العصر في الإسلام

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,805
الإقامة
مصر
العصر في الإسلام
العصر في القرآن:
العصر كلمة من الكلمات النادرة الوجود في المصحف وقد وردت في موضعين فقط :
الأول عصر الناس في عهد يوسف(ص):
بين الله للناس:
أن يوسف (ص)بين للرجل أنهم يزرعون سبع سنين دأبا والمراد يفلحون الأرض سبع سنوات متتابعات وهذا يعنى أن السبع بقرات والسبع سنبلات الخضر هى رمز لسبع سنوات خصب ،كما بين لهم حل المشكلة وهو أن ما يحصدوه أى ما يجمعوه من المحاصيل عليهم أن يذروه فى سنبله والمراد أن يتركوه فى غلافه وهو ورقه المحيط به الذى خلق الله له لحمايته من الآفات ويستثنى من ذلك القليل الذى يأكلون وهو الذى يستخدمون فى طعامهم وبين للرجل أن بعد السبع سنوات الخصب تأتى سبع شداد أى سبع سنوات جفاف تندر فيها الزراعة وهذا يعنى أن السبع بقرات العجاف والسبع سنابل اليابسات رمز لسبع سنوات جفاف يجف فيها النهر كثيرا،وبين له أن السبع سنوات الجفاف يأكلن ما قدموا لهن أى يأخذن ما ادخروا من غذاء السبع سنوات الخصب وهذا يعنى أن محصول السنة الخضراء يكفى سنة أخرى معها وبين له أن الباقى من المحاصيل المدخرة هو القليل الذى أحصنوا أى ادخروا أى خزنوا ،ثم بين له أن بعد السبع الجفاف يأتى عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون والمراد ثم يجىء حول فيه ينجد البشر والمراد يعطيهم الله الكثير من الرزق وفى هذه السنة يعملون العصير من السوائل المختلفة كالزيوت والخمور .
وفى هذا قال تعالى :
"قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتى من بعد عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون "
الثانى القسم بالخصر :
أقسم الله بالعصر وهو الزمن على أن أن الإنسان وهو الفرد فى خسر أى عقاب إلا الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وتواصوا بالحق أى وعملوا بالعدل وهو حكم الله وفسره بأنهم تواصوا بالصبر أى عملوا بطاعة حكم الله .
وفى هذا قال تعالى :
"والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر "
العصر فى الفقه :
استعمل الفقهاء لفظ من العصر وهو الاعتصار فى فقههم فى موضوع :
الهبة
وهم يقصدون به :
الرجوع رجوع الأب عن هبته المالية لابنه أو ابنته او رجوع الغير عن هبته لأيا كان وقد ورى فى ذلك قَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ:
" إِنَّ الْوَالِدَ يَعْتَصِرُ وَلَدَهُ فِيمَا أَعْطَاهُ، وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ وَالِدِهِ "
فَهنا شبه استعادة الأب وهو الوالد ماله من ابنه بمن استخرجه من يده بالاعتصار وهو :
القوة
قطعا ما نسب لعمر يخالف الوحى فأخذ المال بقوة الوحى وليس بقوة اليد موجود كوجوب نفقة الزوجة والأولاد على الزوج وهو الأب ومثله الورثة كما قال تعالى :
"وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك"
وكنفقة الولد على والديه كما في قوله تعالى :
"يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين"
وقد نقلت الموسوعة الفقهية الكويتية من بطون كتب الفقهاء الكلام عن الاعتصار فقالت :
"أَمَّا اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ:
ارْتِجَاعُ الْمُعْطِي عَطِيَّتَهُ دُونَ عِوَضٍ لاَ بِطَوْعِ الْمُعْطِي ، أَيْ بِغَيْرِ رِضَى الْمَوْهُوبِ لَهُ.
وَالاِعْتِصَارُ شَائِعٌ فِي عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ، أَمَّا غَيْرُهُمْ فَيُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ.
الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
2 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الاِعْتِصَارَ (الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ) لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْوَاهِبِ بَعْدَ الْقَبْضِ إِلاَّ لِلْوَالِدَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَهُمَا وَلِلأُْصُول عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَاسْتَدَل مَنْ مَنَعَ الرُّجُوعَ بِالْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ
وَاسْتَدَل لِلاِسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لاَ يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَل الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَل الْكَلْبِ يَأْكُل، فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ
وَمَا عَدَا الْوَالِدَ مُلْحَقٌ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَرَوْنَ الرُّجُوعَ لِلْوَاهِبِ - مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ - فِي الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ إِلاَّ لِمَانِعٍ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (هِبَةٌ) ."
قطعا العودة في الهبة تستلزم التالى :
بقاء الهبة كما هى او بقاء جزء منها
واما في حالة انفاق الموهوب لها فلا مجال لاسترجاعها
وهذا الاسترجاع يكون في حالة وجود الهبة او بعضها يكون بالتوافق بين الطرفين لأن بمجرد استلام الموهوب لها فقد صارت ملك له ولا يصح أن يسترجعها من وهبها حتى وإن احتاج إليها
وفى حالة الوالدين إذا افتقرا واحتاجا فأولادهم البنين نفقة الوالدين عليهما كما قال تعالى :
"يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين"
وأما إذا كان الواهب غير الوالدين والمقصود بالوالدين هنا الأب والأم والجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة وقد احتاجوا لمال الهبة فللمسلم أن يعيد لهم المال أو ما تبقى منه أو يهبهم هو من ماله كما وهبوه فهو نوع من التعاون الذى قال تعالى فيه :
" وتعاونوا على البر والتقوى"
ونوع من رد الجميل من باب قوله أيضا :
" وآتوهم من مال الذى الله الذى آتاكم "
قطعا من غير المقبول أن يساعد المسلم مسلم أخر أو حتى كافر ثم لا يقوم هو بمساعدته وقت حاجته وشدته ومن يفعل ذلك يكون مانعا للعون وهو من المكذبين بدين الله كما قال تعالى :
"أرأيت الذى يكذب بالدين فذلك الذى يدع اليتيم ولا يحض على طعام فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون"
والموضوع الثانى في الفقه هو :
حرمة بيع العنب أو ما شابه لمن يعرف البائع أن سيعصره ليكون خمرا وبالطبع المعرفة هنا معرفة ظنية فالبيع حلال ولكن إذا ثبت في القضاء أن الرجل المشترى ثبتت عليه جريمة شرب الخمر فلا يصح بيعه له وأما إذا كان مجرد معلومة ظنية لاتهام الناس له بذلك بدون إثبات قضائى فلا يصح منع بيع العنب وما شابهه له

ومن اراد الخروج من الشبهة فليهبه بعض العنب ويطلب منه أكله أمامه مخبرا إياه أنه لا يريد أن يشاركه إثمه لأنه يعلم انه سيعصره لسبق ثبوت شرب الخمر عليه
 
عودة
أعلى