على بركة الله نكمل
الأســواق المـــاليـــــة
مقدمة:
بعد ان تناولنا أهم المفاهيم الاساسية التعلقة بالتحليل الاساسي ، سنبدأ بعون الله في تناول الاسواق المالية بالشرح المفصل وذلك لفهم هذه الاسواق وعلاقتها بسوق العملات خاصة وذلك في خطوة أولية لفهم أسلوب المتاجرة في هذه الاسواق وعلاقتها بالاقتصاد والاوضاع الاقتصادية في الدولة
وقبل ان نبدأ في تناول شرح هذه الاسواق سنلقى الضوء اولاً على مصطلح هام ومعروف جدا لدى الجميع في الوقت الذي قد يغيب تعريفه او مفهومه عن الكثير منا ، وهذا المصلح هو "البورصة" ، فما هي البورصة واين توجد
البورصة
البورصة مصطلح من المصطلحات الشهيرة في عالم الاقتصاد ، حيث يتكرر بكثرة في الاخبار والاوساط الاقتصادية والكثير منا في الحقيقة لا يعرف او لا يفهم بشكل صحيح ما هي البورصة.
البورصة بكل بساطة عبارة عن سوق مثلها مثل اي سوق نعرفه ولكن الفرق الأساسي بينها وبين باقي الاسواق انه في البورصة لا يتم المتاجرة في السلع او البضائع في حد ذاتها وانما يتم المتاجرة بها عن طريق اوراق مالية ولهذا تسمى البورصة
بسوق الاوراق المالية.
كيف ؟
البورصة هي تجمع لعدد كبير من الشركات والمؤسسات حيث يتم عرض منتجات هذه الشركات على هيئة أوراق مالية فمن يرغب في شراء أحد المنتجات عليه بشراء ورقة مالية تعبر عن قيمة المنتج.
أي ان لكل سلعة او منتج او بضاعة ورقة مالية تعبر عن قيمتها وربما تكون هذه الورقة المالية معبرة عن عدد معين من منتج معين او اكثر.
اي بمعنى آخر ، انت تشتري مستند يثبت شراءك للمنتج.
و قد يسأل سائل ،
وماذا افعل بهذا المستند؟
في الواقع ، من يشتري ورقة مالية يعرف انه يشتريها كي يبيعها لاحقا ، و يشتري من جديد اوراق مالية اخرى وهكذا..
لماذا؟
ببساطة لأن من يشتري ورقة مالية يعتقد ان قيمتها سترتفع ولذلك سينتظر ليبيعها بسعر اعلى من سعر الشراء ويحصل على الفارق كربح قد يكون ربحا جيد.
والبورصة هي من يتحكم وينظم عمليات بيع وشراء هذه الاوراق المالية ، لكل ورقة مالية طريقة للتعامل من حيث البيع والشراء وذلك بناء على قواعد قانونية وفنية معينة تحكم عمليات التعامل مع الاوراق المالية من حيث اختيارها والتصرف فيها.
ومن الجدير ذكره ، الاوراق المالية اما ان تكون سندات او أسهم أو سلع
ما هي الأسهم؟
السهم عبارة عن نسبة معينة في رأس مال شركة ما بحيث يعرض للبيع لعامة الناس فمن يملك ثمنه يمكنه شراءه ليصبح مساهم في رأس مال الشركة.
أي اذا قدر راس مال شركة ما بـ 1000 سهم وكان سعر السهم 1000 دولار وتم طرح 500 سهم للبيع فإنه يمكن لأي شخص شراء ما يستطيع من اسهم.
السؤال الآن ،
لماذا تطرح الشركة اسهمها للبيع؟
في الواقع ، ان الشركات قد تحتاج الى زيادة رأس المال فتسعى لطرح اسهم الشركة لعامة الناس وعند شراءهم لهذه الأسهم تكون الشركة قد تحصلت على مبلغ جيد يضاف الى رأس المال.
