إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

كتاب التداول في المنطقة ( Trading in the zone ) مترجم حصري لعرب اف اكس

مبدأ عدم اليقين

-1-

إذا كان هناك سر للتداول فهو : أن يكون في صميم قدرة الشخص مايلي :
1-أن يتداول بدون خوف او ثقة مفرطة .
2-أن يتلقى مايقدمه له السوق من منظور السوق.
3- أن يبقى مركزا في " اللحظة الحالية لسيل الفرص"
4- وأن يدخل "المنطقة" عفويا , والتي هي إيمان فعلي غير قابل للشك بنتائج مجهولة وغير معروفة لكن حصيلتها في صالحك .
أفضل المتداولين قد تطوروا تدريجيا إلى مرحلة معينة بحيث آمنوا وبدون أدنى شك أو صراع داخلي بأن " أي شيء يمكن أن يحصل " .
هم لا يشتبهون فقط بأن أي شيء يمكن أن يحصل ولايتشدّقون بتلك الفكرة مجرد تشدّق بل يؤمنون بها فعلا .
إيمانهم بعدم اليقين قوي لدرجة أنه يمنع عقولهم من ربط حالة "اللحظة الحالية" والظروف بنتيجة صفقاتهم الاخيرة .
بمنع هذا الربط , يصبحون قادرين على جعل عقولهم حرة من التوقعات الغير واقعية والمتشددة حول كيف سيتحرك السوق .
بدلا من توليد التوقعات الغير واقعية والتي في أغلب الأحيان تكون نتائجها ألم نفسي وعاطفي , فهم تعلموا أن "يجعلوا أنفسهم جاهزين" لإستغلال جميع الفرص التي قد يوفرها السوق في أية لحظة .
و "جعل نفسك جاهزا" هي النقطة التي ستفهم من خلالها أن الإطار الذي تنظر من خلاله للمعلومات هو إطار محدود الصلة بما يعرض فعليا .
إن عقولنا لاترى تلقائيا كل فرصة تظهر في أي لحظة . (التوضيح حول الطفل والكلب من الفصل 5 مثال ممتاز حول كيف أن رؤيتنا الخاصة حول حقيقة ما تنعكس علينا ) .
نفس مبدأ هذا التصور الجاهل يحدث دائما أثناء التداول .
فعقلنا لايمكنه أن يتصور أن السوق لديه القدرة ليكمل تحركه في إتجاه مخالف لصفقتنا , وذلك في حال كنا نعمل من مبدأ الخوف من أن نكون مخطئين , على سبيل المثال , خوفنا من الإعتراف أننا كنا على خطأ , يجعلنا نعطي أهمية مبالغ فيها للمعلومات التي تخبرنا أننا على صواب .
وهذا يحدث حتى ولو كان هناك معطيات وافرة تدل على أن السوق شكل ترند في الإتجاه المعاكس لصفقتنا .
إن سوق له إتجاه ترند واضح هو إشارة عن سلوك السوق , وعادة ما يمكن لنا أن نميزها , ولكن هذه الإشارة يمكن أن تصبح غير مرئية بسهولة إذا كنا نعمل بدافع الخوف .
فالترند وفرصة التداول مع إتجاه هذا الترند لاتصبح مرئية لنا إلا بعد أن نخرج من صفقتنا .
بالإضافة لذلك هناك فرص غير مرئية لنا لأننا لم نتعلم أن نميزها أي لم ندرسها سابقا .
لنتذكر نقاشنا في الفصل 5 حول أول رسم بياني للسعر نظرت اليه . فما لم نتعلمه بعد يبقى غير مرئيا لنا , ويبقى على هذه الحال حتى نفتح عقولنا لتبادل الطاقة .
وجهة نظرك التي من خلالها "تجعل نفسك جاهزا" لإستغلال الفرص , تأخذ في حسبانها ماهو معلوم وماهو مجهول ,
كمثال على ذلك : أنت شكلت لنفسك إطار عقلي يسمح لك أن تتعرف على مجموعة من المتغيرات في سلوك الاسواق , والتي تدل عند توافرها على أن هناك فرصة بيع أو شراء , هذه هي حدود معرفتك ,
ولكن ما لاتعرفه هو كيف سيتمخض هذا النمط الذي حددته متغيراتك ((اي ماذا ستكون نتيجة الصفقة)).
فمن وجهة النظر هذه التي من خلالها " تجعل نفسك جاهزا" لإستغلال الفرص , أنت تعلم أن حدود معرفتك ستجعل من فرص النجاح لصالحك .
ولكن , في نفس الوقت أنت متقبل تماما لواقع أنك لاتعرف نتيجة أي صفقة بالذات .
و" بجعل نفسك جاهزا " ستكون منفتحا ولكن بوعي لإكتشاف ماذا سيحصل لاحقا , بدلا من الإستسلام لعملية عقلية تلقائية تجعلك تظن أنك تعرف مسبقا ماذا سيحصل .
تبني وجهة النظر هذه يحرر عقلك من المقاومة الداخلية التي يمكن أن تمنعك من إدراك أي فرصة يوفرها السوق من منظوره .
عقلك أصبح منفتحا لتبادل الطاقة . وبإمكانك عندها ليس فقط أن تتعلم شيئا عن السوق لم تكن تعرفه مسبقا , وإنما يمكنك أيضا ضبط حالتك العقلية على الحالة الأنسب للدخول الى "المنطقة" .
إن خلاصة معنى أن تكون في "المنطقة" هو أن يكون عقلك والسوق في حالة مزامنة معا .
ونتيجة لذلك تشعر بما سيقوم به السوق كما لو أنه لايوجد حاجز بينك وبين الشعور الجماعي لجميع المشاركين في السوق .
المنطقة هي مساحة عقلية بحيث أنك تقوم بأكثر من قراءة العقل الجماعي , بل أنت في تناغم تام معه .
إذا كان هذا يبدو غريبا عليك بعض الشيء , فاسأل نفسك كيف يمكن لسرب من الطيور أو لقطيع من الاسماك أن تغير إتجاهها في نفس الوقت .
حتما هناك طريقة تربطهم ببعضهم البعض .
لو كان ممكنا للبشر أن يرتبطوا بنفس الطريقة , فعندها سوف يكون هناك أوقات تتسرب فيها المعلومات الى إدراكنا ووعينا من هؤلاء الذين نحن مرتبطين معهم .
المتداولون الذين عاشوا تجربة أن يكونوا جزءا من الشعور الجماعي للسوق , يمكنهم توقع تغير الإتجاه مثل الطيور وسط السرب , أو الأسماك وسط القطيع التي ستغير من إتجاهها في نفس اللحظة التي يغير فيها الآخرون إتجاههم .

يتبع....
 
التعديل الأخير:
-2-

ومع ذلك فإن ضبط حالتك العقلية على الحالة الأنسب لعيش هذا التناغم السحري كما يبدو , بينك وبين السوق ليست مهمة سهلة . فهناك عقبتان ذهنيتان يجب التغلب عليهما .
الأولى هي محور هذا الفصل : تعلم كيفية إبقاء عقلك مركزا على "لحظة تدفق الفرص" , فلكي تحقق هدف عيش التناغم يجب أن ينفتح عقلك على حقيقة السوق ,من منظوره هو .
أما العقبة الثانية فتتعلق بتقسيم العمل بين نصفي دماغنا . فالنصف أو القسم الأيسر من دماغنا مختص بالتفكير العقلاني أو المنطقي , المبني على مانعرفه مسبقا .
أما القسم الايمن مسؤول عن التفكير الإبداعي , والذي هو قادر على الاستفادة من الإلهام والحدس والبديهة , أو الشعور بالمعرفة والتي عادة لايمكن تفسيرها في المستوى العقلاني ,
ولايمكن تفسيرها في المستوى العقلاني لأنه إذا كانت المعلومات التي نفكر فيها إبداعية بطبيعتها , فهي إذا لن تكون معروفة على المستوى العقلاني .
بالتعريف , الإبداع الحقيقي يخلق ويولد شيء لم يكن موجودا سابقا .
هناك صراع متأصل بين هاتين الطريقتين من التفكير , بحيث أن التفكير العقلاني والمنطقي سيفوز دائما , مالم نتخذ خطوات معينة لندرب عقولنا على القبول والثقة بالمعلومات الإبداعية .
وبدون هذا التدريب فإننا غالبا سنجد صعوبة في التصرف بناء على حدسنا و بناء على لحظات البديهة والإلهام والشعور بالمعرفة التي تأتينا .
إن التصرف بشكل مناسب على أي شيء يتطلب الإيمان والنية الواضحة , مما يبقي عقولنا وحواسنا مركزة على الهدف في متناول اليد .
إذا كان مصدر افعالنا إبداعيا , والقسم العقلاني من عقلنا لم يدرب بشكل جيد ليثق بهذا المصدر الإبداعي , عندها في مرحلة ما من عملية التصرف بناء على هذه المعلومات , سيقوم القسم العقلاني بإغراق وعينا بالافكار المتضاربة والمتنافسة .
بالطبع فإن كل هذه الافكار (المتضاربة والمتنافسة) ستكون سليمة ومنطقية , لأنها آتية مما نعرفه مسبقا في نصفنا العقلاني , ولكن سيكون تأثيرها إخراجنا من "المنطقة" ومن أية حالة عقلية إبداعية .
من أكثر الاشياء إحباطا في الحياة أن نكتشف أمورا واضحة بواسطة حدسنا وبديهيتنا ووحي أفكارنا ثم لانستفيد من هذه الأمور , لأننا أقنعنا أنفسنا ان نخرج من حالة الوحي والإلهام هذه .
أنا أدرك أن ماقلته للتو مازال نظريا جدا ولايمكن تطبيقه على قاعدة عملية . لذلك سآخذك خطوة بخطوة ضمن معنى أن تكون مركزا بشكل تام على " اللحظة الحالية لسيل الفرص"
هدفي أنه وبعد أن تنهي قراءة هذا الفصل والفصل 7 , سوف تفهم وبدون أدنى شك أن نجاحك المطلق كمتداول لايمكن أن يتحقق إلا إذا طوّرت ايمانا راسخا وثابتا بعدم اليقين .
إن أول خطوة على طريق تحقيق التزامن أو التناغم بين عقلك والسوق هي الفهم والقبول التام للحقائق النفسية للتداول . عند هذه الخطوة بالذات يبدأ الإحباط وخيبات الأمل والغموض المرتبطين بالتداول .
عدد قليل جدا من الناس الذين يقررون التداول , يبذلون وقتا أو جهدا للتفكير في معنى أن تكون متداولا . معظم الذين يخوضون التداول يعتقدون بأن كونك متداولا هو مرادف لكونك محللا جيدا للسوق .
كما أشرت سابقا , إن هذا أبعد مايكون عن الحقيقة . فالتحليل الجيد للسوق بالتأكيد يسهم ويلعب دورا في نجاح الشخص , ولكنه لايستحق ذلك الاهتمام والأهمية التي يعطيها المتداولون له .
تحت أنماط سلوك السوق والتي من السهل جدا التركيز عليها , يوجد بعض الخصائص النفسية الفريدة جدا . و طبيعة هذه الخصائص النفسية هي التي تحدد كيف يجب على الشخص " أن يكون" لكي يعمل بفعالية في بيئة السوق .
فالعمل بفعالية في بيئة ذات خصائص وسمات وصفات مختلفة عما اعتدنا , يتطلب إجراء بعض التعديلات على الطريقة التي نفكر فيها عادة حول الأشياء .
على سبيل المثال , إذا كان عليك السفر إلى مكان غريب لإنجاز أهداف أو أغراض معينة , فأول شيء ستقوم به هو التأقلم مع التقاليد والعادات المحلية لذلك المكان , وبهذا ستتعلم الطرق المختلفة للتكيّف لتعمل بنجاح في تلك البيئة .
المتداولون كثيرا مايتجاهلون حقيقة أنهم مضطرين للتكيف لكي يصبحوا متداولين ناجحين باستمرار . وهناك سببان لذلك ,
الأول أنك لاتحتاج أية مهارة على الإطلاق لتنفذ صفقة ناجحة . فبالنسبة لأغلب المتداولين فإنه عادة ما يستغرق سنين من الألم والمعاناة قبل أن يكتشفوا أو يعترفوا لأنفسهم أنهم ولكي يكونوا ناجحين باستمرار تفإنهم يحتاجون لأكثر من القدرة على إختيار صفقة ناجحة بشكل عرضي .
أما السبب الثاني فهو أنك غير مضطر لتسافر إلى أي مكان لتتداول , فكل ماتحتاجه هو هاتف ما , حتى أنك غير مضطر للنهوض من السرير صباحا , وحتى التجار الذين يتداولون عادة من مكتب ليس عليهم أن يكون في المكتب ليفتحوا أو يغلقوا صفقاتهم .
فلأننا نستطيع الوصول للسوق والتفاعل معه من بيئتنا الشخصية التي هي مألوفة جدا لنا , يبدو لنا وكأن التداول لن يحتاج أي تكيّف أو تأقلم من أي نوع كان , بحسب تفكيرنا .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-3-

