رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
السكر فى القرآن
مما لا شك فيه أن المعنى المعروف لكلمة السكر ومشتقاتها كسكارى وسكرة وسكرات فى المعاجم اللغوية ساهمت فى تضليل الناس وابعادهم عن فهم آيات من القرآن والغريب أيضا اتهام الله سبحانه وتعالى أنه أحل الخمر فى كتابه من خلال التفسير الخاطىء لقوله تعالى :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ"
افتح أى تفسير من القدامى أو المحدثين حتى القرآنيين أنفسهم أو قل بعض من لهم هوى فى الكفر :
احلوا شرب الخمر بناء على الآية
وبعضهم اعتمد على تفسير محمد شحرور فى كون الخمر ليست محرمة ومن ثم استحلوا شرب الخمر وهو قوله فى الفصل الثانى السنة النبوية فيما يبدو من كتابه منهج محمد شحرور :
"أما الإثم بحق، وهو عندنا غير محرم، فمثاله الخمر يقول تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} البقرة 219. ونفهم أن الخمر فيها إثم كبير"
وقال :
"من باب الضرورة والاضطرار من جهة، ومن باب آخر وهو الأهم، هو أننا نعتمد على خاصية نافعة في الخمر أوجدها تعالى فيها بالحق، وأشار إليها في الآية. وهذا هو الإثم بالحق. ونحن نعلم أنه أتى على الإنسان حين من الدهر استعمل الخمر (المواد الكحولية) كمادة مخدرة في الطب والعمليات الجراحية وهذه منافع للناس. لذا جاء حكم الخمر نهياً {فهل أنتم منتهون} وليس تحريماً."
وقال :
"يبقى أخيراً أن نشير إلى أن الأمر بالاجتناب يشمل رجس الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، أي أننا مأمورون باجتناب السكر والقمار باعتبارهما منهي عنهما وباجتناب الذبح على الأنصاب والاستقسام بالأزلام باعتبارهما محرمين. أما القول بأن الرجس نجس وقذر وأن رجس الخمر هو الخمر ذاتها فليس عندنا بشيء"
المهم هو اجماع المفسرين عدا محلى الخمر على تفسير سكارى فى آية عدم قرب الصلاة عند السكر على أنها نهى عن شرب الخمر قبل الصلاة بوقت كافى لزوال أثر الخمر ومن تلك التفاسير شيعية وسنية قديمة وحديثة ما يلى :
"وقيل في معنى السكر المذكور في الآية قولان: أحدهما - قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابراهيم: إنه السكر من الشراب، وقال مجاهد، والحسن، وقتادة نسخها تحريم الخمر. الثاني - قال الضحاك هو سكر النوم خاصة." التبيان فى تفسير القرآن ج3 ص205
"تستفاد من الآية الحاضرة عدّة أحكام إِسلامية هي:
1 ـ حرمة الصّلاة في حال السكر، أي لا يجوز للسكارى أن يقربوا الصّلاة لبطلان صلاتهم في حالة السكر، وفلسفة ذلك واضحة، فإِن الصلاة حديث العبد إِلى ربّه ومناجاته ودعاؤه، ولابدّ أن يتمّ كل هذا في حالة الوعي الكامل، والسكارى أبعد ما يكونون عن هذه الحالة: (يا أيّها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وهنا يمكن أن يطرح أحد سؤالا هو: أليس مفهوم الآية هو المنع من شرب المسكرات إِذا بقي أثرها وسكرها إِلى وقت الصلاة، وهو ينطوي على دليل"تفسير ألأمثل لمكارم الشيرازى ج3 ص243
ثم نزل قوله تعالى : { لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنتُمْ سكارى } فاقتضى ذلك تحريم شرب الخمر وقت الصلاة ، لأن شارب الخمر لا يمكنه أن يصلي إلا مع السكر ، فكان المنع من ذلك منعاً من الشرب ضمناً ، ثم نزلت آية المائدة فكانت في غاية القوة في التحريم ، وعن الربيع بن أنس أن هذه الآية نزلت بعد تحريم الخمر ." تفسير الرازى ج3 ص274
ثم نزلت آية سورة النساء )يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون(، فتجنب المسلمون شربها في الأوقات التي يظن بقاء السكر منها إلى وقت الصلاة؛" تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور ج4 ص442
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) أي لا تصلّوا حال السكر حتى تعلموا قبل الشروع فيها ما ستقرءونه وما ستعملونه، ذاك أن حال السكر لا يتأتى معها الخشوع والخضوع والحضور مع الله بمناجاته بكتابه وذكره ودعائه.
