رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب بين العادة والعبادة
مؤلف الكتاب سعيد محمد السواح وهو يدور حول وجوب اتباع النبى(ص) فيما جاء به وفى مقدمته قال :
"ثم أما بعد ولنعلم أن النجاة كل النجاة في صدق الإخلاص لله تعالى وحسن الإتباع لرسول الله (ص)دون غلو أو ابتداع ، قال الله عز وجل
{ وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } "
وتساءل عن كيفية تحقيق محبة النبي (ص)وتعظيمه وأجاب فقال :
"كيف نحقق محبة النبي (ص)وتعظيمه ؟
بمتابعته (ص)وتكون بطاعته فيما أمر به - تصديقه فيما أخبر به - اجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرعه "
وبعد ذلك حكى لنا عن مقدار حب الصحابة للنبى(ص) فقال :
"انظر أيها المسلم الحبيب إلى حب الصحابة لنبيهم (ص)، فهذا خبيب بن عدى لما وقع في أيدي كفار قريش وأجمعوا على قتله فقال له أبو سفيان أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه وأنك في أهلك ؟ فقال : لا والله ما يسرني إني في أهلي وإن محمد (ص)في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه "
وقد بين السواح أن للنبى(ص) حقوق زائدة فقال :
"لذا فإن الله سبحانه وتعالى أوجب لنبينا (ص)على القلب واللسان والجوارح حقوقا زائدة على مجرد التصديق بنبوءته ، كما أوجب سبحانه على خلقه من العبادات على القلب واللسان والجوارح أمورا زائدة على مجرد التصديق به سبحانه وحرم سبحانه بحرمة رسوله (ص) مما يباح أن يفعل مع غيره أمورا زائدة على مجرد التكذيب بنبوءته
فمن ذلك :
"* أن الله أمر بالصلاة عليه والتسليم بعد أن اخبر أن الله وملائكته يصلون عليه والصلاة تتضمن ثناء الله عليه ودعاء الخير له وقربته منه ورحمته له ، والسلام عليه يتضمن سلامته من كل آفة فقد جمعت الصلاة عليه والتسليم جميع الخيرات ثم إنه يصلى سبحانه عشرا على من يصلى عليه (ص)مرة واحدة حضا للناس على الصلاة عليه ليسعدوا بذلك وليرحمهم الله بها"
هذا ليس حق زائد فكما أوجب الصلاة على النبى(ص) أوجب عليه أن يصلى على المسلمين فقال:
" وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم"
ثم قال :
"إن الله عز وجل أخبر أنه (ص)أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن حقه (ص)أنه يجب أن يؤثره العطشان بالماء والجائع بالطعام وأنه يجب أن يوفي بالأنفس والأموال ، كما قال سبحانه { ما كان من أهل المدينة ومن حوله من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله و لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه }
فعلم أن رغبة الإنسان بنفسه أن يصيبه ما يصيب رسول الله (ص)من المشقة معه حرام ، وقد قال الله تعالى مخاطبا المؤمنين فيما أصابهم من مشقات الحصر والجهاد : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا } "
والمراد هنا عدم تفضيل المؤمنين أنفسهم على النبى(ص) عند الجهاد فعليهم أن يفدوه بأنفسهم ثم قال :
* أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وولده وجميع الخلق كما دل على ذلك قوله سبحان : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله } ومن ذلك قول عمر بن الخطاب : يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي (ص): " لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " ، فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي ، فقال النبي (ص): " الآن يا عمر " ، وقال رسول الله (ص)" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ""
المطلوب هنا هو تفضيل حكم الله وكتابه المنزل على الرسول (ص) على حكم أنفس الناس وأما حكاية الحب المعروفة عند الناس فلست مقصودة فالمسلم يحب نفسه أكثر من أى شخص بمعنى أنه يريد إدخالها الجنة عن طريق طاعة الله ومن ضمنها افتداء النبى (ص) بنفسه فى الجهاد ثم قال :
"* أن الله عز وجل أمر بتعزيزه وتوقيره فقال
{ وتعزروه وتوقروه } والتعزيز : اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ، وتوقيره : اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار "
والتعزير والتوقير المذكور فى الآية لله وليس للنبى(ص)لأنه قال بعدها وتسبحوه بكرة وأصيلا والتسبيح خاص بالله وليس بالنبىى(ص)
" خصه في المخاطبة بما يليق به فقال تعالى :
{ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } فنهى أن يقولوا يا محمد أو أحمد أو يا أبا القاسم ، ولكن يقولوا يا رسول الله ، يا نبي الله ، وكيف لا يخاطبونه بذلك والله سبحانه وتعالى أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحدا من الأنبياء فلم يدعه باسمه قط في القرآن بل يقول :
{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } "
والآية الأولى ليست خصوصية فى المخاطبة فالمراد به طاعة حكم الله المنزل على النبى(ص) ناهية على طاعة الناس بعضهم البعض فى الأحكام
وأما كونه النبى الرسول فهذا خطاب خاص لا شك فى ذلك ثم قال :
* أنه حرم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن ، وحرم رفع الصوت فوق صوته وأن يجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل ، وأخبر أن ذلك سبب حبوط العمل ، وأخبر أن الذين يغضون أصواتهم عنده هم الذين امتحنت قلوبهم للتقوى ، وأن الله يغفر لهم ويرحمهم ، وأخبر أن الذين ينادونه وهو في منزله لا يعقلون لكونهم رفعوا أصواتهم عليه ولكونهم لم يصبروا حتى يخرج إليهم ولكن أزعجوه إلى الخروج
* أنه حرم على الأمة أن يؤذوه بما هو مباح أن يعامل به بعضهم بعضا تمييزا له ، مثل نكاح أزواجه من بعده ، فقال تعالى : { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما } "
وما سبق معناه هو نفس معنى الدعاء وهو طاعى الوحى المنزل عليه وهو الكلام الذى يقوله قاضية على أى كلام لغيره لأنه ليس وحيا ثم قال :
* وأوجب على الأمة لأجله احترام أزواجه وجعلهن أمهات في التحريم والاحترام ، فقال سبحانه وتعالى :
{ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم }
* وأما ما أوجبه من طاعته والانقياد لأمره والتأسي بفعله فهذا باب واسع "
هذا أمر خاص بنسوته(ص) ثم قال :
* ومن كرامته المتعلقة بالقول : أنه فرق بين أذاه وأذى المؤمنين ، فقال تعالى :
{ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } "
لا فرق بين إيذاء النبى (ص)وبين إيذاء المؤمنين لأنه واحد من المؤمنين كما قال تعالى :
"آمن الرسول" ثم قال:
* ومن ذلك أيضا : أن الله رفع له ذكره فلا يذكر الله سبحانه وتعالى إلا ذكر معه ،و لا تصح للأمة خطبة و لا تشهد حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله وأوجب ذكره في كل خطبة ، وفي التشهد في الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام ، وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام ، وفي الصلاة التي هي عماد الدين ، إلى غير ذلك من المواضع "