إلى حد ما , أنت على علم بالعديد من الحقائق الأساسية (الخصائص النفسية) حول طبيعة التداول , لكن علمك بشيء أو فهمك لمبدأ أو فكرة أو مفهوم لايعادل قبولك له و إيمانك به .
فعندما نقبل شيئا ما ونوافق عليه حقا , فهذا معناه أنه لايوجد لدينا أي تضارب أو صراع بينه وبين أي مكون اخر في بيئتنا العقلية .
عندما نؤمن بشيء ما , فإننا نعمل إنطلاقا من هذا الإيمان ويكون عملنا هذا وظيفة طبيعية تعبر عن حقيقتنا , وذلك من دون صراع أو جهد اضافي .
مهما كانت درجة الصراع الموجودة مع أي مكون في بيئتنا العقلية , فإنه بنفس هذه الدرجة يوجد نقص في القبول . لذلك ليس من الصعب أن نفهم لماذا قلة من الناس ينجحون كمتداولين .
ببساطة فإنهم لايقومون بالعمل العقلي المطلوب لحل الصراعات الكثيرة الموجودة بين ماتعلموه سابقا وبين ما آمنوا به ,
إضافة إلى أن التعلم يتعارض ويعمل كمصدر لمقاومة إنجاز مبادئ التداول الناجحة .
إن الوصول إلى هذا النوع من الحالات العقلية الحرة والتي هي مثالية للتداول , والإستفادة منها , يتطلب أن يتم حل تلك الصراعات بشكل تام .
 
التعديل الأخير:
السمات الأكثر جوهرية للسوق
(يمكن للسوق أن يعبر عن نفسه بعدد لانهائي تقريبا من الطرق)


-1-

يمكن للسوق فعليا أن يفعل أي شيء وفي أي وقت . هذا الأمر يبدو واضحا جدا , خاصة بالنسبة لمن جرب السوق وشهد تأرجحات السعر المتقلبة والغريبة .
المشكلة أننا جميعا نميل لاعتبار هذه السمة في السوق على أنها من المسلمات , بطريقة تسبب لنا إرتكاب أكثر الأخطاء الجوهرية مرارا وتكرارا .
والحقيقة أنه إذا آمن المتداولون حقا بأن أي شيء يمكن أن يحصل وفي أي وقت , سيكون هناك عدد أقل بكثير من الخاسرين وعدد أكبر من الرابحين باتساق .
كيف لنا أن نعرف أن أي شيء يمكن أن يحدث فعليا ؟ من السهل برهنة هذه الحقيقة .
كل ماعلينا فعله هو تجزئة السوق إلى الأجزاء المكونة له وننظر كيف تعمل هذه الأجزاء .
العنصر الأساسي لأي سوق هو المتداولون .
المتداولون الفرديون يشكلون قوة تؤثر في الأسعار , مما يجعلها تتحرك إما إرتفاعا أو إنخفاضا .
لماذا يرفع المتداولون الأسعار عن طريق الطلب أو يخفضوها عن طريق العرض ؟ للإجابة على هذا السؤال علينا أن نشرح أسباب تداول الناس . هناك العديد من الأسباب والدوافع التي تحفز الشخص للتداول في أي سوق , ولكن في شرحنا هذا ليس علينا معرفة جميع الأسباب الكامنة وراء إجبار أي متداول فردي على التصرف , ففي نهاية المطاف جميع هذه الأسباب تختزل في سبب واحد ولغرض واحد : وهو كسب المال . ونحن نعرف هذا لأنه هناك فقط شيئان يمكن للمتداول القيام بهما (الشراء أو البيع) وهناك نتيجتين محتملتين فقط لكل صفقة (الربح أو الخسارة).
لذلك أعتقد أنه يمكننا الافتراض بثقة , أنه بغض النظر عن أسباب التداول فإن الخلاصة هي أن الجميع يبحث عن نفس النتيجة وهي الأرباح . وهناك طريقتان فقط لتحقيق هذه الأرباح : إما الشراء من الأسفل ثم البيع من الأعلى , أو البيع من الأعلى ثم الشراء من الأسفل .
لو افترضنا أن كل شخص يريد كسب المال , إذا هناك تفسير واحد فقط لقيام أي متداول بالمراهنة على إرتفاع السعر إلى مستوى أعلى: لأنه يعتقد أن بإمكانه بيع كل ما اشتراه بسعر أعلى في وقت ما في المستقبل . ونفس الشيء ينطبق على المتداول الذي يكون على استعداد لبيع صفقته على سعر أدنى من السعر السابق , هو يقوم بذلك لاعتقاده بإمكانية أن يشتري كل ماباعه لكن على سعر أقل في وقت ما في المستقبل .
(( ربما الكاتب شرح هذه الفكرة بطريقة معقدة لذلك ببساطة نقول انه لتحقيق الربح فأن المتداول إما أن يشتري بسعر معين مراهنا على ارتفاعه لأعلى وعند ارتفاعه يغلق صفقة الشراء "بأمر البيع" محققا ربحا, أو ان يبيع بسعر معين مراهنا على انخفاضه وعند الانخفاض يغلق صفقة البيع "بأمر شراء" محققا ربحا ))
اذا ما نظرنا إلى سلوك السوق بوصفه نتيجة لحركة السعر , وإذا كانت حركة السعر نتيجة للمتداولين الذين هم على استعداد لرفع الأسعار للأعلى أو خفضها لأسفل , عندها نستطيع أن نقول أن كل حركة السعر (سلوك السوق) هي نتيجة لما يظن المتداولون أنه سيحدث مستقبلا .
ولأكون أكثر تحديدا , فإن كل تحرك للسعر هو نتيجة لما يعتقده المتداولون الفرديون حول ماهي القمة وماهو القاع .
الديناميكية الكامنة وراء سلوك السوق بسيطة للغاية . هناك ثلاث قوى رئيسية فقط موجودة في السوق : المتداولون الذين يعتقدون أن السعر منخفض , والمتداولون الذين يعتقدون أن السعر مرتفع , والمتداولون الذين يراقبون وينتظرون أن يحسموا أمرهم حول ما إذا كان السعر منخفض أم مرتفع .
من الناحية الفنية , فالمجوعة الثالثة تمثل قوى محتملة ومرتقبة .
الأسباب التي تدعم رؤية أي متداول _بأن ذاك السعر هو سعر مرتفع أو هو سعر منخفض _لاعلاقة لها بالموضوع عادة , لأن أغلب الناس الذين يتداولون يتصرفون بطريقة غير منضبطة ,غير منظمة ,تعتمد على الصدف, و عشوائية .
لذلك فأسبابهم ليس بالضرورة أن تساعد على فهم مايجري . ولكن فهم مايجري ليس بتلك الصعوبة , إذا كنت تذكر أن كل حركة للسعر أو كل ركود للسعر هو نتيجة للتوازن النسبي أو لعدم التوازن بين القوتان الرئيسيتان واللتان هما : المتداولون الذين يعتقدون أن السعر سيرتفع , والمتداولون الذين يعتقدون أن السعر سيهبط .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-2-

