رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب التحذير من الفرقة والاختلاف وتكوين الجماعات
مؤلف الكتاب سرحان بن غزاي العتيبي وهو يدور حول حرمة الاختلاف ووجوب التوحد وفى مقدمته قال العتيبى:
"أما بعد: فإن الله جل في علاه قد أكمل هذا الدين ورضيه لنا قال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} ولم يقبل من أحد دينا غيره فقال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} ثم حفظ مصدره وهو القران فقال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فحفظه الله في السطور وفي الصدور كما قيل في الكتب السابقة عن أمة محمد: قوم أناجيلهم في صدورهم 0 ثم أمرنا بالإتباع وترك الابتداع وكل مبتدع هو في حقيقة أمره متهم للدين بالنقص وأنه لم يكتمل وأنه محتاج لبدعته تلك ويكون بذلك مكذبا لما أخبر الله به من اكتمال دينه وما أخبر به رسوله (ص)بقوله (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) ثم أمرنا ربنا جل وعلا بالاجتماع وترك التفرق فربنا واحد وديننا واحد وعقيدتنا واحدة وكلمتنا واحدة وجماعتنا واحدة 0"
وبعد ذلك ذكر العتيبى أنه سوف يقول الأدلة على حرمة التفرق والتحزب فقال:
"وهنا سوف نتطرق للأمور التالية:
1 - الأدلة من الكتاب والسنة على نبذ التفرق والتحزب والإختلاف:
قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وقال تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وقال تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" وقال تعالى {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون} (وقال تعالى {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} وقال تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} إلى غير ذلك من الأدلة من الكتاب"
وبعد أن ذكر الرجل أدلة المصحف أتى إلى ذكر أدلة الروايات فقال :
"وأما من السنة فقد قال النبي (ص)((من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد) "وعن أبي ذر قال قال رسول الله (ص)(من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) "
الروايتان الخطأ فيهما هو عدم مفارقة الجماعة وهو ما يناقض أنه المطلوب من المسلم عدم مفارقة الدين بالاعتصام به وليس عدم مقارقة الجماعة لأنها يفارقها لو فارقت كتاب الله وفى هذا قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا" فالجماعة هى فى الاعتصام بدين الله وليس فى عصيانه ثم قال:
"وكان حذيفة بن اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله (ص)عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله (إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قال فهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت هل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليه قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم تكن جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك "
نفس الخطأ فى الروايات السابق وهو لزوم الجماعة فالملزوم هو كتاب الله وليس الجماعة لأنها قد تضل كما ضل أخوة يوسف(ص) عندما اجمعوا على رميه فى غيابت الجب والخطأ الثانى علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى أحداث الدخن وهو ما يناقض نفى الله على لسانه العلم بالغيب فى قوله تعالى " ولا أعلم الغيب" وقوله" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
"وعن أبي هريرة عن النبي (ص)أنه قال (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب للعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية) رواه مسلم "
نفس الخطأ وهو لزوم الجماعة فالملزوم هو كتاب الله وليس الجماعة لأنها قد تضل كما ضل بعض المسلمين فى غزوة أحد عندما اجمعوا على ترك أماكنهم لجمع الغنائم ثم قال:
"وعن الحارث الأشعري أن رسول الله (ص)قال (وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله عز وجل بهن الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه إلا أن يراجع ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم قال رجل يا رسول الله وإن صام وصلى قال نعم وإن صام وصلى فادعوا بدعوة الله الذي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله) "
نفس الخطأ وهو لزوم الجماعة وليس لزوم كتاب الله ثم قال:
وعن بن عباس أن النبي (ص)قال (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة قيد شبر فيموت إلا مات ميتة جاهلية) رواه البخاري "
الخطأ الصبر على فعل الحاكم للمنكر وهو ما يخالف وجوب إنكار المنكر فمن ارتكب المنكر مخالف لكتاب الله ولا يجب الصبر على الحاكم بالذات لأن هذا هو أول الطريق لزول دولة المسلمين فلابد من الأخذ على يده لأن السفينة سوف تغرق كلها بالصبر الأهبل ثم قال:
