رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,714
- الإقامة
- مصر
نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
صاحب البحث سند بن علي بن أحمد البيضاني والبحث يدور أن هناك مقولة للفضيل بن عياض تطالب الناس بترك الطاعات خوفا من أن تكون مراءة للناس وقد استهل البحث بذكر أن البعض اعتبر قول الفضيل خطأ فقال :
"هناك من الناس من يسأل عن حكم ترك العمل في غير الواجبات خوفا من الرياء وعادة ما يكون الجواب على نحو الآتي:
بأن ذلك غلط وموافقة للشيطان، وما دام الباعث على العمل صحيح وهو في ذاته موافق للشرع الحنيف فلا يترك العمل لوجود خاطر الرياء، بل على العبد أن يجاهد خاطر الرياء ثم يستدل ببعض الأقوال مثل قول:
الفضيل بن عياض:
((العمل من أجل الناس شرك، وترك العمل من أجل الناس رياء"
الحارث بن قيس:
((إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة، فقال: إنك مراء فزدها طولا "
وتحدق عن أن من يجيبون فهموا كلمة الفضيل خطأ فقال :
"وما يحتاج إلى إعادة نظر هو فهم مراد الفضيل بن عياض، وحتى يتسنى ذلك ينبغي معرفة أنواع ترك العمل وهي:
1) ترك العمل خوفا من الرياء سواء كان قبل العمل أو أثناء العمل.
2) ترك العمل خوفا من أن يظن به الرياء."
وحاول البيضانى افهامنا قصد الفضيل فقال :
"فالفضيل بن عياض قصد الثاني ولفهم مقصده نضرب أمثلة:
أ) رجل من عادته أن يطيل السجود فدخل عليه قوم فقصر السجود خوفا من أن يظن به الرياء.
ب) رجل ليس من عادته إطالة السجود، وأثناء السجود خشع قلبه لمناجاة ربه، فأطال السجود، فدخل عليه قوم فترك إطالة السجود خوفا من أن يظن به الرياء.
ففي المثالين كان ترك العمل لأجل الناس خوفا من أن يظن به الرياء، لا خوفا من الوقوع في الرياء.
ويؤكد ذلك، كلام الإمام النووي حيث يقول:
((ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل:
أن ترك العمل لأجل الناس رياء، ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لا نسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين
والملفت أن تجد المفتي يفتي بعدم ترك العمل ويستشهد بقول الفضيل وقول النووي دون الانتباه لمجانبة الاستشهاد للفتوى، فهما يتحدثان عن ترك العمل خوفا من ظن الناس به الرياء، وليس ترك العمل خوفا من الرياء ..
أما ما يقال عن عدم الالتفات بحجة أنه من تلبيس الشيطان فيه نظر؛ لأن الأصل أن الإثم يعرف ودليله قول المصطفى (ص):
((البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إلية القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون وفي رواية مسلم: ((والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)).
وإذا وصل العبد إلى مرحلة أن لا يعرف نيته فتلك علامة على أنه وقد وقع في الشرك الخفي قل أم كثر، ولكن قد يحصل في أحيانا أن يزداد الإيمان بعلم أو بطاعة خالصة أو دعاء صادق أو استغفار أو توبة فتزداد البصيرة، ويشعر بذلك الوسواس وقد كان من قبل لا يشعر به.
يقول شيخ الإسلام:
(( ... وإن كان من البشر من لا يشعر بأنه من الملك، كالشيطان عندما لا يشعر بعضهم بوسواسه
وللأسف أن هذا الأمر قد وقع في هذه الأمة منذ وقت مبكر، منذ أن انحرف كثير من الفقهاء عن الإخلاص ثم كثر الجهل في المتفقهة والعامة بدقائق الشرك الخفي فوقعوا فيه وهم لا يشعرون، قال سبحانه:
((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106) أفأمنوا أن تاتيهم غاشية من عذاب الله أو تاتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون (107) قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين، 108))) يوسف.
فلنتأمل العلاقة بين الآية 106وبين الآية 108.
قال الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية:
((وثم شرك آخر خفي لا يشعر به غالبا فاعله)).
ولأن لكل سبب نتيجة حصل تسلط من الشيطان على كثير من المسلمين ومن ذلك تلبيس النية على العبد وكذا عدم التفريق بين الوسواس والإلهام ، وقد قال سبحانه:
((إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (99) إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون، 100)). النحل.