فإذا كان هناك توازن بين المجموعتين , فإن الاسعار ستكون في حالة ركود , لأن كل طرف سيمتص القوة الناتجة عن أفعال الطرف الاخر .
أما إذا كان هناك حالة عدم توازن أو حالة خلل فإن الاسعار ستتحرك في إتجاه القوة الأكبر , أي باتجاه المتداولين الذين لديهم قناعات راسخة في معتقداتهم حول أي إتجاه سيذهب إليه السعر .
الآن , أريدك أن تسأل نفسك , فعليا ما الذي سيوقف أي شيء من الحدوث في أي وقت , طبعا فيما عدا قيود سعر الصرف المفروضة على حركة السعر .
لايوجد مايوقف سعر (شيء ما) من الإرتفاع أو الإنخفاض إلى أي حد , مادام يوجد متداول في العالم يؤمن أنه من الممكن الوصول إلى ذلك الحد , ولكن بالطبع إذا كان هذا المتداول قادرا على التصرف بناء على إيمانه أو إعتقاده هذا .
لذلك فإن مدى سلوك السوق بشكله الجماعي لايحده شيء , إلا المعتقدات المبالغ فيها حول ماهو أقصى إرتفاع أو أقصى إنخفاض في نظر أي شخص مشارك في ذلك السوق .أعتقد أن حيثيات هذه النقطة تشرح نفسها بنفسها .
هناك تنوع كبير في الآراء التي تظهر في أي سوق وفي أية لحظة , مما يجعل أي شيء ممكنا تقريبا . فعندما ننظر إلى السوق من وجهة النظر هذه فعندها من السهل الإعتقاد أن أي متداول محتمل يمكن أن يصبح متغيرا من متغيرات السوق , طبعا طالما هو قادر على التصرف بناء على معتقده ورؤيته حول المستقبل .
على مستوى أكثر تحديدا , هذا يعني أن الأمر يحتاج إلى متداول آخر فقط وفي أي مكان في العالم , ليلغي الإحتمال الإيجابي لصفقتك .
بعبارة أخرى , الأمر يحتاج فقط متداول واحد آخر ليلغي ما تعتقده أنت , فيما يخص أن هل تلك قمة أو هل ذاك قاع , هذا كل مايحتاجه الأمر , متداول واحد فقط !!!!
وهذا مثال لتوضيح الفكرة ,
منذ عدة سنوات جاءني متداول يطلب المساعدة .
كان محلل أسواق ممتاز , بل كان من أفضل المحللين الذين قابلتهم . ولكن بعد سنوات من الإحباط والتي خسر فيها كل أمواله والكثير من أموال الناس , اصبح أخيرا جاهزا للإعتراف بأنه وكمتداول , تمنى أكثر مما يجب .
بعد التحدث إليه لفترة , وجدت أن هناك العديد من العقبات النفسية الخطيرة التي كانت تمنعه من أن يكون ناجحا .
أصعب العقبات كانت أنه متغطرس للغاية ويظن أنه يعرف كل شيء , مما يجعل من المستحيل عليه أن يحقق درجة من المرونة الذهنية المطلوبة للتداول بفعالية .
لم يكن مهما إلى أي درجة كان جيدا في التحليل . فعندما جاء إلي كان يائسا جدا للحصول على المال والمساعدة , وكان مستعدا لسماع أي إقتراح .
أول شيء إقترحته عليه أنه وبدلا من أن يبحث عن مسنثمر آخر ليعيد الكرة وفي النهاية يقوم بمحاولة تداول فاشلة آخرى , من الأفضل له أن يجد وظيفة بحيث يقوم بشيء هو بارع جدا فيه .
وبحيث يحصل على دخل ثابت بينما يعمل على حل مشاكله , وبنفس الوقت يقدم خدمة جيدة لشخص ما .
أخذ بنصيحتي وسرعان ماوجد منصب محلل فني مع شركة الوساطة والمقاصة الكبيرة في شيكاغو ,
رئيس مجلس إدارة الشركة المقبل على التقاعد , كان متداولا منذ فترة طويلة , مايقارب 40 عاما من الخبرة في مناجم الحبوب في مجلس تجارة شيكاغو .لم يكن يعرف الكثير عن التحليل الفني , لأنه لم يكن بحاجة لذلك ليكسب المال . ولكن لم يعد يتداول في الميدان وأصبح يتداول عبر الشاشات , لكنه وجد التداول عبر الشاشة صعبا وغامضا نوعا ما , فطلب من محلل الشركة الجديد والحاصل على الأوسمة أن يجلس بجانبه خلال يوم التداول ويعلمه التداول الفني .
إندفع الموظف الجديد لإستغلال الفرصة وليتباهى بقدراته كمتداول ناجح وخبير . هذا المحلل كان يستخدم طريقة تدعى "النقطة والخط" والتي تم تطويرها من قبل تشارلي دروموند . (طريقة النقطة والخط يمكنها أن تحدد بدقة الدعم والمقاومة , بالإضافة الى أمور أخرى ).
وفي أحد الأيام , بينما كان الإثنان معا يراقبان سوق فول الصويا , وكان المحلل قد تنبأ بنقاط الدعم والمقاومة الرئيسية وصدف أن السوق كان يتداول بين هاتين النقطتين .
وبينما كان المحلل يشرح للرئيس أهمية هاتين النقطتين , ذكر بشكل مؤكد وشبه مطلق أنه إذا صعد السعر إلى المقاومة سيتوقف ويرتد , وإذا إنخفض السعر ألى الدعم فإنه أيضا سيتوقف وينعكس .
ثم شرح له أنه إذا هبط السوق إلى مستوى السعر الذي قام بحسابه على أنه دعم , فإن حساباته تشير أن هذا الدعم سيكون القاع لذلك اليوم .
بينما كانا جالسين , كان سوق الفول يتجه ببطء نحو السعر الذي قال عنه المحلل أنه سيكون الدعم , أو القاع لذلك اليوم . وعندما وصل إلى هناك في النهاية , نظر الرئيس إلى المحلل وقال له , "هنا يفترض أن يتوقف السوق ويرتفع , أليس كذلك ؟ "
رد المحلل , "بالتأكيد ! هذا هو قاع اليوم " , فأجابه الرئيس " هذا هراء " .
"شاهد هذا " رفع الهاتف واتصل بأحد الموظفين المسؤولين عن أوامر فول الصويا , وقال " قم ببيع الفاصوليا بمليونين (بوشل) في السوق " . (( البوشل قد تكون فئة معينة من العملة في ذلك الوقت , أو كمية محددة ))
خلال ثلاثين ثانية من تنفيذ الأمر , إنخفض سوق فول الصويا عشرة سنتات لل (بوشل) .
إلتفت الرئيس فشاهد نظرات الرعب على وجه المحلل , وبهدوء سأله "الآن , أين قلت لي أن السوق سيتوقف ؟؟
إذا كنت أنا أستطيع أن أقوم بذلك , فأي شخص يستطيع ذلك أيضا" .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-3-

المغزى أنه من منظورنا الشخصي والفردي كمراقبين للسوق , أي شيء يمكن أن يحدث , وكل مايتطلبه الأمر هو متداول واحد فقط ليقوم بذلك .
هذه هي الحقيقة القاسية والباردة للتداول , والتي يؤمن بها ويتبناها فقط أفضل المتداولين وبدون صراع داخلي .
كيف أعرف ذلك ؟ لأنه فقط أفضل المتداولين يحددون حجم مخاطرتهم قبل أن يدخلوا الصفقة .
وفقط أفضل المتداولين يوقفون خسائرهم بدون تحفظ أو تردد عندما يخبرهم السوق أن صفقتهم لاتنجح .
وفقط أفضل المتداولين لديهم نظام منهجي ومنتظم لإدارة رأس مالهم في جني أرباحهم عندما يمشي السوق في إتجاه صفقتهم .
عدم تحديد مخاطرتك مسبقا , وعدم إيقاف خسائرك , وعدم جني أرباحك بنظام معين , هذه الأمور الثلاث هي أكثر أخطاء التداول المعتادة والمكلفة والأكثر شيوعا التي يمكن أن ترتكبها .
فقط أفضل المتداولين قد ألغوا هذه الأخطاء من تداولهم . وفي مرحلة ما من حياتهم المهنية تعلموا أن يؤمنوا و بدون أدنى شك بأن أي شيء يمكن أن يحدث , ودائما ما يتحسبون لما يجهلونه ,ولغير المتوقع .
تذكر أن هناك قوتان فقط تجعلان الأسعار تتحرك : المتداولون الذي يعتقدون بأن الأسواق سترتفع , والمتداولون الذين يعتقدون أنها ستهبط .
ويمكننا في أي لحظة أن نرى من لديه القناعة الأقوى , من خلال مقارنة مكان السعر الآن مع مكانه قبل عدة دقائق .
إذا ظهر نمط ما , فانه يمكن لهذا النمط أن يكرر نفسه , ليعطينا دلالة عن المكان الذي سيتجه إليه السوق . هذه هي حدودنا وضوابطنا , هذا كل مانعرفه .
ولكن هناك أيضا الكثير مما لانعرفه , ولن نعرفه أبدا مالم نتعلم قراءة العقول .
على سبيل المثال , هل نعرف كم عدد المتداولين الواقفين على الحياد وهم على وشك دخول السوق ؟
هل نعرف كم منهم يريد أن يشتري وكم منهم يريد أن يبيع , أو كم حصة سوف يشترونها أو يبيعونها ؟ ماذا عن المتداولين المشاركين أساسا في السوق , والذين تنعكس نتائج مشاركتهم على السعر الحالي ؟
هل نعلم كم منهم سيغير رأيه ويغلق صفقاته في أية لحظة ؟ وإذا أغلقوا صفقاتهم هل نعلم كم من الوقت سيبقون خارج السوق ؟ وإذا ماقرروا العودة للسوق , هل نعلم ماهو الإتجاه الذي سيدعمونه ؟
هذه هي المتغيرات المجهولة والمخفية والمستمرة والغير منتهية , والتي تظهر في كل سوق , ودائما أفضل المتداولين لايحاولون الإختباء من هذه المتغيرات المجهولة بالتظاهر أنها غير موجودة .
كما أنهم لايحاولون تبريرها وعقلنتها أو إيجاد تفسير لها من خلال تحليل السوق .
بل على العكس تماما فإن أفضل التجار يأخذون هذه المتغيرات في حسبانهم , ويعتبرونها عامل موجود في كل مكون من مكونات أنظمة التداول الخاصة بهم .
أما بالنسبة للمتداول العادي , فالعكس تماما هو الصحيح , فهو يتداول على مبدأ أن ما لا يراه ولا يسمعه ولايشعر به , هو غير موجود .
فهل هناك تفسير آخر لسلوكه ؟ فلو آمن فعلا بوجود كل المتغيرات المخفية والتي لها القدرة على التأثير على السعر في كل لحظة , لكان آمن فعلا أن كل صفقة لها نتيجة غير مؤكدة ,
وإذا كان لكل صفقة نتيجة غير مؤكدة , فكيف برر لنفسه أن لايحدد مخاطرته مسبقا , ولا يقطع خسائره , ولايمتلك نظام لجني الأرباح ؟
بناء على هذه الملابسات , فإن عدم تمسكه بهذه المبادئ الأساسية الثلاث هو بمثابة انتحار مالي ونفسي .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-4-