"وعن ابن عمر أن رسول الله (ص)قال (إن الله لا يجمع أمتي - أو قال أمة محمد - على ضلالة ويد الله على الجماعة ومن شذ شذ إلى النار) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقال بن مسعود رضي الله عنه (يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله عز وجل الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة) وقال (الخلاف شر)"
وكما سبق القول الأمة قد تجتمع على الضلال بإرادتها كما ضلت الأمة فى عهد يعقوب(ص) عندما أجمع أولاده على رمى أخيهم فى الجب وكما أجمع النبى(ص) ومن معه دون إرادتهم لأن واحد أو أكثر خدعهم على رمى البرىء حتى نزل أمر الله للنبى(ص) والمسلمين بالكف عن ذلك وعدم الدفاع عن الخونة وفى هذا قال تعالى :
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" ثم قال:
"فهذه الآيات والأحاديث والآثار كلها تحذر من التفرق والإبتعاد عن جماعة المسلمين وتبين أنها شر محض مهما أظهر أربابها إرادة الخير ونصرة الدين فإن ذلك من حيل الشيطان وحبائله، ومن تتبع التاريخ علم علم اليقين أن ذلك من مكر الشيطان وحبائله في إغواء الناس ولذا سنذكر"
والأمر الثانى الذى تكلم فيه العتيبى هو تاريخ التحزب وللسف فإن تاريخنا معظمه كذب وزور ولا يمت للحقيقة بصلة وفيه قال:
"2 - بداية التحزب في الأمة الإسلامية ونتائج تلك التحزبات ونذكر من هذه التحزبات:
(تحزب العباد أو التحزب الصوفي)
وسبب تسميتهم بالصوفية هو أنهم كانوا يلبسون الصوف والخشن من الثياب زهدا في الدنيا وإعراضا عنها وتفرغا للعبادة، ثم تطور بهم الأمر فصاروا يبتعدون عن الناس ويعبدون الله في الجبال والأودية والصحاري وصارت لهم رهبانية كرهبانية النصارى وقد نسوا أن النبي (ص)قد حذر من هذا الفعل وقال (لا رهبانية في الإسلام) وترك بعضهم لأجل ذلك الجمعة والجماعات، فكان ذلك بداية الإنحراف، ثم تطور الأمر بهم فاخترعوا ما يسمى بالرياضة وهي ترك الأكل والشرب زمنا ويدعون أن في ذلك ترويضا للنفس على ترك الشهوات، ولربما صرع بعضهم من شدة الجوع وبعضهم ادعى أن الملائكة تكلمه وما ذاك إلا من الهلوسة من شدة الجوع فهو يحدث نفسه ويخيل له الشيطان أن الملائكة تحدثه أو ربما تحدثهم الشياطين تلاعبا بهم وإغراء لهم على الاستمرار في هذا الطريق، ثم تطور الأمر بهم حتى ادعى بعضهم أن الله يحدثه وكانوا يقولون لأهل الحق سندكم من ميت عن ميت يريدون الصحابة والرسول وسندنا عن الحي الذي لا يموت أي أن الله يحدثهم، ويقولون حديثنا عن الرزاق وحديثكم عن عبد الرزاق يريدون الامام المحدث عبد الرزاق الصنعاني، وإذا أراد أحدهم أن يسند قال: حدثني قلبي عن ربي 0 ثم تطور الأمر أكثر من ذلك فقالوا بالحلول والإتحاد وهو أن الله تعالى قد حل في أجساد أئمتهم واتحد معهم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولما سئل أحدهم: أين الله؟ قال: في هذه البردة (يريد نفسه) والعياذ بالله
فانظر كيف تدرج بهم الشيطان من أرادة الخير بخروجهم عن جماعة المسلمين فما زال بهم حتى أوقعهم في الكفر الأكبر بل في كفر لم يبلغه قبلهم إلا فرعون ومن شاكله، فهذا من عواقب الخروج عن الجماعة وهذا من تفسير قول النبي (ص)(من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) فالربقة حبل مربوط فيه مواضع مربوطة على شكل دائري أو نحوه توضع فيه رقبة الدابة مع زميلاتها لئلا تنفلت وتضيع فشبه النبي (ص)الإسلام بالربق وشبه من فارق الجماعة بمن انفلت من هذا الربق فهو عرضة للضياع كما حصل من الصوفية حين انفلتوا من ربق الإسلام فخرجوا منه 0
جماعة الإخوان المسلمين
هذه الجماعة أسسها الشيخ حسن البنا وانضم إليها عدد من الدعاة والمفكرين كالشيخ سيد قطب والدكتور مصطفى السباعي وغيرهم وكان الهدف من تأسيسها هي نشر الثقافة الدينية في المجتمعات الإسلامية ومحاربة المد العلماني والتغريبي الذي كان موجودا في البلاد الإسلامية، لكن هذا الهدف السامي لم يستمر طويلا بعد وفاة المؤسس، فدخلت الحركة في أمور السياسة والملك ووقعوا في مصادمات مع حكومات بلادهم مما أوقعهم في القتل والتعذيب والحبس، وفي السجن اتفقت طائفة منهم على تكوين جماعة سرية أطلقت على نفسها جماعة المسلمين وأسماها العارفون بها جماعة التكفير والهجرة، وذلك لأن هذه الجماعة تبنت مذهب الخوارج مذهبا لها ودعت إلى منابذة الحكام وتكفيرهم بل وتكفير من لم يكفرهم فجعلوا حكام المسلمين كفرة وكذلك الشعوب الإسلامية لأنهم لم يكفروا حكامهم، وبذلك أخرجوا من عداهم من دائرة الإسلام، واستباحوا دماء المسلمين وأموالهم، فسموا جماعة التكفير لذلك