رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب فن التعامل مع الناس
مؤلف الكتاب عبدالرحمن بن فؤاد الجار الله وهو يدور حول موضوع التعامل مع الغير من الناس وفى هذا قال المؤلف :
"وبعد:فإن موضوع فن التعامل مع الإنسان - كبير جدا - تعتني به كل الشعوب في العالم ومن بينها الشعوب الإسلامية ولدى الغربيين معاهد خاصة يدرس فيها ما يسمى بالمهارات الاجتماعية كيف يتحدث الإنسان؟ كيف يكسب الثقة بنفسه؟ كيف يكون لبقا في الحديث مع الناس؟ والإسلام فيه الكثير من كنوز الآداب ومنها آداب التعامل وقد أعطينا القدوة من الأنبياء (ص)وخاتمهم رسول الله (ص)ولكن المسلمين لم يستطيعوا أن يستفيدوا منها ولم يتجاوزوا حتى الآن مرحلة التنظير (مرحلة الفكر) يقال: من آداب الصحبة كذا ومن آداب العشرة كذا ومن آداب الحديث كذا وقليل من الناس من يتدرب ويدرب قومه فليس هناك تدريب عملي إلا نادرا فالقالب هو التعليم وليس التربية والتدريب العملي هو المطلوب "
ووجهة نظر الرجل على التدريب هو ضرب من الخبل فالمفروض أن نتعلم الأحكام ونتعامل بها عندما تقابلنا أحداثها في حياتنا فالتدريب لا يفيد وإنما تفيد المعرفة وتطبيقها عن وجود ظرفها وهو حالها فمثلا كيف سنتدرب على ضرب الأخر أو قتله تطبيقا لقوله تعالى " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"
وكيف نتدرب مثلا على الجماع مع الزوجة وهى ليست موجودة
واستهل المؤلف بالحديث عن اختلاف الطباع وأساليب التعامل فقال :
"أولا:اختلاف الطباع وأساليب التعامل:
الناس منذ خلقهم الله وهم مختلفو الطبائع والرغبات والميول روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال:"الناس معادن كمعادن الفضة والذهب خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"
الخطأ في الحديث كون الناس معادن كالفضة والذهب فقط وهما معدنان ثمينان فأين المعادن الرخيصة التى تمثل الكفار لأن هذان يمثلان المسلمين
ثم أورد الحديث :
"وعن أبي موسى الأشعري أن الرسول (ص)قال:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب"
والخطأ في الحديث أن سبب سهولة وحزن وخبث وطيب الإنسان هو طينة الأرض المخلوق منها ويخالف هذا أن سبب السهولة والطيبة أو الحزن والخبث هو مشيئة الإنسان مصداق لقوله تعالى "الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "والخطأ الأخر قبض الله قبضة من كل الأرض خلق منها أدم (ص)ويخالف هذا أن الله لا يحل فى مكان لأنه لو فعل ذلك لأشبه خلقه وهو ما يخالف قوله تعالى بسورة الشورى "ليس كمثله شىء "
ثم قال :
وتمثل بعض الشعراء بهذا المعنى فقال:
الناس كالأرض ومنها هم *** فمن خشن الطبع ومن لين
فجندل تدمى به أرجل *** وإثمد يوضع في الأعين
ويعلم بداهة أن معاملة هذه الاختلافات معاملة واحدة لا يستقيم فما يلائم هذا لا يناسب ذاك، وما يحسن مع هذا لا يجمل مع غيره لذا قيل
خاطبوا الناس على قدر عقولهم ) فكان شأنه (ص)في تربية أصحابه وتعليمهم أن يراعي أحوال من يتعامل معهم وينزل الناس منازلهم ففي فتح مكة أمر الرسول (ص)المنادي أن يعلن في الناس أن من دخل المسجد الحرام فهو آمن ومن دخل بيته فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ألا ترى أن دار أبي سفيان لم يكن لها ما يميزها عن دور أهل مكة وأن دخول هذه الدار أو غيرها سيان ؟ "
هذا الكلام يتعارض مع روايات تاريخية تبيح دم بعض الكفار مهما دخلوا من بيوت ثم قال :
"ومنها توزيعه (ص)بعض أموال الغنائم والفيء على أناس دون أناس وكذلك تقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كل بحسبه، فما أوكل إلى حسان غير ما أوكل إلى معاذ ويصح ذلك مع أبي بكر وعمر و صهيب وخالد وبقية الصحابة إنها المعرفة بنفسيات الناس وما يطيقون وما يحبون ومعرفة الدخول إلى قلوبهم "
الروايات عن التوزيع دون وجه عدل من الله لا تصح فالله طالبه أن يعطى المهاجرين أولا لفقدهم بيوتهم وأموالهم في سبيل الله وهذا ليعدل ميزان الثروات في المجتمع وبعد هذا أمره أن يعطى الكل
ثم قال عن معاملة الإنسان:
"ثانيا:التعامل مع الإنسان:
الإنسان كما هو معلوم مكون من عدة قضايا فهو ليس آلة من الآلات وإنما هو إنسان بروحه وجسمه وعقله ومشاعره وهو محتاج لتغذية هذه الأمور كلها وبعض الناس يخطئون عندما يتعاملون مع الإنسان في الجانب الدعوي مثلا: إذ يتعاملون مع الفكر فقط أو الفعل فقط دون أن يهتموا بمشاعر الإنسان الذي يتعاملون معه كأصحاب المصانع الذين يتعاملون مع الجسم: كم ينتج ؟ كم ساعة يعمل ؟ ويهملون جانب الفكر وجانب العقل وجانب المشاعر
كثير من الناس يهملون جوانب وقضايا من قضايا التعامل مع الإنسان ولكن لابد من التركيز عليها كاملة حتى يكون التعامل مع الإنسان شاملا ومؤثرا هذا التعامل الذي أكتب عنه يختلف الأثر الناتج عنه بحسب محتوى الكلام أو طريقة الكلام أو السلوك المصاحب للكلام فقد يقول إنسان كلاما معينا تحس منه أن هذا الإنسان يقوله من قلبه وآخر يقول الكلام نفسه غير أنك تحس أنه يقوله من فمه شخص يقول: جزاك الله خيرا وثان يقول: الله يجزيك الخير وثالث يقول: جزاك الله خيرا
فستشعر أن الثاني والثالث يقولان الكلمة من قلبيهما وهذا يحتاج إلى تدريب وإلى ممارسة فإنسان يكلمك وهو ينظر إليك فهو يحترمك ويقدرك فهذا يختلف عن إنسان يكلمك وهو ينظر إلى ورقة أمامه أو إلى مكان آخر حتى إذا سكت عن الحوار قال لك: تفضل أكمل وهو ينظر إلى الأرض مثلا إن هذا غير مهتم بك تلك أمثلة متعلقة بالسلوك المصاحب للكلام
وهناك أمثلة تتعلق بمحتوى الكلام أو طريقته أو كيفية التعامل العملي مع الناس تأتي ـ إن شاء الله ـ ضمن البحث والمهم أن يتم التدريب العملي على كيفية التعامل "
الخطأ أن عدم النظر أثناء الكلام يعنى عدم الاحترام والتقدير وهو ما يخالف مثلا كون الذكر مطلوب منه غض النظر عن النساء عند كلامهم والعكس صحيح كما قال تعالى :
" وقل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم" و"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن"
كما أن غض النظر أحيانا يعتبر من ضمن احترام الآباء والكبار وتقضية المهام للفرد من الموظف أو غيره وهو منشغل بشىء أخر هو احترام وتقدير
إنما عدم الاحترام وعدم التقدير في منع المرء حقه وآذاه ثم قال:
وتحدث عن الدوافع التي تحرك المسلم إلى حسن التعامل
ثالثا:الدوافع التي تحرك المسلم إلى حسن التعامل:
أولا: أن يكون من خير الناس أو خيرهم:
فالمسلم يبحث عن رضا الله ومحبته وأن تتحقق الخيرية في نفسه ويكون من خير الناس أو خيرهم يقول الرسول (ص):"خير الناس أحسنهم خلقا" فالمسلم لا يحسن خلقه ليكسب مصلحة إنما لكسب رضا الله عز وجل وهنا تستمر الأخلاق سواء رضي الناس أم لم يرضوا تحسنت العلاقة أم لم تتحسن كسب الود أم لم يكسب فالأجر ثابت على أية حال وهذا هو ضمان الاستمرارية ويقول (ص)" إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار"ويقول الرسول (ص):"المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس"
يوجد دافع واحد لدى المسلم عندما يعامل الناس بالحسنى أو حتى بالضرر وهو طاعة الله لدخول الجنة وروايات الدرجات لا تصح لكونهن درجتين فقط في الجنة الأولى لا يبلغها أحد مهما فعل إلا بعمل واحد وهو الجهاد والثانية مهما أكثرت من العمل لن تبلغها طالما لم تجاهد وفى هذا قال تعالى:
"وفضل الله المجاهدين بأموالهم ,انفسهم على القاعدين درجة"
وتحدث عن الأخلاق الحسنة فقال :
"ثانيا: الأخلاق الحسنة مأمور بها :
إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتزم الحكمة في التعامل مع الناس وهذا عين العقل يقول الله عز وجل: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "
والموعظة الحسنة هي محتوى الكلام الذي يدعو إلى شيء طيب وقد وصف الله تعالى رسوله (ص)بأنه لين الجانب وهو إن لم يكن كذلك لخسر الناس ولانفضوا من حوله وهم الصحابة وهو الرسول(ص)فلم يقل (ص)من أراد فليأت ومن لم يرد فلا يهمنا أمره إنما كان حريصا عليهم يقول تعالى:"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" أي لو كنت يا محمد يا رسول الله فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " فإن من وسائل المعاملة الحسنة: أن تعفو عنهم وتستغفر لهم أي: أن تتجاوز عن الأخطاء وتغض الطرف عنها وتستغفر لهم فتلك وسيلة من وسائل تشجيعهم وتنمية السلوك الطيب فيهم وتشاورهم في الأمر أي: تحترم رأيهم وتقدرهم وتعطيهم شيئا من القيمة عندما تتعامل معهم فما أسهل الناس وأنت تشاورهم وما أقربهم منك وأنت تقدرهم يقول ميمون بن مهران:"التودد إلى الناس نصف العقل " فالذي يتودد إلى الناس يعتبر مسلكه هذا نصف العقل ولكن بشرط أن يكون ودودا وعاقلا "