بما أن أغلب المتداولين لايلتزمون بهذه المبادئ , هل يمكننا الإفتراض أن دافعهم الحقيقي الكامن وراء تداولهم هو تدمير أنفسهم ؟ هذا وارد حتما , ولكني أعتقد أن نسبة المتداولين الذين يريدون أن يتخلصوا من أموالهم , أو الذين يريدون إيذاء أنفسهم شعوريا أو لاشعوريا بطريقة ما , هي نسبة صغيرة للغاية .
لذلك إذا كان الانتحار المالي ليس هو السبب المرجح , فما الذي يمنع شخص ما من القيام بشيء عقلاني ومنطقي للغاية وبشكل تام ؟ الإجابة بسيطة للغاية :
المتداول العادي لايحدد مخاطرته مسبقا , ولايقطع خسائره , ولايجني أرباحه بنظام معين لأن هذا المتداول لايؤمن بأن كل ذلك ضروري .
السبب الوحيد لعدم إقتناعه بأن ذلك ضروري , أنه يظن بأنه يعرف مسبقا ما الذي سيحصل لاحقا , معتمدا على تصوره عما سيحدث في أية "لحظة" .
فإذا كان يعرف ماذا سيحصل مسبقا , فعندها بالفعل لن يكون هناك من داع لأن يلتزم بهذه المبادئ .
فظنه وافتراضه , وإعتقاده بأنه "يعرف" سيكون السبب الفعلي لكل أخطاء التداول التي سيرتكبها (بإستثناء الاخطاء التي هي نتيجة لعدم إيمانه بأنه يستحق المال أي أخطاء الإنتحار المالي ) .
إيماننا بما هو حقيقي وصحيح , هو قوى داخلية قوية جدا .
هذه القوى تتحكم بكل جانب من جوانب تفاعلنا مع الأسواق , بدءا من تصورنا , تفسيراتنا , قراراتنا , أفعالنا , وتوقعاتنا , وصولا إلى أحاسيسنا حول النتائج .
من الصعب للغاية أن نتصرف على نحو يتعارض مع مانعتقد أنه صحيح . في بعض الحالات وبحسب قوة الاعتقاد , يكون من شبه المستحيل فعل أي شيء يخالف سلامة إعتقادنا .
ما لايدركه التاجر العادي أنه يحتاج الى آلية داخلية , تكون على شكل إيمان قوي , تجبره فعليا على تصور السوق من وجهة نظر تتمدد دائما بدرجات أكبر وأكبر من الوضوح , وتجبره على التصرف دائما بشكل مناسب , بحسب الظروف النفسية وبحسب طبيعة حركة الأسعار .
إن معتقد التداول الأكثر فعالية ووظيفية الذي يمكن له إكتسابه هو "أي شيء يمكن أن يحصل " .
فإلى جانب أن هذه هي الحقيقة ( أن أي شيء يمكن أن يحصل ) فإن إيمانه بهذا الإعتقاد سيكون بمثابة أساس صلب لبناء كل الإعتقادات والمواقف الأخرى التي يحتاجها ليكون متداول ناجح .
بدون هذا المعتقد فعقله بشكل تلقائي ولاشعوري , سيجعله يتجنب ويحجب ويبرر أي معلومة تشير إلى أن السوق سيفعل شيء هو لايعتبره من الممكنات .
إذا آمن أن أي شيء ممكن , فعندها ليس على عقله أن يتجنب أي شيء , فأي شيء يشمل كل شيء , فهذا الإعتقاد أو الإيمان سيكون بمثابة قوة تعطي لتصوره للسوق مساحة , مما يسمح له برؤية المعلومات التي تكون غير مرئية له عادة .
وبالمختصر , سيكون جاهزا (سيفتح عقله ) لإدراك كم أكبر من الإحتمالات الموجودة في الأسواق .
والأهم من ذلك , بترسيخ هذا المعتقد بأن أي شيء يمكن أن يحصل , سيدرب عقله على التفكير في الإحتمالات .
إلى حد ما , هذا هو المبدأ الأكثر أهمية وأيضا الأكثر صعوبة للناس ليفهموه ويدمجوه بفعالية في نظامهم العقلي .


نهاية الفصل 6
 
التعديل الأخير:
الفصل السابع

أفضلية المتداول : التفكير في الاحتمالات
_مفارقة الاحتمالات : نتائج عشوائية , محصلة متسقة (ثابتة)
_التداول في اللحظة
_إدارة التوقعات
_القضاء على الخطر النفسي
 
التعديل الأخير:
أفضلية المتداول : التفكير في الاحتمالات

ماذا يعني بالضبط أن نفكر بالاحتمالات , ولماذا هو أمر ضروري جدا للشخص ليحقق النجاح الثابت كمتداول ؟
اذا توقفت للحظة وقمت بتحليل الجملة الاخيرة , ستلاحظ أنني جعلت من الثبات (( الاتساق-الاستمرارية )) نتيجة من نتائج الاحتمالات .
قد يبدو وكأن هناك تناقض فيما قلته : كيف يمكن للشخص أن يحقق نتائج ثابتة من حدث ما له نتيجة احتمالية غير مؤكدة ؟
للإجابة على هذا السؤال , كل ماعلينا فعله هو ان نلقي نظرة على صناعة القمار .
الشركات تنفق مبالغ طائلة من الأموال , مئات الملايين , إن لم يكن المليارات من الدولارات , على فنادق متقنة رائعة لجذب الناس إلى الكازينوهات .
إذا كنت قد زرت لاس فيغاس ستعرف بالضبط ما الذي أتكلم عنه .
شركات ألعاب القمار مثلها مثل أي شركات أخرى ,عليها أن تبرر لمجلس الادارة وفي النهاية لحاملي أسهمها كيف خصصت أصولها .
باعتقادك كيف تبرر هذه الشركات إنفاقها لمبالغ طائلة من المال على الفنادق والكازينوهات الفخمة , والتي مهمتها الأساسية تحقيق إيرادات من حدث له نتيجة عشوائية بحتة ؟
 