وسموا بجماعة الهجرة لأنهم يسمون من ينتخبونه منهم (أمير المؤمنين) ويوجبون الهجرة إليه، وكان المؤسس لهذه الجماعة رجل يدعى علي إسماعيل وكان أخوه عبد الفتاح إسماعيل قد قتل مع من قتلته الحكومة المصرية من جماعة الإخوان المسلمين، لكنه رجع إلى رشده وأعلن توبته ورجوعه إلى الحق لكن أتباعه لم يقتنعوا فخرج رجل منهم يدعى شكري مصطفى وادعى أنه أمير المؤمنين وبايعوه على ذلك، فعين أمراء للمحافظات المصرية ونشر دعاته فيها فتجمع عليه خلق كثير من حدثاء الأسنان وضعفاء العقول فتواعدوا في مكان يجتمعون فيه ليبدءوا منه الجهاد بزعمهم ضد الحكومات والشعوب المسلمة لكن الحكومة المصرية كشفت أمرهم قبل أن يجتمعوا وقبضت على الكثير منهم على رأسهم زعيمهم شكرى مصطفى الذي أعدم مع كثير من أمراءه الذين عينهم وخاصة اتباعه فتفرقت الجماعة ورجع كثير منهم إلى الحق، لكن هذه الجماعة لم تختفي والذي يرى ما يفعله أعضاء تنظيم القاعدة يدرك تماما أنها من أفكار هذه الجماعة، والذي يظهر أن اتباع هذه الجماعة خرجوا إلى الأفغان أبان الحرب مع الروس فوجدوا قوما من شباب هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين الذين خرجوا للجهاد في سبيل الله ونصرة إخوانهم الأفغان وغالبيتهم صغار السن قليلي العلم فكان هذا مناخا مناسبا لأرباب هذه الدعوة لنشر أفكارهم المنحرفة في وسط هؤلاء الشباب الذين أخرجتهم غلبة العاطفة مع قلة العلم، وخاصة بعد مقتل من كان معهم من العلماء كالشيخ عبد الله عزام وغيره، ثم عاد شبابنا الذين خرجوا لنصرة الإسلام وأهله، عادوا ليدمروا الإسلام ويقتلوا أهله بحجج شيطانية وأفكار منحرفة تلقوها من مثل هذه الجماعات المنحرفة التي سلكت غير سبيل المؤمنين وسعوا إلى الفرقة وشق عصا الطاعة والجماعة
جماعة التبليغ
ومن الجماعات المعاصرة جماعة التبليغ أو ما يسمون أنفسهم بالأحباب، هذه الجماعة أسسها الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي وكان فيه نوع من التصوف ولذا فهذه الجماعة تضم أخلاطا من أهل البدع دون نكير بينهم لأن من مبادئ هذه الجماعة عدم إنكار المنكر لأنه يفرق جماعتهم ويضع عراقيل في طريق دعوتهم ولربما اقترف بعضهم بعض المنكرات بحجة التقرب إلى قلوب أصحابها فسمعنا أن بعضهم كان يطوف مع عباد القبور ولما سئل قال لأتقرب إلى قلوبهم فانظر إلى الجهل العظيم، وقد نهى الله عز وجل عن مثل هذا فقال تعالى {ودوا لو تدهن فيدهنون} قال في التفسير الميسر: تمنوا وأحبوا لو تلاينهم، وتصانعهم على بعض ما هم عليه، فيلينون لك والآية سيقت للتحذير من ذلك 0وقال تعالى ((قل يأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون .... ) الآيات، ولكن الجهل يغلب على هذه الجماعة وهي سمة بارزة عندهم مع اختلاطهم بأهل البدع والشركيات لأن هذه الجماعة تضم أخلاطا منهم كما تقدم وفي هذا خطر عظيم فلربما لبسوا عليهم بالشبه حتى يخرجونهم من دينهم أو على الأقل يوقعونهم في الشكوك، والشك في العقيدة كفر كما قال تعالى {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (35) وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا (36) قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا (37)} أو على الأقل يوقعونهم في البدع والمخالفات الشرعية، فلابد أن يكون المتصدي للدعوة خاصة مع المبتدعة والكفرة أن يكون ذا علم ولذا ساق البخاري في الصحيح (باب العلم قبل القول والعمل) قال تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك}
ومن الأمور التي تلاحظ على هذه الجماعة ابتداعهم أمورا ما أنزل الله بها من سلطان
1 - كالبيعة للشيخ وغالب المشايخ من الصوفية فلا يؤمن أن يلزمهم ببعض البدع التي هو واقع فيها
2 - ومنها تأويلهم آيات الجهاد بالخروج معهم ويسمونه الخروج في سبيل الله ويحددون له مددا معينة كأربعين يوما وأربعة أشهر ونحو ذلك، ويلزمون من خرج معهم أن يقطع علاقاته مع أهله وتجاراته مدة خروجه، ولهم شبه في ذلك كقولهم ألست إذا خرجت مسافرا قلت في دعاء السفر (اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل) فإذا اتصلت على أهلك أو سئلت عن تجارتك كنت شاكا في ربك غير متوكل عليه، وهذا من جهلهم وقلة علمهم فإن بذل الأسباب لا ينافي التوكل وقد قال النبي (ص)(اعقلها وتوكل) 0
3 - إهمالهم لطلب العلم بل والتحذير منه بدعوى أن الناس محتاجين للدعوة أكثر من حاجتهم للعلم، وهل يستقيم أمر الداعية إلا بالعلم ولربما تعرض بعضهم لبعض المبتدعة فشبهوا عليهم الأمور وأوقعوهم في الشكوك 0
الجامية أو السلفية