ثم تحدث عن القواعد الثابتة في التعامل فقال :
"رابعا:قواعد ثابتة في التعامل:
هناك قواعد ثابتة ومشتركة بين كل شعوب العالم وهي تنطلق من الفطرة يستوي التعامل فيها مع المسلم وغيره لنتعلم هذه القواعد أو بعضها حتى نمارسها عمليا وقد تمتد تلك الممارسة إلى سنوات حتى نتخلص من طبع سيء يكرهه الناس أو نكتسب طبعا طيبا يحبه الناس "
قطعا لا يوجد شىء اسمه الفطرة يولد به الفرد لأن الإنسان يولد جاهلا تماما ليس في نفسه أى شىء وفى هذا قال تعالى:
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ثم قال :
فمن هذه القواعد المشتركة:
1ـ أن حديثنا وموضوعنا عن التعامل مع الأسوياء من الناس أما الشواذ فتكون لهم معالجة فردية فالسوي من إذا أكرمته عرف المعروف والشاذ من يتمرد إذا أنت أكرمته
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
2ـ تختلف طريقة التعامل تبعا لاختلاف العلاقة: الوالد مع ولده الزوج مع زوجته الرئيس مع مرؤوسه والعكس
3ـ أن التعامل يتغير باختلاف الأفهام والعقول فالرجل الذكي الفاهم الواعي تختلف طريقة تعامله عن الشخص الآخر المحدود العقل المحدود الفهم المحدود العلم فالحديث معه يكون مناسبا لطبيعته وقدرته على الفهم
4ـ يختلف أسلوب التعامل أيضا باختلاف الشخصية فطريقة التعامل من شخص شكاك وحساس تختلف عنها مع شخص سوي فالطريقة تختلف باختلاف الشخصيات والصفات التي تكون بارزة فيهم "
لقد راعى شرع الله كل ذلك وغيره فحدد لكل تعامل أحكام ولم يتركه لنا كى يفعل كل واحد ما يريد ثم حدثنا عن الطعم المناسب هو الذي يصطاد السمك فقال:
"خامسا: الطعم المناسب هو الذي يصطاد السمك:
يقول المؤلف دايل كارنيجي:"من هواياتي أن اصطاد السمك وبمقدوري أن أجعل الطعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة لكني أفضل استعمالي طعوم الديدان على الدوام ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة فالسمك هو الذي سيلتهم الطعم وهو يفضل الديدان فإذا أردت اصطياده قدمت له ما يرغب فيه
والآن لماذا لا نجرب الطعوم مع الناس ؟
لقد سئل لويد جورج السياسي البريطاني الداهية عما أبقاه في دفة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوربية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله فقال: ( إنني ألائم بين ما أضعه في السنارة وبين نوع السمك )
والواقع أن "الطعم" هذا مهم للغاية ذلك أن علاقتك مع الآخرين تهمهم أيضا بقدر ما تهمك أنت فحين تتحدث إليهم حاول أن تنظر بعيونهم وتعبر عما في نفسك من زاويتهم وبمعنى آخر أبد لهم اهتمامك بهم أكثر من اهتمامك بمصلحتك الشخصية اجعلهم يتحمسون لما تريد منهم أن يفعلوه عن طريق اتخاذ الموقف من جانبهم "
المؤلف هنا يستشهد بكفرة كى يعلمنا ما يظن أنه الإسلام وهو كلام باطل فما قاله الكافران هو ممارسة للنفاق المجتمعى وهو امر محرم لأن الغرض هو الحصول على رضا الناس وموافقتهم بينما الغرض عندنا رضا الله وليس الناس
وتحدث عما سماه أساليب التعامل مع الناس فقال :
"سادسا:أساليب التعامل مع الناس :
في هذا العنصر أتطرق إلى بعض القضايا التي يحبها الناس وبعض القضايا التي يكرهونها وتؤثر فيهم سلبا و إيجابا وهذه الأساليب تجارب ناجحة لأن قدوتنا فيها هو نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وهذه الأساليب لها شواهد من السنة ومن الواقع المجرب أذكر منها مايناسب فمنها:
1ـ الناس يكرهون النصيحة في العلن :
لا يختلف اثنان في أن النصيحة في العلن يكرهها الناس لأن كل الناس يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم كل الناس مسلمهم وكافرهم ولكن أخذ الفرد ونصحه على انفراد أدعى للقبول وأدعى لفهم المسألة "
هذا الكلام باطل فافسلام أمرنا أن ،امر بالمعروف والنهى عن المنكر فمثلا لو أردنا أن نمنع واحد من ضرب أخر بعد أن ضربه مرة فسنقول له علنا وجهرا بل نجرى ونمسكه كى لا يضرب الأخر
السرية تكون عندما تكن الأحداث لم يحضرها احد سوى الناصح وأما عندما يكون ألمر أمام الناس فالنصيحة يجب أن تكون علنية أمر بالمعروف ونهيا عن المنكر
زد على هذا أننا لو استخدمنا هذا الأسلوب في التعليم فيجب على المعلم الا يقول لتلميذ أنت مخطىء في الجمع أو في الطرح أو في التعليل ويأخذه خارج الفصل ليقول هذا خطأ ولو سكت فلم يعلم التلاميذ الأخرين أن ما قام به الزميل ليس خطا فسيعرفون انه صحيح ويكون التعليم قد فسد
ولماذا لا نذهب بعيدا والله أعلن النصيحة في أمر الأعمى وامر العفو عن المنافقين وغيرهم علنا مع أن المخطىء هو الرسول(ص) فالنصيحة جاءت علنية للتعليم وليست للفضيحة مثلا ثم قال :
2ـ لا تلم أحدا عساك ألا تلام ( لا تكثر من لوم الناس ):
الناس يكرهون من يؤنب ويوبخ في غير محل التأنيب ومن غير تأن ودون السؤال والاستفسار بل من الخطأ أن يتمادى الإنسان في التأنيب بعد أن يعتذر صاحبه ومن يتحدث معه فالناس جميعا ومنهم نحن عاطفيون أولا ثم أصحاب منطق وعقول في الدرجة الثانية إن لنا نفوسا ذات مشاعر وأهواء وهي تريد من الآخرين أن يحترموها كما هي فلماذا تحاول مناقضة نفوس الآخرين بينما تعرف أن نفوسنا من نفس النوع ؟ إن اللوم والتأنيب مر المذاق ثقيل على النفس البشرية فحاول تجنبه حتى تكسب حب غيرك "
مبدأ أخر خاطىء فاللوم هو نوع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وكما سبق القول يكون حسب الظرف فمثلا هناك الكثير من الناس لو لم يتحدثوا لائمين لمرضوا أو عاشوا حياتهم منغصين ومن ثم من قدر على شىء فعله أو يتركه إن كان قادرا ثم قال :
3ـ من الحكمة أن تسلم بخطئك حين تخطيء:
إن الاعتراف بالخطأ يزيل التحامل الذي يمكن أن يتولد في صدر الخصم أولا ومن ثم يخفف أثر الخطأ ثانيا فحين ترى أنك على خطأ اعمد إلى التسليم به وهو كفيل بأن يجعل الخصم يقف منك موقف الرحيم السريع العفو وعلى العكس من ذلك إذا أصررت على الدفاع عن خطئك وقديما قيل :"المقر بذنبه كمن لا ذنب له"
الخطأ أن المقر بذنبه كمن لا ذنب له وهو ما يناقض أن الفجار يقرون بذنوبهم وكفرهم بل ويطلبون من المسلمين أن يتحملوا عقاب ذنوبهم بدلا منهم كما قال تعالى :
وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون"
فالإقرار ليس توبة في كل الأحوال وإنما التوبة بالاستغفار وإرجاع الحقوق ثم قال :
4ـ إياك والأنا :
الناس يكرهون دائما من ينسب الفضل لنفسه فإذا حدث إخفاق ألقى بالتبعة على الآخرين وإذا حدث نجاح نسبه لنفسه جاء في بحث إحصائي قامت به مصلحة التليفونات في نيويورك: أن كلمة (أنا) هي أكثر كلمة ترن بها أسلاك شبكتها التليفونية ومعنى ذلك أن اهتمام الناس كل بنفسه هو الصفة المسيطرة على البشر فإذا كنت تهتم بنفسك أولا ولا تحاول اجتذاب الآخرين بالاهتمام بهم فكيف تنتظر منهم أن يهتموا بك إذن؟ "
هذا الكلام منقول عن الكفار فكلمة أنا ليست دليل على شىء سيىء وتعريف الأنانية بأنها حب الذات دون الغير وفعل وقول ما يضرهم لإرضائها تعريف خاطىء فالأنانية تعنى في الإسلام إنجاء النفس من النار فلو لم يعمل الإنسان لنفسه وهى أناه فلمن يعمل ؟
كيف نقول أن كلمة أنا دليل على سوء والله طلب من رسوله(ص) أن يقولها مرات كثيرة مثل" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى " ثم قال :
5 ـ لا تركز على السلبيات دون الحسنات:
خذ مثالا: علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم والتي يمكن أن يعمم مغزاها في كل قضايا التعامل، يقول - صلى الله عليه وسلم -:"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" فما أحد يسلم من العيوب فلا زوجة بلا عيوب ولا صديق بلا عيوب ولا رئيس ولا مرؤوس يقول سعيد بن المسيب:"ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه " فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديرا لهم
وكم من الناس ننقدهم فإذا رأينا غيرهم حمدناهم
بكيت من عمرو فلما تركته *** وجربت أقواما بكيت على عمرو
والرسول (ص)يعطينا المثل فيذكر بفضل الأنصار لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات فقد أخرج البخاري قوله- صلى الله عليه وسلم -:"أوصيكم الأنصار فإنهم كرشي وعيبتي (يعني بطانتي وخاصتي ) فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة) وبقي الذي لهم ، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " إن هذا قمة الإنسانية والعدل "