التعديل الأخير:
مفارقة الاحتمالات : نتائج عشوائية، محصلة ثابتة

-1-

هذه إحدى المفارقات المثيرة للاهتمام :
الكازينوهات تحقق أرباحا ثابتة ومتسقة يوما بعد يوم وعاما بعد آخر , إعتمادا على حدث له حصيلة عشوائية بحتة ,
و لكن في نفس الوقت فأغلب المتداولين يؤمنون بأن حصيلة سلوك الأسواق ليست عشوائية بل منتظمة , ولكن مع ذلك لايستطيعون تحقيق ارباح منتظمة متسقة .
أليس من المفروض لنتيجة متسقة منتظمة غير عشوائية , أن تحقق محصلة متسقة ؟,
وكذلك المفروض لنتيجة عشوائية أن تحقق محصلة عشوائية وغير متسقة ؟
مايدركه أصحاب الكازينوهات , والمقامرون المحترفون , وأفضل المتداولين أنه من الصعب على المتداول العادي أن يفهم أنه : حتى ولو حصلنا على نتيجة منفردة غير مؤكدة , فيمكن لعدة نتائج من هذا النوع أن تعطي محصلة مؤكدة متسقة , وذلك في حال كان إجمالي الإحتمالات النهائية في مصلحتك وكان حجم العينة كافيا .((أي اذا كانت نسبة ربحك هي الأكبر وتم إجراء التجربة عدد كافي من المرات لتتحقق هذه النسبة )) .
أفضل المتداولين يتعاملون مع التداول على أنه لعبة أرقام , على غرار الطريقة التي تتعامل فيها الكازينوهات والمقامرون المحترفون مع القمار .
ولتوضيح ذلك , لنلقي نظرة على لعبة الورق البلاك جاك . في هذه اللعبة للكازينو احتمال ربح أكثر من اللاعب بنسبة 4.5 بالمئة تقريبا , وبحسب قواعد اللعبة فأنه يجب على اللاعبين الإلتزام بمتابعة اللعبة ,
وهذا يعني أنه بعد عدد كافي من مرات اللعب (من جولات اللعب ) , سوف يحقق الكازينو ربح صافي بمقدار 4.5 سنت عن كل دولار تم المراهنة عليه في اللعبة .
إن معدل ال 4.5 سنت يأخذ في حسبانه كل اللاعبين الذين غادروا وهم رابحين لمبالغ كبيرة (بما في ذلك من حققوا سلسلة متتالية من الجولات الرابحة ) , وكل اللاعبين الذين غادروا خاسرين لمبالغ كبيرة , وكل شخص بين الحالتين السابقتين .
في نهاية اليوم,الأسبوع, الشهر, أو العام , يخرج الكازينو دائما بربح بنسبة 4,5 بالمئة تقريبا من كل المبالغ التي المراهنة عليها .
قد يبدو لك أن نسبة ال 4.5 بالمئة ليست كبيرة , ولكن دعونا نضع الأمور في نصابها , لنفترض أن مجموع ماتم المراهنة عليه هو 100 مليون دولار , وذلك على كل طاولات البلاك جاك مجتمعة وعلى مدار عام كامل , سيكون ربح الكازينو الصافي 4.5 مليون دولار .
مايدركه أصحاب الكازينو والمقامرون المحترفون حول طبيعة الاحتمالات , أن كل جولة لعب لوحدها تكون مستقلة إحصائيا عن الجولة الأخرى .
وهذا يعني أن كل جولة هي حدث فريد مستقل , بحيث أن المحصلة لاعلاقة لها بآخر جولة أو بالجولة التالية .
إذا ركزت على كل جولة بشكل منفرد , سيكون هناك توزيع عشوائي ولايمكن التنبؤ به بين الجولات الرابحة والخاسرة . ولكن إذا نظرت الى جميع الجولات مجتمعة , فإن العكس تماما هو الصحيح , أي أنه إذا تم لعب عدد كافي من الجولات , ستظهر أنماط تؤدي إلى محصلة متسقة ويمكن التنبؤ بها وموثوق بها إحصائيا .
إن مايجعل التفكير في الاحتمالات صعبا للغاية , أنه يتطلب مستويين من الإيمان , هذان المستويان يبدوان متناقضين مع بعضهما البعض بالنظرة السطحية .
سنطلق على المستوى الأولى المستوى الجزئي أو الصغير , فعلى هذا المستوى عليك أن تؤمن بعدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بنتيجة كل جولة لوحدها.
أنت على معرفة بحقيقة عدم اليقين هذا , لأنه هناك دائما عدد من المتغيرات المجهولة التي تؤثر على تماسك الهيكل العام والذي تكون كل جولة جديدة جزء منه .
فعلى سبيل المثال , لايمكنك أن تعرف مسبقا كيف سيلعب كل من اللاعبين المشاركين جولتهم , بما أنه مسموح لهم أن يقبلوا أو يرفضوا سحب ورقة اضافية.
فكل من المتغيرات المؤثرة على تماسك الهيكل العام والتي لايمكن السيطرة عليها أو معرفتها , كل منها سيجعل من نتيجة أي جولة لعب غير مؤكدة وعشوائية (مستقلة إحصائيا) في علاقتها مع أي جولة آخرى .
المستوى الثاني هو المستوى الكلي , على هذا المستوى عليك أن تؤمن أن حصيلة سلسلة من الجولات الملعوبة هي حصيلة مؤكدة ويمكن التنبؤ بها نسبيا . و درجة هذا التأكد أو اليقين تتوقف على المتغيرات الثابتة , والتي هي معروفة مسبقا ومصممة خصيصا لإعطاء احتمالية أكبر ( أفضلية - ميزة ) لطرف على آخر .
وهذه المتغيرات الثابتة التي أشير إليها هي قواعد اللعبة , لذلك , على الرغم من أنك لاتعرف أو لايمكنك أن تعرف مسبقا تسلسل أو ترتيب الأرباح الى الخسائر (مالم تكن وسيطا روحيا ).
يمكنك أن تكون متأكدا بنسبة معينة أنك إذا لعبت عدد كافي من الجولات , أيا كان من لديه الأفضلية في الجولة , فإنك في النهاية ستحقق أرباح أكثر من الخسائر .
أما درجة التأكد أو اليقين تلك فهي تتعلق بدرجة قوة أفضليتك ((أفضليتك هي نسبة أو إحتمال ربحك إلى خسارتك)).
إنها القدرة على الإيمان بعدم اليقين في اللعبة على المستوى الجزئي , وبنفس الوقت الإيمان باليقين في اللعبة على المستوى الكلي , هي ماتجعل الكازينو والمقامرين المحترفين مؤثرين وناجحين فيما يفعلونه .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-2-

فإيمانهم بأن كل جولة لعب هي جولة مستقلة لوحدها , يمنعهم من الإنخراط في المحاولة العبثية لتوقع نتيجة كل جولة على حدة , لقد تعلموا وقبلوا تماما حقيقة أنهم لايعرفون ما الذي سيحدث لاحقا .
والأهم من ذلك أنهم ليسوا بحاجة ليعرفوا ذلك لكي يكسبوا المال باستمرار .
ولأنه ليس عليهم أن يعرفوا ما الذي سيحدث لاحقا , فهم لايعطون أي أهمية خاصة أو عاطفية أو ماشابه لكل جولة لعب منفردة عندما تدار عجلة اللعبة , أو يرمى النرد .
وبعبارة أخرى , هم لايشغلون أنفسهم بتوقعات غير واقعية بشأن ماسيحدث , ولا غرورهم حتى يتدخل ليجعلهم راغبين بأن يكونوا على صواب .
لذلك , فمن الأسهل لهم أن يبقوا مركّزين على إبقاء الاحتمالات في صالحهم , والتنفيذ بحرفية , وهذا بدوره يجعلهم أقل عرضة لارتكاب أخطاء مكلفة .
إنهم يظلون مرتاحين لأنهم ملتزمون , وعلى استعداد لترك الاحتمالات (الأفضلية أو الميزة التي في مصلحتهم ) تأخذ مسارها الطبيعي , ويعلمون طوال الوقت أنه طالما أن الاحتمالات في مصلحتهم وطالما كان عدد مرات اللعب كبيرا بما يكفي , فإنهم في النهاية سيخرجون رابحين .
إن أفضل المتداولين يستخدمون نفس استراتيجية التفكير التي يستخدمها الكازينو والمقامرون المحترفون . وإستراتيجية التفكير هذه متطابقة بين الطرفين ليس من جهة أنها تصب في مصلحتهما فقط , بل إن القوى الكامنة داخلنا _والمتطلبة لمثل هذه الاستراتيجية في التفكير _ موجودة في التداول كماهي موجودة في المقامرة .
وبمقارنة بسيطة بين الاثنين سيتم إثبات ذلك بوضوح تام .
أولا , التاجر , المقامر , والكازينو , جميعهم يتعاملون مع نوعين من المتغيرات , المتغيرات المعروفة والمتغيرات غير المعروفة والتي تؤثر على نتيجة كل صفقة أو جولة قمار .
ففي المقامرة المتغيرات المعروفة هي قواعد اللعبة . وفي التداول المتغيرات المعروفة (من وجهة النظر الخاصة بكل متداول ) هي نتائج تحليلهم للسوق .
تحليل السوق يكشف أنماط سلوك معينة , ناتجة عن التصرفات الجماعية لجميع المشاركين في السوق .
نحن نعلم أن "الأفراد" سيتصرفون بنفس الطريقة في ظل ظروف و أوضاع متماثلة , وسيعيدون ذلك مرارا وتكرارا ,
مما سيشكل أنماطا من السلوك يمكن ملاحظتها .
وعلى نفس المنوال , فإن "مجموعات الأفراد " تتفاعل مع بعضها البعض , يوما بعد يوم وأسبوع بعد أسبوع , مما يشكل أيضا أنماط من السلوك التي تكرر نفسها .
أنماط السلوك الجماعية هذه يمكن اكتشافها ومن ثم تحديدها وتمييزها باستخدام الأدوات التحليلة مثل خطوط الاتجاه ((الترندات)) , والمتوسطات المتحركة , ومؤشرات التذبذب , أو الإرتدادات , على سبيل المثال لا الحصر من آلاف الأدوات التي تتوفر لأي متداول . كل من أدوات التحليل هذه تستخدم مجموعة من المعايير أو الشروط لتمييز كل نمط سلوك تم اكتشافه .
مجموعة المعايير أو الشروط هذه , هي متغيرات السوق المعروفة بالنسبة للمتداول . فهي تمثل للمتداول الفرد ماتمثله قواعد اللعبة للمقامر أو للكازينو .
وأعني بذلك , أن أدوات التحليل للمتداول هي متغيراته المعلومة والتي تجعل احتمال نجاح أي صفقة (الأفضلية أو الميزة ) في مصلحته .
وبنفس الطريقة فأن قواعد اللعبة تجعل من إحتمالات النجاح تصب في مصلحة الكازينو .
ثانيا , نعلم أنه في المقامرة فإن عدد من المتغيرات تؤثر على نتيجة كل لعبة .
ففي لعبة الورق البلاك جاك , المتغير المجهول هو كيفية خلط الأوراق , و أيضا كيفية إختيار اللاعبين لطريقة لعب جولاتهم .
وفي لعبة النرد , المتغير المجهول كيفية رمي النرد .
وفي لعبة الروليت , المتغير المجهول هو مقدار القوة المستخدمة لتدوير العجلة .
كل هذه المتغيرات المجهولة لها تأثير على كل حدث منفرد (صفقة -جولة ورق- رمية نرد) بما يجعل كل حدث مستقل إحصائيا عن أي حدث منفرد آخر , و بالتالي يتكون توزيع وترتيب عشوائي بين الأرباح والخسائر .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-3-