والذكر المقصود ليس ذكر النبى (ص)وإنما الوحى المرفوع كما قال تعالى :
" فمن شاء ذكره فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة"ثم قال :
* ولذا كان سابه أو منتقضه قد ناقض الإيمان به وناقض تعزيزه وتوقيره ، وناقض رفع ذكره ، وناقض الصلاة عليه والتسليم ، وناقض تشريفه في الدعاء والخطاب بل قابل أفضل الخلق بما لا يقابل به أشر الخلق "
كلام صحيح فمن سبه أو انتقصه... فقد كفر
وتحدث الرجل عن الاقتداء به فقال :
"لذلك نقول فإنه ينبغي أن نقتدي به في خلقه وفي إيمانه وعبادته وفي حبه لله وللمؤمنين امتثالا لقول ربنا :
{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } وينبغي أن نقتدي برسول الله (ص)في سياسة الدين وسياسة الدنيا
مكانة السنة ووجوب الالتزام بها والعمل بها والحث على التمسك
بالدين وإحياء السنة
1 – الأمر الصريح بالأخذ بما أمر به الرسول والانتهاء عما نهى عنه ، قال تعالى :
{ ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }
فهذه الآية تقرر هذا الأصل الهام وهو وجوب إتباع النبي (ص)"
الجملة المنتزعة من الآية ليست فى اتباع النبى(ص) وإنما فى الرضا بتوزيعه المال كما قال تعالى :
"ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب" ثم قال :
2 – طاعة الرسول (ص)هي طاعة الله تعالى ، قال عز وجل :
{ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا }
3 – من حاد عن طاعة الله وطاعة رسوله (ص)كان في عداد الكافرين ، قال تعالى :
{ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين }
4 – رد الحكم عند التنازع إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسوله (ص)، قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا } "
الآية ليس فيها ذكر لسنة النبى(ص) وإنما الرد للوحى المنزل من الله على رسوله(ص) ثم قال
5 – مبايعة النبي (ص)مبايعة مع الله تعالى ، كما قال عز وجل :
{ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم }
6 – نفي الإيمان عن من لا يحتكم إلى النبي (ص)ولا يرضي تمام الرضي بحكمه وقضائه ، فقال تعالى :
{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }
7 – لا خيار للمؤمن مع سنة النبي (ص)ولا مع قضائه كما قال الله سبحانه وتعالى
{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } "
لا ذكر للسنة فى الآية وإنما اتباع الوحى المنزل من الله على رسوله(ص)سواء كان القرآن أو تفسيره المنزل على النبى(ص) ثم قال :
ولقد حذر الله تعالى من مخالفة أمر النبي (ص)، فقال الله عز وجل :
{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وقال تعالى :
{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }
فإتباع النبي محمد (ص)أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته :
{ وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ، والإتباع هو الاقتداء والأسى بالنبي (ص)في الاعتقادات والأقوال والأفعال والمتروك
ولقد بين الله عز وجل أهمية ومنزلة الإتباع في الشريعة"
وحكاية الاقتداء بالرسول(ص) أو غيره من الرسل (ص) حددها الله بقوله" فبهداهم اقتده "
والمراد بالوحى المنزل عليهم نعمل لأن الرسل(ص) بعض عملهم غير صالح وهى ذنوبهم والتى أقر الله بوجودها فقال:
" ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
ثم قال :
حيث أن الإتباع هو شرط لقبول العبادات : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
الإتباع سبب لدخول الجنة : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " ، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ ، قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " ،
الإتباع دليل محبة العبد لله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم }
والناظر إلى حال المسلمين يجدهم قد زهدوا في سنة نبيهم (ص)، فلقد ترك الناس العمل بسنة النبي (ص)زهدا فيها ، لذا ترى أحدهم يعبر عنها بقوله إنها سنة وكأنه يقلل من شأنها وينزل من قدرها ، ألم يسمع هذا قول النبي (ص): " من رغب عن سنتي فليس منى " ، ولقد ذكر الإمام مسلم تحت كتاب الفضائل ، قال : قال رسول الله (ص): " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم ، واختلافهم على أنبيائهم " ،"
هذه الأحاديث إن صحت تتكلم عن سنته بمعنى دينه وليس عن أنه يشرع للمسلمين لأن المشرع واحد وهو الله ولو شرع النبى(ص) لكان شريكا لله الذى لا شريك له
كما أن الأمر والنهى كلام وليس اقتداء بالعمل ومن ثم فهو يقصد ما نها الله وأمره به ثم قال :
"وكذا ذكر تحت باب فضل النظر إليه (ص): عن أبى هريرة قال : قال رسول الله (ص)" والذي نفس محمد في يده ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني ، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله "
هذا الكلام لو صح فإنه يصدق فيمن راوه وهو حى لأن من عاش بعد موته لا يعرف صورته فكيف يتمنى رؤية صورة يجهلها؟
المعنى : أن رؤية النبي (ص)أفضل عنده وأحظى من أهله وماله ، ولقد قال لنا النبي (ص): " إنما الأعمال بالنية وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه "
الحديث لا يصح لأن المرأة ليس غير الدنيا فهى جزء من الدنيا ومن ثم لا يصح التفرقة بينها وبين متاع الدنيا ثن قال :
"…تأثير النية في المباحات
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( ينبغي للعبد ألا يفعل من المباحان إلا ما يستعين به على الطاعة ، ويقصد الاستعانة بها على الطاعة ) ، فالمسلم إذا قصد بنومه وأكله وشربه أن يتقوى بها على عبادة الله عز وجل كي يتمكن من قيام الليل والجهاد في سبيل الله فهذا مثاب على هذه الأعمال بهذه النية ، وقد صح عن رسول الله (ص)أنه قال لسعد بن أبى وقاص : " إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت بها ، حتى ما تجعل في امرأتك " ، قال النووي رحمه الله معلقا على هذا الحديث : ( وضع اللقمة في في الزوجة يقع غالبا في حال المداعبة ، ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر ، ومع ذلك إذا وجه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له فضل الله تعالى )
وفيه أن الإنفاق على العيال يثاب العبد عليه إذا قصد وجه الله تعالى ، وفيه أن المباح إذا قصد العبد به وجه الله تعالى صار طاعة ويثاب عليه ، إذ وضع اللقمة في فم امرأته إنما يكون في العادة عند المداعبة والملاطفة والتلذذ بالمباح فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة ومع ذلك فقد أخبر الشارع بأن ذلك يؤجر عليه بالقصد الجميل ، فغير هذه الحالة أولى بحصول الأجر إذا قصد به وجه الله تعالى
