رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب تهافت التحريفية الجديدة لا وجود لنبي اسمه محمد(ص)
الكتاب أو المقال بقلم دانيل بيرنشتيل وعندما يتناول غير المسلم الإسلام فلابد أن يكون الإسلام وأهله فى دائرة الاتهام ولكن بيرنشتيل فى كتابه هذا واحد من الكتاب القلائل جدا الذين دافعوا عن الإسلام ضد مواطنيهم المضللين
المؤلف يحدثنا عن كتاب أخر اسمه الإسلام المبكر وهو ضمن سلسلة من المؤلفات التى تتحدث عن غموض الإسلام ومن عناوين تلك الكتب يتبين النظرة المسبقة وهى أن الإسلام ما هو إلا نصرانية محرفة وأن مصادر الكتب هى الحفريات والمدونات وفى هذا قال :
""إنارة ما يحيط ببدايات الإسلام من غموض"، ذلك هو ما ينادي به كارل هاينز أوليش في المقدمة التي دبج بها كتابا جديدا صادرا تحت إشرافه، يقول المشاركون في تحريره أنهم اعتمدوا في بحوثهم على "مصادر معاصرة" مثل نقوش قبة الصخرة ومسكوكات العملة أو مدونات كتاب مسيحيين.
"الإسلام المبكر" هو الكتاب الثالث الآن من ضمن سلسلة متلاحقة الصدور في ظرف زمني وجيز، تسعى إلى نقض الأفكار المتداولة حول نشأة الإسلام، وذلك بعد كتاب "القراءة السريانية الآرامية" للوكسنبرغ، ثم المؤلف المشترك الذي يحمل عنوان "البدايات المعتمة"، وقد أشرف على إصدارهما أيضا كارل هاينس أوليش."
ويبين بيرنشتيل أن المؤلفين اعتمدوا الرأى القائل بأن الإسلام ما هو إلا نصرانية محرفة جاءت من إيران فى قوله:
"الكتاب الذين أسهموا في صياغة هذا المؤلف الأخير يدافعون عن الرأي القائل بأن الإسلام قد جاء في بداياته كظاهرة هرطقة مسيحية تطورت في صفوف مسيحيين من شرق إيران ينتمون في الأصل إلى مبعدين من بلاد ما بين النهرين (من هاترا على وجه الخصوص).
وربما يكون هؤلاء قد استولوا على الحكم بعد انهيار مملكة الساسانيين في سنة 622 م، وبذلك استطاعوا أن ينقلوا تعاليم مسيحيتهم إلى دمشق والقدس (أورشليم)، حيث تم في أواخر القرن السابع (على عهد حكم عبد الملك) نقل هذه التعاليم المستجلبة من إيران من السريانية إلى خليط لغوي متكون من السريانية والآرامية والعربية."
وهذا الكلام بلا دليل خاصة لأن ما فى القرآن يشير إلى قريش ومكة والمدينة وليس إلى شرق إيران بالقرب من الهند وباكستان
ومن ثم الاستيلاء على مملكة الساسان أمر مستبعد
وتحدث بيرنشتيل عن كون الخلفاء الراشدين مجرد أوهام فقال :
"الخلفاء الراشدون محض خيال!
هذا "القرآن" البدئي قد تم تطويره حسب هذه الرواية خلال القرن الثامن، وقد يكون خلال القرن التاسع أيضا، ولم يكن محمد في رأي أصحاب هذه الرواية إسم علم في الأصل، بل "نعت صفة ليسوع المسيح". ولم يحدث تطور هذه التعاليم لتتحول إلى ديانة قائمة بذاتها إلا خلال القرنين الثامن والتاسع، ومعها تم تحويل نعت الصفة إلى إسم للنبي العربي.
واستنادا إلى هذه الرؤية يكون تاريخ الإسلام المبكر كما يعرف من خلال الكتابات التاريخية للقرن التاسع الميلادي مجرد إعادة تأويل للأحداث، والعديد من الخلفاء الأوائل محض ابتكار من الخيال لا يجد ما يثبت واقعيته في المخطوطات القديمة."
كلام الكتاب لا يجد ما يؤيده فى الآثار والمسكوكات وغيرها وهو يعتمد مقولة العدو وبالطبع لا تقبل مقولة العدو ما لم يؤيدها الصديق أو المتهم نفسه
مقولة كون الإسلام نصرانية محرفة سبق أن ادعاها المضللون الغربيون الذين يسمونهم المستشرقين ومن ثم فالمقولة ليست جديدة وإنما تكررت من قبل
الغريب فى المقولة هى أنها تقول أن أصل المسلمين إيرانى ويشير كاتب المقال إلى أن مقولة مماثلة جعلت المسلمين من فلسطين وهو قوله :
""إعادة الكتابة التاريخية النقدية" هذه تثير في العديد من الجوانب الانطباع بأنها استعادة لعمل التأريخ الجديد للحدث القرآني الذي ينزله جون فانسبورو في أوائل القرن التاسع الميلادي، كما تذكرنا بأطروحات باتريسيا كرون وميشائيل كوك، التي تفيد بأن الإسلام لم يظهر في الجزيرة العربية بل في فلسطين."
كتاب الإسلام المبكر ينفى وجود خاتم النبيين(ص) ومن ثم يسقط الإسلام باعتباره ليس وحيا منزلا على رسول وإنما ألفه الناس من عندهم والكتاب مماثل لكتب سابقة نفت وجود إبراهيم(ص) فى التاريخ والآثار وكذلك كتب نفت وجود موسى(ص) وبقية الرسل (ص) فى التاريح والآثار والحفريات
ومن ثم فالحديث هو كلام بلا أى دليل ويتحدث المؤلف بيرنشتيل عن أن الكتب الإسلامية تثبت وجود محمد(ص) فيقول:
"غير أن المتفق عليه في مجال العلوم الإسلامية يثبت عكس ذلك: هنا يعتبر ما جاء في مدونات التاريخ الإسلامي مطابقا للوقائع التاريخية، ويؤكد على تاريخية وجود الشخصية المحمدية كشخص ولد سنة 570 م في الجزيرة العربية، وهناك أعلن نبوءته على إثر وحي أوحي إليه به في سنة 610، ثم اضطر على إثر الرفض الذي قوبل به من طرف أهل قبيلته قريش والملاحقات التي تعرض إليها، إلى الهجرة إلى المدينة حيث أسس النواة الأولى للدولة الإسلامية.