فلو قرر تامر شراء 10 اسهم فعليه ان يدفع 10000 دولار للحصول عليها.
و قد تسأل نور ،
لماذا يشتري تامر هذه الاسهم و ماذا سيستفيد من ذلك؟
والاجابة ، ان تامر يود استثمار مبلغ 10000 دولار في تجارة الاسهم ، حيث انه يعتقد ان هذه الشركة سوف تزدهر وتنجح ولذلك فإن أسهم الشركة سوف ترتفع اسعارها وعندها قد يبيع تامر بعض الاسهم كي يحصل على ربح جيد.
او قد ينتظر تامر ان يتحصل على نسبة من ارباح الشركة لأنه يملك جزء من راس مالها متثملا في عدد الاسهم التي يملكها.
فمثلا ، لو ارتفع سعر سهم الشركة واصبح 1500 دولار فإن تامر يستطيع بيع العشرة اسهم بسعر 15000 دولار وبهذا فإنه تحصل على 5000 دولار ربح.
اذا السهم ( او الاسهم ) عبارة عن ورقة مالية تشتري بقيمة ويمكن بيعها في اي وقت لاحقا لتحقيق ربح معين ، كما يمكن الاحتفاظ بها والحصول على نسبة من ارباح الشركة تعادل نسبة اسهمه في رأس مال الشركة.
وبالطبع قد تنخفض قيمة السهم وبهذا فإن بيع الاسهم سيكون خسارة طبعاً. وقد يتحمل ايضا تامر جزء من الخسارة كونه مالكا لنسبة من رأس المال.
وبالطبع هناك الكثير من القواعد التي تنظم عملية شراء وبيع الاسهم وكل ذلك طبعا يتم عن طريق البورصة.
ما هي السندات؟
السندات هي وسيلة اخرى تحصل بها شركة ما على مزيد من المبالغ لاستخدامها في تطوير امكانيات الشركة او اضافة خدمات او منتجات اضافية للشركة.
كيف؟
تسعى الشركة الى أحد البنوك كي يطرح سندات خاصة بالشركة لعامة الناس وذلك لبيعها والحصول على مبالغ اضافية للشركة.
وفي الواقع ان هذه السندات عبارة عن قروض يقرضها عامة الناس ( واحيانا البنوك ) للشركة نظير فائدة محددة مسبقاً يستفيد بها من يشتري هذه السندات.
اي انه يمكن لأبو خليل ان يشتري احد هذه السندات الخاصة بالشركة ويحتفظ بها الى حين موعد سدادها ليحصل على ثمنها بالاضافة الى قيمة الفائدة المترتبة على السند.
وهنا يتدخل أبو عمر ويسأل ،
هل يترتب على دفع الفائدة خسارة للشركة؟
في الواقع اذا كانت الشركة جيدة ففي الغالب ستكون رابحة وليست خاسرة لأنه عندما اشترى ابو خليل احد هذه السندات بـ 10000 دولار مثلا ، فإن هذا المبلغ تم استثماره عن طريق الشركة لتقديم خدمات او منتجات جديدة بحيث زادت ارباح الشركة ولا بأس اذا دفعت فائدة بسيطة لابو خليل.
( أوعى تاخذ فائدة يا ابو خليل )
وايضا من ينظم ويتحكم في كل هذه العمليات هي البورصة
ما هي السلع؟
السلع عبارة عن منتج قد يكون زراعي او صناعي مثل النفط والمعادن والأغذية.
فمثلا ، قد تشتري عن طريق البورصة بعض البراميل من النفط و قد تشتري بضع اوقيات من الذهب او الفضة او الالمونيوم وربما قد تكون من محبي المتاجرة في السكر او الذرة.. الخ
وكل هذه تسمى سلع ( رغم انها تصنف بأسماء اخرى للتوضيح ) ويمكنك المتاجرة بأي منها عن طريق البورصة.
وبالطبع عند شراءك لثلاث اوقيات من الذهب فإنك لن تمسكها بيدك و تعود بها للبيت فإنك حتى لن تراها ولكنك تحصل على ورقة مالية تثبت ملكيتك لهذه الاوقيات الثلاثة وهذه الورقة المالية في الغالب ستكون ورقة الكترونية فأنت لن تذهب الى الوول ستريت في نيويورك لتحصل عليها وانما سيرسل لك مستند الكتروني عن طريق الانترنت يثبت مليكتك لثلاث اوقيات.
وطبعا هكذا مع باقي السلع
ملاحظة:
هذه فكرة مبسطة عن هذه الاسواق وسوف نتناول معا شرح وافي وكامل لأسواق لهذه الاسواق في الدروس القادمة ان شاء الله.
كيف يتم التعامل مع البورصة
يتم التعامل مع البورصة عن طريق شركات وساطة مالية حيث تنوب عن العميل او المستثمر في تنفيذ عمليات شراء او بيع الاوراق المالية حيث لا يسمح للعميل او المستثمر اجراء عمليات الشراء او البيع مباشرة مع البورصة.
و شركات الوساطة المالية ليدها اتصال بالبورصة عن طريق شركة اخرى ( او اكثر ) داخل البورصة تقوم بتنفيذ اوامر شركة الوساطة المالية وهذه الاوامر هي في الواقع اوامر عملاء الشركة.
حيث يمكن للعميل ان يطلب من الشركة تنفيذ عملية شراء او بيع لاحدى الاوراق المالية وبالتالي فإن شركة الوساطة تمرر هذا الامر الى وسيطها داخل البورصة لاتمام العملية.
بالطبع شركة الوساطة المالية تحصل على مقابل لهذه الخدمات ولهذا فإن العميل يجب ان يختار شركة الوساطة المالية المناسبة والاقل أسعاراً والاكثر ثقة و سمعة حسنة.
ومن الجدير ذكره ، ان للبورصة جزءان ، الاول داخلي والآخر خارجي ويطلق على ذلك في عالم الاقتصاد ،
داخل المقصورة او
خارج المقصورة.
أي داخل غرفة القيادة او خارج غرفة القيادة
حيث يتم التعامل
داخل المقصورة مع الاوامر التي لا يمكن للعميل ان يقوم بها لوحده كما سبق وان عرفنا.
أما
خارج المقصورة فيمكن للعملاء ان ينفذوا بعض الاوامر بأنفسهم مثل التعامل مع الاسهم ، حيث تعتبر الاسهم ملكية خاصة لمالكها وبالتالي فإن له حرية التعامل فيها.
ولذلك فإن العميل قد يتصرف في أسهمه بالبيع أو شراء اسهم جديدة
خارج المقصورة بدون اللجوء لشركة وساطة مالية في هذه الحالة.
ما الفائدة من البورصة؟
أو
لماذا توجد البورصة؟
في الواقع البورصة او سوق الاوراق المالية من أهم الادوات الاقتصادية في الدولة ، حيث أنها تعمل على نمو الاقتصاد في الدولة بشكل جيد ومدروس و منظم
كيف؟
اولاً : البورصة تشجع على الاستثمار
فإذا كان لدى باسم مبلغ مدخر قدره 30000 دولار في بيته او في حسابه المصرفي الاسلامي ، فإن البورصة ستكون حافز لباسم لاستثمار هذا المبلغ او جزء منه في تجارة الاوراق المالية.
وهذا من شأنه أن يخلق مستثمر صغير في عالم الاستثمار الهائل وتشجيعه على خوض مجال الاستثمار بمبلغ بسيط ، اي ان البورصة تخلق فرص رائعة للمستثمرين الصغار لاستثمار اموالهم الصغيرة.
وهذا يعود على الاقتصاد في الدولة بالنفع ، حيث يتم استثمار المدخرات المالية بدل من تجميدها في الحسابات المصرفية.