حكاية التركيز على الحسنات دون السيئات أو العكس غير مطلوبة فالمسلم عندما يرى خطأ فيجب عليه ان ينكره لأن هذا أمر إلهى هو ألأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ثم قال :
6ـ الناس يكرهون من لا ينسى الزلات:
الناس يبغضون من لا ينسى زلاتهم ولايزال يذكر بها ويمن على من عفا عنه فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يذكر الناس بأخطائهم ويعيدها عليهم مرة بعد مرة والله عز وجل يقول:"والعافين عن الناس" ويقول الرسول (ص):"من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " فالذي يذكر ويعيد الخطأ يكره الناس الاجتماع به والارتياح إليه "
المطلوب في الإسلام هو العفو وليس النسيان وهو تذكر الخطأ لأن هذا حسب مشيئة كل فرد فهناك من يتغاضون عن أى خطأ ولا يذكرونه وهناك من يظل ممسكا على التذكر والتذكير ثم قال :
7ـ احذر من النقد المباشر:
الانتقاد لا يحتاج إلى موهبة خاصة أو بذل نشاط كبير ففي وسع أي أحمق أن يشنع على رجل ذي عبقرية وتميز وأن يتهمه ويسخر منه دعنا نحاول أن نفهم الأخرين ونتلمس لهم الأعذار حين تقصيرهم فهذا أمتع من النقد المباشر فطبيعة البشر تأبى ذلك نعم قد ينفذ الشخص المنتقد المطلوب منه ولو كان الأسلوب مباشر وبنقد حاد ولكن لو كانت الطريقة ألطف كان ذلك أدعى للقبول ولنا في رسول الله (ص)أسوة حسنة ومن ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء والذين جاؤوا وكانوا كلهم من مضر وتأثر الرسول (ص)لما لهم من الفقر فقام وخطب الناس ثم قال:"تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع تمره" ولم يقل تصدقوا ولم يعاتبهم على عدم الصدقة فانظر النتيجة: جاء رجل من الأنصار بصرة كادت تعجز يده عن حملها بل عجزت وقدمها للرسول(ص)فاستهل وجهه وقام الناس وتصدقوا فأصبح عنده كومة من الصدقات وفرح الرسول (ص)فقال :" من سن في الإسلام سنة حسنة " الحديث وهكذا فاحذر من النقد المباشر الذي لاتكسب منه سوى إيغار الصدور "
هذا الكلام سبق الحديث عنه في الجهر بالنصيحة فالمسألة تكون حسب الأحداث فمثلا ضارب أو شاتم غيره لابد من نقده مباشرة عندما يكون الحدث أمام المارة أو الجالسين لأنه معروف للكل وأما النقد غير المباشر فيكون عندما يبلغ الفرد خبر عن غيره أنه يمارس ذنب ما ولكنه لم يره أو لم يثبت عليه فساعتها يكون الكلام كلاما عاما لعله يتوب إن كان الخبر صحيحا وكرر الرجل كلاما سبق أن قاله في النقطة السابقة وغيرها فقال :
8ـ الفت النظر إلى الأخطاء تلميحا وبكل لباقة:
أنت وأنا والناس جميعا يكرهون أن ينتقدهم غيرهم إلا أننا جميعا كثيرا ما نفعل أفعالا تستدعي الانتقاد فإذا وددت انتقاد الغير وكان هناك موجب حقيقي لذلك فكيف نفعل ؟
لنا في رسول الله (ص)وسلم قدوة حسنة حينما قال لعبدالله بن عمر- رضي الله عنه -:"نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل " فنجد أن الرسول (ص)عالج الخطأ بكل لباقة بل وقدم المدح والثناء قبل لفت النظر إلى الخطأ
إن المقصود بالانتقاد والتوجيه هو إصلاح الغير مع ضمان عدم إثارة البغضاء في قلبه ولهذا كان على المنتقد أن يلجأ إلى التلميح بما يراه ناقصا ولكن من طرف خفي "
قطعا الرواية لا تصح لأنها اتهام مباشر للنبى(ص) بجهل الإسلام فقيام الليل ليس فرضا حتى يكون المرء ممدوحا وفى هذا قال تعالى :
"إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك"
فمن لا يقوم الليل يظل مسلما طالما أدى الصلوات المفروضة ثم قال :
9ـ تكلم عن أخطائك أولا وقدم اقتراحات مهذبة:
إن افعل هذا، ولا تفعل ذاك لا تعطي نتيجة طيبة كقولك : (أليس من الأفضل أن تفعل هذا ؟) أو (أليس من الأفضل أن لا تفعل ذاك ؟) ذلك أن الأمر الجازم صعب على النفس أن تتقبله وحتى لو تقبله الرجل الذي توجه إليه الأمر فإن توجيهك ذلك له يبقي في نفسه جرحا غائرا يطول قبل أن يندمل أما الاقتراح (المهذب) فهو مستساغ لا يشعر المرء تجاهه بغضاضة فينفذه راضيا محتفضا بعزته وتقدير نفسه
قبل بضع سنوات قرر مجلس إدارة شركة (جنرال إلكتريك) إقالة رئيس قسم الحسابات في الشركة وكان مهندسا كهربائيا عبقريا طالما انتفعت به الشركة لكنه لم ينجح في إدارة قسم الحسابات أي نجاح وكانت الشركة تقدر للرجل فضله لكن تود كف يده عن قسم حيوي فيها فكيف تبلغه ذلك؟
لقد اخترعت له منصب " المهندس المستشار للشركة " وجعلته عليه ثم سلمت إدارة القسم لشخص آخر فحاول دائما أن تحفظ ماء وجه الآخرين"
هذا الكلام المنقول عن الكفرة هو كلام لا يصح وهو من باب مراعاة شعور الأخر وهو كلام عن العمل الوظيفى في مجتمع أخر وليس في مجتمع مسلم لأن المسئول يجب عقابه لو كانت الخسارة ناتجة عن إهماله أو سرقته والمجتمع الرأسمالى لا يراعى غالبا في كسب المال أحد مهما كان ثم قال :
10ـ لا تعامل الناس باستعلاء:
الناس يكرهون من يعاملهم باحتقار واستعلاء مهما كان هذا الإنسان روى هارون بن عبد الله الجمال فقال: ( جاءني أحمد بن حنبل بالليل ـ انظروا كيف يكون التصرف يريد أن يصحح خطأ! ـ، فدق علي الباب، فقلت: من هذا ؟ فقال: أنا أحمد، ـ لم يقل: الشيخ أحمد ـ فبادرت وخرجت إليه فمساني و مسيته فقلت: حاجة أبي عبد الله ؟ ( أي: ما حاجتك ؟) قال: شغلت اليوم قلبي فقلت: بماذا يا أبا عبد الله ؟ قال: جزت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس) انظر كيف كانت النصيحة والذي يرويها ليس الإمام وإنما ذلكم الشخص المتأثر بالنصيحة! "
الحكاية لا توافق العنوان وهو الاستعلاء لأن ربما كانوا جميعا في الظل فلما تحركت الشمس جاءت عليهم ولم تأته لكونه مستند لحائط ثم قال :
11ـ احترم آراء الآخرين، ولا تقل لأحد: أنت مخطئ:
حين تبدأ كلامك مع رجل بأن تقول له: (( أنت مخطئ )) أو(( اسمع يا هذا: سأثبت بطلان ما تقول))، أو باللهجة العامية: ((ما عندك سالفة )) أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: أنك أيها الرجل تعوزك براعتي و ينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلا لكي أدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة؟ هذا هو المعنى بالضبط فهل تقبل بأن يوجه إليك أحد مثل هذا القول ؟ كلا طبعا إذن فلماذا توجهه إلى الآخرين ؟
قال اللورد شستر فيلد في رسالته إلى ولده: (( يابني كن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تحاول أن تقول لهم ذلك )) فلماذا يسارع الواحد منا بنشر التأكيد والجزم وحتى في أمور غامضة، لمجرد الادعاء بالعلم، أو مناكفة الغير، أفتظن أن قولك: (( أنت مخطئ )) سيوصلك إلى نتيجة مع من تحدثه بنفس القدر الذي يوصلك إليه قولك: (( قد أكون أنا مخطئا ))، فلنفتش عن الحقيقة إن إقرارك باحتمال أن قولك غير مصيب لا يضعف موقفك كما قد يخيل إليك، فالسامعون يتأثرون بك وبنزاهتك وحبك للإنصاف ، أما من قابلته مباشرة بتخطئته فيصعب عليك إقناعه بالخطأ بعد ذلك فهذه طبيعة النفس البشرية فهي تتأثر انعكاسا فاحترم آراء الغير مهما كانت وصغرت يحبك الناس ويتأثرون بشخصك وأكبر دليل على ذلك صبره (ص)على جفاء الأعراب حين يخاطبوه يدخل الرجل منهم مغضبا ويخرج وأسارير الرضا على وجهه "
هذا الكلام مخالف للشرع فقول أنت مخطىء في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الحادث أمام الناس لابد أن تصدر ممن ينهى أو يأمر لأنه لو لم يقل ذلك لظن المجنى عليه أنه مخطىء وتحدث قائلا:
"( تقدير عواطف الآخرين وعدم جرح مشاعرهم ):
روى ابن إسحاق عن ابن عباس:- رضي الله عنه -أن النبي (ص)قال لأصحابه: ( إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي أحدا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبدالمطلب فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها) فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتل آبائنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لأن لقيته لألحمنه أو لألجمنه بالسيف فبلغت رسول الله (ص)فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف فقال عمر: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقة بالسيف فوالله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقول:ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة، فقتل يوم اليمامة شهيدا ……(الرحيق المختوم ص: 246)" هذا الكلام لا يصح لأنه علم للغيب بما قلوب المحاربين وهو ما نفاه النبى0ص) بقوله:
"لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء" ثم قال :