ويؤخذ من ذلك : أن الإنسان إذا فعل مباحا من أكل أو شرب وقصد به وجه الله كالاستعانة بذلك على الطاعة ، وبالنوم على قيام الليل يثاب عليه "
وهذا الكلام صحيح تماما فكل فعل قصد به طاعة الله أى رضاه فعليه ثواب وإن ظن الناس أنه ليس عليه ثواب ثم قال :
* استحضار النية عند المباح :
الأفعال والأقوال المباحة كثيرة جدا وإذا لم يقصد بها العبد النية الخيرة فإنها لن تعود علينا بالنفع الأخروي فإذا أحسن المكلف القصد والتوجه حين القيام بها فإن هذه الأعمال من المطعم والمشرب والنوم والمتاجرة والصناعة تصبح ثروات عظيمة تنفعنا عندما نقدم على ربنا في يوم القيامة { قلا إن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العلمين } قال بن مسعود : فإني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي
ونحن نستعرض بإذن الله تعالى أيها المسلم الحبيب جانبا من عادات الناس على أفعال اعتادوا القيام بها في كل يوم من الأيام مع غفلتهم عن سنة نبيهم (ص)في كيفية تأدية هذه العادات ليتحقق من خلالها العبودية لله تعالى وذلك بتأسيهم وإتباعهم لسنة نبيهم التي وردت في تلك الشئون وكم من ثواب عظيم يضيعه ويفقده الإنسان في كل يوم من الأيام عند غفلته عن قصد إتباع النبي (ص)في هذه الأحوال "
وتحدث السواح عن المأكل و المشرب و الملبس و دخول الخلاء و الخروج منه فقال :
كلامنا سوف يكون بإذن الله تعالى : عن المأكل و المشرب و الملبس و دخول الخلاء و الخروج منه
فقد تتفق عادات الإنسان في طعامه مثلا مع الآداب والسنن والتي وردت عن النبي (ص)ولكنه لما كان فعلهم عن غير إتباع لسنة نبيه (ص)فإنه قد فوت على نفسه الثواب لعدم وجدانية وقصد إتباعه لسنة نبيه (ص)وما قصدنا بالكلام عن هذه البنود إلا تنبيه المسلم الغافل عن سنة نبيه (ص)
في المأكل
قد تكون عادة الإنسان تقديم اليمين عند طعامه وشرابه وعدم استعماله شماله لا في طعامه ولا شرابه ولكن إن أكل بيمينه وشرب بيمينه قاصدا إتباع هدى النبي (ص)لأثيب وأجر على ذلك
فلقد قال النبي (ص):" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " قال الغلام :" فما زالت تلك طعمتى بعد "
بمعنى أي لازمت ذلك حتى صارت عادة لي
وعن ابن عمر قال رسول الله (ص)" إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله " وكان نافع يقول " ولا يأخذ بها ولا يعطى بها " أي المعنى لا يأخذ بالشمال ولا يعطى بالشمال ولكن تقدم اليمنى أيضا في الأخذ والعطاء فلماذا إذا نقدم اليمين في الطعام والشراب ؟ حتى لا نتشبه بالشيطان
بل أنظر إلى مخالفة الإنسان لسنة النبي (ص): فعن سلمه بن الأكوع أن رجلا أكل عند رسول الله بشماله فقال " كل بيمينك " قال : " لا أستطيع قال (ص)" لا استطعت ما منعه إلا الكبر " قال فما رفعها إلى فيه "
الحديث لا يصح فهنا آية أى معجزة وهى شل يد الرجل وهو ما منعه الله فى عهد النبى (ص)فقال:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والأكل باليمنى أو اليسرى هو تعود ثم قال :
كراهية الأكل من وسط الطعام
فعن ابن عباس " أن النبي (ص)قال " البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه "
ترجمة هذه الروايات : يتطلب من المسلم العاقل المحب لدينه والمحب لرسوله أن يترجم هذه الروايات لواقع عملي حتى تصبح عاداتنا في الطعام موافقة لهدى رسولنا (ص)، والأمر يحتاج إلى الإدراك والانتباه عند ممارسة هذه الأفعال ، فأنا أتذكر عند إرادة الطعام أن أقدم اليد اليمنى وأتذكر أن السنة وردت بذلك وهكذا في باقي السنن التي وردت بشأن الطعام "
الخطأ نزول البركة وسط الطعام وهو تخريف لأن البركة تكون فى كل الشىء المطعوم لأن أصله هو الماء المبارك لقوله تعالى "ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد "والأنعام تشرب هذا الماء وغيرها من الحيوانات المأكولة ومن ثم تتوزع البركة فى أجسامها ثم قال :
في الشراب
"كراهية التنفس في الإناء :
عن أبى قتادة أن النبي (ص)نهى أن يتنفس في الإناء
لماذا تشرب ؟ لا شك إن ألم بالإنسان العطش فهو يشرب لكي يروى ذلك الظمأ فقد أرشدنا النبي (ص)إلى الطريقة التي يروى بها الظمأ وهذا أن نتجرع الماء على ثلاث
فعن أنس بن مالك أن النبي (ص)كان يتنفس في الإناء ثلاثا ويقول " أمرا وأروى وأبرأ " ، قال أنس : فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا
يتنفس في الشراب ثلاثا أى يشرب على ثلاث جرعات ( تحقيق ذلك أن يسم الله ثم يشرب ثم يبعد الإناء عن فيه ثم يتجرع الثانية ثم يبعد الإناء ثم يفعل في الثالثة مثل ذلك ثم يحمد الله )
لو كان مجموع من الناس في مكان فكيف يدار عليهم الشراب ؟
فلقد بينت لنا السنة أن إدارة الشراب يستحب فيه التيامن وأن الأيمن في الشراب ونحوه يقدم وإن كان صغيرا أو مفضولا لأن رسول الله (ص)قدم الأعرابي والغلام على أبى بكر الصديق
عن أنس بن مالك رضي الله عته أن رسول الله (ص)أتى بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابى وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال الأيمن فالأيمن "
وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله (ص)أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام : " أتأذن لي أن أعطى هؤلاء " ، فقال الغلام : لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا ، فتله رسول الله (ص)في يده "
وفي رواية أخرى : عن أنس بن مالك قال : أتانا رسول الله (ص)في دارنا فاستسقى فحلبنا له شاة ثم شبته من ماء بئري هذه ، قال فأعطيت رسول الله (ص)، فشرب رسول الله وأبو بكر عن يساره وعمر وجاهه وأعرابي عن يمينه ، فلما فرغ رسول الله من شربه ن قال عمر : هذا أبو بكر يا رسول الله يريه إياه فأعطى رسول الله (ص)الأعرابي وترك أبا بكر وعمر ، وقال رسول الله ألايمنون الأيمنون الأيمنون ، قال أنس فهي سنة فهي سنة فهي سنة "
نرى أن السنة لم تترك فرصة للشيطان لكي ينزغ بين المسلمين ، وإلا لم لم يكن إدارة الماء بهذه الطريقة لتطلع كل من كان في مجموع من الناس لو شرب أولا ، لكن السنة تعلمنا كيف نسكن النفوس "
قطعا الأحاديث لا تصح فالشرب ليس بالجهة وإنما بالعطش فالأكثر عطشا هو أول من يشرب سواء على اليمين أو على اليسار فلا فرث لأن الله خالق الجهتين والسجود يكون على الجهتين كما قال تعالى :
"أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيوأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله"
فالمخلوقات هنا تسجد عن اليمين والشمال فلو كان الشمال خاص بالشيطان ما سجدوا جهة الشمال ثم قال :
"في اللباس
في كيفية لباس النعال :
عن جابر قال : " نهى رسول الله (ص)أن ينتعل الرجل قائما " ، معنى ذلك أنه عند إرادة الانتعال تنتعل من جلوس "