فالإخلاص يمنع تسلط الشيطان؛ فلهذا فالحل الأمثل يكمن في تعلم الإخلاص ودقائقه وما ينافيه من قول أو عمل قبل فوات الأوان. وعدم الالتفات قد يصلح لمن له عادة في طاعة، ومع ذلك غير معصوم بأن لا يدخل عليه حظ الذات، فالقلب يتقلب والنفس تميل إلى حب الشهرة والمدح والجاه ونحو ذلك؛ كما أن عدم الالتفات باعتبار أنها من وسوسة الشيطان سوف يؤدي إلى إضعاف دور مراقبة ومجاهدة النية - باعتبار أن الفقه يدعو دائما إلى عمل المستحب إلى أن يغرق في بحر الشرك الخفي وهو يظن أنه يسبح في طريق السالكين إلى الله ويرد كيد الشيطان وتلبيسه.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها فضربت خباء فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية فقال ما هذا فأخبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((آلبر ترون بهن))، فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشرا من شوال
قال الحافظ ابن حجر
((وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه)).
وعن عمر بن عبد العزيز قال:
((إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة
وعن الحسن قال:
((لقد صحبت أقواما إن كان أحدهم لتعرض له الحكمة لو نطق بها نفعته ونفعت أصحابه فما يمنعه منها إلا مخافة الشهرة وإن كان أحدهم ليمير فيرى الأذى على الطريق فما يمنعه أن ينحيه إلا مخافة الشهرة
وعن صفوان بن عمرو:
رأيت خالد بن معدان إذا عظمت حلقته قام كراهة الشهرة... .
وقال سفيان وبشر بن الحارث:
((إذا أعجبك الكلام فاسكت وإذا أعجبك السكوت فتكلم)).
وعن الأعمش قال:
((كنت عند إبراهيم النخعي، وهو يقرأ في المصحف فاستأذن رجل فغطى المصحف، وقال: لا يرني هذا أنني أقرأ فيه كل ساعة
والشاهد أن النخعي ترك العمل حتى لا يقع الرجل في حسن ظن أكثر مما ينبغي، فخاف على نفسه من آفة الشهرة.
أما القول المتقدم: إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة، فقال: إنك مراء فزدها طولا فيحمل على:
1) أنه كان يعرف حال المخاطب بأنه موسوس.
2) أن يكون من غبر عادة العبد التقصير، فيوسوس له بأنه يرائي، فرده الحارث بن قيس إلى العادة، والعادة محكمة؛ حتى لا يترك العمل خوفا من ظن الناس."
وانتهى البيضانى إلى النتيجة التالية :
"والخلاصة:
أن مسألة الترك مبنية على ضرورة تعلم فقه النية من خلال مراقبتها ومجاهدتها لزيادة الإخلاص ومعرفة دقائقه لأنه يمنع تسلط ذلك العدو المنسي، وكذا معرفة دقائق تلبيسه، والترك سوف يجعله يعيد حساباته وينظم دفاتره ويستعد أكثر لمواجهته ومحاربته، فالصراع مع الشيطان أبدي وإلى الممات، ولكل مرحلة وسائلها في هذا الصراع. أما عدم الترك فسوف يجره إلى الزلل وهو يظن أنه يرد كيد الشيطان. والله المستعان."
وحقيقة الترك ليست موكولة للنية كما قال الرجل وإنما موكولة للنصوص فى الوحى فقد طالب الله المسلم بترك الصلاة وهو ما يسمى قصر الصلاة إن خاف من تعذيب وهو فتنة الكفار له فقال :
"وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا"
كما طالب المسلمين بترك الإسلام كليا عند تواجدهم فى بلاد الكفار المحاربين خوفا من تعذيبهم أو قتلهم فقال :
"إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
وطالب مثلا المرأة المطلقة قبل الدخول بها أو ولى أمرها أن يترك النصف الثانى من المهر كنوع من الفضل بين الناس فقال :
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير"
كما طالب المرأة التى تخاف من زوجها النشوز أن تترك بعض من حقها وهو المهر لزوجها فقال :
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح"
ومن ثم الترك بعضه واجب والبعض الأخر الإنسان مخير فيه وكل واجب وهو كل فرض ليس فيه رياء لأن بعض الأمور تجرى أمام الناس ولا يمكن اخفاءها كالصلاة والتى مثلا يوجب الله اظهارها فى يوم الجمعة بقوله :
" إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله "
لأن ترك الصلاة كفر فى تلك الحالة كفر
ومثلا ترك الزكاة وهو ترك دفعها كفر أمام وهى يجب أن تدفع أمامهم لأن العاملين عليها يأخذونها من المزكى كما قال تعالى :
" والعاملين عليها "
وقال :
" خذ من أموالهم صدقة تزكيهم"
المتروك الذى يمكن تركه هو ما خير فيه الإنسان بين أمور مثل النفقة فى العلن والنفقة فى السر فمن وجد من نفسه تكبرا أو انتفاخا بسبب التصدق فى العلن تصدق فى السر كما قال تعالى :
"إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"
صاحب البحث سند بن علي بن أحمد البيضاني والبحث يدور أن هناك مقولة للفضيل بن عياض تطالب الناس بترك الطاعات خوفا من أن تكون مراءة للناس وقد استهل البحث بذكر أن البعض اعتبر قول الفضيل خطأ فقال :
"هناك من الناس من يسأل عن حكم ترك العمل في غير الواجبات خوفا من الرياء وعادة ما يكون الجواب على نحو الآتي:
بأن ذلك غلط وموافقة للشيطان، وما دام الباعث على العمل صحيح وهو في ذاته موافق للشرع الحنيف فلا يترك العمل لوجود خاطر الرياء، بل على العبد أن يجاهد خاطر الرياء ثم يستدل ببعض الأقوال مثل قول:
الفضيل بن عياض:
((العمل من أجل الناس شرك، وترك العمل من أجل الناس رياء"
الحارث بن قيس:
((إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة، فقال: إنك مراء فزدها طولا "
وتحدق عن أن من يجيبون فهموا كلمة الفضيل خطأ فقال :
"وما يحتاج إلى إعادة نظر هو فهم مراد الفضيل بن عياض، وحتى يتسنى ذلك ينبغي معرفة أنواع ترك العمل وهي:
1) ترك العمل خوفا من الرياء سواء كان قبل العمل أو أثناء العمل.