12ـ الناس يحبون من يصحح أخطائهم دون جرح مشاعرهم:
ويضرب مثل في ذلك في أحد الكتب: أن شخصا ألقى خطابا ( محاضرة ) في عدد كبير، ولكنها كانت طويلة وفيها تفصيل، فمل الناس ولما عاد المحاضر إلى منزله سأل زوجته فقال: ما رأيك في المحاضرة ؟ قالت: هذا الموضوع يصلح مقالة رصيفة في مجلة علمية متخصصة وقد فهم المحاضر من كلام زوجته أن الموضوع لا يصلح للمحاضرة
فإياك وقول: أنت لا تصلح لكذا ، أو أنت تصلح لغير ذلك "
حكاية جرح المشاعر هى من ضمن الخبل الذى دخل حياتنا فطالما كان الإنسان مذنب ونصحه أحد بالتوبة فلابد إن كان مسلما ألا يشعر بمهانة لأن الناصح يبغى مصلحته ومن يشعر بالمهانة في تلك الساعة يجب أن يلوم نفسه لأنه من ارتكب الذنب وأما الناصح فكلامه مهما كان مرا فهو نصيحة تبغى نفع المنصوح ثم قال :
13ـ اكسب الجدال بأن تتجنبه:
جاء في الحديث الصحيح: (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا )) إن حب الظهور في معظم الأحيان هو الدافع الأول إلى المجادلة فأنت تود أن تعرض سعة اطلاعك وحسن تنقيبك في الموضوع المطروح للجدال ومثل هذا يحسس الرجل الآخر الذي تجادله، فإذا قهرته بمنطقك السليم وفزت عليه، فإنه لن يعتبر ذلك إلا إهانة منك، وجرحا لكرامته، وهو قلما يغفر لك ذلك بهذا تكون قد اشتريت خصومته دون نفع يصيبك من الشراء "
المراء في الإسلام مطلوب أحيانا كما قال الله لنبيه (ص) في أمر أهل الكهف :
" فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا" ثم قال :
14ـ ابد للناس اهتمامك بهم أكثر من اهتمامك بنفسك:
الناس يحبون ذلك الإنسان الذي يهتم بهم، وبما يفكرون، وما الذي يشغل بالهم وحينما يتحدثون ينصت إلى حديثهم وينظر إليهم ويلخص ما يقولون ويناقشهم فيه "
وهذا الكلام هو نفسه الكلام التالى :
15ـ كن في حاجة الناس: (مثاله: الشيخ ابن باز)
إن الناس يقدرون من يسعى في حاجتهم ويشفع لهم والرسول (ص)يقول : ( أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، تكشف عنه كربا ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ، ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحب إلي من أن تعتكف شهرا )
ولو أدرك العامل والموظف عظم هذا الحديث لأنهى المعاملات في وقتها "
وهو نفسه الكلام التالى :
16ـ قدم خدمات للآخرين قبل أن يأمروك:
إن الناس يشيرون بالبنان لمن يعمل ويخدم ويقدم للآخرين لأنه يأسر قلوبهم بفعله ويكفينا في ذلك قول النبي (ص): ( وعلي جمع الحطب ) "
نفع الناس مطلوب وهو في الأساس نفع للناس بالحسنات المكتسبة كما قال تعالى:
" فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه" ثم قال :
17ـ ناد الناس بأحب أسمائهم وتعرف على أنسابهم:
كان (ص)ينادي الناس بأحب أسمائهم حتى الأطفال الصغار كان يكنيهم أحيانا ( يا أبا عمير ما فعل النغير ؟) وأبو عمير طفل صغير
"جيم فارلي" ما إن بلغ الأربعين من عمره حتى منحته أربع جامعات درجاتها الفخرية وتم تعينه مدير البريد العام في الولايات المتحدة فما سر نجاحه ؟؟ كان يتملك مقدرة فائقة على تذكر أسماء الناس كان يلقى الرجل فيتعرف على اسمه الكامل وأسماء أولاده وأهله المقربين ويستفسر عن عمله وميوله السياسية، ونزعاته الفكرية، ثم يختزن كل ذلك في ذاكرته حتى إذا التقى به ثانية سار الحديث بينهما وكأنه لم ينقطع عنه فيسأله "جيم" عن أولاده وزوجته وأزهار حديقته وفي لغة يشعر معها المسئول بقرابته الفعلية من قلب "جيم" وعواطفه وهكذا إذا أردت أن يحبك الناس فاذكر أسماءهم لأن اسم الرجل هو من أقرب الطرق لكسبه "
الاستشهاد بحكايات الكفار عند الكلام مع المسلمين هو كلام خاطىء ومخالفة لكلام الناس على قدر عقولهم وهو ما قاله الرجل في بداية البحث ثم قال :
18ـ أخلق في الآخر رغبة جامحة في أن يفعل ما تريد منه:
وهي أن تشعر الإنسان بمحبة الأمر حين تعطيه إياه وكان ذلك هو دأب الرسول (ص)فكان يشوق الناس لما يأمرهم به فلما أراد أن يسير جيشا قال: ( لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ) فسار كل فرد يتمنى ذلك
إذا أراد إنسان أن يصرف شخصا عن طبع سيئ مثلا فمن الخطأ أن يقف موقف المرشد الناصح في الوعظ، فتش عن رغبة يود هذا الشخص بلوغها ثم اربط تلك الغاية بالإقلاع عن هذا الطبع السيئ وستجده ينصرف عنه فعلا؛ طمعا في الوصول إلى الغاية لا تأثرا بصواب رأيك ابتداءا (ولا يفهم من هذا التقليل من شأن الوعظ) "
المبدأ في أساسه خاطىء وهو في أن يفعل ما تريد منه فالمفترض أن يفعل ما يريد الله لأنه ما يريده الإنسان قد يكون وقد يكون شرا ثم قال :
19ـ البراعة في الحديث:
إن الناس لا يريدون منك أن تتحدث عن تجاربك وخبراتك فلهم خبرات أيضا وخير محدث هو من يستمع بشغف إلى الآخرين، اسأل مقابلك سؤالا ودعه يتحدث في تخصصه، بذلك يشعر بالامتنان لك وتظفر بصداقته سريعا، إذا أتحت له فرصة التحدث عن تجاربه وظللت مصغيا له باهتمام، إن الاستماع المشغف هو أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك فالناس يحبون من يفتح لهم المجال لتحقيق ذواتهم "
ليس المطلوب من المسلم في كلامه البراعة اللغوية وإنما المطوب منه العدل في كلامه كما قال تعالى :
" وإذا قلت فاعدلوا" ثم قال :
20ـ قدر غيرك تفز بتقديره لك:
إن التقدير من الغير غذاء للنفس كما هو الطعام للجسد، بل إن النفس أرهف حساسية وأحل شأنا؛ قد يصوم المرء وينقطع عن الطعام والشراب، أما عن حاجته إلى تقدير الغير له فلن يستطيع إذا لماذا لا ندع الآخرين يختزنون في ذاكرتهم أنغاما حلوة وكلمات محببة عن تقديرنا لهم وشعورنا بأهميتهم ؟
21ـ تكلم فيما تظن أنه يسر محدثك:
إذا أردت إدخال السرور إلى قلوب الناس حدثهم فيما تظنهم يودون الاستماع إليه أولا، وبذلك تستدرجهم إلى التحدث والحديث الشيق اللذيذ فتصغي إليهم بشغف، ويعتبرونك محدثا بارعا تستطيع جلب مسرتهم "
مبدأ خاطىء فهو تعويد على النفاق فبعض الأخرين يسرهم الذنوب والفواحش والكلام يجب أن يكون عادلا أو موافقا لحكام الله ثم قال :
22ـ امتدح الناس فيما يجيدونه:
اختر شيئا جميلا فيهم وحدثهم عنه ولن تعدم ذلك الشيء الجميل فالناس يختلفون ويتفاوتون، ولكنه لا يمكن إلا أن تجد شيئا جميلا في كل فرد منهم فالناس يحبون أن تمدح الناحية الجميلة فيهم
23ـ الناس يحبون الشكر والتشجيع:
وإن كان الأصل في المسلم أنه يعمل العمل ابتغاء رضا الله ولا ينتظر شكر الناس، ولكن ذلك طبع في البشر وذلك لا بأس منه شرعا روى أحمد والترمذي: (( من لم يشكر الناس لا يشكره الله )) وكذلك قوله (ص)
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ، فأكرم الأنصار والمهاجرة )) وكذلك حديث: (( من صنع إليكم معروفا فكافئوه )) الحديث
( التشجيع يسر الآخرين ):
في رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله (ص): (لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فأضعن حيث شئت ، وصل حبل من شئت ، واقطع حبل من شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت واعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك و والله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك) فسر رسول الله (ص)بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال
سيروا و أبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين) … (الرحيق المختوم ص:232)"
وما قيل عن مدح الناس يخالف أن المسلمين لا يزكون بعضهم البعض كما قال تعالى :
"فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
ثم طالبنا بالابتسام فقال :
24ـ ابتسم للناس يبتسمون لك :
إن قسمات الوجه خير معبر عن مشاعر صاحبه فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلة لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين، قال (ص)في الحث على البشر والتلاطف: (( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة )) "
ثم قال :
25ـ تهادوا تحابوا:
الهدية قد تكون بسيطة جدا في قيمتها ولكنها تدخل سرورا وتظهر مدى الاهتمام بالمهدى إليه ففي حديث أبي هريرةعن المصطفى (ص)
(تهادوا تحابوا)) "
الرواية لا تصح فالحب ليس بالتهادى وإنما بأمور متعددة ولو كان صحيحا لأحب سليمان(ص) ملكة سبأ وقومها لأنهم أهدوه هدية ثم قال:
26ـ دع الغير يظن أن الفكرة هي فكرته:
إذا أردت أن تكسب روح التعاون عند الآخرين فاجعل الشخص الآخر يحس أن الفكرة هي فكرته ؛ فالرجل العاقل إذا أراد أن يتصدر الناس جعل نفسه خلفهم "