ينطوي التداول أيضا على عدد من المتغيرات المجهولة , التي تؤثر على نتيجة أي نمط يقوم التاجر بتحديده ويستخدمه لتحقيق أفضلية له ((أعيد التذكير أنه المقصود بالأفضلية هي شكل أو نمط أو فرصة فيه نسبة ربح المتداول أكبر من نسبة خسارته)), .
في التداول , المتغيرات المجهولة هي كل المتداولين الذين لديهم القدرة على الدخول في السوق لفتح صفقة أو إغلاق صفقة .
وكل صفقة من هذه الصفقات تشارك في حالة السوق في كل لحظة , مايعني أن كل متداول يتصرف بناء على رؤيته حول ماهي القمة وماهو القاع , أي أن كل متداول يشارك في نمط السلوك الجماعي الذي يظهر في تلك اللحظة .
إذا تم التعرف على نمط معين , وإذا كانت المتغيرات المستخدمة لتحديد هذا النمط قد أكدت للمتداول أن هذا النمط يحقق له أفضلية بحسب تعريف هذا المتداول للأفضلية , فعندها نستطيع القول أن السوق يعرض للمتداول فرصة ليشتري من سعر منخفض أو ليبيع من سعر مرتفع , إستنادا الى رؤية وتعريف هذا المتداول للأفضلية .
لنفترض أن المتداول انتهز هذه الفرصة واستفاد من الأفضلية المتوفرة وفتح صفقة , ما العوامل التي ستحدد فيما إذا كان السوق سيمضي في اتجاه صفقته أم عكسها ؟
الجواب هو سلوك المتداولين الآخرين !
فمن اللحظة التي يفتح فيها صفقته , وطالما هو باق في صفقته , سيكون المتداولون الآخرون مشاركين في هذا السوق .
وسيتصرفون بحسب رؤيتهم حول ماهو القاع وماهي القمة . وفي كل لحظة فأن نسبة من المتداولين المشاركين ستساهم في الإحتمال الايجابي لصفقة متداولنا , ونسبة آخرى ستساهم في الإحتمال السلبي لصفقته .
لايوجد طريقة للمعرفة مسبقا كيف سيتصرف الاخرون , وكيف سيؤثر سلوكهم على صفقته , لذلك فنتيجة صفقته غير مؤكدة .
الحقيقة أن نتيجة كل صفقة (نظامية) يقرر أي شخص أخذها , تتأثر بطريقة ما بالسلوك اللاحق للمتداولين المشاركين في السوق , مما يجعل نتيجة كل الصفقات غير مؤكدة .
وبما أن جميع الصفقات لها نتيجة غير مؤكدة فلذلك , كمافي المقامرة , كل صفقة يجب أن تكون مستقلة إحصائيا عن الصفقة التي تليها , أو الصفقة الأخيرة , أو أي صفقة مستقبلية , وذلك على الرغم من أن التاجر يستخدم نفس مجموعة المتغيرات المعروفة ليحدد الأفضلية لكل صفقة .
علاوة على ذلك , إذا كانت نتيجة كل صفقة منفردة مستقلة احصائيا عن الصفقة الأخرى , فيجب أن يكون هناك توزيع عشوائي بين الصفقات الرابحة والصفقات الخاسرة في أي سلسلة أو مجموعة من الصفقات , وذلك بالرغم من أن إحتمالات النجاح لكل صفقة لوحدها قد تكون في صالح المتداول .
ثالثا , أصحاب الكازينوهات لا يحاولون التنبؤ أو المعرفة المسبقة لنتيجة كل حدث على حدة , فبالإضافة إلى أن ذلك سيكون صعبا جدا , فإنه في ضوء كل المتغيرات المجهولة التي تعمل في كل لعبة , فليس من الضرورة أن تتحقق نتائج متسقة .
إن أصحاب الكازينوهات تعلموا أن كل ماعليهم القيام به هو إبقاء الاحتمالات في صالحهم , وأن يكون عدد مرات التجربة كبيرا بما يكفي , يما يتيح لأفضليتهم فرصة كافية لكي تتحقق .
 
التعديل الأخير:
التداول في اللحظة

-1-
المتداولون الذين تعلموا أن يفكروا في الاحتمالات , يتعاملون مع الأسواق من نفس المنظور تقريبا .
فعلى المستوى الجزئي , يؤمنون أن كل صفقة فريدة من نوعها , والذي يفهمونه عن طبيعة التداول أنه في أي لحظة قد يبدو السوق على الرسم البياني ((الشارت)) مشابها تماما لما بدا عليه في وقت سابقا , ويفهمون أيضا أن القياسات الهندسية والحسابات الرياضية المستخدمة لتحديد وتقرير كل احتمال أو صفقة , يمكن أن تكون نفسها تماما عند تحديد الاحتمال التالي , بينما التناسق الفعلي للسوق بذاته من لحظة الى اخرى , لايكون نفسه أبدا .
فلكي يكون نمط سعري معين مماثلا تماما الآن لما كان عليه في وقت ماضي , يجب على كل متداول كان مشاركا في تشكيل هذا النمط سابقا , أن يكون موجودا الآن ,
بل أكثر من ذلك , يجب أيضا على كل متداول من هؤلاء أن يتفاعل مع الآخرين بنفس الطريقة التي تفاعل معهم فيها في ذلك الوقت لخلق نفس النتيجة تماما والتي أدت الى تشكل ذلك النمط السعري .
وإحتمالات حصول ذلك معدومة .
من الهام جدا أن تفهم هذه الظاهرة لأن الآثار النفسية لتداولك هي أهم شيء .
يمكننا استخدام الأدوات المختلفة لتحليل سلوك السوق , ولإيجاد الأنماط التي تجسد أفضل الاحتمالات لمصلحتنا ,
ومن منظور تحليلي , يمكن لهذه الأنماط أن تبدو مطابقة تماما للأنماط السابقة سواء رياضيا أوبصريا , ولكن , اذا كانت مجموعة المتداولين التي تخلق النمط "الآن" مختلفة ولو بمتداول واحد فقط , عن المجموعة التي خلقت النمط السابق , فعندها يمكن أن تكون نتيجة النمط الحالي مختلفة عن النمط السابق .
(المثال السابق عن المحلل ورئيس الشركة يوضح هذه النقطة بشكل جيد جدا) . فالأمر يتطلب متداول واحد فقط في مكان ما في العالم برؤية مستقبلية مختلفة , ليغير من نتيجة أي نمط معين في السوق , وليلغي الاحتمالية المرجحة التي يوفرها هذا النمط .
السمة الأساسية لسلوك الأسواق هي أن كل من , حالة السوق في "الوقت الحالي ", وسلوك النمط في "الوقت الحالي " , وأفضل احتمال في "الوقت الحالي " , كل منها هو حدث فريد من نوعه وله نتيجة خاصة به مستقلة عن كل النتائج الآخرى .
ومعنى أنه حدث منفرد أي أن أيّ شيء يمكن أن يحصل , إما مانعرفه (نتوقعه ونترقبه) وإما ما لانعرفه (لايمكننا معرفته , الا اذا كان لدينا قدرات ادراكية خارقة).
فالتدفق المستمر للمتغيرات المعلومة والمجهولة تخلق بيئة احتمالية لانعرف فيها على وجه اليقين ما الذي سيحدث لاحقا .
قد تبدو الجملة السابقة منطقية تماما , وحتى بديهية , ولكن هناك مشكلة كبيرة هنا , وهذه المشكلة أبعد ماتكون عن المنطقية والبديهية .
إن إدراكنا لمبدأ عدم اليقين , وفهمنا لطبيعة الاحتمالات , لا يعني بالضرورة قدرتنا على العمل من منظور احتمالي بشكل ناجح .
فالتفكير في الاحتمالات من الصعب السيطرة عليه , لأن عقولنا بطبيعتها لاتعالج المعلومات بهذه الطريقة .
بل على العكس تماما , عقولنا تجعلنا نتلقى وندرك مانعرفه , ومانعرفه هو جزء من ماضينا , في حين أن , كل لحظة في السوق هي جديدة وفريدة , على الرغم من أنه قد يكون هناك بعض من التشابه مع ما حصل في السابق .
ومعنى هذا أنه إذا لم ندرب عقولنا على تلقي وإدراك الفرادة لكل لحظة , فإن هذه الفرادة سيتم إخراجها تلقائيا من منظورنا .
وعندها سنتلقى فقط مانعرفه , مطروحا منه كل المعلومات التي يحظرها خوفنا , أي أن كل شيء آخر سيبقى غير مرئيا .
بيت القصيد هو أن هناك درجة معينة من التمرس للتفكير في الاحتمالات , والتي يمكن أن تأخذ من بعض الناس قدرا كبيرا من الجهد , ليستطيعوا دمجها في أنظمتهم العقلية على أنها استراتيجية تفكير وظيفية لديهم .
معظم المتداولين لايفهمون هذا جيدا , ونتيجة لذلك , فإنهم يفترضون خطأا أنهم يفكرون في الاحتمالات , لأن لديهم درجة معينة من الفهم لمبدأها .
لقد عملت مع المئات من المتداولين والذي يفترضون بشكل خاطئ أنهم يفكرون في الاحتمالات , ولكنهم لايفعلون .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-2-