لا يصح الحديث فاللبس حسب الظروف من القعود أو الوقوف ثم قال :
بأي النعال يبدأ في لبسه :
عن أبى هريرة أن رسول الله (ص)قال : " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ بالشمال ولينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا ""
نفس ما قلته سابقا الله لا يفرق بين اليمين واليسار فى الاستعمال لأن المخلوقات تطيغعه من كل الجهات كمل جاء فى آية السجود ثم قال :
وكذا عن أبى هريرة أن رسول الله (ص)قال : " لا يمشى أحدكم في النعل الواحدة لينتعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا "
هذا القول الغرض منه صحة الإنسان لأن المشى بواحدة يضغط على جهة دون أخرى ضغطا زائدا ثم قال :
قال العلماء : يستحب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك كلبس النعل والخف والسراويل والكم وحلق الرأس وترجيله وقص الشارب ونتف الإبط والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر والوضوء والغسل والتيمم ودخول المسجد والخروج من الخلاء ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة وتناول الأشياء الحسنة ونحو ذلك
يستحب البداءة باليسار في كل ما هو ضد السابق في المسألة الأولى ، فمعنى ذلك خلع النعل والخف والسراويل والكم والخروج من المسجد ودخول الخلاء والاستنجاء ومس الذكر والاستنثار وتعاطي المستقذرات وأشباهها
ماذا يفعل الإنسان لو قطع شسعه ( نعله ) ؟
قال رسول الله (ص): " إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحد ولا يأكل بشماله "
وفي رواية لمسلم : " عن جابر قال : قال رسول الله (ص)إذا انقطع شسع أحدكم أو من انقطع شسع نعله فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحد ولا يأكل بشماله ولا يجتبى بالثوب الواحد ولا يلتحف الصماء "
وقد سبق الكلام عن ذلك فى الفقرة قبلها ثم قال :
"عادة تغطية الآنية وإيكاء الأسقيه :
وماذا قالت فيها السنة لكي تحول هذه العادة إلى عبادة عن قصدنا لإتباع النبي (ص)؟
فعن جابر قال : قال رسول الله (ص): " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم فأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا وأطفئوا مصابيحكم " ، ثم بينت السنة العلة من الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء ، " فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء " ، فالسنة ما أتت إلا لحماية الإنسان حتى عما يجهله ، فالوباء مرض عام يفضى إلى الموت غالبا "
الحديث لا يصح فالشياطين موجودة فى الليل والنهار والخطأ أيضا أن الوباء يقع فى ليلة معينة فى السنة وهو يخالف الواقع فالأوبئة تنزل فى أيام عدة من السنة بدليل ما نعرفه من الأمراض الوبائية ثم قال:
عند النوم
فقد يكون من عادة الإنسان أن ينام على شقه الأيمن ، فلما كانت عادة لم يكن له فيها ثواب أما إذا نام الإنسان على شقه الأيمن قاصدا بذلك الإتباع فقد حقق عادته لكن بالإضافة إلى ثواب إصابته للسنة
فعن البراء بن عازب قال كان رسول الله (ص)إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال : ( دعاء النوم ) "
النوم يكون على أى جنب يرتاح عليه الإنسان بدليل أن الله قال فى نوم أصحاب الكهف :
"ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال"
عند المضاجعة
نريد منك أن تحقق العبودية عند إتيانك لأهلك ، فحظك من أهلك توفاه غير منقوص ولكن قل " باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا "
ثم قال :
عند إرادة دخول الخلاء :
انتبه أن تقدم اليسرى عند الدخول ، وانتبه أن تقدم اليمنى عند الخروج ، وقل وأنت تقدم اليسرى ( بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) وقل وأنت تقدم اليمنى للخروج : ( غفرانك ) "
نفس ما قلناه الله لم يفرق بين الجهتين لكونه خالقهما ثم قال :
"عند مداعبة الرجل لأهله :
عن سعد بن أبى وقاص أن رسول الله (ص)قال : " إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في امرأتك "
فهو يرفع اللقمة إلى في امرأته مداعبة لها لإرادته أن يصيب منها ومع ذلك لو احتسبها عند الله تعالى لأجر على ذلك ، تأتى شهوتك وحظك من امرأتك ومع ذلك ينتظرك ذلك الثواب الذي يثقل به ميزان حسناتك يوم القيامة
والأمر يحتاج منك فقط القصد والنية وهذا لا شك أمر ميسور لا يكلفك إلا عقد القلب فقط وقصد الفعلة إتباعا لهدى نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم"
ثم قال :
عند مداعبة الأولاد
عن محمود بن الربيع قال : عقلت من (ص)مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو
حتى المداعبة بين لنا النبي (ص)كيف تكون لتكون أفعال المسلم كلها أفعال مقصودة ليبتغى من ورائها الأجر والثواب "
ثم قال :
أيها المسلم الحبيب
ليس غرضنا من هذا البيان الكلام عن سنن وآداب الطعام أو الشراب أو اللباس أو غيره ولكن أردنا أن نضرب بعض الأمثلة عن العادات وكيف نحولها إلى عبادات وإن كانت السنة قد أتت لكي تتكلم عن عادات الإنسان في الطعام والشراب واللباس أفلا يجدر بنا أن نبحث عن سنة رسولنا (ص)لكي نتأسى بها في كل شأن من شئون حياتنا
ولتعلم أن النبي (ص)كما قال الله عز وجل عنه : { قل إنني هداني ربى إلى صراط مستقيم } ، فما من أمر أردنا فيه الرقى والترقي إلا و لابد أن ننظر إلى قدوتنا وحبيبنا وأمامنا النبي محمد (ص)ويكفيك أن تعلم أن من تشبه بقوم حشر معهم فلنتشبه بالحبيب محمد (ص)وختاما نقول لك أيها المسلم الحبيبي المحب لدينه ولرسوله (ص): هل عاداتك توافق السنة ؟ كل ذلك لا يتحقق إلا بالقصد والنية
أيها المسلم الحبيب:
قبل أن تطوى هذه الصفحات ، نقول ينبغي أن تكون إيجابيا وما ينبغي أن تكون سلبيا ، تكون ايجابيا مع سنة حبيبيك محمد (ص) كيف نحقق هذه الايجابية
نقول:
1 - نبدأ من الآن بلا تسويف أو تأخير ، ونترجم ذلك إلى سلوك عملي ونعزم من الآن على تحويل هذه العادات إلى سنن
2 – ولنبدأ بوضع لافتات نكتب فيها تعليمات وإرشادات للفعل الذي نقوم به ونضع هذه اللافتات عند أماكن هذا الفعل
على سبيل المثال لافتة عند مكان الطعام نضع فيه إرشادات قبل تناول الطعام ، وهكذا الخلاء نضع خارج الخلاء لافتات نضع فيها إرشادات تنبهنا على ما يلزم فعله سواء عند الدخول أو الخروج من الخلاء
3 – نركز على أن نقوم بنقل ما تعلمناه وطبقناه إلى الأهل والأصدقاء
ولنعلم أن السنة سلعة جيدة ينبغي لكل نسيم أن يتحصل عليها فلك أيها المسلم الحبيب أن تعلن عن سلعتك وتبذل أقصى جهدك لكي تروج لها فإن أهل الباطل يروجون لسلعتهم وباطلهم ليلا ونهارا دون كلل أو ملل
واعلم أيها المسلم الحبيب :
أن النبي (ص)قال : " كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها او موبقها " "