هذا تعليم الناس شهادة الزور وهو املا لا يصح فالعمل هو عمل صاحبه وكرر ما سبق قوله عن جرح المشاعر فقال :
27ـ تفهم عواطف الآخرين، واستثر عواطفهم النبيلة:
كما أن لك عاطفة تسوقك في كثير من الأحيان إلى اتخاذ موقف معين، أو تبني رأي خاص فإن للآخرين عواطف أيضا، وكما يسرك بأن يراعي الآخرين عاطفتك، فإنهم يسرهم أن تراعي عواطفهم بنفس المقدار "
كما سبق القول المفروض مراعاة رضا الله وليس الناس
مؤلف الكتاب عبدالرحمن بن فؤاد الجار الله وهو يدور حول موضوع التعامل مع الغير من الناس وفى هذا قال المؤلف :
"وبعد:فإن موضوع فن التعامل مع الإنسان - كبير جدا - تعتني به كل الشعوب في العالم ومن بينها الشعوب الإسلامية ولدى الغربيين معاهد خاصة يدرس فيها ما يسمى بالمهارات الاجتماعية كيف يتحدث الإنسان؟ كيف يكسب الثقة بنفسه؟ كيف يكون لبقا في الحديث مع الناس؟ والإسلام فيه الكثير من كنوز الآداب ومنها آداب التعامل وقد أعطينا القدوة من الأنبياء (ص)وخاتمهم رسول الله (ص)ولكن المسلمين لم يستطيعوا أن يستفيدوا منها ولم يتجاوزوا حتى الآن مرحلة التنظير (مرحلة الفكر) يقال: من آداب الصحبة كذا ومن آداب العشرة كذا ومن آداب الحديث كذا وقليل من الناس من يتدرب ويدرب قومه فليس هناك تدريب عملي إلا نادرا فالقالب هو التعليم وليس التربية والتدريب العملي هو المطلوب "
ووجهة نظر الرجل على التدريب هو ضرب من الخبل فالمفروض أن نتعلم الأحكام ونتعامل بها عندما تقابلنا أحداثها في حياتنا فالتدريب لا يفيد وإنما تفيد المعرفة وتطبيقها عن وجود ظرفها وهو حالها فمثلا كيف سنتدرب على ضرب الأخر أو قتله تطبيقا لقوله تعالى " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"
وكيف نتدرب مثلا على الجماع مع الزوجة وهى ليست موجودة
واستهل المؤلف بالحديث عن اختلاف الطباع وأساليب التعامل فقال :
"أولا:اختلاف الطباع وأساليب التعامل:
الناس منذ خلقهم الله وهم مختلفو الطبائع والرغبات والميول روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال:"الناس معادن كمعادن الفضة والذهب خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"
الخطأ في الحديث كون الناس معادن كالفضة والذهب فقط وهما معدنان ثمينان فأين المعادن الرخيصة التى تمثل الكفار لأن هذان يمثلان المسلمين
ثم أورد الحديث :
"وعن أبي موسى الأشعري أن الرسول (ص)قال:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب"
والخطأ في الحديث أن سبب سهولة وحزن وخبث وطيب الإنسان هو طينة الأرض المخلوق منها ويخالف هذا أن سبب السهولة والطيبة أو الحزن والخبث هو مشيئة الإنسان مصداق لقوله تعالى "الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "والخطأ الأخر قبض الله قبضة من كل الأرض خلق منها أدم (ص)ويخالف هذا أن الله لا يحل فى مكان لأنه لو فعل ذلك لأشبه خلقه وهو ما يخالف قوله تعالى بسورة الشورى "ليس كمثله شىء "
ثم قال :
وتمثل بعض الشعراء بهذا المعنى فقال:
الناس كالأرض ومنها هم *** فمن خشن الطبع ومن لين
فجندل تدمى به أرجل *** وإثمد يوضع في الأعين
ويعلم بداهة أن معاملة هذه الاختلافات معاملة واحدة لا يستقيم فما يلائم هذا لا يناسب ذاك، وما يحسن مع هذا لا يجمل مع غيره لذا قيل
هذا الكلام يتعارض مع روايات تاريخية تبيح دم بعض الكفار مهما دخلوا من بيوت ثم قال :
"ومنها توزيعه (ص)بعض أموال الغنائم والفيء على أناس دون أناس وكذلك تقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كل بحسبه، فما أوكل إلى حسان غير ما أوكل إلى معاذ ويصح ذلك مع أبي بكر وعمر و صهيب وخالد وبقية الصحابة إنها المعرفة بنفسيات الناس وما يطيقون وما يحبون ومعرفة الدخول إلى قلوبهم "
الروايات عن التوزيع دون وجه عدل من الله لا تصح فالله طالبه أن يعطى المهاجرين أولا لفقدهم بيوتهم وأموالهم في سبيل الله وهذا ليعدل ميزان الثروات في المجتمع وبعد هذا أمره أن يعطى الكل
ثم قال عن معاملة الإنسان:
"ثانيا:التعامل مع الإنسان:
الإنسان كما هو معلوم مكون من عدة قضايا فهو ليس آلة من الآلات وإنما هو إنسان بروحه وجسمه وعقله ومشاعره وهو محتاج لتغذية هذه الأمور كلها وبعض الناس يخطئون عندما يتعاملون مع الإنسان في الجانب الدعوي مثلا: إذ يتعاملون مع الفكر فقط أو الفعل فقط دون أن يهتموا بمشاعر الإنسان الذي يتعاملون معه كأصحاب المصانع الذين يتعاملون مع الجسم: كم ينتج ؟ كم ساعة يعمل ؟ ويهملون جانب الفكر وجانب العقل وجانب المشاعر
كثير من الناس يهملون جوانب وقضايا من قضايا التعامل مع الإنسان ولكن لابد من التركيز عليها كاملة حتى يكون التعامل مع الإنسان شاملا ومؤثرا هذا التعامل الذي أكتب عنه يختلف الأثر الناتج عنه بحسب محتوى الكلام أو طريقة الكلام أو السلوك المصاحب للكلام فقد يقول إنسان كلاما معينا تحس منه أن هذا الإنسان يقوله من قلبه وآخر يقول الكلام نفسه غير أنك تحس أنه يقوله من فمه شخص يقول: جزاك الله خيرا وثان يقول: الله يجزيك الخير وثالث يقول: جزاك الله خيرا
فستشعر أن الثاني والثالث يقولان الكلمة من قلبيهما وهذا يحتاج إلى تدريب وإلى ممارسة فإنسان يكلمك وهو ينظر إليك فهو يحترمك ويقدرك فهذا يختلف عن إنسان يكلمك وهو ينظر إلى ورقة أمامه أو إلى مكان آخر حتى إذا سكت عن الحوار قال لك: تفضل أكمل وهو ينظر إلى الأرض مثلا إن هذا غير مهتم بك تلك أمثلة متعلقة بالسلوك المصاحب للكلام
وهناك أمثلة تتعلق بمحتوى الكلام أو طريقته أو كيفية التعامل العملي مع الناس تأتي ـ إن شاء الله ـ ضمن البحث والمهم أن يتم التدريب العملي على كيفية التعامل "
الخطأ أن عدم النظر أثناء الكلام يعنى عدم الاحترام والتقدير وهو ما يخالف مثلا كون الذكر مطلوب منه غض النظر عن النساء عند كلامهم والعكس صحيح كما قال تعالى :
" وقل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم" و"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن"
كما أن غض النظر أحيانا يعتبر من ضمن احترام الآباء والكبار وتقضية المهام للفرد من الموظف أو غيره وهو منشغل بشىء أخر هو احترام وتقدير
إنما عدم الاحترام وعدم التقدير في منع المرء حقه وآذاه ثم قال:
وتحدث عن الدوافع التي تحرك المسلم إلى حسن التعامل
ثالثا:الدوافع التي تحرك المسلم إلى حسن التعامل:
أولا: أن يكون من خير الناس أو خيرهم:
فالمسلم يبحث عن رضا الله ومحبته وأن تتحقق الخيرية في نفسه ويكون من خير الناس أو خيرهم يقول الرسول (ص):"خير الناس أحسنهم خلقا" فالمسلم لا يحسن خلقه ليكسب مصلحة إنما لكسب رضا الله عز وجل وهنا تستمر الأخلاق سواء رضي الناس أم لم يرضوا تحسنت العلاقة أم لم تتحسن كسب الود أم لم يكسب فالأجر ثابت على أية حال وهذا هو ضمان الاستمرارية ويقول (ص)" إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار"ويقول الرسول (ص):"المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس"
يوجد دافع واحد لدى المسلم عندما يعامل الناس بالحسنى أو حتى بالضرر وهو طاعة الله لدخول الجنة وروايات الدرجات لا تصح لكونهن درجتين فقط في الجنة الأولى لا يبلغها أحد مهما فعل إلا بعمل واحد وهو الجهاد والثانية مهما أكثرت من العمل لن تبلغها طالما لم تجاهد وفى هذا قال تعالى:
"وفضل الله المجاهدين بأموالهم ,انفسهم على القاعدين درجة"
وتحدث عن الأخلاق الحسنة فقال :
"ثانيا: الأخلاق الحسنة مأمور بها :
إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتزم الحكمة في التعامل مع الناس وهذا عين العقل يقول الله عز وجل: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "
والموعظة الحسنة هي محتوى الكلام الذي يدعو إلى شيء طيب وقد وصف الله تعالى رسوله (ص)بأنه لين الجانب وهو إن لم يكن كذلك لخسر الناس ولانفضوا من حوله وهم الصحابة وهو الرسول(ص)فلم يقل (ص)من أراد فليأت ومن لم يرد فلا يهمنا أمره إنما كان حريصا عليهم يقول تعالى:"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" أي لو كنت يا محمد يا رسول الله فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " فإن من وسائل المعاملة الحسنة: أن تعفو عنهم وتستغفر لهم أي: أن تتجاوز عن الأخطاء وتغض الطرف عنها وتستغفر لهم فتلك وسيلة من وسائل تشجيعهم وتنمية السلوك الطيب فيهم وتشاورهم في الأمر أي: تحترم رأيهم وتقدرهم وتعطيهم شيئا من القيمة عندما تتعامل معهم فما أسهل الناس وأنت تشاورهم وما أقربهم منك وأنت تقدرهم يقول ميمون بن مهران:"التودد إلى الناس نصف العقل " فالذي يتودد إلى الناس يعتبر مسلكه هذا نصف العقل ولكن بشرط أن يكون ودودا وعاقلا "
