رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب جريمة بناء الكنائس في الجزيرة العربية
الكتاب هو بحث من تأليف علوي السقاف وسبب تأليف الكتاب هو ما يدور فى دول الكفر عن حقوق الإنسان وحقه فى وجود معبد له أى مكان وفى هذا قال:
"فهذه وريقات عن حرمة بناء الكنائس في جزيرة العرب دفعني لكتابتها ما يتردد كثيرا هذه الأيام في المحافل والمؤتمرات وما يسمى بمنظمات الحقوق العالمية وتقارير وزارة الخارجية الأمريكية وغيرها من الدعوة لبناء الكنائس في الجزيرة العربية، يغيظهم كونها حرم الإسلام ومعقله وقاعدته الأولى، ويردد ذلك معهم في بعض وسائل الإعلام من أعاروا عقولهم لغيرهم وأثاروا الشبهات والشكوك حول هذه المسألة القطعية من دين الإسلام"
قبل الدخول فى الموضوع كل من يتكلم فى الموضوع ممن ينقل من كتب القدماء يتبنى وجهة نظر خاطئة كما هو الحال فى موضوع السبى فهم يحللونه ويبيحونه مع أن كتاب الله يحرمه فالأسرى أيا كان نوعهم يطلق سراحهم بعد نهاية الحرب كما قال تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
من يتبنون وجهة النظر تلك وهى هتك واغتصاب نساء الكفار تحت مسمى السبى يتناسون أن الكفار سيفعلون نفس الجريمة فى نساء المسلمين لو انتصروا عليهم
ومن يتبنون وجهة نظر حرمة بناء الكنائس فى الجزيرة العربية أو غيرها سيجعلون دول الكفر ترد بالمثل وهو منع بناء المساجد فى بلاد الكفر التى يتواجد بها جماعات من المسلمين
ثم قال السقاف:
"نقلت فيه طرفا من النصوص الدالة على تحريم ذلك، وأقوال العلماء في المسألة مع الرد على شبهات المعاصرين و (جزيرة العرب أو شبه الجزيرة العربية يحدها غربا: بحر القلزم، وهو المعروف الآن باسم: البحر الأحمر، وجنوبا: بحر العرب، ويقال له: بحر اليمن، وشرقا: الخليج العربي، والتحديد من هذه الجهات الثلاث بالأبحر المذكورة محل اتفاق بين المحدثين، والفقهاء، والمؤرخين، والجغرافيين، وغيرهم. وممن أفصح عن هذا التحديد بالنص: ابن حوقل، والاصطخري، والهمداني، والبكري، وياقوت، وهو منصوص الرواية عن الإمام مالك، وتفيده الرواية عن الإمام أحمد؛ رحم الله الجميع، ويحدها شمالا ساحل البحر الأحمر الشرقي الشمالي وما على مسامتته شرقا؛ من مشارف الشام والأردن والعراق، وعليه؛ فالأردن، وسوريا، والعراق؛ ليست في محدود جزيرة العرب وهو ما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : (جزيرة العرب: هي من بحر القلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر اليمامة إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم، ولا تدخل فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين البعث وقبله ... ))
وهذا يعني أن دول مجلس التعاون كلها واليمن داخلة تحت مسمى الجزيرة العربية على الراجح من أقوال العلماء.
وهناك أقوال أخرى فندها الشيخ بكر أبو زيد في كتابه الماتع (خصائص الجزيرة العربية) فليراجعها من شاء.
أما الأدلة: فقد وردت أحاديث صحيحة تحرم الإذن بوجود دين آخر مع الإسلام في جزيرة العرب وهي تقتضي تحريم بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أولى، ومن ذلك حديث عبدالله بن عباس (لا تكون قبلتان في بلد واحد) وفي لفظ: (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة) رواه أبو داود"
الرواية لو عقلها من يفسرون لا يمكن لرسول الله (ص) ان يقولها لأن معناها ألا يوجد فى بلاد المسلمين كلها وليس فى شبه الجزيرة أى معبد من معابد الكفار هذا لو فسرت القبلة لالمسجد وأما لو فسرت بالدين فلها معنى محرم وهو طرد الكفار المعاهدين من بلادهم
ثم قال :
"وحديث عائشة رضي الله عنها: (لا يترك بجزيرة العرب دينان) رواه أحمد، وحديث أبي عبيدة ابن الجراح (لا يبقين دينان بأرض العرب) رواه البيهقي."
هذه الروايات تخالف الوحى وحتى التاريخ المعروف ففى عهد النبى(ص) نفسه حتى موته بقى الكفار من اليهود فيها فى خيبر وغيرها وعاهدهم كما يقول التاريخ على زراعة الأرض كما بقى المنافقون وبنوا معبدا هو مسجد الضرار فلماذا لم يطردهم النبى(ص) ويهدم مسجدهم؟
ثم ماهى جزيرة العرب المزعومة ؟
لا يوجد جزيرة أساسا فهى شبه جزيرة
زد على هذا أن القوم لو فهموا معنى الرواية حقا لكان عليهم ارتكاب جرائم متعددة هى إما إكراخ الكفار على الإسلام وهو ما حرمه الله بقوله " لا إكراه فى الدين " وإما طرد الكفار المعاهدين من ديارهم بلا جريمة ارتكبوها مخالفين وجوب التزام المسلمين بالعهد طالما التزم به الكفار المعاهدين كما قالوا تعالى " فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم"
كما يخالف أن المطرودين وهم المخرجين هم من طردوا أى أخرجوا المسلمين كما قال تعالى "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم"
ويقول السقاف:
"وعلى هذا جرى عمل الأمة قرونا طويلة ابتداء من عصر خير القرون، وحتى وقت متأخر من التاريخ الإسلامي، فأجلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهود خيبر ونجران وفدك، ووضع الشروط المشهورة بالعمرية وفيها: (أنا شرطنا على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا كنيسة ولا فيما حولها ديرا ولا قلاية ولا صومعة ، وفي كتاب (الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام، و (مصنف ابن أبي شيبة) بإسناد ضعيف عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا؟ فقال: (أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بناء ولا بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ... ).
قال القاضي تقي الدين السبكي: (وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر، وسكوت بقية الصحابة إجماعا) .