2) ترك العمل خوفا من أن يظن به الرياء."
وحاول البيضانى افهامنا قصد الفضيل فقال :
"فالفضيل بن عياض قصد الثاني ولفهم مقصده نضرب أمثلة:
أ) رجل من عادته أن يطيل السجود فدخل عليه قوم فقصر السجود خوفا من أن يظن به الرياء.
ب) رجل ليس من عادته إطالة السجود، وأثناء السجود خشع قلبه لمناجاة ربه، فأطال السجود، فدخل عليه قوم فترك إطالة السجود خوفا من أن يظن به الرياء.
ففي المثالين كان ترك العمل لأجل الناس خوفا من أن يظن به الرياء، لا خوفا من الوقوع في الرياء.
ويؤكد ذلك، كلام الإمام النووي حيث يقول:
((ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل:
أن ترك العمل لأجل الناس رياء، ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لا نسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين
والملفت أن تجد المفتي يفتي بعدم ترك العمل ويستشهد بقول الفضيل وقول النووي دون الانتباه لمجانبة الاستشهاد للفتوى، فهما يتحدثان عن ترك العمل خوفا من ظن الناس به الرياء، وليس ترك العمل خوفا من الرياء ..
أما ما يقال عن عدم الالتفات بحجة أنه من تلبيس الشيطان فيه نظر؛ لأن الأصل أن الإثم يعرف ودليله قول المصطفى (ص):
((البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إلية القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون وفي رواية مسلم: ((والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)).
وإذا وصل العبد إلى مرحلة أن لا يعرف نيته فتلك علامة على أنه وقد وقع في الشرك الخفي قل أم كثر، ولكن قد يحصل في أحيانا أن يزداد الإيمان بعلم أو بطاعة خالصة أو دعاء صادق أو استغفار أو توبة فتزداد البصيرة، ويشعر بذلك الوسواس وقد كان من قبل لا يشعر به.
يقول شيخ الإسلام:
(( ... وإن كان من البشر من لا يشعر بأنه من الملك، كالشيطان عندما لا يشعر بعضهم بوسواسه
وللأسف أن هذا الأمر قد وقع في هذه الأمة منذ وقت مبكر، منذ أن انحرف كثير من الفقهاء عن الإخلاص ثم كثر الجهل في المتفقهة والعامة بدقائق الشرك الخفي فوقعوا فيه وهم لا يشعرون، قال سبحانه:
((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106) أفأمنوا أن تاتيهم غاشية من عذاب الله أو تاتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون (107) قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين، 108))) يوسف.
فلنتأمل العلاقة بين الآية 106وبين الآية 108.
قال الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية:
((وثم شرك آخر خفي لا يشعر به غالبا فاعله)).
ولأن لكل سبب نتيجة حصل تسلط من الشيطان على كثير من المسلمين ومن ذلك تلبيس النية على العبد وكذا عدم التفريق بين الوسواس والإلهام ، وقد قال سبحانه:
((إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (99) إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون، 100)). النحل.