ومن الجماعات المستحدثة وهي من أخطرها وأشدها ضررا على الأمة، الجماعة الجامية أو ما يسمون أنفسهم (بالسلفيون أو الأثريون) تلبيسا على الناس ليظنوا أنهم على اقتداء بالسلف والسلف منهم براء، وهذه الجماعة أسسها الشيخ محمد أمان الجامي ونسبت إليه، وأساس دعوة هذه الجماعة هي الحط من قدر العلماء والتنقص لهم وإسقاطهم عن طريق التتبع لأخطائهم وتضخيمها وذلك إما حسدا وبغيا وإما لأجل أن يكونوا هم علية المجتمع وإما لأجل زعزعة أمن البلاد وذلك أن الشعوب إذا قطعت الصلة بعلمائها ودعاتها كانت لقمة سهلة في أيدي المغرضين والحاقدين ولذلك انتشر الإرهاب بعد خروج هذه الجماعة ولم يعد للعلماء المحذرين من هذا الفكر قبول عند العامة لأنه قد تم إسقاطهم من قبل هذه الجماعة، وبالجملة فهذه الجماعة من أخطر الجماعات وأشدها ضررا على الأمة فمن أين يأخذ الناس دينهم إذا لم يثقوا بعلمائهم، إن هذه الجماعة تدعوا إلى الإنحراف والضلالة والسير على غير هدى فيجب التحذير منها والبعد عنها"
بالقطع ليس هذا ذكر لتاريخ التحزب وإنما هو قدح فى بعض الجماعات ومما لا شك فيبه أن الجماعات المعاصرة فيها الحسن وفيها السيىء حسب نية كل منهم وكل فرد منا له سيئاته وبدعه والكثيرون لا يعرفون أنها كذلك بل يظنونها حسنات عند الله والله سوف يحاسب على النية لأن لا العتيبى ولا أنا ولا غيرنا يستطيع أن يحكم على أى أحد أنه مسلم أو كافر نظرا لاختلاف الكل اختلافا شديدا نتيجة الروايات والفهم الخاطىء لكتاب الله إلا أن يكون أمر الكفر ظاهر للكل
وفى النهاية قال العتيبى:
"خاتمة في التحذير من الإنضواء لهذه الجماعات 0
ولذلك فإننا نحذر من الفرق والجماعات والأحزاب ولو ادعت أنها إنما أسست للتنظيم الدعوي أو الجهادي أو نحوه فإن هذا من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها، بل ينبغي أن تبقى الأمة أمة واحدة من دعى يدعوا إلى الإسلام تحت اسم الإسلام ومن جاهد يجاهد للإسلام وتحت اسم الإسلام حتى تبقى رايتنا واحدة لا مدخل للفرقة والخلاف فيها، وأما تلك الجماعات التي ظهرت في الساحة الإسلامية وكل جماعة تتبنى فكرة معينة واسما معينا وطريقة معينة ثم صارت تترامى فيما بينها بالشتائم والنقائص وصار كثير من المنتسبين لتلك الجماعات يدعوا لجماعته ويدافع عن جماعته وضاع الهدف الذي كانوا يدعون أنهم انشئوا الجماعة من أجله وهو الدفاع عن الدين والدعوة للدين وهذا نتيجة حتمية للتحزب والافتراق
قال الشيخ بن عثيمين : السلف ليس عندهم أحزاب كلهم حزب واحد ينطوون تحت قوله تعالى {هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير} فلا حزبية ولا تعدد ولا موالاة ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة، بل يجب أن نكون أمة واحدة وإن اختلفنا في الرأي، أما أن نكون أحزابا هذا إخواني وهذا تبليغي وهذا سلفي، لا يجوز هذا إطلاقا فالواجب أن تزول هذه الأسماء وأن نكون أمة واحدة وحزبا واحدا على أعدائنا اهـ0
وقال أيضا: إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم ثم ظهر أخيرا إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بما أرشد إليه النبي (ص)بقوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور)
وقال الشيخ بكر أبو زيد : أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام فيا طالب العلم اطلب العلم واطلب العمل وادع إلى الله على طريقة السلف ولا تكن خراجا ولاجا في الجماعات والأحزاب فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة فالإسلام كله لك جادة ومنهجا والمسلمون جميعهم هم الجماعة ويد الله مع الجماعة فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام اهـ0
تنبيه / ما يدعيه بعض الجهلة من أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو أول من دعى إلى التحزب في العصر الحديث حيث أنشأ بزعمهم جماعة الوهابية وهذا قول من يجهل حقيقة دعوة الشيخ فإنه لم يدعوا إلى حزب ولا إلى طائفة وإنما كان يدعوا إلى الإسلام الحق في زمن بعد الناس فيه عن الإسلام الحق وانتشرت فيهم البدع والشركيات، والوهابية لقب أطلقه أهل البدع والشركيات من عباد القبور وغيرهم على دعوة الشيخ بهدف تشويه سمعة الشيخ وتنفير الناس منه وليوهموا الجهلة أنه جاء بالتحزب والطائفية وأنه جاء بمذهب جديد لم يسبق إليه، والشيخ لم يذكر عنه أنه قال انضموا إلى حزبي أو طائفتي إنما كان يدعوا إلى الإسلام ونبذ البدع والشركيات الموجودة في زمانه "
وما ذكره العتيبى عن الجماعات وحرمة الانضمام يقال عن حرمة الانضمام للعتيبى وجماعته لأنهم يأتمرون بأمر الحكام الذين لا يحكمون بحكم الله وهم ساكتون على المنكر وأوله إقرارهم بتوارث الملك وتقسيم مال الدولة على الأسرة الحاكمة ومن معها
المفروض فى المسلم أن ينضوى تحت كتاب الله وحده وليس تحت أى مسمى حتى ولو سموا أنفسهم علماء أو فقهاء أو حركات أو جماعات