وهذا الخطاب موجه إلى المسلمين قبل السكر بأن يجتنبوه إذا ظنوا أنهم سيصلّون، ليحتاطوا فيجتنبوه فى أكثر الأوقات، وقد كان هذا تمهيدا لتحريم السكر تحريما باتا لا هوادة فيه، إذ من يتقى أن يجئ عليه وقت الصلاة وهو سكران يترك الشرب عامة النهار وأول الليل لتفرّق الصلوات الخمس فى هذه المدة. فلم يبق للسكر إلا وقت النوم من بعد العشاء إلى السحر فيقلّ الشراب لمزاحمة النوم له، وأول النهار من صلاة الفجر إلى وقت الظهيرة وقت الكسب والعمل لأكثر الناس، ويقل أن يسكر فيه إلا أصحاب البطالة والكسل."تفسير المراغى ج5 ص42
وفي تفسير فى ظلال القرآن لسيد قطب ج 2 ، ص : 668
الغريب أن البعض فى القدامى كان له وجهة نظر أخرى وهى :
أن سكارى لا تعنى شاربى الخمر وإنما تعنى :
النوم أو الناعسين
وهو ما جاء فى أول تفسير ذكرناه وهو التبيان فى تفسير القرآن للطوسى فى قوله :
" الثاني - قال الضحاك هو سكر النوم خاصة." التبيان فى تفسير القرآن ج3 ص205
والغريب أن هذا هو :
التفسير الصحيح
فالله لا يحل الخمر وما أحلها لا قبل ولا بعد ولا حرمها بالتدريج لأنه لا يحل حرجا أى ضررا كما قال تعالى :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج "
والعجيب أن الكلمة وردت بمعنى نعاس الموت وهو انتقال النفس من الدنيا لحياة البرزخ فى قوله تعالى :
"وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ"
فالمحتضر يكون متيقظ وغير متيقظ فهو متيقظ لما يراه من الجنة والنار مصيره ولكن غير متيقظ لأنه لا يستجيب لمن حوله من أهل الدنيا
إن الحالة التى يتحدث عنها القرآن فى الآية هى :
حالة معروفة لدى الكل أو معظم الناس بأن أجسامهم لا تقدر على حملهم كمن يقول أن يديه ورجليه مخدرتان أو يقول أنه سيغمى عليه أو من يجد عينيه قفلتا لثوانى وغاب عما حوله وبعد ثوانى يفتح عينيه والبعض منا يطلق على تلك الحالة:
التفقير حيث يخفق الرأس لأسفل وبعد لحظة يرتفع لأعلى ويفتح العينين
إذا نهانا الله عن الصلاة عندما نكون فى حالة نعاس أو تعب يؤدى للنعاس وهو حالة ليست نوم عميق وإنما هى نوم متقطع
ومن فسروا السكر بشرب الخمر من اصحاب الصلوات الخمس كان عليهم أن يفكروا فى أن الفواصل الوقتية بين تلك الصلوات لا يمكن أن تسمح للمخمور بأن يفيق من سكره إلا بعد صلاتين أو ثلاثة متتالية حيث يحتاج المخمور لخمس ساعات على أقل تقدير للفواق وهذا يتعارض مع عدم الفواق قبل كل صلاة ومن ثم لن يكون هناك صلاة لهذا المخمور لو شرب مرتين فى اليوم
ومن ثم يجب علينا العودة للتفسير الثانى فهو التفسير الصحيح لأنه يحمينا من مصائب كبرى وهى :
الأولى أن الله حلل ما فيه ضرر على المسلمين نعوذ بالله من ذلك
الثانية أن الله حرم الخمر تدريجيا وهو ما يناقض أن كل آيات الخمر والسكر حرمت الخمر فعندما وضع السكر مقابل الرزق الحسن فقد حرم السكر باعتباره رزق سوء أى حرام كما قال تعالى :
"وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"
وعندما قال :
" وإثمهما أكبر من نفعهما "
فقد حرم الخمر والميسر تماما بقوله تعالى :
"يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما
وعندما قال :
رجس من عمل الشيطان وقال فاجتنبوه
فقد حرم الخمر بقوله تعالى :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
من ظن أن الله أحل الخمر تدريجيا أو أحلها كلها فقد أساء الظن بالله فالله لا يحل أن يضر الإنسان نفسه بشرب الخمر وأن يضر غيره وهم عائلته حيث يضيع قوتهم وأن يضر غيرهم من خلال الاعتداء عليهم سواء بالكلام أو بالفعل فى حالة الغيبوبة التى يكون فيها وهو ما يسمونه :
السكر
واستغفر الله من اعتناقى هذا التفسير وقتا لأنه كان ايمان بلا تفكير