أما عن كونه قد تمكن من هناك وفي ظرف لا يتجاوز العشر سنوات من غزو، لا مكة فقط، بل مجمل مناطق شبه الجزيرة العربية، فذلك ما لا جدال فيه في نظر العلوم الإسلامية، مثله مثل وجود الخلفاء الأوائل (الراشدين) الذين تم في ظل حكمهم فتح بلاد الهلال الخصيب وشمال إفريقيا وإيران، وكذلك التدوين النهائي للقرآن في نسخة تحتوي على ما جمعه الخليفة الثالث عثمان من نصوص الوحي التي أنزلت على محمد"
إذا المسألة هى كتب فى مقابل كتب ومعظم كتب التاريخ القديمة إن لم بكن كلها هى صناعة الكفار سواء على جانب الكفار أو على جانب من سموهم بأسماء المسلمين ونسبوا لهم تلك الكتب كابن هشام وابن إسحاق حيث أن أكثر من 90% مما كتبوه مناقض أولا لبعضه البعض وثانيا مناقض للقرآن وثالثا يعتمد المضللون المستشرقون على نصوص تلك الكتب فى الغلب فى معظم الشبهات التى يلقونهم على الإسلام والمسلمين
وتحدث بيرنشتيل عن مغالطة تحريفية فى الكتاب فقال :
"مغالطات تحريفية
وإليكم الآن جردا لبعض هذه الأطروحات التحريفية الأساسية.
يسوق كل من فولكر بوب في المداخلة الأولى تحت عنوان "من أوغاريت إلى سامراء" وأوليش في المداخلة الثانية بعنوان "معاينات في نشأة ديانة جديدة" الأطروحة القائلة بأن "بلاد العرب" تقع في الأصل في بلاد ما بين النهرين، وأن مصطلحي "العرب" و"عربي" كانا يطلقان في أصلهما الأولي على الآراميين. وفي زمن متأخر فقط تبنت القبائل القادمة من شبه الجزيرة هذين المصطلحين وراحت تطلقهما بمفعول رجعي على ما يعرف اليوم بالعرب وببلاد العرب (الجزيرة العربية).
لكن هذه الأطروحات تتغافل عن عدد من الوقائع التاريخية المهمة فلم تكن الأسماء العربية -بحسب معايير زمننا الحاضر- (ومن بينها أسماء عدد من الآلهة) تدل فقط على وجود شعب يتكلم لسانا عربيا في هاترا خلال القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد، بل على وجود قبائل عربية (بمفهومنا الحالي) من بين قبائل البدو الرحل في الصحراء السورية، قبائل كان الأشوريون يطلقون عليها أسماء عريبي، وعرابايا وما شابهها من الأسماء، وذلك منذ القرن التاسع قبل الميلاد.
هذا المصطلح التسموي كان يطلق أيضا على قبائل رحل من تلك التي كانت تقيم وتتنقل فوق الأراضي الإيرانية، مع أنها لم تكن تنتمي إلى العرق السامي، مما يجعل المرء يستنتج بأن هذا المصطلح يطلق على كل الرحل دون أية إحالة على أصولهم الأثنية واللغوية.
إلا أن الجذر السامي للعبارة (عرب) كان يطلق خاصة في جنوب الجزيرة ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد على قبائل قادمة من شبه الجزيرة، بما يفيد بأن مصطلح "العرب" لم يطلق ابتداء من القرن السابع أو الثامن ميلادي فقط، على ما يعرف بالعرب لدينا اليوم."
يفند بيرنشتيل هنا مقولة كون العرب عراقيين فقط وإنما كانوا منتشرين فى رقعة كبيرة فى إيران والعراق وسوريا وما يسمى الجزيرة قبل وجود محمد(ص) وأنهم ذكروا فى كتب أهل تلك المناطق وأن اسم العرب أو عرب أو عرابايا هو اسم لكل قبائل الرحل
والحقيقة القرآنية هى أن العرب لم يذكروا فى كتاب الله وإنما ذكر الأعراب وهم من يعيشون خارج القرى والمدن ولذا قال تعالى :
" وممن حولكم من الأعراب"
والكلمة تلك على المسلمين من العرب وهو الوضوح أى العدل كما قل تعالى :
"
والمراد حكما عادلا أى واضحا أى حقا
وضعف الكاتب وهو بيرنشتيل مقولة الكتاب عن الطائفة النصرانية المزعومة فقال :
"القراءة المقلوبة
على نفس الأديم من الأسس الواهية يقف واحد من البراهين الأساسية في أطروحة بوب المتقولة بوجود حركة مسيحية ألفانية في مرو، يضع الكاتب على أساسها أسطورة الشخصية البهلوية التي يذكرها على طريقته الخاصة بـ" APD’LMLIK-i-MARWânân" وذلك انطلاقا من نقش على مسكوكات نقدية ظل يقرأ إلى حد الآن بإسم عبد الملك بن مروان، الذي يطابق إسم الخليفة الأموي المعروف، والذي يقرؤه بوب على نحو مغاير بـ"عبد الملك من أهل مرو"، وبالتالي يكون هذا دليلا بالنسبة إليه على أن مرو من أحد المراكز التي كانت مستقرا لواحدة من فرق المعتقد المسيحي القديم المبعدة من بلاد ما بين النهرين.
تعتبر قراءة " i- MRWânân" على أنها "من أهل مرو" لاغية وغير ممكنة ذلك أن اللاحقة اللغوية "أن" ( ân) في اللغة الفارسية للعصر الوسيط لا تستعمل للتدليل على النسب وبالتالي فإن القراءة التي تثبت إسم "إبن مروان" ليست ممكنة فحسب، بل هي المسلك الوحيد الذي يقود إلى إثبات النسبة البهلوية.
وإضافة إلى ذلك فإنه سيكون على المرء أن يتساءل عن الدافع الذي يمكن أن يجعل امرئ يلجأ إلى اسم موطنه لإثبات نسبته، وكيف كان من الممكن لظاهرة "هرطقة" مسيحية أن تتواجد هناك دون أن تجلب الانتباه إليها؟ ألم تكن مرو، ومنذ القرن الرابع الميلادي، مقرا لأسقف الكنيسة الحوارية المشرقية، الذي ظل يجمع خطأ على اعتباره نسطوريا!"
والرجل هنا يفند كلام بوب تفنيدا علميا بأنه لا يمكن طبقا للموجود من التاريخ عند النصارى والفرس أن يكون عبد الملك فارسيا نصرانيا من أهل مرو
ويهاجم بيرنشتيل مقولة أخرى لبوب وهى معنى كلمة أمير المؤمنين فيقول :
"معنى أمير المؤمنين
كما أنه لا يسع المرء إلا أن يتساءل عما جعل بوب ينتهي إلى القناعة بأن لقب "أمير المؤمنين" لا يعني حاكم المؤمنين وقائدهم، بل "وكيلا مولى على كل المسؤولين عن الأمن" يرى فيه نوعا من الوالي.
