرة الصبر التأييد، وثمرة المكر الظفر، وثمرة الاجتهاد التوفيق، وثمرة الأناة اليمن، وثمرة الحذر السلامة، وقد سئل عمرو بن معد يكرب عن الحرب فقال: [من صبر فيها عرف، ومن نكل عنها تلف] فإياكم والعجلة فرب عجلة تعقب ندما قدم أهل البلاء والشدة على الأعداء حال اصطلام القتال، ووزعهم على السرايا ليتقوى بهم الضعيف ويتجرأ بشجاعتهم الجبان، وإياك وأن يصحب إخوانك مخذل أو مرجف، والحذر الحذر من العيون والجواسيس، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، ولكن لا تنتق في الغزو الأقوياء وتترك الضعفاء الراغبين بما عند الله؛ فإن النبي (ص) قال: (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) وإن الله ينصر القوم بأضعفهم"
والحديث المستشهد به باطل فالنصر يكون بالله وليس بالضعفاء الذين لا يشاركون في الحرب وفى هذا قال تعالى :
"إن تنصروا الله ينصركم"
وطالب الأمير أن يتخذ حذره في الحرب بارتداء ما يقى من القتل أو الجرح فقال :
لا تهمل من العدة ما يمكن أن يتخذ كالدروع والخوذ، وليس ذلك من الجبن فقد كان أشجع الناس رسول الله (ص) له درع، ولا يمنع هذا من المقاتلة حاسرا في وقته المناسب، قال حبيب بن المهلب [ما رأيت رجلا في الحرب مستلئما إلا كان عندي رجلين، ولا رأيت حاسرين إلا كانا عندي واحدا]، فسمع هذا الحديث بعض أهل المعرفة فقال: [صدق! إن للسلاح فضيلة؛ أما تراهم ينادون عند الصريخ: السلاح السلاح، ولا ينادون: الرجال الرجال] "
وحدثنا عن وجوب أن يزود الأمير جنوده بالمؤن من الطعام والشراب فقال:
"إنه لأمير حكيم من يزود إخوانه من المؤن ما تقوى به نفوسهم طوال يومهم من طعام وشراب؛ فقد كان مقاتلو أحد قادة الأفغان المعادي لطالبان إذا فتشنا جيوبهم وجدنا فيها الزبيب."
وتحدث عن اختيار الأمير لمساعديه فقال :
"ينبغي على الأمير أن يحدد لكل مفرزة أميرها، وأن يتفقد سيارات وأسلحة إخوانه ومؤنها، وخاصة قبل الغزوات، فلا يدخل فيها ما تعجز عنه حال الجد والشدة، ولا يخل منها ما تحتاجه حال العطب وطول المسافة، وخاصة إذا توقع طول المعركة."
والتحديد لا يكون بامر الأمير وإنما باختيار من في الوحدة أو السرية لمن يختارونه منهم كقائد لأن فرض الغير خاصة إن كان غير معروف لمن في السرية يحتاج وقتا للتعارف والتفاهم كما أن الغريب في أى مكان يكون مكروها حتى يظهر العكس منه
وتحدث عن عدم تحميل السيارة أكثر من ثلاثة فقال :
"ينبغي ألا يزيد عدد المقاتلين في السيارة الواحدة عن الثلاثة، إلا ما ترجحت مصلحته، وأن يؤمن اتصالا أمنيا مدروسا بين السرايا، ويضع لهم شفرة لكلامهم، وشعارا لقتالهم."
والمفترض في الحرب هو عدم تواجد الأفراد مع بعضهم في سيارة واحدة أو مكان واحد لن القذائف والقنابل تقتل الجمع في إطار عدة أذرع وأكثر ومن ثم فتباعد الأفراد عند الحركة أو القتال مطلوب لمنع زيادة القتلى والجرحى نتيجة الانفجارات
وطالب المهاجر المير أن يشجع الجنود والرعايا بالخطب الحماسية فقال :
"على الأمير أن يسمع رعيته وجنده ما يقوي نفوسهم ويشعرهم بالظفر على عدوهم، ويسرد عليهم من أسباب النصر ما يحتقرون به عدوهم، قال الله تعالى:
{إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر}."
وتحدث عن اتخاذ مواقع القتال ذات الميزة للمجاهدين على العدو فقال :
"ينبغي للأمير أن يدرس موقع القتال جيدا فلا يقاتل من موقع يسهل الالتفاف عليه دون أن يسد الثغرة، ولا يبعد بجنوده بعدا يستحيل عليه أن يعود بهم آمنا
قال (ص): (الحرب خدعة) وقال المهلب [عليكم بالمكيدة في الحرب؛ فإنها أبلغ من النجدة]؛ ومن المكيدة:
أ- إفشاء العيون. ... ب- استطلاع الأخبار.