مما لا شك فيه أن المعنى المعروف لكلمة السكر ومشتقاتها كسكارى وسكرة وسكرات فى المعاجم اللغوية ساهمت فى تضليل الناس وابعادهم عن فهم آيات من القرآن والغريب أيضا اتهام الله سبحانه وتعالى أنه أحل الخمر فى كتابه من خلال التفسير الخاطىء لقوله تعالى :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ"
افتح أى تفسير من القدامى أو المحدثين حتى القرآنيين أنفسهم أو قل بعض من لهم هوى فى الكفر :
احلوا شرب الخمر بناء على الآية
وبعضهم اعتمد على تفسير محمد شحرور فى كون الخمر ليست محرمة ومن ثم استحلوا شرب الخمر وهو قوله فى الفصل الثانى السنة النبوية فيما يبدو من كتابه منهج محمد شحرور :
"أما الإثم بحق، وهو عندنا غير محرم، فمثاله الخمر يقول تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} البقرة 219. ونفهم أن الخمر فيها إثم كبير"
وقال :
"من باب الضرورة والاضطرار من جهة، ومن باب آخر وهو الأهم، هو أننا نعتمد على خاصية نافعة في الخمر أوجدها تعالى فيها بالحق، وأشار إليها في الآية. وهذا هو الإثم بالحق. ونحن نعلم أنه أتى على الإنسان حين من الدهر استعمل الخمر (المواد الكحولية) كمادة مخدرة في الطب والعمليات الجراحية وهذه منافع للناس. لذا جاء حكم الخمر نهياً {فهل أنتم منتهون} وليس تحريماً."
وقال :
"يبقى أخيراً أن نشير إلى أن الأمر بالاجتناب يشمل رجس الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، أي أننا مأمورون باجتناب السكر والقمار باعتبارهما منهي عنهما وباجتناب الذبح على الأنصاب والاستقسام بالأزلام باعتبارهما محرمين. أما القول بأن الرجس نجس وقذر وأن رجس الخمر هو الخمر ذاتها فليس عندنا بشيء"
المهم هو اجماع المفسرين عدا محلى الخمر على تفسير سكارى فى آية عدم قرب الصلاة عند السكر على أنها نهى عن شرب الخمر قبل الصلاة بوقت كافى لزوال أثر الخمر ومن تلك التفاسير شيعية وسنية قديمة وحديثة ما يلى :
"وقيل في معنى السكر المذكور في الآية قولان: أحدهما - قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابراهيم: إنه السكر من الشراب، وقال مجاهد، والحسن، وقتادة نسخها تحريم الخمر. الثاني - قال الضحاك هو سكر النوم خاصة." التبيان فى تفسير القرآن ج3 ص205
"تستفاد من الآية الحاضرة عدّة أحكام إِسلامية هي:
1 ـ حرمة الصّلاة في حال السكر، أي لا يجوز للسكارى أن يقربوا الصّلاة لبطلان صلاتهم في حالة السكر، وفلسفة ذلك واضحة، فإِن الصلاة حديث العبد إِلى ربّه ومناجاته ودعاؤه، ولابدّ أن يتمّ كل هذا في حالة الوعي الكامل، والسكارى أبعد ما يكونون عن هذه الحالة: (يا أيّها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وهنا يمكن أن يطرح أحد سؤالا هو: أليس مفهوم الآية هو المنع من شرب المسكرات إِذا بقي أثرها وسكرها إِلى وقت الصلاة، وهو ينطوي على دليل"تفسير ألأمثل لمكارم الشيرازى ج3 ص243
ثم نزل قوله تعالى : { لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنتُمْ سكارى } فاقتضى ذلك تحريم شرب الخمر وقت الصلاة ، لأن شارب الخمر لا يمكنه أن يصلي إلا مع السكر ، فكان المنع من ذلك منعاً من الشرب ضمناً ، ثم نزلت آية المائدة فكانت في غاية القوة في التحريم ، وعن الربيع بن أنس أن هذه الآية نزلت بعد تحريم الخمر ." تفسير الرازى ج3 ص274
ثم نزلت آية سورة النساء )يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون(، فتجنب المسلمون شربها في الأوقات التي يظن بقاء السكر منها إلى وقت الصلاة؛" تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور ج4 ص442
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) أي لا تصلّوا حال السكر حتى تعلموا قبل الشروع فيها ما ستقرءونه وما ستعملونه، ذاك أن حال السكر لا يتأتى معها الخشوع والخضوع والحضور مع الله بمناجاته بكتابه وذكره ودعائه.