وفهم هذه الدلالة من أهل القرون المفضلة من غير الصحابة علماء التابعين وحكامهم، فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن عمه وهب بن نافع قال: (كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عروة بن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين، قال: فشهدت عروة بن محمد ركب حتى وقف عليها ثم دعاني فشهدت كتاب عمر وهدم عروة إياها، فهدمها) ، وروى عن معمر عن إسماعيل بن أمية أخبره: (أنه مر مع هشام بحدة وقد أحدثت فيها كنيسة فاستشار في هدمها فهدمها هشام) وروى عن الحسن البصري قال: (من السنة أن تهدم الكنائس التي بالأمصار القديمة والحديثة) والآثار في هذا كثيرة جدا"
كل هذه الآثار لا قيمة لها لأن الروايات كلها فى أسانيدها متكلم فيها والأهم من ذلك أن الله حرم هدم أى معبد يذكر فيه اسمه ولو كان معبدا لغير المسلمين فقال :
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"
ثم كيف يكون من البر هدم معابد الكفار المعاهدين وهو اعتداء سافر عليهم مع أن الله أمرنا بالإحسان إليهم والعدل معهم فقال :
"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين "؟
فهنا حرم الله طردهم من ديارهم لأنهم لم يطردوا المسلمين من ديارهم وكما أن هناك روايات فى الموضوع سبق ذكرها عن عدم بقاء دينان فى الجزيرة المزعومة التى لا وجود لها هناك روايات أخرى تبين أن الخلفاء أبقوا على الكفار فيها مثل :
"عن بُجَالَةَ قال : كنتُ كاتبا لجُزْءِ بن معاويةَ عمّ الأحنفِ بن قيسٍ إذ جاءنا كتابُ عمرَ قبل موتهِ بسنةٍ اقتلوا كل ساحِرٍ وفرقُوا بين كلِّ ذي محرمٍ من المجوسِ وانهوهُم عن الزمزمةِ فقتلنا في يومٍ ثلاثةَ سواحرِ وفرّقنا بين كلِّ رجل من المجوسِ وحريمهُ في كتابِ اللهِ وصنعَ طعاما كثيرا فدعاهُم فعرضَ السيفَ على فخذهِ فأكلوا ولم يزمزمُوا وألقَوا وقرَ بغلٍ أو بغلينِ من الورقٍ ولم يكن عمرُ أخذَ الجزيةَ من المجوسِ حتى شهد عبد الرحمن بن عوفٍ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوسِ هجرَ" رواه أبو داود
هنا عمر لم يطرد المجوس من هجر ومن قبله أبو بكر وقد أخذ منهم الجزية وكما أخذها من مجوس عجر أخذها من نصارى تغلب كما فى الروايات التالية:
"قال عبد الرزاق في المصنف 19392 – أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ , عَنْ كُرْدُوسٍ التَّغْلِبِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «إِنَّهُ قَدْ كَانَ لَكُمْ نَصِيبٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَخُذُوا نَصِيبَكُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ , فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ أُضَعِّفَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ , وَأَلَّا يُنَصِّرُوا الْأَبْنَاءَ"
"وفي المغني لابن قدامة: (بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار، انقلبوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر إلى بذل الجزية، فأبوا وأنفوا، وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة:يا أمير المؤمنين! إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم فزدهم وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارا دينارا، ومن كل مأتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقى بنضح أو غرب أو دولاب العشر، فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة، فصار اجماعا. "
طبقا لهذه الروايا وغيرها لم ينقذ الخلفاء لا أبو بكر ولا عمر حكاية عدم بقاء دينان فى الجزيرة بدليل وجود المجوس والنصارى فى تلك الروايات
ثم قال السقاف :
(لهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أحدثت في الإسلام) بل وأجمعوا (على أن بناء المعابد الكفرية ومنها الكنائس في جزيرة العرب أشد إثما وأعظم جرما) وأقوالهم في هذا كثيرة جدا، منها:
1 - قال الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: (ليس ينبغي أن تترك في أرض العرب كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار)
2 - وفي المدونة الكبرى (قلت: أرأيت هل كان مالك يقول: ليس للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ قال: نعم كان مالك يكره ذلك)
3 - وقال الإمام الشافعي: (ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لصلواتهم ...
4 - وقال الإمام أحمد: (ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا فيه بناقوس)
5 - وقال أبو الحسن الأشعري: (إرادة الكفر كفر وبناء كنيسة يكفر فيها بالله كفر، لأنه إرادة الكفر)
6 - وقال ابن قدامة: (ويمنعون من إحداث البيع والكنائس والصوامع في بلاد المسلمين لما روي في شروطهم لعبد الرحمن بن غنم)
7 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الرسالة القبرصية): (اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن لأهل الذمةأن يحدثوا فيها كنيسة ... والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر لا كنائس ولا غيرها) وقال: (من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر)
8 - وقال القاضي تقي الدين السبكي: (فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع، وكذا ترميمها)
9 - وقال الحافظ ابن القيم: (ولا يمكنون من إحداث البيع والكنائس كما شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الشروط المشهورة عنه ... وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار، ومذهب جمهورهم في القرى، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبدالعزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى)
10 - وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: (لا يجوز أن يبنى في الجزيرة معابد للكفرة لا النصارى ولا غيرهم، وما بني فيها يجب أن يهدم مع القدرة. وعلى ولي الأمر أن يهدمها ويزيلها ولا يبقي في الجزيرة مبادئ أو معاقل للشرك لا كنائس ولا معابد، بل يجب أن تزال من الجزيرة، حتى لا يبقى فيها إلا المساجد والمسلمون) وقال: (أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية وعلى وجوب هدمها إذا أحدثت وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب ونهى أن يجتمع فيها دينان وتبعه أصحابه في ذلك ولما استخلف عمر رضي الله عنه أجلى اليهود من خيبر عملا بهذه السنة ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره)
11 - وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية قولهم: (كل مكان يعد للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مجمع عليه بحمد الله تعالى .... ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأن تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ ... فجزيرة العرب: حرم الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها، ولا التجنس بجنسيتها، ولا التملك فيها، فضلا عن إقامة كنيسة فيها لعباد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان، إلا دينا واحدا هو دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه ورسوله محمدا، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق، ... وبهذا يعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره ... عائذين بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهداية، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله -تعالى-: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (25) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم (26) فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم (27) ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} محمد: 25 - 28" وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.)
12 - وجاء في فتوى وزارة الأوقاف الكويتية: (إن إنشاء أي دار للعبادة لغير المسلمين في دار الإسلام لا يجوز، وكذلك لا يجوز تأجير الدور لتكون كنائس، ولا تحويل الدور السكنية لتكون كنائس أو معابد لغير المسلمين، وذلك لإجماع علماء المسلمين على أنه لا تبقى في دار الإسلام مكان عبادة لغير المسلمين)
13 - وقال الشيخ عبدالرحمن البراك (ومما يؤسف له أن بعض المسلمين استجابوا للكفار في بناء الكنائس، فها هي بعض البلاد الإسلامية في أطراف الجزيرة العربية؛ جزيرة الإسلام، ها هم أذنوا للنصارى في بناء معابدهم، وقد جاء في الحديث لا تكون في أرض قبلتان، فلا تجتمع قبلة اليهود والنصارى مع قبلة المسلمين)
وهكذا، فأنت ترى أن علماء المسلمين وفقهاءهم قديما وحديثا أجمعوا على حرمة بناء الكنائس في البلدان الإسلامية وأنها في جزيرة العرب أشد إثما لما تمتاز به هذه الجزيرة من خصائص فهي (وقف في الإسلام على أهل الإسلام، وهي وديعة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمته، التي استحفظهم عليها في آخر ما عهده النبي صلى الله عليه وسلم، فهي دار طيبة، لا يقطنها إلا طيب، ولما كان المشرك خبيثا بشركه؛ حرمت عليه جزيرة العرب ... وإنه إذا ما عدت يوما نفسها مثل أي قطر من الأقطار، ترضى بمداخلة ما هو أجنبي عن الإسلام؛ فإنها تعمل على إسقاط نفسها من سجل التاريخ، وتقضي على ميزتها البارزة في خريطة العالم، فيخفت احترام العالم الإسلامي لها، وتفقد رهبة شراذم الكفر منها، وتفتح مجالا فسيحا للقوى الشريرة العاتية. وإنه إذا تقدمت الفتن، والبدع، والأهواء، والنحل، وضروب الغزو الفكري؛ تضرب فارهة على صخرة هذه الجزيرة؛ فقد تجللت حينئذ من كل ويل تيارا، وأذنت بمشاكل ذات أحجام مختلفة في التمرد، وإذا تشربت النفوس بهذه الأنماط المتناثرة على جنبتي الصراط المستقيم؛ تشكلت الحياة إلى مزيج من الأهواء والضلال البعيد، وهذا إيذان بدك آخر حصن للإسلام، وتقليص لظله عن معاقله في هذه الجزيرة المسكينة فالله طليب الفعلة لذلك، وهو حسيبهم ... وإن المتعين على أهل هذه الجزيرة، وعلى من بسط الله يده عليهم وعليها: المحافظة على هذه الميزات والخصائص الشرعية؛ ليظهر تميزها، وتبقى الجزيرة وأهلها مصدر الإشعاع لنور الإسلام على العالم.