والواجب على المسلم هو الإلتزام بأحكام الله وتعليمها لأهله وجيرانه وغيره
مؤلف الكتاب سعيد محمد السواح وهو يدور حول وجوب اتباع النبى(ص) فيما جاء به وفى مقدمته قال :
"ثم أما بعد ولنعلم أن النجاة كل النجاة في صدق الإخلاص لله تعالى وحسن الإتباع لرسول الله (ص)دون غلو أو ابتداع ، قال الله عز وجل
{ وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } "
وتساءل عن كيفية تحقيق محبة النبي (ص)وتعظيمه وأجاب فقال :
"كيف نحقق محبة النبي (ص)وتعظيمه ؟
بمتابعته (ص)وتكون بطاعته فيما أمر به - تصديقه فيما أخبر به - اجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرعه "
وبعد ذلك حكى لنا عن مقدار حب الصحابة للنبى(ص) فقال :
"انظر أيها المسلم الحبيب إلى حب الصحابة لنبيهم (ص)، فهذا خبيب بن عدى لما وقع في أيدي كفار قريش وأجمعوا على قتله فقال له أبو سفيان أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه وأنك في أهلك ؟ فقال : لا والله ما يسرني إني في أهلي وإن محمد (ص)في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه "
وقد بين السواح أن للنبى(ص) حقوق زائدة فقال :
"لذا فإن الله سبحانه وتعالى أوجب لنبينا (ص)على القلب واللسان والجوارح حقوقا زائدة على مجرد التصديق بنبوءته ، كما أوجب سبحانه على خلقه من العبادات على القلب واللسان والجوارح أمورا زائدة على مجرد التصديق به سبحانه وحرم سبحانه بحرمة رسوله (ص) مما يباح أن يفعل مع غيره أمورا زائدة على مجرد التكذيب بنبوءته
فمن ذلك :
"* أن الله أمر بالصلاة عليه والتسليم بعد أن اخبر أن الله وملائكته يصلون عليه والصلاة تتضمن ثناء الله عليه ودعاء الخير له وقربته منه ورحمته له ، والسلام عليه يتضمن سلامته من كل آفة فقد جمعت الصلاة عليه والتسليم جميع الخيرات ثم إنه يصلى سبحانه عشرا على من يصلى عليه (ص)مرة واحدة حضا للناس على الصلاة عليه ليسعدوا بذلك وليرحمهم الله بها"
هذا ليس حق زائد فكما أوجب الصلاة على النبى(ص) أوجب عليه أن يصلى على المسلمين فقال:
" وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم"
ثم قال :
"إن الله عز وجل أخبر أنه (ص)أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن حقه (ص)أنه يجب أن يؤثره العطشان بالماء والجائع بالطعام وأنه يجب أن يوفي بالأنفس والأموال ، كما قال سبحانه { ما كان من أهل المدينة ومن حوله من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله و لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه }
فعلم أن رغبة الإنسان بنفسه أن يصيبه ما يصيب رسول الله (ص)من المشقة معه حرام ، وقد قال الله تعالى مخاطبا المؤمنين فيما أصابهم من مشقات الحصر والجهاد : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا } "
والمراد هنا عدم تفضيل المؤمنين أنفسهم على النبى(ص) عند الجهاد فعليهم أن يفدوه بأنفسهم ثم قال :
* أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وولده وجميع الخلق كما دل على ذلك قوله سبحان : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله } ومن ذلك قول عمر بن الخطاب : يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي (ص): " لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " ، فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي ، فقال النبي (ص): " الآن يا عمر " ، وقال رسول الله (ص)" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ""
المطلوب هنا هو تفضيل حكم الله وكتابه المنزل على الرسول (ص) على حكم أنفس الناس وأما حكاية الحب المعروفة عند الناس فلست مقصودة فالمسلم يحب نفسه أكثر من أى شخص بمعنى أنه يريد إدخالها الجنة عن طريق طاعة الله ومن ضمنها افتداء النبى (ص) بنفسه فى الجهاد ثم قال :
"* أن الله عز وجل أمر بتعزيزه وتوقيره فقال
{ وتعزروه وتوقروه } والتعزيز : اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ، وتوقيره : اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار "
والتعزير والتوقير المذكور فى الآية لله وليس للنبى(ص)لأنه قال بعدها وتسبحوه بكرة وأصيلا والتسبيح خاص بالله وليس بالنبىى(ص)
" خصه في المخاطبة بما يليق به فقال تعالى :
{ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } فنهى أن يقولوا يا محمد أو أحمد أو يا أبا القاسم ، ولكن يقولوا يا رسول الله ، يا نبي الله ، وكيف لا يخاطبونه بذلك والله سبحانه وتعالى أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحدا من الأنبياء فلم يدعه باسمه قط في القرآن بل يقول :
{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } "
والآية الأولى ليست خصوصية فى المخاطبة فالمراد به طاعة حكم الله المنزل على النبى(ص) ناهية على طاعة الناس بعضهم البعض فى الأحكام
وأما كونه النبى الرسول فهذا خطاب خاص لا شك فى ذلك ثم قال :
* أنه حرم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن ، وحرم رفع الصوت فوق صوته وأن يجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل ، وأخبر أن ذلك سبب حبوط العمل ، وأخبر أن الذين يغضون أصواتهم عنده هم الذين امتحنت قلوبهم للتقوى ، وأن الله يغفر لهم ويرحمهم ، وأخبر أن الذين ينادونه وهو في منزله لا يعقلون لكونهم رفعوا أصواتهم عليه ولكونهم لم يصبروا حتى يخرج إليهم ولكن أزعجوه إلى الخروج
* أنه حرم على الأمة أن يؤذوه بما هو مباح أن يعامل به بعضهم بعضا تمييزا له ، مثل نكاح أزواجه من بعده ، فقال تعالى : { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما } "
وما سبق معناه هو نفس معنى الدعاء وهو طاعى الوحى المنزل عليه وهو الكلام الذى يقوله قاضية على أى كلام لغيره لأنه ليس وحيا ثم قال :
* وأوجب على الأمة لأجله احترام أزواجه وجعلهن أمهات في التحريم والاحترام ، فقال سبحانه وتعالى :
{ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم }
* وأما ما أوجبه من طاعته والانقياد لأمره والتأسي بفعله فهذا باب واسع "
هذا أمر خاص بنسوته(ص) ثم قال :
* ومن كرامته المتعلقة بالقول : أنه فرق بين أذاه وأذى المؤمنين ، فقال تعالى :
{ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } "
لا فرق بين إيذاء النبى (ص)وبين إيذاء المؤمنين لأنه واحد من المؤمنين كما قال تعالى :
"آمن الرسول" ثم قال:
* ومن ذلك أيضا : أن الله رفع له ذكره فلا يذكر الله سبحانه وتعالى إلا ذكر معه ،و لا تصح للأمة خطبة و لا تشهد حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله وأوجب ذكره في كل خطبة ، وفي التشهد في الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام ، وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام ، وفي الصلاة التي هي عماد الدين ، إلى غير ذلك من المواضع "