ج- التورية في الغزوات؛ فقد كان النبي (ص) إذا أراد غزوة ورى بغيرها:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق"
وطالب الأمير باتخاذ الخطوات اللازمة للحذر من العدو فقال:
"- واحذر عدوك على كل حال لئلا:
أ- يثب عن قرب. ... ب- أو يغير من بعد.
ج- أو يكمن عن غرة. ... د- أو يتبع بعد رجوع"
وقد بين الله الطرق وهى :
إعداد القوة كما قال :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
الرصد كما قال تعالى :
" واقعدوا لهم كل مرصد"
وتحدث عن انتهاز القائد للفرص فقال :
"من علامات خبرة الأمير وحنكته انتهاز الفرص؛ [فإنها تمر مر السحاب، ولا تطلبوا أثرا بعد عين] ، وثب عند رأس الأمر ولا تثب عند ذنبه.
إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن لكل خافقة سكون يجوز لأمير الجيش أن يعرض للشهادة من الراغبين فيها من يعلم أن في قتله في المعركة تحريضا للمسلمين على القتال حمية له، والعكس صحيح: أن يحفظ من بقتله كسر لشوكة إخوانه؛ كالقائد المتميز؛ لذا كان موقع القلب أحصن الأماكن وأبعدها عن العدو."
والنصيحة وعكسها في الفقرة السابقة تعنى اللعب على الوتر النفسى للجنود في الحالين حتى لا يقنطوا
وطالب الأمير ألا يسمح للمجاهدين بقتل أو أسر أحد قد يختلفون بسببه فقال :
"لا تأذن لإخوانك أن يقتلوا أو يأسروا ما قد يفرق صفهم وتختلف بسببه كلمتهم، حتى وإن كان جائزا من وجه من الوجوه؛ فوحدة الكلمة حال القتال مصلحة راجحة لا يعدلها شيء."
والكلام غامض فالقتل والأسر لا يكون إلا في القتال وهو اعتداء العدو
وطالب بعد الخوض في دماء الأبرياء فقال :
"إياكم والدماء، إياكم والدماء وسفكها بغير حقها؛ فلا شيء أسرع لجلب نقمة وزوال نعمة من سفك الدماء بغير حقها، وإياك وأن تقوي أمرك وجندك بدم حرام؛ فإن هذا عاجل آجله ضعف ووهن، فلا عذر لك عند الله ولا عندنا، ووالله لا يرفع إلينا دم سفك من معصوم من أهل السنة بغير بينة على ارتكابه ما يهدر دمه ولا شبهة إلا انتصفنا له"
وتحدث عن الحذر واجب مستمر وعلى القائد ومن معه ألا يغتروا بنصر وإنما عليهم أن يستمروا بعده في الحذر والاستعداد للقتال فقال :
"لا يغرنك سهولة عملية ما؛ فقد يكون المنحدر بعدها وعرا؛ وعليه فليكن فكرك ليومك وغدك؛ فليس أضر على الناس من أمير يفكر فقط ليومه."
وتحدث عن مكافأة المحسن وعقاب المسىء فقال :
"كافئ المحسن على إحسانه، وأكرم السرية بعد الظفر، وشرف الشجاع على رؤوس الناس، وبالمقابل: وعاقب المسيء على إساءته ولو بالهجر؛ إذ يجوز للأمير أن يؤدب العاصي لأمره، فإن لم تفعل؛ تهاون المحسن واجترأ المسيء وفسد الأمر وضاع العمل.
- وليكن إحسانك إلى المحسن على الملأ، وعقابك للمسيء سرا؛ وخاصة لأهل الفضل منهم، أما أهل الفساد فعلى رؤوس الناس، وبه جاءت الشريعة.
- وإياك إياك والإسراف في عقوبة أو الندم على عفو، وإياك والغلظة المنفرة؛ فإن الشريعة تعاقب لتصلح لا لتتشفى، واحترس ساعة الغضب من كلمة لا ترجع؛ فرب كلمة قالت لصاحبها: "دعني"، ولا تجعل قولك أيها الأمير لغوا في عقوبة ولا عفو، ولا تتجاوز في عقوبتك -بتعد وهوى- ما حده الله لك؛ فـ (الظلم ظلمات يوم القيامة).
- فعليك يا أخي بالرفق في أمرك كله حتى في العقوبة؛ قال تعالى:
{ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}."