وليعلم أنه كلما قوي هذا النور؛ امتد هذا الإشعاع، وكلما ضعف وتضاءل في هذه الجزيرة وأهلها؛ تقاصر. ولا حول ولا قوة إلا بالله)
ومما يثيره اليوم الجهلة تارة، والمغرضون تارة أخرى، في وسائل الإعلام وغيرها، قولهم: كيف لا نسمح لهم ببناء الكنائس في بلادنا وقد سمحوا لنا ببناء المساجد في بلادهم؟!، ولو منعناهم من ذلك فسيمنعون المسلمين من بناء المساجد والصلاة فيها، وأنه ينبغي أن نعطي رعاياهم حريتهم الدينية كما أعطوا رعايا المسلمين حريتهم الدينية، وأن من العلماء المعاصرين من أفتى بجواز ذلك اعتمادا على رأي أبي حنيفة في الجواز، ... إلخ
ورد هذه الشبه من وجوه:
الأول: أن المساجد دور يعبد فيها الله عز وجل وحده، أما الكنائس فهي معابد كفرية، يكفر فيها بالله عز وجل ويعبد معه غيره –المسيح وأمه-، فهل يستويان؟! {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} "
المقارنة بين المساجد والكنائس وغيرها فى كونها كفرية ليست موجودة فى الآية لأن العلة التى ذكرها الله هى " يذكر فيا اسم الله كثيرا"
والأماكن ليست كافرة لأن الكفر يطلق على الناس فقط وليس على أى مكان مهما مورس فيه الكفر وإلا كانت الكعبة معبد كفرى أيام المشركين حسب التاريخ لوجود الأصنام بالمئات فيها
ثم قال :
"الثاني: أن دعوى منحهم المسلمين الحرية في ممارسة تعاليمهم الدينية عارية عن الصحة، فهاهم يمنعون المسلمين من أقل حقوقهم الشخصية: كتعدد الزوجات، ولبس الحجاب، وإنشاء بنوك إسلامية، وتطبيق أحكام الإسلام عليهم، وغير ذلك، بحجة أن أنظمة البلد العلمانية تحظر ذلك، أفلا يحق للمسلمين أن يمنعوهم من بناء الكنائس لأن تعاليم دينهم الإسلامي تمنع ذلك؟"
هناك فارق بين الكفار المعاهدين أى الذميين فى بلادنا وكفار الخارج فلا يمكن أن تعاقب كفار الداخل على جرائم كفار الخارج لقوله تعالى " ولا تزر وزارة وزر أخرى"
فالمسلم ملزم بالعهد وهو الذمة طالما التزم بها المعاهدين كما قال تعالى " فما اسقاموا لكم فاستقيموا لهم"
ثم قال:
"الثالث: أن مواطني الدول الغربية قد اعتنق كثير منهم الإسلام، فالمساجد تعتبر عندهم من حقوق المواطنة وليس للوافدين من المسلمين، أما دول الجزيرة العربية فالأصل أنهم كلهم مسلمون ومن تنصر منهم فهو مرتد عن دين الله وحكمه في الشرع معروف، فلمن تبنى الكنائس؟ أللعمالة الوافدة غير المستقرة؟! مالكم كيف تحكمون؟!
الرابع: أن الإذن لهم ببناء كنائس في ديار الإسلام بحجة سماحهم للمسلمين ببناء المساجد في بلادهم يقودنا إلى قضية أخرى وهي الإذن لهم بالدعوة للنصرانية بين المسلمين بحجة أنهم يسمحون للمسلمين بأن يدعوا إلى الإسلام في بلادهم، فهل يقول بذلك مسلم؟! (بل من يجوز ذلك بحجة ما يسمى بحرية الاعتقاد فهو كافر مرتد وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)
كما أنه يقودنا إلى قضية ثالثة: وهي الإذن لأصحاب الديانات الأخرى كالبوذية والهندوسية وغيرها ببناء معابد لهم، بل قد يكون أتباع هذه الملل في بعض دول الخليج -من العمالة الوافدة- أكثر من النصارى، فتصبح الجزيرة العربية مسرحا لديانات الكفر والشرك، وهي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يكون فيها دينان"
الرجل يخالف هنا الواقع فدول الكفر سمحت لوجود مساجد للوافدين وهناك دول أساس ليس بها مسلمين من أهل البلد والقضية لا تعالج هكذا لأننا نتكلم فى غياب دولة المسلمين التى ماتت من قرون كثيرة والدول الحالية فى بلادنا كلها لا تحكم بحكم الله فحكمها هو حكم بلاد الكفر والوضع سيكون مختلف تماما لو أن القرآن طبق فساعتها سيهاجر المسلمون فى بلاد الكفر لدولة المسلمين وبدلا من أن يسافر أو يهاجر المسلمون لبلاد الكفر هروبا بدينهم من السلطات الحاكمة أو هروبا من الفقر الاقتصادى التى تفرضه السلطات الحاكمة سيمكثوا فى بلادهم ولن يخردجوا منها وبدلا من أن تقوم السلطات الحاكمة فى بلادنا باستقدام العمالة الكافرة من الخارج لن يحدث هذا لأن المسلمون هم من سيعملون
الأوضاع الموجودة أساسا خاطئة ومن ثم لا يمكن أن يطبق حكم الإسلام عليها
ثم قال :
"الخامس: أنه لو ترتب على منع بناء الكنائس في بلاد المسلمين منع بناء المساجد في بلاد الكفار، فإن درء مفسدة تلويث بلاد المسلمين وجزيرة العرب –خاصة- بدين النصارى المنسوخ، أولى من المحافظة على مصلحة مكاسب بعض المسلمين في بلاد الكفر، وعلى المسلمين القادرين على الهجرة أن يهاجروا، وعلى العاجزين أن يصلوا في بيوتهم، كما أفتى بذلك الشيخ عبدالرحمن البراك "
هذه الحجة تصلح عندما توجد دولة المسلمين وأما فى الوضع الحالى حيث دول المنطقة تحارب كل من يطلب بالعدل وتطبيق الشرع فلا تصلح
القوم يشرعون على هوى الحكام وليس بناء على نصوص الوحى
ثم قال:
"السادس: أن مما يدل على اعتبار الخصوصية ومراعاتها وأنها قاعدة معتمدة عند العقلاء من كل ملة، أن دولة الفاتيكان تمنع من بناء معابد غير الكنيسة فيه، وذلك لما يرونه من كون الفاتيكان معقلا للنصرانية وملاذا لأهلها، فالجزيرة العربية وفيها البلد الحرام والكعبة المشرفة أولى بذلك، كيف لا؟! وهي ملاذ المسلمين، ومنتهى مقاصدهم، وعلى هذا الأصل الذي يقر به عقلاء كل ملة، جاءت النصوص النبوية في بيان كون هذه الجزيرة جزيرة الإسلام لا يجتمع فيها دينان، ولكن لو سمح الفاتيكان ببناء المساجد فيه، هل يكون هذا مسوغا لنا في الإذن ببناء الكنائس في جزيرة العرب؟ الجواب: لا، فلسنا تبعا للفاتيكان، إن منع منعنا وإن بنى بنينا!، فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وقد تقدم أن التسوية بين دور التوحيد ومعابد الكفر، سفه وضلال نعيذ منه كل مسلم."