إن المعادل في اللغة الفارسية الوسيطة للعبارة المنقوشة على المسكوكة العربية الساسانية كما يرد لدى كارل بوب هي: " AMIR-i-Wurroyishnikân"، والحال أن عبارة " Wurroyishnikân" لا يمكن أن تعني سوى "مؤمن"، وهي مشتقة من " Wurroyishn" التي تعني "الإيمان"، وهو مصطلح يرد كثيرا في نصوص الديانة الزرادشتية، ويعتقد بوب أنه يعثر بكثرة على التصور الذي يقابله في القرآن وفي الديانة الإسلامية عامة، و يثبت ذلك بصفة خاصة في الفصل السابع من الكتاب تحت عنوان "تأثيرات الخلفية الدينية الفارسية في التصورات القرآنية"."
ومما سبق من تضعيف وتفنيد بيرنشتيل لمقولات بوب نرى أن بوب يعتمد تحريف العبارات صوتيا لكى تأتى على هواه
وتحدث الرجل عن مقولة لوكسنبرغ عن كون القرآن أصله سريانى فقال "السريانية والقرآن
في المداخلة الرابعة التي تحمل عنوان "آثار الحروف السريانية الآرامية في المخطوطات القرآنية الأولية بالحرفين الكوفي والحجازي"، يحاول كريستوف لوكسنبرغ أن يثبت أن جملة من نسخ المخطوطات القرآنية الأولى ذات علاقة وثيقة بنماذج أصلية من الكتابة السريانية. أما الأدلة التي يقدمها للبرهنة على هذه الفرضية فتظل تفتقر إلى القدرة على الإقناع.
وهكذا فإن قراءته لكلمة "شيء" مثلا، على أنها "شأن" بحكم عملية قلب لفظي يجريه على حرف "الياء" بحيث يتمثل له أنها ليست شيئا آخر غير "نون" سريانية، لا يمكن إلا أن تدعو إلى الشك في مدى ما يمكن أن تنطوي عليه حقا من مصداقية ذلك أن أخذ عبارة "شأن" على أنها "شيء" أو "شيء ما" يظل أمرا لا يسوغه الفهم السليم، شأنه شأن جملة "لله القدرة في كل شأن" التي تؤدي معنى أقل شمولا بكثير من مقولة "ولله الأمر في كل شيء".
وليس من باب الصدفة المجانية أن نرى دائرة مدلولات عبارة "شيء" وقد اتسعت في العديد من اللهجات العربية المحلية لتتحول إلى صيغة للمجهول والتعميم و صيغة للاستفهام في عبارات: "شيء ما" و "أي شيء". كما أن بعض التخمينات العشوائية مثل اعتبار لام التوكيد (لـ)، وكذلك لا النافية على ما يبدو، من المشتقات التي تعود إلى اللغة السريانية رغم ما تؤكده شتى فروع العلوم اللغوية من عكس ذلك، مثل هذه التخمينات تدعو إلى الشك بجدية في مقدرات لوكسنبرغ في مجال علوم اللغات السامية.
وفي أكثر من موقع يحصل للقارئ انطباع بأن ما يخلص إليه من ملاحظات لا تأتي في الحقيقة نتيجة قراءة جديدة، بل على العكس من ذلك، أن النص يتأول على نحو يجعله ينقاد إلى الخلاصات المرغوبة. وأكثر ما يجلب الانتباه على نحو خاص في هذا كله هو العودة بهذه الطريقة إلى الاستناد على كتابات تقليدية آرامية، كما لو أن اللهجات الآرامية المختلفة متماثلة دون فوارق فيما بينها. وبالتالي فإن وجود قرآن بدئي باللغة السريانية يظل أمرا لا يمكن اعتباره قابلا للإثبات بهذه الطريقة."
ومما سبق نجد أن بيرنشتيل يبين أن المؤلف الثانى يعتمد نفس عمل بوب وهو التحريف اللفظى للكلمات حتى يوافق ما يذهب إليه وقد نجح الرجل فى الرد عليه بأنه لا يجيد اللهجات السريانية ولا يعرف اللغة حق المعرفة
وفى فصل كتبه مؤلف ثالث هو غروس يبين بيرنشتيل أنه هو الأخر يعتمد تحريف للتدليل على صدق كلامه الخاطىء وهو وجود نصوص كتابية مختلفة ومتعددة للمصحف بينما الموجود فعليا هو القراءات الصوتية بينما الكتابة ثابتة وفى هذا قال :
"وقائع لغوية
شعور مشابه بأن الاستعمالات ذات النوايا المضمرة لوقائع لغوية بنفس الطريقة التي تجعلها تكون سندا يدعم رأيا جاهزا في ذهن الكاتب، هو ما يتكون لدى المرء عند قراءة المساهمة السابعة من هذا الكتاب ("سبل جديدة في البحوث القرآنية") لماركوس غروس.
يحاجج غروس بأن النصوص المتوارثة بطريقة التناقل الشفوي في اللغة العربية لا يمكن الرجوع بها إلى متن أصلي واحد، لكنه في ما يتعلق بالقرآن يؤكد على أن النصوص المتنوعة تعود في الحقيقة إلى تحريفات قرائية لأصل موحد لهيكل نصي (أو رسم بمعنى الأثر المتبقي من الشيء).
صحيح أن هناك عددا كبيرا من التنويعات النصية التي ترتكز بمختلف تصويتاتها وطرقها المتنوعة في نطق الحروف المصمتة، على أساس موحد، لكن هناك أيضا –وهذا ما يسكت عنه في هذه الدراسة- تنويعات كثيرة تستدعي رسما مختلفا. وعلاوة على ذلك فإنه يصعب تحديد ما إذا لم يكن هناك عدد من القراءات المنحدرة عن رسم واحد، والتي لم تحقق ظهورها كوسائل ثانوية للتفسير إلا بعد تأسس نظام القواعد اللغوية."
وتحدث بير نشتيل عن شبهة غروس الثانية وهى عدم وجود جمال فى القرآن أو متعة فيدلل عليه بدراسات أخرى تبين جمال وثراء القرآن فيقول:
"تنوع الوسائل الأسلوبية في القرآن
ويدعي غروس في موقع لاحق بأنه من المتعذر موضوعيا وجود متعة جمالية حقيقية في النصوص القرآنية، وفي المقابل يظل مدبرا عن الاستناد إلى عدد من الأعمال الجديدة في حقل العلوم الأدبية، والتي كشفت عن استراتيجيات تركيبية ثرية وكذلك عن الوظيفة السيمنطيقية لتنوع الوسائل الأسلوبية في القرآن (عمل نيل روبنسون "اكتشاف القرآن" على سبيل المثال)."