وهذا الكلام لا أساس في الإسلام فلم يعاقب الله ولا رسوله(ص) من هربوا في أحد ولا في حنين وأما المكافأة فقد حددها الله بتوزيع الغنيمة أى الفىء بالعدل وجعل أساسها اغناء الفقراء من المجاهدين كما قال " كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"
إن عقاب المجاهد على اساءته في الحرب هو ضرب من الخبل لأنه يغير النفوس وينقص قوة المسلمين المطلوب جمعها ومن تاب تاب الله عليه طالما استغفر وعرف الخطأ
وطالب الأمير بالرفق فقال :
"- وقال (ص): (من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير)، وقال (ص): (إن هذا الدين متين؛ فأوغلوا فيه برفق)."
وطالب الأمير أن يفرق في العقاب بين الناس فقال :
"اعلم أن إخوانك يسمعون ويطيعون رغبة فيما عند الله؛ فالتزامهم شرعي أخلاقي أكثر منه رهبة من سلطان؛ فلا تؤدب إلا من تظن أن له دينا يتقبله، أما من تظن أن دينه لا يردعه فإياك وأن تعاقبه بل تلطف به وتألفه؛ فأحق الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا وقدرا من ظلم من هو دونه، فأنصف الله وأنصف الناس من نفسك وأهلك وممن تحب من إخوانك ورعيتك، وإن لم تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه، ومن كان الله خصمه كان حربا عليه حتى يتوب وينزع، فاتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، وإن أبواب السماء مفتحة لها، وليكن من وقتك ساعة في النهار تفكر فيها هل ظلمت أحدا أو أن هناك مظلوما عليك أن تنتصر له؟ ومن شاء تعجل غضب الله فليظلم!.
املك إخوانك والناس بالإحسان تظفر بقلوبهم؛ فإن دوام المحبة بالإحسان وزوالها بالتعسف، وتودد إلى عامة الناس تخلص لك محبتهم، وتنل الكرامة منهم؛ فإن التودد من القوي تواضع."
ورأس الفقرة لا يتوافق مع بقيتها فالعقاب هو للكل والثواب للكل وأما التفرقة بين مرتكبة نفس الاساءة أو النقص فهو يغير النفوس ويوفر الصدور ويجعل التمرد قادم لا محالة على الأمير
وحدثنا عن حكايات الرفق فقال :
"وقد كان عمر بن عبد العزيز يرفق بالناس أيما رفق؛ فكان إذا أراد الأمر من أمر الله يظن أن الناس تكرهه انتظر حتى يأتي ما يحبه الناس فيخرجه معه، وقد ورد عنه: [إن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه، وتكون فتنة] اعرفوا قدر الناس واعلموا أصنافهم، وقدموا الرجل لكونه:
أ- من أهل العلم والفضل؛ والنصوص في فضلهم كثيرة.
ب- من أهل السن: فـ (ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، و يعرف لعالمنا حقه)
ج- من آل بيت شرف وسؤدد؛ وعلى رأسهم آل بيت النبوة."
ونجد المهاجر يقدم النصيحة وعكسها فقد أمر بالرفق بالناس وعاد ففرق بين الناس ومن المعروف أن الجريمة واخدة والعقاب واحد ومن ثم من ارتكب جريمة عوقب عليها أيا كان المجرم ولا يوجد ما يسمى أهل العلم والفضل أو أهل البيت لأنهم ماتوا جميعا ولم يتبق منهم أحد من قرون كثيرة حيث ماتت زوجات النبى(ص) وبناته
وطالب الأمير أن يواسى أهل الشهداء والجرحى وغيرهم فقال :
"تفقد أسر الشهداء والأسارى وقدمهم على من سواهم، وعد المريض، وكن مع إخوانك كالخادم لهم؛ فإنما أنت رجل منهم غير أنك أثقلهم حملا وأكثرهم عند الله حسابا؛ فاعمل لغد."
وطالب الأمير أن يختار رسله للأهالى وكذلك من سماهم المسيطرين فقال:
"أحسن اختيار رسولك إلى العشائر والجماعات المسلحة، وكذلك من يقوم بأمر "السيطرات" ومساءلة الناس؛ فإنهم وجوه الدولة لدى الناس، إن أحسنوا أحسنا، وإن أساؤوا أسأنا، وعلى الجملة: "أرسل حكيما ولا توصه""
وهذا الكلام عجيب لأنه يجعل القبضايات والفتوات والبلطجية وهم شيوخ العشائر والقبائل هم رؤساء الناس وهم وجوههم والإسلاك جعل رؤساء الناس من اختيارهم وليس عن طريق الاعتداء وأما السيطرة فتكون عن طريق مؤسسات الدولة العادلة ولا تترك هكذا
الغريب أنه ذكر العشائر وهى العصبيات ثم نهى عنها في الفقرة التالية فقال:
"إياك أيها الأمير والعصبيات الجاهلية؛ فإن الملك الراسخ البناء لا يهدمه إلا العصبية الغالية، واستعمل الذكاء والحيلة في تفكيكها وليس القوة فحسب؛ فإن أهل العراق خرجوا على عبد الملك بن مروان مع ابن الأشعث وفيهم جملة من خيار التابعين كسعيد بن جبير وأمثاله فهزمهم الحجاج في "دير الجماجم" بالحيلة أكثر منه بالقوة، واعلم أن من السياسة الحكيمة التعجيل بالأخذ على هؤلاء وخاصة الرؤوس."
