رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب علم حكم التشريع مع تطبيقات في باب المياه عند الحنابلة
المؤلف عبد الله بن مبارك آل سيف وهو يدور حول سبب أو علة الأحكام فى مسائل الماء وفى التمهيد تحدث عن أهداف التشريع فى قضايا الماء فقال :
"تمهيد في حكم التشريع:
وفيه مطالب:
الفصل الأول: حِكَم التشريع في باب المياه:
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: مقاصد التشريع في هذا الباب:
ضابط الحكم المذكورة: ما ورد فيها نص، إذ كلام الفقهاء لا يبحث له عنه حكمة؛ لأنه اجتهاد بخلاف النص فهو قطعي.
1 - من حكم الشارع في هذا الباب تطهير البدن من أنواع الأحداث والنجاسات ليتلاءم ذلك مع أمره بتطهير الباطن من أنواع المعاصي كما قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} فجمع بين طهارة البدن والقلب من النجاسات والمعاصي، وقال في طهارة البدن أيضاً {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} قال تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ،وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} وقال في طهارة القلب: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} "
والخطأ فى علة الطهارة هنا هو أن السيف استدل بحكم الصدقة وهى الزكاة فى التطهر البدنى ولا علاقة بينهما وهو قوله"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
وحتى صلاة النبى (ص)على المؤمنين غير متعلقة بالتطهر البدنى لأنها دعاءه بهم وهو الاستغفار لهم
وأيضا استشهاده بتطهير أهل البيت لا علاقة بالتطهر البدنى بالماء وهو قوله" إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"
وقد أورد السيغ كلام ابن تيمية فى طهارة البدن والقلب فقال:
"قال شيخ الإسلام: وذلك: أن الله أمر بطهارة القلب، وأمر بطهارة البدن، وكلا الطهارتين من الدين الذي أمر الله به وأوجبه ... فنجد كثيراً من المتفقهة والمتعبدة، إنما همته طهارة البدن فقط، ويزيد فيها على المشروع اهتماماً وعملاً ويترك من طهارة القلب ما أمر به؛ إيجاباً، أو استحباباً، ولا يفهم من الطهارة إلا ذلك ونجد كثيراً من المتصوفة والمتفقرة، إنما همته طهارة القلب فقط؛ حتى يزيد فيها على المشروع اهتماماً وعملاً؛ ويترك من طهارة البدن ما أمر به إيجاباً، أو استحباباً. فالأولون يخرجون إلى الوسوسة المذمومة في كثرة صب الماء، وتنجيس ما ليس بنجس، واجتناب ما لا يشرع اجتنابه مع اشتمال قلوبهم على أنواع من الحسد والكبر والغل لإخوانهم، وفي ذلك مشابهة بيِّنة لليهود والآخرون يخرجون إلى الغفلة المذمومة، فيبالغون في سلامة الباطن حتى يجعلون الجهل بما تجب معرفته من الشر - الذي يجب اتقاؤه - من سلامة الباطن، ولا يفرقون بين سلامة الباطن من إرادة الشر المنهي عنه، وبين سلامة القلب من معرفة الشر المعرفة المأمور بها، ثم مع هذا الجهل والغفلة قد لا يجتنبون النجاسات، ويقيمون الطهارة الواجبة مضاهاة للنصارى "
والخطأ فى كلام ابن تيمية هو القول باهتمام اليهود بطهارة البدن واهتمام النصارى بطهارة القلوب وتشبيهه الفقهاء باليهود وتشبيهه المتصوفة بالنصارى وهو حديث دون دليل من القرآن
وتحدث السيف عن اجتناب النجاسات مبينا من خلال نقل كلام ابن تيمية استحلال النصارى للنجاسات فقال :
"1 - ومنها: اجتناب النجاسات بأنواعها ليتلاءم ذلك مع أمره باجتناب المعاصي فيحصل الطهارة الكاملة من النوعين للبدن، والاجتناب يختلف عن التطهير بأن الاجتناب قبل الوقوع، والتطهير بعد الوقوع أو ملامسة النجاسة، ثم إن التطهير يشمل رفع الحدث وإزالة النجس.
قال شيخ الإسلام: لم تحلل لنا الخبائث كما استحلها النصارى؛ الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، فلا يجتنبون نجاسة، ولا يحرمون خبيثاً، بل غاية أحدهم أن يقول طهر قلبك وصلِّ واليهودي إنما يعتني بطهارة ظاهره لا قلبه كما قال تعالى عنهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} وأما المؤمنون فإن الله طهر قلوبهم وأبدانهم من الخبائث، وأما الطيبات فأباحها لهم والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى"
وإصرار السيف المنقول من إصرار ابن تيمية على استحلال النصارى للخبائث كلام بلا دليل وإنما منهم كما من اليهود فريق من المؤمنين وهم المسلمين الذين أطاعوا أحكام الله معتبرين طهارة البدن والقلب معا كما قال تعالى :
إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
فمن اليهود والنصارى فريق فى الجنة وهم المسلمون منهم وكتب النصارى المعروفة حاليا تتحدث عن طهارة البدن والقلب معا كما فى قول العهد الجديد :
وتحدث فى الفصل التالى عن حكمة التطهر بالماء فقال :
" المبحث الثاني: أسرار التشريع في مسائل الباب:
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الحكمة من تفضيل الماء في التطهير:
الحكمة من تفضيل الماء في التطهير قوة الماء ، ونفوذه وسريانه وقدرته على إزالة النجاسات، بخلاف غيره من المائعات، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عطية بن عروة العوفي السعدي رضي الله عنه: " الغضب من الشيطان وإن الشيطان من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ". أخرجه أحمد وأبو داود .
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء. متفق عليه .
قال شيخ الإسلام: وكذلك الشهوة الغالبة هي من الشيطان، والنار والوضوء يطفئها، فهو يطفئ حرارة الغضب. والوضوء من هذا مستحب. وكذلك أمره بالوضوء مما مسته النار أمر استحباب لأن ما مسته النار يخالط البدن فليتوضأ. فإن النار تطفأ بالماء. وهذا كله يدل على قوة الماء وتأثيره."