وتحدث عن شبهة اخرى بأن كتابة المصحف القديمة تجعله مفتقرا للدقة وحده بينما كل الكتابات القديمة كان مفتقرة لنفس الدقة ومع هذا لم يقل أحد بشبهة الافتقار هذه فقال:
"أما عن فكرته القائلة بأن طريقة رسم الحروف القديمة في النصوص القرآنية تجعله بحكم الافتقار إلى الدقة ضربا من الكتابة السرية، فتبدو غريبة بالنظر إلى واقع الأمر الذي يتمثل في أن النصوص السابقة على ظهور الإسلام والمكتوبة بالحرف العربي، وبالرغم من طابعها الدنيوي المؤكد، تحمل نفس السمات من حيث افتقارها إلى الوضوح في ما يتعلق برسم الحروف."
ويتحدث بيرنشتيل عن شبهة أخرى فى اسم محمد(ص) كررها المؤلفون مرات عدة فى كتابهم وهو أنه ليس اسم وإنما صفة كتدليل على عدم ووجود شخصية محمد(ص) فيقول:
"المصطفى والمحمد
كما أن الأطروحة المركزية التي تتكرر العديد من المرات في هذا الكتاب، وتفيد بأن محمدا ليس بإسم علم بل مسندا (نعت صفة) داخل لغة المسيحولوجيا، تتضح بالنهاية كمقولة ليس لها ما يدعمها بجدية."
ويضعف بيرنشتيل هذه الشبهة نهائيا بأن جذر حمد لا وجود له فى السريانية ومن ثم قما قالوه اختراع من عندهم وهو قوله:
"وهكذا يرى بوب في الإسم مجرد استعارة لغوية من الأوغاريتية بمعنى "المختار" و"المصطفى" وكبرهان على هذا المدلول الذي يمنحه للعبارة يستخدم ترجمة للجذر اللغوي الأوغاريتي m.h.m.d ( م ح م د) بمعنى " the best, choicest" ( الأفضل، المنتقى) التي لا علاقة لها البتة بمفهوم "المصطفى"! بينما يرى أوهليش بديلا لذلك في كلمة من السريانية هي mahmed أي "المحمود" التي تمت قراءتها "محماد" ( mehmad) في اللغة العربية حسب زعمه لكن الواقع يثبت بأن هذا الجذر hmd لا دليل على وجوده البتة في اللغة السريانية؛ أي أن كلمة أوليش السريانية هذه لا وجود لها أصلاط
ويكمل بيرنشتيل انتقاده للتزوير اللغوى حتى فى اللغة العبرية من جانب المؤلفين فيقول:
"أما المعنى الذي ينطوي عليه هذا الجذر في اللغة السامية لمناطق الشمال الغربي: أي "يشتهي" فهو ما يذكره غروس، غير أنه يقدم هذا الجذر، وبطريقة مزورة، كعبارة موجودة في اللغة السريانية وذلك باعتماده اشتقاقا مزورا لإسم مفعول غير موجود وهكذا فإن احتجاجه بوجود اشتقاق من السريانية لعبارة mahmad في اللغة العبرية، و ما معناه "موضوع للشهوة"، يظل بدوره دون أساس."
ويبين بيرنشتيل أن الزعم بعدم وجود اسم محمدقبل خاتم النبيين(ص) كذب يتعارض منع وجوده فى الآثار القديمة فى الجزيرة وهناك ما يدل على وجوده فى المسكوكات وهى النقود المعاصرة لنقود عبد الملك من أهل مرو عند لوكسنبرغ فيقول:
"محمد قبل الإسلام
في اللغات السامية الجنوبية فقط، أي في العربية وعربية المناطق الجنوبية، يكون للجذر اللفظي حمد معنى "الحمد، والشكر". وفي هذه اللغات عرفت العبارة استعمالات اشتقاقية في عملية تركيب الأسماء. وإسم م. ح. م. د قد وجد في المدونات الصفائية والسبئية من عصور ما قبل الإسلام. وكإسم علم لا غبار عليه نعثر على إسم محمد مخطوطا على مسكوكات العملة العربية الساسانية من سنوات 686 و701 ميلادي، أي في فترة متزامنة مع نقوشات قبة الصخرة التي يزعم لوكسنبرغ، في قراءته الجديدة في كتاب آخر، بأنه وجد فيها الدليل على المسند المسيحولوجي."
ويتحدث بيرنشتيل عن انعدام وجود دليل واحد على أن محمد(ص) هو المسيح(ص) أو العكس فيقول :
وعلى أية حال فإنه يتعذر العثور على موقع، سواء هنا أو في أي مكان آخر، ترد فيه أي مطابقة لعيسى المسيح (بنعت أو صفة) مع محمد، أو يرد فيه ذكر إسمه مع كلمة محمد في نفس الجملة. وبالتالي فإن قراءة لوكسنبرغ لا تقيم أي دليل على هذا الزعم. ومن ناحية أخرى نجد أن نص الشهادتين يرد مخطوطا بلغتين على بردي يوناني. وفي هذه المخطوطة يظهر إسم mamet الذي يعرف كـ apostolos theo ( حواري الله)، أي ما معناه رسول الله. وبالتالي فإنه من الصعب أن نرى في هذا شيئا آخر غير إسم علم."