وبالطبع ، تواجد السيولة في الاسواق يحد من ارتفاع معدلات التضخم في الدولة ، فقلة الاموال في الاسواق يعمل على رفع الاسعار وبالتالي رفع معدلات التضخم.
ثانيا : مساعدة ودعم الشركات و الانشطة التجارية في الدولة
وذلك عن طريق المساهمة في رؤوس الاموال عن طريق شراء الاسهم او عن طريق شراء القروض التي توفرها الشركات لدعم انشطتها التجارية.
وهنا تنتقل الأموال من طرف لديه فائض ( مال مدخر ) الى طرف لديه نقص او احتياج للاموال وهذا من شأنه عمل توازن لحركة الاموال في الدولة وتدخل الاموال في دائرة الاستثمار ويتم الاستفادة منها في خلق انشطة وخدمات جديدة وبالتالي خلق فرص عمل جديدة وارتفاع في معدلات الدخل الفردي والاسري. بالاضافة الى انها تعود في الغالب على جميع الاطراف بنسب ربح جيدة.
ثالثا : مساعدة المشاريع الحكومية
حيث تقوم الحكومة بطرح سندات خاصة بمشاريع التنمية المختلفة ويتم شراءها بواسطة عامة الناس ، كلا حسب امكانياته
اي ان الخزانة العامة في الدولة ، في هذه الحالة ، تقترض من الناس لدعم المشاريع الحكومية المختلفة وبالطبع تعيد للناس اموالهم بالاضافة الى نسبة الفائدة المحددة لهذه السندات في الوقت المحدد مسبقاً.
رابعاً : تحديد أسعار الأسهم والسندات بشكل عادل
في غياب البورصة ، يصبح لكل شركة حرية تحديد سعر اسهمها او سنداتها وبالتالي فإن المستثمر قد يشتري اسهم او سندات بأسعار غير حقيقية ولا تعكس القيمة الفعلية لهذه الاوراق المالية.
ولكن في وجود بورصة معتمدة وينظم عملها قواعد وقوانين محددة من قبل الدولة ، فإن عمليات تسعير الاسهم والسندات تتم داخل البورصة عن طريق مزاد عام تشترك فيه كل الاطراف بحيث يتم التوصل الى اسعار حقيقية لكل من الاسهم او السندات للشركات المختلفة.
وبالتالي فإن المستثمر في هذه الحالة يستطيع ان يستثمر امواله بكل اطمأنان وهو متأكد ان اسعار الاوراق المالية هي اسعار حقيقية وليست مزاجية.
خامساً : البورصة مرجع مهم للشركات والانشطة التجارية
من خلال البورصة يستطيع اي مستثمر الحصول على كافة المعلومات التي تهمه بخصوص اسهم شركة معينة او سندات شركة اخرى او سلع لأحدى الشركات.
ومن خلال هذه المعلومات يستطيع كل مستثمر الحكم على اداء هذه الشركات وما مدى احتمال نجاح عمليات الاستثمار بها.
وأخيرا ،
ما معني كلمة بورصة
في الواقع كلمة بورصة ليس لها معنى وانمها هي مشتقة من اسم عائلة قامت بإنشاء أول شكل من أشكال البورصة الحالية.
هذه العائلة بلجيكية تدعى فان در بورصن ، وكانت تملك فندق في مدينة بروج البلجيكية واتخذ هذا الفندق كمكان لالتقاء التجار في القرن الخامس عشر واصبح مع مرور الزمن رمزا تجارياً وملتقى تجاري
ولهذا سميت بعد ذلك البورصة بهذا الاسم نسبة لهذه العائلة التي كانت اول من أنشأ فكرة البورصة كما نعرفها الآن.
بهذا نكون قد القينا الضوء على أهم عناصر الاقتصاد العام في اي دولة و هو البورصة وعرفنا بشكل عام وظيفتها و فكرة التعامل معها و أيضا اهميتها.
تمنياتي بالتوفيق
مع فائق تحياتي