وطالب الأمير بالجد والاجتهاد واعادة المحاولة عند الفشل فقال :
عليكم بالجد والاجتهاد وعلو الهمة، وإياكم والعجز؛ فإنه -والله- أذل مركب، ومهما تعثرت فأعد المحاولة؛ فقد علم من التجربة أنه ما من عمل يفتح الله فيه إلا وتعتريه العثرات والعثرات"
والكتاب لم يتناول أمور الحرب بالتفصيل وإنما معظم وصاياه هى في التعامل
المؤلف عبد المنعم بن عز الدين البدوي المعروف بأبو حمزة المهاجر والرسالة عبارة نصائح لأمراء ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصارا باسم داعش وداعش عبارة عن تنظيم تديره المخابرات المحلية والعالمية وكل الكبار في تلك التنظيمات هم عملاء للمخابرات وهم ليسوا مسلمين حتى وإن تسموا بأسماء مسلمين وأما القاعدة السفلى وهى الجنود والأمراء الصغار فهم الحالمون بدفع ظلم الحكام ودول الكفر وكلهم من المخدوعين بتلك التنظيمات وهم من ذوى النيات الحسنة التى تريد الجهاد ولكن قادة التنظيم يدفعونهم لعمل أعمال تبيح تدخل الكفار في بلاد المسلمين وتحسن من صورة الأنظمة الحاكمة التى تتزين بالحرب ضد الإرهاب وفى سبيل هذا تظلم الناس وتحكمهم بالحديد والنار بدعوى الحفاظ على الأمن والأمان
استهل المهاجر الكتاب بأنه جمه تلك الوصايا من بطون الكتب وخبرات المجاهدين فقال :
"وصايا للأمراء ...
فيا أخي المجاهد هذه بعض النصائح، جمعتها لك من أفواه الرجال وبطون الكتب، ولست أدعي حكمة، وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها، والله من وراء القصد."
أول النصائح هو الإخلاص لله وهى الوصية الشاملة والمفروض ألا يقول شىء بعدها ولكنه قال فيها:
"الإخلاص لله؛ ففيه النجاة في الدنيا والآخرة؛ قال رسول الله (ص): (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة)
وطالب المهاجر أن يكون القصد من الجهاد رفع كلمة الله فقال :
"- واقصد بعملك أن تكون كلمة الله هي العليا؛ فعن أبي موسى قال: سئل رسول الله (ص) عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: رسول الله (ص): (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) "
والثالثة هى العدل مع الرعية وهى قوله:
"العدل والنصح لرعيتك؛ فـ (ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور)
و(ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة)
و (لا يسترعي الله عبدا رعية يموت حين يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)"
والحديث ألأول غير صحيح المعنى فالأنسان يأتى دو، ان يكون معه شىء كالغل وإنما يؤتى به كما كان في الدنيا كما قال تعالى :
"كما بدأكم تعودون"
وقال:
"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة"
الوصية التالية التشاور وفيها قال :
"المشورة والمناظرة؛ فالمناظرة صنو المشاورة أي: الجلوس لطرح الأفكار في مجلس، وتعليق كل شخص على رأي الآخر أو استحداث رأي جديد، ثم يتبلور في النهاية الرأي الصواب.
- قال تعالى: {وشاورهم في الأمر}؛ فقد وجه الله نبيه ليشاور من هو دونه مع رجاحة عقل النبي (ص) فكيف بكم؟.
- وكما روي: [ما ندم من استشار، وما خاب من استخار] وقيل: [من استغنى بعقله ضل، ومن اكتفى برأيه زل، ومن استشار ذوي الألباب سلك سبيل الصواب، ومن استعان بذي العقول فاز بدرك المأمول].
- فليكن لكل أمير مجلس شورى حقيقي بدءا من الأمير العام وانتهاء بأمراء السرايا، ولكن لا تشاور صاحب حاجة يريد قضاءها، ولا من تتلمس أنه يطمع فيها، ولا من لا يقلب الفكر في الرأي؛ فقد قيل: "دع الرأي حتى يختمر"، وقد ورد عن علي [رأي الشيخ خير من مشهد الغلام] أي في القتال، ولا تستشر إلا خاليا: أي على انفراد؛ فإنه أحفظ للسر، وأضبط لمن قد يفشيه."