وهذا الخطاب موجه إلى المسلمين قبل السكر بأن يجتنبوه إذا ظنوا أنهم سيصلّون، ليحتاطوا فيجتنبوه فى أكثر الأوقات، وقد كان هذا تمهيدا لتحريم السكر تحريما باتا لا هوادة فيه، إذ من يتقى أن يجئ عليه وقت الصلاة وهو سكران يترك الشرب عامة النهار وأول الليل لتفرّق الصلوات الخمس فى هذه المدة. فلم يبق للسكر إلا وقت النوم من بعد العشاء إلى السحر فيقلّ الشراب لمزاحمة النوم له، وأول النهار من صلاة الفجر إلى وقت الظهيرة وقت الكسب والعمل لأكثر الناس، ويقل أن يسكر فيه إلا أصحاب البطالة والكسل."تفسير المراغى ج5 ص42
وفي تفسير فى ظلال القرآن لسيد قطب ج 2 ، ص : 668
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى - حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ - وَلا جُنُباً - إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ - حَتَّى تَغْتَسِلُوا ...»
كما منعت الآية - الذين آمنوا - أن يقربوا الصلاة وهم سكارى - حتى يعلموا ما يقولون - كذلك منعتهم من الصلاة وهم جنب - إلا عابري سبيل - حتى يغتسلوا .."الغريب أن البعض فى القدامى كان له وجهة نظر أخرى وهى :
أن سكارى لا تعنى شاربى الخمر وإنما تعنى :
النوم أو الناعسين
وهو ما جاء فى أول تفسير ذكرناه وهو التبيان فى تفسير القرآن للطوسى فى قوله :
" الثاني - قال الضحاك هو سكر النوم خاصة." التبيان فى تفسير القرآن ج3 ص205
والغريب أن هذا هو :
التفسير الصحيح
فالله لا يحل الخمر وما أحلها لا قبل ولا بعد ولا حرمها بالتدريج لأنه لا يحل حرجا أى ضررا كما قال تعالى :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج "
والعجيب أن الكلمة وردت بمعنى نعاس الموت وهو انتقال النفس من الدنيا لحياة البرزخ فى قوله تعالى :
"وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ"
فالمحتضر يكون متيقظ وغير متيقظ فهو متيقظ لما يراه من الجنة والنار مصيره ولكن غير متيقظ لأنه لا يستجيب لمن حوله من أهل الدنيا
إن الحالة التى يتحدث عنها القرآن فى الآية هى :
حالة معروفة لدى الكل أو معظم الناس بأن أجسامهم لا تقدر على حملهم كمن يقول أن يديه ورجليه مخدرتان أو يقول أنه سيغمى عليه أو من يجد عينيه قفلتا لثوانى وغاب عما حوله وبعد ثوانى يفتح عينيه والبعض منا يطلق على تلك الحالة:
التفقير حيث يخفق الرأس لأسفل وبعد لحظة يرتفع لأعلى ويفتح العينين
إذا نهانا الله عن الصلاة عندما نكون فى حالة نعاس أو تعب يؤدى للنعاس وهو حالة ليست نوم عميق وإنما هى نوم متقطع
ومن فسروا السكر بشرب الخمر من اصحاب الصلوات الخمس كان عليهم أن يفكروا فى أن الفواصل الوقتية بين تلك الصلوات لا يمكن أن تسمح للمخمور بأن يفيق من سكره إلا بعد صلاتين أو ثلاثة متتالية حيث يحتاج المخمور لخمس ساعات على أقل تقدير للفواق وهذا يتعارض مع عدم الفواق قبل كل صلاة ومن ثم لن يكون هناك صلاة لهذا المخمور لو شرب مرتين فى اليوم
ومن ثم يجب علينا العودة للتفسير الثانى فهو التفسير الصحيح لأنه يحمينا من مصائب كبرى وهى :
الأولى أن الله حلل ما فيه ضرر على المسلمين نعوذ بالله من ذلك
الثانية أن الله حرم الخمر تدريجيا وهو ما يناقض أن كل آيات الخمر والسكر حرمت الخمر فعندما وضع السكر مقابل الرزق الحسن فقد حرم السكر باعتباره رزق سوء أى حرام كما قال تعالى :
"وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"
وعندما قال :
" وإثمهما أكبر من نفعهما "
فقد حرم الخمر والميسر تماما بقوله تعالى :
"يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما
وعندما قال :
رجس من عمل الشيطان وقال فاجتنبوه
فقد حرم الخمر بقوله تعالى :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
من ظن أن الله أحل الخمر تدريجيا أو أحلها كلها فقد أساء الظن بالله فالله لا يحل أن يضر الإنسان نفسه بشرب الخمر وأن يضر غيره وهم عائلته حيث يضيع قوتهم وأن يضر غيرهم من خلال الاعتداء عليهم سواء بالكلام أو بالفعل فى حالة الغيبوبة التى يكون فيها وهو ما يسمونه :
السكر
واستغفر الله من اعتناقى هذا التفسير وقتا لأنه كان ايمان بلا تفكير