مؤلف الكتاب سرحان بن غزاي العتيبي وهو يدور حول حرمة الاختلاف ووجوب التوحد وفى مقدمته قال العتيبى:
"أما بعد: فإن الله جل في علاه قد أكمل هذا الدين ورضيه لنا قال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} ولم يقبل من أحد دينا غيره فقال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} ثم حفظ مصدره وهو القران فقال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فحفظه الله في السطور وفي الصدور كما قيل في الكتب السابقة عن أمة محمد: قوم أناجيلهم في صدورهم 0 ثم أمرنا بالإتباع وترك الابتداع وكل مبتدع هو في حقيقة أمره متهم للدين بالنقص وأنه لم يكتمل وأنه محتاج لبدعته تلك ويكون بذلك مكذبا لما أخبر الله به من اكتمال دينه وما أخبر به رسوله (ص)بقوله (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) ثم أمرنا ربنا جل وعلا بالاجتماع وترك التفرق فربنا واحد وديننا واحد وعقيدتنا واحدة وكلمتنا واحدة وجماعتنا واحدة 0"
وبعد ذلك ذكر العتيبى أنه سوف يقول الأدلة على حرمة التفرق والتحزب فقال:
"وهنا سوف نتطرق للأمور التالية:
1 - الأدلة من الكتاب والسنة على نبذ التفرق والتحزب والإختلاف:
قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وقال تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وقال تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" وقال تعالى {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون} (وقال تعالى {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} وقال تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} إلى غير ذلك من الأدلة من الكتاب"
وبعد أن ذكر الرجل أدلة المصحف أتى إلى ذكر أدلة الروايات فقال :
"وأما من السنة فقد قال النبي (ص)((من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد) "وعن أبي ذر قال قال رسول الله (ص)(من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) "
الروايتان الخطأ فيهما هو عدم مفارقة الجماعة وهو ما يناقض أنه المطلوب من المسلم عدم مفارقة الدين بالاعتصام به وليس عدم مقارقة الجماعة لأنها يفارقها لو فارقت كتاب الله وفى هذا قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا" فالجماعة هى فى الاعتصام بدين الله وليس فى عصيانه ثم قال:
"وكان حذيفة بن اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله (ص)عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله (إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قال فهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت هل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليه قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم تكن جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك "
نفس الخطأ فى الروايات السابق وهو لزوم الجماعة فالملزوم هو كتاب الله وليس الجماعة لأنها قد تضل كما ضل أخوة يوسف(ص) عندما اجمعوا على رميه فى غيابت الجب والخطأ الثانى علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى أحداث الدخن وهو ما يناقض نفى الله على لسانه العلم بالغيب فى قوله تعالى " ولا أعلم الغيب" وقوله" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
"وعن أبي هريرة عن النبي (ص)أنه قال (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب للعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية) رواه مسلم "
نفس الخطأ وهو لزوم الجماعة فالملزوم هو كتاب الله وليس الجماعة لأنها قد تضل كما ضل بعض المسلمين فى غزوة أحد عندما اجمعوا على ترك أماكنهم لجمع الغنائم ثم قال:
"وعن الحارث الأشعري أن رسول الله (ص)قال (وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله عز وجل بهن الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه إلا أن يراجع ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم قال رجل يا رسول الله وإن صام وصلى قال نعم وإن صام وصلى فادعوا بدعوة الله الذي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله) "
نفس الخطأ وهو لزوم الجماعة وليس لزوم كتاب الله ثم قال:
وعن بن عباس أن النبي (ص)قال (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة قيد شبر فيموت إلا مات ميتة جاهلية) رواه البخاري "
الخطأ الصبر على فعل الحاكم للمنكر وهو ما يخالف وجوب إنكار المنكر فمن ارتكب المنكر مخالف لكتاب الله ولا يجب الصبر على الحاكم بالذات لأن هذا هو أول الطريق لزول دولة المسلمين فلابد من الأخذ على يده لأن السفينة سوف تغرق كلها بالصبر الأهبل ثم قال:
"وعن ابن عمر أن رسول الله (ص)قال (إن الله لا يجمع أمتي - أو قال أمة محمد - على ضلالة ويد الله على الجماعة ومن شذ شذ إلى النار) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقال بن مسعود رضي الله عنه (يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله عز وجل الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة) وقال (الخلاف شر)"
وكما سبق القول الأمة قد تجتمع على الضلال بإرادتها كما ضلت الأمة فى عهد يعقوب(ص) عندما أجمع أولاده على رمى أخيهم فى الجب وكما أجمع النبى(ص) ومن معه دون إرادتهم لأن واحد أو أكثر خدعهم على رمى البرىء حتى نزل أمر الله للنبى(ص) والمسلمين بالكف عن ذلك وعدم الدفاع عن الخونة وفى هذا قال تعالى :
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" ثم قال:
"فهذه الآيات والأحاديث والآثار كلها تحذر من التفرق والإبتعاد عن جماعة المسلمين وتبين أنها شر محض مهما أظهر أربابها إرادة الخير ونصرة الدين فإن ذلك من حيل الشيطان وحبائله، ومن تتبع التاريخ علم علم اليقين أن ذلك من مكر الشيطان وحبائله في إغواء الناس ولذا سنذكر"
والأمر الثانى الذى تكلم فيه العتيبى هو تاريخ التحزب وللسف فإن تاريخنا معظمه كذب وزور ولا يمت للحقيقة بصلة وفيه قال:
"2 - بداية التحزب في الأمة الإسلامية ونتائج تلك التحزبات ونذكر من هذه التحزبات:
(تحزب العباد أو التحزب الصوفي)
وسبب تسميتهم بالصوفية هو أنهم كانوا يلبسون الصوف والخشن من الثياب زهدا في الدنيا وإعراضا عنها وتفرغا للعبادة، ثم تطور بهم الأمر فصاروا يبتعدون عن الناس ويعبدون الله في الجبال والأودية والصحاري وصارت لهم رهبانية كرهبانية النصارى وقد نسوا أن النبي (ص)قد حذر من هذا الفعل وقال (لا رهبانية في الإسلام) وترك بعضهم لأجل ذلك الجمعة والجماعات، فكان ذلك بداية الإنحراف، ثم تطور الأمر بهم فاخترعوا ما يسمى بالرياضة وهي ترك الأكل والشرب زمنا ويدعون أن في ذلك ترويضا للنفس على ترك الشهوات، ولربما صرع بعضهم من شدة الجوع وبعضهم ادعى أن الملائكة تكلمه وما ذاك إلا من الهلوسة من شدة الجوع فهو يحدث نفسه ويخيل له الشيطان أن الملائكة تحدثه أو ربما تحدثهم الشياطين تلاعبا بهم وإغراء لهم على الاستمرار في هذا الطريق، ثم تطور الأمر بهم حتى ادعى بعضهم أن الله يحدثه وكانوا يقولون لأهل الحق سندكم من ميت عن ميت يريدون الصحابة والرسول وسندنا عن الحي الذي لا يموت أي أن الله يحدثهم، ويقولون حديثنا عن الرزاق وحديثكم عن عبد الرزاق يريدون الامام المحدث عبد الرزاق الصنعاني، وإذا أراد أحدهم أن يسند قال: حدثني قلبي عن ربي 0 ثم تطور الأمر أكثر من ذلك فقالوا بالحلول والإتحاد وهو أن الله تعالى قد حل في أجساد أئمتهم واتحد معهم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولما سئل أحدهم: أين الله؟ قال: في هذه البردة (يريد نفسه) والعياذ بالله
فانظر كيف تدرج بهم الشيطان من أرادة الخير بخروجهم عن جماعة المسلمين فما زال بهم حتى أوقعهم في الكفر الأكبر بل في كفر لم يبلغه قبلهم إلا فرعون ومن شاكله، فهذا من عواقب الخروج عن الجماعة وهذا من تفسير قول النبي (ص)(من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) فالربقة حبل مربوط فيه مواضع مربوطة على شكل دائري أو نحوه توضع فيه رقبة الدابة مع زميلاتها لئلا تنفلت وتضيع فشبه النبي (ص)الإسلام بالربق وشبه من فارق الجماعة بمن انفلت من هذا الربق فهو عرضة للضياع كما حصل من الصوفية حين انفلتوا من ربق الإسلام فخرجوا منه 0
جماعة الإخوان المسلمين
هذه الجماعة أسسها الشيخ حسن البنا وانضم إليها عدد من الدعاة والمفكرين كالشيخ سيد قطب والدكتور مصطفى السباعي وغيرهم وكان الهدف من تأسيسها هي نشر الثقافة الدينية في المجتمعات الإسلامية ومحاربة المد العلماني والتغريبي الذي كان موجودا في البلاد الإسلامية، لكن هذا الهدف السامي لم يستمر طويلا بعد وفاة المؤسس، فدخلت الحركة في أمور السياسة والملك ووقعوا في مصادمات مع حكومات بلادهم مما أوقعهم في القتل والتعذيب والحبس، وفي السجن اتفقت طائفة منهم على تكوين جماعة سرية أطلقت على نفسها جماعة المسلمين وأسماها العارفون بها جماعة التكفير والهجرة، وذلك لأن هذه الجماعة تبنت مذهب الخوارج مذهبا لها ودعت إلى منابذة الحكام وتكفيرهم بل وتكفير من لم يكفرهم فجعلوا حكام المسلمين كفرة وكذلك الشعوب الإسلامية لأنهم لم يكفروا حكامهم، وبذلك أخرجوا من عداهم من دائرة الإسلام، واستباحوا دماء المسلمين وأموالهم، فسموا جماعة التكفير لذلك وسموا بجماعة الهجرة لأنهم يسمون من ينتخبونه منهم (أمير