والذكر المقصود ليس ذكر النبى (ص)وإنما الوحى المرفوع كما قال تعالى :
" فمن شاء ذكره فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة"ثم قال :
* ولذا كان سابه أو منتقضه قد ناقض الإيمان به وناقض تعزيزه وتوقيره ، وناقض رفع ذكره ، وناقض الصلاة عليه والتسليم ، وناقض تشريفه في الدعاء والخطاب بل قابل أفضل الخلق بما لا يقابل به أشر الخلق "
كلام صحيح فمن سبه أو انتقصه... فقد كفر
وتحدث الرجل عن الاقتداء به فقال :
"لذلك نقول فإنه ينبغي أن نقتدي به في خلقه وفي إيمانه وعبادته وفي حبه لله وللمؤمنين امتثالا لقول ربنا :
{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } وينبغي أن نقتدي برسول الله (ص)في سياسة الدين وسياسة الدنيا
مكانة السنة ووجوب الالتزام بها والعمل بها والحث على التمسك
بالدين وإحياء السنة
1 – الأمر الصريح بالأخذ بما أمر به الرسول والانتهاء عما نهى عنه ، قال تعالى :
{ ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }
فهذه الآية تقرر هذا الأصل الهام وهو وجوب إتباع النبي (ص)"
الجملة المنتزعة من الآية ليست فى اتباع النبى(ص) وإنما فى الرضا بتوزيعه المال كما قال تعالى :
"ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب" ثم قال :
2 – طاعة الرسول (ص)هي طاعة الله تعالى ، قال عز وجل :
{ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا }
3 – من حاد عن طاعة الله وطاعة رسوله (ص)كان في عداد الكافرين ، قال تعالى :
{ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين }
4 – رد الحكم عند التنازع إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسوله (ص)، قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا } "
الآية ليس فيها ذكر لسنة النبى(ص) وإنما الرد للوحى المنزل من الله على رسوله(ص) ثم قال
5 – مبايعة النبي (ص)مبايعة مع الله تعالى ، كما قال عز وجل :
{ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم }
6 – نفي الإيمان عن من لا يحتكم إلى النبي (ص)ولا يرضي تمام الرضي بحكمه وقضائه ، فقال تعالى :
{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }
7 – لا خيار للمؤمن مع سنة النبي (ص)ولا مع قضائه كما قال الله سبحانه وتعالى
{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } "
لا ذكر للسنة فى الآية وإنما اتباع الوحى المنزل من الله على رسوله(ص)سواء كان القرآن أو تفسيره المنزل على النبى(ص) ثم قال :
ولقد حذر الله تعالى من مخالفة أمر النبي (ص)، فقال الله عز وجل :
{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وقال تعالى :
{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }
فإتباع النبي محمد (ص)أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته :
{ وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ، والإتباع هو الاقتداء والأسى بالنبي (ص)في الاعتقادات والأقوال والأفعال والمتروك
ولقد بين الله عز وجل أهمية ومنزلة الإتباع في الشريعة"
وحكاية الاقتداء بالرسول(ص) أو غيره من الرسل (ص) حددها الله بقوله" فبهداهم اقتده "
والمراد بالوحى المنزل عليهم نعمل لأن الرسل(ص) بعض عملهم غير صالح وهى ذنوبهم والتى أقر الله بوجودها فقال:
" ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
ثم قال :
حيث أن الإتباع هو شرط لقبول العبادات : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
الإتباع سبب لدخول الجنة : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " ، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ ، قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " ،
الإتباع دليل محبة العبد لله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم }
والناظر إلى حال المسلمين يجدهم قد زهدوا في سنة نبيهم (ص)، فلقد ترك الناس العمل بسنة النبي (ص)زهدا فيها ، لذا ترى أحدهم يعبر عنها بقوله إنها سنة وكأنه يقلل من شأنها وينزل من قدرها ، ألم يسمع هذا قول النبي (ص): " من رغب عن سنتي فليس منى " ، ولقد ذكر الإمام مسلم تحت كتاب الفضائل ، قال : قال رسول الله (ص): " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم ، واختلافهم على أنبيائهم " ،"
هذه الأحاديث إن صحت تتكلم عن سنته بمعنى دينه وليس عن أنه يشرع للمسلمين لأن المشرع واحد وهو الله ولو شرع النبى(ص) لكان شريكا لله الذى لا شريك له
كما أن الأمر والنهى كلام وليس اقتداء بالعمل ومن ثم فهو يقصد ما نها الله وأمره به ثم قال :
"وكذا ذكر تحت باب فضل النظر إليه (ص): عن أبى هريرة قال : قال رسول الله (ص)" والذي نفس محمد في يده ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني ، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله "
هذا الكلام لو صح فإنه يصدق فيمن راوه وهو حى لأن من عاش بعد موته لا يعرف صورته فكيف يتمنى رؤية صورة يجهلها؟
المعنى : أن رؤية النبي (ص)أفضل عنده وأحظى من أهله وماله ، ولقد قال لنا النبي (ص): " إنما الأعمال بالنية وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه "
الحديث لا يصح لأن المرأة ليس غير الدنيا فهى جزء من الدنيا ومن ثم لا يصح التفرقة بينها وبين متاع الدنيا ثن قال :
"…تأثير النية في المباحات
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( ينبغي للعبد ألا يفعل من المباحان إلا ما يستعين به على الطاعة ، ويقصد الاستعانة بها على الطاعة ) ، فالمسلم إذا قصد بنومه وأكله وشربه أن يتقوى بها على عبادة الله عز وجل كي يتمكن من قيام الليل والجهاد في سبيل الله فهذا مثاب على هذه الأعمال بهذه النية ، وقد صح عن رسول الله (ص)أنه قال لسعد بن أبى وقاص : " إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت بها ، حتى ما تجعل في امرأتك " ، قال النووي رحمه الله معلقا على هذا الحديث : ( وضع اللقمة في في الزوجة يقع غالبا في حال المداعبة ، ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر ، ومع ذلك إذا وجه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له فضل الله تعالى )
وفيه أن الإنفاق على العيال يثاب العبد عليه إذا قصد وجه الله تعالى ، وفيه أن المباح إذا قصد العبد به وجه الله تعالى صار طاعة ويثاب عليه ، إذ وضع اللقمة في فم امرأته إنما يكون في العادة عند المداعبة والملاطفة والتلذذ بالمباح فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة ومع ذلك فقد أخبر الشارع بأن ذلك يؤجر عليه بالقصد الجميل ، فغير هذه الحالة أولى بحصول الأجر إذا قصد به وجه الله تعالى
