تصعيد جديد بين واشنطن وبكين يشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية

jawad ali

عضو نشيط
المشاركات
1,872
الإقامة
Turkey
1760448475719.png

وصل أحدث تصعيد متبادل بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الصيني شي جين بينغ إلى طريق مسدود يوم الإثنين، مع تأكيد كلا البلدين أن الكرة أصبحت الآن في ملعب الطرف الآخر.

فبعد أن أبدى ترمب انفتاحه على إبرام اتفاق مع بكين، صرح نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس يوم الأحد أن النتيجة "ستعتمد على كيفية ردّ الصينيين". وبعد ساعات، أوضحت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ستستقي خطواتها المقبلة من تحركات واشنطن، بعد أن كانت قد أطلقت بالفعل ما تعتبره إجراءات انتقامية.


قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، خلال مؤتمر صحفي دوري في بكين: "إذا واصلت الولايات المتحدة مسارها الخاطئ، فإن الصين ستتخذ بحزم الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة".

الأسواق تتجاهل التصعيد

لم ترد السلطات الصينية بعد على تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% بسبب قيودها الأحدث على المعادن النادرة، إذ لم تُدرج هذه الرسوم رسمياً في السياسات بعد.

أظهرت الأسواق الصينية صموداً في وجه الاضطرابات، إذ أغلق مؤشر "سي إس آي 300" (CSI 300) للأسهم المحلية في نهاية تداولات الإثنين متراجعاً بنسبة 0.5% فقط، ما يشير إلى أن المستثمرين يرون في التوترات المتجددة مناورة استراتيجية.

وتُظهر العقود المستقبلية أن الأسهم الأميركية تتجه أيضاً لتعويض بعض خسائرها التي تكبّدتها في عمليات البيع يوم الجمعة، بعدما خفف ترمب لهجته.

وقال محللون، من بينهم محللون في "نومورا هولدينغز" (Nomura Holdings)، إن أكبر اقتصادين في العالم لديهما الكثير على المحك بحيث لا يمكنهما إلغاء اجتماع القادة المقرر الشهر الجاري في كوريا الجنوبية.

لقاء ترمب وشي لا يزال قائماً

في تأكيد على هذه النقطة، قال وزير الخزانة، سكوت بيسنت، يوم الإثنين، إنه يعتقد أن اجتماع ترمب وشي "لا يزال قائماً". وفي هذه الأثناء، توقع عقد اجتماعات على مستوى الموظفين بين الولايات المتحدة والصين هذا الأسبوع، إلى جانب تحركات من إدارة ترمب لحشد الحلفاء الأميركيين من أجل ممارسة الضغط على بكين.


من جانبها، قالت السلطات الصينية إن هناك احتمالاً لـ"استثناءات" من قيودها الواسعة على المعادن النادرة بهدف تسهيل التجارة.

السؤال المطروح الآن هو: أي من الطرفين سيُظهر تراجعاً أولاً؟

صادرات الصين تصمد رغم التوتر

رغم صعوبة تحديد الطرف الذي يملك اليد العليا بدقة، فإن ما هو واضح تماماً، بحسب كريستوفر بيدور، نائب مدير أبحاث الصين في "غافيكال دراغونوميكس" (Gavekal Dragonomics)، هو أن قطاع التصدير الصيني قادر على تحمل رسوم جمركية أميركية تصل إلى نحو 50%.

أضاف بيدور: "بكين ستهتم إذا تجاوزت الرسوم الجمركية نسبة 100%، ولكن طالما أن هذا السيناريو لم يتحقق، فإن الرسوم تبقى أولوية ثانوية". وتابع: "الإجراءات المتعلقة بالمعادن النادرة تهدف إلى انتزاع تنازلات أميركية بشأن ضوابط تصدير التكنولوجيا، لكن ليس من مصلحة الطرفين أن تخرج المفاوضات عن مسارها بالكامل".

أظهرت بيانات التجارة يوم الإثنين أن صادرات الصين إلى الخارج نمت بأسرع وتيرة لها منذ ستة أشهر، ما خفف من تأثير أي زيادة محتملة في الرسوم الجمركية من جانب الولايات المتحدة. لكن ترمب يمتلك أدوات أخرى لإلحاق الضرر: فقد هدد بالفعل بعرقلة وصول بكين إلى قطع غيار الطائرات ووقف بيع البرمجيات الحيوية للصين.

وقال بيسنت، في مقابلة مع قناة "فوكس بيزنس" يوم الإثنين، إنه يتوقع الاجتماع مع نائب رئيس الوزراء الصيني خه ليفنغ، "في آسيا" قبل اللقاء المرتقب بين ترمب وشي. وكان قد أشار الشهر الماضي، قبل الخلاف الحالي، إلى فرانكفورت كموقع للجولة المقبلة من المحادثات التي تهدف إلى تمديد الهدنة المتجددة لمدة 90 يوماً وتنتهي مطلع نوفمبر. ومن المرجح أن تُمهّد هذه المحادثات الطريق لتقديم تنازلات من أجل احتواء التصعيد الأحدث.