ثم تحدث عن القواعد الثابتة في التعامل فقال :
"رابعا:قواعد ثابتة في التعامل:
هناك قواعد ثابتة ومشتركة بين كل شعوب العالم وهي تنطلق من الفطرة يستوي التعامل فيها مع المسلم وغيره لنتعلم هذه القواعد أو بعضها حتى نمارسها عمليا وقد تمتد تلك الممارسة إلى سنوات حتى نتخلص من طبع سيء يكرهه الناس أو نكتسب طبعا طيبا يحبه الناس "
قطعا لا يوجد شىء اسمه الفطرة يولد به الفرد لأن الإنسان يولد جاهلا تماما ليس في نفسه أى شىء وفى هذا قال تعالى:
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ثم قال :
فمن هذه القواعد المشتركة:
1ـ أن حديثنا وموضوعنا عن التعامل مع الأسوياء من الناس أما الشواذ فتكون لهم معالجة فردية فالسوي من إذا أكرمته عرف المعروف والشاذ من يتمرد إذا أنت أكرمته
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
2ـ تختلف طريقة التعامل تبعا لاختلاف العلاقة: الوالد مع ولده الزوج مع زوجته الرئيس مع مرؤوسه والعكس
3ـ أن التعامل يتغير باختلاف الأفهام والعقول فالرجل الذكي الفاهم الواعي تختلف طريقة تعامله عن الشخص الآخر المحدود العقل المحدود الفهم المحدود العلم فالحديث معه يكون مناسبا لطبيعته وقدرته على الفهم
4ـ يختلف أسلوب التعامل أيضا باختلاف الشخصية فطريقة التعامل من شخص شكاك وحساس تختلف عنها مع شخص سوي فالطريقة تختلف باختلاف الشخصيات والصفات التي تكون بارزة فيهم "
لقد راعى شرع الله كل ذلك وغيره فحدد لكل تعامل أحكام ولم يتركه لنا كى يفعل كل واحد ما يريد ثم حدثنا عن الطعم المناسب هو الذي يصطاد السمك فقال:
"خامسا: الطعم المناسب هو الذي يصطاد السمك:
يقول المؤلف دايل كارنيجي:"من هواياتي أن اصطاد السمك وبمقدوري أن أجعل الطعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة لكني أفضل استعمالي طعوم الديدان على الدوام ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة فالسمك هو الذي سيلتهم الطعم وهو يفضل الديدان فإذا أردت اصطياده قدمت له ما يرغب فيه
والآن لماذا لا نجرب الطعوم مع الناس ؟
لقد سئل لويد جورج السياسي البريطاني الداهية عما أبقاه في دفة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوربية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله فقال: ( إنني ألائم بين ما أضعه في السنارة وبين نوع السمك )
والواقع أن "الطعم" هذا مهم للغاية ذلك أن علاقتك مع الآخرين تهمهم أيضا بقدر ما تهمك أنت فحين تتحدث إليهم حاول أن تنظر بعيونهم وتعبر عما في نفسك من زاويتهم وبمعنى آخر أبد لهم اهتمامك بهم أكثر من اهتمامك بمصلحتك الشخصية اجعلهم يتحمسون لما تريد منهم أن يفعلوه عن طريق اتخاذ الموقف من جانبهم "
المؤلف هنا يستشهد بكفرة كى يعلمنا ما يظن أنه الإسلام وهو كلام باطل فما قاله الكافران هو ممارسة للنفاق المجتمعى وهو امر محرم لأن الغرض هو الحصول على رضا الناس وموافقتهم بينما الغرض عندنا رضا الله وليس الناس
وتحدث عما سماه أساليب التعامل مع الناس فقال :
"سادسا:أساليب التعامل مع الناس :
في هذا العنصر أتطرق إلى بعض القضايا التي يحبها الناس وبعض القضايا التي يكرهونها وتؤثر فيهم سلبا و إيجابا وهذه الأساليب تجارب ناجحة لأن قدوتنا فيها هو نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وهذه الأساليب لها شواهد من السنة ومن الواقع المجرب أذكر منها مايناسب فمنها:
1ـ الناس يكرهون النصيحة في العلن :
لا يختلف اثنان في أن النصيحة في العلن يكرهها الناس لأن كل الناس يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم كل الناس مسلمهم وكافرهم ولكن أخذ الفرد ونصحه على انفراد أدعى للقبول وأدعى لفهم المسألة "
هذا الكلام باطل فافسلام أمرنا أن ،امر بالمعروف والنهى عن المنكر فمثلا لو أردنا أن نمنع واحد من ضرب أخر بعد أن ضربه مرة فسنقول له علنا وجهرا بل نجرى ونمسكه كى لا يضرب الأخر
السرية تكون عندما تكن الأحداث لم يحضرها احد سوى الناصح وأما عندما يكون ألمر أمام الناس فالنصيحة يجب أن تكون علنية أمر بالمعروف ونهيا عن المنكر
زد على هذا أننا لو استخدمنا هذا الأسلوب في التعليم فيجب على المعلم الا يقول لتلميذ أنت مخطىء في الجمع أو في الطرح أو في التعليل ويأخذه خارج الفصل ليقول هذا خطأ ولو سكت فلم يعلم التلاميذ الأخرين أن ما قام به الزميل ليس خطا فسيعرفون انه صحيح ويكون التعليم قد فسد
ولماذا لا نذهب بعيدا والله أعلن النصيحة في أمر الأعمى وامر العفو عن المنافقين وغيرهم علنا مع أن المخطىء هو الرسول(ص) فالنصيحة جاءت علنية للتعليم وليست للفضيحة مثلا ثم قال :
2ـ لا تلم أحدا عساك ألا تلام ( لا تكثر من لوم الناس ):
الناس يكرهون من يؤنب ويوبخ في غير محل التأنيب ومن غير تأن ودون السؤال والاستفسار بل من الخطأ أن يتمادى الإنسان في التأنيب بعد أن يعتذر صاحبه ومن يتحدث معه فالناس جميعا ومنهم نحن عاطفيون أولا ثم أصحاب منطق وعقول في الدرجة الثانية إن لنا نفوسا ذات مشاعر وأهواء وهي تريد من الآخرين أن يحترموها كما هي فلماذا تحاول مناقضة نفوس الآخرين بينما تعرف أن نفوسنا من نفس النوع ؟ إن اللوم والتأنيب مر المذاق ثقيل على النفس البشرية فحاول تجنبه حتى تكسب حب غيرك "
مبدأ أخر خاطىء فاللوم هو نوع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وكما سبق القول يكون حسب الظرف فمثلا هناك الكثير من الناس لو لم يتحدثوا لائمين لمرضوا أو عاشوا حياتهم منغصين ومن ثم من قدر على شىء فعله أو يتركه إن كان قادرا ثم قال :
3ـ من الحكمة أن تسلم بخطئك حين تخطيء:
إن الاعتراف بالخطأ يزيل التحامل الذي يمكن أن يتولد في صدر الخصم أولا ومن ثم يخفف أثر الخطأ ثانيا فحين ترى أنك على خطأ اعمد إلى التسليم به وهو كفيل بأن يجعل الخصم يقف منك موقف الرحيم السريع العفو وعلى العكس من ذلك إذا أصررت على الدفاع عن خطئك وقديما قيل :"المقر بذنبه كمن لا ذنب له"
الخطأ أن المقر بذنبه كمن لا ذنب له وهو ما يناقض أن الفجار يقرون بذنوبهم وكفرهم بل ويطلبون من المسلمين أن يتحملوا عقاب ذنوبهم بدلا منهم كما قال تعالى :
وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون"
فالإقرار ليس توبة في كل الأحوال وإنما التوبة بالاستغفار وإرجاع الحقوق ثم قال :
4ـ إياك والأنا :
الناس يكرهون دائما من ينسب الفضل لنفسه فإذا حدث إخفاق ألقى بالتبعة على الآخرين وإذا حدث نجاح نسبه لنفسه جاء في بحث إحصائي قامت به مصلحة التليفونات في نيويورك: أن كلمة (أنا) هي أكثر كلمة ترن بها أسلاك شبكتها التليفونية ومعنى ذلك أن اهتمام الناس كل بنفسه هو الصفة المسيطرة على البشر فإذا كنت تهتم بنفسك أولا ولا تحاول اجتذاب الآخرين بالاهتمام بهم فكيف تنتظر منهم أن يهتموا بك إذن؟ "
هذا الكلام منقول عن الكفار فكلمة أنا ليست دليل على شىء سيىء وتعريف الأنانية بأنها حب الذات دون الغير وفعل وقول ما يضرهم لإرضائها تعريف خاطىء فالأنانية تعنى في الإسلام إنجاء النفس من النار فلو لم يعمل الإنسان لنفسه وهى أناه فلمن يعمل ؟
كيف نقول أن كلمة أنا دليل على سوء والله طلب من رسوله(ص) أن يقولها مرات كثيرة مثل" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى " ثم قال :
5 ـ لا تركز على السلبيات دون الحسنات:
خذ مثالا: علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم والتي يمكن أن يعمم مغزاها في كل قضايا التعامل، يقول - صلى الله عليه وسلم -:"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" فما أحد يسلم من العيوب فلا زوجة بلا عيوب ولا صديق بلا عيوب ولا رئيس ولا مرؤوس يقول سعيد بن المسيب:"ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه " فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديرا لهم
وكم من الناس ننقدهم فإذا رأينا غيرهم حمدناهم
بكيت من عمرو فلما تركته *** وجربت أقواما بكيت على عمرو
والرسول (ص)يعطينا المثل فيذكر بفضل الأنصار لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات فقد أخرج البخاري قوله- صلى الله عليه وسلم -:"أوصيكم الأنصار فإنهم كرشي وعيبتي (يعني بطانتي وخاصتي ) فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة) وبقي الذي لهم ، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " إن هذا قمة الإنسانية والعدل "