ويؤخذ من ذلك : أن الإنسان إذا فعل مباحا من أكل أو شرب وقصد به وجه الله كالاستعانة بذلك على الطاعة ، وبالنوم على قيام الليل يثاب عليه "
وهذا الكلام صحيح تماما فكل فعل قصد به طاعة الله أى رضاه فعليه ثواب وإن ظن الناس أنه ليس عليه ثواب ثم قال :
* استحضار النية عند المباح :
الأفعال والأقوال المباحة كثيرة جدا وإذا لم يقصد بها العبد النية الخيرة فإنها لن تعود علينا بالنفع الأخروي فإذا أحسن المكلف القصد والتوجه حين القيام بها فإن هذه الأعمال من المطعم والمشرب والنوم والمتاجرة والصناعة تصبح ثروات عظيمة تنفعنا عندما نقدم على ربنا في يوم القيامة { قلا إن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العلمين } قال بن مسعود : فإني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي
ونحن نستعرض بإذن الله تعالى أيها المسلم الحبيب جانبا من عادات الناس على أفعال اعتادوا القيام بها في كل يوم من الأيام مع غفلتهم عن سنة نبيهم (ص)في كيفية تأدية هذه العادات ليتحقق من خلالها العبودية لله تعالى وذلك بتأسيهم وإتباعهم لسنة نبيهم التي وردت في تلك الشئون وكم من ثواب عظيم يضيعه ويفقده الإنسان في كل يوم من الأيام عند غفلته عن قصد إتباع النبي (ص)في هذه الأحوال "
وتحدث السواح عن المأكل و المشرب و الملبس و دخول الخلاء و الخروج منه فقال :
كلامنا سوف يكون بإذن الله تعالى : عن المأكل و المشرب و الملبس و دخول الخلاء و الخروج منه
فقد تتفق عادات الإنسان في طعامه مثلا مع الآداب والسنن والتي وردت عن النبي (ص)ولكنه لما كان فعلهم عن غير إتباع لسنة نبيه (ص)فإنه قد فوت على نفسه الثواب لعدم وجدانية وقصد إتباعه لسنة نبيه (ص)وما قصدنا بالكلام عن هذه البنود إلا تنبيه المسلم الغافل عن سنة نبيه (ص)
في المأكل
قد تكون عادة الإنسان تقديم اليمين عند طعامه وشرابه وعدم استعماله شماله لا في طعامه ولا شرابه ولكن إن أكل بيمينه وشرب بيمينه قاصدا إتباع هدى النبي (ص)لأثيب وأجر على ذلك
فلقد قال النبي (ص):" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " قال الغلام :" فما زالت تلك طعمتى بعد "
بمعنى أي لازمت ذلك حتى صارت عادة لي
وعن ابن عمر قال رسول الله (ص)" إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله " وكان نافع يقول " ولا يأخذ بها ولا يعطى بها " أي المعنى لا يأخذ بالشمال ولا يعطى بالشمال ولكن تقدم اليمنى أيضا في الأخذ والعطاء فلماذا إذا نقدم اليمين في الطعام والشراب ؟ حتى لا نتشبه بالشيطان
بل أنظر إلى مخالفة الإنسان لسنة النبي (ص): فعن سلمه بن الأكوع أن رجلا أكل عند رسول الله بشماله فقال " كل بيمينك " قال : " لا أستطيع قال (ص)" لا استطعت ما منعه إلا الكبر " قال فما رفعها إلى فيه "
الحديث لا يصح فهنا آية أى معجزة وهى شل يد الرجل وهو ما منعه الله فى عهد النبى (ص)فقال:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والأكل باليمنى أو اليسرى هو تعود ثم قال :
كراهية الأكل من وسط الطعام
فعن ابن عباس " أن النبي (ص)قال " البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه "
ترجمة هذه الروايات : يتطلب من المسلم العاقل المحب لدينه والمحب لرسوله أن يترجم هذه الروايات لواقع عملي حتى تصبح عاداتنا في الطعام موافقة لهدى رسولنا (ص)، والأمر يحتاج إلى الإدراك والانتباه عند ممارسة هذه الأفعال ، فأنا أتذكر عند إرادة الطعام أن أقدم اليد اليمنى وأتذكر أن السنة وردت بذلك وهكذا في باقي السنن التي وردت بشأن الطعام "
الخطأ نزول البركة وسط الطعام وهو تخريف لأن البركة تكون فى كل الشىء المطعوم لأن أصله هو الماء المبارك لقوله تعالى "ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد "والأنعام تشرب هذا الماء وغيرها من الحيوانات المأكولة ومن ثم تتوزع البركة فى أجسامها ثم قال :
في الشراب
"كراهية التنفس في الإناء :
عن أبى قتادة أن النبي (ص)نهى أن يتنفس في الإناء
لماذا تشرب ؟ لا شك إن ألم بالإنسان العطش فهو يشرب لكي يروى ذلك الظمأ فقد أرشدنا النبي (ص)إلى الطريقة التي يروى بها الظمأ وهذا أن نتجرع الماء على ثلاث
فعن أنس بن مالك أن النبي (ص)كان يتنفس في الإناء ثلاثا ويقول " أمرا وأروى وأبرأ " ، قال أنس : فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا
يتنفس في الشراب ثلاثا أى يشرب على ثلاث جرعات ( تحقيق ذلك أن يسم الله ثم يشرب ثم يبعد الإناء عن فيه ثم يتجرع الثانية ثم يبعد الإناء ثم يفعل في الثالثة مثل ذلك ثم يحمد الله )
لو كان مجموع من الناس في مكان فكيف يدار عليهم الشراب ؟
فلقد بينت لنا السنة أن إدارة الشراب يستحب فيه التيامن وأن الأيمن في الشراب ونحوه يقدم وإن كان صغيرا أو مفضولا لأن رسول الله (ص)قدم الأعرابي والغلام على أبى بكر الصديق
عن أنس بن مالك رضي الله عته أن رسول الله (ص)أتى بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابى وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال الأيمن فالأيمن "
وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله (ص)أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام : " أتأذن لي أن أعطى هؤلاء " ، فقال الغلام : لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا ، فتله رسول الله (ص)في يده "
وفي رواية أخرى : عن أنس بن مالك قال : أتانا رسول الله (ص)في دارنا فاستسقى فحلبنا له شاة ثم شبته من ماء بئري هذه ، قال فأعطيت رسول الله (ص)، فشرب رسول الله وأبو بكر عن يساره وعمر وجاهه وأعرابي عن يمينه ، فلما فرغ رسول الله من شربه ن قال عمر : هذا أبو بكر يا رسول الله يريه إياه فأعطى رسول الله (ص)الأعرابي وترك أبا بكر وعمر ، وقال رسول الله ألايمنون الأيمنون الأيمنون ، قال أنس فهي سنة فهي سنة فهي سنة "
نرى أن السنة لم تترك فرصة للشيطان لكي ينزغ بين المسلمين ، وإلا لم لم يكن إدارة الماء بهذه الطريقة لتطلع كل من كان في مجموع من الناس لو شرب أولا ، لكن السنة تعلمنا كيف نسكن النفوس "
قطعا الأحاديث لا تصح فالشرب ليس بالجهة وإنما بالعطش فالأكثر عطشا هو أول من يشرب سواء على اليمين أو على اليسار فلا فرث لأن الله خالق الجهتين والسجود يكون على الجهتين كما قال تعالى :
"أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيوأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله"
فالمخلوقات هنا تسجد عن اليمين والشمال فلو كان الشمال خاص بالشيطان ما سجدوا جهة الشمال ثم قال :
"في اللباس
في كيفية لباس النعال :
عن جابر قال : " نهى رسول الله (ص)أن ينتعل الرجل قائما " ، معنى ذلك أنه عند إرادة الانتعال تنتعل من جلوس "