وانتهى المؤلف بيرنشتيل وهو فى نقده هذا منصف إلى اخفاق كتاب الإسلام المبكر فى التدليل على البدايات المعتمة للإسلام فقال :
"هكذا يكون هذا الكتاب الذي نحن بصدده قد أخفق في تحقيق المطمح الذي وضعه لنفسه في إنارة البدايات المعتمة للإسلام. وإن النقد الصائب الذي ظل يوجه إلى القراءات المحرفة، وعلى وجه الخصوص القراءات المحرفة للمصادر التي قام بها كتاب مسيحيون معاصرون إلى حد الآن وفقا لرؤية القراءة الإسلامية التقليدية ستبدو مثل المزحة مقارنة بمقاربات هؤلاء الكتاب التي لا تقل انحيازا في طريقة استخدامها للمصادر وقراءتها المحرفة وفقا لما تقتضيه نظرياتهم الخاصة. وستظل فرضية عيسى المحمد بمعنى "المصطفى" أو "المحمود"، مؤقتا موضوعا ضالا تماما للشهوة التحريفية"
الكتاب أو المقال بقلم دانيل بيرنشتيل وعندما يتناول غير المسلم الإسلام فلابد أن يكون الإسلام وأهله فى دائرة الاتهام ولكن بيرنشتيل فى كتابه هذا واحد من الكتاب القلائل جدا الذين دافعوا عن الإسلام ضد مواطنيهم المضللين
المؤلف يحدثنا عن كتاب أخر اسمه الإسلام المبكر وهو ضمن سلسلة من المؤلفات التى تتحدث عن غموض الإسلام ومن عناوين تلك الكتب يتبين النظرة المسبقة وهى أن الإسلام ما هو إلا نصرانية محرفة وأن مصادر الكتب هى الحفريات والمدونات وفى هذا قال :
""إنارة ما يحيط ببدايات الإسلام من غموض"، ذلك هو ما ينادي به كارل هاينز أوليش في المقدمة التي دبج بها كتابا جديدا صادرا تحت إشرافه، يقول المشاركون في تحريره أنهم اعتمدوا في بحوثهم على "مصادر معاصرة" مثل نقوش قبة الصخرة ومسكوكات العملة أو مدونات كتاب مسيحيين.
"الإسلام المبكر" هو الكتاب الثالث الآن من ضمن سلسلة متلاحقة الصدور في ظرف زمني وجيز، تسعى إلى نقض الأفكار المتداولة حول نشأة الإسلام، وذلك بعد كتاب "القراءة السريانية الآرامية" للوكسنبرغ، ثم المؤلف المشترك الذي يحمل عنوان "البدايات المعتمة"، وقد أشرف على إصدارهما أيضا كارل هاينس أوليش."
ويبين بيرنشتيل أن المؤلفين اعتمدوا الرأى القائل بأن الإسلام ما هو إلا نصرانية محرفة جاءت من إيران فى قوله:
"الكتاب الذين أسهموا في صياغة هذا المؤلف الأخير يدافعون عن الرأي القائل بأن الإسلام قد جاء في بداياته كظاهرة هرطقة مسيحية تطورت في صفوف مسيحيين من شرق إيران ينتمون في الأصل إلى مبعدين من بلاد ما بين النهرين (من هاترا على وجه الخصوص).
وربما يكون هؤلاء قد استولوا على الحكم بعد انهيار مملكة الساسانيين في سنة 622 م، وبذلك استطاعوا أن ينقلوا تعاليم مسيحيتهم إلى دمشق والقدس (أورشليم)، حيث تم في أواخر القرن السابع (على عهد حكم عبد الملك) نقل هذه التعاليم المستجلبة من إيران من السريانية إلى خليط لغوي متكون من السريانية والآرامية والعربية."
وهذا الكلام بلا دليل خاصة لأن ما فى القرآن يشير إلى قريش ومكة والمدينة وليس إلى شرق إيران بالقرب من الهند وباكستان
ومن ثم الاستيلاء على مملكة الساسان أمر مستبعد
وتحدث بيرنشتيل عن كون الخلفاء الراشدين مجرد أوهام فقال :
"الخلفاء الراشدون محض خيال!
هذا "القرآن" البدئي قد تم تطويره حسب هذه الرواية خلال القرن الثامن، وقد يكون خلال القرن التاسع أيضا، ولم يكن محمد في رأي أصحاب هذه الرواية إسم علم في الأصل، بل "نعت صفة ليسوع المسيح". ولم يحدث تطور هذه التعاليم لتتحول إلى ديانة قائمة بذاتها إلا خلال القرنين الثامن والتاسع، ومعها تم تحويل نعت الصفة إلى إسم للنبي العربي.
واستنادا إلى هذه الرؤية يكون تاريخ الإسلام المبكر كما يعرف من خلال الكتابات التاريخية للقرن التاسع الميلادي مجرد إعادة تأويل للأحداث، والعديد من الخلفاء الأوائل محض ابتكار من الخيال لا يجد ما يثبت واقعيته في المخطوطات القديمة."
كلام الكتاب لا يجد ما يؤيده فى الآثار والمسكوكات وغيرها وهو يعتمد مقولة العدو وبالطبع لا تقبل مقولة العدو ما لم يؤيدها الصديق أو المتهم نفسه
مقولة كون الإسلام نصرانية محرفة سبق أن ادعاها المضللون الغربيون الذين يسمونهم المستشرقين ومن ثم فالمقولة ليست جديدة وإنما تكررت من قبل
الغريب فى المقولة هى أنها تقول أن أصل المسلمين إيرانى ويشير كاتب المقال إلى أن مقولة مماثلة جعلت المسلمين من فلسطين وهو قوله :
""إعادة الكتابة التاريخية النقدية" هذه تثير في العديد من الجوانب الانطباع بأنها استعادة لعمل التأريخ الجديد للحدث القرآني الذي ينزله جون فانسبورو في أوائل القرن التاسع الميلادي، كما تذكرنا بأطروحات باتريسيا كرون وميشائيل كوك، التي تفيد بأن الإسلام لم يظهر في الجزيرة العربية بل في فلسطين."
كتاب الإسلام المبكر ينفى وجود خاتم النبيين(ص) ومن ثم يسقط الإسلام باعتباره ليس وحيا منزلا على رسول وإنما ألفه الناس من عندهم والكتاب مماثل لكتب سابقة نفت وجود إبراهيم(ص) فى التاريخ والآثار وكذلك كتب نفت وجود موسى(ص) وبقية الرسل (ص) فى التاريح والآثار والحفريات
ومن ثم فالحديث هو كلام بلا أى دليل ويتحدث المؤلف بيرنشتيل عن أن الكتب الإسلامية تثبت وجود محمد(ص) فيقول:
"غير أن المتفق عليه في مجال العلوم الإسلامية يثبت عكس ذلك: هنا يعتبر ما جاء في مدونات التاريخ الإسلامي مطابقا للوقائع التاريخية، ويؤكد على تاريخية وجود الشخصية المحمدية كشخص ولد سنة 570 م في الجزيرة العربية، وهناك أعلن نبوءته على إثر وحي أوحي إليه به في سنة 610، ثم اضطر على إثر الرفض الذي قوبل به من طرف أهل قبيلته قريش والملاحقات التي تعرض إليها، إلى الهجرة إلى المدينة حيث أسس النواة الأولى للدولة الإسلامية.