والخطأ هنا هو استثناء البعض من المشورة وهو ما يخالف أن التشاور يكون بين كل المسلمين كما قال تعالى :
"وأمرهم شورى بينهم"
ثم قال :
- حقا! [إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة لا يضل معهما رأي] "
ونصح الأمير بعدم تقديم الموافقين له في الرأى وعدم طاعة بطانة السوء فقال :
"إياك وأن تقدم من يوافقك الرأي فحسب، واحذر من بطانة السوء، وعود نفسك الصبر على من خالفك الرأي من ذوي النصح، وتجرع مرارة قولهم وعذلهم، ولا تنبسط في ذلك إلا لأهل الفضل والعقل والسن والمروءة والستر"
ونصح الأمير بأن يسير في الناس لمعرفة اخبارهم ويجالس من ينقل له الأخبار الصحيحة فقال :
"ليس أضيع للدين والدنيا من أن يضيع من الأمير أخبار رعيته على حقيقتها؛ فلا تحتجب عنهم؛ فإنما أنت بشر لا تعلم ما يواريه الناس عنك، وإياك والتذرع بالأمن؛ فتأمن وتضيع من تحتك؛ فبئس الأمير أنت إذن."
ويطالب المهاجر الأمير بتفقد الرعية مع عدم تصديق أو تكذيب من ينقل الأخبار إلا بعد تبينه لها فقال :
"- وقف على كل شيء بنفسك بعد تولية الأمناء النصحاء؛ فقد يخون الأمين ويغش الناصح فتثبتوا من الأمور؛ قال تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}،
[فلم يقتصر تعالى على التعريض دون المباشرة، ولا عذر في التشاغل اكتفاء بالاستنابة حتى قرنه بالضلالة]
- ولا تعجلن إلى تصديق ساع يريد الإفساد، فإن مثله غاش وإن تشبه بالناصحين، ولا تهمل قوله؛ فقد يكون صادقا، وأحسن الظن بإخوانك؛ فإن إحسان الظن يقطع عنك نصبا طويلا."
وطالب المهاجر الأمير أن يقيم الحدود على الكل وهو أولهم فقال :
"ينبغي للأمير أن يأخذ نفسه وجنده بما أوجبه الله تعالى من حقوق، وأمر به من حدود؛ فإن من جاهد عن الدين كان أحق الناس بالتزام أحكامه ولكنك لن تصلح وأنت فاسد، ولن ترشد وأنت غاو، ولن تهدي وأنت ضال، فكيف يقدر الأعمى على الهدى والذليل على العز؟ ولا أذل من ذل المعصية، ولا أعز من عز الطاعة، فترفع عن سفاسف الأخلاق وصحبة الفساق."
كما طالبه ألا يترك الطريق الشرعى لطريق الباطل للحصول على شىء فقال :
"إياك وأن يدعوك ضيق أمرك في شيء إلى طلبه بغير الحق؛ فإن صبرك على ضيق ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من معصية تخاف تبعتها؛ ومدار الدين على الصبر"
وهو يقصد ما يسمونه بجعل الغاية تبرر الوسيلة
كما طالبه أن يعدل بينه وبين غيره في كل شىء فقال :
"إياك وأن تميز نفسك بمركب أو ملبس؛ فقد كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري [ ... وقد بلغني أنه فشا لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك ومطعمك ومركبك، ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة مرت بواد خصب، فلم يكن لها هم إلا التسمن، وإنما حتفها في السمن، واعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته، وأشقى الناس من شقيت به رعيته] "
ونصح المهاجر الأمير أن يلزم أصول الحرب هو ومن معه فقال :
"اعلموا أن الحرب كما قالوا:
ثقالها الصبر، وقطبها المكر، ومدارها الاجتهاد، وثقافها الأناة، وزمامها الحذر، ولكل شيء من هذه ثمرة: فثمرة الصبر التأييد، وثمرة المكر الظفر، وثمرة الاجتهاد التوفيق، وثمرة الأناة اليمن، وثمرة الحذر السلامة، وقد سئل عمرو بن معد يكرب عن الحرب فقال: [من صبر فيها عرف، ومن نكل عنها تلف] فإياكم والعجلة فرب عجلة تعقب ندما قدم أهل البلاء والشدة على الأعداء حال اصطلام القتال، ووزعهم على السرايا ليتقوى بهم الضعيف ويتجرأ بشجاعتهم الجبان، وإياك وأن يصحب إخوانك مخذل أو مرجف، والحذر الحذر من العيون والجواسيس، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، ولكن لا تنتق في الغزو الأقوياء وتترك الضعفاء الراغبين بما عند الله؛ فإن النبي (ص) قال: (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) وإن الله ينصر القوم بأضعفهم"
والحديث المستشهد به باطل فالنصر يكون بالله وليس بالضعفاء الذين لا يشاركون في الحرب وفى هذا قال تعالى :
"إن تنصروا الله ينصركم"
وطالب الأمير أن يتخذ حذره في الحرب بارتداء ما يقى من القتل أو الجرح فقال :
لا تهمل من العدة ما يمكن أن يتخذ كالدروع والخوذ، وليس ذلك من الجبن فقد كان أشجع الناس رسول الله (ص) له درع، ولا يمنع هذا من المقاتلة حاسرا في وقته المناسب، قال حبيب بن المهلب [ما رأيت رجلا في الحرب مستلئما إلا كان عندي رجلين، ولا رأيت حاسرين إلا كانا عندي واحدا]، فسمع هذا الحديث بعض أهل المعرفة فقال: [صدق! إن للسلاح فضيلة؛ أما تراهم ينادون عند الصريخ: السلاح السلاح، ولا ينادون: الرجال الرجال] "
وحدثنا عن وجوب أن يزود الأمير جنوده بالمؤن من الطعام والشراب فقال:
"إنه لأمير حكيم من يزود إخوانه من المؤن ما تقوى به نفوسهم طوال يومهم من طعام وشراب؛ فقد كان مقاتلو أحد قادة الأفغان المعادي لطالبان إذا فتشنا جيوبهم وجدنا فيها الزبيب."
وتحدث عن اختيار الأمير لمساعديه فقال :
"ينبغي على الأمير أن يحدد لكل مفرزة أميرها، وأن يتفقد سيارات وأسلحة إخوانه ومؤنها، وخاصة قبل الغزوات، فلا يدخل فيها ما تعجز عنه حال الجد والشدة، ولا يخل منها ما تحتاجه حال العطب وطول المسافة، وخاصة إذا توقع طول المعركة."
والتحديد لا يكون بامر الأمير وإنما باختيار من في الوحدة أو السرية لمن يختارونه منهم كقائد لأن فرض الغير خاصة إن كان غير معروف لمن في السرية يحتاج وقتا للتعارف والتفاهم كما أن الغريب في أى مكان يكون مكروها حتى يظهر العكس منه
وتحدث عن عدم تحميل السيارة أكثر من ثلاثة فقال :
"ينبغي ألا يزيد عدد المقاتلين في السيارة الواحدة عن الثلاثة، إلا ما ترجحت مصلحته، وأن يؤمن اتصالا أمنيا مدروسا بين السرايا، ويضع لهم شفرة لكلامهم، وشعارا لقتالهم."
والمفترض في الحرب هو عدم تواجد الأفراد مع بعضهم في سيارة واحدة أو مكان واحد لن القذائف والقنابل تقتل الجمع في إطار عدة أذرع وأكثر ومن ثم فتباعد الأفراد عند الحركة أو القتال مطلوب لمنع زيادة القتلى والجرحى نتيجة الانفجارات
وطالب المهاجر المير أن يشجع الجنود والرعايا بالخطب الحماسية فقال :
"على الأمير أن يسمع رعيته وجنده ما يقوي نفوسهم ويشعرهم بالظفر على عدوهم، ويسرد عليهم من أسباب النصر ما يحتقرون به عدوهم، قال الله تعالى:
{إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر}."
وتحدث عن اتخاذ مواقع القتال ذات الميزة للمجاهدين على العدو فقال :
"ينبغي للأمير أن يدرس موقع القتال جيدا فلا يقاتل من موقع يسهل الالتفاف عليه دون أن يسد الثغرة، ولا يبعد بجنوده بعدا يستحيل عليه أن يعود بهم آمنا
قال (ص): (الحرب خدعة) وقال المهلب [عليكم بالمكيدة في الحرب؛ فإنها أبلغ من النجدة]؛ ومن المكيدة:
أ- إفشاء العيون. ... ب- استطلاع الأخبار.
ج- التورية في الغزوات؛ فقد كان النبي (ص) إذا أراد غزوة ورى بغيرها:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق"
وطالب الأمير باتخاذ الخطوات اللازمة للحذر من العدو فقال:
"- واحذر عدوك على كل حال لئلا:
أ- يثب عن قرب. ... ب- أو يغير من بعد.
ج- أو يكمن عن غرة. ... د- أو يتبع بعد رجوع"
وقد بين الله الطرق وهى :
إعداد القوة كما قال :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
الرصد كما قال تعالى :
" واقعدوا لهم كل مرصد"
وتحدث عن انتهاز القائد للفرص فقال :
"من علامات خبرة الأمير وحنكته انتهاز الفرص؛ [فإنها تمر مر السحاب، ولا تطلبوا أثرا بعد عين] ، وثب عند رأس الأمر ولا تثب عند ذنبه.
إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن لكل خافقة سكون يجوز لأمير الجيش أن يعرض للشهادة من الراغبين فيها من يعلم أن في قتله في المعركة تحريضا للمسلمين على القتال حمية له، والعكس صحيح: أن يحفظ من بقتله كسر لشوكة إخوانه؛ كالقائد المتميز؛ لذا كان موقع القلب أحصن الأماكن وأبعدها عن العدو."
والنصيحة وعكسها في الفقرة السابقة تعنى اللعب على الوتر النفسى للجنود في الحالين حتى لا يقنطوا
وطالب الأمير ألا يسمح للمجاهدين بقتل أو أسر أحد قد يختلفون بسببه فقال :
"لا تأذن لإخوانك أن يقتلوا أو يأسروا ما قد يفرق صفهم وتختلف بسببه كلمتهم، حتى وإن كان جائزا من وجه من الوجوه؛ فوحدة الكلمة حال القتال مصلحة راجحة لا يعدلها شيء."
والكلام غامض فالقتل والأسر لا يكون إلا في القتال وهو اعتداء العدو
وطالب بعد الخوض في دماء الأبرياء فقال :
"إياكم والدماء، إياكم والدماء وسفكها بغير حقها؛ فلا شيء أسرع لجلب نقمة وزوال نعمة من سفك الدماء بغير حقها، وإياك وأن تقوي أمرك وجندك بدم حرام؛ فإن هذا عاجل آجله ضعف ووهن، فلا عذر لك عند الله ولا عندنا، ووالله لا يرفع إلينا دم سفك من معصوم من أهل السنة بغير بينة على ارتكابه ما يهدر دمه ولا شبهة إلا انتصفنا له"
وتحدث عن الحذر واجب مستمر وعلى القائد ومن معه ألا يغتروا بنصر وإنما عليهم أن يستمروا بعده في الحذر والاستعداد للقتال فقال :
"لا يغرنك سهولة عملية ما؛ فقد يكون المنحدر بعدها وعرا؛ وعليه فليكن فكرك ليومك وغدك؛ فليس أضر على الناس من أمير يفكر فقط ليومه."
وتحدث عن مكافأة المحسن وعقاب المسىء فقال :
"كافئ المحسن على إحسانه، وأكرم السرية بعد الظفر، وشرف الشجاع على رؤوس الناس، وبالمقابل: وعاقب المسيء على إساءته ولو بالهجر؛ إذ يجوز للأمير أن يؤدب العاصي لأمره، فإن لم تفعل؛ تهاون المحسن واجترأ المسيء وفسد الأمر وضاع العمل.
- وليكن إحسانك إلى المحسن على الملأ، وعقابك للمسيء سرا؛ وخاصة لأهل الفضل منهم، أما أهل الفساد فعلى رؤوس الناس، وبه جاءت الشريعة.
- وإياك إياك والإسراف في عقوبة أو الندم على عفو، وإياك والغلظة المنفرة؛ فإن الشريعة تعاقب لتصلح لا لتتشفى، واحترس ساعة الغضب من كلمة لا ترجع؛ فرب كلمة قالت لصاحبها: "دعني"، ولا تجعل قولك أيها الأمير لغوا في عقوبة ولا عفو، ولا تتجاوز في عقوبتك -بتعد وهوى- ما حده الله لك؛ فـ (الظلم ظلمات يوم القيامة).
- فعليك يا أخي بالرفق في أمرك كله حتى في العقوبة؛ قال تعالى:
{ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}."
وهذا الكلام لا أساس في الإسلام فلم يعاقب الله ولا رسوله(ص) من هربوا في أحد ولا في حنين وأما المكافأة فقد حددها الله بتوزيع الغنيمة أى الفىء بالعدل وجعل أساسها اغناء الفقراء من المجاهدين كما قال " كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"
إن عقاب المجاهد على اساءته في الحرب هو ضرب من الخبل لأنه يغير النفوس وينقص قوة المسلمين المطلوب جمعها ومن تاب تاب الله عليه طالما استغفر وعرف الخطأ
وطالب الأمير بالرفق فقال :
"- وقال (ص): (من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير)، وقال (ص): (إن هذا الدين متين؛ فأوغلوا فيه برفق)."
وطالب الأمير أن يفرق في العقاب بين الناس فقال :
"اعلم أن إخوانك يسمعون ويطيعون رغبة فيما عند الله؛ فالتزامهم شرعي أخلاقي أكثر منه رهبة من سلطان؛ فلا تؤدب إلا من تظن أن له دينا يتقبله، أما من تظن أن دينه لا يردعه فإياك وأن تعاقبه بل تلطف به وتألفه؛ فأحق الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا وقدرا من ظلم من هو دونه، فأنصف الله وأنصف الناس من نفسك وأهلك وممن تحب من إخوانك ورعيتك، وإن لم تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه، ومن كان الله خصمه كان حربا عليه حتى يتوب وينزع، فاتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، وإن أبواب السماء مفتحة لها، وليكن من وقتك ساعة في النهار تفكر فيها هل ظلمت أحدا أو أن هناك مظلوما عليك أن تنتصر له؟ ومن شاء تعجل غضب الله فليظلم!.