والأحاديث التى استشهد بها السيف على قدرة الماء على إزالة النجاسات ليس فيها جملة تفيد ذلك فالغضب ليس نجاسة بدنية والحمى ليست نجاسة بدنية كما ذكر الحديثين وكلاهما لا يصح لوجود غضب لله هو من الله والحمى ليست من جهنم وهى النار لأن جهنم الموعودة فى السماء كما قال تعالى :
" وفى السماء رزقكم وما توعدون"
بينما الحمى فى الأرض ولا علاقة بين شىء سماوى حاليا وشىء أرضى وهو المرض
ثم قال عن لحوم الإبل :
وقال: لحوم الإبل فإنها حلال بالكتاب والسنة والإجماع، ولكن فيها من القوة الشيطانية ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " إنها جن خلقت من جن " أخرجه أحمدوالبيهقي .
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود: " الغضب من الشيطان وإن الشيطان من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " فأمر بالتوضؤ من الأمر العارض من الشيطان، فأكل لحمها يورث قوة شيطانية تزول بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحمها كما صح ذلك عنه من غير وجه. "
وحديث أن الإبل جن خلقت من الجن النارى يكذبه أنها مخلوقات أرضية
ونجد الرجل لكى يثبت مقالته فى فوائد التطهر قال:
"وقد أجرى الطبيب مصطفى شحادة وزملاؤه دراسة طبية على مجموعتين متطوعتين: إحداهما يواظب أفرادها على الوضوء وأداء الصلاة، والأخرى من غير المصلين، فأخذت مسحات من أنوف هؤلاء وأولئك ودرست جرثومياً، فأظهرت النتائج أن الأنف عند مجموعة المصلين في حالة سليمة، بينما وجدت في جميع المسحات التي أخذت من غير المصلين زمر جرثومية مختلفة بكثافة عالية، ويذكر تاريخ الطب أنه في عام 1963 م حدث في مدينة دندي بإنجلترا وباء بالحمى التيفية أثار قلق السلطات الصحية وفزعها، فصدرت تعليمات مشددة بوجوب الاستنجاء بالماء بعد التبرز، والامتناع عن استخدام مناديل الحمامات، وصدرت التعليمات على النحو الآتي: (النظافة الشخصية تكون كما يفعل المسلمون، وليس بالأوراق التي في دورات المياه) وما هي إلا أيام حتى تراجع الوباء وانتهت المشكلة، وفي هذا دليل ناصع على حكمة التشريع في استعمال الماء.
وقوة الماء يشهد بها الواقع في السيول التي تجرف كل ما أتت عليه، وتنظف الأرض مما عليها من النجاسات، وتقتلع الأشجار، وتسبب الفيضانات الهائلة، وليس هذا لغير الماء، وقد فطر الإنسان من بر وفاجر على هذا حيث يزيل ما أصابه من قذر ونجاسة بالماء، وليس بغيره من المائعات.
وحتى لو استخدم غير الماء في إزالة النجاسة أو تخفيفها فإن المرء لا يجد بدَّاً من إتباعه بالماء"
ومما لاشك فيه أن التطهر بالماء مفيد للناس فى حياتهم وقد تحدث عن علة إباحة الشرب من بقايا الماء الذى شربت منه القطة فقال :
" المطلب الثاني: الحكمة من العفو عن سؤر الهرة:
الحكمة من العفو عن سؤر الهرة لكثرة طوفانها على الناس ليلاً ونهاراً، وعلى فرشهم وثيابهم وأطعمتهم فلو قيل بنجاستها لكان فيه مشقة كبيرة
وقد ورد العفو عنها في الحديث الصحيح فعن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءاً , فجاءت هرة تشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت منه , قالت كبشة: فرآني أنظر , فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم , فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس , إنها من الطوافين عليكم والطوافات. أخرجه الأربعة.
قال ابن تيمية: وأما دخول هؤلاء في غير هذه الأوقات بغير استئذان فهو مأخوذ من قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58]، وفي ذلك دلالة على أن الطوافين يرخص فيهم ما لا يرخص في غير الطوافين عليكم والطوَّافات، والطوَّاف من يدخل بغير إذن، كما تدخل الهرة وكما يدخل الصبي والمملوك، وإذا كان هذا في الصبي المميز فغير المميز أولى. ويرخص في طهارته كما قال ذلك طائفة من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم في الصبيان والهرة وغيرهم: أنهم إن أصابتهم نجاسة أنها تطهر بمرور الريق عليها، ولا تحتاج إلى غسل؛ لأنهم من الطوافين كما أخبر به الرسول في الهرة مع علمه أنها تأكل الفأرة، ولم تكن بالمدينة مياه تردها السنانير ليقال طهر فمها بورودها الماء، فعلم أن طهارة هذه الأفواه لا تحتاج إلى غسل، فالاستئذان في أول السورة قبل دخول البيت مطلقاً، والتفريق في آخرها لأجل الحاجة؛لأن المملوك والصغير طوَّاف يحتاج إلى دخول البيت في كل ساعة، فشق استئذانه بخلاف المحتلم.
وقال برهان الدين ابن مفلح: ولعدم إمكان التحرز منها كحشرات الأرض كالحية .... "
وكلام السبق الذى نقله ابن تيمية كلام خاطىء فالطواف فى أية الاستئذان على الزوجين لا علاقة له بطواف القطط أو الهرر لأن ألآية تتحدث عن الناس فتبدا بقوله " يا أيها الذين آمنوا" فهى تخاطب بشرا وليست تخاطب الهررة
والمقصود بطواف الهررة أنه لا يمكن التحرز من عدم دخولها البيوت لأنها تدخل من الأبواب والشبابيك والسطوح وأما النماس فيدخلون من أبواب البيت أو باب الحجرة داخله
وتحدث عن علة النهي عن البول في الماء الدائم فقال :
"المطلب الثالث: الحكمة من النهي عن البول في الماء الدائم الذي لا يجري:
1 - ... ما قد يفضي له كثرة البول من الإفساد.