أما عن كونه قد تمكن من هناك وفي ظرف لا يتجاوز العشر سنوات من غزو، لا مكة فقط، بل مجمل مناطق شبه الجزيرة العربية، فذلك ما لا جدال فيه في نظر العلوم الإسلامية، مثله مثل وجود الخلفاء الأوائل (الراشدين) الذين تم في ظل حكمهم فتح بلاد الهلال الخصيب وشمال إفريقيا وإيران، وكذلك التدوين النهائي للقرآن في نسخة تحتوي على ما جمعه الخليفة الثالث عثمان من نصوص الوحي التي أنزلت على محمد"
إذا المسألة هى كتب فى مقابل كتب ومعظم كتب التاريخ القديمة إن لم بكن كلها هى صناعة الكفار سواء على جانب الكفار أو على جانب من سموهم بأسماء المسلمين ونسبوا لهم تلك الكتب كابن هشام وابن إسحاق حيث أن أكثر من 90% مما كتبوه مناقض أولا لبعضه البعض وثانيا مناقض للقرآن وثالثا يعتمد المضللون المستشرقون على نصوص تلك الكتب فى الغلب فى معظم الشبهات التى يلقونهم على الإسلام والمسلمين
وتحدث بيرنشتيل عن مغالطة تحريفية فى الكتاب فقال :
"مغالطات تحريفية
وإليكم الآن جردا لبعض هذه الأطروحات التحريفية الأساسية.
يسوق كل من فولكر بوب في المداخلة الأولى تحت عنوان "من أوغاريت إلى سامراء" وأوليش في المداخلة الثانية بعنوان "معاينات في نشأة ديانة جديدة" الأطروحة القائلة بأن "بلاد العرب" تقع في الأصل في بلاد ما بين النهرين، وأن مصطلحي "العرب" و"عربي" كانا يطلقان في أصلهما الأولي على الآراميين. وفي زمن متأخر فقط تبنت القبائل القادمة من شبه الجزيرة هذين المصطلحين وراحت تطلقهما بمفعول رجعي على ما يعرف اليوم بالعرب وببلاد العرب (الجزيرة العربية).
لكن هذه الأطروحات تتغافل عن عدد من الوقائع التاريخية المهمة فلم تكن الأسماء العربية -بحسب معايير زمننا الحاضر- (ومن بينها أسماء عدد من الآلهة) تدل فقط على وجود شعب يتكلم لسانا عربيا في هاترا خلال القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد، بل على وجود قبائل عربية (بمفهومنا الحالي) من بين قبائل البدو الرحل في الصحراء السورية، قبائل كان الأشوريون يطلقون عليها أسماء عريبي، وعرابايا وما شابهها من الأسماء، وذلك منذ القرن التاسع قبل الميلاد.
هذا المصطلح التسموي كان يطلق أيضا على قبائل رحل من تلك التي كانت تقيم وتتنقل فوق الأراضي الإيرانية، مع أنها لم تكن تنتمي إلى العرق السامي، مما يجعل المرء يستنتج بأن هذا المصطلح يطلق على كل الرحل دون أية إحالة على أصولهم الأثنية واللغوية.
إلا أن الجذر السامي للعبارة (عرب) كان يطلق خاصة في جنوب الجزيرة ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد على قبائل قادمة من شبه الجزيرة، بما يفيد بأن مصطلح "العرب" لم يطلق ابتداء من القرن السابع أو الثامن ميلادي فقط، على ما يعرف بالعرب لدينا اليوم."
يفند بيرنشتيل هنا مقولة كون العرب عراقيين فقط وإنما كانوا منتشرين فى رقعة كبيرة فى إيران والعراق وسوريا وما يسمى الجزيرة قبل وجود محمد(ص) وأنهم ذكروا فى كتب أهل تلك المناطق وأن اسم العرب أو عرب أو عرابايا هو اسم لكل قبائل الرحل
والحقيقة القرآنية هى أن العرب لم يذكروا فى كتاب الله وإنما ذكر الأعراب وهم من يعيشون خارج القرى والمدن ولذا قال تعالى :
" وممن حولكم من الأعراب"
والكلمة تلك على المسلمين من العرب وهو الوضوح أى العدل كما قل تعالى :
"
والمراد حكما عادلا أى واضحا أى حقا
وضعف الكاتب وهو بيرنشتيل مقولة الكتاب عن الطائفة النصرانية المزعومة فقال :
"القراءة المقلوبة
على نفس الأديم من الأسس الواهية يقف واحد من البراهين الأساسية في أطروحة بوب المتقولة بوجود حركة مسيحية ألفانية في مرو، يضع الكاتب على أساسها أسطورة الشخصية البهلوية التي يذكرها على طريقته الخاصة بـ" APD’LMLIK-i-MARWânân" وذلك انطلاقا من نقش على مسكوكات نقدية ظل يقرأ إلى حد الآن بإسم عبد الملك بن مروان، الذي يطابق إسم الخليفة الأموي المعروف، والذي يقرؤه بوب على نحو مغاير بـ"عبد الملك من أهل مرو"، وبالتالي يكون هذا دليلا بالنسبة إليه على أن مرو من أحد المراكز التي كانت مستقرا لواحدة من فرق المعتقد المسيحي القديم المبعدة من بلاد ما بين النهرين.
تعتبر قراءة " i- MRWânân" على أنها "من أهل مرو" لاغية وغير ممكنة ذلك أن اللاحقة اللغوية "أن" ( ân) في اللغة الفارسية للعصر الوسيط لا تستعمل للتدليل على النسب وبالتالي فإن القراءة التي تثبت إسم "إبن مروان" ليست ممكنة فحسب، بل هي المسلك الوحيد الذي يقود إلى إثبات النسبة البهلوية.
وإضافة إلى ذلك فإنه سيكون على المرء أن يتساءل عن الدافع الذي يمكن أن يجعل امرئ يلجأ إلى اسم موطنه لإثبات نسبته، وكيف كان من الممكن لظاهرة "هرطقة" مسيحية أن تتواجد هناك دون أن تجلب الانتباه إليها؟ ألم تكن مرو، ومنذ القرن الرابع الميلادي، مقرا لأسقف الكنيسة الحوارية المشرقية، الذي ظل يجمع خطأ على اعتباره نسطوريا!"
والرجل هنا يفند كلام بوب تفنيدا علميا بأنه لا يمكن طبقا للموجود من التاريخ عند النصارى والفرس أن يكون عبد الملك فارسيا نصرانيا من أهل مرو
ويهاجم بيرنشتيل مقولة أخرى لبوب وهى معنى كلمة أمير المؤمنين فيقول :
"معنى أمير المؤمنين
كما أنه لا يسع المرء إلا أن يتساءل عما جعل بوب ينتهي إلى القناعة بأن لقب "أمير المؤمنين" لا يعني حاكم المؤمنين وقائدهم، بل "وكيلا مولى على كل المسؤولين عن الأمن" يرى فيه نوعا من الوالي.