فالإخلاص يمنع تسلط الشيطان؛ فلهذا فالحل الأمثل يكمن في تعلم الإخلاص ودقائقه وما ينافيه من قول أو عمل قبل فوات الأوان. وعدم الالتفات قد يصلح لمن له عادة في طاعة، ومع ذلك غير معصوم بأن لا يدخل عليه حظ الذات، فالقلب يتقلب والنفس تميل إلى حب الشهرة والمدح والجاه ونحو ذلك؛ كما أن عدم الالتفات باعتبار أنها من وسوسة الشيطان سوف يؤدي إلى إضعاف دور مراقبة ومجاهدة النية - باعتبار أن الفقه يدعو دائما إلى عمل المستحب إلى أن يغرق في بحر الشرك الخفي وهو يظن أنه يسبح في طريق السالكين إلى الله ويرد كيد الشيطان وتلبيسه.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها فضربت خباء فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية فقال ما هذا فأخبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((آلبر ترون بهن))، فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشرا من شوال
قال الحافظ ابن حجر
((وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه)).
وعن عمر بن عبد العزيز قال:
((إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة
وعن الحسن قال:
((لقد صحبت أقواما إن كان أحدهم لتعرض له الحكمة لو نطق بها نفعته ونفعت أصحابه فما يمنعه منها إلا مخافة الشهرة وإن كان أحدهم ليمير فيرى الأذى على الطريق فما يمنعه أن ينحيه إلا مخافة الشهرة
وعن صفوان بن عمرو:
رأيت خالد بن معدان إذا عظمت حلقته قام كراهة الشهرة... .
وقال سفيان وبشر بن الحارث:
((إذا أعجبك الكلام فاسكت وإذا أعجبك السكوت فتكلم)).
وعن الأعمش قال:
((كنت عند إبراهيم النخعي، وهو يقرأ في المصحف فاستأذن رجل فغطى المصحف، وقال: لا يرني هذا أنني أقرأ فيه كل ساعة
والشاهد أن النخعي ترك العمل حتى لا يقع الرجل في حسن ظن أكثر مما ينبغي، فخاف على نفسه من آفة الشهرة.
أما القول المتقدم: إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة، فقال: إنك مراء فزدها طولا فيحمل على:
1) أنه كان يعرف حال المخاطب بأنه موسوس.
2) أن يكون من غبر عادة العبد التقصير، فيوسوس له بأنه يرائي، فرده الحارث بن قيس إلى العادة، والعادة محكمة؛ حتى لا يترك العمل خوفا من ظن الناس."
وانتهى البيضانى إلى النتيجة التالية :
"والخلاصة:
أن مسألة الترك مبنية على ضرورة تعلم فقه النية من خلال مراقبتها ومجاهدتها لزيادة الإخلاص ومعرفة دقائقه لأنه يمنع تسلط ذلك العدو المنسي، وكذا معرفة دقائق تلبيسه، والترك سوف يجعله يعيد حساباته وينظم دفاتره ويستعد أكثر لمواجهته ومحاربته، فالصراع مع الشيطان أبدي وإلى الممات، ولكل مرحلة وسائلها في هذا الصراع. أما عدم الترك فسوف يجره إلى الزلل وهو يظن أنه يرد كيد الشيطان. والله المستعان."
وحقيقة الترك ليست موكولة للنية كما قال الرجل وإنما موكولة للنصوص فى الوحى فقد طالب الله المسلم بترك الصلاة وهو ما يسمى قصر الصلاة إن خاف من تعذيب وهو فتنة الكفار له فقال :
"وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا"
كما طالب المسلمين بترك الإسلام كليا عند تواجدهم فى بلاد الكفار المحاربين خوفا من تعذيبهم أو قتلهم فقال :
"إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
وطالب مثلا المرأة المطلقة قبل الدخول بها أو ولى أمرها أن يترك النصف الثانى من المهر كنوع من الفضل بين الناس فقال :
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير"
كما طالب المرأة التى تخاف من زوجها النشوز أن تترك بعض من حقها وهو المهر لزوجها فقال :
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح"
ومن ثم الترك بعضه واجب والبعض الأخر الإنسان مخير فيه وكل واجب وهو كل فرض ليس فيه رياء لأن بعض الأمور تجرى أمام الناس ولا يمكن اخفاءها كالصلاة والتى مثلا يوجب الله اظهارها فى يوم الجمعة بقوله :
" إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله "
لأن ترك الصلاة كفر فى تلك الحالة كفر
ومثلا ترك الزكاة وهو ترك دفعها كفر أمام وهى يجب أن تدفع أمامهم لأن العاملين عليها يأخذونها من المزكى كما قال تعالى :
" والعاملين عليها "
وقال :
" خذ من أموالهم صدقة تزكيهم"
المتروك الذى يمكن تركه هو ما خير فيه الإنسان بين أمور مثل النفقة فى العلن والنفقة فى السر فمن وجد من نفسه تكبرا أو انتفاخا بسبب التصدق فى العلن تصدق فى السر كما قال تعالى :
"إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"