المؤمنين) ويوجبون الهجرة إليه، وكان المؤسس لهذه الجماعة رجل يدعى علي إسماعيل وكان أخوه عبد الفتاح إسماعيل قد قتل مع من قتلته الحكومة المصرية من جماعة الإخوان المسلمين، لكنه رجع إلى رشده وأعلن توبته ورجوعه إلى الحق لكن أتباعه لم يقتنعوا فخرج رجل منهم يدعى شكري مصطفى وادعى أنه أمير المؤمنين وبايعوه على ذلك، فعين أمراء للمحافظات المصرية ونشر دعاته فيها فتجمع عليه خلق كثير من حدثاء الأسنان وضعفاء العقول فتواعدوا في مكان يجتمعون فيه ليبدءوا منه الجهاد بزعمهم ضد الحكومات والشعوب المسلمة لكن الحكومة المصرية كشفت أمرهم قبل أن يجتمعوا وقبضت على الكثير منهم على رأسهم زعيمهم شكرى مصطفى الذي أعدم مع كثير من أمراءه الذين عينهم وخاصة اتباعه فتفرقت الجماعة ورجع كثير منهم إلى الحق، لكن هذه الجماعة لم تختفي والذي يرى ما يفعله أعضاء تنظيم القاعدة يدرك تماما أنها من أفكار هذه الجماعة، والذي يظهر أن اتباع هذه الجماعة خرجوا إلى الأفغان أبان الحرب مع الروس فوجدوا قوما من شباب هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين الذين خرجوا للجهاد في سبيل الله ونصرة إخوانهم الأفغان وغالبيتهم صغار السن قليلي العلم فكان هذا مناخا مناسبا لأرباب هذه الدعوة لنشر أفكارهم المنحرفة في وسط هؤلاء الشباب الذين أخرجتهم غلبة العاطفة مع قلة العلم، وخاصة بعد مقتل من كان معهم من العلماء كالشيخ عبد الله عزام وغيره، ثم عاد شبابنا الذين خرجوا لنصرة الإسلام وأهله، عادوا ليدمروا الإسلام ويقتلوا أهله بحجج شيطانية وأفكار منحرفة تلقوها من مثل هذه الجماعات المنحرفة التي سلكت غير سبيل المؤمنين وسعوا إلى الفرقة وشق عصا الطاعة والجماعة
جماعة التبليغ
ومن الجماعات المعاصرة جماعة التبليغ أو ما يسمون أنفسهم بالأحباب، هذه الجماعة أسسها الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي وكان فيه نوع من التصوف ولذا فهذه الجماعة تضم أخلاطا من أهل البدع دون نكير بينهم لأن من مبادئ هذه الجماعة عدم إنكار المنكر لأنه يفرق جماعتهم ويضع عراقيل في طريق دعوتهم ولربما اقترف بعضهم بعض المنكرات بحجة التقرب إلى قلوب أصحابها فسمعنا أن بعضهم كان يطوف مع عباد القبور ولما سئل قال لأتقرب إلى قلوبهم فانظر إلى الجهل العظيم، وقد نهى الله عز وجل عن مثل هذا فقال تعالى {ودوا لو تدهن فيدهنون} قال في التفسير الميسر: تمنوا وأحبوا لو تلاينهم، وتصانعهم على بعض ما هم عليه، فيلينون لك والآية سيقت للتحذير من ذلك 0وقال تعالى ((قل يأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون .... ) الآيات، ولكن الجهل يغلب على هذه الجماعة وهي سمة بارزة عندهم مع اختلاطهم بأهل البدع والشركيات لأن هذه الجماعة تضم أخلاطا منهم كما تقدم وفي هذا خطر عظيم فلربما لبسوا عليهم بالشبه حتى يخرجونهم من دينهم أو على الأقل يوقعونهم في الشكوك، والشك في العقيدة كفر كما قال تعالى {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (35) وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا (36) قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا (37)} أو على الأقل يوقعونهم في البدع والمخالفات الشرعية، فلابد أن يكون المتصدي للدعوة خاصة مع المبتدعة والكفرة أن يكون ذا علم ولذا ساق البخاري في الصحيح (باب العلم قبل القول والعمل) قال تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك}
ومن الأمور التي تلاحظ على هذه الجماعة ابتداعهم أمورا ما أنزل الله بها من سلطان
1 - كالبيعة للشيخ وغالب المشايخ من الصوفية فلا يؤمن أن يلزمهم ببعض البدع التي هو واقع فيها
2 - ومنها تأويلهم آيات الجهاد بالخروج معهم ويسمونه الخروج في سبيل الله ويحددون له مددا معينة كأربعين يوما وأربعة أشهر ونحو ذلك، ويلزمون من خرج معهم أن يقطع علاقاته مع أهله وتجاراته مدة خروجه، ولهم شبه في ذلك كقولهم ألست إذا خرجت مسافرا قلت في دعاء السفر (اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل) فإذا اتصلت على أهلك أو سئلت عن تجارتك كنت شاكا في ربك غير متوكل عليه، وهذا من جهلهم وقلة علمهم فإن بذل الأسباب لا ينافي التوكل وقد قال النبي (ص)(اعقلها وتوكل) 0
3 - إهمالهم لطلب العلم بل والتحذير منه بدعوى أن الناس محتاجين للدعوة أكثر من حاجتهم للعلم، وهل يستقيم أمر الداعية إلا بالعلم ولربما تعرض بعضهم لبعض المبتدعة فشبهوا عليهم الأمور وأوقعوهم في الشكوك 0
الجامية أو السلفية