إن المعادل في اللغة الفارسية الوسيطة للعبارة المنقوشة على المسكوكة العربية الساسانية كما يرد لدى كارل بوب هي: " AMIR-i-Wurroyishnikân"، والحال أن عبارة " Wurroyishnikân" لا يمكن أن تعني سوى "مؤمن"، وهي مشتقة من " Wurroyishn" التي تعني "الإيمان"، وهو مصطلح يرد كثيرا في نصوص الديانة الزرادشتية، ويعتقد بوب أنه يعثر بكثرة على التصور الذي يقابله في القرآن وفي الديانة الإسلامية عامة، و يثبت ذلك بصفة خاصة في الفصل السابع من الكتاب تحت عنوان "تأثيرات الخلفية الدينية الفارسية في التصورات القرآنية"."
ومما سبق من تضعيف وتفنيد بيرنشتيل لمقولات بوب نرى أن بوب يعتمد تحريف العبارات صوتيا لكى تأتى على هواه
وتحدث الرجل عن مقولة لوكسنبرغ عن كون القرآن أصله سريانى فقال "السريانية والقرآن
في المداخلة الرابعة التي تحمل عنوان "آثار الحروف السريانية الآرامية في المخطوطات القرآنية الأولية بالحرفين الكوفي والحجازي"، يحاول كريستوف لوكسنبرغ أن يثبت أن جملة من نسخ المخطوطات القرآنية الأولى ذات علاقة وثيقة بنماذج أصلية من الكتابة السريانية. أما الأدلة التي يقدمها للبرهنة على هذه الفرضية فتظل تفتقر إلى القدرة على الإقناع.
وهكذا فإن قراءته لكلمة "شيء" مثلا، على أنها "شأن" بحكم عملية قلب لفظي يجريه على حرف "الياء" بحيث يتمثل له أنها ليست شيئا آخر غير "نون" سريانية، لا يمكن إلا أن تدعو إلى الشك في مدى ما يمكن أن تنطوي عليه حقا من مصداقية ذلك أن أخذ عبارة "شأن" على أنها "شيء" أو "شيء ما" يظل أمرا لا يسوغه الفهم السليم، شأنه شأن جملة "لله القدرة في كل شأن" التي تؤدي معنى أقل شمولا بكثير من مقولة "ولله الأمر في كل شيء".
وليس من باب الصدفة المجانية أن نرى دائرة مدلولات عبارة "شيء" وقد اتسعت في العديد من اللهجات العربية المحلية لتتحول إلى صيغة للمجهول والتعميم و صيغة للاستفهام في عبارات: "شيء ما" و "أي شيء". كما أن بعض التخمينات العشوائية مثل اعتبار لام التوكيد (لـ)، وكذلك لا النافية على ما يبدو، من المشتقات التي تعود إلى اللغة السريانية رغم ما تؤكده شتى فروع العلوم اللغوية من عكس ذلك، مثل هذه التخمينات تدعو إلى الشك بجدية في مقدرات لوكسنبرغ في مجال علوم اللغات السامية.
وفي أكثر من موقع يحصل للقارئ انطباع بأن ما يخلص إليه من ملاحظات لا تأتي في الحقيقة نتيجة قراءة جديدة، بل على العكس من ذلك، أن النص يتأول على نحو يجعله ينقاد إلى الخلاصات المرغوبة. وأكثر ما يجلب الانتباه على نحو خاص في هذا كله هو العودة بهذه الطريقة إلى الاستناد على كتابات تقليدية آرامية، كما لو أن اللهجات الآرامية المختلفة متماثلة دون فوارق فيما بينها. وبالتالي فإن وجود قرآن بدئي باللغة السريانية يظل أمرا لا يمكن اعتباره قابلا للإثبات بهذه الطريقة."
ومما سبق نجد أن بيرنشتيل يبين أن المؤلف الثانى يعتمد نفس عمل بوب وهو التحريف اللفظى للكلمات حتى يوافق ما يذهب إليه وقد نجح الرجل فى الرد عليه بأنه لا يجيد اللهجات السريانية ولا يعرف اللغة حق المعرفة
وفى فصل كتبه مؤلف ثالث هو غروس يبين بيرنشتيل أنه هو الأخر يعتمد تحريف للتدليل على صدق كلامه الخاطىء وهو وجود نصوص كتابية مختلفة ومتعددة للمصحف بينما الموجود فعليا هو القراءات الصوتية بينما الكتابة ثابتة وفى هذا قال :
"وقائع لغوية
شعور مشابه بأن الاستعمالات ذات النوايا المضمرة لوقائع لغوية بنفس الطريقة التي تجعلها تكون سندا يدعم رأيا جاهزا في ذهن الكاتب، هو ما يتكون لدى المرء عند قراءة المساهمة السابعة من هذا الكتاب ("سبل جديدة في البحوث القرآنية") لماركوس غروس.
يحاجج غروس بأن النصوص المتوارثة بطريقة التناقل الشفوي في اللغة العربية لا يمكن الرجوع بها إلى متن أصلي واحد، لكنه في ما يتعلق بالقرآن يؤكد على أن النصوص المتنوعة تعود في الحقيقة إلى تحريفات قرائية لأصل موحد لهيكل نصي (أو رسم بمعنى الأثر المتبقي من الشيء).
صحيح أن هناك عددا كبيرا من التنويعات النصية التي ترتكز بمختلف تصويتاتها وطرقها المتنوعة في نطق الحروف المصمتة، على أساس موحد، لكن هناك أيضا –وهذا ما يسكت عنه في هذه الدراسة- تنويعات كثيرة تستدعي رسما مختلفا. وعلاوة على ذلك فإنه يصعب تحديد ما إذا لم يكن هناك عدد من القراءات المنحدرة عن رسم واحد، والتي لم تحقق ظهورها كوسائل ثانوية للتفسير إلا بعد تأسس نظام القواعد اللغوية."
وتحدث بير نشتيل عن شبهة غروس الثانية وهى عدم وجود جمال فى القرآن أو متعة فيدلل عليه بدراسات أخرى تبين جمال وثراء القرآن فيقول:
"تنوع الوسائل الأسلوبية في القرآن
ويدعي غروس في موقع لاحق بأنه من المتعذر موضوعيا وجود متعة جمالية حقيقية في النصوص القرآنية، وفي المقابل يظل مدبرا عن الاستناد إلى عدد من الأعمال الجديدة في حقل العلوم الأدبية، والتي كشفت عن استراتيجيات تركيبية ثرية وكذلك عن الوظيفة السيمنطيقية لتنوع الوسائل الأسلوبية في القرآن (عمل نيل روبنسون "اكتشاف القرآن" على سبيل المثال)."