قال ابن تيمية: نهيه عن البول في الماء الدائم لا يدل على أنه ينجس بمجرد البول؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على ذلك بل قد يكون نهيه سداً للذريعة؛ لأن البول ذريعة إلى تنجيسه؛ فإنه إذا بال هذا ثم بال هذا تغير الماء بالبول فكان نهيه سداً للذريعة أو يقال: إنه مكروه بمجرد الطبع لا لأجل أنه ينجسه ..
2 - ... وكذلك ما يفضي له من الوسوسة.
قال ابن تيمية: و لما يؤدي إلى الوسواس كما نهى عن بول الرجل في مستحمه وقال: عامة الوسواس منه ونهيه عن الاغتسال قد جاء فيه أنه نهى - عن الاغتسال فيه بعد البول وهذا يشبه نهيه عن بول الإنسان في مستحمه. وقال: أما نهيه عن الاغتسال فيه بعد البول فهذا إن صح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فهو كنهيه عن البول في المستحم وقوله: {فإن عامة الوسواس منه} ; فإنه إذا بال في المستحم ثم اغتسل حصل له وسواس وربما بقي شيء من أجزاء البول فعاد عليه رشاشه وكذلك إذا بال في الماء ثم اغتسل فيه فقد يغتسل قبل الاستحالة مع بقاء أجزاء البول ; فنهي عنه لذلك. ونهيه عن الاغتسال في الماء الدائم إن صح يتعلق بمسألة الماء المستعمل وهذا قد يكون لما فيه من تقذير الماء على غيره ; لا لأجل نجاسته ولا لصيرورته مستعملا ; فإنه قد ثبت في الصحيح عنه أنه قال: {إن الماء لا يجنب}.
وقال ابن تيمية:
الثالث: أن النص إنما ورد في البول والبول أغلظ من غيره ; لأن أكثر عذاب القبر منه ; وصيانة الماء منه ممكنة لأنه يكون باختيار الإنسان فلما غلظ - وصيانة الماء عنه ممكنة - فرق بينه وبين ما يعسر صيانة الماء عنه ; وهو دونه. مجموع الفتاوى: 21/ 65
3 - ... ولأنه يتلف ماليته ويقلل من الانتفاع به في أمور كثيرة، حيث تعاف النفوس شربه والانتفاع به في طبخ ونحوه، وكذا النهي عن البول في المستحم خشية من رشاش البول لئلا يكون ذريعة للوسواس، وكذلك النهي عن الاغتسال في الماء الدائم.
4 - ... أما الطب الحديث فإنه يشير إلى إعجاز تشريعي في هذا المجال، حيث إن البول يحتوي على الكثير من الجراثيم والفيروسات والطفيليات التي تشكل خطراً كبيراً من مجرد ملامسة البول، ولأنه تنتشر العدوى بوجوده في الماء.
يقول أحمد الكنعان في معرض حديثه عن الحكمة من النهي عن البول في الماء الدائم: وواضح ما في هذا النهي من حكمة فالماء نعمة كبيرة يحسن بالعبد أن يحفظها من النجاسات، وبخاصة أن الماء وسط ملائم لنمو الجراثيم والطفيليات وتكاثرها، وإذا ما تلوث كان مصدر اًلانتشار الأمراض والأوبئة، ومن الجدير بالذكر أن مرض البلهارسيا ... يأتي في مقدمة الأمراض التي تنتقل إلى الإنسان من جراء استحمامه في مياه النهار، ويقدر أن في العالم اليوم أكثر من (200) مليون مصاب بالبلهارسيا، يموت منهم في كل عام عدة ملايين، وسبب انتشار هذا المرض هو تبول المصابين به في المياه، ووصول طفيليات المرض إلى القواقع التي تعيش في مياه الأنهار، وهي المضيف الوسيط لهذه الطفيليات التي تعود من جديد لتصيب الإنسان السليم عندما يخوض في المياه الملوثة"
وما سبق من حديث عن أسباب النهى عن البول فى الماء الراكد من كراهية النفس والوسوسة واتلاف المال وتشر الأمراض فالكثير منه ليس صحيح فكثرة التبول فى ماء راكد غير متغير يجعل رائحة البول الكريهة غالبة عليه لأنه واقف فى مكان لا شىء يغير من صفاته كما أن ذلك الماء غالبا ما يكون قليلا ومن ثم تتغير طبيعته السليمة إلى طبيعة ممرضة فتزداد نسبة الأملاح فى الماء وهى التى يتخلص منه الجسم أما أن رائحة المال تتغير من عدم وجود رائحة إلى غلبة رائحة البول عليه وحتى إذا كان الماء الراكد كثير نوع ما فإنه بمرور الوقت وكثرة المتبولين تتغير صفاته ولا يعود يصلح للتطهر
وتحدث عن علة غسل مكان شرب الكلب سبع مرات فقال :
"المطلب الرابع: الحكمة من الأمر بغسل ما ولغ الكلب فيه سبع مرات:
الحكمة من الأمر بغسل ما ولغ الكلب فيه سبع مرات أن لعاب الكلب يحتوي على جراثيم خطيرة تؤدي لأمراض فتاكة قاتلة مثل مرض السعار أو داء الكَلَب، ومرض الحويصلات المائية الخطير وغيرها.
وقد تكلم العلماء في الحكمة وبيانها على أقوال مختلفة فمنها:
قال ابن تيمية: حديث الأمر بإراقة الإناء من ولوغ الكلب؛ لأن الآنية التي يلغ فيها الكلب في العادة صغيرة ولعابه لزج يبقى في الماء ويتصل بالإناء فيراق الماء ويغسل الإناء من ريقه الذي لم يستحل بعد بخلاف ما إذا ولغ في إناء كبير وقد نقل حرب عن أحمد في كلب ولغ في جب كبير فيه زيت فأمره بأكله.
قد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي: ما الحكمة في تنجيس الكلب؟ فأجاب: الحكمة في تنجيس الكلب التنفير مما كان يعتاده أهل الجاهلية من القبائح كمؤاكلة الكلاب وزيادة إلفها ومخالطتها مع ما فيها من الدناءة والخسة المانعة لذوي المروآت وأرباب العقول من معاشرة ومخالطة من خالطها.
وبعض العلماء ذكر أن الحكمة تعبدية. وقول بعض العلماء بالتعبد لا ينفي الحكمة.
قال الخرشي: (قوله تعبداً) ومعنى التعبد كما قاله في التوضيح الحكم الذي لا يظهر له حكمة بالنسبة إلينا مع أنا نجزم أنه لابد من حكمة وذلك ; لأنا استقرينا عادة الله فوجدناه جالبا للمصالح دارئاً للمفاسد ..
وذهب بعض العلماء إلى أن النهي لحكمة لكنها خافية علينا ، وقد تظهر مع الأيام، وها هي تظهر لنا الآن من خلال معطيات الطب الحديث والمختبرات، وهذه الحكمة لا تمنع من وجود حكم أخرى غيرها، والله أعلم."
والحقيقة أن كل هذا الحديث قائم على روايات باطلة تتناقض مع إباحة الله للصيد الذى اصطادته الكلاب مع أنها تغرس أسنانها وتمس الصيد بلسانها فلو كان ما يمسكه بفمه غير طاهر ما أباح الله الكل من ذلك الصيد فقال :
"يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه"
فلو كانت الكلاب نجسة لطلب غسل الصيد سبع مرات ولكنه هذا غير مذكورة فى الآية
وحكاية الدراسات العلمية المزعومة لا أساس لها فى الأمر وإنما الناس يقترون الدراسات كما كانوا يغترون الأحاديث وهذا ليس قصر على من يحاول مدح شىء يظنه أنه من الشرع لأن الكفار يستدلون على قبح الشىء فى الشره بنفس الأمر وهو الدراسات العلمية والحقيقة أن شرع الله ليس بحاجة لتلك الدراسات
وتحدث عن غمس القائم من نوم الليل يده في الإناء قبل غسلها ثلاثاً فقال :
"المطلب الخامس: الحكمة من النهي عن غمس القائم من نوم الليل يده في الإناء قبل غسلها ثلاثاً:
وأما الحكمة في غسل اليد ففيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه خوف نجاسة تكون على اليد؛ مثل مرور يده موضع الاستجمار مع العرق؛ أو على زبلة ونحو ذلك.
والثاني: أنه تعبد ولا يعقل معناه.
والثالث: أنه من مبيت يده ملامسة للشيطان كما في الصحيحين عن أبي هريرة؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنشق بمنخريه من الماء؛ فإن الشيطان يبيت على خيشومه " فأمر بالغسل معللا بمبيت الشيطان على خيشومه؛ فعلم أن ذلك سبب للغسل عن النجاسة والحديث معروف. وقوله: " فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ " " يمكن أن يراد به ذلك؛ فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار. والشريعة جاءت في هذا الباب بتجنب الخبائث الجسمانية كما جاءت بتجنب الخبائث الروحانية مثل ما غمس فيه يد القائم من نوم الليل بعلة احتمال مماسة الشيطان لها، والأمر بالاستنشاق للقائم من نوم الليل بعلة أن الشيطان يبيت على خيشومه، لحديث أبي هريرة مرفوعاً: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه. أخرجه البخاري، وكذا النهي عن الصلاة في أماكن الأرواح الخبيثة كالحمام ومبارك الإبل."
وكل هذا الأحاديث لا اصح لم يقلها النبى(ص) والخطأ هو نوم الشيطان وعقده على القفا وتبوله فى أذن الإنسان وكل هذا يخالف أن الشيطان يوسوس فقط مصداق لقوله تعالى "من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
وأما أمر غسل اليدين قبل وضعه فى الإناء إن صح فالمعنى الخوف من أن اليد تكون قد وضعت فى مكان له روائح كريهة حيث هرشت أو دعكت جانبى الصفن أو المهبل حيث يتجمع العرق والتراب أو وضعت على مكان المهبل أو القضيب
وتحدث عن نهي العلماء عن استعمال ماء زمزم في إزالة النجاسة فقال :
"المطلب السادس: الحكمة في نهي العلماء عن استعمال ماء زمزم في إزالة النجاسة:
الحكمة في نهي العلماء عن استعمال ماء زمزم في إزالة النجاسة هو كونه طعاماً ومن تكريم الطعام عدم استعماله في ذلك، ومن دواعي دوام نعمة الله على العبد شركها وعدم إهانتها.
وفي صحيح مسلم مرفوعاً: (إنها طعام طعم) ، وعلى هذا فهذا النهي من العلماء مبني على نص صحيح."
وهو كلام بلا أصل فالماء وصفع الله كله بالماء الطهور فقال :
"وأنزل من السماء ماء طهورا"
وتحدث عن تحديد كمية الماء بالقتين فقال :
"المطلب السابع: الحكمة من تحديد الماء الكثير بالقلتين:
أن الغالب عليه أنه لا يحمل النجاسة، بخلاف القليل فهو مظنة الحمل.
قال ابن تيمية: وأما تخصيص القلتين بالذكر فإنهم سألوه عن الماء يكون بأرض الفلاة؛ وما ينوبه من السباع والدواب؛ وذلك الماء الكثير في العادة فبين صلى الله عليه وسلم أن مثل ذلك لا يكون فيه خبث في العادة بخلاف القليل فإنه قد يحمل الخبث وقد لا يحمله؛ فإن الكثيرة تعين على إحالة الخبث إلى طبعه وقيل: للمشقة؛ قال ابن تيمية: لأنه يشق حفظه من وقوع النجاسة فيه؛ لأنه غالباً يكون في الحياض والغدران والآبار؛ بخلاف القليل فإنه يكون في الأواني وهذا المعنى موجود في الجاري فإن حفظه من النجاسة أصعب من حفظ الدائم الكثير."
بالقطع ماء القلتين لابد أن يكون متجدد حتى لا يفسد وإلا كان مقدار القلتين متناقض مع فساد الماء الراكد وهو ماء البرك وبعضها يكون أكبر من قلتين كثيرا
المؤلف عبد الله بن مبارك آل سيف وهو يدور حول سبب أو علة الأحكام فى مسائل الماء وفى التمهيد تحدث عن أهداف التشريع فى قضايا الماء فقال :
"تمهيد في حكم التشريع:
وفيه مطالب:
الفصل الأول: حِكَم التشريع في باب المياه:
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: مقاصد التشريع في هذا الباب:
ضابط الحكم المذكورة: ما ورد فيها نص، إذ كلام الفقهاء لا يبحث له عنه حكمة؛ لأنه اجتهاد بخلاف النص فهو قطعي.
1 - من حكم الشارع في هذا الباب تطهير البدن من أنواع الأحداث والنجاسات ليتلاءم ذلك مع أمره بتطهير الباطن من أنواع المعاصي كما قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} فجمع بين طهارة البدن والقلب من النجاسات والمعاصي، وقال في طهارة البدن أيضاً {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} قال تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ،وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} وقال في طهارة القلب: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} "
والخطأ فى علة الطهارة هنا هو أن السيف استدل بحكم الصدقة وهى الزكاة فى التطهر البدنى ولا علاقة بينهما وهو قوله"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
وحتى صلاة النبى (ص)على المؤمنين غير متعلقة بالتطهر البدنى لأنها دعاءه بهم وهو الاستغفار لهم
وأيضا استشهاده بتطهير أهل البيت لا علاقة بالتطهر البدنى بالماء وهو قوله" إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"
وقد أورد السيغ كلام ابن تيمية فى طهارة البدن والقلب فقال:
"قال شيخ الإسلام: وذلك: أن الله أمر بطهارة القلب، وأمر بطهارة البدن، وكلا الطهارتين من الدين الذي أمر الله به وأوجبه ... فنجد كثيراً من المتفقهة والمتعبدة، إنما همته طهارة البدن فقط، ويزيد فيها على المشروع اهتماماً وعملاً ويترك من طهارة القلب ما أمر به؛ إيجاباً، أو استحباباً، ولا يفهم من الطهارة إلا ذلك ونجد كثيراً من المتصوفة والمتفقرة، إنما همته طهارة القلب فقط؛ حتى يزيد فيها على المشروع اهتماماً وعملاً؛ ويترك من طهارة البدن ما أمر به إيجاباً، أو استحباباً. فالأولون يخرجون إلى الوسوسة المذمومة في كثرة صب الماء، وتنجيس ما ليس بنجس، واجتناب ما لا يشرع اجتنابه مع اشتمال قلوبهم على أنواع من الحسد والكبر والغل لإخوانهم، وفي ذلك مشابهة بيِّنة لليهود والآخرون يخرجون إلى الغفلة المذمومة، فيبالغون في سلامة الباطن حتى يجعلون الجهل بما تجب معرفته من الشر - الذي يجب اتقاؤه - من سلامة الباطن، ولا يفرقون بين سلامة الباطن من إرادة الشر المنهي عنه، وبين سلامة القلب من معرفة الشر المعرفة المأمور بها، ثم مع هذا الجهل والغفلة قد لا يجتنبون النجاسات، ويقيمون الطهارة الواجبة مضاهاة للنصارى "
والخطأ فى كلام ابن تيمية هو القول باهتمام اليهود بطهارة البدن واهتمام النصارى بطهارة القلوب وتشبيهه الفقهاء باليهود وتشبيهه المتصوفة بالنصارى وهو حديث دون دليل من القرآن
وتحدث السيف عن اجتناب النجاسات مبينا من خلال نقل كلام ابن تيمية استحلال النصارى للنجاسات فقال :
"1 - ومنها: اجتناب النجاسات بأنواعها ليتلاءم ذلك مع أمره باجتناب المعاصي فيحصل الطهارة الكاملة من النوعين للبدن، والاجتناب يختلف عن التطهير بأن الاجتناب قبل الوقوع، والتطهير بعد الوقوع أو ملامسة النجاسة، ثم إن التطهير يشمل رفع الحدث وإزالة النجس.
قال شيخ الإسلام: لم تحلل لنا الخبائث كما استحلها النصارى؛ الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، فلا يجتنبون نجاسة، ولا يحرمون خبيثاً، بل غاية أحدهم أن يقول طهر قلبك وصلِّ واليهودي إنما يعتني بطهارة ظاهره لا قلبه كما قال تعالى عنهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} وأما المؤمنون فإن الله طهر قلوبهم وأبدانهم من الخبائث، وأما الطيبات فأباحها لهم والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى"
وإصرار السيف المنقول من إصرار ابن تيمية على استحلال النصارى للخبائث كلام بلا دليل وإنما منهم كما من اليهود فريق من المؤمنين وهم المسلمين الذين أطاعوا أحكام الله معتبرين طهارة البدن والقلب معا كما قال تعالى :
إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
فمن اليهود والنصارى فريق فى الجنة وهم المسلمون منهم وكتب النصارى المعروفة حاليا تتحدث عن طهارة البدن والقلب معا كما فى قول العهد الجديد :
وتحدث فى الفصل التالى عن حكمة التطهر بالماء فقال :
" المبحث الثاني: أسرار التشريع في مسائل الباب:
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الحكمة من تفضيل الماء في التطهير:
الحكمة من تفضيل الماء في التطهير قوة الماء ، ونفوذه وسريانه وقدرته على إزالة النجاسات، بخلاف غيره من المائعات، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عطية بن عروة العوفي السعدي رضي الله عنه: " الغضب من الشيطان وإن الشيطان من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ". أخرجه أحمد وأبو داود .
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء. متفق عليه .
قال شيخ الإسلام: وكذلك الشهوة الغالبة هي من الشيطان، والنار والوضوء يطفئها، فهو يطفئ حرارة الغضب. والوضوء من هذا مستحب. وكذلك أمره بالوضوء مما مسته النار أمر استحباب لأن ما مسته النار يخالط البدن فليتوضأ. فإن النار تطفأ بالماء. وهذا كله يدل على قوة الماء وتأثيره."
والأحاديث التى استشهد بها السيف على قدرة الماء على إزالة النجاسات ليس فيها جملة تفيد ذلك فالغضب ليس نجاسة بدنية والحمى ليست نجاسة بدنية كما ذكر الحديثين وكلاهما لا يصح لوجود غضب لله هو من الله والحمى ليست من جهنم وهى النار لأن جهنم الموعودة فى السماء كما قال تعالى :
" وفى السماء رزقكم وما توعدون"
بينما الحمى فى الأرض ولا علاقة بين شىء سماوى حاليا وشىء أرضى وهو المرض
ثم قال عن لحوم الإبل :
وقال: لحوم الإبل فإنها حلال بالكتاب والسنة والإجماع، ولكن فيها من القوة الشيطانية ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " إنها جن خلقت من جن " أخرجه أحمدوالبيهقي .
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود: " الغضب من الشيطان وإن الشيطان من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " فأمر بالتوضؤ من الأمر العارض من الشيطان، فأكل لحمها يورث قوة شيطانية تزول بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحمها كما صح ذلك عنه من غير وجه. "
وحديث أن الإبل جن خلقت من الجن النارى يكذبه أنها مخلوقات أرضية
ونجد الرجل لكى يثبت مقالته فى فوائد التطهر قال:
"وقد أجرى الطبيب مصطفى شحادة وزملاؤه دراسة طبية على مجموعتين متطوعتين: إحداهما يواظب أفرادها على الوضوء وأداء الصلاة، والأخرى من غير المصلين، فأخذت مسحات من أنوف هؤلاء وأولئك ودرست جرثومياً، فأظهرت النتائج أن الأنف عند مجموعة المصلين في حالة سليمة، بينما وجدت في جميع المسحات التي أخذت من غير المصلين زمر جرثومية مختلفة بكثافة عالية، ويذكر تاريخ الطب أنه في عام 1963 م حدث في مدينة دندي بإنجلترا وباء بالحمى التيفية أثار قلق السلطات الصحية وفزعها، فصدرت تعليمات مشددة بوجوب الاستنجاء بالماء بعد التبرز، والامتناع عن استخدام مناديل الحمامات، وصدرت التعليمات على النحو الآتي: (النظافة الشخصية تكون كما يفعل المسلمون، وليس بالأوراق التي في دورات المياه) وما هي إلا أيام حتى تراجع الوباء وانتهت المشكلة، وفي هذا دليل ناصع على حكمة التشريع في استعمال الماء.
وقوة الماء يشهد بها الواقع في السيول التي تجرف كل ما أتت عليه، وتنظف الأرض مما عليها من النجاسات، وتقتلع الأشجار، وتسبب الفيضانات الهائلة، وليس هذا لغير الماء، وقد فطر الإنسان من بر وفاجر على هذا حيث يزيل ما أصابه من قذر ونجاسة بالماء، وليس بغيره من المائعات.
وحتى لو استخدم غير الماء في إزالة النجاسة أو تخفيفها فإن المرء لا يجد بدَّاً من إتباعه بالماء"
ومما لاشك فيه أن التطهر بالماء مفيد للناس فى حياتهم وقد تحدث عن علة إباحة الشرب من بقايا الماء الذى شربت منه القطة فقال :
" المطلب الثاني: الحكمة من العفو عن سؤر الهرة:
الحكمة من العفو عن سؤر الهرة لكثرة طوفانها على الناس ليلاً ونهاراً، وعلى فرشهم وثيابهم وأطعمتهم فلو قيل بنجاستها لكان فيه مشقة كبيرة
وقد ورد العفو عنها في الحديث الصحيح فعن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءاً , فجاءت هرة تشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت منه , قالت كبشة: فرآني أنظر , فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم , فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس , إنها من الطوافين عليكم والطوافات. أخرجه الأربعة.
قال ابن تيمية: وأما دخول هؤلاء في غير هذه الأوقات بغير استئذان فهو مأخوذ من قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58]، وفي ذلك دلالة على أن الطوافين يرخص فيهم ما لا يرخص في غير الطوافين عليكم والطوَّافات، والطوَّاف من يدخل بغير إذن، كما تدخل الهرة وكما يدخل الصبي والمملوك، وإذا كان هذا في الصبي المميز فغير المميز أولى. ويرخص في طهارته كما قال ذلك طائفة من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم في الصبيان والهرة وغيرهم: أنهم إن أصابتهم نجاسة أنها تطهر بمرور الريق عليها، ولا تحتاج إلى غسل؛ لأنهم من الطوافين كما أخبر به الرسول في الهرة مع علمه أنها تأكل الفأرة، ولم تكن بالمدينة مياه تردها السنانير ليقال طهر فمها بورودها الماء، فعلم أن طهارة هذه الأفواه لا تحتاج إلى غسل، فالاستئذان في أول السورة قبل دخول البيت مطلقاً، والتفريق في آخرها لأجل الحاجة؛لأن المملوك والصغير طوَّاف يحتاج إلى دخول البيت في كل ساعة، فشق استئذانه بخلاف المحتلم.
وقال برهان الدين ابن مفلح: ولعدم إمكان التحرز منها كحشرات الأرض كالحية .... "
وكلام السبق الذى نقله ابن تيمية كلام خاطىء فالطواف فى أية الاستئذان على الزوجين لا علاقة له بطواف القطط أو الهرر لأن ألآية تتحدث عن الناس فتبدا بقوله " يا أيها الذين آمنوا" فهى تخاطب بشرا وليست تخاطب الهررة
والمقصود بطواف الهررة أنه لا يمكن التحرز من عدم دخولها البيوت لأنها تدخل من الأبواب والشبابيك والسطوح وأما النماس فيدخلون من أبواب البيت أو باب الحجرة داخله
وتحدث عن علة النهي عن البول في الماء الدائم فقال :
"المطلب الثالث: الحكمة من النهي عن البول في الماء الدائم الذي لا يجري:
1 - ... ما قد يفضي له كثرة البول من الإفساد.
قال ابن تيمية: نهيه عن البول في الماء الدائم لا يدل على أنه ينجس بمجرد البول؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على ذلك بل قد يكون نهيه سداً للذريعة؛ لأن البول ذريعة إلى تنجيسه؛ فإنه إذا بال هذا ثم بال هذا تغير الماء بالبول فكان نهيه سداً للذريعة أو يقال: إنه مكروه بمجرد الطبع لا لأجل أنه ينجسه ..
2 - ... وكذلك ما يفضي له من الوسوسة.
قال ابن تيمية: و لما يؤدي إلى الوسواس كما نهى عن بول الرجل في مستحمه وقال: عامة الوسواس منه ونهيه عن الاغتسال قد جاء فيه أنه نهى - عن الاغتسال فيه بعد البول وهذا يشبه نهيه عن بول الإنسان في مستحمه. وقال: أما نهيه عن الاغتسال فيه بعد البول فهذا إن صح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فهو كنهيه عن البول في المستحم وقوله: {فإن عامة الوسواس منه} ; فإنه إذا بال في المستحم ثم اغتسل حصل له وسواس وربما بقي شيء من أجزاء البول فعاد عليه رشاشه وكذلك إذا بال في الماء ثم اغتسل فيه فقد يغتسل قبل الاستحالة مع بقاء أجزاء البول ; فنهي عنه لذلك. ونهيه عن الاغتسال في الماء الدائم إن صح يتعلق بمسألة الماء المستعمل وهذا قد يكون لما فيه من تقذير الماء على غيره ; لا لأجل نجاسته ولا لصيرورته مستعملا ; فإنه قد ثبت في الصحيح عنه أنه قال: {إن الماء لا يجنب}.
وقال ابن تيمية:
الثالث: أن النص إنما ورد في البول والبول أغلظ من غيره ; لأن أكثر عذاب القبر منه ; وصيانة الماء منه ممكنة لأنه يكون باختيار الإنسان فلما غلظ - وصيانة الماء عنه ممكنة - فرق بينه وبين ما يعسر صيانة الماء عنه ; وهو دونه. مجموع الفتاوى: 21/ 65
3 - ... ولأنه يتلف ماليته ويقلل من الانتفاع به في أمور كثيرة، حيث تعاف النفوس شربه والانتفاع به في طبخ ونحوه، وكذا النهي عن البول في المستحم خشية من رشاش البول لئلا يكون ذريعة للوسواس، وكذلك النهي عن الاغتسال في الماء الدائم.
4 - ... أما الطب الحديث فإنه يشير إلى إعجاز تشريعي في هذا المجال، حيث إن البول يحتوي على الكثير من الجراثيم والفيروسات والطفيليات التي تشكل خطراً كبيراً من مجرد ملامسة البول، ولأنه تنتشر العدوى بوجوده في الماء.
يقول أحمد الكنعان في معرض حديثه عن الحكمة من النهي عن البول في الماء الدائم: وواضح ما في هذا النهي من حكمة فالماء نعمة كبيرة يحسن بالعبد أن يحفظها من النجاسات، وبخاصة أن الماء وسط ملائم لنمو الجراثيم والطفيليات وتكاثرها، وإذا ما تلوث كان مصدر اًلانتشار الأمراض والأوبئة، ومن الجدير بالذكر أن مرض البلهارسيا ... يأتي في مقدمة الأمراض التي تنتقل إلى الإنسان من جراء استحمامه في مياه النهار، ويقدر أن في العالم اليوم أكثر من (200) مليون مصاب بالبلهارسيا، يموت منهم في كل عام عدة ملايين، وسبب انتشار هذا المرض هو تبول المصابين به في المياه، ووصول طفيليات المرض إلى القواقع التي تعيش في مياه الأنهار، وهي المضيف الوسيط لهذه الطفيليات التي تعود من جديد لتصيب الإنسان السليم عندما يخوض في المياه الملوثة"
وما سبق من حديث عن أسباب النهى عن البول فى الماء الراكد من كراهية النفس والوسوسة واتلاف المال وتشر الأمراض فالكثير منه ليس صحيح فكثرة التبول فى ماء راكد غير متغير يجعل رائحة البول الكريهة غالبة عليه لأنه واقف فى مكان لا شىء يغير من صفاته كما أن ذلك الماء غالبا ما يكون قليلا ومن ثم تتغير طبيعته السليمة إلى طبيعة ممرضة فتزداد نسبة الأملاح فى الماء وهى التى يتخلص منه الجسم أما أن رائحة المال تتغير من عدم وجود رائحة إلى غلبة رائحة البول عليه وحتى إذا كان الماء الراكد كثير نوع ما فإنه بمرور الوقت وكثرة المتبولين تتغير صفاته ولا يعود يصلح للتطهر
وتحدث عن علة غسل مكان شرب الكلب سبع مرات فقال :
"المطلب الرابع: الحكمة من الأمر بغسل ما ولغ الكلب فيه سبع مرات:
الحكمة من الأمر بغسل ما ولغ الكلب فيه سبع مرات أن لعاب الكلب يحتوي على جراثيم خطيرة تؤدي لأمراض فتاكة قاتلة مثل مرض السعار أو داء الكَلَب، ومرض الحويصلات المائية الخطير وغيرها.
وقد تكلم العلماء في الحكمة وبيانها على أقوال مختلفة فمنها:
قال ابن تيمية: حديث الأمر بإراقة الإناء من ولوغ الكلب؛ لأن الآنية التي يلغ فيها الكلب في العادة صغيرة ولعابه لزج يبقى في الماء ويتصل بالإناء فيراق الماء ويغسل الإناء من ريقه الذي لم يستحل بعد بخلاف ما إذا ولغ في إناء كبير وقد نقل حرب عن أحمد في كلب ولغ في جب كبير فيه زيت فأمره بأكله.
قد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي: ما الحكمة في تنجيس الكلب؟ فأجاب: الحكمة في تنجيس الكلب التنفير مما كان يعتاده أهل الجاهلية من القبائح كمؤاكلة الكلاب وزيادة إلفها ومخالطتها مع ما فيها من الدناءة والخسة المانعة لذوي المروآت وأرباب العقول من معاشرة ومخالطة من خالطها.