لا يصح الحديث فاللبس حسب الظروف من القعود أو الوقوف ثم قال :
بأي النعال يبدأ في لبسه :
عن أبى هريرة أن رسول الله (ص)قال : " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ بالشمال ولينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا ""
نفس ما قلته سابقا الله لا يفرق بين اليمين واليسار فى الاستعمال لأن المخلوقات تطيغعه من كل الجهات كمل جاء فى آية السجود ثم قال :
وكذا عن أبى هريرة أن رسول الله (ص)قال : " لا يمشى أحدكم في النعل الواحدة لينتعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا "
هذا القول الغرض منه صحة الإنسان لأن المشى بواحدة يضغط على جهة دون أخرى ضغطا زائدا ثم قال :
قال العلماء : يستحب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك كلبس النعل والخف والسراويل والكم وحلق الرأس وترجيله وقص الشارب ونتف الإبط والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر والوضوء والغسل والتيمم ودخول المسجد والخروج من الخلاء ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة وتناول الأشياء الحسنة ونحو ذلك
يستحب البداءة باليسار في كل ما هو ضد السابق في المسألة الأولى ، فمعنى ذلك خلع النعل والخف والسراويل والكم والخروج من المسجد ودخول الخلاء والاستنجاء ومس الذكر والاستنثار وتعاطي المستقذرات وأشباهها
ماذا يفعل الإنسان لو قطع شسعه ( نعله ) ؟
قال رسول الله (ص): " إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحد ولا يأكل بشماله "
وفي رواية لمسلم : " عن جابر قال : قال رسول الله (ص)إذا انقطع شسع أحدكم أو من انقطع شسع نعله فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحد ولا يأكل بشماله ولا يجتبى بالثوب الواحد ولا يلتحف الصماء "
وقد سبق الكلام عن ذلك فى الفقرة قبلها ثم قال :
"عادة تغطية الآنية وإيكاء الأسقيه :
وماذا قالت فيها السنة لكي تحول هذه العادة إلى عبادة عن قصدنا لإتباع النبي (ص)؟
فعن جابر قال : قال رسول الله (ص): " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم فأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا وأطفئوا مصابيحكم " ، ثم بينت السنة العلة من الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء ، " فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء " ، فالسنة ما أتت إلا لحماية الإنسان حتى عما يجهله ، فالوباء مرض عام يفضى إلى الموت غالبا "
الحديث لا يصح فالشياطين موجودة فى الليل والنهار والخطأ أيضا أن الوباء يقع فى ليلة معينة فى السنة وهو يخالف الواقع فالأوبئة تنزل فى أيام عدة من السنة بدليل ما نعرفه من الأمراض الوبائية ثم قال:
عند النوم
فقد يكون من عادة الإنسان أن ينام على شقه الأيمن ، فلما كانت عادة لم يكن له فيها ثواب أما إذا نام الإنسان على شقه الأيمن قاصدا بذلك الإتباع فقد حقق عادته لكن بالإضافة إلى ثواب إصابته للسنة
فعن البراء بن عازب قال كان رسول الله (ص)إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال : ( دعاء النوم ) "
النوم يكون على أى جنب يرتاح عليه الإنسان بدليل أن الله قال فى نوم أصحاب الكهف :
"ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال"
عند المضاجعة
نريد منك أن تحقق العبودية عند إتيانك لأهلك ، فحظك من أهلك توفاه غير منقوص ولكن قل " باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا "
ثم قال :
عند إرادة دخول الخلاء :
انتبه أن تقدم اليسرى عند الدخول ، وانتبه أن تقدم اليمنى عند الخروج ، وقل وأنت تقدم اليسرى ( بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) وقل وأنت تقدم اليمنى للخروج : ( غفرانك ) "
نفس ما قلناه الله لم يفرق بين الجهتين لكونه خالقهما ثم قال :
"عند مداعبة الرجل لأهله :
عن سعد بن أبى وقاص أن رسول الله (ص)قال : " إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في امرأتك "
فهو يرفع اللقمة إلى في امرأته مداعبة لها لإرادته أن يصيب منها ومع ذلك لو احتسبها عند الله تعالى لأجر على ذلك ، تأتى شهوتك وحظك من امرأتك ومع ذلك ينتظرك ذلك الثواب الذي يثقل به ميزان حسناتك يوم القيامة
والأمر يحتاج منك فقط القصد والنية وهذا لا شك أمر ميسور لا يكلفك إلا عقد القلب فقط وقصد الفعلة إتباعا لهدى نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم"
ثم قال :
عند مداعبة الأولاد
عن محمود بن الربيع قال : عقلت من (ص)مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو
حتى المداعبة بين لنا النبي (ص)كيف تكون لتكون أفعال المسلم كلها أفعال مقصودة ليبتغى من ورائها الأجر والثواب "
ثم قال :
أيها المسلم الحبيب
ليس غرضنا من هذا البيان الكلام عن سنن وآداب الطعام أو الشراب أو اللباس أو غيره ولكن أردنا أن نضرب بعض الأمثلة عن العادات وكيف نحولها إلى عبادات وإن كانت السنة قد أتت لكي تتكلم عن عادات الإنسان في الطعام والشراب واللباس أفلا يجدر بنا أن نبحث عن سنة رسولنا (ص)لكي نتأسى بها في كل شأن من شئون حياتنا
ولتعلم أن النبي (ص)كما قال الله عز وجل عنه : { قل إنني هداني ربى إلى صراط مستقيم } ، فما من أمر أردنا فيه الرقى والترقي إلا و لابد أن ننظر إلى قدوتنا وحبيبنا وأمامنا النبي محمد (ص)ويكفيك أن تعلم أن من تشبه بقوم حشر معهم فلنتشبه بالحبيب محمد (ص)وختاما نقول لك أيها المسلم الحبيبي المحب لدينه ولرسوله (ص): هل عاداتك توافق السنة ؟ كل ذلك لا يتحقق إلا بالقصد والنية
أيها المسلم الحبيب:
قبل أن تطوى هذه الصفحات ، نقول ينبغي أن تكون إيجابيا وما ينبغي أن تكون سلبيا ، تكون ايجابيا مع سنة حبيبيك محمد (ص) كيف نحقق هذه الايجابية
نقول:
1 - نبدأ من الآن بلا تسويف أو تأخير ، ونترجم ذلك إلى سلوك عملي ونعزم من الآن على تحويل هذه العادات إلى سنن
2 – ولنبدأ بوضع لافتات نكتب فيها تعليمات وإرشادات للفعل الذي نقوم به ونضع هذه اللافتات عند أماكن هذا الفعل
على سبيل المثال لافتة عند مكان الطعام نضع فيه إرشادات قبل تناول الطعام ، وهكذا الخلاء نضع خارج الخلاء لافتات نضع فيها إرشادات تنبهنا على ما يلزم فعله سواء عند الدخول أو الخروج من الخلاء
3 – نركز على أن نقوم بنقل ما تعلمناه وطبقناه إلى الأهل والأصدقاء
ولنعلم أن السنة سلعة جيدة ينبغي لكل نسيم أن يتحصل عليها فلك أيها المسلم الحبيب أن تعلن عن سلعتك وتبذل أقصى جهدك لكي تروج لها فإن أهل الباطل يروجون لسلعتهم وباطلهم ليلا ونهارا دون كلل أو ملل
واعلم أيها المسلم الحبيب :
أن النبي (ص)قال : " كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها او موبقها " "
والواجب على المسلم هو الإلتزام بأحكام الله وتعليمها لأهله وجيرانه وغيره