وتحدث عن شبهة اخرى بأن كتابة المصحف القديمة تجعله مفتقرا للدقة وحده بينما كل الكتابات القديمة كان مفتقرة لنفس الدقة ومع هذا لم يقل أحد بشبهة الافتقار هذه فقال:
"أما عن فكرته القائلة بأن طريقة رسم الحروف القديمة في النصوص القرآنية تجعله بحكم الافتقار إلى الدقة ضربا من الكتابة السرية، فتبدو غريبة بالنظر إلى واقع الأمر الذي يتمثل في أن النصوص السابقة على ظهور الإسلام والمكتوبة بالحرف العربي، وبالرغم من طابعها الدنيوي المؤكد، تحمل نفس السمات من حيث افتقارها إلى الوضوح في ما يتعلق برسم الحروف."
ويتحدث بيرنشتيل عن شبهة أخرى فى اسم محمد(ص) كررها المؤلفون مرات عدة فى كتابهم وهو أنه ليس اسم وإنما صفة كتدليل على عدم ووجود شخصية محمد(ص) فيقول:
"المصطفى والمحمد
كما أن الأطروحة المركزية التي تتكرر العديد من المرات في هذا الكتاب، وتفيد بأن محمدا ليس بإسم علم بل مسندا (نعت صفة) داخل لغة المسيحولوجيا، تتضح بالنهاية كمقولة ليس لها ما يدعمها بجدية."
ويضعف بيرنشتيل هذه الشبهة نهائيا بأن جذر حمد لا وجود له فى السريانية ومن ثم قما قالوه اختراع من عندهم وهو قوله:
"وهكذا يرى بوب في الإسم مجرد استعارة لغوية من الأوغاريتية بمعنى "المختار" و"المصطفى" وكبرهان على هذا المدلول الذي يمنحه للعبارة يستخدم ترجمة للجذر اللغوي الأوغاريتي m.h.m.d ( م ح م د) بمعنى " the best, choicest" ( الأفضل، المنتقى) التي لا علاقة لها البتة بمفهوم "المصطفى"! بينما يرى أوهليش بديلا لذلك في كلمة من السريانية هي mahmed أي "المحمود" التي تمت قراءتها "محماد" ( mehmad) في اللغة العربية حسب زعمه لكن الواقع يثبت بأن هذا الجذر hmd لا دليل على وجوده البتة في اللغة السريانية؛ أي أن كلمة أوليش السريانية هذه لا وجود لها أصلاط
ويكمل بيرنشتيل انتقاده للتزوير اللغوى حتى فى اللغة العبرية من جانب المؤلفين فيقول:
"أما المعنى الذي ينطوي عليه هذا الجذر في اللغة السامية لمناطق الشمال الغربي: أي "يشتهي" فهو ما يذكره غروس، غير أنه يقدم هذا الجذر، وبطريقة مزورة، كعبارة موجودة في اللغة السريانية وذلك باعتماده اشتقاقا مزورا لإسم مفعول غير موجود وهكذا فإن احتجاجه بوجود اشتقاق من السريانية لعبارة mahmad في اللغة العبرية، و ما معناه "موضوع للشهوة"، يظل بدوره دون أساس."
ويبين بيرنشتيل أن الزعم بعدم وجود اسم محمدقبل خاتم النبيين(ص) كذب يتعارض منع وجوده فى الآثار القديمة فى الجزيرة وهناك ما يدل على وجوده فى المسكوكات وهى النقود المعاصرة لنقود عبد الملك من أهل مرو عند لوكسنبرغ فيقول:
"محمد قبل الإسلام
في اللغات السامية الجنوبية فقط، أي في العربية وعربية المناطق الجنوبية، يكون للجذر اللفظي حمد معنى "الحمد، والشكر". وفي هذه اللغات عرفت العبارة استعمالات اشتقاقية في عملية تركيب الأسماء. وإسم م. ح. م. د قد وجد في المدونات الصفائية والسبئية من عصور ما قبل الإسلام. وكإسم علم لا غبار عليه نعثر على إسم محمد مخطوطا على مسكوكات العملة العربية الساسانية من سنوات 686 و701 ميلادي، أي في فترة متزامنة مع نقوشات قبة الصخرة التي يزعم لوكسنبرغ، في قراءته الجديدة في كتاب آخر، بأنه وجد فيها الدليل على المسند المسيحولوجي."
ويتحدث بيرنشتيل عن انعدام وجود دليل واحد على أن محمد(ص) هو المسيح(ص) أو العكس فيقول :
وعلى أية حال فإنه يتعذر العثور على موقع، سواء هنا أو في أي مكان آخر، ترد فيه أي مطابقة لعيسى المسيح (بنعت أو صفة) مع محمد، أو يرد فيه ذكر إسمه مع كلمة محمد في نفس الجملة. وبالتالي فإن قراءة لوكسنبرغ لا تقيم أي دليل على هذا الزعم. ومن ناحية أخرى نجد أن نص الشهادتين يرد مخطوطا بلغتين على بردي يوناني. وفي هذه المخطوطة يظهر إسم mamet الذي يعرف كـ apostolos theo ( حواري الله)، أي ما معناه رسول الله. وبالتالي فإنه من الصعب أن نرى في هذا شيئا آخر غير إسم علم."
وانتهى المؤلف بيرنشتيل وهو فى نقده هذا منصف إلى اخفاق كتاب الإسلام المبكر فى التدليل على البدايات المعتمة للإسلام فقال :
"هكذا يكون هذا الكتاب الذي نحن بصدده قد أخفق في تحقيق المطمح الذي وضعه لنفسه في إنارة البدايات المعتمة للإسلام. وإن النقد الصائب الذي ظل يوجه إلى القراءات المحرفة، وعلى وجه الخصوص القراءات المحرفة للمصادر التي قام بها كتاب مسيحيون معاصرون إلى حد الآن وفقا لرؤية القراءة الإسلامية التقليدية ستبدو مثل المزحة مقارنة بمقاربات هؤلاء الكتاب التي لا تقل انحيازا في طريقة استخدامها للمصادر وقراءتها المحرفة وفقا لما تقتضيه نظرياتهم الخاصة. وستظل فرضية عيسى المحمد بمعنى "المصطفى" أو "المحمود"، مؤقتا موضوعا ضالا تماما للشهوة التحريفية"