- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
أظهر مسلسل باب الحارة بأجزائه الستة المجتمع الدمشقي وكأنه جزيرة معزولة عن العالم لا علاقة له بالحضارة والحداثة وإيقاع العصر الذي يرصده، وفي هذا السياق بيّن الدكتور "سامي المبيض" المختص بتاريخ مدينة دمشق السياسي والاجتماعي المعاصر من عام 1908 وحتى عام 1958 بعض الجوانب المغيّبة في المسلسل وكشف المعلومات المشوهة التي يقدمها والتي لا تمت لتاريخ دمشق بصلة، وإن لم يعلن ذلك صراحة، عندما اتصل به أحد القيّمين على العمل عام 2006 يسأله هل كان هناك كهرباء في دمشق عام 1932 حيث تدور أحداث "باب الحارة" فأجابه نعم موضحاً أن التيار الكهربائي (الكوران) دشن في عاصمة اﻷمويين عام 1907.
وأضاف: للحقيقة أنا أحب هذا العمل وأقدر الجهود التي بذلت من أجله وﻻ أنكر أنه دخل التاريخ من بابه الواسع، ولكنني ذهلت عند مشاهدة الجزء اﻷول لكثرة اﻷخطاء التاريخية ومن أبرز هذه الأخطاء -كما يقول المبيض- أن دمشق لم تغلق أبوابها يوماُ، بل كانت دوماً مدينة النور والعلم والتجارة. ولمن يكن هناك باب يُغلق في حارات دمشق، مثل العصور الوسطى في أوروبا، وغابت المظاهر الثقافية عن المسلسل إذ لم نشاهد سينما واحدة في المسلسل أو جريدة، أومطبعة، أو ندوة ثقافية رغم أن الواقع آنذاك يقول إن دمشق عام 1932 كانت مدينة متطورة للغاية، فيها صناعة سينما وقانون سير للمركبات وترامواي وندوات أدبية وحفﻼت سهر على موسيقى غربية مثل "فرانك سيناترا" أو شرقية على ألحان عبد الوهاب وأم كلثوم، فيها مظاهرات نسائية، ورجال فكر، وجامعة قلَّ مثيلها بالعالم اسمها الجامعة السورية، ومع الاحترام الشديد لنبل مهنة الخضرجي، والحﻼق، والفران، والمجلخ، فإن في دمشق رجالات أفذاذا مثل الشهبندر والخوري والبارودي وغيرهم.
أما العلم الفرنسي الموجود في مخفر أبو جودت والمعلق بااتجاه الخاطئ، فألوانه عامودية وليست أفقية. ولم يكن أبناء العائﻼت الثرية بدمشق يلبسون الشروال، بل "القمباز"، فالـشروال للفعّالة وعمّال اﻷرض فقط. ولم يكن الطربوش يوضع "طب" على الطاولة بعد خلعه من على الرأس، فهذا فأل بشع.
ولأن الطربوش "الطب" يوضع على نعش الميت فقط، ولم تكن دمشق تشبه شيكاغو في افﻼم الكاوبوي، وﻻ أحد يُخرج خنجره للقتال في أي وقت أو أي ظرفٍ كان. فالخنجر سﻼح أبيض ولم تكن فرنسا تسمح باستخدامه بهذا الشكل الكوميدي. وكانت سيدات دمشق مثالاً للرقي واﻷنوثة واللباقة وااحترام، ﻻ يتكلمن مع بعضهن البعض بهذا الشكل القبيح.
وكان بعضهن يومها يدرسن في الجامعة بعضهن يكتبن في الصحف المحلية. ويعلق الدكتور المبيض على تسمية "العقيد" التي لم تكن موجودة في حارات دمشق بل تسمية "الزعيم" هي السائدة وكان هذا الزعيم يمثل اﻷهالي ويحمي مصالحهم، وكان هناك "أزعر" يسطو على أرزاقهم، والشخصية اﻷقرب إلى واقع الحال هي شخصية "أبو عنتر" في أعمال اﻷبيض واﻷسود. والغريب كما يقول د. المبيض إن العمل يتحدث بإصرار عن ثورة الغوطة عام 1932 رغم أن هذه الثورة انتهت كلياً عام 1927.
ولاحظ متابعو المسلسل في جزئه السادس أن هناك تسييساً مفضوحاً من خلال تدخّل الرقيب الأمني في تمرير أفكار وإسقاطات تسيء للثورة السورية وتظهرها بمظهر العبثية واللاجدوى. ففي مقطع يجمع ا"لعقيد" معتز بـ "سمعو" الهارب من سجن القلعة بدمشق يطلب من العقيد تجهيز رجاله للهجوم على السجن وتحرير الكثير من المظلومين فيه، فيرد عليه معتز -الذي عرف بحماسته المفرطة وإقدامه على المخاطر والمغامرة- في الأجزاء الماضية أن الهجوم على سجن القلعة "بدو سلاح خيرات الله" وأن العملية معقدة، وهنا يصمت سمعو ولا يجيب في إشارة إلى قلة الحيلة، وهذا الجواب القصير أراد النظام من خلاله أن يوحي للجميع بعبثية مهاجمة سجونه وتحرير الأسرى. وهناك مقاطع ومواقف أخرى في ثنايا العمل تكشف التدخل الرقابي الفجّ في مسلسل كرّست أجزاؤه الماضية مفاهيم الثورة على الانتداب الفرنسي ولكنه تحول في جزئه السادس ليكرّس مفاهيم توحي بحتمية الخنوع والرضوخ للقوة والجبروت "لمجرد أن النظام "عايز كدة".