حكاية التركيز على الحسنات دون السيئات أو العكس غير مطلوبة فالمسلم عندما يرى خطأ فيجب عليه ان ينكره لأن هذا أمر إلهى هو ألأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ثم قال :
6ـ الناس يكرهون من لا ينسى الزلات:
الناس يبغضون من لا ينسى زلاتهم ولايزال يذكر بها ويمن على من عفا عنه فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يذكر الناس بأخطائهم ويعيدها عليهم مرة بعد مرة والله عز وجل يقول:"والعافين عن الناس" ويقول الرسول (ص):"من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " فالذي يذكر ويعيد الخطأ يكره الناس الاجتماع به والارتياح إليه "
المطلوب في الإسلام هو العفو وليس النسيان وهو تذكر الخطأ لأن هذا حسب مشيئة كل فرد فهناك من يتغاضون عن أى خطأ ولا يذكرونه وهناك من يظل ممسكا على التذكر والتذكير ثم قال :
7ـ احذر من النقد المباشر:
الانتقاد لا يحتاج إلى موهبة خاصة أو بذل نشاط كبير ففي وسع أي أحمق أن يشنع على رجل ذي عبقرية وتميز وأن يتهمه ويسخر منه دعنا نحاول أن نفهم الأخرين ونتلمس لهم الأعذار حين تقصيرهم فهذا أمتع من النقد المباشر فطبيعة البشر تأبى ذلك نعم قد ينفذ الشخص المنتقد المطلوب منه ولو كان الأسلوب مباشر وبنقد حاد ولكن لو كانت الطريقة ألطف كان ذلك أدعى للقبول ولنا في رسول الله (ص)أسوة حسنة ومن ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء والذين جاؤوا وكانوا كلهم من مضر وتأثر الرسول (ص)لما لهم من الفقر فقام وخطب الناس ثم قال:"تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع تمره" ولم يقل تصدقوا ولم يعاتبهم على عدم الصدقة فانظر النتيجة: جاء رجل من الأنصار بصرة كادت تعجز يده عن حملها بل عجزت وقدمها للرسول(ص)فاستهل وجهه وقام الناس وتصدقوا فأصبح عنده كومة من الصدقات وفرح الرسول (ص)فقال :" من سن في الإسلام سنة حسنة " الحديث وهكذا فاحذر من النقد المباشر الذي لاتكسب منه سوى إيغار الصدور "
هذا الكلام سبق الحديث عنه في الجهر بالنصيحة فالمسألة تكون حسب الأحداث فمثلا ضارب أو شاتم غيره لابد من نقده مباشرة عندما يكون الحدث أمام المارة أو الجالسين لأنه معروف للكل وأما النقد غير المباشر فيكون عندما يبلغ الفرد خبر عن غيره أنه يمارس ذنب ما ولكنه لم يره أو لم يثبت عليه فساعتها يكون الكلام كلاما عاما لعله يتوب إن كان الخبر صحيحا وكرر الرجل كلاما سبق أن قاله في النقطة السابقة وغيرها فقال :
8ـ الفت النظر إلى الأخطاء تلميحا وبكل لباقة:
أنت وأنا والناس جميعا يكرهون أن ينتقدهم غيرهم إلا أننا جميعا كثيرا ما نفعل أفعالا تستدعي الانتقاد فإذا وددت انتقاد الغير وكان هناك موجب حقيقي لذلك فكيف نفعل ؟
لنا في رسول الله (ص)وسلم قدوة حسنة حينما قال لعبدالله بن عمر- رضي الله عنه -:"نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل " فنجد أن الرسول (ص)عالج الخطأ بكل لباقة بل وقدم المدح والثناء قبل لفت النظر إلى الخطأ
إن المقصود بالانتقاد والتوجيه هو إصلاح الغير مع ضمان عدم إثارة البغضاء في قلبه ولهذا كان على المنتقد أن يلجأ إلى التلميح بما يراه ناقصا ولكن من طرف خفي "
قطعا الرواية لا تصح لأنها اتهام مباشر للنبى(ص) بجهل الإسلام فقيام الليل ليس فرضا حتى يكون المرء ممدوحا وفى هذا قال تعالى :
"إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك"
فمن لا يقوم الليل يظل مسلما طالما أدى الصلوات المفروضة ثم قال :
9ـ تكلم عن أخطائك أولا وقدم اقتراحات مهذبة:
إن افعل هذا، ولا تفعل ذاك لا تعطي نتيجة طيبة كقولك : (أليس من الأفضل أن تفعل هذا ؟) أو (أليس من الأفضل أن لا تفعل ذاك ؟) ذلك أن الأمر الجازم صعب على النفس أن تتقبله وحتى لو تقبله الرجل الذي توجه إليه الأمر فإن توجيهك ذلك له يبقي في نفسه جرحا غائرا يطول قبل أن يندمل أما الاقتراح (المهذب) فهو مستساغ لا يشعر المرء تجاهه بغضاضة فينفذه راضيا محتفضا بعزته وتقدير نفسه
قبل بضع سنوات قرر مجلس إدارة شركة (جنرال إلكتريك) إقالة رئيس قسم الحسابات في الشركة وكان مهندسا كهربائيا عبقريا طالما انتفعت به الشركة لكنه لم ينجح في إدارة قسم الحسابات أي نجاح وكانت الشركة تقدر للرجل فضله لكن تود كف يده عن قسم حيوي فيها فكيف تبلغه ذلك؟
لقد اخترعت له منصب " المهندس المستشار للشركة " وجعلته عليه ثم سلمت إدارة القسم لشخص آخر فحاول دائما أن تحفظ ماء وجه الآخرين"
هذا الكلام المنقول عن الكفرة هو كلام لا يصح وهو من باب مراعاة شعور الأخر وهو كلام عن العمل الوظيفى في مجتمع أخر وليس في مجتمع مسلم لأن المسئول يجب عقابه لو كانت الخسارة ناتجة عن إهماله أو سرقته والمجتمع الرأسمالى لا يراعى غالبا في كسب المال أحد مهما كان ثم قال :
10ـ لا تعامل الناس باستعلاء:
الناس يكرهون من يعاملهم باحتقار واستعلاء مهما كان هذا الإنسان روى هارون بن عبد الله الجمال فقال: ( جاءني أحمد بن حنبل بالليل ـ انظروا كيف يكون التصرف يريد أن يصحح خطأ! ـ، فدق علي الباب، فقلت: من هذا ؟ فقال: أنا أحمد، ـ لم يقل: الشيخ أحمد ـ فبادرت وخرجت إليه فمساني و مسيته فقلت: حاجة أبي عبد الله ؟ ( أي: ما حاجتك ؟) قال: شغلت اليوم قلبي فقلت: بماذا يا أبا عبد الله ؟ قال: جزت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس) انظر كيف كانت النصيحة والذي يرويها ليس الإمام وإنما ذلكم الشخص المتأثر بالنصيحة! "
الحكاية لا توافق العنوان وهو الاستعلاء لأن ربما كانوا جميعا في الظل فلما تحركت الشمس جاءت عليهم ولم تأته لكونه مستند لحائط ثم قال :
11ـ احترم آراء الآخرين، ولا تقل لأحد: أنت مخطئ:
حين تبدأ كلامك مع رجل بأن تقول له: (( أنت مخطئ )) أو(( اسمع يا هذا: سأثبت بطلان ما تقول))، أو باللهجة العامية: ((ما عندك سالفة )) أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: أنك أيها الرجل تعوزك براعتي و ينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلا لكي أدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة؟ هذا هو المعنى بالضبط فهل تقبل بأن يوجه إليك أحد مثل هذا القول ؟ كلا طبعا إذن فلماذا توجهه إلى الآخرين ؟
قال اللورد شستر فيلد في رسالته إلى ولده: (( يابني كن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تحاول أن تقول لهم ذلك )) فلماذا يسارع الواحد منا بنشر التأكيد والجزم وحتى في أمور غامضة، لمجرد الادعاء بالعلم، أو مناكفة الغير، أفتظن أن قولك: (( أنت مخطئ )) سيوصلك إلى نتيجة مع من تحدثه بنفس القدر الذي يوصلك إليه قولك: (( قد أكون أنا مخطئا ))، فلنفتش عن الحقيقة إن إقرارك باحتمال أن قولك غير مصيب لا يضعف موقفك كما قد يخيل إليك، فالسامعون يتأثرون بك وبنزاهتك وحبك للإنصاف ، أما من قابلته مباشرة بتخطئته فيصعب عليك إقناعه بالخطأ بعد ذلك فهذه طبيعة النفس البشرية فهي تتأثر انعكاسا فاحترم آراء الغير مهما كانت وصغرت يحبك الناس ويتأثرون بشخصك وأكبر دليل على ذلك صبره (ص)على جفاء الأعراب حين يخاطبوه يدخل الرجل منهم مغضبا ويخرج وأسارير الرضا على وجهه "
هذا الكلام مخالف للشرع فقول أنت مخطىء في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الحادث أمام الناس لابد أن تصدر ممن ينهى أو يأمر لأنه لو لم يقل ذلك لظن المجنى عليه أنه مخطىء وتحدث قائلا:
"( تقدير عواطف الآخرين وعدم جرح مشاعرهم ):
روى ابن إسحاق عن ابن عباس:- رضي الله عنه -أن النبي (ص)قال لأصحابه: ( إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي أحدا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبدالمطلب فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها) فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتل آبائنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لأن لقيته لألحمنه أو لألجمنه بالسيف فبلغت رسول الله (ص)فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف فقال عمر: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقة بالسيف فوالله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقول:ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة، فقتل يوم اليمامة شهيدا ……(الرحيق المختوم ص: 246)" هذا الكلام لا يصح لأنه علم للغيب بما قلوب المحاربين وهو ما نفاه النبى0ص) بقوله:
"لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء" ثم قال :
12ـ الناس يحبون من يصحح أخطائهم دون جرح مشاعرهم:
ويضرب مثل في ذلك في أحد الكتب: أن شخصا ألقى خطابا ( محاضرة ) في عدد كبير، ولكنها كانت طويلة وفيها تفصيل، فمل الناس ولما عاد المحاضر إلى منزله سأل زوجته فقال: ما رأيك في المحاضرة ؟ قالت: هذا الموضوع يصلح مقالة رصيفة في مجلة علمية متخصصة وقد فهم المحاضر من كلام زوجته أن الموضوع لا يصلح للمحاضرة
فإياك وقول: أنت لا تصلح لكذا ، أو أنت تصلح لغير ذلك "
حكاية جرح المشاعر هى من ضمن الخبل الذى دخل حياتنا فطالما كان الإنسان مذنب ونصحه أحد بالتوبة فلابد إن كان مسلما ألا يشعر بمهانة لأن الناصح يبغى مصلحته ومن يشعر بالمهانة في تلك الساعة يجب أن يلوم نفسه لأنه من ارتكب الذنب وأما الناصح فكلامه مهما كان مرا فهو نصيحة تبغى نفع المنصوح ثم قال :
13ـ اكسب الجدال بأن تتجنبه:
جاء في الحديث الصحيح: (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا )) إن حب الظهور في معظم الأحيان هو الدافع الأول إلى المجادلة فأنت تود أن تعرض سعة اطلاعك وحسن تنقيبك في الموضوع المطروح للجدال ومثل هذا يحسس الرجل الآخر الذي تجادله، فإذا قهرته بمنطقك السليم وفزت عليه، فإنه لن يعتبر ذلك إلا إهانة منك، وجرحا لكرامته، وهو قلما يغفر لك ذلك بهذا تكون قد اشتريت خصومته دون نفع يصيبك من الشراء "
المراء في الإسلام مطلوب أحيانا كما قال الله لنبيه (ص) في أمر أهل الكهف :
" فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا" ثم قال :
14ـ ابد للناس اهتمامك بهم أكثر من اهتمامك بنفسك:
الناس يحبون ذلك الإنسان الذي يهتم بهم، وبما يفكرون، وما الذي يشغل بالهم وحينما يتحدثون ينصت إلى حديثهم وينظر إليهم ويلخص ما يقولون ويناقشهم فيه "
وهذا الكلام هو نفسه الكلام التالى :
15ـ كن في حاجة الناس: (مثاله: الشيخ ابن باز)
إن الناس يقدرون من يسعى في حاجتهم ويشفع لهم والرسول (ص)يقول : ( أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، تكشف عنه كربا ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ، ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحب إلي من أن تعتكف شهرا )
ولو أدرك العامل والموظف عظم هذا الحديث لأنهى المعاملات في وقتها "
وهو نفسه الكلام التالى :
16ـ قدم خدمات للآخرين قبل أن يأمروك:
إن الناس يشيرون بالبنان لمن يعمل ويخدم ويقدم للآخرين لأنه يأسر قلوبهم بفعله ويكفينا في ذلك قول النبي (ص): ( وعلي جمع الحطب ) "
نفع الناس مطلوب وهو في الأساس نفع للناس بالحسنات المكتسبة كما قال تعالى:
" فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه" ثم قال :
17ـ ناد الناس بأحب أسمائهم وتعرف على أنسابهم:
كان (ص)ينادي الناس بأحب أسمائهم حتى الأطفال الصغار كان يكنيهم أحيانا ( يا أبا عمير ما فعل النغير ؟) وأبو عمير طفل صغير
"جيم فارلي" ما إن بلغ الأربعين من عمره حتى منحته أربع جامعات درجاتها الفخرية وتم تعينه مدير البريد العام في الولايات المتحدة فما سر نجاحه ؟؟ كان يتملك مقدرة فائقة على تذكر أسماء الناس كان يلقى الرجل فيتعرف على اسمه الكامل وأسماء أولاده وأهله المقربين ويستفسر عن عمله وميوله السياسية، ونزعاته الفكرية، ثم يختزن كل ذلك في ذاكرته حتى إذا التقى به ثانية سار الحديث بينهما وكأنه لم ينقطع عنه فيسأله "جيم" عن أولاده وزوجته وأزهار حديقته وفي لغة يشعر معها المسئول بقرابته الفعلية من قلب "جيم" وعواطفه وهكذا إذا أردت أن يحبك الناس فاذكر أسماءهم لأن اسم الرجل هو من أقرب الطرق لكسبه "
الاستشهاد بحكايات الكفار عند الكلام مع المسلمين هو كلام خاطىء ومخالفة لكلام الناس على قدر عقولهم وهو ما قاله الرجل في بداية البحث ثم قال :
18ـ أخلق في الآخر رغبة جامحة في أن يفعل ما تريد منه:
وهي أن تشعر الإنسان بمحبة الأمر حين تعطيه إياه وكان ذلك هو دأب الرسول (ص)فكان يشوق الناس لما يأمرهم به فلما أراد أن يسير جيشا قال: ( لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ) فسار كل فرد يتمنى ذلك
إذا أراد إنسان أن يصرف شخصا عن طبع سيئ مثلا فمن الخطأ أن يقف موقف المرشد الناصح في الوعظ، فتش عن رغبة يود هذا الشخص بلوغها ثم اربط تلك الغاية بالإقلاع عن هذا الطبع السيئ وستجده ينصرف عنه فعلا؛ طمعا في الوصول إلى الغاية لا تأثرا بصواب رأيك ابتداءا (ولا يفهم من هذا التقليل من شأن الوعظ) "
المبدأ في أساسه خاطىء وهو في أن يفعل ما تريد منه فالمفترض أن يفعل ما يريد الله لأنه ما يريده الإنسان قد يكون وقد يكون شرا ثم قال :
19ـ البراعة في الحديث:
إن الناس لا يريدون منك أن تتحدث عن تجاربك وخبراتك فلهم خبرات أيضا وخير محدث هو من يستمع بشغف إلى الآخرين، اسأل مقابلك سؤالا ودعه يتحدث في تخصصه، بذلك يشعر بالامتنان لك وتظفر بصداقته سريعا، إذا أتحت له فرصة التحدث عن تجاربه وظللت مصغيا له باهتمام، إن الاستماع المشغف هو أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك فالناس يحبون من يفتح لهم المجال لتحقيق ذواتهم "
ليس المطلوب من المسلم في كلامه البراعة اللغوية وإنما المطوب منه العدل في كلامه كما قال تعالى :
" وإذا قلت فاعدلوا" ثم قال :
20ـ قدر غيرك تفز بتقديره لك:
إن التقدير من الغير غذاء للنفس كما هو الطعام للجسد، بل إن النفس أرهف حساسية وأحل شأنا؛ قد يصوم المرء وينقطع عن الطعام والشراب، أما عن حاجته إلى تقدير الغير له فلن يستطيع إذا لماذا لا ندع الآخرين يختزنون في ذاكرتهم أنغاما حلوة وكلمات محببة عن تقديرنا لهم وشعورنا بأهميتهم ؟
21ـ تكلم فيما تظن أنه يسر محدثك:
إذا أردت إدخال السرور إلى قلوب الناس حدثهم فيما تظنهم يودون الاستماع إليه أولا، وبذلك تستدرجهم إلى التحدث والحديث الشيق اللذيذ فتصغي إليهم بشغف، ويعتبرونك محدثا بارعا تستطيع جلب مسرتهم "
مبدأ خاطىء فهو تعويد على النفاق فبعض الأخرين يسرهم الذنوب والفواحش والكلام يجب أن يكون عادلا أو موافقا لحكام الله ثم قال :
22ـ امتدح الناس فيما يجيدونه:
اختر شيئا جميلا فيهم وحدثهم عنه ولن تعدم ذلك الشيء الجميل فالناس يختلفون ويتفاوتون، ولكنه لا يمكن إلا أن تجد شيئا جميلا في كل فرد منهم فالناس يحبون أن تمدح الناحية الجميلة فيهم
23ـ الناس يحبون الشكر والتشجيع:
وإن كان الأصل في المسلم أنه يعمل العمل ابتغاء رضا الله ولا ينتظر شكر الناس، ولكن ذلك طبع في البشر وذلك لا بأس منه شرعا روى أحمد والترمذي: (( من لم يشكر الناس لا يشكره الله )) وكذلك قوله (ص)
( التشجيع يسر الآخرين ):
في رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله (ص): (لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فأضعن حيث شئت ، وصل حبل من شئت ، واقطع حبل من شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت واعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك و والله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك) فسر رسول الله (ص)بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال
وما قيل عن مدح الناس يخالف أن المسلمين لا يزكون بعضهم البعض كما قال تعالى :
"فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
ثم طالبنا بالابتسام فقال :
24ـ ابتسم للناس يبتسمون لك :
إن قسمات الوجه خير معبر عن مشاعر صاحبه فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلة لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين، قال (ص)في الحث على البشر والتلاطف: (( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة )) "
ثم قال :
25ـ تهادوا تحابوا:
الهدية قد تكون بسيطة جدا في قيمتها ولكنها تدخل سرورا وتظهر مدى الاهتمام بالمهدى إليه ففي حديث أبي هريرةعن المصطفى (ص)
الرواية لا تصح فالحب ليس بالتهادى وإنما بأمور متعددة ولو كان صحيحا لأحب سليمان(ص) ملكة سبأ وقومها لأنهم أهدوه هدية ثم قال:
26ـ دع الغير يظن أن الفكرة هي فكرته:
إذا أردت أن تكسب روح التعاون عند الآخرين فاجعل الشخص الآخر يحس أن الفكرة هي فكرته ؛ فالرجل العاقل إذا أراد أن يتصدر الناس جعل نفسه خلفهم "
هذا تعليم الناس شهادة الزور وهو املا لا يصح فالعمل هو عمل صاحبه وكرر ما سبق قوله عن جرح المشاعر فقال :
27ـ تفهم عواطف الآخرين، واستثر عواطفهم النبيلة:
كما أن لك عاطفة تسوقك في كثير من الأحيان إلى اتخاذ موقف معين، أو تبني رأي خاص فإن للآخرين عواطف أيضا، وكما يسرك بأن يراعي الآخرين عاطفتك، فإنهم يسرهم أن تراعي عواطفهم بنفس المقدار "
كما سبق القول المفروض مراعاة رضا الله وليس الناس