وهذا مثال على متداول عملت معه و سأطلق عليه اسم بوب , بوب هو مستشار مالي معتمد وكان يدير حوالي 50 مليون دولار من الاستثمارات . وهو يعمل في هذا المجال من حوالي 30 سنة .
أتى بوب إلى إحدى ورش العمل التابعة لي لأنه لم يكن قادرا على تحقيق أكثر من 12 الى 18 بالمئة كربح سنوي على الحسابات التي كان يديرها .
وقد كان هذا الربح مقبولا , ولكن بوب كان غير راض أبدا , لأن قدراته التحليلة تفترض أنه يجب أن يحقق من 150 إلى 200 بالمئة كربح سنوي .
أستطيع أن أصف بوب بأنه على دراية جيدة بطبيعة الاحتمالات . بعبارة آخرى , هو فاهم لمبادئ الاحتمالات , ولكنه لايعمل من منظور احتمالي .
بعد فترة قصيرة من حضوره لورشة العمل , اتصل بي هاتفيا يطلب نصحي .
وهاهي المقدمة التي كتبتها في صحيفتي مباشرة بعد المحادثة الهاتفية معه .
تاريخ 9-28-1995 : اتصل بي بوب يشرح مشكلته , لقد قام بفتح صفقة ووضع أمر إيقاف خسارة لصفقته هذه .
((هنا المؤلف ذكر نوع السلعة التي تداول عليها بوب , ولكن لم افهم بالضبط ماهي , لكن على الأغلب كان يقصد نوع معين من اللحوم )) .
تحرك السوق حوالي ثلث المسافة باتجاه أمر وقف الخسارة , ثم عاد إلى نقطة دخوله , وهنا قرر بوب أن يقفل الصفقة .
تقريبا بعد خروجه مباشرة من الصفقة , تحرك السعر 500 نقطة في اتجاه صفقته , ولكن بالطبع كان بوب خارج السوق . لم يكن يعرف ما الذي كان يحصل .
أولا , سألته ما الذي كان على المحك ((ما الذي كان في خطر)) . لم يفهم السؤال .
لقد كان بوب يفترض أنه متقبل للخسارة لأنه قام بوضع وقف للخسارة . فأجبته أن مجرد وضعه لوقف خسارة لايعني حقا أنه متقبل للمخاطرة في الصفقة .
هناك العديد من الأشياء التي يمكن ان تكون على المحك : خسارة المال , أن نكون على خطأ , أن لانكون كاملين , وغيرها من الأمور والتي ترجع إلى الدافع الكامن وراء الشخص للتداول .
وأشرت إلى أن معتقدات الشخص تتكشف دائما من خلال تصرفاته .
يمكننا أن نفترض أنه كان يعمل إنطلاقا من معتقد هو أنه : لتكون متداولا منضبطا يجب عليك أن تحدد المخاطر وتضع أمر إيقاف لها , وقد فعل ذلك .
ولكن يمكن للشخص ان يضع وقف خسارة وفي نفس الوقت يعتقد أنه لن يصل إليه , أو يعتقد أن الصفقة لن تعاكسه على الاطلاق .
من خلال الطريقة التي شرح بها الوضع , بدا لي أن هذا بالضبط ماحصل له . فعندما يأخذ صفقة هو لايعتقد أبدا بأنها ستصل إلى وقف الخسارة . ولايعتقد أيضا بأن السوق سيتحرك ضده .
في الواقع , كان متصلبا جدا في هذا الأمر , بحيث أنه عندما عاد السوق إلى نقطة دخوله , خرج من الصفقة ليعاقب السوق بأسلوب "سوف أريك" لمجرد أنه تحرك ضده تكة واحدة .
بعد أن شرحت له هذه النقطة , قال بأن هذا بالضبط كان أسلوبه عندما أقفل الصفقة . وقال بأنه كان ينتظر هذه الصفقة بالذات منذ أسابيع وعندما وصل السوق أخيرا إلى نقطة دخوله , ظن أن السعر سينعكس فورا .
قمت بتذكيره بأن ينظر إلى هذه التجربة ببساطة , لافتا نظره إلى شيء هو بحاجة لتعلمه .
من الشروط المسبقة للتفكير في الاحتمالات هو أن تتقبل المخاطرة , لأنك إن لم تفعل , فهذا معناه أنك لاتريد أن تواجه الاحتمالات التي لاتقبلها , عندما وحيثما تظهر نفسها لك .
عندما تمرن عقلك على التفكير في الاحتمالات , فهذه معناه أنك متقبل بشكل تام لجميع الاحتمالات ( بدون أي مقاومة داخلية أو صراع ) ,
ومعناه أيضا أنك دائما تقوم بعمل شيء ما لتضع في حسبانك العوامل المجهولة . والتفكير بهذه الطريقة مستحيل فعليا مالم تقم بالعمل العقلي المطلوب "للتخلي" عن الحاجة لمعرفة ما الذي سيحصل لاحقا ,
أو الحاجة لتكون على صواب في كل صفقة .
بل في الواقع , إن الدرجة التي تفكر فيها أنك تعرف , أو تفترض فيها أنك تعرف , أو التي تكون فيها بحاجة لأن تعرف ما الذي سيحصل لاحقا , هذه الدرجة مساوية لدرجة فشلك كمتداول .


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-3-

المتداولون الذي تعلموا أن يفكروا في الإحتمالات واثقون من نجاحهم النهائي , فقد ألزموا أنفسهم على أخذ كل صفقة تحقق شروطهم أو مايعتبرونه يحقق أفضلية وميزة لهم .
فهم لايحاولون أن يختاروا أو ينتقوا الصفقات التي يظنون, أو يفترضون , أو يعتقدون أنها ستنجح , كما أنهم لايحاولون تجنب الصفقات والتي لسبب ما يظنون, أو يفترضون , أو يعتقدون أنها ستفشل .
فإذا فعلوا أي من تلك الأشياء , فهم بذلك يناقضون إيمانهم بأن الوضع في كل لحظة "الحالية" هو فريد دائما , ويخلق توزيع عشوائي بين حالات الربح والخسارة في أي سلسلة من الاحتمالات .
لقد تعلموا , وغالبا تعلموا بطريقة مؤلمة جدا , أنهم لايعلمون مسبقا أي من الاحتمالات ذات الأفضلية لهم ستنجح , وأي منها لن ينجح . ((للتذكير ثانية الأفضلية هي نسبة ربحهم إلى خسارتهم , والتي يختارونها بحيث تكون النتيجة النهائية في مصلحتهم)) .
لقد توقفوا عن محاولة التنبؤ بالنتائج . لقد وجدوا أن أخذهم لكل صفقة تحقق أفضلية لهم سيرفع من حجم عينة الصفقات , وهذا بدوره يعطي كل أفضلية يستخدمونها مساحة , بحيث تأخذ مكانها المفروض في مصلحتهم ,
تماما مثل الكازينوهات .
من ناحية أخرى , لماذا تعتقد أن المتداولين الفاشلين مهووسون بتحليل السوق .
هم تواقون للإحساس باليقين و الذي يبدو لهم أن التحليل يمنحهم إياه .
على الرغم من أن عدد قليل منهم يعترف بالأمر , ولكن الحقيقة أن المتداولين العاديين يريدون أن يكونوا مصيبين في كل صفقة .
فالواحد منهم يحاول بشكل يائس لأن يخلق اليقين في مكان لاوجود له فيه . المفارقة هي أنه لو قبل تماما حقيقة أن لاوجود لليقين , فعندها سيخلق اليقين الذي يتوق اليه : حيث سيكون على يقين تام بأن اليقين غير موجود .
عندما تحقق القبول الكامل لمبدأ عدم اليقين لكل صفقة والقبول لمبدأ الندرة والفرادة لكل لحظة , فعندها سينتهي شعورك بالإحباط في التداول .
علاوة على ذلك , لن تكون عرضة لارتكاب كل الأخطاء التي يرتكبها المتداول العادي , والتي تنقص من قدراتك لتكون متسقا , وتدمر ثقتك بنفسك .
على سبيل المثال , عدم تحديد المخاطرة قبل دخولك الصفقة , هي حتى الآن أكثر أخطاء التداول شيوعا , ويجعلنا نبدأ عملية التداول برمتها من منظور غير مناسب .
في ضوء حقيقة أن أي شيء يمكن أن يحصل , أليس من المنطقي جدا أنه وقبل تنفيذ صفقتك , أن تقوم بتحديد شكل معين أو طريقة معينة إذا تحرك بها السوق فإنه بذلك يخبرك بأنه ليس في مصلحتك ؟
فلماذا لايقوم المتداول العادي بذلك , أو يقوم بذلك مرات قليلة جدا ؟
لقد أجبتكم على ذلك في الفصل الأخير , ولكن هناك ماهو أكثر من ذلك , وهناك أيضا منطق شائك في هذه النقطة , ولكن الجواب سهل .
فالتاجر العادي لايحدد مخاطرته مسبقا وقبل دخوله الصفقة لأنه لايعتقد أن ذلك ضروري . والسبب الوحيد الذي يجعله يعتقد " أن ذلك غير ضروري" هو أنه يعتقد بأنه يعرف ما الذي سيحصل لاحقا ,
والسبب في أنه يعتقد بأنه يعرف ما الذي سيحصل لاحقا هو أنه لن يدخل صفقة إلا إذا كان على ثقة أنه على صواب . وبما أنه على ثقة أنه على صواب و أن الصفقة ستكون رابحة فعندها ليس من الضروري تحديد المخاطرة ( لأنه على صواب فلا يوجد خطر ) .
المتداولون العاديون يمرون بتجربة إقناع أنفسهم بأنهم على صواب قبل دخول صفقتهم , لأن البديل عن ذلك (أن يكونوا مخطئين) ببساطة غير مقبول لهم . تذكروا بأن عقولنا مصممة على ربط الأشياء ببعضها .
و نتيجة لذلك , أن نكون مخطئين في أي صفقة من شأنه أن يربط ذلك مع أي ( أو مع كل ) التجارب الأخرى في حياة المتداول والتي كان فيها على خطأ , وهذا يعني ضمنيا أن أي صفقة يمكن أن تنقله إلى حالة الألم المتراكم عن كل مرة كان فيها على خطأ في حياته .
فبناء على هذا الكم الكبير من المشاكل التي لاحل لها , وذات الطاقة السلبية المرافقة لكوننا مخطئين , والموجودة لدى أغلب الناس ,
بناء على ذلك يصبح من السهل فهم السبب الذي يجعل كل صفقة هي مسألة حياة أو موت حرفيا .

يتبع ....
 