وبعض العلماء ذكر أن الحكمة تعبدية. وقول بعض العلماء بالتعبد لا ينفي الحكمة.
قال الخرشي: (قوله تعبداً) ومعنى التعبد كما قاله في التوضيح الحكم الذي لا يظهر له حكمة بالنسبة إلينا مع أنا نجزم أنه لابد من حكمة وذلك ; لأنا استقرينا عادة الله فوجدناه جالبا للمصالح دارئاً للمفاسد ..
وذهب بعض العلماء إلى أن النهي لحكمة لكنها خافية علينا ، وقد تظهر مع الأيام، وها هي تظهر لنا الآن من خلال معطيات الطب الحديث والمختبرات، وهذه الحكمة لا تمنع من وجود حكم أخرى غيرها، والله أعلم."
والحقيقة أن كل هذا الحديث قائم على روايات باطلة تتناقض مع إباحة الله للصيد الذى اصطادته الكلاب مع أنها تغرس أسنانها وتمس الصيد بلسانها فلو كان ما يمسكه بفمه غير طاهر ما أباح الله الكل من ذلك الصيد فقال :
"يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه"
فلو كانت الكلاب نجسة لطلب غسل الصيد سبع مرات ولكنه هذا غير مذكورة فى الآية
وحكاية الدراسات العلمية المزعومة لا أساس لها فى الأمر وإنما الناس يقترون الدراسات كما كانوا يغترون الأحاديث وهذا ليس قصر على من يحاول مدح شىء يظنه أنه من الشرع لأن الكفار يستدلون على قبح الشىء فى الشره بنفس الأمر وهو الدراسات العلمية والحقيقة أن شرع الله ليس بحاجة لتلك الدراسات
وتحدث عن غمس القائم من نوم الليل يده في الإناء قبل غسلها ثلاثاً فقال :
"المطلب الخامس: الحكمة من النهي عن غمس القائم من نوم الليل يده في الإناء قبل غسلها ثلاثاً:
وأما الحكمة في غسل اليد ففيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه خوف نجاسة تكون على اليد؛ مثل مرور يده موضع الاستجمار مع العرق؛ أو على زبلة ونحو ذلك.
والثاني: أنه تعبد ولا يعقل معناه.
والثالث: أنه من مبيت يده ملامسة للشيطان كما في الصحيحين عن أبي هريرة؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنشق بمنخريه من الماء؛ فإن الشيطان يبيت على خيشومه " فأمر بالغسل معللا بمبيت الشيطان على خيشومه؛ فعلم أن ذلك سبب للغسل عن النجاسة والحديث معروف. وقوله: " فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ " " يمكن أن يراد به ذلك؛ فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار. والشريعة جاءت في هذا الباب بتجنب الخبائث الجسمانية كما جاءت بتجنب الخبائث الروحانية مثل ما غمس فيه يد القائم من نوم الليل بعلة احتمال مماسة الشيطان لها، والأمر بالاستنشاق للقائم من نوم الليل بعلة أن الشيطان يبيت على خيشومه، لحديث أبي هريرة مرفوعاً: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه. أخرجه البخاري، وكذا النهي عن الصلاة في أماكن الأرواح الخبيثة كالحمام ومبارك الإبل."
وكل هذا الأحاديث لا اصح لم يقلها النبى(ص) والخطأ هو نوم الشيطان وعقده على القفا وتبوله فى أذن الإنسان وكل هذا يخالف أن الشيطان يوسوس فقط مصداق لقوله تعالى "من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
وأما أمر غسل اليدين قبل وضعه فى الإناء إن صح فالمعنى الخوف من أن اليد تكون قد وضعت فى مكان له روائح كريهة حيث هرشت أو دعكت جانبى الصفن أو المهبل حيث يتجمع العرق والتراب أو وضعت على مكان المهبل أو القضيب
وتحدث عن نهي العلماء عن استعمال ماء زمزم في إزالة النجاسة فقال :
"المطلب السادس: الحكمة في نهي العلماء عن استعمال ماء زمزم في إزالة النجاسة:
الحكمة في نهي العلماء عن استعمال ماء زمزم في إزالة النجاسة هو كونه طعاماً ومن تكريم الطعام عدم استعماله في ذلك، ومن دواعي دوام نعمة الله على العبد شركها وعدم إهانتها.
وفي صحيح مسلم مرفوعاً: (إنها طعام طعم) ، وعلى هذا فهذا النهي من العلماء مبني على نص صحيح."
وهو كلام بلا أصل فالماء وصفع الله كله بالماء الطهور فقال :
"وأنزل من السماء ماء طهورا"
وتحدث عن تحديد كمية الماء بالقتين فقال :
"المطلب السابع: الحكمة من تحديد الماء الكثير بالقلتين:
أن الغالب عليه أنه لا يحمل النجاسة، بخلاف القليل فهو مظنة الحمل.
قال ابن تيمية: وأما تخصيص القلتين بالذكر فإنهم سألوه عن الماء يكون بأرض الفلاة؛ وما ينوبه من السباع والدواب؛ وذلك الماء الكثير في العادة فبين صلى الله عليه وسلم أن مثل ذلك لا يكون فيه خبث في العادة بخلاف القليل فإنه قد يحمل الخبث وقد لا يحمله؛ فإن الكثيرة تعين على إحالة الخبث إلى طبعه وقيل: للمشقة؛ قال ابن تيمية: لأنه يشق حفظه من وقوع النجاسة فيه؛ لأنه غالباً يكون في الحياض والغدران والآبار؛ بخلاف القليل فإنه يكون في الأواني وهذا المعنى موجود في الجاري فإن حفظه من النجاسة أصعب من حفظ الدائم الكثير."
بالقطع ماء القلتين لابد أن يكون متجدد حتى لا يفسد وإلا كان مقدار القلتين متناقض مع فساد الماء الراكد وهو ماء البرك وبعضها يكون أكبر من قلتين كثيرا