ومن الجماعات المستحدثة وهي من أخطرها وأشدها ضررا على الأمة، الجماعة الجامية أو ما يسمون أنفسهم (بالسلفيون أو الأثريون) تلبيسا على الناس ليظنوا أنهم على اقتداء بالسلف والسلف منهم براء، وهذه الجماعة أسسها الشيخ محمد أمان الجامي ونسبت إليه، وأساس دعوة هذه الجماعة هي الحط من قدر العلماء والتنقص لهم وإسقاطهم عن طريق التتبع لأخطائهم وتضخيمها وذلك إما حسدا وبغيا وإما لأجل أن يكونوا هم علية المجتمع وإما لأجل زعزعة أمن البلاد وذلك أن الشعوب إذا قطعت الصلة بعلمائها ودعاتها كانت لقمة سهلة في أيدي المغرضين والحاقدين ولذلك انتشر الإرهاب بعد خروج هذه الجماعة ولم يعد للعلماء المحذرين من هذا الفكر قبول عند العامة لأنه قد تم إسقاطهم من قبل هذه الجماعة، وبالجملة فهذه الجماعة من أخطر الجماعات وأشدها ضررا على الأمة فمن أين يأخذ الناس دينهم إذا لم يثقوا بعلمائهم، إن هذه الجماعة تدعوا إلى الإنحراف والضلالة والسير على غير هدى فيجب التحذير منها والبعد عنها"
بالقطع ليس هذا ذكر لتاريخ التحزب وإنما هو قدح فى بعض الجماعات ومما لا شك فيبه أن الجماعات المعاصرة فيها الحسن وفيها السيىء حسب نية كل منهم وكل فرد منا له سيئاته وبدعه والكثيرون لا يعرفون أنها كذلك بل يظنونها حسنات عند الله والله سوف يحاسب على النية لأن لا العتيبى ولا أنا ولا غيرنا يستطيع أن يحكم على أى أحد أنه مسلم أو كافر نظرا لاختلاف الكل اختلافا شديدا نتيجة الروايات والفهم الخاطىء لكتاب الله إلا أن يكون أمر الكفر ظاهر للكل
وفى النهاية قال العتيبى:
"خاتمة في التحذير من الإنضواء لهذه الجماعات 0
ولذلك فإننا نحذر من الفرق والجماعات والأحزاب ولو ادعت أنها إنما أسست للتنظيم الدعوي أو الجهادي أو نحوه فإن هذا من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها، بل ينبغي أن تبقى الأمة أمة واحدة من دعى يدعوا إلى الإسلام تحت اسم الإسلام ومن جاهد يجاهد للإسلام وتحت اسم الإسلام حتى تبقى رايتنا واحدة لا مدخل للفرقة والخلاف فيها، وأما تلك الجماعات التي ظهرت في الساحة الإسلامية وكل جماعة تتبنى فكرة معينة واسما معينا وطريقة معينة ثم صارت تترامى فيما بينها بالشتائم والنقائص وصار كثير من المنتسبين لتلك الجماعات يدعوا لجماعته ويدافع عن جماعته وضاع الهدف الذي كانوا يدعون أنهم انشئوا الجماعة من أجله وهو الدفاع عن الدين والدعوة للدين وهذا نتيجة حتمية للتحزب والافتراق
قال الشيخ بن عثيمين : السلف ليس عندهم أحزاب كلهم حزب واحد ينطوون تحت قوله تعالى {هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير} فلا حزبية ولا تعدد ولا موالاة ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة، بل يجب أن نكون أمة واحدة وإن اختلفنا في الرأي، أما أن نكون أحزابا هذا إخواني وهذا تبليغي وهذا سلفي، لا يجوز هذا إطلاقا فالواجب أن تزول هذه الأسماء وأن نكون أمة واحدة وحزبا واحدا على أعدائنا اهـ0
وقال أيضا: إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم ثم ظهر أخيرا إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بما أرشد إليه النبي (ص)بقوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور)
وقال الشيخ بكر أبو زيد : أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام فيا طالب العلم اطلب العلم واطلب العمل وادع إلى الله على طريقة السلف ولا تكن خراجا ولاجا في الجماعات والأحزاب فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة فالإسلام كله لك جادة ومنهجا والمسلمون جميعهم هم الجماعة ويد الله مع الجماعة فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام اهـ0
تنبيه / ما يدعيه بعض الجهلة من أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو أول من دعى إلى التحزب في العصر الحديث حيث أنشأ بزعمهم جماعة الوهابية وهذا قول من يجهل حقيقة دعوة الشيخ فإنه لم يدعوا إلى حزب ولا إلى طائفة وإنما كان يدعوا إلى الإسلام الحق في زمن بعد الناس فيه عن الإسلام الحق وانتشرت فيهم البدع والشركيات، والوهابية لقب أطلقه أهل البدع والشركيات من عباد القبور وغيرهم على دعوة الشيخ بهدف تشويه سمعة الشيخ وتنفير الناس منه وليوهموا الجهلة أنه جاء بالتحزب والطائفية وأنه جاء بمذهب جديد لم يسبق إليه، والشيخ لم يذكر عنه أنه قال انضموا إلى حزبي أو طائفتي إنما كان يدعوا إلى الإسلام ونبذ البدع والشركيات الموجودة في زمانه "
وما ذكره العتيبى عن الجماعات وحرمة الانضمام يقال عن حرمة الانضمام للعتيبى وجماعته لأنهم يأتمرون بأمر الحكام الذين لا يحكمون بحكم الله وهم ساكتون على المنكر وأوله إقرارهم بتوارث الملك وتقسيم مال الدولة على الأسرة الحاكمة ومن معها
المفروض فى المسلم أن ينضوى تحت كتاب الله وحده وليس تحت أى مسمى حتى ولو سموا أنفسهم علماء أو فقهاء أو حركات أو جماعات