وأضاف: للحقيقة أنا أحب هذا العمل وأقدر الجهود التي بذلت من أجله وﻻ أنكر أنه دخل التاريخ من بابه الواسع، ولكنني ذهلت عند مشاهدة الجزء اﻷول لكثرة اﻷخطاء التاريخية ومن أبرز هذه الأخطاء -كما يقول المبيض- أن دمشق لم تغلق أبوابها يوماُ، بل كانت دوماً مدينة النور والعلم والتجارة. ولمن يكن هناك باب يُغلق في حارات دمشق، مثل العصور الوسطى في أوروبا، وغابت المظاهر الثقافية عن المسلسل إذ لم نشاهد سينما واحدة في المسلسل أو جريدة، أومطبعة، أو ندوة ثقافية رغم أن الواقع آنذاك يقول إن دمشق عام 1932 كانت مدينة متطورة للغاية، فيها صناعة سينما وقانون سير للمركبات وترامواي وندوات أدبية وحفﻼت سهر على موسيقى غربية مثل "فرانك سيناترا" أو شرقية على ألحان عبد الوهاب وأم كلثوم، فيها مظاهرات نسائية، ورجال فكر، وجامعة قلَّ مثيلها بالعالم اسمها الجامعة السورية، ومع الاحترام الشديد لنبل مهنة الخضرجي، والحﻼق، والفران، والمجلخ، فإن في دمشق رجالات أفذاذا مثل الشهبندر والخوري والبارودي وغيرهم.
أما العلم الفرنسي الموجود في مخفر أبو جودت والمعلق بااتجاه الخاطئ، فألوانه عامودية وليست أفقية. ولم يكن أبناء العائﻼت الثرية بدمشق يلبسون الشروال، بل "القمباز"، فالـشروال للفعّالة وعمّال اﻷرض فقط. ولم يكن الطربوش يوضع "طب" على الطاولة بعد خلعه من على الرأس، فهذا فأل بشع.
ولأن الطربوش "الطب" يوضع على نعش الميت فقط، ولم تكن دمشق تشبه شيكاغو في افﻼم الكاوبوي، وﻻ أحد يُخرج خنجره للقتال في أي وقت أو أي ظرفٍ كان. فالخنجر سﻼح أبيض ولم تكن فرنسا تسمح باستخدامه بهذا الشكل الكوميدي. وكانت سيدات دمشق مثالاً للرقي واﻷنوثة واللباقة وااحترام، ﻻ يتكلمن مع بعضهن البعض بهذا الشكل القبيح.
وكان بعضهن يومها يدرسن في الجامعة بعضهن يكتبن في الصحف المحلية. ويعلق الدكتور المبيض على تسمية "العقيد" التي لم تكن موجودة في حارات دمشق بل تسمية "الزعيم" هي السائدة وكان هذا الزعيم يمثل اﻷهالي ويحمي مصالحهم، وكان هناك "أزعر" يسطو على أرزاقهم، والشخصية اﻷقرب إلى واقع الحال هي شخصية "أبو عنتر" في أعمال اﻷبيض واﻷسود. والغريب كما يقول د. المبيض إن العمل يتحدث بإصرار عن ثورة الغوطة عام 1932 رغم أن هذه الثورة انتهت كلياً عام 1927.
ولاحظ متابعو المسلسل في جزئه السادس أن هناك تسييساً مفضوحاً من خلال تدخّل الرقيب الأمني في تمرير أفكار وإسقاطات تسيء للثورة السورية وتظهرها بمظهر العبثية واللاجدوى. ففي مقطع يجمع ا"لعقيد" معتز بـ "سمعو" الهارب من سجن القلعة بدمشق يطلب من العقيد تجهيز رجاله للهجوم على السجن وتحرير الكثير من المظلومين فيه، فيرد عليه معتز -الذي عرف بحماسته المفرطة وإقدامه على المخاطر والمغامرة- في الأجزاء الماضية أن الهجوم على سجن القلعة "بدو سلاح خيرات الله" وأن العملية معقدة، وهنا يصمت سمعو ولا يجيب في إشارة إلى قلة الحيلة، وهذا الجواب القصير أراد النظام من خلاله أن يوحي للجميع بعبثية مهاجمة سجونه وتحرير الأسرى. وهناك مقاطع ومواقف أخرى في ثنايا العمل تكشف التدخل الرقابي الفجّ في مسلسل كرّست أجزاؤه الماضية مفاهيم الثورة على الانتداب الفرنسي ولكنه تحول في جزئه السادس ليكرّس مفاهيم توحي بحتمية الخنوع والرضوخ للقوة والجبروت "لمجرد أن النظام "عايز كدة".