الرجل هنا يحدث الناس وكأنهم جهلة فالفاتيكان ليس دولة بمعنى دولة حقيقية لأن مساحته حوالى نصف ميل طولا وعرضا فى مدينة روما وليس فيها مكان للسكن أو الزرع أو الصنع أو غير هذا من صفات الدولة وسكان كنائسه كلهم رجال إلا نادرا ومن ثم لا يوجد مكان أساسا فيه لتواجد مسلم أو غير ذلك فالدولة هى مكان يتواجد فيها الرجال والنساء وفيها مساكن والفتاتيكان لا يوجد فيها مساكن أو حتى مكان للعمل الوظيفى
ثم قال:
"السابع: أن حرمة بناء الكنائس في بلاد المسلمين مما انعقد عليها الإجماع، نقل ذلك كثير من أهل العلم منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية وتقي الدين السبكي والشيخ ابن باز وغيرهم كثير، فلا وجه لما ذكره بعض المعاصرين عن تجويز الإمام أبي حنيفة ذلك مع أن القاضي تقي الدين السبكي قد أوضح المراد بكلام أبي حنيفة فقال: (ولعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي يتفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء بمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع)
- ومما يؤيد أن مراد أبي حنيفة خلاف ما زعمه هذا المعاصر أنه قول غير معتمد في المذهب، وجماهير علماء الأحناف بما فيهم صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن على عدم اعتبار هذا الفهم لكلام الإمام، ويرون حرمة بناء الكنائس في الأمصار -أي المدن- التي يقطنها مسلمون. و على هذا تضافرت كتبهم، ففي (الهداية شرح البداية للمرغيناني) (2/ 162): (ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام ... وقيل: في ديارنا يمنعون من ذلك في القرى أيضا لأن فيها بعض الشعائر، والمروي عن صاحب المذهب [يعني أبا حنيفة] في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة، وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها لقوله عليه الصلاة والسلام لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) وفي (المبسوط للسرخسي) (15/ 134) و (بدائع الصنائع للكاساني) (4/ 176) قولهم: (فإنهم يمنعون من إحداث الكنائس في أمصار المسلمين)، ونقل الزيلعي الحنفي الإجماع في (تبيين الحقائق) (باب: العشر والخراج والجزية) فقال: (قال في الفتاوى الصغرى: إذا أرادوا إحداث البيع والكنائس في الأمصار يمنعون بالإجماع)، وفي (حاشية ابن عابدين) (4/ 202) [لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليه ... وفي الوهبانية: إنه الصحيح من المذهب الذي عليه المحققون، إلى أن قال: فقد علم أنه لا يحل الإفتاء بالإحداث في القرى لأحد من أهل زماننا بعدما ذكرنا من التصحيح، والاختيار للفتوى وأخذ عامة المشايخ، ولا يلتفت إلى فتوى من أفتى بما يخالف هذا، ولا يحل العمل به ولا الأخذ بفتواه، ويحجر عليه في الفتوى، ويمنع، لأن ذلك منه مجرد إتباع هوى النفس، وهو حرام، لأنه ليس له قوة الترجيح، لو كان الكلام مطلقا، فكيف مع وجود النقل بالترجيح والفتوى؟!، فتنبه لذلك، والله الموفق. مطلب: تهدم الكنائس من جزيرة العرب ولا يمكنون من سكناها قال في (النهر): (والخلاف في غير جزيرة العرب، أما هي فيمنعون من قراها أيضا لخبر لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) اهـ. قلت: الكلام في الإحداث مع أن أرض العرب لا تقر فيها كنيسة ولو قديمة فضلا عن إحداثها] انتهى كلام ابن عابدين."
ما ذكره الرجل عن وجود إجماع يناقض القرآن كما يناقض وجود مجوس عجر ونصارى تغلب فى الجزيرة المزعومة فى عهد عمرومن قبله أبو بكر كما فى التاريخ المعروف
والإجماع عند القوم لا قيمة له فى وجود نص أو فى وجود نصوص مضادة
ثم قال :
الثامن: أن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة في جلسته المنعقدة بالقاهرة في 10/ 10/2000م أصدر بيانا قال فيه (التأكيد الحاسم بأن الجزيرة العربية وقلبها المملكة العربية السعودية هي الحصانة الجغرافية لعقيدة الإسلام، لا يجوز شرعا أن يقوم فيها دينان، ولا يجوز بحال أن يشهر على أرضها غير دين الإسلام، كما تستنكر هيئة رئاسة المجلس العودة إلى المطالبة ببناء كنائس على أرض السعودية بعد أن حسم هذا الأمر سابقا في حوار مطول مع الفاتيكان عبر اللجنة الإسلامية العالمية للحوار، واتفق على إغلاق هذا الملف وعدم إثارته ثانيا).
وأخيرا، و (بناء على جميع ما تقدم فإنه ليس لكافر إحداث كنيسة في [جزيرة العرب]، ولا بيعة، ولا صومعة، ولا بيت نار، ولا نصب صنم؛ تطهيرا لها عن الدين الباطل، ولعموم الأحاديث، وعليه؛ فليس للإمام الإذن بشيء منها، ولا الإبقاء عليه؛ محدثا كان أو قديما) "
السقاف أو غيره عليهم أن يقولوا الحقيقة وهى أن سبب المشكلة هم الحكام فهم استقدموا العمالة الكافرة لشبه الجزيرة الحالية وهم بدلا من أن يواجهوا الحقيقة المرة ويواجهوا الحكام بأفعالهم المحرمة طبقا لأقوال الفقهاء يتكلمون عن وضع ملزم فيه الحكام حسب سياسة العلمانية التى يحكمون بها أن يقيموا لهم كنائس كما سمحت دول الكفر بـإقامة المراكز الثقافية الإسلامية فى دول الغرب وفى كل مركز مسجد ودول الخليج وأكبرها السعودية المراكز مسماة باسمها فى دول الكفر
المشكلة لا تخص الفقهاء من الأساس لأنهم يتكلمون عن وضع ليس موجود فعليا وهو وجود دولة المسلمين والوضع الحالى مخالف للأحكام الإسلام ومن يدافع عنهم السقاف ويستشهد بفتاوى شيوخهم أقاموا معابد للكفر مؤخرا بل سمحوا بوجود نوادى المنكر كالمراقص ودور الخيالة والمسارح المختلطة واستدعاء المصارعين العراة للفرجة عليهم فى بلاد يقال عنها أنها تحكم الشريعة الإسلامية
الكتاب هو بحث من تأليف علوي السقاف وسبب تأليف الكتاب هو ما يدور فى دول الكفر عن حقوق الإنسان وحقه فى وجود معبد له أى مكان وفى هذا قال:
"فهذه وريقات عن حرمة بناء الكنائس في جزيرة العرب دفعني لكتابتها ما يتردد كثيرا هذه الأيام في المحافل والمؤتمرات وما يسمى بمنظمات الحقوق العالمية وتقارير وزارة الخارجية الأمريكية وغيرها من الدعوة لبناء الكنائس في الجزيرة العربية، يغيظهم كونها حرم الإسلام ومعقله وقاعدته الأولى، ويردد ذلك معهم في بعض وسائل الإعلام من أعاروا عقولهم لغيرهم وأثاروا الشبهات والشكوك حول هذه المسألة القطعية من دين الإسلام"
قبل الدخول فى الموضوع كل من يتكلم فى الموضوع ممن ينقل من كتب القدماء يتبنى وجهة نظر خاطئة كما هو الحال فى موضوع السبى فهم يحللونه ويبيحونه مع أن كتاب الله يحرمه فالأسرى أيا كان نوعهم يطلق سراحهم بعد نهاية الحرب كما قال تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
من يتبنون وجهة النظر تلك وهى هتك واغتصاب نساء الكفار تحت مسمى السبى يتناسون أن الكفار سيفعلون نفس الجريمة فى نساء المسلمين لو انتصروا عليهم
ومن يتبنون وجهة نظر حرمة بناء الكنائس فى الجزيرة العربية أو غيرها سيجعلون دول الكفر ترد بالمثل وهو منع بناء المساجد فى بلاد الكفر التى يتواجد بها جماعات من المسلمين
ثم قال السقاف:
"نقلت فيه طرفا من النصوص الدالة على تحريم ذلك، وأقوال العلماء في المسألة مع الرد على شبهات المعاصرين و (جزيرة العرب أو شبه الجزيرة العربية يحدها غربا: بحر القلزم، وهو المعروف الآن باسم: البحر الأحمر، وجنوبا: بحر العرب، ويقال له: بحر اليمن، وشرقا: الخليج العربي، والتحديد من هذه الجهات الثلاث بالأبحر المذكورة محل اتفاق بين المحدثين، والفقهاء، والمؤرخين، والجغرافيين، وغيرهم. وممن أفصح عن هذا التحديد بالنص: ابن حوقل، والاصطخري، والهمداني، والبكري، وياقوت، وهو منصوص الرواية عن الإمام مالك، وتفيده الرواية عن الإمام أحمد؛ رحم الله الجميع، ويحدها شمالا ساحل البحر الأحمر الشرقي الشمالي وما على مسامتته شرقا؛ من مشارف الشام والأردن والعراق، وعليه؛ فالأردن، وسوريا، والعراق؛ ليست في محدود جزيرة العرب وهو ما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : (جزيرة العرب: هي من بحر القلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر اليمامة إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم، ولا تدخل فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين البعث وقبله ... ))
وهذا يعني أن دول مجلس التعاون كلها واليمن داخلة تحت مسمى الجزيرة العربية على الراجح من أقوال العلماء.
وهناك أقوال أخرى فندها الشيخ بكر أبو زيد في كتابه الماتع (خصائص الجزيرة العربية) فليراجعها من شاء.
أما الأدلة: فقد وردت أحاديث صحيحة تحرم الإذن بوجود دين آخر مع الإسلام في جزيرة العرب وهي تقتضي تحريم بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أولى، ومن ذلك حديث عبدالله بن عباس (لا تكون قبلتان في بلد واحد) وفي لفظ: (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة) رواه أبو داود"
الرواية لو عقلها من يفسرون لا يمكن لرسول الله (ص) ان يقولها لأن معناها ألا يوجد فى بلاد المسلمين كلها وليس فى شبه الجزيرة أى معبد من معابد الكفار هذا لو فسرت القبلة لالمسجد وأما لو فسرت بالدين فلها معنى محرم وهو طرد الكفار المعاهدين من بلادهم
ثم قال :
"وحديث عائشة رضي الله عنها: (لا يترك بجزيرة العرب دينان) رواه أحمد، وحديث أبي عبيدة ابن الجراح (لا يبقين دينان بأرض العرب) رواه البيهقي."
هذه الروايات تخالف الوحى وحتى التاريخ المعروف ففى عهد النبى(ص) نفسه حتى موته بقى الكفار من اليهود فيها فى خيبر وغيرها وعاهدهم كما يقول التاريخ على زراعة الأرض كما بقى المنافقون وبنوا معبدا هو مسجد الضرار فلماذا لم يطردهم النبى(ص) ويهدم مسجدهم؟
ثم ماهى جزيرة العرب المزعومة ؟
لا يوجد جزيرة أساسا فهى شبه جزيرة
زد على هذا أن القوم لو فهموا معنى الرواية حقا لكان عليهم ارتكاب جرائم متعددة هى إما إكراخ الكفار على الإسلام وهو ما حرمه الله بقوله " لا إكراه فى الدين " وإما طرد الكفار المعاهدين من ديارهم بلا جريمة ارتكبوها مخالفين وجوب التزام المسلمين بالعهد طالما التزم به الكفار المعاهدين كما قالوا تعالى " فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم"
كما يخالف أن المطرودين وهم المخرجين هم من طردوا أى أخرجوا المسلمين كما قال تعالى "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم"
ويقول السقاف:
"وعلى هذا جرى عمل الأمة قرونا طويلة ابتداء من عصر خير القرون، وحتى وقت متأخر من التاريخ الإسلامي، فأجلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهود خيبر ونجران وفدك، ووضع الشروط المشهورة بالعمرية وفيها: (أنا شرطنا على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا كنيسة ولا فيما حولها ديرا ولا قلاية ولا صومعة ، وفي كتاب (الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام، و (مصنف ابن أبي شيبة) بإسناد ضعيف عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا؟ فقال: (أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بناء ولا بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ... ).
قال القاضي تقي الدين السبكي: (وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر، وسكوت بقية الصحابة إجماعا) .
وفهم هذه الدلالة من أهل القرون المفضلة من غير الصحابة علماء التابعين وحكامهم، فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن عمه وهب بن نافع قال: (كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عروة بن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين، قال: فشهدت عروة بن محمد ركب حتى وقف عليها ثم دعاني فشهدت كتاب عمر وهدم عروة إياها، فهدمها) ، وروى عن معمر عن إسماعيل بن أمية أخبره: (أنه مر مع هشام بحدة وقد أحدثت فيها كنيسة فاستشار في هدمها فهدمها هشام) وروى عن الحسن البصري قال: (من السنة أن تهدم الكنائس التي بالأمصار القديمة والحديثة) والآثار في هذا كثيرة جدا"
كل هذه الآثار لا قيمة لها لأن الروايات كلها فى أسانيدها متكلم فيها والأهم من ذلك أن الله حرم هدم أى معبد يذكر فيه اسمه ولو كان معبدا لغير المسلمين فقال :
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"
ثم كيف يكون من البر هدم معابد الكفار المعاهدين وهو اعتداء سافر عليهم مع أن الله أمرنا بالإحسان إليهم والعدل معهم فقال :
"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين "؟
فهنا حرم الله طردهم من ديارهم لأنهم لم يطردوا المسلمين من ديارهم وكما أن هناك روايات فى الموضوع سبق ذكرها عن عدم بقاء دينان فى الجزيرة المزعومة التى لا وجود لها هناك روايات أخرى تبين أن الخلفاء أبقوا على الكفار فيها مثل :
"عن بُجَالَةَ قال : كنتُ كاتبا لجُزْءِ بن معاويةَ عمّ الأحنفِ بن قيسٍ إذ جاءنا كتابُ عمرَ قبل موتهِ بسنةٍ اقتلوا كل ساحِرٍ وفرقُوا بين كلِّ ذي محرمٍ من المجوسِ وانهوهُم عن الزمزمةِ فقتلنا في يومٍ ثلاثةَ سواحرِ وفرّقنا بين كلِّ رجل من المجوسِ وحريمهُ في كتابِ اللهِ وصنعَ طعاما كثيرا فدعاهُم فعرضَ السيفَ على فخذهِ فأكلوا ولم يزمزمُوا وألقَوا وقرَ بغلٍ أو بغلينِ من الورقٍ ولم يكن عمرُ أخذَ الجزيةَ من المجوسِ حتى شهد عبد الرحمن بن عوفٍ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوسِ هجرَ" رواه أبو داود
هنا عمر لم يطرد المجوس من هجر ومن قبله أبو بكر وقد أخذ منهم الجزية وكما أخذها من مجوس عجر أخذها من نصارى تغلب كما فى الروايات التالية:
"قال عبد الرزاق في المصنف 19392 – أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ , عَنْ كُرْدُوسٍ التَّغْلِبِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «إِنَّهُ قَدْ كَانَ لَكُمْ نَصِيبٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَخُذُوا نَصِيبَكُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ , فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ أُضَعِّفَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ , وَأَلَّا يُنَصِّرُوا الْأَبْنَاءَ"
"وفي المغني لابن قدامة: (بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار، انقلبوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر إلى بذل الجزية، فأبوا وأنفوا، وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة:يا أمير المؤمنين! إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم فزدهم وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارا دينارا، ومن كل مأتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقى بنضح أو غرب أو دولاب العشر، فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة، فصار اجماعا. "
طبقا لهذه الروايا وغيرها لم ينقذ الخلفاء لا أبو بكر ولا عمر حكاية عدم بقاء دينان فى الجزيرة بدليل وجود المجوس والنصارى فى تلك الروايات
ثم قال السقاف :
(لهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أحدثت في الإسلام) بل وأجمعوا (على أن بناء المعابد الكفرية ومنها الكنائس في جزيرة العرب أشد إثما وأعظم جرما) وأقوالهم في هذا كثيرة جدا، منها:
1 - قال الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: (ليس ينبغي أن تترك في أرض العرب كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار)
2 - وفي المدونة الكبرى (قلت: أرأيت هل كان مالك يقول: ليس للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ قال: نعم كان مالك يكره ذلك)
3 - وقال الإمام الشافعي: (ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لصلواتهم ...
4 - وقال الإمام أحمد: (ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا فيه بناقوس)
5 - وقال أبو الحسن الأشعري: (إرادة الكفر كفر وبناء كنيسة يكفر فيها بالله كفر، لأنه إرادة الكفر)
6 - وقال ابن قدامة: (ويمنعون من إحداث البيع والكنائس والصوامع في بلاد المسلمين لما روي في شروطهم لعبد الرحمن بن غنم)
7 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الرسالة القبرصية): (اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن لأهل الذمةأن يحدثوا فيها كنيسة ... والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر لا كنائس ولا غيرها) وقال: (من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر)
8 - وقال القاضي تقي الدين السبكي: (فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع، وكذا ترميمها)
9 - وقال الحافظ ابن القيم: (ولا يمكنون من إحداث البيع والكنائس كما شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الشروط المشهورة عنه ... وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار، ومذهب جمهورهم في القرى، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبدالعزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى)
10 - وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: (لا يجوز أن يبنى في الجزيرة معابد للكفرة لا النصارى ولا غيرهم، وما بني فيها يجب أن يهدم مع القدرة. وعلى ولي الأمر أن يهدمها ويزيلها ولا يبقي في الجزيرة مبادئ أو معاقل للشرك لا كنائس ولا معابد، بل يجب أن تزال من الجزيرة، حتى لا يبقى فيها إلا المساجد والمسلمون) وقال: (أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية وعلى وجوب هدمها إذا أحدثت وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب ونهى أن يجتمع فيها دينان وتبعه أصحابه في ذلك ولما استخلف عمر رضي الله عنه أجلى اليهود من خيبر عملا بهذه السنة ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره)
11 - وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية قولهم: (كل مكان يعد للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مجمع عليه بحمد الله تعالى .... ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأن تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ ... فجزيرة العرب: حرم الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها، ولا التجنس بجنسيتها، ولا التملك فيها، فضلا عن إقامة كنيسة فيها لعباد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان، إلا دينا واحدا هو دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه ورسوله محمدا، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق، ... وبهذا يعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره ... عائذين بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهداية، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله -تعالى-: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (25) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم (26) فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم (27) ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} محمد: 25 - 28" وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.)
12 - وجاء في فتوى وزارة الأوقاف الكويتية: (إن إنشاء أي دار للعبادة لغير المسلمين في دار الإسلام لا يجوز، وكذلك لا يجوز تأجير الدور لتكون كنائس، ولا تحويل الدور السكنية لتكون كنائس أو معابد لغير المسلمين، وذلك لإجماع علماء المسلمين على أنه لا تبقى في دار الإسلام مكان عبادة لغير المسلمين)
13 - وقال الشيخ عبدالرحمن البراك (ومما يؤسف له أن بعض المسلمين استجابوا للكفار في بناء الكنائس، فها هي بعض البلاد الإسلامية في أطراف الجزيرة العربية؛ جزيرة الإسلام، ها هم أذنوا للنصارى في بناء معابدهم، وقد جاء في الحديث لا تكون في أرض قبلتان، فلا تجتمع قبلة اليهود والنصارى مع قبلة المسلمين)
وهكذا، فأنت ترى أن علماء المسلمين وفقهاءهم قديما وحديثا أجمعوا على حرمة بناء الكنائس في البلدان الإسلامية وأنها في جزيرة العرب أشد إثما لما تمتاز به هذه الجزيرة من خصائص فهي (وقف في الإسلام على أهل الإسلام، وهي وديعة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمته، التي استحفظهم عليها في آخر ما عهده النبي صلى الله عليه وسلم، فهي دار طيبة، لا يقطنها إلا طيب، ولما كان المشرك خبيثا بشركه؛ حرمت عليه جزيرة العرب ... وإنه إذا ما عدت يوما نفسها مثل أي قطر من الأقطار، ترضى بمداخلة ما هو أجنبي عن الإسلام؛ فإنها تعمل على إسقاط نفسها من سجل التاريخ، وتقضي على ميزتها البارزة في خريطة العالم، فيخفت احترام العالم الإسلامي لها، وتفقد رهبة شراذم الكفر منها، وتفتح مجالا فسيحا للقوى الشريرة العاتية. وإنه إذا تقدمت الفتن، والبدع، والأهواء، والنحل، وضروب الغزو الفكري؛ تضرب فارهة على صخرة هذه الجزيرة؛ فقد تجللت حينئذ من كل ويل تيارا، وأذنت بمشاكل ذات أحجام مختلفة في التمرد، وإذا تشربت النفوس بهذه الأنماط المتناثرة على جنبتي الصراط المستقيم؛ تشكلت الحياة إلى مزيج من الأهواء والضلال البعيد، وهذا إيذان بدك آخر حصن للإسلام، وتقليص لظله عن معاقله في هذه الجزيرة المسكينة فالله طليب الفعلة لذلك، وهو حسيبهم ... وإن المتعين على أهل هذه الجزيرة، وعلى من بسط الله يده عليهم وعليها: المحافظة على هذه الميزات والخصائص الشرعية؛ ليظهر تميزها، وتبقى الجزيرة وأهلها مصدر الإشعاع لنور الإسلام على العالم.
وليعلم أنه كلما قوي هذا النور؛ امتد هذا الإشعاع، وكلما ضعف وتضاءل في هذه الجزيرة وأهلها؛ تقاصر. ولا حول ولا قوة إلا بالله)
ومما يثيره اليوم الجهلة تارة، والمغرضون تارة أخرى، في وسائل الإعلام وغيرها، قولهم: كيف لا نسمح لهم ببناء الكنائس في بلادنا وقد سمحوا لنا ببناء المساجد في بلادهم؟!، ولو منعناهم من ذلك فسيمنعون المسلمين من بناء المساجد والصلاة فيها، وأنه ينبغي أن نعطي رعاياهم حريتهم الدينية كما أعطوا رعايا المسلمين حريتهم الدينية، وأن من العلماء المعاصرين من أفتى بجواز ذلك اعتمادا على رأي أبي حنيفة في الجواز، ... إلخ
ورد هذه الشبه من وجوه:
الأول: أن المساجد دور يعبد فيها الله عز وجل وحده، أما الكنائس فهي معابد كفرية، يكفر فيها بالله عز وجل ويعبد معه غيره –المسيح وأمه-، فهل يستويان؟! {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} "
المقارنة بين المساجد والكنائس وغيرها فى كونها كفرية ليست موجودة فى الآية لأن العلة التى ذكرها الله هى " يذكر فيا اسم الله كثيرا"
والأماكن ليست كافرة لأن الكفر يطلق على الناس فقط وليس على أى مكان مهما مورس فيه الكفر وإلا كانت الكعبة معبد كفرى أيام المشركين حسب التاريخ لوجود الأصنام بالمئات فيها
ثم قال :
"الثاني: أن دعوى منحهم المسلمين الحرية في ممارسة تعاليمهم الدينية عارية عن الصحة، فهاهم يمنعون المسلمين من أقل حقوقهم الشخصية: كتعدد الزوجات، ولبس الحجاب، وإنشاء بنوك إسلامية، وتطبيق أحكام الإسلام عليهم، وغير ذلك، بحجة أن أنظمة البلد العلمانية تحظر ذلك، أفلا يحق للمسلمين أن يمنعوهم من بناء الكنائس لأن تعاليم دينهم الإسلامي تمنع ذلك؟"
هناك فارق بين الكفار المعاهدين أى الذميين فى بلادنا وكفار الخارج فلا يمكن أن تعاقب كفار الداخل على جرائم كفار الخارج لقوله تعالى " ولا تزر وزارة وزر أخرى"
فالمسلم ملزم بالعهد وهو الذمة طالما التزم بها المعاهدين كما قال تعالى " فما اسقاموا لكم فاستقيموا لهم"
ثم قال:
"الثالث: أن مواطني الدول الغربية قد اعتنق كثير منهم الإسلام، فالمساجد تعتبر عندهم من حقوق المواطنة وليس للوافدين من المسلمين، أما دول الجزيرة العربية فالأصل أنهم كلهم مسلمون ومن تنصر منهم فهو مرتد عن دين الله وحكمه في الشرع معروف، فلمن تبنى الكنائس؟ أللعمالة الوافدة غير المستقرة؟! مالكم كيف تحكمون؟!
الرابع: أن الإذن لهم ببناء كنائس في ديار الإسلام بحجة سماحهم للمسلمين ببناء المساجد في بلادهم يقودنا إلى قضية أخرى وهي الإذن لهم بالدعوة للنصرانية بين المسلمين بحجة أنهم يسمحون للمسلمين بأن يدعوا إلى الإسلام في بلادهم، فهل يقول بذلك مسلم؟! (بل من يجوز ذلك بحجة ما يسمى بحرية الاعتقاد فهو كافر مرتد وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)
كما أنه يقودنا إلى قضية ثالثة: وهي الإذن لأصحاب الديانات الأخرى كالبوذية والهندوسية وغيرها ببناء معابد لهم، بل قد يكون أتباع هذه الملل في بعض دول الخليج -من العمالة الوافدة- أكثر من النصارى، فتصبح الجزيرة العربية مسرحا لديانات الكفر والشرك، وهي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يكون فيها دينان"
الرجل يخالف هنا الواقع فدول الكفر سمحت لوجود مساجد للوافدين وهناك دول أساس ليس بها مسلمين من أهل البلد والقضية لا تعالج هكذا لأننا نتكلم فى غياب دولة المسلمين التى ماتت من قرون كثيرة والدول الحالية فى بلادنا كلها لا تحكم بحكم الله فحكمها هو حكم بلاد الكفر والوضع سيكون مختلف تماما لو أن القرآن طبق فساعتها سيهاجر المسلمون فى بلاد الكفر لدولة المسلمين وبدلا من أن يسافر أو يهاجر المسلمون لبلاد الكفر هروبا بدينهم من السلطات الحاكمة أو هروبا من الفقر الاقتصادى التى تفرضه السلطات الحاكمة سيمكثوا فى بلادهم ولن يخردجوا منها وبدلا من أن تقوم السلطات الحاكمة فى بلادنا باستقدام العمالة الكافرة من الخارج لن يحدث هذا لأن المسلمون هم من سيعملون
الأوضاع الموجودة أساسا خاطئة ومن ثم لا يمكن أن يطبق حكم الإسلام عليها
ثم قال :
"الخامس: أنه لو ترتب على منع بناء الكنائس في بلاد المسلمين منع بناء المساجد في بلاد الكفار، فإن درء مفسدة تلويث بلاد المسلمين وجزيرة العرب –خاصة- بدين النصارى المنسوخ، أولى من المحافظة على مصلحة مكاسب بعض المسلمين في بلاد الكفر، وعلى المسلمين القادرين على الهجرة أن يهاجروا، وعلى العاجزين أن يصلوا في بيوتهم، كما أفتى بذلك الشيخ عبدالرحمن البراك "
هذه الحجة تصلح عندما توجد دولة المسلمين وأما فى الوضع الحالى حيث دول المنطقة تحارب كل من يطلب بالعدل وتطبيق الشرع فلا تصلح
القوم يشرعون على هوى الحكام وليس بناء على نصوص الوحى
ثم قال:
"السادس: أن مما يدل على اعتبار الخصوصية ومراعاتها وأنها قاعدة معتمدة عند العقلاء من كل ملة، أن دولة الفاتيكان تمنع من بناء معابد غير الكنيسة فيه، وذلك لما يرونه من كون الفاتيكان معقلا للنصرانية وملاذا لأهلها، فالجزيرة العربية وفيها البلد الحرام والكعبة المشرفة أولى بذلك، كيف لا؟! وهي ملاذ المسلمين، ومنتهى مقاصدهم، وعلى هذا الأصل الذي يقر به عقلاء كل ملة، جاءت النصوص النبوية في بيان كون هذه الجزيرة جزيرة الإسلام لا يجتمع فيها دينان، ولكن لو سمح الفاتيكان ببناء المساجد فيه، هل يكون هذا مسوغا لنا في الإذن ببناء الكنائس في جزيرة العرب؟ الجواب: لا، فلسنا تبعا للفاتيكان، إن منع منعنا وإن بنى بنينا!، فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وقد تقدم أن التسوية بين دور التوحيد ومعابد الكفر، سفه وضلال نعيذ منه كل مسلم."
الرجل هنا يحدث الناس وكأنهم جهلة فالفاتيكان ليس دولة بمعنى دولة حقيقية لأن مساحته حوالى نصف ميل طولا وعرضا فى مدينة روما وليس فيها مكان للسكن أو الزرع أو الصنع أو غير هذا من صفات الدولة وسكان كنائسه كلهم رجال إلا نادرا ومن ثم لا يوجد مكان أساسا فيه لتواجد مسلم أو غير ذلك فالدولة هى مكان يتواجد فيها الرجال والنساء وفيها مساكن والفتاتيكان لا يوجد فيها مساكن أو حتى مكان للعمل الوظيفى
ثم قال:
"السابع: أن حرمة بناء الكنائس في بلاد المسلمين مما انعقد عليها الإجماع، نقل ذلك كثير من أهل العلم منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية وتقي الدين السبكي والشيخ ابن باز وغيرهم كثير، فلا وجه لما ذكره بعض المعاصرين عن تجويز الإمام أبي حنيفة ذلك مع أن القاضي تقي الدين السبكي قد أوضح المراد بكلام أبي حنيفة فقال: (ولعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي يتفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء بمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع)
- ومما يؤيد أن مراد أبي حنيفة خلاف ما زعمه هذا المعاصر أنه قول غير معتمد في المذهب، وجماهير علماء الأحناف بما فيهم صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن على عدم اعتبار هذا الفهم لكلام الإمام، ويرون حرمة بناء الكنائس في الأمصار -أي المدن- التي يقطنها مسلمون. و على هذا تضافرت كتبهم، ففي (الهداية شرح البداية للمرغيناني) (2/ 162): (ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام ... وقيل: في ديارنا يمنعون من ذلك في القرى أيضا لأن فيها بعض الشعائر، والمروي عن صاحب المذهب [يعني أبا حنيفة] في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة، وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها لقوله عليه الصلاة والسلام لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) وفي (المبسوط للسرخسي) (15/ 134) و (بدائع الصنائع للكاساني) (4/ 176) قولهم: (فإنهم يمنعون من إحداث الكنائس في أمصار المسلمين)، ونقل الزيلعي الحنفي الإجماع في (تبيين الحقائق) (باب: العشر والخراج والجزية) فقال: (قال في الفتاوى الصغرى: إذا أرادوا إحداث البيع والكنائس في الأمصار يمنعون بالإجماع)، وفي (حاشية ابن عابدين) (4/ 202) [لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليه ... وفي الوهبانية: إنه الصحيح من المذهب الذي عليه المحققون، إلى أن قال: فقد علم أنه لا يحل الإفتاء بالإحداث في القرى لأحد من أهل زماننا بعدما ذكرنا من التصحيح، والاختيار للفتوى وأخذ عامة المشايخ، ولا يلتفت إلى فتوى من أفتى بما يخالف هذا، ولا يحل العمل به ولا الأخذ بفتواه، ويحجر عليه في الفتوى، ويمنع، لأن ذلك منه مجرد إتباع هوى النفس، وهو حرام، لأنه ليس له قوة الترجيح، لو كان الكلام مطلقا، فكيف مع وجود النقل بالترجيح والفتوى؟!، فتنبه لذلك، والله الموفق. مطلب: تهدم الكنائس من جزيرة العرب ولا يمكنون من سكناها قال في (النهر): (والخلاف في غير جزيرة العرب، أما هي فيمنعون من قراها أيضا لخبر لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) اهـ. قلت: الكلام في الإحداث مع أن أرض العرب لا تقر فيها كنيسة ولو قديمة فضلا عن إحداثها] انتهى كلام ابن عابدين."
ما ذكره الرجل عن وجود إجماع يناقض القرآن كما يناقض وجود مجوس عجر ونصارى تغلب فى الجزيرة المزعومة فى عهد عمرومن قبله أبو بكر كما فى التاريخ المعروف
والإجماع عند القوم لا قيمة له فى وجود نص أو فى وجود نصوص مضادة
ثم قال :
الثامن: أن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة في جلسته المنعقدة بالقاهرة في 10/ 10/2000م أصدر بيانا قال فيه (التأكيد الحاسم بأن الجزيرة العربية وقلبها المملكة العربية السعودية هي الحصانة الجغرافية لعقيدة الإسلام، لا يجوز شرعا أن يقوم فيها دينان، ولا يجوز بحال أن يشهر على أرضها غير دين الإسلام، كما تستنكر هيئة رئاسة المجلس العودة إلى المطالبة ببناء كنائس على أرض السعودية بعد أن حسم هذا الأمر سابقا في حوار مطول مع الفاتيكان عبر اللجنة الإسلامية العالمية للحوار، واتفق على إغلاق هذا الملف وعدم إثارته ثانيا).
وأخيرا، و (بناء على جميع ما تقدم فإنه ليس لكافر إحداث كنيسة في [جزيرة العرب]، ولا بيعة، ولا صومعة، ولا بيت نار، ولا نصب صنم؛ تطهيرا لها عن الدين الباطل، ولعموم الأحاديث، وعليه؛ فليس للإمام الإذن بشيء منها، ولا الإبقاء عليه؛ محدثا كان أو قديما) "
السقاف أو غيره عليهم أن يقولوا الحقيقة وهى أن سبب المشكلة هم الحكام فهم استقدموا العمالة الكافرة لشبه الجزيرة الحالية وهم بدلا من أن يواجهوا الحقيقة المرة ويواجهوا الحكام بأفعالهم المحرمة طبقا لأقوال الفقهاء يتكلمون عن وضع ملزم فيه الحكام حسب سياسة العلمانية التى يحكمون بها أن يقيموا لهم كنائس كما سمحت دول الكفر بـإقامة المراكز الثقافية الإسلامية فى دول الغرب وفى كل مركز مسجد ودول الخليج وأكبرها السعودية المراكز مسماة باسمها فى دول الكفر
المشكلة لا تخص الفقهاء من الأساس لأنهم يتكلمون عن وضع ليس موجود فعليا وهو وجود دولة المسلمين والوضع الحالى مخالف للأحكام الإسلام ومن يدافع عنهم السقاف ويستشهد بفتاوى شيوخهم أقاموا معابد للكفر مؤخرا بل سمحوا بوجود نوادى المنكر كالمراقص ودور الخيالة والمسارح المختلطة واستدعاء المصارعين العراة للفرجة عليهم فى بلاد يقال عنها أنها تحكم الشريعة الإسلامية