الصين ترى نفسها في موقع أقوى

في نهاية المطاف، ترى الصين أنها تملك اليد العليا، وفقاً لما قاله جوزيف غريغوري ماهوني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شرق الصين للمعلمين في شنغهاي.

وتابع: "الصين واثقة من أنها في موقع أفضل من الولايات المتحدة لتحمّل أي صدمات ناتجة عن الحرب التجارية، بينما يحتاج ترمب إلى اتفاق قبل موسم التسوق في العطلات، وربما حتى قبل أن تصدر المحكمة العليا حكماً ضده"، في إشارة إلى القرار المرتقب بشأن ما إذا كانت رسومه الجمركية قانونية.

عندما انهارت الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في مايو، عقب اتخاذ واشنطن خطوات جديدة ضد شركة "هواوي تكنولوجيز" (Huawei Technologies Co)، عملاقة الرقائق الوطنية الصينية، فرضت بكين حظراً على صادراتها من مغناطيسات المعادن النادرة، التي تُعدّ ضرورية لتصنيع كل شيء من الهواتف المحمولة إلى الصواريخ. ورد ترمب آنذاك بتخفيف بعض ضوابط التصدير، ما شكل تحولاً جذرياً في نهج واشنطن.

سلاح المعادن النادرة مجدداً

إذا لم تُقدِم الولايات المتحدة على تقديم تنازلات مماثلة في هذه الجولة، فقد يُقدم شي مجدداً على تعطيل تدفق المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، من خلال إبطاء نظام الموافقات على التراخيص الذي فرضته الصين في وقت سابق من العام الجاري.

أما التراجع عن القيود الأميركية المفروضة لأسباب تتعلق بالأمن الوطني، فسيواجه على الأرجح معارضة من "الصقور" المناهضين للصين في واشنطن، والذين - =رغم أنهم لم يعودوا بنفس البروز كما في الولاية الأولى لترمب- لا يزالون يضغطون لاتباع نهج أكثر تشدداً تجاه بكين.

وإضافة إلى الدافع للحفاظ على سير المحادثات، يتعرض الزعيم الجمهوري لضغوط من المزارعين في الولايات الرئيسية للتصويت، لإيجاد أسواق لفول الصويا الأميركي الذي ترفض بكين شراؤه.

في الوقت نفسه، فإن فقدان الاتفاق السابق مع فريق شي الذي يسمح لتطبيق "تيك توك" الصيني بالبقاء متاحاً في الولايات المتحدة سيُضعف قدرته على التواصل مع الناخبين عبر منصة التواصل الاجتماعي قبيل انتخابات منتصف الولاية المقررة في عام 2026.

بكين تقلب الطاولة على واشنطن

يشبه الإطار الذي وضعه شي للسيطرة على صادرات المعادن النادرة -والذي ينطبق حتى على الشحنات التي تُرسلها الشركات الأجنبية إلى الخارج، وفقاً للقواعد الأحدث -التدابير التي تطبّقها واشنطن منذ سنوات على رقائقها الإلكترونية المتقدمة. وبينما كانت الصين قد ندّدت سابقاً بتلك الأساليب ووصفتها بـ"الولاية القضائية طويلة الذراع"، فإنها الآن تبدو وكأنها تمارس اللعبة ذاتها مع الولايات المتحدة.

علق تينغ لو، كبير الاقتصاديين المتخصصين في الشأن الصيني لدى "نومورا": "قد تكون بكين أيضاً بدأت في تبني بعض من تكتيكات ترمب التفاوضية المميزة"، بما في ذلك "المطالب الأولية المبالغ فيها، واستغلال نقاط القوة والضعف لدى الخصوم، والتهديدات بالانسحاب الجدي من المفاوضات".

قال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة فودان في شنغهاي، إن الولايات المتحدة يتعين عليها التراجع عن الإجراءات التي اتخذتها بعد المكالمة الهاتفية بين ترمب وشي الشهر الماضي، حتى يتمكن الزعيمان من عقد أول اجتماع لهما منذ عام 2019.

في الأسابيع الماضية، مضت الولايات المتحدة قدماً في تحديد موعد نهائي لفرض رسوم الموانئ الأميركية على السفن الصينية، وألغت إعفاءً من عهد بايدن كان يسمح لبعض أكبر شركات الرقائق في العالم بمواصلة عملياتها في الصين.

تابع وو: "إذا كنتم تريدون المضي قدماً في عقد قمة، فعليكم تعديل اللوائح والسياسات الخاصة بكم.. وإذا لم ترغبوا - لا بأس. نحن لا نتوسل لعقد قمة".
 
عودة
أعلى