املك إخوانك والناس بالإحسان تظفر بقلوبهم؛ فإن دوام المحبة بالإحسان وزوالها بالتعسف، وتودد إلى عامة الناس تخلص لك محبتهم، وتنل الكرامة منهم؛ فإن التودد من القوي تواضع."
ورأس الفقرة لا يتوافق مع بقيتها فالعقاب هو للكل والثواب للكل وأما التفرقة بين مرتكبة نفس الاساءة أو النقص فهو يغير النفوس ويوفر الصدور ويجعل التمرد قادم لا محالة على الأمير
وحدثنا عن حكايات الرفق فقال :
"وقد كان عمر بن عبد العزيز يرفق بالناس أيما رفق؛ فكان إذا أراد الأمر من أمر الله يظن أن الناس تكرهه انتظر حتى يأتي ما يحبه الناس فيخرجه معه، وقد ورد عنه: [إن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه، وتكون فتنة] اعرفوا قدر الناس واعلموا أصنافهم، وقدموا الرجل لكونه:
أ- من أهل العلم والفضل؛ والنصوص في فضلهم كثيرة.
ب- من أهل السن: فـ (ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، و يعرف لعالمنا حقه)
ج- من آل بيت شرف وسؤدد؛ وعلى رأسهم آل بيت النبوة."
ونجد المهاجر يقدم النصيحة وعكسها فقد أمر بالرفق بالناس وعاد ففرق بين الناس ومن المعروف أن الجريمة واخدة والعقاب واحد ومن ثم من ارتكب جريمة عوقب عليها أيا كان المجرم ولا يوجد ما يسمى أهل العلم والفضل أو أهل البيت لأنهم ماتوا جميعا ولم يتبق منهم أحد من قرون كثيرة حيث ماتت زوجات النبى(ص) وبناته
وطالب الأمير أن يواسى أهل الشهداء والجرحى وغيرهم فقال :
"تفقد أسر الشهداء والأسارى وقدمهم على من سواهم، وعد المريض، وكن مع إخوانك كالخادم لهم؛ فإنما أنت رجل منهم غير أنك أثقلهم حملا وأكثرهم عند الله حسابا؛ فاعمل لغد."
وطالب الأمير أن يختار رسله للأهالى وكذلك من سماهم المسيطرين فقال:
"أحسن اختيار رسولك إلى العشائر والجماعات المسلحة، وكذلك من يقوم بأمر "السيطرات" ومساءلة الناس؛ فإنهم وجوه الدولة لدى الناس، إن أحسنوا أحسنا، وإن أساؤوا أسأنا، وعلى الجملة: "أرسل حكيما ولا توصه""
وهذا الكلام عجيب لأنه يجعل القبضايات والفتوات والبلطجية وهم شيوخ العشائر والقبائل هم رؤساء الناس وهم وجوههم والإسلاك جعل رؤساء الناس من اختيارهم وليس عن طريق الاعتداء وأما السيطرة فتكون عن طريق مؤسسات الدولة العادلة ولا تترك هكذا
الغريب أنه ذكر العشائر وهى العصبيات ثم نهى عنها في الفقرة التالية فقال:
"إياك أيها الأمير والعصبيات الجاهلية؛ فإن الملك الراسخ البناء لا يهدمه إلا العصبية الغالية، واستعمل الذكاء والحيلة في تفكيكها وليس القوة فحسب؛ فإن أهل العراق خرجوا على عبد الملك بن مروان مع ابن الأشعث وفيهم جملة من خيار التابعين كسعيد بن جبير وأمثاله فهزمهم الحجاج في "دير الجماجم" بالحيلة أكثر منه بالقوة، واعلم أن من السياسة الحكيمة التعجيل بالأخذ على هؤلاء وخاصة الرؤوس."
وطالب الأمير بالجد والاجتهاد واعادة المحاولة عند الفشل فقال :
عليكم بالجد والاجتهاد وعلو الهمة، وإياكم والعجز؛ فإنه -والله- أذل مركب، ومهما تعثرت فأعد المحاولة؛ فقد علم من التجربة أنه ما من عمل يفتح الله فيه إلا وتعتريه العثرات والعثرات"
والكتاب لم يتناول أمور الحرب بالتفصيل وإنما معظم وصاياه هى في التعامل