التعديل الأخير:
-4-

لذلك , فالمتداول العادي في معضلة غير قابلة للحل من منظوره , وذلك عند قيامه بتحديد شكل معين أو طريقة معينة إذا تحرك بها السوق يخبره عندها أن صفقته غير صحيحة ,
فمن جهة , هو بحاجة ماسة لأن يربح , والطريقة الوحيدة لكي يربح هي أن يدخل السوق , ولكنه لن يدخل السوق الا اذا كان متأكدا أن صفقته ستنجح ,
ومن جهة أخرى , إذا قام بتحديد مخاطرته مسبقا , فهذا معناه أنه كأنما يقوم بجمع أدلة عمدا لينافي شيء كان قد أقنع نفسه به أساسا .((أي مجرد وضعه لإيقاف خسارة فهذا معناه أنه يفترض أن السوق قد يتحرك ويصل لإيقاف خسارته وهذا يناقض ماهو مقتنع به أساسا وهو أن صفقته رابحة حتما والذي هو السبب الذي جعله يدخل الصفقة أساسا )) .
وعندها سيكون لديه تضارب في عملية إتخاذ القرار التي أقنع نفسه من خلالها أن الصفقة ستنجح .
وإذا عرض نفسه لمعلومات متضاربة , فحتما سوف يخلق درجة من الشك حول جدوى هذه الصفقة .
وإذا سمح لنفسه بالشعور بالشك فعندها على الأغلب لن يدخل بالصفقة , وإذا لم يدخل في الصفقة ولكنها حققت هدفها فإنه سيعاني عذاب فظيع .
بالنسبة لبعض الناس لاشيء يؤلم أكثر من اكتشاف فرصة ناجحة ثم إضاعتها بسبب الشك بالنفس .
وبالنسبة للمتداول العادي الطريقة الوحيدة للخروج من هذه المعضلة النفسية هي تجاهل المخاطرة والبقاء على ثقة أن الصفقة ستنجح .
إذا كان أيا مما قلته يبدو مألوفا لك , ففكر في هذا : عندما تقنع نفسك أنك على صواب , فكأنك تقول لنفسك " أنا أعرف كل من يوجد في هذا السوق , وكل من هو على وشك الدخول في السوق , أنا أعرف ماهي رؤيتهم للقمة والقاع , علاوة على ذلك , أنا أعرف قدرة كل فرد على التصرف انطلاقا من رؤيته هذه (أنا أعرف درجة الوضوح أو النقص النسبي في الصراع الداخلي لكل منهم) , ومع هذه المعرفة , أنا قادر على تحديد كيف أن أفعال كل فرد ستؤثر على حركة السعر بشكل جماعي في كل ثانية , ودقيقة وساعة ويوم وأسبوع من الآن "
بناء على هذا المنظور إذا نظرنا إلى عملية إقناع نفسك أنك على حق , فإنها ستبدو سخيفة بعض الشيء , أليس كذلك ؟ المتداولون الذين تعلموا التفكير في الاحتمالات لايواجهون هذه المعضلة .
فتحديد المخاطرة مسبقا لايشكل مشكلة بالنسبة لهؤلاء , لأنهم لايتداولون من منظور الخطأ والصواب . لقد تعلموا أن التداول لاعلاقة له بأن تكون مصيبا أو مخطأا في أي صفقة أحادية منفردة , و نتيجة لذلك فهم لايرون مخاطر التداول كما يراها المتداول العادي . يمكن لأي واحد من أفضل المتداولين (الذين يفكرون في الاحتمالات) أن يحاط بنفس القدر من الطاقة السلبية التي تحيط بالمتداول العادي والناتجة عن كونه مخطئا , ولكن طالما أنهم ينظرون للتداول على أنها لعبة احتمالات , فإن إستجابتهم العاطفية لأي صفقة منفردة ,ستكون مساوية لشعور أي متداول عادي عندما يرمي قطعة نقدية ويتوقع أنها ستظهر وجه ولكنها تظهر ذيل , صحيح أن توقعه كان خطأ , ولكن بالنسبة لأغلب الناس فإن تنبؤهم الخاطئ بنتيجة رمي قطعة نقدية لن يضعهم في حالة كل الألم المتراكم عن كل مرة كانوا فيها على خطأ في حياتهم .
لماذا ؟ لأن معظم الناس يعرفون أن نتيجة رمي قطعة نقدية هي نتيجة عشوائية .
وإذا آمنت أن النتيجة عشوائية فعندها من الطبيعي ان تتوقع نتيجة عشوائية . فالعشوائية تعني على الأقل درجة من عدم اليقين . لذلك عندما نؤمن بالنتائج العشوائية عندها سيكون لدينا قبول ضمني بأننا لانعرف ماذا ستكون النتيجة .
عندما نقبل مسبقا بأننا لانعرف كيف سينتهي حدث ما , فإن قبولنا هذا سيحافظ على توقعاتنا محايدة ومنفتحة . نحن الآن نقترب من الوصول الى جوهر مايعانيه المتداول العادي .
أي توقع لسلوك الاسواق , إذا كان خاصا ومتزمتا ومحددا بدلا أن يكون محايدا ومنفتحا , فهو توقع غير واقعي ومؤذي . وبحسب تعريفي للتوقعات الغير واقعية فهي التي لاتتطابق مع الاحتمالات المتاحة من منظور السوق .
فإذا كانت كل ثانية في السوق فريدة ونادرة , وأي شيء فيها محتمل , فعندها ستكون أي توقعات لاتعكس كل هذه الخصائص هي توقعات غير واقعية .
 
التعديل الأخير:
إدارة التوقعات

-1-

الأضرار المحتملة تنجم عن التمسك بتوقعات غير واقعية , توقعات آتية من الطريقة التي ننظر بها للمعلومات .التوقعات هي عبارة عن تصورات عقلية للمظهر أو الصوت أو الملمس أو الرائحة أو الطعم الذي ستكون عليه اللحظة المستقبلية . والتوقعات تأتي مما مانعرفه . وهذا منطقي , لأنه لايمكننا توقع شيء ليس لدينا عنه معرفة أو تصوّر.
المقصود بمانعرفه هو ما تعلمنا أن نؤمن به , وذلك فيما يتعلق بالطرق التي يستطيع أن يعبر بها المحيط الخارجي عن نفسه . ومانؤمن به يمثل نظرتنا الشخصية للحقيقة .
عندما نتوقع شيئا ما فنحن بذلك نتصور أن مانظنه حقيقة هو ماسيحدث في المستقبل .
فنحن نتوقع أن تكون البيئة الخارجية بعد دقيقة أو ساعة أو يوم أو أسبوع أو شهر من الآن , على الشكل الذي نرسمه في عقولنا .
ويجب أن نكون حذرين فيما نتوقع حصوله في المستقبل , لأنه لايوجد شيء لديه القدرة على خلق التعاسة والأذى العاطفي لنا أكثر من توقعات لم تتحقق .عندما تحصل الأمور كما تتوقعها بالضبط , فكيف تشعر ؟ استجابتك ستكون رائعة عموما (وتتضمن مشاعر كالسعادة , الفرح , الرضى , وإحساس أكبر بالرفاهية ), بالطبع إلا اذا كنت تتوقع حصول شيء مروّع وحصل فعلا .
والعكس صحيح , بماذا تشعر عندما لاتتحقق توقعاتك ؟ استجابتك العامة ستكون ألما نفسيا .
كل شخص مرّ بدرجة معينة من الغضب , الاستياء , اليأس , الندم , خيبة الأمل , عدم الرضا أو الخيانة وذلك عندما لاتكون البيئة بالشكل الذي توقعناها أن تكون عليه ( بالطبع إلا إذا , تفاجأنا بشيء أفضل بكثير مما كنا نتخيل ).
وهنا تبدأ المشاكل . لأن توقعاتنا تأتي مما نعرفه , فعندما نقرر أو نعتقد أننا نعرف شيئا ما , فهذا معناه أننا بشكل طبيعي نتوقع أن نكون على صواب .
ففي تلك المرحلة لانعود حياديين أو في حالة عقلية منفتحة , وليس من الصعب أن نفهم لماذا .
إذا كنا سنشعر بشعور رائع عندما يفعل السوق مانتوقعه منه , وسنشعر بشعور فظيع إذا لم يفعل مانتوقعه , فهذا معناه أننا لسنا محايدين أو بذهن منفتح , بل على العكس تماما , فقوة الإيمان بتوقعنا ستجعلنا نستقبل المعلومات بطريقة تؤكد ما كنا نتوقعه ( فنحن بطبيعتنا نحب أن نشعور بشعورد جيد ) , وآليات تجنب الألم الموجودة لدينا ستحمينا من المعلومات التي لاتؤكد ما كنا نتوقعه (لتمنعنا من الشعور بالحزن) .
كما أشرت سابقا , فإن عقولنا مصممة بحيث تجنبنا الألم , سواء الجسدي أو النفسي .
وآليات تجنب الآلم هذه موجودة على المستويين الشعوري واللاشعوري . فعلى سبيل المثال إذا كان هناك جسم ما يقترب من رأسك , فإن ردة فعلك الغريزية ستكون الإبتعاد عن طريقه . فهذا التملص الذي قمت به لايتطلب عملية إتخاذ قرار شعورية أو إرادية أو واعية . من ناحية آخرى , إذا رأيت الجسم السابق بوضوح وكان لديك الوقت للنظر في البدائل , فعندها قد تقرر أن تلتقط هذا الجسم , أو تضربه بيدك بعيدا , أو تنحني . هذه أمثلة على الطريقة التي نحمي بها أنفسنا من الآذى الجسدي .
وكذلك فحماية أنفسنا من الأذى النفسي أو العقلي تعمل بنفس الطريقة , إلا أننا الآن نحمي أنفسنا من المعلومات . فعلى سبيل المثال , السوق يعرض معلومات عن نفسه أو عن نيته للتحرك في إتجاه معين , فإذا كان هناك فرق بين ما نتوقعه وبين ما يظهره أو يعرضه السوق , فإن آليات تجنب الألم لدينا تقوم باعتراض تلك المعلومات للتعويض عن هذا الفرق .
و هذه الآليات تعمل على المستويين الشعوري واللاشعوري كما هو الحال مع الألم الجسدي .
لحماية أنفسنا من المعلومات المؤلمة على المستوى الشعوري فإننا , نسوغ , ونبرر , ونوجد أعذار , ونجمع معلومات معينة لتلغي أهمية المعلومات المتعارضة مع اتجاهنا ,
ونشعر بالغضب (لنصد المعلومات المتعارضة) , أو نكذب بشكل مكشوف على أنفسنا .
أما على المستوى اللاشعوري , فإن عملية تجنب الألم أكثر دهاء وغموض , فعلى هذا المستوى تقوم عقولنا بحجب قدرتنا على رؤية خيارات بديلة , على الرغم من أننا كنا سنرى هذه البدائل في ظروف مختلفة .
الآن , ولأن هذه البدائل مخالفة لمانريد أو مانتوقع , فإن آليات تجنيبنا الألم ستجعلها تختفي (وكأنها لم تكن موجودة).


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى